يا حسرتي ضاقت عليٌ ثيابي
و ازداد وزني و اشتكت أعقابي
ضيٌعت بالسمن المفرٌط خفٌتي ..
و دفنت في رمس الشحوم شبابي
ناءت على الأكتاف أحمال الردى
مالي و للحمل الذي أودى بي ؟!
بعض الأمور تضخمت فتقدمت
و تأخرت أخرى فطار صوابي
جمٌعت من قلل الجوانب و الحشا
ما أعجز الأفذاذ من أترابي
ذهب الطعام بفطنتي و نضارتي
إن المآكل آفة الألباب
قد كان جسمي ناحلاً فإذا به
كشعاب مكة من ربى و هضاب
تهتز أكياس الشحوم كأنها
أحمال عيرٍ ملن بالأقتاب
و على " جهاز الوزن " هلٌت دمعتي
و أراه يرمقني بعين عتاب
لا تشمتنّ بما رأيت فأنني
قد كنت في الدنيا كعود ثقاب
فلكم عزمت على " برامج حمية "
و حسبت في كل الأمور حسابي
جوعت نفسي و احتبست شهيتي
و ركزت في بطني شعار متابي
الله أكبر يا رفاق مودتي ..
كم طال في مرأى الصحون عذابي
و لكم تراءت في المنام وجبتي
فصحوت أرثي مأكلي و شرابي
و إذا تناثرت " الدفاتر " خلتها
أوصال حاشٍ أو عقود كباب
حتى إذا أردى السقام فرائصي
و غدا حضوري في الورى كغيابي
جاءتك أسراب المآكل تزدهي
في البيت سافرةً بغير حجاب
عظم البلاء و أثقلتني غربتي
و تسعرت في القلب نار عذابي
فالأرز يدعو ، و الحلى متدرعٌ
بكتائب الشمام و الأعناب
و على اليمين دجاجةٌ مشويةٌ
حُسنى الإهاب .. كريمة الأنساب
و أتى جريش اللحم يهزأ بالإبا
فانهار تصميمي و سال لعابي
و غدت روائحها تدغدغ مهجتي
حتى أهالت حاجز الإضراب
و استأسدت - بعد الوداعة - همتي
فالصبر لم يُشرع لمثل مصابي
و بكى العيال مخافةً و تساقطوا
بفضائع التكشير عن أنيابي
سفكٌ و تهشيمٌ و نزع مفاصلٍ و
أنا أصول كأنني إرهابي
و تحولت قيم الأبوة جانباً و
غشى الفؤاد فظاظة الأعراب
فإذا بساط الزاد قاعٌ صفصفٌ
كحظيرةٍ فيها قطيع ذئاب
و إذا الصحون المفعمات كأنها
وادٍ بلا ماءٍ و لا أعشاب
حتى إذا امتلأ الوطاب تحشرجت
و ظننت أني قد لقيت كتابي
و التفت السيقان و اشتعل الأسى
فكان روحي أسلمت .. مما بي
رحماك يا ربي بعبدٍ مبتلى
داني الرحيل .. مفارق الأصحاب
حتى إذا ما استأذنت غيبوبتي
أقبلت معتذراً إلى أحبابي
فسعوا إلى و في العيون تعللٌ
و سخوا علي بأروع الألقاب
أوقف " رجيمك " لا نريد رشاقةً
و شدوا ب " لا للعنف و الإرهاب "
إبليس خاب هو الرجيم و حسبنا
ترويع مأمونٍ و فقد صوابي
أتريد من دعوى الرشاقة أن تُرى
منقار ديكٍ فوق ساق غراب
و من الرجاحة أن تعيش مدرعاً
لتكافح الدنيا بملء إهاب
و بحكم رب قسمت أرزاقنا ..
و لكل ذي أجل سجلُ كتاب
هذا هو الحق المبين إذا التوت
و تناوشتك خواطر المرتاب