حوار / جريدة الزمان مع الشاعر محمد حسن سالم حميد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 01:08 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2001م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-17-2002, 04:44 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حوار / جريدة الزمان مع الشاعر محمد حسن سالم حميد

    السودانى محمد حسن سالم حمّيد ل " الزمان" : الخرطوم ليست مؤهلة للثقافة العربية 2005م !!!
    لا زلت معتقلا ومقهورا كالفلسطينى تماما
    الرياض _ خالد عويس
    محمد الحسن سالم حمّيد شاعر سودانى يرفض ان يغمض عينيه على حلم ميت ، يغتسل فى بيوت طينية منهكة لكنها مشرعة النوافذ ، ويستمد عافية قصيدته من مقاربات عامية تلاقح الفصحى فى انجاز يؤرخ لامكانات الشعر السودانى فى افساح مجال جديد للذاكرة الجمالية والثورية ، يشكل رمزا من رموز الحداثة فى الشعر السودانى ، ويحفّز خيوله على المجىء فى اكثر الليالى حلكة ، يضىء سراج الشعر ويوقد جمراته فى الذهن لفض بكارة الفعل السالب :
    _الزمان / الحضور الطاغي للإنسان البسيط المهمش في قصيدتك هل مرده لشعور دفين بالإقصاء عندك ام تضامن مع آلام المسحوقين ؟
    * بلدة نوري في شمال السودان قامت عليها في الماضي اقدم الحضارات ولازالت أهراماتها تشهد على ذلك وهي ارض الإله حسب التعبير النوبي القديم ، ولا شك ان صهيل خيول بعانخي وصليل سيوف ترهاقا تحوَّم حول أهليها حتى هذا اليوم ، من هنالك انطلقت كل الحضارات التاريخية حسب اعتقادي فنحن الاعرق لكنهم ينسبون كل مجد لغيرنا !!؟ إذن أنا احاول ان ارد الى وطني ما سرقه العالم منه، وإلى اهلي ما سلبتهم إياه كل الحكومات الغير وطنية ، فلا يعقل ألا يكون بطول الاقليم الشمالي مشروع تنموي واحد يوطد بقاء ذلك الانسان على ارضه لينتج حضاراته من جديد ، ومانحن فيه في الشمال ينطبق على الكثير من بقاع السودان ، فقط نحن نغني ويحمل غيرنا السلاح ... إذن كيف تجدني ؟. مسحوقاً بحق وحقيقة ... أم متضامناً !!؟
    _ الزمان/ أحدثت ثورة شعرية اجتاحت الوجدان الوطني والعاطفي في توحيد جميل للأنثى الحبيبة / الوطن هل اكتملت بناءات مشروعك الشعري ؟
    _* لست انا الذي احدثت تلك الثورة فهذا امر قديم ، وانما تجدني احد المساهمين فيها بدرجة او باخرى وبناء القصيدة عندي لازال في طريق الافق .. ومشروعي الشعري هو مشروع مشترك مع العديد من المبدعين ينتظره الكثير .." والله يكذب الشينة ".
    _ الزمان/علاقتك بالفنان السوداني الراحل مصطفى سيد احمد كيف تصفها ؟
    _* مصطفي سيد احمد عليه رحمة الله فوق انه صديق حميم فهو فنان صاحب منهج ورؤية إنسانية متفردة ، وعلاقتي به ستظل مستمرة فقد فتح قدامي طريقاً متعباً نحو الناس الوطن .
