|
|
 خواطر ... ومشاهد ... وأحداث المشتهى الحينيطير ... يطير ويقع في البير
|
الغربة حارة ... وفراق الديار والأهل ألم دفين ... والبعد عن الزوجة والأولاد هو العذاب والعلقم المر .
لكن بالرغم من ذلك يغادر الناس أوطانهم ، والأسباب متعددة ... ويعيشون في أرض المهجر وهم يقولون بصوت واحد : أبدا ما هنت يا سوداننا يوما علينا !
المغتربون لهم اهتمامات ... ولهم تطلعات ... ولهم أنين وشكوات، وهذه محاولة متواضعة من شخصي الضعيف لعلى أساعد في عكس همومهم لمجتمع يرى الجانب المشرق فقط من قضيتهم
بداية الهجرة منذ التاريخ الحديث
بدأت الهجرة من الأوطان بهجرة داخلية داخل القطر في أوائل القرن الماضي لأسباب متعددة منها الحربية والاقتصادية . فمثلا قبائل الشمال واجهت اختناقات الانتشار على ضفاف النيل بسبب ضيق المساحة الصالحة للزراعة خصوصاً في المناطق شبه الجبلية مثل مناطق السكوت والمحس ... نتج عن ذلك نزوح المحس لجزيرة توتي ، والخرطوم بحري ، وشرق النيل وخلافه ... بينما استقر الرباطاب في امدرمان والشايقية في الحلفايا ، والسجانة ... ومناطق شمال الخرطوم مثل الحقنة، وحجر العسل ، والبسابير وود الحبشي.
أما اكثر الهجرات الداخلية شهرة فهي هجرة أهالى حلفا من أرض الآباء والأجداد على ضفاف النيل في حلفا القديمة .. إلى أرض البطانة جوار خشم القربة وما صاحب ذلك من صدمات تراثية بسبب المفارقة الكبيرة في البيئة الجغرافية .
أما الهجرة الخارجية فبدأتها قبائل الشمال الدناقلة ، والسكوت ، والمحس ، والنوبة ، والشايقية شمالا إلى مصر الوطن الثاني ، وكانت تلك الهجرة طوعية تماماً مع بيئة أليفة وصديقة ، فإنخرط جزء منهم في أعمال الملاحة البحرية والخدمات التي يألفونها.. بينما ركزت قبائل أخرى على أعمال «العسكورية» ، وكان يقال للشايقي «ان نجحت هجاني وان خبت طياني» ، وكان ذلك الاغتراب في الثلاثينات والأربعينات مصدر متعة وأمن واستقرار ، استقبلت فيها مصر الشقيقة أبناء الوادي بكل الحب والمودة ولم يكن هناك أي فرق بين السوداني والمصري في الحقوق والواجبات ... بل على العكس تماماً... كانت هناك نظرة تفضيلية لأبناء جنوب الوادي بحكم انهم بعيدون عن أوطانهم ويستحقون كل العطف والرعاية وكانت المدارس والجامعات متاحة لجميع الأبناء ، والمواصلات والتنقل متيسر بين شمال الوادي وجنوبه عن طريق ميناء الشلال وقطار اكسبريس حلفا المشهور . ان هذه الهجرة الطيبة تركت ذكرى عزيزة لكثير من الأسر السودانية فمنهم من عاد إلى السودان بعد المعاش يجتر الذكريات الحلوة عن أيام زمان... عين شمس وبوليس الهجانة... الجبل الأصفر وسلاح الحدود ... انشاص والخاصة الملكية وباقي المدن والقرى والأرياف حيث لعب رجل بوليس الهجانة السوداني دوراً مهماً في استتباب الأمن في الريف المصري ومنع عمليات الثأر التي كانت منتشرة في صعيد مصر ذلك الوقت . وهناك شريحة مقدرة لم تستطع مغادرة مصر والعودة للسودان فقد ارتبطت الأسر عاطفيا ووجدانيا ببيئة تعودوا عليها وتزاوج الأبناء والبنات مع الجيران... وظهر جيل جديد «حلو أوي» وشربات في لون الشوكلاتة هو الذي يتمايل الآن طرباً مع أغنيات محمد منير .. أو مع شادية في أغنيتها المشهورة «اسمر يا أسمراني اللون» أما المرحومان أحمد المصطفى وسيد خليفة فقد اشترك كل منهما مع شحرورة الوادي صباح في أغنيات خالدة تمثل حب الشعبين لبعضهما البعض.
