فصول من رواية جديدة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 02:09 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2001م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-16-2002, 05:06 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
فصول من رواية جديدة

    قالوا عنها ،،،،،
    الطيب صالح : قم بتكملة الجزء الثانى
    أبكر آدم : هى عبارة عن مانفستو سياسى يرتكز على آليات القصة القصيرة ولا تضيف جديدا
    نصّار الحاج : جاهزة للنشر
    ناقد سودانى آخر : فيها هدم لكل فرضيات الرواية من زمان ومكان ..الخ ، لكن ربما هى تجريب جديد
    ...
    ..
    ..
    رواية
    ثنائية الآلهة المستعارة
    الجزء الأول /
    رحيل آخر النوارس أو احتشاد الذاكرة بالرعاف

    خالد عويس
    تصدير
    على الإنسان أن يتغلب على غضبه بالشفقة وان يزيل الشر بالخير . إن النصر يولّد المقت ، لان المهزوم في شقاء وان الكراهية يستحيل عليها في هذه الدنيا أن تزول بكراهية مثلها ... إنما تزول الكراهية بالحب
    بوذا
    إهداء خاص جدا : إلى اسر شهداء رمضان 1990 م في السودان .
    (1) من مذكراتي ليلة أل(.....) /../../1990
    أغنية أخرى للرحيل
    الأرض: فضيحة تعلن كل يوم عن شرف مهدر .. ونزف جديد !!! الجراح الطازجة تتفتح عن آخرها في شبق عجيب لتعطن في الملح الحارق ، وتتقيأ شعرا ،و أحيانا أفعالا جريئة لا تلبث أن تومض ثم تختفي في اللاشىء الذي يلف كل الأشياء !! الشيء نفسه يتكرر ، ويتكرر حتى يصبح مألوفا أضحى الاستثناء المقيت قاعدة ثابتة حتى تكف الأرض عن دورانها في فلك يسبح نحو نهاياته المحتومة . النهايات هي اكثر الايماءات المشرقة موضوعية . لا تعدو الحياة أن تكون فعلا فاضحا مكشوفا منذ بداياتها وحتى انطماسها ... ما معناها وما معنى أن نحيا وندرى بان التعاسة مكمنها ومنتهاها ؟ قاع الذاكرة ، يحتشد بآلاف الصور والتخييل ..، القاع نفسه يصبح متفجرا بما فيه ، مقلوبا على نفسه ساعيا إلى حتفه ، الأصابع تنظر إلى الريشة في جلال مهيب . تنقسم الأصابع على نفسها ، ثم تنقسم ..، اللون يندلق إلى حافة القماش . القماش نصل حاد في مواجهة اللون ، يتحفّز لطعنه وتشريد جزيئاته ، يتفجر الصمت بفعل معركة القماش واللون ... الفرشاة : مدفع يقذف بالحمم ، تتهرأ نهايات القماش الملتصقة بالخشب في ذعر . تبدو محاولات القماش للدفاع عن عذريته البيضاء مضحكة في مواجهة لون متوحش ، تفوح رائحة العتاب والشكوى . أخيرا استعمرت الألوان القماش الأبيض فاصبح داكنا متشحا بصمته البليغ . معاناة أخرى تخلقها نطفة اللون لقماش برئ لم يتحدث فى السياسة قط !! آه إدمان آخر يحشر انفه في أحشائي ، ويدفن فوضاه في أطراف أصابعي : إدمان اللون والفرشاة ..، تجريد الحياة لا يعنى إلا إفراغها من محتواها العفن وترك العظام النخرة عرضة للريح واستهزاء جحافل النمل البرى .
    (2) من مذكراتي ليلة أل (.....) /.../ 1990
    مشيمة الوسخ
    وحدنا ... كنا نهرول من أدنى الأرض إلى أقصاها ، ندور مع الأيام ونشاكس عقارب الساعة ، نعيش لحظة خدر لذيذة بحسبانها صحوا .. الخريف هذه الأيام تغيّرت لغته .. واندغم لسانه بداخل فراغات امعائه .. وقلت قدرته على ارتياد مقامات البكاء . البكاء مقامة غنائية عربية تدوزنها الريح الحزينة والليالي الشتوية الطويلة ، وحفنة من أطفال جوعي في بلد ما . وحدنا كنا نلهو بأذيال النمور حتى التهمت واحدا منا ... وفر البقية زرافات ووحدانا إلى كل الجحور . الرغبة في البكاء مضحكة ... آخر الليل . آخر الليل ميقات للخمرة والجنس وربما لعب الورق ! الجنس اردأ الأفعال ، محصلته النهائية : مجيئنا نحن بكل غبائنا وسخفنا ... زيادة مضطردة في تعداد تعساء الكرة الدموية ( كانت في سالف العصر تدعى : أرضية !!) . الآمال معظمها مهيضة لا تقوى على الهتاف أو اليقظة ... الرجل يعبد ذاته حين يسعى إلى حتفه أمام حفنة من الجبناء الذين لا يملكون إلا أزرار صفراء وعيونا ملتهبة . الوطن : عربة سكك حديدية ،يحتشد بداخلها المغفلون والنشالون والأبقار ، ورائحة العفونة ، وكومة بطاطس مضى عليه عام ونيف . الأبطال يصنعون وجوههم من المطاط وكثير من الصمغ اللزج . الشمس هي الأخرى لا يحق لها المرور فوق سماء الوطن إلا بدفع رشوة لجلادي المدينة ...، القمر يتعبد خلف التلة ولا يجازف بعشق السهول الممتدة . النهر توقف عن الانسكاب وتدفق إلى الوراء حاملا معه الوحل والأشجار المتكسرة وجثث أطفال لم يقووا على فراقه . تفرع النهر ذاك العام لالف شظية زجاجية وتفجّر في أجساد أهله النيليين ...، الجماجم تصلح لاحتساء الخمر . النساء لا يصلحن لممارسة الرذيلة ،، الآن فقط ... كنّ قبلها ..!! الصبيان تهدلت شعورهم ، وهاموا في الطرقات ... الغالبية تخشى إيقاف سيارة مسرعة !!
    الجدري شوّه الوجه الجميل (آسفة : الذي كان جميلا عندما يبزغ القمر ) وجه تلفزيوني شنيع ، يمضغ العلكة ويقذفها في وجوه المشاهدين . بذاءة أن تقرأ الشعر في الشارع . الشارع غاية في التهذيب . لا شىء سوى كلب يمارس اللواط مع كلب آخر . لا أحد من المارة يرمق المنظر . الأعين الفضولية اندثرت منذ وقت طويل . طريق الاسفلت خيط طويل من الدم ، يدعسه القادمون برفق ولا يبصره الرائحون . المحال التجارية تبيع الحشيش في وضح النهار والشرطة تطارد باعة السجائر ورجال الصوفية !! الطفل الجائع .. اقتله . لا باس من تقليل نفقات المعيشة . إذا مرّ موكب أحدهم فعليك أن تبصق عليه ، لن يتعرض لك واحد منهم طالما انك فعلتها في صمت . المدينة تعيش صمت القبور وتعلف أبقارها . مستشفيات الولادة اكتظت بالرجال البائسين وبضع نساء تورطن في أمر مخجل !! هل وقعت التفاحة على راس اسحق ام صعد نيوتن إليها ؟؟ حقا .. العيد لا يغشى البلاد هذا العام . العيد لا يتورط في القتل . العيد يرخى سرواله ليتبول على السمر البلهاء ... حبة القمح نقلت من حفرتها إلى مخدع حريري ناعم ، فانتحرت . الثلج يكتب مذكراته على رمل النيل . الغربان تقتحم المسارح لتغنى . الجمهور يصفق طويلا للغربان . الغربان تنحني تحية للجمهور ، فتنكشف عوراتها . يضحك طفل صغير فيزجره وزج أمه . زوج أمه من بقايا العهد التركي ، بطربوش احمر وقفا كذلك احمر . الصوت مخنوق في رئة الكلام . اللغة تستعصي على حنجرة المذيع ، الحبر على الصحف يسيل دماءا بلون النوارس .. خفتت الأصوات في المدينة .. النوارس وحدها كانت تواصل رحلتها في الصعود المضني .
    (3) من مذكراتي ليلة (...) /../../1990
    سخافات ذاكرة حمراء
    وانطلق صوت مكتوم .. بوم ... بوم في أقصى جنوب المدينة ، حيث المسلخ الآدمي ..، انحدرت دمعة (على الرغم منى) نحو أعماق العين ، لم تخرج مسافة ميل عن شبكية العين ،تراجعت في خطوات عسكرية إلى داخل العين فابتلعتها شلالات دموع . القلب مضغة تحيا على الدموع ..، الخيل تسرج للرقص في ساحة الخليفة ..، الخليفة يطل على الجموع بلباس مهيب ..، حليق اللحية والشارب . لونه يميل للاصفرار . لعله جاء يوم قدم جنكيز . رفع حاجبيه ثم خطب في صوت أنثوي مثير . أمر بحفر بئر في الصحراء .. البئر يشرب منها ثمانية وعشرين دبا . الدببة لا تتغذى على الماء يا مولاي !! اخرس أيها الخائن .. أنت واحد خنزير . أريد دماء الدببة !! ينطلق الصوت المكتوم .. بوم .. بوم . يهزّ سكون الليل .. يوقظ الغيلان من نومها الأبدي .. تفر الدببة إلى حضن مولاي الأمير .. لا يجد مفرا من ذبحها .. العشاء دسم جدا . السلطان يتعشى وحيدا على ضوء شمعة وحيدة .. حين يلمس السلطان فخذ دجاجة ، تصفعه على خده الأيمن فلا يدر لها خده الأيسر . تتسمر نظرات الفلفل الأحمر على الدجاجة العاصية !! الخرطوم نفسها تعرض فخذيها لمن يدفع اكثر . مرابى حقير حلق لحيته ولم يدفع اكثر من بصقة على وجوه الشرفاء . الخرطوم أضحت تزايد على شرفها وتصطنع العهر .. !! تتثنى في مشيتها على طول شارع النيل حتى تدلف يمينا في داخل المبنى الأبيض . كل المجانين مرّوا بذلك المبنى . الخرطوم لا تبصر جيدا ، فالنظارات الطبية غالية جدا هذه الأيام . تصلى بغير وضوء ، وتقرع نواقيس الكنيسة في صباح كل جمعة !! يمتد شارع الحرية من كوبر شمالا إلى (السجّانة) جنوبا ولا أحد يمد لسانه لذلك الشرطي الوسخ الذي يكتب على الجدران (ممنوع البول يا ...حمار ) ثم يتبول على الجدار المقابل !!
    المدينة تجرى بأقصى سرعتها تجاه الصحراء . تحفر خندقا بطول ثمانية وعشرين مترا وارتفاع ذراع .. آخر الشرفاء يدفن هناك . ثمة لصوص يسرقون أحذيته ومسبحة عتيقة كان قد أهداها له جده حين ذهب للحجاز حاجا عام 56 . ركضت المدينة بأكملها نحو الشط وافرغت أمعاءها على ظهر سمكة صغيرة بيضاء .. تجمع النمل حول السمكة .. وتقدم قائد قواته ليعلن للسمكة عن احتلال صغير . الحانات القديمة مشرعة الأبواب أمام الجنود والمخنثين .. لا فرق بين مخنث الجسد ومخنث الفكر !! الحانات تغلق أبوابها عندما يؤذن المؤذن لصلاة الظهر . يمكنك التوقف بين يافطتين إن كنت فطنا !! كما يمكنك التبول (إراديا) على جسدك .. يا الهى .. فلتخسف بسكان هذه المدينة الأرض ، اللهم شتت شملهم ( وقد أجيبت الدعوة فلم يبق دار إلا وهجره القوم) يا الهى .. خذهم جميعا اخذ عزيز مقتدر . جاء الشيء منذ عام . انه يأتي دوما . جاء هذه المرة كالإعصار المرعب ، العيون التي كانت تحدق في فهم أصبحت بلهاء ، الألسنة كائنات تحسن المضغ ولا تجرؤ على ... ... ( استغفر الله .. ماذا قلت ؟) النوم المبكر مفيد للصحة ومفيد جدا للعلاقة بين زوجين !! جاء الشيء ، فخرست الضفادع عن أداء سيمفونيات بيتهوفن ومقطوعات تشايكوفسكى . أصبحت اللغة لعنة تطارد حروفها ، وتتعرى أمام كلماتها ... تندس في وسط الجملة !! النسور هجعت في أوكار العصافير فلم تجد العصافير بدا من أن تتسكع في الشوارع حتى الفجر . الديكة تصحو طوال الليل وتنام قبل آذان الفجر بسبع دقائق . يأذن حراس المدينة للشمس بالعبور ، فتعبر على جسر خشبي يكاد يميد . السلاحف اكثر الحيوانات سرعة .. تتجه نحو خاصرة المدينة لتمتص البنوك . متجر وحيد ظل مشرع الأبواب حتى منتصف الليل فهاجمته الذئاب . فى المشرحة عرفوا ان صاحبه مات بالسكتة القلبية . جاء الشيء ، فوجم الضوء ، واندس فى فرجات نافذة قديمة ، أوصدها عليه وعبّ من الفودكا حتى ثمل ، وترنح ، فاستراح . سقراط لاعب كرة قدم برازيلي ، ابن رشد متجر يبيع ملابس النساء الداخلية ، الأزهري مجنون يسكن شارعنا ، المحجوب عبيط قرية نائية . جاء الشىء .. فتمددت الخرطوم على جنبها ، واطلقت البخور فى أنحاء الغرفة . جاء الشىء فكفّ الرجال عن مدح انفسهم قدام نسائهم ، واختفت طاولات النرد وخراطيش النرجيلة من المقاهى . تسوّر طفل شقى جحر العقرب ولدغها .. العقرب لدغت مؤمنا ثلاث مرات (اذن: فهو غير مؤمن ) !! المشردون قالوا بان الشىء لا يعنيهم فى شىء !! آخرون اشاحوا بوجوههم ، قلة من اصحاب الاقلام المسنونة ، ارتدوا بذلاتهم وراحوا على عجل ، الاكثرية ، اخرجوا بذلاتهم من خزانات الملابس وارتدوها ليلحقوا باهل بدر !! حمار العمدة لم يعد مهيئا لحمله بعد ان ثقل جسد العمدة فاستبدلوه ببغل ثم كريسيدا لا تعلف على الاطلاق !
    الآن : الخرطوم تكمل دورتها الشهرية فى الخلاء .. خلف الحزام الاخضر .. تحفر باظافرها بطن الارض .. ثم لا تحسن الاغتسال . فى الصباح سوف تنبت ثمانى وعشرون زهرة بنفسجية .. فى الصباح لن تشرق الشمس كما هو معتاد ، ولن يمضى النهار ، يا الهى رغبة اخرى : ان ينفجر صدرى .. ثم يرتخى لتمطر اجفانى مطرا ازرقا يغسل الازهار البنفسجية .. يا الهى تتملكنى رغبة حارة فى البكاء ، ولا اقدر .. يا الهى .. يا .. .


    (20) ايغال
    لا مجال للاسى او زرع شوكة فى الطريق . الاقحوان نبتة برية تضر بمحصول الروح . اتساءل : هل بامكانى العبور ؟ الجسور مرتخية الاعصاب . النواح شىء من الفرح الداخلى . تتحفز خطواتى على ايقاع شجن داخلى تجاه الكلية . اوقات السلام الزاحف للوراء . كان!! زحفت الى الداخل . مجموعات متناثرة هنا وهناك ، تتسلى بالاحاديث والشخبطة على الرمل ، اصافح بعضهم فى فتور . اتردد فى الذهاب لمجموعة استظلت بشجرة دوم
    : نوسترا داموس قال بأن نهاية العالم ستكون بعد سبعة اعوام !
    : سأتزوج قبلها !!
    : الطقس حار
    :اريد بيبسى !!
    : قصة شعرك حلوة يا جيهان ؟
    : الحكومة اعتقلت مزيدا من الطلاب .
    : دعنا من الهراء !!
    : سنذهب اليوم لحفل تامر قلقلة .
    : اووه فنان رائع .
    : فنان رائع !!؟ فنان رائع ايها التشكيليون ؟ رحمة الله على الثقافة .
    : ايقاع العصر .
    : سهير تحب مجدى .. لاحظت ذلك!
    : لماذا تخليت عن حبيبك يا رابعة ؟
    : عادت موضة الظهر المكشوف
    : ساقاك رائعان يا خديجة !
    : من هى الاجمل فى كليتنا ؟
    : كلبة الحارس !
    : اشتهى تقبيل عفاف .
    : هل ستذهبون الى الانقسنا يا عصام ؟
    : فرغت من رسم لوحة حروفية .
    : قمت سرا بنحت وجه كريه !
    : فنانتى المفضلة : سيلين ديون !
    : وعاشة الفلاتية ؟
    : فلاتية ؟؟
    : هل سمعتم بوولى سوينكا ؟
    بل شتيفى غراف !
    : اطن ان ماردونا لا زال الافضل
    : هل لا حظت فستان ريم يا خديجة ؟ ما اجمله .
    : انها فتاة مغرورة .
    : لابد من فعل ثورى يحطم قلاع الظلم !
    : آه .. احب الدبكة اللبنانية جدا
    : والمصارعة الحرة !
    : اجلبى ذلك المقعد
    : اهلا سمر ...!
    : اود ان اهاجر الى اميركا
    : افضّل هولندا .
    : هل جربت الكافيار من قبل
    : سأتذوقه فى اوسلو
    : الحكومة قتلت طالبا !
    : فاز الهلال على المريخ !!
    : هل شاهدت مباراة اسبانيا الاخيرة ؟
    : سأقصد سينما قاعة الصداقة اليوم !
    : فيلم هندى ؟؟
    : هل شاهدت آخر افلام شاشى كابور او امجد خان ؟ آآآخ من سكران ديمه
    :انا احب افلام انتونى كوين .
    : اعطينى قطعة شوكولاتة يا سمر
    : زادوا اسعار الخبز !!
    : هل تحبين الجنس ؟؟
    : والاذاعة السودانية !!
    : حبيبى اديتك امانة
    : سأقيم معرضا منفردا نهاية هذا الشهر
    : شبرين هو الافضل
    :بل جمال كامل
    : مختار
    : بيكار
    : الصلحى
    : هل يعرف احدكم راشد دياب ؟
    : لاعب تونسى ؟
    الحرب قضت على الاخضر واليابس !!
    الشمس خلف الجبل ، والنبع فى المنحنى !!
    :اليوم عيد ميلادى !
    : حقا ! هاتى قبلة
    : اريد آيسكريم
    : سافرت الى قبرص ذات مرة !
    : وانا ذهبت الى تبلدية ، هل تعرفها ؟
    : كيف نحافظ على الديموقراطية ؟
    : هل ذهبت الى زفاف ميسون عمر يا جيهان ؟
    : فراخ ، سمك ، كستليتة ، محشى ، جبن ، سلاطة ، لحم ضأن ، وفنان رائع ، اووووه كان زفافا خياليا .. هل رأيت فستانها ؟
    : ليتنا نحظى بعريس مثله
    : قادم من امريكا !!
    :ربما سلطنة عمان
    : المعارضة بأسرها فى سجونهم !!
    : أظن ان ماجدة فتاة رديئة السلوك !
    : لأنها فقيرة .
    : سأذهب الى قسم الجرافيك .
    : رأيتها فى سيارة مجذوب ليلا .
    : يقال انه من الجماعة !
    : متى ندرك قيمة الحرية ؟
    : الصيف كاد ينقضى .
    : عثمان مصاب بالملاريا
    : اقسم .. : هذه المدينة فاجرة !!
    : لم لا تتحدثين يا رابعة ؟
    : هات سيجارة يا عصام .
    :تدخنون كثيرا !!
    : ونمارس الجنس ايضا .
    : اذا الشعب يوما اراد الحياة ...
    : يمه الزول مالو ما جا
    : بريد الزول مالو ما جا
    : آه من عينى وليد ووسامته !!
    : وسيارته !
    : جمال حمّاد فنان حقيقى ، له انامل ذهبية !!
    : ولابد لليل ان ينجلى ..
    : برى برى ما شفنا!!
    : انحطاط!!
    : سيجارة اخرى يا عصام !
    : اذا .... لكنه غارق فى تفاهاته .. ما ابشع رجال هذه المدينة العاقر!!
    : تعالى معى يا سلوى .. اريدك لبعض الوقت
    : وانت يا عصام الا ترغب فى قهوة على حسابى ؟
    : لن ننتصر ... لن ننتصر
    : احلم بزجاجة ويسكى .



    (21) عمى الالوان
    (1)
    ام درمان . جهة ام بدة . بيوت معتقة ضد المطر والحر . الجالوص ينتصب شامخا فى جلبابه المتسخ رادا تحايا السابلة . ثمة صبية يلعبون عسكر وحرامية . يهتفون فى صخب . هتافات واناشيد خرقاء تحكى عن امور مستحيلة . جيل ولد فى غرزة مستوردة !! ما الذى ذكرنى بها ؟ ميرى .
    : مدّه ده كلّو انت وين ؟
    : يعنى انت ما عارف ، ميرى ؟
    : ايوة دا زمن كده . انت يعرف ؟ انا اهلى كلّو مات . حرب اخدو كلّو ، راجل بتاع انا ، اولاد بتاع انا ، اخوان بتاع انا !!
    :حياة كيف معاك ، ميرى ؟
    : نخدم فى بيوت ، نهار . ليل ، نجى نعملو ابنوس وتيك ، اصابع تعملو حاجات جميل ، لكن ما فى قرس ، واحد يجى يبيع ، قروس ما تكفى عشرة رغيف !!
    : ادينى مريسة يا ميرى !!
    : واه !! انت كنت يجى هنا ، يرسم ، يكلم معاى ، لكن ما يشرب مريسة !!
    : وليه ما اشرب ؟
    : دين بتاعكم ، ما يخلى يشرب !!
    : ميرى ، انا جاية اقعد معاكى كم يوم كده ، ارسم ، اشخبط ، اتكلم ، ارقص ، اى حاجة !
    :كويس ، كويس ... اركانجالو كان يعملو كده عسان يعملو شغل مظبوط .
    : ميرى ... الدين اتغيّر ، جانا دين جديد ، دينّا القديم ما لاقياهو يا ميرى ، ما قادرة اصلّى ، ما قادرة استغفر ، دينّا القديم كان يطل الجار ، ويدّى المسكين ، ويفرش البروش فى نص الشارع فى رمضان عشان لمّة الناس ، وكان بوّدى اللحم لى جارو المسيحى فى العيد ، ويقيف مع الصوفية فى حلقات الذكر ، ويمشى المولد ، ويحاجز المتشاكلين ، ويزور العيانين ، ويجبر الخاطر المكسور ، ويعصر برش الميّت لحد ما اهلو يرفعوا الفراش ، ما كان بيأذى زول ، حتى الطير كان يرك فوق كتفو ويدنقر يشرب من ابريقو ، تصدقى حتى كان بيغنى عازة فى هواك ...، كان حافظ القرآن ، وشايل الواحو ، يرقد فوق العنقريب الفاضى بلا لحاف ، ويشرب من الزير ، وينادى لى جارو بى فوق الحيطة ، كان بيبكى لمّن واحد يموت ، ما كان بكضب ، كان واضح ، نقى ، لمّن يعمل حاجة ، ما بيدسها ... يعملها ويستغفر ... لكن يا ميرى هسع جانا دين جديد ، قالوا لينا دينكم القديم داك ما دين ، اغتسلوا وتوبوا !!
    الدين الجديد يا ميرى كتل ابوى ، وكتل ناس كتار ، شايل سبحة ، لكنها مصنوعة من الدهب ، وفى اليد التانية شايل ساطور ، ما بيمشى لى زول ، اليوم كله حايم فى الشوارع يهتف ، ما عارفنو بيصلى متين ، ما شفناهو مرق فطورو مع الناس فى رمضان ، ولا دفن جنازة ، ولا زار مرضان ، ولا مشى مولد !! دينا الجديد يا ميرى بيكرهكم ، عايز يكتلكم ، عشان انتوا كفار ، دينّا الجديد كسّر التماثيل فى كليتنا ، وكتل الناس فى رمضان ، دينا الجديد يا ميرى : بوليس !! ، لافتة ، طبلية ، تبيع الدقون !!
    : انت تعبان ، رابعة ، عايز نوم ، نوم ، بعدين يتكلم !!
    (2)
    صحوت . لا زال طعم المريسة فى شفتى . طقس لذيذ . والنجوم ترقص رقصتها الاولى . ميرى تعد طعاما ما . التفتت نحوى .. صافحتنى عيناها فى طيبة . ابتسمت لها .
    : ما يخاف كشة يجى يسوقنا كلنا ؟
    : ما يخاف ميرى ، ما يخاف !
    : انت ليه يجّى هنا رابعة ، ينوم فوق عنقريب ، ياكل اكل بتاع ناس مسكين زى انا ، يكلمّو مع زول ما يعرف يقرا .. انت ليه ما يمشى حته يرتاح فيهو ؟
    : لأنّو انا يرتاح هنا ميرى !! يغسل رجلينى فى بحر الجبل ، وارش وشى من موية بحر الجور ، واسرح فى الغابات ، انوم تحت المهوقنى ، اغنى مع طنبور الشمال ، واجرى ورا الشمس لحد جبل مرة ، القاهو جبل توتيل . هنا يا ميرى ، انا يانى الزمان ، بلقى نفسى ، والقاكى انتى يا ميرى ، انتى الباقية من حاجات زمان . تتذكرى اول مرّة جيتك هنا ؟
    : كنت بت ما كويس ، بطّال ، قايّل ناس بتاع هنا ، بهايم ، قايّل بوهيه ازرق جوّه برضو ازرق ، قايّل نحن ما فى حب ، ما يفهم ... ما فى ...
    : بس لمّن شفت شغلك يا ميرى ، عرفت انو البندرسو نحن فى الكلية حاجة ، والبتتعلموهو انتوا من الطبيعة حاجة تانية ، حاجة نقية ، انتى يا ميرى اعظم من ليوناردو دافنتشى !
    : تعال رابعة !!
    ذهبت خلفها . دلفت الى غرفة واطئة دون باب ، ينسدل على مدخلها جوال قديم ، رفعته ، ومضت الى الداخل . اوقدت فانوسا ، فانتشر الضوء . صعقت . تمثال نصفى لى . يا لبراعة ميرى ، واناملها المجنونة ، انها فنانة حقيقية . تأملت وجهها المتغضن بتجاعيد صنعتها المآسى ، وشعرها الذى صار اكثره مائلا للبياض . عينان تشيان بالطيبة والحكمة المتوارثة فى ارض الانهار والغابات ، حيث كل شىء يدعو للتأمل العميق ، وشحذ الذهن لابتكار طرق جديدة للصراع مع طبيعة رغم مظهرها الرائع ، الا انها متحفزة للانقضاض ، مجبولة على الخداع والتمويه والتخفى . اقبلت نحوها واخذتها بين ذراعى ّ وانا ادارى دموعى .
    فى تلك الليلة ، ساهرت مع ميرى حتى الفجر . غنت لى اغنيات الدينكا والشلك والمندارى والفرتيت واللاتوكا . حكت لى حكايات اسطورية عن آلهتهم . وان الاله هو جدهم . اخبرتنى كيف تسير المرأة فى غابات شاسعة دون ان يهجم عليها نمر . حكايات عن غدران الماء والخضرة والماء الغزير . الاكواخ المتناثرة وروح الاسلاف . حدثتها عن ابى وعلاقته بى . حدثتها كيف قطعت صلتى بحبيبى !
    : ميرى انتى ليه ما يرجع جنوب ؟
    : لأنّو جنوب بقى زى تمساح كبير ، ياكلّو كل حاجة ، موت ، حرب ، اخدّو كل حاجة ، ناس ، شجر ، حتى بهايم ، بقر ، جوع كتير ، كل يوم ناس كتير يموت بى جوع !
    : انتى زعلانة مننا يا ميرى ؟
    : مندكرو بتاع كضب بى دقن دا كعب ، ياهو كتل ابوكى ، ياهو عامل دشمان فى جنوب ، ياهو كل يوم يجّى يفتش بيت يلقى مريسة ، يسوق انا ، يجلد هناك فى محكمة ، انا مريسة يشربو انا ، ما نبيعو الا لى بوهيه ازرق زى انا ، دا يجّى يشرب مريسة . اله بتاعو ما يكلم ما يشربو مريسة ، ليه اله بتاعكم يقول يجلدّو زول تانى بتاع اله تانى ؟
    : ميرى !! نحن دينّا الكنا بنعرفو ، ساقوهو هو ذاتو زيّكم للمحكمة ، حاكموهو ، وجلدوهو وهسع مسجون ، واحدين قالوا فى كوبر !!
    : انا مافى شغل ، يشتغل فى بيوت بتاع مندكرو ، يمسح بلاط ، يغسل عدة ، وملابس وحتى محل بتاع بول ، قروس حق فطور بس ، شغل بتاع خشب ما يجيب اى ّ حاجة ، نعملو مريسة عشان نشبع وكمان يبيع شوية !!
    (3)
    ربما هى اللحظات الصادقة ، مخبوءة فى نسيج لا يشى ما بداخله ، ربما هى تتفجر بعنفوان حين ارتعاش الروح فى حضرة الكون البدائى المتجرد من خواصه الزائفة ونظرية نيوتن . قد تصبح الجاذبية فى اتجاه معاكس تماما . وينبىء قلب امرأة مفطورة على الطبيعة البكر عن ادق الاشياء فى حياتنا . ترى هل هناك وجه شبه بين ميرى ومريم العذراء ورابعة العدوية ؟ الخلاص هو ان نتحرر من جزعنا الابدى على الدنيا الزائفة ، والانسانية تكمن فى بساطة الانسان وتلقائيته تجاه اخيه بغض النظر عن دينه ، لونه ، رسمه ، طبقته !! روح شفافة نقية ، مثل الغدران التى اتت منها ، محملة بعفويتها ، تسكب قدراتها البدائية فى اطراف اناملها ، فيتشكل الخشب كيفما تريد ، فنانة اصيلة ، لا تعرف شيئا عن بيكاسو او دالى ، ولا تفهم التجريدية والتكعيبية ، الا ان الطبيعة البكر زودتها بخواص اسرارها . تكتفى من الدنيا بشربة مريسة تسدّ بها رمقها من غائلة الجوع ، حتى المريسة لأمثالها : حرام ، لأنه لا يجوز للمدينة التى تخادع فى كل شىء ان تسكر بالمريسة !! لو سرقت ، لقطعوا يدها . هأ ... ما بمقدورها ان تقدم جسدها لأحدهم مقابل حفنة تافهة من الدنانير . زوجها واولادها : قتلوهم بدعوى انهم كفار !! جسدها النحيل وروحها الشفافة لا تحتملان الجلد ... ولكن ! انها الطقوس الجديدة والقوانين المختومة بختم مزيف . القوانين التى ترى نفسها نائبة عن السماء . السماء نفسها رحيمة . السماء لا تحاكم الناس بناء على حيثيات مجحفة . الظاهر شىء والباطن شىء آخر . ربما ميرى اكثر ايمانا من كل القتلة فى مدينتنا . ميرى لم تقتل احدا . بل لم تحقد على احد . احتفظت بروح الفنان فى داخلها ، لا شك ان آلاف المجرمين يمرون بها وهى تجلد ، فلا يزيدوا عن ان يرجمونها بحديث تافه
    : يا للجنوبية الوسخة صانعة الخمر !! دعهم يؤدبونها .
    انكسار ، فضيحة . كلنا انكسرنا امام الجنون الجديد . صفقنا بنشوة للسحل واهدار الكرامة . عار ان تصبح الفضيلة سيفا فى يد جزار ارعن لا يفرق بين اعناق الخراف واعناق البشر !!
    كلنا تحسسنا اعناقنا بانامل مرتجفة لئلا تطالها المقصلة . كلنا اذعّنا لجوقة المهرجين ففعلوا بنا احط الافعال . اذعنّا لرغباتهم المتوحشة البشعة ، وغضضنا الطرف عن قبعاتهم الزائفة ، وقمصانهم المنشاة بدماء الابرياء . مريسة ميرى الاصيلة وحدها كانت تتحدى زيفهم وتعلن فى كبرياء انها قادرة على فضحهم . كلما جلدوها بتلذذ ، بصقت على اهل المدينة ، والسفلة الذين يشتمون مريستها جهرا ويخفون جزعهم وتوترهم من مجرد فعل جرىء .
    ثمة اصوات متداخلة وضجيج مزعج . تعلق ميرى بعفوية
    : حكومة عندو زار الليلة !
    ليت المدينة تتحسس اوجاع ميرى قبل ان تلهب ظهرها بالسياط . ليتها تضع اصبعها على بذرة الفن البدائى المجيد فى اعماق ميرى قبل ان تدهس مشاعرها النقية بخيول فتح خيالى . المغول الذين اجتاحوا بيادرنا وروعوا الطبيعة البكر وعكروا صفاءها ، حولونا لهشيم بلا اصل ولا جذور . اجبرونا على العيش فى مناخات لم نألفها ، فتكدست الملابس فوق اجسادنا تسترها بينما رؤوسنا عارية . ذبحوا النقاء والطهر ، وجلدوا البراءة ونحن نصفق . ما اتعسنا من امة تحكمت فى مصيرها ، الجرذان التى تقرض التاريخ وتحارب الثقافة وتتبول على الفكر !! الجرذان التى تحرّم المريسة وتسرق القمح من بيوت النمل !!
    (4)
    فتحوا الباب دون اذن . نبشوا الارض ، عاثوا فى البيت فسادا ، بحثوا فى كل شبر ، حفروا فى الفناء الخارجى . طرقوا الجدران ، اقتلعوا شجيرة الحراز فاصبح الزير بلا مأوى . بحثوا بداخل الزير . لم يجدوا شيئا : لا مريسة ولا عرق ! قبل ان يخرجوا ، ركل احدهم ميرى فى بطنها بغيظ ولحق برفاقه . تكورت ميرى على نفسها وجاهدت ان تتنفس . تقيأت دما . عاونتها على النهوض ، وارقدتها على عنقريب يواجه باب الحجرة بحيث تحصل على اكسجين . طريقة متقدمة للحصول على اكسجين بهذه المدينة .. اليس كذلك؟ ترقرقت حبات الدمع على خديها . بأعماق عينيها ، نظرة تحاكم الدنيا ، وتتساءل عن معنى الحياة . اصابعها تتحرك بصورة سريعة متشنجة ، تقبض على الهواء وتشكله ، تغمس فرشاتها فى الوان لا مرئية ، لترسم لوحة مجهولة . تحشد فيها الخلق ، بلا تفاصيل تميّز الوجوه ، الاقفاص الصدرية مفتوحة عن فراغ ، لا شىء ، الرؤوس طماطم يصلح لصنع الصلصة . الاقدام مغروسة فى باطن الارض او ربما جثث لاطفال لا تتبين ملامحهم . السماء داكنة . الاشجار قلاع محصنة . ترمى الناس بالنبال والبيض الفاسد . تغمس ميرى فرشاتها . تغمس ميرى فرشاتها فى اللون الاحمر وترسم شريطا طويلا على اللوحة من نمولى الى حلفا !!!
    افاقت ميرى من اغمائها . طلبت جرعة ماء . الماء يصلح لغلى القهوة يا عزيزتى ! لا بأس . كانت تشتكى من بطنها . عاونتها على الخروج من المنزل . الصيدلى قال : ربما فتق فى الامعاء !! عدنا !! اخرجت برمة مريسة من مخبأ سرى . شربنا سويا . قامت لترقص . كان جسمها يتلوى فى ليونة غريبة . كأنها طير ذبيح . الجسد طوع الروح . يأتمر بأمرها . ينثنى بخفة لا تشى بوجود عظام . يصنع دوائر مغناطيسية حوله ، يمسها ويعود الى دائرته الاصلية ، رقصة ، احتشدت فيها الطبيعة البكر لتمنح الجسد قدرات خرافية فى التواصل مع الحانها الخفية وايقاعاتها البدائية الفذة . رقصة للغدير والابنوس والباباى . اندغام الجسد فى حاسة المطر وشهوة قوس قزح . استلهامه لغناء العنادل وخرير المياه !
    فى تلك الليلة ، رسمت ميرى نهرا رقراقا ، تحيطه الاشجار ، تحفه العصافير ، وتحلق فى نواحيه ، ارواح الاسلاف .
    (5)
    لم تتحسن صحة ميرى . انفقت عليها كل ما لدىّ من نقود . مورفين ومضادات حيوية . جلبت لها خبزا طازجا مع الفول والجبن ، عسلا ، تمر!! كنت اشعر ان ميرى لا تريد ان تقاوم ، انها فقدت الرغبة فى الحياة .
    الوحش الذى قتل ابى . الوحش الذى سلب العقول . وشرّد العصافير ، الوحش يجبر ميرى على المغادرة الآن . يفقدها رغبة الحياة . متى كانت الاشجار البرية تفقد رغبتها الاصيلة فى الاغتسال تحت المطر ، متى كانت لا تألفى الطقس الاستوائى ؟ يا للفنانة الاصيلة مرهفة الشعور ! تفعل الآن ما لم يفعله آلاف المثقفون . تدرك الآن بحسها البدائى ان شيئا ما فى الدواخل قد انكسر . لم يكسره الوحش ، كسرناه نحن ! ادركت ميرى اصل البلاء المستوطن فى اعماقنا ، فواجهته بشجاعة ، داستها الاقدام العفنة . مريسة ميرى اشرف من لحية كبيرهم . لم تخف ميرى ان المريسة هى غذاؤها الوحيد . لم تسرق . لم تؤذ احدا . الوباء اجتاح الغابات والبرك والنجوع فلم تعد نقية . تريد ميرى بموتها ان تحافظ على نقائها هى . تصيح ميرى فى وجه صمويل هنتنجتون وفرانسيس فوكاياما وابى الاعلى المودودى : ان حضاراتكم زيف ، وان صراعكم بلاء . تدمغ ميرى عصرها بانحطاط فى كل شىء ، وترحل فى سلام داخلى .
    : رابعة ،، انت يمشى .. انا يموت !! انا يموت .. روح بتاع اسلاف يجى ... انت هنا روح بتاع اسلاف ما يجى .. رابعة خد خشب بتاع انا كلّو ... كل خشب عملو اصابع بتاع ميرى شيل انت ! رابعة ميرى يحبك كتير ... روح بتاع اسلاف كمان !!


    (23) منشورات سرية
    (1) المنشور الاول
    ضد الذات ! وانكساراتنا المتواترة . شبح الهزائم الداخلية يلوح حين ينهض القمر . انكسارات مريعة . ماتت كأى حشرة تافهة تموت فى هذه المدينة تحت انقاضنا نحن . تتوسل الينا ملامحنا القديمة فننكرها وننكر وجوهنا لئلا تخضع لجراحة تجميلية . معتقلون داخل القفص الواحد . انقاض الأنا : مشنقة للآخرين . اندغام فى حواس اخرى ابتكرها دجّال حاذق . تماهينا فى نبض الايقاع الجديد . زاوية النظر محروسة بديوان الافتاء . شبكية العين خيط عنكبوت ، وانسانها اعمى !! ماتت ، ولم يبك الا ابو يزيد البسطامى . لا تعرفونه ، هو يعرفكم . الحرف مسموم فاجتنبه . انقلبنا على عقولنا فاستحالت رمادا .. لكن هل كانت نارا حقا ؟ سحقا للصمغ العربى والاقمشة المستوردة . تبولنا على ماء البركة فلم نعد نر وجوهنا . الحوارات آخذة فى الانحطاط . الحوار :غثيان . المرآة تعكس وجوها شوهتها ريح غريبة . الرياح حملت عصافير نافقة وبقايا صيف لم يرحل . المدينة تتقمص اشباحها وتنكر ما حولها . تصنع امجاده بطريقة مضحكة وتصفع قفاها بيدها اليمنى . رجال مكافحة المخدرات يحاصرون رجلا افلح فى تهريب ديوان شعر . الاغنية قنبلة موقوتة . الاشباح تتفحص وثائق سفرنا . وتمنح اشباحا اخرى وثائق سفر تخصنا . احشر تلاميذ المدارس فى عقلك وستحصل على علبة ساردين .الضفادع تملّى قراراتها . ونحن اجساد بلا هوّية . هل تفكر يا سيدى ؟ يا للجرم .. اذن انت كافر ،، وكذلك جارك السابع !! افتح فمك : فراغ . الى الاعلى !! ايضا فراغ ! حسنا ، املأ بطنك بالقاذورات فما عدت تحتمل هدير ماكينات الطباعة . المطابع تبدع فى نقش بطاقات الزفاف والليلة الاولى واعياد الميلاد الآثمة . مات بلد فلم يمش فى جنازته الا قاتله .الآخرون كانوا فى غاية العجب وهم يشاهدون الحلقة الاخيرة من مسلسل عربى معاد !!
    (2) المنشور الثانى
    الوعى الكامل بالهزيمة . ما عاد بمقدور الجذور ان تضرب فى اعماق التربة بعد اجتياح كثبان الرمل لمناعتنا . الحصون تهاوت كخيل ادركتها الريح عند المنحنى . الريح : اعصار لاح فى الافق فلم نأبه . كسر عمود نور ، فلم نأبه . حطّم ابوابنا وانحشر فى مساماتنا ، فاستلقى شجر المدينة على قفاه !
    خرج الشىء الخرافى من اعماقنا ونحن غافلون . تمدد فى احشائنا . حارب عقولنا فانسقنا وراءه . كلنا دان له بالخضوع والاستسلام . لم يأت من وراء الحدود . جاء من اعماق صحارينا وغاباتنا . كان يسكن منازلنا ويتدثر بأغطيتنا الصوفية ويعد لنا القهوة . تقمصناه روحا ترتد بنا الى الوراء ، فأعادنا الى كهوف سحيقة ، وواصلنا الانحدار الشاهق ! حجب الضياء ، وتسلل الى مخادعنا ، تسربل بالروح المقدسة فجثونا ولم ننهض من وقتها . جفف الينابيع وهشم الذات الى ذرات دقيقة تلّف فى فلكه ولا تنفك قط عن اساره . خرج من اعماقنا . فانكفينا عليه . لا فرق بين تلميذ فى العاشرة وعجوز فى السبعين . فما تحت العمامة سواء . لم يأت من فراغ ، تسلل كالوباء من دواخلنا . جرّد سيفه على غير الخاضعين فحصد رؤوسهم . من القاتل اذن؟ دعاة الاستنارة انفسهم ما هم الا صدى له . لا يدورون خارج دائرته . لا يقيمون نسقا موازيا لنسقه . نفس زاوية النظر وان مالت قليلا . زاوية حادة تكتم انفاس الخلق . عصر اذابة العقل وجعله عجينة تطهى فى فرن بلدى . تكدست العقول فى سوق المدينة الى جانب البطيخ والبصل ! اضحى شيئا مسلما به . الاستثناء ان تألف غير المألوف او تحاول الخروج عن اطار الشىء . اصبح للشىء قداسة وحراسا بلهاء لا يحرسون سوى الفراغ . الحراس اصبحوا هم الشىء نفسه فنالوا قداسته . اضحى الحراس ايقونة اثرية تحارب العصر وتجافى روحه .
    المشهد قاتم . كيف نصارع انفسنا لنتحرر ؟ كيف نوقن بان الحقيقة النهائية يمكن الوصول اليها بطرق اخرى تطابق العقل ؟ كيف تدلف اجسادنا الى عقولنا تارة اخرى وتألفها ؟ المعركة ما عادت معركة الأنا ضد الغير الماثل . الغير الماثل ما هو الا صورة لتشوهات الأنا عبر رحلة عجز طويلة راح خلالها العقل فى هجعة مميتة ! لا زلنا فى خضوع كامل لسلطة الزمن الوراء ، فتوقف الزمن الحاضر عن محاصرتنا وما باستطاعتنا ابصار الآتى . عيوننا توقفت عند مشهد قديم . حلمنا باقتطاع زماننا والعودة اليه . انكرنا دعوة الله لنا بأن نشحذ اذهاننا . فضيلة التفكير ، خيانة للقبور !
    معركة طاحنة تشرخ اعماقنا . لكنّا ننحاز ضد انفسنا وضد خياراتنا الصحيحة لأننا عاجزون عن الانتصار مرة واحدة لعقولنا . هل نحاكم تلميذا خائبا بعد ان وعى على حقيقة فساد العقل ورجحان المخطوطات الاثرية ؟ كيف لا يتكثف الشىء ويخنق انفاسنا ونحن كومة لحم جاهلة يمارس عليها اقسى انواع التقريع والزجر والقوانين المدرسية والاسرية والمجتمعية البلهاء ؟ تركنا عقولنا ببطون امهاتنا حين خرجنا للدنيا بأجساد مترهلة وايمان تقليدى بالاشياء ، فاصبح العقل منذها من المحرمات !
    نامى بسلام ميرى ، فالشىء لم يقتلك بيديه ، قتلناك نحن حين سمحنا للشىء بتسور ذواتنا والاطلال على الدنيا بوجه كالح وعصابة حمراء !
    (3) المنشور الثالث
    لا زلنا فى طور حرب العشيرة والعشيرة ، وزرائب البقر الاناث ، وحظائر الزنوج ذوى الروائح النتنة ، لا زلنا فى طور سيادة الجنس الاخضر على الاسود ، والتمهل امام اللافتات المزيفة والتسكع فى شوارع الروح الخلفية . لا زلنا هوجا نستثار بصيحة لا معنى لها فنلقى حتفنا للاشىء . لا زلنا نطارد الزنوج فى شوارع جوبا وازقة ياى لسوقهم خداما لسادتنا اهل البصيرة . لا زلنا يا ميرى نتفحص وجوه المهاجرين بفرح ، ونحث الآخرين على الهروب والاختباء بعيدا عن اعين الضفادع . لا زلنا يا ميرى ننكر ذواتنا ونحارب عقولنا ونجهل لغتنا الاولى ! نامى بسلام يا ميرى ، فالحرب ستغدق علينا نعمة فناء كل جنسنا ، ونعمة اخرى هى زيادة خصوبة ارض الجنوب !! نامى فنحن لا نعرف من تاريخنا الا مائة عام ، ولا ندرى عن حضارتنا الاولى الا مواعيد الغرام فى المتحف القومى . لا زلنا فى حرب الزنوج والعرب ، وتطويق العقل بالالغام وقتل كل ذرة نقاء بداخلنا . لا زلنا نتورط فى التفاخر بصفات اسطورية مضحكة اندثرت حين مات بعانخى ورحل دينق الى بحيرة فكتوريا وعادت رابعة ادراجها . انكشف الستار يا ميرى حين جاء الشىء فسقطت لافتة الصفات المجيدة فى مستنقع عفن وانحنى البعض لالتقاطها فظهرت مؤخراتهم . انكشف الستار يا ميرى عن عزمات خائرة وصمود هش وقدرات فذّة فى الكذب والنفاق والاختباء بعيدا عن سلطات المجلس الاعلى للشباب والرياضة ! انكشف الستار يا ميرى فضحك كل جار على جاره ، وتحدت الفئران القطط ! انتحلنا صفات البطولة ولا بطولة . ما اسهل الانتحال ايام الرخاء يا ميرى . جاء الشىء فضاعت هيبة الرجال وخرّوا له ساجدين ، وكشفت النسوة اثداءهن . حين قتلوا حرفا فى اوائل الثمانينات وجمت المطابع وحدقت فى وجوهنا المستيشرة بذهول !! صرخ حبر سرى : انتم القتلة !! كان صادقا يا ميرى . حينها انفتح القمقم ليطل الشىء ، وتفر العقول الى ما تحت السرة . نامى ، فالنقاء فضيحة فى عالم تتملكه رغبة الدمار والجنس . لا زلنا نجهل بوتقتنا ونجهل كيف نربط حزام الامان . لا زال تهارقا دون هوّية ، والنخيل يأبى ان يلقح بالابنوس ! لا زالت الرقابة تحذف النص الكامل وتتحفز للنهوض فى وجوهنا . لا زلنا نلعن بلادنا يا ميرى ونطمرها بالقاذورات ونردم النيل بجثث مجهولة الهوّية . لا زالت القبور اساتذة فى مدرسة مجاورة . لا زلنا نحشو عقول صغارنا بكلام فارغ عن امجاد لا وجود لها الا فى خيالاتنا المريضة !! اىّ مجد حققناه ؟ اىّ مجد يا ميرى وكل امجادنا قام بها نفر قليل تقدم على زمانه ، حتى ثوراتنا الكبرى !! حتى ثوراتنا قام بها نفر قليل ، بينما الاغلبية تغط فى نومها ، اىّ مجد ، وقد صفقنا لكل طاغية وجعلنا من رؤوسنا دورات مياه للعسكر والديدان نابتة الشعر ؟ اىّ فخر نستحقه يا ميرى وقد تدلى جسد محمود من بين ايدينا جميعا دلالة على استحقارنا للعقل والحط من شأنه ؟ او على اسوأ الفروض خشيتنا وخستنا !؟ نحن قتلناك يا ميرى كما قتلنا محمود وحسين . لا تسامحى احدا منا يا ميرى ،، لا تسامحى فكلنا جبناء ، وكلنا حريم !!
                  

03-16-2002, 05:16 PM

waleed500
<awaleed500
تاريخ التسجيل: 02-13-2002
مجموع المشاركات: 6653

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فصول من رواية جديدة (Re: خالد عويس)

    الاخ خالد عويس
    تحياتى
    اخى انك ترا مالاترى العين المجرده
    عندك اجنحه بتمكنك من التحليق حيث
    لا امنيات تخيب ولا كائنات تمر
    لك التحيه ونتمنا ان نراك دائما هكذا فى العلالى
                  

03-16-2002, 09:56 PM

REEL

تاريخ التسجيل: 03-06-2002
مجموع المشاركات: 880

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
جنون (Re: خالد عويس)

    ##لجنونك منافذ عدة,اشتباكات هذا التاريخ
    العريض بمهازل الواقع...


    تلك الصروح الرائدة ..وما تمتليء به مصانع الارادة
    ]الجامعات[ من هشاشة..لايقدر
    على القبول بوجودها ,والتسليم بها وحتى الكاظمين الغيظ


    ##تلك الاشكالات اللتي نغوص فيها
    وحد التشبع ملحا,,واللاحلول اللتي تتشرنقنا
    فنفر الى الهزائم مكرهين...


    ##شعب ظروفه تستثيره..وتستفزه
    وهو راكد حد الموت ...
    هنيئا للموت!!!
    فقد اصبح خيارا لجيل


    ##لدينا مبدعين و مفكرين نعم!!!
    ولكن ما فائدة ابداع ميت..او مهاجر..او مغلوب
    على امره..او متلون..
    اوحتى محدود التاثير
    ..نحن شعب متعطش لابداع حر و ثائر


    شمال ..جنوب
    جنوب شمال
    رسالة واضحة..
    حَوّل......

    ##المرأة
    وهذه المنحنيات الخطرة...
    تحتاج للصمود رجال
    يحملون اوزارهم بشجاعة ونبل
    المرأة الآن اضعف ما يكون
    لخلق اجيال ثائرة...


    ظالمين لو ادرنا ظهورنا......
    مساكين لو اخذتنا الاحلام
    بالنجاة قريبا....


    ## يا اخ خالد...جنونك خطر
    وعقلك في الزمن دا جنون
    ويبقى العشم في بكرة اكبر من كل الظنون
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de