    _الزمان/ الأنثى عندك ( نورا) اتخذت معنى وطنيا غالبا هل كانت حلم الوطن وغده المرتقب ؟
    _*كما ذكرت في البدء انا من بقعة تاريخية متجددة اسمها نوري تتبع لمدينة تاريخية اسمها مروي وهي في شمال السودان وكلمة نور في اللغة النوبية تعني إله ومنها جاءت كلمة نورا فأي أنثى تريد ؟..
    _ الزمان/هل تجد تشابها بين تجربتك وتجربة مظفر النواب الحادة خاصة في قصائدك التي تضمنت نقدا سياسيا مباشرا ؟
    _* الامر هنا متروك للمتلقي لكن لابأس ان اقول لك انني لست بذيئاً كما قالها مظفر النواب ذات شعر ، فقط ما تسميه نقداً سياسياً تراه السلطات الامنية خيانة للوطن وجريمة تستحق السجن والتعذيب وحتى محاولات التصفية الجسدية .. لكني اراه مقاومة للباطل القبيح ودعوة للحق والجمال .".ولا شنو" ..
    _الزمان/ اغتيال خوجلى عثمان ، اتهام الطيب صالح بالسفه ، وفاة مصطفى منفيا ، كيف تصف حال الإبداع في العهد الإنقاذي ؟
    _*بالله عليك لاتزج بنظام الانقاذ في كل شيء .. متى كان حال المبدع في بلادنا على ما يرام ، فكل الانظمة السياسية التي تعاقبت على بلادنا لم تحترم مبدعاً واحداً ولم تقدم شيئاً يذكر لخدمة الابداع والمبدعين السودانيين ، بل اكاد اجزم ان معظم ساستنا لا يفهمون عنه سوى انه "شغل عبيد" فاَذا كان نظام الانقاذ هذا حاله في مواجهة الابداع حفاظاًعلى سلطته من الزوال فما بال الذين يطرحون انفسهم بديلاً لذالك النظام يتأنقذون هكذا .. عموماً لي تجربة مريرة مع النظام القادم لا داعي لاثارتها هنا ..
    _الزمان/ بناء على تصنيفات فكرية غير مبررة حيال الإبداع نعتك البعض بالانتماء لليسار السوداني ونحوت أنت إلى تفريغ الاتهام من محتواه بعدم فهمهم لليسارية نفسها ، كيف تصف موقفك الفكري على ضوء معطيات المشهد السياسي في سودان اليوم ؟
    _*المبدع في نظري كالطائر الجميل الوديع المغرد في فضاء حر ، وهو بحكم تكوين جناحيه لا يستطيع ان ينتمي الإ لكل ما هو خير وجميل .. الا ان البعض يشتهي فيه لحمه الذي لايسد جوعاً بدلاً عن نغمه والذي هو مشبع لكل النفوس والارواح .
    ثانياً :-
    حكاية يسار ويمين ووسط الخ هي حكاية من حكايات الداعين إلى نزع المبدع من قضيته الاساسية وأضفاء تصنيفات سياسية عليه من شأنها ان تصرف عنه بعض المتلقين ، استخدمها الساسة من قديم الزمان لجعل المبدع دائماً تحت عصا الطاعة ، وقريباً جداً من المعتقل ، المبدع شأنه شأن كل الناس من حقه ان يمارس حقه الديمقراطي كما يمشي في الاسواق ولكن ليس من حقه ان يخون ابداعه لخاطر زيد أو عبيد من السياسيين ، والا خسر نفسه .. ما يخصني هنا هو انني اكتب قصيدتي هكذا كادحة الى عالم مسالم .. ووطن "ماهل وهيط" يسع كل الناس ولاشأن لي بموقعها من الخريطة السياسية ..( بعدين يااخي حكاية اليسار هي سبة ولا شنو .. اللهم يسر ولا تعسر) .