لقد طلبت من أستاذنا الموسوعة ... الطيب محمد الطيب وهو مؤرخ غزير العلم والمعرفة ومحقق على الطبيعة ... أن يمنحنا ببعض من علمه الغزير عن تاريخ الاغتراب في السودان.. فكتب الاستاذ يقول :
«نزوح أهل الشمال - زعم المؤرخون ان العمار بدأ من الشمال وكلما اتسع معمار الدولة توسعت لجهة الجنوب بدأ من «كوش» فقد اتسعت نبتة وتحولت الى «المقرة» ومن المقرة امتد العمران الى «مروي» ثم الى علوة «سوبا» . وتبعا للنظام السائد في تلك الدول كان الناس يتنقلون حيث العمار وكسب العيش . الى ان دخل الإسلام الى بلاد النوبة في 31 هجرية فنشط الدعاة من المسلمين وتفرقوا في الجهات متابعين النيل وقد عمروا النيل بوسائل كسب العيش فأقاموا السواقي وغيرها من الوسائل ثم استغلوا النيل فكانوا يتحركون بواسطة المراكب الشراعية الى أعلى السودان . وتبعهم الصناع للسواقي والمراكب، ولما تكاثر العمران تفقه بعض المعلمين وصاروا يقصدون جهة الجنوب حتى تكامل العمران فكان صناع الحديد في مروي وصناع الاخشاب وصناع الفخار والجرار. وبدأ المعلمون في انتشار المدارس «الخلاوي» وعمَّ خيرها كل الجهات. واتى زمان صار ابناء المناطق الشمالية كالشايقية والدناقلة والمحس والحلفاويين ينزحون إلى جهة مصر بالمراكب فعملوا في خدمة الدولة خصوصاً الشايقية الذين برعوا في سلاح الهجانة وهو سلاح الحدود المعروف . وكان الشباب مطلع القرن الماضي يخرجون في جماعات على أرجلهم ولما يتجاوزون بلاد الشايقية يركبون المراكب، وكان سفرهم هذا يسمى «الشراد» ... أي الهروب ... وقد برزت منهم جماعات وأشهرهم منتصف القرن الماضي «حسن عثمان» من تنقاسي ونظمت البنات والشاعرات غناء كثيراً في حسن عثمان، ومن النوابغ الضابط العوام خشم الموس من جهات الزومة والضابط عبد الله شنبو من جهات البديرية. وأما قبائل الشمالية الأخرى فكان سفرهم الى الغرب والجنوب فأثرت تلك الهجرات في تكوين المزاح السوداني وكانت بنات الغرب يتغنين بظرف الجلابة من أبناء الشمال وما زالت هذه الأغاني تتردد في الراديو - مثل:
الدار الما داري مالي انا بيها
البلد الما بلدي ما بمشي ليها
اشاور امي أكان ترضي
كان تابا
أنا ببني لي بيت
في دار الجلابة
وفي الجنوب كانت البنات يعشقن أبناء الشمال، ومن أهم الجماعات التي اقتحمت الجنوب أبناء ام دوم وأبناء شبشة وغيرهم ، اشتراك اغلب الذين عملوا في مصر انهم علموا أبناءهم حتى تخرجوا في المدارس العليا والجامعات وصاروا من كبار الموظفين.
وخلاصة القول ان معظم شعب الاغتراب هم أبناء الشمالية لسببين الأول طلب الرزق والمال والسفر للعلم، وهنالك أغراض أخرى كالصناعة وغيرها».
انتهى كلام استاذنا العظيم
الهجرات الاخرى
أما الهجرات التي تلت الهجرة الأولى لشمال الوادي فكانت لشريحة أخرى من المهاجرين تعددت أسباب هجرتهم وأماكن هجرتهم ربما نلخص بعضاً من أسبابها كما يلي:-
1- ضيق المساحة الصالحة للزراعة وافتقار الخدمات في الموطن.
2- الرغبة في وضع معيشي افضل تتوافر فيه ضروريات الحياة.
3- اختلاف الرأي السياسي مع الوضع القائم ..... أياً كان.
4- الرغبة في تحسين الوضعين الأكاديمي والعلمي.
5- انقطاع سبل العيش في الوطن والرغبة في البحث عن رزق في مكان آخر.
6- تحقيق دخل معين في وقت محدد مع الاسراع بالعودة بغرض الاستثمار.
7- اللوتري الأمريكي وما يبشر به من أحلام.
8 - البعثات الدبلوماسية والعمل في المنظمات العالمية.
لا أملك احصائيات محددة بعدد المغتربين وأماكن إغترابهم ، ولكن على الظن فقط احسب ان المملكة العربية السعودية تستضيف الجانب الأعظم والأكثر تأثيرا في البيئة والاقتصاد السوداني ، وسأحاول في هذا المقال أن أركز على المغترب الموجود في السعودية بحسبان أن هموم مغترب السعودية تكاد تتطابق مع هموم باقي مغتربي الخليج. أما اهتمامات المغترب في أوروبا وأمريكا فهي ذات طبيعة مختلفة تماما سأسعى إن شاء الله ان أتناولها منفردة في مقال خاص بذلك متى ما سمحت الظروف بذلك.
المغتربون في السعودية
ان الرخاء والتقدم الاقتصادي في السعودية خلق سوق عماله جذبت الملايين من أنحاء العالم وبالذات من آسيا كأكبر مصدر للعماله في المملكة . أما على صعيد العالم العربي فتأتي جمهورية مصر العربية في المقدمة يليها السودان ثم يتبعهما باقي الدول وقد كانت اليمن هي الأولى وسط العمالة العربية وفقدت هذه المكانة إثر حرب الخليج. المواطن السوداني في أي موقع... طبيب ، مهندس ، محاسب ، عامل ، له مكانة خاصة في قلوب السعوديين وان «الزول» مشهور بأمانته وصدقه وشهامته وكرمه الفياض وعزته وأصالة معدنه، وهذه صفات لا يجدها السعوديون في طباع باقي الجاليات هذه الصفات غرسها المهاجرون السودانيون الأوائل وظلت ذكراها باقية حتى الآن الا ان ما ذكره لي بعض من ما قابلتهم يوحي بأن هذه الصفات بدأت تضعف مع الجيل المهاجر الجديد الذي اختلط مع باقي الجاليات الاخرى و «نقش» منهم فن الحصول على النجاح بأية طريقة وبأسرع وسيلة دون الالتفات للمباديء والقيم التي غرسها قبلهم الرواد الأوائل.
لم اجد سودانياً مغترباً واحداً سعيداً فالكل متوتر الأعصاب وقلق ... ويعاوده الحنين للعودة الى بلده في أسرع فرصة ممكنة . طبيعة سوق العمالة في السعودية شرسة وتخلق بالضرورة جو تنافس حاد وعلى المرء ان يتفوق دائما لكي يستطيع ان يعيش . ونحن السودانيين تعودنا على حياة بطيئة الإيقاع .. . وتعودنا على انتظار «النصيب» لا ان نسعى اليه بقوة . وعندما نغترب نصاب بصدمة لبعض الوقت بسبب التغيير في البيئة حتى نعيد ترتيب مسارنا لكي نقاتل وننافس بشدة مع جاليات نشأت على القتال والتنافس من اجل البقاء . والسوداني لا يعرف الضرب تحت الحزام ... ولا يعرف الحداقة والفهلوة ومن اين تؤكل الكتف.. وللأسف هذه أسلحة تستخدم كثيراً في بيئة التنافس الحاد... فيفوز من يستعملها على حساب الآخرين وان كانوا ذوي كفاءة أعلى ومقدرة اكثر... وهذا هو أقوى الأسباب التي تسبب الضيق والتوتر للمغترب السوداني. أما باقي أسباب التوتر فتتنوع حسب الشريحة التي ينتمي اليها المغترب. وباختصار شديد ، نستطيع تقسيم المغتربين في منطقة الخليج الى أربع شرائح تتباين ظروف كل شريحة من الاخرى ويعكس ذلك الاختلاف تباينا آخر في الاهتمامات والطموحات.