    _الزمان/ وجع المعتقلات وآلام القهر لم تدعك تعكر صفو القصائد بالهواجس بقد رما أضافت جماليات إنسانية ؟
    _*المعتقلات وآلام القهر تأخذ اشكالاً متعددة ، فلازلت معتقلاً ومقهوراً كالفلسطيني تماماً ، وسأظل كذلك ما دامت ارضي محتلة وشعبي مكبلاً ، واهلي يقتلون بالبعوض والذباب وحمى الحروب ، وليس أمامي سوى الغناء الاخضر لغد كوني مشرق رغم زمهرير وضباب الفجيعة .
    _ الزمان/ما هي طقوس ولادة القصائد عند حمّيد ؟
    _*والله يا ا خي اقول لك شيئاً قد يبدو غريباً ومحيراً ، وهو انني منذ مسخني العشق لكتابة القصيدة وحتى اليوم ، ما ان ادخل "حوش" القصيدة حتى تجدني هكذا ابكي واكتب واكتب وابكي إلى ان ينتهي النص فارفع وجهي وأكاد اصيح الحمد لله الذي اذهب عني الاذى وعافاني ولا زلت حائراً في امر هذا البكاء الملازم للكتابة ولا اجد له سبباً مقنعاً ، ربما لفقدي عدد من الاهل والاقارب والاصدقاء وجل الوطن والاشياء الجميلة في حياتي ، ربما لهذا علاقة بذلك ، المهم انني ابكي واكتب لاكتب وابكي والحمد لله .
    _الزمان/ إلى أي مدى تؤمن بقيم الإنسانية التي سكبتها في شعرك في ظل عالم تكنولوجي تنحدر أخلاقه يوما بعد الآخر ؟
    _*إلى يوم يبعثون ... ثم ما علاقة التكنلوجيا بانحدار الاخلاق .. التكنلوجيا لا تفعل ذلك الذي يفعله الانظمة الفاسدة ومن دار في فلكها من القتلة لاحلام الناس الفقراء ... وليتنا نمتلك التكنلوجيا فهي خير معين لتحرير الانسان لوطنه ونفسه من هذا الهوان المفروض عليه فرضاً ..وهي السبيل إلى النماء والرخاء في كل الدنيا .. وما يهمني من امر التكنلوجيا هي انها توصل غنائي وتربطني بناسي رغم كل الجدر .
    _الزمان/ الخرطوم عاصمة للثقافة العربية 2005 م ، أهي مؤهلة لاحتضانها ؟
    _*الله يحينا ونشوف .. اما حالياً فـ لا
    _الزمان/ جدل الزنوجة والعروبة والسودانوية كيف تنظر إليه ؟
    _* "فى زول بس"
    _الزمان/ لماذا يظل الصوت السوداني الدافئ المغسول بالجمال غائبا عن المشهد الثقافي العربي ؟
    _*المشكلة ان المشهد الثقافي العربي بمعناه الصحيح هو ايضاً في حالة غياب فما ان ترى مشهداً ثقافياً عربياً إلا وخلفه استقطاباً سياسياً ما وهذا امر محزن حقاً ، فالعرب يقيمون فضائياتهم ، ويصدرون صحفهم ، ويقيمون حفلاتهم الغنائية ولياليهم الشعرية الناجحة ، ويدلون بتصريحاتهم الدسمة ، دائماً خارج الاراضي العربية . وهذا واحد من اسباب غياب الصوت السوداني عن هذا المشهد الغائب ... كما ان هنالك عدة اسباب يضيق المجال عن ذكرها ، ومن اهمها ان المبدع السوداني نفسه يساهم مساهمة ضارة في هذا الخفوت ..
    _الزمان/ هل استفدت من تجارب سودانية سابقة خاصة أن التجربة ثرة في مجالات العامية المتنوعة والدوبيت والفصحى ؟
    _* هذا امر بدهى فالتجارب السودانية كما ذكرت ناضجة تماما فى هذا المجال .