الشريحة الأولى ذات الدخل العالي تتكون من أساتذة الجامعات والمعاهد العلمية ، والأطباء والمهندسين ، وأعضاء السلك الدبلوماسي والعاملين في المنظمات العالمية. هذه الشريحة تضم أكثر المغتربين استقراراً نفسياً مقارنة مع باقي الشرائح وذلك بسبب الأمان في الوظيفة ، والدخل العالمي ، والسكن الفاخر مع صحبة الزوجة والأولاد . بحكم ارتفاع مستوى الفكر والثقافة عند هذه الشريحة ، تنحصر اهتماماتهم بما يحدث في الوطن الأم من تقدم واستقرار فهم يتابعون الأخبار بشغف ويترصدون الفرص التي تشجعهم للعودة مع ضمان بيئة تتناسب مع ما يتمتعون به حاليا سواء على الصعيد الأكاديمي أو المالي . وتنحصر معاناتهم في البروقراطية التي تتطلبها إجراءات الهجرة. أما مر الشكوى فهي من التعامل غير السوى عند تقييم شهادات تعليم الأبناء للدخول للجامعات. هم يحسون بغبن شديد بعدم العدالة في الفرص مما يجبرهم أحيانا للجوء للجامعات الأجنبية خارج الوطن من اجل تعليم أبنائهم ... ثم يأتي العذاب بعد ذلك ان كان الطالب بنتا حيث يستلزم على الأسرة وقتها ان تنشطر فالأم تبقى في الوطن لترعى الدارسين والدارسات والأب يواصل وحيداً في أرض المهجر. إن من أكبر الهواجس لهذه الشريحة هي زواج البنات. فمركزهم الاجتماعي طارد للعرسان... لأنهم يهابون المتطلبات ذات النفقات العالية لمساواة هذا المركز العالي .. وبالتالي تصبح البنات في حالة بوار بسبب ارتفاع دخول الآباء.
الشريحة الثانية هي ذات الدخل المتوسط من صحافيين ومحاسبين ومديري أعمال يعانون من مشاكل التعليم كذلك أسوة بالشريحة العليا ولكن بصورة أقسى. فالشريحة الأولى قادرة على تكلفة التعليم الخاص سواء في المملكة أو في الخارج . هذه الشريحة كذلك مثقلة بالهموم حيث ان المستوى الأكاديمي ليس رفيعاً مثل الشريحة الأولى وبالتالي هي في منافسة حادة على البقاء والتطور مع جاليات اخرى ربما قادرة على ترفيع كفاءاتها بسبب فرص التعليم في بلادهم مقارنة مع بلادنا . وهذه الشريحة تحت ضغط ذهني وعصبي بسبب ساعات العمل الطوال وقلة الوقت للترويح او الاهتمام بشئون الأسرة.
أما الشريحة الثالثة فهي الطبقة ذات الدخل المتدني من عمال وسواقين وبياعين وكتبة صغار ورعاة غنم وخلافه . هؤلاء الأكثر عذابا وألما. فرحلتهم تبدأ باستدانة أموال طائلة لزوم شراء عقد العمل والإقامة التي كثيراً ما تكون مزورة . وهم الفئة المحظور عليهم استقدام عوائلهم . وهم الفئة التي تعاني من قسوة المخدمين... وربما ظلمهم في الحقوق والرواتب.. وعادة هم الفئة التي غادرت الأوطان تحت وطء حمل مسئولية كبيرة لتوفير عيش كريم للوالدين والأبناء والعمات والخيلان.
هذه الفئة همها الأول والأخير الاستقرار في عمل ذي عائد مجدي يستطيع الواحد منهم ان يحول ما تبقى من تكاليف السكن والطعام الى الأهل في الوطن الذين ينتظرونه ، وهي الفئة الاكثر حساسية في تعاملها مع السفارة حيث اي مبلغ يتوجب دفعه للدولة يخرج من رواتبهم الصغيرة بألم شديد... وهم لا يجدون حضورا ولا عونا من السفارة لمساعدتهم في قضاياهم المتعددة والشائكة مع المستخدمين المحليين خصوصا وسيف الطرد من الخدمة ومن المملكة هو سيف مشرع يسلط على رقابهم.
أما الشريحة الرابعة وهي قلة من الصفوة يعملون في القصور الملكية وهم أكثر الشرائح قاطبة استقراراً وأمناً وأماناً بحكم طبيعة عملهم يسكنون في سكن مريح ملحق بالقصور ويتمتعون بحماية وخدمات متميزة ... لا هم ولا غم . خدماتهم طويلة الأجل يتوارثها الأبناء عن الآباء ... تنحصر اهتماماتهم في القدرة على زيارة الوطن في فترات متفاوتة دون عناء او تعقيدات . لهم دور لا يستهان له في خدمة أبناء البلد لتسهيل اجراءات الاستقدام والعمل بحكم قربهم من مراكز اتخاذ القرار، وهم يساعدون أهليهم في الوطن ومساهماتهم مقدرة وفعالة .
اهتمامات المغتربين ومعاناتهم
خلال زياراتي للمملكة هذه المرة ومرات عديدة قبل ذلك ، أستطيع ان ألخص الاهتمامات الرئيسية كما يلي ، مع اعتذاري التام للأخوة والأبناء اذا عجز قلمي عن حسن التعبير :
1- تعليم الأولاد معاناة سببها تخفيض منسوب الشهادة الخارجية مقارنة مع ما يعادلها داخل الوطن.
2- اجراءات الهجرة مطولة ومعقدة وبالذات البروقراطية التي على المغترب مواجهتها عند العودة والخروج.
3- عملية القسم على المصحف الشريف تجرح الكرامة بفهم ان المغترب مشكوك في ذمته حتى يثبت العكس.
4- ضياع الحقوق لفئة العمال ذوي الدخول المنخفضة نتيجة الاجحاف من بعض المخدمين مع الغياب التام لأي دور فعال من جانب السفارة.
5 - النظرة للمغترب على انه مصدر جباية وكأنه يعاقب لأنه استطاع بمجهوده ان يتحصل على دخل أكبر.
6- المزايا التي يتمتع بها المغتربون من الجنسيات الأخرى من سماحة في التعامل في الجمارك والضرائب وتخصيص أفضليات لمقر السكن في أوطانهم مع انعدام ذلك بالنسبة لهم.
وهذا ملخص ما ذكره لي الأخوان والأبناء من الشرائح المختلفة ، وأنا لا أجد سببا يقنعني بأنهم يكذبون.
جميع المغتربين يشكون مر الشكوى من نظرة المجتمع السوداني لهم... بالذات الدولة التي تعطيهم شعوراً بأنهم دجاج يبيض ذهباً. ولذلك الكل مصاب بحساسية نحو السفارة ولا يرون منها غير الجباية فقط مع التقصير التام في رعاية شئونهم أسوة بسفارات البلاد الاخرى. وعلاج هذا الموضوع في نظري يأتي عن طريق فتح حوار ايجابي بين السفارة وابنائها المغتربين خلال ندوات حتى تستطيع ان تتعرف السفارة عن أسباب هذه الشكوى واستنباط الحلول اللازمة.
عندما تهبط أية طائرة مصرية في مطار القاهرة عائدة من الغربة .. يقفز الركاب فرحاً ويصفقون ، وتزغرد النساء ، ويسجد الرجال عند سلم الطائرة شكراً لله بالعودة للوطن. لماذا يا ترى لا تكون هذه الفرحة في وجوه السودانيين عند عودتهم للوطن ؟ لماذا اختار الأستاذ سيد احمد الحاردلو «ملعون أبوكي بلد» ... عنواناً لإحدى قصائده؟
برافو ... يا شباب الروابط
ان «الزول» السوداني مصدر الإشادة والتمجيد من جميع باقي الجاليات العربية لشهامته وكرمه الفياض وأعظم تجسيد لهذه الروح العظيمة هو ما درج عليه أبناؤنا في المملكة السعودية في عمل روابط خيرية اجتماعية حيث يقدمون أسمى آيات التكافل والبر عن طريق استئجار دور سكن تستخدم منتدي للقاءات يتدارس فيها أبناء المنطقة الواحدة أخبار الوطن ويشمرون السواعد لتقديم كل العون والمساعدة لأهليهم في البوادي والحضر وعلى الأخص أيام الكوارث الطبيعية كالسيول والفيضانات.