    _ الزمان/ الغربة مكّنت بعض مبدعي السودان من تعميق مفاهيمهم الحياتية ومنحتهم حزنا نبيلا ، لكن بالنسبة لك يراها البعض عاملا سلبيا ؟
    _* والله بصراحة السبب الرئيسي لخروجي من السودان هو ان اظل على قيد الحياة حتى اغني ، وكنت بسذاجة احسب ان الخارج سيمكن قصيدتي من الدخول إلى الوطن والوصول للناس وبصورة فاعلة .. خاصة اولئك الذين كنت اعتقد فيهم !! ولكن للآسف لم أجد إلا قصيدتي .. وأنا فخور بمؤازرتي لنفسي مع بعض الأصدقاء .. وقد اقتنع الجميع ان ليس ثمة جهة تسند ظهر قصيدتي إلا تماسكها .

    _ "الزمان" المناخات العربية الآن تشهد موجة من التهجم على الإبداع ، كيف يتعايش المبدع مع نذر عاصفة تقتلع إبداعه تحت غطاءات مختلفة ؟
    _*تجدني بحكم ظرفي الخاصة وانشغالى بتوثيق وتسويق تجربتي الشعرية ورصد ريعها لمشروع خيري في البلد . تجدني لذلك ولاسباب أخر بعيدا عن هذه " المناخات " لذلك لا أستطيع ان أفتيك في هذا الموضوع حاليا
    _ الزمان /البعض يصف تجربة عاطف خيري بالغموض والنزعة الفلسفية التي تبعده عن المتلقي ، كيف تراها ؟
    _*تربطني بعاطف خيري أربطة شتى إضافة إلى إننا من منطقة جغرافية وبيئة واحدة . وبحكم متابعتي ومعايشتي لتجربته الشعرية أستطيع ان أقول انه يقف على أرضية ثابتة من الشعر .. وانه قد استطاع ان يفض الكثير من مغاليق اللغة ويفتح العديد من الأبواب أمام حق الذين سبقوه فى هذا المجال فلا تستعجلوا على تجربة هذا الفتى القادم بقوة ودعوه يفسح خيال قصائده كيفما شاء وأنا أراهن عليها وان اخسر الرهان فله ولرفاقه التحية .
    _الزمان/ لمن تكتب ؟
    _*اكتب لنفسي أولا ومنها يأتي الناس .. ثم متى أحسست ان العامية تكبلني لتركت الشعر إلى الذعر .
    _ الزمان/الحلم الإنساني بالسلام والحرية والعدل ، هل يكون حبيس مخيّلات الشعراء على الدوام ام انهم يسعون لترسيخ نسقه في مجتمعاتهم والى أي مدى تشعر بوصول فكرتك إلى الناس ؟
    _*كل الرسالات السماوية جاءت لتأكيد هذه المفاهيم النبيلة السامية والرسول "ص " اتهمه قومه بالشعر كما ان كل الصالحين من البشر نادوا بها ومات من اجلها الكثيرون إضافة إلى أن كل الثورات وحتى الانقلابات العسكرية الظالمة تأتى على سرج هذه المفاهيم التي ينجذب الناس إليها لأنها شيء متأصل ومتعمق في النفس الإنسانية .. فبالله عليكم لا تحرموا الشعراء حتى من هذا الحنين والكدح إلى ذلك العالم الذي يعشقه كل الفقراء وهو رحب لكل الناس . فقط كيف السبيل اليه كيف ؟ هذه ليست مسؤولية الشاعر ولا القصيدة وان كان قضية لكل الشعراء الفاتحين قلوبهم للحياة الكريمة العامرة بقيم الخير والجمال ، واعتقد إننا سنصل يوما إلى ذلك الابد ،،،،، "ونحن مامستعجلين الا ماب نرجى الزمن"
                  

03-17-2002, 04:58 PM

GamarBoBa
<aGamarBoBa
تاريخ التسجيل: 03-07-2002
مجموع المشاركات: 4985

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوار / جريدة الزمان مع الشاعر محمد حسن سالم حميد (Re: خالد عويس)

    الاستذ خالد عويس...
    تحياتي..
    التحية للشاعر حميدالنبض ذلك القلب النابض شعرا يعبرا عن الامنا واحلامنا
    ولك التحية اخ خالد
                  

03-17-2002, 05:06 PM

bunbun
<abunbun
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 1974

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوار / جريدة الزمان مع الشاعر محمد حسن سالم حميد (Re: GamarBoBa)

    العزيز .. خالد

    قمر بوبا
    تحية طيبة


    وهذا لقاء آخر مع هذا الفتى الاسمر منشوربجريدة البيان 24/1/2002

    سحر الكلام ـ الشاعر السوداني محمد الحسن سالم: الشاعر والجمال خلقا من طينة واحدة

    الشاعر السوداني «محمد الحسن سالم حميد» من كبار شعراء العامية في السودان، كتب كثيراً من الشعر، وتغنى بقصائده الكبار من مطربي السودان «صديق أحمد، مصطفى سيد أحمد، فرقة عقد الجلاد، وغيرهم».


    تميز شعره ـ كما شخصه، بالبساطة والوضوح، ينفذ شعره الى الناس بسهولة، وينتقى مفردات يومية متداولة معبراً ومفصحاً عن طاقة شعرية هائلة. تجلس اليه فلا تحس الا بتلك النكهة السودانية الطيبة الأصيلة. كتب الشعر كثيراً وطويلاً، مستخدماً شخصيات حقيقية من الواقع البسيط اعطت مطولاته الشعرية طعماً ولونا مميزين يعرفانه الناس على الفور، وحمتها من الملل. كتبت عنه الكثير من الدراسات المتخصصة. سئل مرة عن تعريف الشعر وعلاقته بالفلاحين الذين دائما ما يستفتون بعضهم في مفرداته المستوحاة من بيئتهم، فقال: «القصائد كالأشواك في أرجل الفلاحين. تؤلمهم ويمشون عليها، ومتى ما توفر لهم الوقت وضعوا على مكانها بعد جرح الموضع قليلا من الأعشاب.. ويتركونه لأيام، وقتها يكون خروج الشوكة سهلا وممتعا للفلاح خاصة مع حصحصة الزوجة للشوكة في كل الأنحاء، وبالضغط الخفيف «تنط الشوكة» فيرتاح الفلاح برهة وهو يهييء أقدامه لشوك جديد، وأن كثيرا من الأشواك «تزوغ» في اللحم الحي ولا تعرف طريقها الى اليابسة مرة أخرى، وكم من الفلاحين ماتوا وبين أجسادهم أشواكا تكفى لبناء «زريبة» متواضعة. وما بين أشواك الفلاحين وأشواق الشعراء أشجارا من الحب والزهور المتشابكة». التقيناه في أبوظبي وكان هذا الحوار:


    ـ بداية ماذا عن تجربة الشعر العامي في السودان، الأسماء الجديدة، بدايتها وتطورها، وأين هي من حركة الشعر العربي العام؟


    ــ تجربة القدال وعاطف خيري وغيرهم من الشعراء المبدعين حقا، هي نتاج تطور طبيعي لما سبقها من تجارب في هذا المجال فالثورة الشعرية انتظمت العالم العربي «شعر الحداثة»، وتركت انعكاساتها على الشعر بصفة عامة، ومن ثم كان لابد لشعر العامية في السودان، ان ينتفض على شكله القديم لأن هناك مضامين ورؤى وأفكار جديدة تنتظر من يتناولها بطريقة مبتكرة، تشبع وجدان المتلقي الذي لا يجامل في مثل هذه الحالات.. فكانت تلك الحديقة الوارفة الظلال من مبدعي شعر العامية السودانية والتي آتت اكلها نصوصا طيبة ترقى الى مصاف العالمية بروعة متناهية متى ما قيّض الله وسيطاً يساهم في تعريف الدنيا بها.. خاصة أن هنالك فتحاً شعريا جديدا بدأ يكتسب ملامحه في الكتابات الأخيرة للعارف بالشعر «المكاشفي محمد بخيت»، ويعتبر بمثابة اضافة حقيقية لتلك التجربة الرائدة.


    ـ تمتد تجربتك طويلاً ولكن مؤخراً ارتبط اسمك بالفنان الراحل «مصطفى سيد أحمد» حدثنا عن هذه التجربة، لاسيما وأنت كنت من أقرب الناس اليه، ماذا عن توقعاتك لاستمرار التجربة والفكرة، وهل لها أن تجهض برحيله المفاجيء؟


    ــ تجربة الفنان السوداني مصطفى سيد أحمد لم تجد حظها الكامل من الكتابة لسبب رئيسي وهو ان هذا المبدع القتيل لم يوثق لمعظم انتاجه الغنائي بالصورة التي تساعد المتتبعين لأثره من تقييمه بموضوعية، بعيداً عن الانطباعات الذاتية، والتي لا تجدي في مثل مبدع صاحب مشروع غنائي متكامل جعل كتّاب الأغنية ومغنّيها في ورطة من أمرهم، فمن أصابه وتر من غناء مصطفى من العسير ان يتقبل وجدانه ما هو أدنى من ذلك الطرح، فلا وطن ولا حبيبة تأتي إلاّ على إيقاعه المشبّع بصخب وضجيج القادمين من ضواحي العتمة الى حاضرة الفجر الجديد صحيح ان مصطفى قد سجّل اسمه كمبدع جدير بالاحترام والاحتفاء والوفاء له، بيد أنه ليس هو الوحيد في هذا المشروع وان كان له القدح المعلّى فيه، فلا شك ان التجربة ستستمر مادامت الحياة مستمرة، والبلد والحمد لله عامرة بالمبدعين فقط عليهم ان يتحسسوا أوتارهم جيداً.


    المشهد السوداني


    ـ الشعر السوداني ـ والعامي منه على وجه الخصوص ـ محاط بجدار كثيف من اللغات واللهجات والثقافات المتباينة في السودان، نود التعرف على ملامح المشهد الثقافي والشعري هناك بعد نصف قرن على استقلال البلاد.


    ــ أنت تسأل عن الشعر السوداني وهنالك مئات من الشعر السوداني بحكم التعدد الثقافي واللغوي الموجود في السودان، تجدني هنا لا أستطيع إلا التحدث بإيجاز عمّا تقصده وهو الشعر العربي السوداني..


    لعل المتتبع لهذه المسيرة يرى انها بدأت بقوة ووصلت قمة مجدها أبان الستينيات ولعل حركة التحرر الوطني التي كانت تسود أفريقيا بصفة خاصة في ذلك الوقت، قد تركت أثرها على أولئك الشعراء مما جعلهم يبحثون عمّا يميزهم عن الآخرين في أفريقيا والوطن العربي ويؤكد هويتهم، اضافة الى ان رحيل المستعمر القريب عن الوطن، ترك مما ترك وجداناً مشتتاً يحتاج لمن يلملمه ويصوغه من جديد، فنشأت العديد من المدارس الشعرية وكلها بغض النظر عن طريقة طرحها للقضية، نجدها في النهاية قد استطاعت ان توجد لنا نصاً شعرياً متقدماً يحفل بالكثير من الوطن، حتى يكاد الشخص يجزم ان تلك السنوات هي سنوات الشعر العربي الفصيح في السودان، لان ما تلا ذلك من شعر يكاد اغلبه يهوم في فضاءات لا علاقة لها بالقضية السودانية والتي في تقديري هي من أعدل القضايا في العالم اذ أنها قضية تحرر وطني من كل ما هو دخيل على الروح والجسد السوداني، ويبدو هنا ان الهزائم المتتالية على الزول السوداني فعلت فعلها في البعض وجعلتهم ينكفون على ذواتهم، وأعني هنا قبضة جمرة الشعر السوداني منذ أواخر الخمسينيات، والذين لايزال العديد منهم بكامل قواهم الوطنية، إلا فئة قليلة رحلت في ريعان شبابها، ولعلهم آثروا التعبير عن أنفسهم بعيداً عن وجع القصيدة... فتركوا بعض أبنائهم وكل شعراء العامية لوحدهم للقصيدة... ولئن كانت العامية هنا نجحت اكثر من الصمود وتأكيد ذلك الوطن الجميل، إلا أنها في النهاية تظل قاصرة لوحدها في العالم ما لم تنفك تلك اللغات المتعددة من عقالها، ليحلق طائر الشعر السوداني عالياً ويحط كيف وأينما يشاء.


    ـ السلطة، المبدع والمثقف.. علاقة تلاق ام تضاد؟ والأمثلة كثيرة من الذاكرة الابداعية العربية.. هل من الضروري للفنان ان يعارض الأنظمة؟ أم أن الابداع عندنا ارتبط بالمعارضة والمقاومة؟


    ــ المثقف ام المبدع؟ وإذا كان المعني هنا بالسلطة هي تلك التي تراها. سيدي.. المثقفون بلا ثقافة هم دائماً خير معين لتلك السلطة في كل شيء، والمصيبة ان الظروف جلبت لنا أولئك «المثقفاتية» الذين سريعاً ما يتنازلون عن كل دائم في سبيل ما لا يدوم، وينقلبون وبالاً على أهلهم، متى لاح لهم بريق تلك السلطة، ليرتدوا بدلات القبح، فيتعبوا اعيننا من البحلقة فيهم وهم يطلون علينا من عل.. اما المبدعون الحقيقيون والإبداع هنا لا يقتصر على القصيدة او على الرسم او التمثيل او.. مما عليه وإنما الابداع الذي تحسه وأنت تتحدث لإنسان عادي لكنه واع بما حوله ويعرف قدر وطنه، وهو يتقن كيف يحاول يبدع ويعرف قدر وطنه يتقن كيف يبدع الحياة في مجاله، فهذا المبدع علاقته بالسلطة، تلك السلطة، دائماً ليست على ما يرام، لأنها تريد منه ما لا يريد.. فما بالك بمبدع له أسلحة لا تقاوم..؟! خلاصة الأمر ان تلك السلطة تضيق الهواء على المبدعين وتظل تحسب انفاسهم، لأنهم الأكثر قدرة على التأثير على الناس من أي كيان سياسي كان في مقاومة القبح. أما أن معارضة الأنظمة هي الطريق الوحيدة للإبداع والانتشار.. فمن اين لك بهذا القول؟ المبدع لا يعارض، الذين يعارضون هم الساسة بمختلف مشاربهم.. المبدع يقاوم ويقاوم كل أشكال القبح، ولأنه يقاوم فعليه ان يبدع ولأنه يبدع فلابد ان ينتشر لان ريح الجماهير تتلقفه بنهم وتنطلق به في كل الأنحاء... عموما لو كان الأمر كما ذكرت لامتلأنا ابداعاً حتى الثمالة فما اكثر المعارضين عندنا في كل مجال؟.


    ـ بالقدر نفسه للسؤال السابق.. هل كثيرا ما تنجح السيرة الذاتية في الهام قصيدة ونص ابداعي عال؟ وفي البال.. ما هي مواصفات القصيدة التي تسكن وجدان وروح الجمهور؟


    ــ صحيح انني أنحدر من بقعة تاريخية في شمال السودان، ولعل العديد من الناس السودانيين، يعرفون ان السودانيين، يعرفون ان بلدة نوري، تكاد تكون من أجمل وابدع بقاع البلاد، الا ان الناس هناك لا يعطون صفة الشاعر لشخص، الا اذا تأكد لهم ذلك تماماً، فهم يفهمون بصورة عميقة في هذا المجال ولا يجاملون أحداً، ومن المحال غشهم الشعر.. أي أنهم لا يطربون إلا عن حق، أقول ذلك لا لشيء الا انهم هم بالفعل كذلك.. لذا تجدني احرص ان ارد لهم بضاعتهم غير منقوصة فهم لا يرحمون، ومما لا شك فيه ان السيرة الذاتية لأي بلد هي معين لا ينضب لالهام الشاعر قصيدة جيدة، متى كان هذا الشاعر مشبعاً بالوعي الوجداني اللازم لخلق تلك القصيدة الجيدة التي تعلق بوجدان الجمهور.. وأي نص يعاني الشاعر في خلقه معاناة صادقة، ويصبر على حمله وهناً على وهن حتى يكتمل نموه لا شك انه سيكون جديراً بالجمهور الذي يحتفي به... والأمر في النهاية يرتكز في تقديري على قوتين: الاولى هي شفافية الذات وشاعريتها وقوتها في آن واحد. والثانية هي الموضوع ومدى انحيازه للإنسان في كدحه العام.


    ـ في العلاقة بين الشاعر ونصه، هناك تمايز بين الحضور والغياب لجدل يطول ويطول ويدور في ذات المحاور من نص جمالي وانتماء للقضية التي ربما تستعصى على الشاعر احيانا، او يرفضها لأسباب غير معنية بالشعر او هو غير معني بها. اذن كيف يتحقق الجمال لدى الشاعر، وفي الشعر عموما؟


    ــ من المؤكد ان العلاقة بين الشاعر ونصه علاقة جدلية وصريحة في عضويتها، فما نسميه شعرا لا يعدو سوى كونه ناتج الحركة بينهما اثناء عملية الخلق الا ان من يغني بحمامة السلام غناء مسئولا لا كمن ينعق ببومة السلام نعيقا مشلولا، خلق الخالق الشاعر والجمال من طينة واحدة، جاء الشاعر ليكشف القبح، فأستنجد القبح بالسلطان الجائر.. هرعت القضية الى الشاعر «فتلقفها» الشاعر، وما بين الشاعر والشارع احرف متشابهات فمن يعطى من؟.. ونحن على هذه الحالة ليس غريبا ان يطالعك من اجهزة الاعلام المتسلقة شاعر بلا نص او نص بلا شاعر، وهذا أمر يحدث في الأزمنة العامة التي تعصف بالبلاد والبلاد التي في القصيدة..