أحني رأسي مودة ومحبة لرابطة شباب نوري في الرياض الذين استضافوني بوجبة عشاء مدنكلة من القراصة ام ملاحاً يقطع الاصبع قام بطبخه أبنائي الشباب المهاجر. ان ما فعله ابناء رابطة نوري نحو أهليهم في أيام فيضان 1988م وأيام الضيق مع حصار مياه النيل عام 1994م صار ذكرى خالدة ستبقى في صدور أهل نوري الى الأبد. ان ما يقدمه شباب الرابطة لأخوانهم الوافدين الجدد حتى يجدوا فرصة العمل المناسبة لهو أسمى آيات الترابط والتكافل الاجتماعي النبيل
التحية لهم وكذلك لباقي روابط ريف سوداننا الحبيب الذين ينتشرون في أنحاء المملكة يقدمون الكرم الفياض بدون حدود.
إن الزول السوداني المغترب يختلف تماما عن باقي أفراد الجاليات . وهو يعيش للآخرين . إن ما ينفقه المغترب السوداني من اعاشة الأسر في السودان أو شراء الهدايا للأصدقاء والجيران يفوق بكثير ما ينفقه المغترب المسكين على شخصه أو أولاده. إن السوداني يسأل زميله في العمل بصيغة «هل صرفت ... ؟» عندما يريد أن يستفسر عن بدء دفع المرتبات ... أما زميله المصري فيقول «هل قبضت ...؟» والمفارقة السايكلوجيكية التي يختزنها العقل الباطن لكل منهما نحو مفهومه للمرتب ... تعكس مفارقة عجيبة...!
قلت لأحد الأبناء الذي جلس بجواري يوم حفل الرابطة : «خلاص لقيتو السعودية والخيرات الفيها وما أظنكم طارين أهلكم» قال لي : يا عم ما تغشك جلاليبنا البيضة اللابسنها والموبايلات الشايلنها ، عليك أمان الله إن لقينا بديل في السودان أسع نرجع... والمشتهى الحنيطير ... يطير !! قلت له : يطير ... ويقع في البير !!
الشوق الى مدينة الرسول
مهما يطول البقاء مع الابناء في السكن الفاخر والراحة التامة ... لابد ان ينازع النفس الشوق للسفر للمدينة المنورة للصلاة في مسجد الرسول عليه افضل الصلاة وأتم التسليم... وللتحية لمقامه الكريم في قبره الشريف.
وداعاً مدينة الرياض ... وشوقاً إلى القبة الخضراء
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
 الهجرة (Re: zico)
|
الاخ زيكو
موضوعك دة شوية بشفع ليك من الخلعة الدخلتها في الناس ديل
ونشكرك على المعلومة يا سيدي وربنا يديك العافية
الدنيا ليل غربة ومطر
وطرب حزين وجّع تقاسيم الوتر
شرب الزمن فرح السنين والباقي هداه السفر
قولوا للنيل ضفة
والعشيات لما تصفى
والنسيمات البتاخد من عفاف ريدتنا عفة
انو شوقي يفيض بحر
شوقي شوق انسان معذب ضيعو الليل والسهر
شوقي شوق انسان مضيع ضيعو النيل والقمر
لا ينابيع ريدي جفت
لا ولا أشواقي خفت
وكل يوم في غربة زايدة وبيها كل الدنيا عرفت
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الهجرة (Re: seventy)
|
زيكو المبدع
حقيقة كما للاغتراب فوائد وحسنات وكما هو حلم يظل يراود من يعيشون داخل الوطن فهناك الكثير الكثير من المشاكل والمعادلات الصعبة ويظل اكبر هاجس تعليم الأبناء تعليما يجعلهم يأخذون مواقعهم الطبيعية إذا ما انتهت فترة التغرب عن الوطن بالأمس كنت اتناقش مع صديق بدأ في حزم أمتعته للرجوع النهائي وحقيقة ولعلمي التام باحواله فقد أردت أن اثنيه عم ذهب إليه ولكن وبعد أن عرفني بأن سببه الأول هو فقدان جميع اولاده للغتهم العربية عذرته لأن هذه من المشاكل التي نعانيها اضافة لاختلاف