    ـ سؤال اخير، اشتهرت قصائدك بتميزها باستخدام التشخيص الدرامي واليومي على وجه الخصوص، كما ان الشخصيات يلاحظ استحيائها من عمق النسيج الاجتماعي. من البلد، لماذا هذا التميز، ولماذا البلد؟


    ــ نزعة الحياة دائما تنحاز الى العاديين من الناس فهم الذين ينتجون الجمال، ويفككون الأشياء ليعيدوا تركيبها من جديد في نسق رائع، وهم الذين يحلون تعقيدات الواقع ويكسرون «المل بنكسر» بمهارة فائقة، ويصنعون التاريخ بذكاء مبدع وقاد، وعندما يدخلون علي بلا استئذان في قصيدتي يتوفقون على انفسهم ولحظتها ادرك اني لست عليهم بمسيطر، فأدعهم لحالهم يتداعون.. فقط اكون قلقا على قصيدتي منهم خشية ان يفسدوها علي وكثيرا ما اوشكوا، فخذ عنك مثلا السقا في جوابات ست الدار او نورا في نورا والحلم والمدردح او عيسى الذي مات على الطريقة نفسها التي في القصيدة مما اضطرني الى تغيير اسمه الى حمتو حفاظا على شجون أهله، ومرة تم اقتيادي الى مبنى جهاز امن سلطة نميري بسبب أحد الشخوص الشعرية، بعدها اطلق سراحي، رجعت عدت الى البلد تاركا شخوصي يهيمون على وجد شعبهم هناك لأنهم منهم، هذا قليل من كثير مما تسببه الشخوص الشعرية اكثر مما تسببه الشخوص البشرية من متاعب.


    محصلة القول ان النزعة التشخيصية كما نسميها في الشعر غير مضمونة العواقب دائما، وهي أمر في غاية الصعوبة والخطورة والتعقيد في مثل حالنا.
                  

03-17-2002, 06:52 PM

banadieha
<abanadieha
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 2235

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
!قف تأمل (Re: خالد عويس)


    الزمان/ما هي طقوس ولادة القصائد عند حمّيد ؟
    والله يا ا خي اقول لك شيئاً قد يبدو غريباً ومحيراً ، وهو انني منذ مسخني -*
    العشق لكتابة القصيدة وحتى اليوم ، ما ان ادخل "حوش" القصيدة حتى تجدني هكذا ابكي واكتب واكتب وابكي إلى ان ينتهي النص فارفع وجهي وأكاد اصيح الحمد لله الذي اذهب عني الاذى وعافاني ولا زلت حائراً في امر هذا البكاء الملازم للكتابة ولا اجد له سبباً مقنعاً ، ربما لفقدي عدد من الاهل والاقارب والاصدقاء وجل الوطن والاشياء الجميلة في حياتي ، ربما لهذا علاقة بذلك ، المهم انني ابكي واكتب لاكتب وابكي والحمد لله


                  

03-17-2002, 09:00 PM

MXB6N


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: !قف تأمل (Re: banadieha)

    الاخ الاستاذ خالد عويس

    بلادك ولادك
    شعاع التحايا
    يضووا الشقوق
    التلم الدوابى
    يوروا الدروب.. للقلوبهم عمايا
    التحية والتجلة لك وانت تتحفنا كل يوم بمقالاتك الرائعة.. التى تفك بعض من طلاسم الوطن المستحيل
    التحية لك بعدد الحروف التى تكتب بها ..
    دعواتنا لكم بالتوفيق وأنتم تشرفوننا كجيل جديد فى الصحافة السودانية أينما سطرتم..وأينما حلت أسرابكم تماماً كالطائر الجميل الوديع المغرد كما قال حميد وصفاً للمبدعين وما بتتوصوا على وطن حميد
    مترفة والله لغتك



    قمر بوبا .. بن بن .. مولاى سيد الفرحة والفرحة والتأمل ..سلامى كتيييييير
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de