الثقافات والعادات والتقاليد بالرغم من أننا نعيش في بلاد محافظة إلا أن التعدد العرقي والثقافي ومحطات التلفاز فقد تدخلت وبشدة في تكوين شخصية اطفالنا وطريقة تفكيرهم فقد شكى لي أحد الأصدقاء أنه بعد أن وبخ أبنه عن سلوك قام به سأله الأبن لماذا لا يوجد هنا 911 كما هو الحال في امريكا فأي فائدة في الاغتراب إذا كانت الخسارة بهذا الحجم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الأخ زيكو تحياتي لأولاد الرياض من أبناء نوري ، علم الدين علي وهدان ، صلاح مدني الجزولي ، العراقي ، والبقية
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الهجرة (Re: ديامي)
|
غايتو يا زيكو الواحد بقى يدخل البوست بتاعك وهو مقفل عيونو واضنينو
لكن ما عرفتك وانت جادى
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: خواطر ... ومشاهد ... وأحداث المشتهى الحينيطير ... يطير ويقع في البير (Re: zico)
|
الأخ زيكو
لقد هومت بى فى عوالم متباينة كثيرة ومثيرة من عوالم السوادنيين فى عين شمس وحبهم لكل قادم من ارض الوطن ورحابة صدرهم وحرارة استقبالهم الى وضع السودانى فى مصر وكيف يتعالى السودانيين هنالك على المصريين معتمدين على دعم القانون لهم وبذلك يبرطعوا كما شاء لهم القدر وكما شاءت جيوبهم وارصدتهم الى المغترب هنا فى السعودية وحدث ولا حرج فالوضع معروف للقاصى والدانى ويكفى ان تكون متهما فى نظر أى رجل شرطة حتى تثبت العكس والحكايا اكثر من ان تقال الى معاملة السفارة للمغتربين ومعاملة رجال الجمارك فى وطنى وهنالك انيضا انت متهم ولن تثبت العكس ابدا طالما انت مغترب..
مرة فى مطار بورتسودان يخاطب ضابط شرطة المغتربين بحنق شديد ويقول لهم لو انكم تعطونا من الاحترام ربعب ما تعطوه للكفيل .. ثم نأتى للداخل للاحباب والاصحاب والذين يقيسون مدى انتماءك وولاءك لهم بقدر ما تأتى بهب وانت فيك كل ما جاء فى خطابك اعلاه من اسى وحزن وشجن .. تخيل سيدى ..
الاغتراب لعنة تطارد السودانى حيثما كان وحيثما حل بالداخل او الخارج ..
حقيقى مقالك هوم بى بعيدا وللحظة كرهت الاغتراب وتمنيت لو رجعت فى اللحظة والتو للوطن رغم انى لم احقق خلال 18 عاما من الغربة ولا أى شىء البتة وبذلك ساكون خائبا فى نظر اولئك الذين يرجون ان أتى بشاحنة ملأى بالهدايا وملايين لتنفيذ مشاريع لا حصر لها..
حقيقة يكفى الصحة التى لم تسلم كليا ولكن الحمد لله على ما تبقى منها..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
غربة وشوق (Re: zico)
|
زيكو - قرشو أحييكم . طبعا الكسلان زينا كدا وما بيقدر يكتب ها الكثر مثل ما تفعلان فيكفيه ان يقول (هل غادر الشعراء من متردم) فعلا عبرتم عن دواخل وشجون كثيرين . طبعا هناك ناس ما مغتربين لكن عايشين في غربة (عرفوا من الغربة بعدها عن الديار فقط
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
زيكو يا حرامي (Re: zico)
|
زيكو
يا دبدوب
لكن ما بالغت عديل كده
اها الفاضلابي ده صنفتو وين ؟؟؟
خامي قروش الحريم
انت تتجازى يا حرامي
كدي وريني شريحة ود الحافظ صريع الغواني
| |
|
|
|
|
|
|
| |
sama7
Bakhaf
قرشـــو
Ahlalawad
Fadil
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست