دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
ماذا يقول هذا الاسلامي عن دولة الانقاذ الاسلامية؟
|
حديث المدينة الاسبوعي
حالة كونك «اسلامياً» .. !! بقلم : عثمان ميرغني
من المدهش - حقا - انه رغم أن الاسلاميين هم الذين يحكمون السودان الآن .. إلا أنهم الأقل قدرة علي النطق جهراً بمكنونات أنفسهم فيظل الكثير محبوسا بين صدورهم تغلفه الأحاديث الهامسة في مجتمعاتهم، وعندما أقول هنا "جهرا" ..فأقصدها بكل معناها ، فرغم أن الدولة يسيطر عليها الاسلاميون حاليا إلا أنهم هم أنفسهم يعانون من كبت كبير في قدرتهم على النطق بكثير من هواجسهم وقلقهم..بل أكاد أجزم أن الدولة نفسها مهمومة بهواجسها من الاسلاميين أنفسهم أكثر من أية مجموعات سياسية أخرى،فبينما لا تضم المعتقلات حاليا أي معتقل سياسي من أي حزب آخر فإنها تحبس خلف جدرانها عشرات الاسلاميين من مجموعة الدكتور الترابي الذين تفترض أنهم الخطر الأكثر رهبة.
من قوى ضغط .. إلى ضغط القوى ..!! بعد أكثر من (13) عاماً من السيطرة على مقاليد الحكم في السودان يقف الاسلاميون على شواهد التجربة على تلال النتائج العملية التي وصلت اليها ،فبينما ترى الغالبية أن نموذج الدولة الكائن حاليا لا يطابق المواصفات التي ظلت ترسمها شعارات الاسلاميين خلال عقود من تطور حركتهم ،يرى البعض الآخر أن ما تحقق هو أقصى ما سمح به الواقع العملي ، وليس في الإمكان أفضل من ما كان.
والواقع، أن الحركة الاسلامية التي قفزت منفردة الى السلطة في فجر الثلاثين من يونيو عام 1989 ، رغم انها كانت في السابق قوى ضغط سياسية مقدرة ومحسوبة في المسرح السياسي السوداني إلا انها فشلت في الانتقال من تنظيم حزبي عقائدي محصور إلى دولة بكامل قوامها المؤسسي ، ولا أدل على ذلك من القرار الذي اتخذه الاسلاميون قبل عامين باستعادة "الكيان الخاص" للحركة الاسلامية بعد أن تم حله قبل سنوات بواسطة الدكتور الترابي. لقد تكالبت على الاسلاميين مخاوف مواجهة المجتمع بانفتاح كامل فارتدوا مرة أخرى يبحثون عن الأدوات التي كانوا يعملون بها قبل وصولهم إلى السلطة، عندما كانوا مجرد تنظيم صفوى مترابط عضويا.
بينما يسيطر الاسلاميون على كامل مفاصل الدولة منفردين واتيح لهم خلال (13) عاماً اعادة صياغة كثير من مفردات الدولة والمجتمع في السودان ، ظل الاحساس والوجدان الداخلي يتعامل بمنطق التنظيم محدود العضوية الذي تسيطر عليه فكرة التنافس مع الكيانات السياسية الأخرى ويعمل بكل جد لاقصائها واضعافها بكل ما تيسر.
وعلى هذه الحالة لا تزال تسير الدولة حتى اليوم ، وهي من ضمن ما اثاره حضور الندوة التي أقامتها هيئة الأعمال الفكرية في الخرطوم في 11 أكتوبر الماضي ففي مداخلاتهم وصف أحدهم الدولة بأنها تخضع لسيطرة بضعة عقول تقلبها ذات اليمين وذات اليسار .
رجس من عمل الشيطان .. فاجتنبوه!! سألتُ في احد اللقاءات الخاصة د. غازي صلاح الدين ،هل من الممكن أن ينضم الي حزب الأمة - مثلا - ..وعندما أبدى استغرابه من السؤال ، قلت له بواقع الحال وبافتراض أن الدولة نفسها صارت "اسلامية" فذلك يعني تلقائيا أن كل مفردات هذه الدولة هي "اسلامية" نالت تصديقا وترخيصا بأنها جزء من مكونات الدولة الاسلامية الام .. ويصبح بذلك لا فرق بين حزب المؤتمر الوطني أو حزب الامة أو حتى الحزب الشيوعي .. طالما انها احزاب علنية تعمل في الساحة السياسية الرسمية وفق الدستور والقوانين التي ارتضتها الدولة "الاسلامية!!" .
لكن إذا نظرت الدولة "الاسلامية!!" إلى الأحزاب الأخرى باعتبارها رجساً من عمل الشيطان "فاجتنبوه!!" وبذلت كل مكرها لاضعاف وتفكيك هذه الأحزاب واقصائها عن العمل السياسي، فإن هذه الممارسة تصم الدولة بأنها ما خرجت من ثوب "التنظيم الاسلامي" المحدود بأطره الحزبية الضيقة شبرا واحدا . بل هي محض تنظيم وحزب يتنكر في ثياب الدولة.
أما من المنظور المؤسسي الهيكلي فقد عجزت الحركة الاسلامية بعد تقلدها الحكم عن الخروج من جلدها الحزبي المحدود إلى فضاء الدولة والمجتمع المفتوح الذي يصوغ في النهاية حركة متباينة الفكر لكنها متسقة الوجدان والأهداف ، لبناء دولة معاصرة قويمة.
حالة كونك «اسلامياً» ..!! أما من المنظور الفكرى المحض ،فقد إلتبس على الدولة "الاسلامية" في ضجيج الشعارات والأدبيات الثورية الجامحة التمييز بين الاجراء الشكلي المظهرى و المضمون الجوهرى . فأصبح "الدين" في كثير من مظاهره طقوسا واجراءات شكلية تتجاوز المضمون الفكري أو المعنوي المقصود منه . مما أدى لزيادة المساحة الفاصلة بينه والحياة المدنية العادية. ففي كثير من السلوك الاجتماعي اليومي العادي وقر في ضمير المجتمع أن المسلك "الديني" رهين بتوفر اجراءات شكلية تمنحه "رخصة" كونه مسلكا مطابقا" للمواصفات والمقاييس" الاسلامية الرسمية.
لم يعد المواطن الصالح هو ذلك المواطن الذي يمارس نشاطه اليومي الحياتي وفق الاستقامة الطبيعية في مسلكه ، بل هو المواطن الذي يجتهد في البحث عن المعايير الشكلية التي تثبت أنه "مستقيم" خاضع لكل المعايير التي تتطلبها الدولة حسب منظورها الفكري للاستقامة .وتحول بذلك المجتمع إلى "متهم كبير" عليه واجب البحث بكل همة عن أدلة البراءة من التهمة الموجهة اليه.
فالفتاة في الشارع العام متهمة في شرفها حتى تجد الدليل المادي الذي يؤكد أنها "بريئة" بأن تضع على رأسها خماراً أو تلبس ثوباً "بمواصفات ومقاييس" رسمية. والموظف في الدولة مشكوك في ولائه "للمشروع الحضاري" إذا لم ينجح في استخدام مفردات لفظية تؤكد استيعابه للقالب الفكرى الذي تقوم عليه الدولة ، أو مسايرة الشعارات التي تطرحها الدولة من خلال خطابها السياسي العام.واقع الحال لا يعترف باستقامة الممارسة الشخصية أو الرسمية إذا لم تحظ - أولا - بالمظهر الشكلي الذي يؤكد انها تمارس على "مواصفات ومقاييس "رسمية محددة.
وهذا ما سهل على كثير من الانتهازيين الوصوليين تسلق أسنمة الدولة متخفين بالمظهر الشكلي - السهل - الموافق لشعارات الدولة . بينما تساقط الكثيرون من اصحاب النوايا الصادقة نحو وطنهم لمجرد أنهم فشلوا في منافقة المظهر الشكلي الذي تتطلبه معايير "أسلمة المجتمع " الشكلية .
العدل أساس الملك ..!! وفي غياهب هذه النظرة المغلقة باحكام ، سقطت أهم مقومات الدولة "المستقيمة" ، العدل ،الذي هو أساس الملك . العدل بكل مفرداته الشاسعة المتمددة من اقامة الحق على النفس أولا قبل الآخرين مهما كانت نتائجه وخيمة "ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا .. أعدلوا هو أقرب للتقوى .." فالعدل قيمة مطلقة مجردة من أية حسابات للربح أو الخسارة . لكن في كثير من الأحيان تبدو الدولة "الاسلامية!!" وكأنها تخشى على الاسلام من مخاطر "العدل" .. فتزوِّر في الانتخابات وتتلاعب بنتائجها , و تحبس المعتقلين السياسيين حبساً مطلقاً بلا حدود دون توجيه تهمة، وتأخذ بالشبهات وتبني عليها أحكامًا قطعية.أضعف أركان الدولة القائمة في السودان هو العدل ،رغم انه القيمة الأولى التي يحض عليها الاسلام ويطالب بها بإلحاح.
في ذات الندوة الفكرية المشار اليها ،وقف أحد رجال الأعمال الاسلاميين وقال في حسرة وهو يعدد مثالب الحكومة أن رجال الأعمال الاسلاميين خرجوا من "السوق" وزُج بهم في السجون بينما سُمح لغيرهم ممن أتي بهم "الأمريكان" أن تتكاثر اموالهم وتنشط تجارتهم وذكر بعض الأسماء لكبار رجال الأعمال السودانيين. ورغم أنه كان يتحدث في مقام نقد للحكومة "الاسلامية" إلا أنه عكس من عمق ال (لا) شعور الخطأ الكبير الذي يعترى ضمير الاسلاميين في نظرتهم إلى الحكومة باعتبارها "حكومتهم!!" وليست حكومة الوطن .. حكومة عليها أن تراعي مصالحهم قبل مصالح الوطن .. بل حتى رجال الأعمال قَسمهم إلى نوعين .. (اسلامي) يجب أن يعلو بصورة مستمرة طالما أن الحكومة "حكومته". و(آخر) بالضرورة خلقته القوى التي تضاد الاسلام ويشار اليها بالرمز (أمريكا) .. التي يُستخدم اسمها عادة لوصم الآخر بعداء الاسلام وهو اتهام يقبله الضمير الاسلامي بدون تردد ودون مطالبة صاحبه تقديم أدلة تثبته.
وللتدليل علي أن اعتساف العدل هنا قائم على أساس فكري وليس تكتيكياً، أنه في كثير من الأحيان تتردد عبارات تربط وجود الاسلام في السودان ووجود حكومة الانقاذ في السلطة، وتعتبر أن زوال هذه الحكومة يتبعه زوال الاسلام عن السودان. وهو مفهوم احتكارى يلغى تماما كل الدائرة الكبيرة في المجتمع السوداني التي تقع خارج الدائرة الصغيرة لتنظيم الحركة الاسلامية.
ماذا .. لو ؟ ..! سؤال كبير يحاول الاسلاميون تفادى مجرد التفكير فيه .. ما الذي يحدث للمجتمع السوداني والدولة إذا جاء إلى دست الحكم حزب آخر غير المؤتمر الوطني أو الشعبي؟ (الوطني والشعبي هما قالب فكرى واحد وخلافهما قائم على مفردات السلطة وحدها ولا يميز بينهما الإَّ أن أحدهما حاكم.. والآخر معارض ناقم على ازاحته من السلطة).
إذا طُرح هذا السؤال بجدية في ضمير الحزب الحاكم والاسلاميين عموماً ،فإن كثيراً من الأسس الفكرية التي يقوم عليها مسلكهم السياسي العام ستتغير بصورة جذرية ،فأكبر معضلة تكبل تفكير الاسلاميين الآن ،أنهم يفترضون سرمدية بقائهم في الحكم.
لو طُرح هذا السؤال بجدية ، لاستثمر الاسلاميون في تقوية الأحزاب الأخرى بدلا عن العمل بجدية على تحطيمها وتقويض أركانها.فالأحزاب هي مكونات وعناصر العمل السياسي العام في الوطن وبقدر ما تضعف يضعف الوطن. وبالمنطق الاسلامي الرشيد فإن اصلاح هذه المكونات يخدم الاهداف الكلية التي تسعي اليها الدولة الإسلامية الرشيدة .وبهذا المنطق فإن انتقال المواطن من حزب إلى آخر لا يجعله في حكم "المرتد" عن دينه المفارق للجماعة،بل مجرد مفاضلة بين برامج وخيارات عملية في بناء الوطن .. وبهذا المنطق - أيضا - فإن أي حزب يصل إلى السلطة لا ينقض من عرى "اسلامية" الدولة بالمعني الواسع للاسلام .حتى ولو كان هذا الحزب هو الحزب الشيوعي نفسه.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ماذا يقول هذا الاسلامي عن دولة الانقاذ الاسلامية؟ (Re: Abomihyar)
|
الاخ الكريم ابو مهيار تحياتى الحمد لله ان شهد شاهد من اهلها -بعيوب ومخازى دولة الانقاذالتى اسست على الكذب بل ابشع انواع الكذب -لأنه كذب على الله ورسوله كذب اتخذوا فيه الاسلام الكريم مطيةللوصول للسلطة،وعندماوصلوها وسرت فيهم النشوة ظهر وجههم الحقيقى وتكشفت مخازيهم وتأكد عجزهم عن اقامة الدولة الاسلامية الحقيقية ومن اهم اركانها العدل ورب ضارة نافعة وليميز الخبيث من الطيب واما الزبد فيذهب جفاء واما ماينفع الناس فيمكث فى الارض ويمهل ولا يهمل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ماذا يقول هذا الاسلامي عن دولة الانقاذ الاسلامية؟ (Re: Abomihyar)
|
أشكر أهتمامك أختي مهيرة أنا أنظر للمقال باعتباره شهادة تتسم بكثير من الصدق والموضوعية. شهادة تعتمد تشريح واقع سلطة الانقاذ ومؤيديها وتحلل طبيعة العلاقات التي نشأت بين هذه السلطة والمحكومين في الأبعاد السيكولوجية والاجتماعية. وأعتبر هذا المقال من أهم ما كتب في وصف أزمة نظام الجبهة الاسلامية . ولكم أتمنى أن أسمع حوله المزيد من آراء المهتمين. وسلمت ياأختي.
| |
|
|
|
|
|
|
ماذا قال (Re: Abomihyar)
|
العزيز ابومهيار شكرا لك على هذه الكتابات الهامة التى تطلعنا عليها المقال جيد وبه تحليل موضوعى وخاصه عندما ياتى من ناس الحوش ذاتو اتا بع دائما كتابات عثمان ميرغنى فهو شاهد عيان ان لم يكن مشارك فى سلطة الانقاذوقد سبقة فى نقد التجربة الانقاذية عبد الوهاب الافندى والطيب زين العابدين وحسن مكى قبل يومين كنت بتكلم مع حسين خوجلى فى دبى وهو يقول انه يتعامل مع الحكومة الان بحياد بغض النظر عن مصداقية هذا الكلام دا مؤشر لازمة عميقة داخل الحزكة الاسلامية بدا البعض على استحياء يتحدثون عنها وقد رشح قايل من ما دار من نقاشات فى ندوة لتقيم التجربة تحدث فيها غازى وامين حسن عمر وربيع حسن احمد وقد علق د حيدر ابراهيم عن مدارفى هذه الندوة ولسة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ماذا قال (Re: mohmmed said ahmed)
|
الأخ الصديق محمد سيد أحمد ،تحياتي الطيب زين العابدين ظل اسلاميا من منازلهم منذ مجيئ الأنقلاب كما ظل . يقوم( بواجب المناصحة ) كما يسمي هو دوره أما الأفندي وحسن مكي وحسين خوجلي فلقد ركبوا جواد االسلطة الجامح وكانوا أطرافا في معادلات صراعها مع خصومها من القوى السياسية أو في صراعها الداخلي، فمنهم من وجد نفسه خارجها بفعل تطورات هذا الصراع، ومنهم من لايزال مرتبطا بالنظام ويرفع من صوته . في ذات الوقت محاولا تبرئة ساحته من جرائمه أما غازي وأمين وربيع فلقد ارتبطوا بالتيار الحاكم . ارتباط الحذاء بقدم صاحبه كما يقول أحمد سليمان المحامي .لقد أعمتهم السلطة الا عن مصالحهم لك الشكر والتحية على المداخلة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ماذا يقول هذا الاسلامي عن دولة الانقاذ الاسلامية؟ (Re: Abomihyar)
|
الحركة الطلابية والحكومة
إضاءة سودانية بقلم: د. الطيب زين العابدين
لقد أسست الحركة الإسلامية في السودان لنفسها قاعدة طلابية عريضة في الجامعات والمدارس الثانوية منذ نهاية الخمسينيات ومطلع الستينيات حتى أصبحت صاحبة التنظيم الأقوى وسط الطلاب منذ ذلك التاريخ وحتى بداية التسعينيات حيث بدأ ذلك التنظيم في الاهتزاز والضعف، أى حينما اتضح أن الحركة الإسلامية مسئولة عن الإنقلاب العسكرى الذي وقع في 30 يونيو 1989 ويكفي استشهادا بقوة ذلك التنظيم وقاعدته العريضة أن الحركة الإسلامية حصدت كل مقاعد دوائر الخريجين في شمال السودان في انتخابات البرلمان لعام 1986 حين خصصت 21 دائرة في أقاليم السودان الشمالية يصوت فيها فقط خريجو الجامعات،
وكان تنظيم الحركة الإسلامية وسط الطلاب «الإتجاه الإسلامي» يفوز بانتخابات اتحادات الطلاب في كل الجامعات والمعاهد العليا عدا المرات القليلة التي تأتلف ضده كل التنظيمات الأخرى مجتمعة بسبب حماقة ارتكبها اتحاد اسلامي سابق. وكان حصيلة ذلك العمل هو بروز قيادات إسلامية في مجالات سياسية ونقابية واقتصادية وادارية واجتماعية اعتمدت عليها حكومة الإنقاذ منذ مجيئها الى الحكم حتى اليوم. استطاعت الحركة الإسلامية أن تبنى ذلك التنظيم الطلابي المتميز بالإهتمام الفائق الذي أولته قيادة الحركة للعمل وسط الطلاب، وباعطائهم حرية تامة في اختيار قياداتهم وتمثيل تلك القيادات في أجهزة الحركة العليا وبتبنى الخط السياسي الذي يختارون ولو اختلف جزئيا مع خط الحركة العام كما حدث بعد المصالحة مع نظام الرئيس نميرى، وبتفريغ كوادر مقتدرة للعمل في تنظيم الطلاب.
وكانت الحركة تعطي وزنا مقدرا لرأي الطلاب في تحديد سياساتها العامة، أذكر أن شعبة جامعة الخرطوم كانت صاحبة الصوت المرجح في عدم اشتراك جبهة الميثاق الإسلامي في حكومة قومية عام 1967 مع حزب الأمة والاتحادي الديمقراطى رغم حماسة الأمين العام حسن الترابي لفكرة المشاركة، وكان صوت الشعبة مؤثرا وفاعلا في مؤتمر الحركة العام سنة 1969 الذي اختار الترابي رئيسا للتنظيم الداخلي وزعيما لجبهة الميثاق الاسلامي التي كانت بمثابة الواجهة السياسية للحركة.
تشير الأحداث في السنوات الأخيرة أن التنظيم الطلابى للحركة الإسلامية قد أصيب بداء عضال، فقد بسببه براءته الأخلاقية وبوصلته الفكرية وحريته في الحركة والقرار. رضى التنظيم أن يكون بوقا للحكومة يردد ما تقول، وعصا يهز بها في وجه التنظيمات الطلابية المعارضة، وشغلت قيادات التنظيم عن العمل القاعدى بلقاءات المسئولين التي تفتح لها أبواب التوظيف السياسي، وبدت عليها مظاهر نعمة مشبوهة تختال بها وسط غالبية مسحوقة من الطلاب. وأدى الداء العضال دوره المتوقع في اضعاف التنظيم ونفور الطلاب منه واهتزاز ثقته في نفسه، وبدلا من المعالجة الجادة الناجعة لفيروس الداء الذي تغلغل في جسم التنظيم لجأ القائمون على أمره بحقنه بمقويات اصطناعية مؤقته مثل ربطه مع بعض الأجهزة المختصة التي تعينه في التغلب على الآخرين،
واغداق المال عليه ليكسب شريحة يغريها ذلك المال، وتوجيه ادارات المؤسسات التعليمية أن تتعاون مع طلاب الحزب الحاكم، وتأجيل انتخابات اتحادات الطلاب لعدة سنوات أو العبث بها لتأتى بالنتيجة المرغوبة. ثم جاء الإنقسام بين المؤتمر الوطني الحكومى والمؤتمر الشعبى المعارض بكل ما أفرزه من خصومة فاجرة ليصيب ذلك التنظيم المضعضع بضربة قاضية ان لم تكن قاتلة!
وما حدث في جامعة الخرطوم قبل أسابيع قليلة هو مجرد عرض درامى لما آل اليه حال ذلك التنظيم الطلابي الذي كان ملء السمع والبصر في الساحة الطلابية قبل حكومة الانقاذ، فقد حوصرت مجموعة طلاب المؤتمر الوطني الحاكم باسم الحركة الإسلامية من كل جانب في مجمع الطب والوسط وشمبات والتربية وضاع صوتها تماما وسط هدير الطلاب المعارضين للسلطة الذين أحكموا قبضتهم على ادارة حركة الطلاب، واستعادت التنظيمات الطلابية الأخرى ثقتها بنفسها لأول مرة منذ مجئ حكومة الإنقاذ فقد رأت عيانا بيانا أن الجبل تمخض أمامها فولد فأرا وليس من السهل أن تفقد تلك الثقة في وقت قريب.
وأسوأ ما تفعله الحكومة في هذا الظرف أن تلجأ للكبت واستعمال العنف ضد الطلاب، فكل كبت وعنف تلجأ اليه يعنى المزيد من تحطيم سمعة المجموعة الطلابية التي تعتمد عليها حتى تنقرض من الساحة ولا يبقى لها الا فئة الوسطاء المعدودة التي تمتطى الكريسيدا وتقبض على الموبايل. وبما أن الاتفاق المتوقع مع حركة التمرد سيعنى تغييرا كبيرا في هيكلة السلطة ومنهج عملها وشفافية اجراءاتها فان النظام القائم يحتاج الى إعداد نفسه للمرحلة القادمة التي لن يجدى معها الاعتماد على الكبت والعنف خاصة في أوساط الطلاب. ولكن تغيير الاتجاه عند منعطفات الأحداث السياسية يحتاج الى ثقة عالية بالنفس وجرأة في اتخاذ القرار وخيال بعيد الرؤى وهو عادة ما يفتقده أصحاب النظرة الأمنية العسكرية في التعامل السياسي!
Albayan Newspaper Bayan Alarb3aa
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ماذا يقول هذا الاسلامي عن دولة الانقاذ الاسلامية؟ (Re: zumrawi)
|
أشكرك أخي زمراوي ومقال الطيب زين العابدين يعبر عن نفس الفكرة التي ضمنها عثمان ميرغني والتي تتحدث عن سيادة الأسلاميين على كل مقدرات البلاد وأن يكون هو الحزب الذي يعلو ولا يعلى عليه، وان يظل على قمة الأتحادات والأجهزة النقابية . وأن يحتكر السلطة ويستبعد ويقصي كلما سواه
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ماذا يقول هذا الاسلامي عن دولة الانقاذ الاسلامية؟ (Re: Abomihyar)
|
شكرا أبو مهيار (ودعوة لمؤيدي الحكومة على قراءة هذا البوست . =======================
رغم إختلافنا مع الأستاذ عثمان ميرغني ولكن بلاشك أن المتابع لعموده بجريدةالرأي العام يرى إتخاذه موقف مغاير ، يصل اى حد السباحة عكس تيار السلطة، الأمر الذي فرض على الحكومة إعتقاله بعد حديثه لقناة الجزيرة حول سقوط توريت.
وأناأصنفه ضمن بعض اصحاب النوايا الحسنة والذين جاء إنضمامهم للإتجاه الإسلامي من هذا المنطلق وحتى ما كان يعتبره مجاهدات خلال نشاطه في مصر، ولكن وكما أوضح هو نفسه فإن قيادات الجبهة (بشقيها الوطني والشعبي) بميكافيليتها ترفع الشعار وتمارس عكسه في الخفاء إلى أن تسلمت السلطة في 30/6/1989م، لتضع نفسها في المحك والإختبار الحقيقي لممارسة ما ظلت تنادي به وتنظر له. والواقع العملي لا يسمح بكثير من المناورة والمداراة وهنا يبدأ بعض الذين صدقوا الأكذوبة بحسن نيتهم في إكتشاف الحقيقة ويروا حلمهم يتلاشى.
وبالمناسبة فإن أصحاب النوايا الحسنة هم عبارة عن شريحة ضيقة من القيادات الوسيطة ويمكن معرفتهم بمجرد معرفة مواقعهم الحالية ومقارنتها بصوتهم العالي إبان وجودهم ككوادر طلابية نشيطة صاحبة صوت عالي ويمكن تصنيف محمد طه محمد أحمد وعثمان ميرغني وبعض نجوم التنظيم الطلابي التي أفلت، لقناعة قيادة التنظيم بأن هذه الكوادر لا يمكنها أن تساير الممارسة اللا أخلاقية للسلطة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ماذا يقول هذا الاسلامي عن دولة الانقاذ الاسلامية؟ (Re: nadus2000)
|
أخى أبو مهيار تحياتى وشكراً على الأمتاع وعلى ذكر حزب الأمة فقدأعجبنى وصف السيد الصادق المهدى لعينة هذه الكتابات بقوله : أبو القدح بيعرف مكان يعضى أخيو
واليك عضة أخرى
================================= في جامعة الخرطوم: ما اشبه الليلة بالبارحة
د. عبدالوهاب الافندي
في منتصف السبعينات، كلفت من قبل الصحيفة التي كنت اعمل بها لتغطية احتفال في كلية الطب كان من المنتظر ان يخاطبه رئيس الجمهورية انذاك، اللواء جعفر النميري، كانت تلك اول مناسبة يدخل فيها مسؤول كبير في نظام الحكم الي حرم جامعة الخرطوم منذ ان اعلنت استقلالها فعلا بعد الانتفاضة الطلابية في آذار (مارس) 1970، واعادت تأكيده في آب (اغسطس) 1973 ولهذا كانت الاجراءات الامنية مشددة الي اقصي حد.
وصلت الي مكان الاحتفال قبل فترة قصيرة من وصول الرئيس، وانتحيت جانبا مع بعض المعارف علي مسافة قصيرة من الموقع المخصص لجلوس الطلاب، وقد استغربت حين وجدت كل مقاعد الطلاب مشغولة بالحضور، علي الرغم من ان اتحاد الطلاب اوصي بمقاطعة الحفل، وما ان وصل الرئيس وبدأ يلقي خطابه حتي تعالت هتافات تندد به، ولكنها لم تصدر من الطلاب الجالسين، وانما من مجموعة من الطلاب احتشدت في موقع خلفي ولكنه كان بمسمع من الرئيس وضيوفه.
استمر الهتاف لبضع دقائق قبل ان يقترب رجل في منتصف العمر من الطلاب الجالسين ويصرخ فيهم: ماذا تنتظرون؟ هب الطلاب هبة رجل واحد، فاذا بهم جميعا رجال امن في ثياب مدنية، انقضوا علي الطلاب المتظاهرين، فأوسعوهم ضربا، والقوا عليهم القنابل المسيلة للدموع، ولم يفرقوا في هجمتهم الشرسة بين الطلبة والطالبات. ولم ينج من بطشهم بعض كبار الاساتذة الذين حاولوا كبح جماحهم، والدفاع عن الطالبات خصوصا.
عدت الي مكاتب الصحيفة مساء ذلك اليوم بدون تقرير، وظلت بشاعة ما شهدت تتراءي لي لسنوات طويلة بعد ذلك. وفي الاسبوع الماضي استعدت هذه المشاهد وانا اتابع اخبارا مقلقة عن احداث تكاد تكون تكرارا مطابقا لتلك الاحداث الاليمة، سوي انها ابشع وبتبرير اضعف، فقد نقلت الانباء ان قوات الامن هاجمت كلية الطب اثناء ندوة طلابية تطالب باقامة انتخابات اتحاد الطلاب الذي تم تجميده، وانهالت ضربا علي الطلاب وامطرتهم بوابل من الغازات المسيلة للدموع، وحينما تدخل بعض كبار مسؤولي كلية الطب لانقاذ بعض الفتيات من هذه الهجمات الوحشية، تحول رجال الامن باتجاههم واوسعوهم ضربا واهانات رغم انهم عرفوا انفسهم بأنهم من الاساتذة.. ولم يتوقف الامر عند هذا بحسب التقارير، بل ان رجال الامن قاموا بتهشيم زجاج نوافذ مكاتب بعض الاساتذة، ثم طاردوا بعض الطلاب الذين احتموا بالمسجد، ودخلوا حرم مسجد الكلية بأحذيتهم وانهالوا ضربا علي من فيه بدون مراعاة لاي حرمة، وكان مسك الختام في كل هذا ان قوات الامن المهاجمة قامت، بحسب الطلاب، بالسلب والنهب، حيث انتزعت حلي بعض الطالبات ونهبت اجهزة الهاتف المحمول من اصحابها.
واذا كانت حادثة النميري قبل ربع قرن صدمة مروعة وانا شاب حدث لم ادخل الجامعة بعد، فان هذا الحادث الاخير شيء اخر، لا تستوعب معناه كلمات الصدمة او الفاجعة او القارعة.
الزملاء الذين حادثتهم وقتها في شأن الفاجعة الاولي اتخذوا من حداثة السن وقلة التجربة حجة وهم يحاولون التخفيف من وقع الصدمة. وكانوا كأنهم يقولون ان من يعش ير، ولو امتدت بك الايام فستري من الاهوال مما ينسيك وقع هذا الحادث البسيط .. ولعل ذلك الحادث كان بالفعل بسيطا بالمقارنة مع ما لحقه، ولكن التوقع بأن التجارب ستجعلنا اكثر قبولا لمثل هذا الاجرام لم يصدق بعد. ولكن المأساة الاكبر في كل هذا ليست تكرار الاجرام، بل كون مرور الزمن والتجارب لم تعلم من وقفوا خلف هذه الاعمال بأن عواقبها غير محمودة، اذ كان بعضهم من ضحايا الحادث الاول، وكان من المنتظر اولا ان يتفهموا وجهة نظر الضحايا، والاتعاظ بعاقبة من ظن ان مثل هذه الاساليب مما يضمن البقاء في السلطة، بل ان كل الدلائل تشير الي ان القمع الوحشي وغير المبرر قد زاد النقمة علي الحكم وفجر الاوضاع، مما ادي الي اغلاق الجامعة، وقد يتصاعد الامر الي درجة اشعال ثورة طلابية شعبية تهدد وجود النظام.
وتحت ضغط الغضب الطلابي المتزايد قبلت الحكومة هذا الاسبوع ان تشكل لجنة تحقيق في احداث كلية الطب، بينما نفي متحدث باسم قوات الشرطة ان تكون قوات الامن نهبت ممتلكات الطلاب، قائلا بان الممتلكات المذكورة سلمت للحرس الجامعي لتسليمها لاصحابها.
هذه الاجراءات قد تنجح او لا تنجح في احتواء الامر الذي تشير الدلائل الي خروجه من اليد.
ولكن العجب العجاب في كل هذا هو ان غالبية رجال الحكم البارزين اليوم قد بنوا حياتهم السياسية في صفوف النضال الطلابي، وكانت جامعة الخرطوم هي القاعدة التي ارتكزوا عليها في سعيهم لوضع بصماتهم علي الساحة السياسية، فاذا تحولت الامور بحيث فقدوا تماما ثقة الطلاب، وبالاخص القطاع الاسلامي الطلابي، وبحيث لم يجدوا ملاذا سوي القمع الذي يخجل منه الرئيس السابق جدا جعفر النميري وزبانيته، فانهم بمقام من يقرأ نعيه وهو حي، وقد كان هذا وحده كافيا للادانة بالفشل الذريع في ادارة الامور، ودعوة ملحة للاستقالة قبل ان تصبح الاستقالة امنية عزيزة.
Al Quds Al Arabi 9/11/2002
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ماذا يقول هذا الاسلامي عن دولة الانقاذ الاسلامية؟ (Re: Abomihyar)
|
الأخوين نادوس MXB6Nو .أشكر لكما المساهمات والاضافة الغنية يسعدني أن أصبح البوست منبرا لعرض أراء الأسلاميين حول سلطة الأنقاذ، عرض لأراء الذين دافعوا عن عسف هذه السلطة وتوحشها حتى وجدوا أنفسهم في مواجهتها، فذلك مما يزيد من وزن وثقل أرائهم .(ويمنحها خصوصية(وشهد شاهد من أهله أرجو أن نسمع أراء المؤيدين الذين علا صوتهم في مناسبات كثيرة في هذا البورد دفاعا عن الأنقاذ باعتبارها . نموذج للحكم الأسلامي الراشد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ماذا يقول هذا الاسلامي عن دولة الانقاذ الاسلامية؟ (Re: Abomihyar)
|
And here one more from Albayan Newspaperالحجر السياسي بين الإقليمية والحزبية
اضاءة سودانية، بقلم: د. الطيب زين العابدين
بالرغم من أن حكومة الإنقاذ تتحرك تدريجيا من مربع الشمولية المغلظة التي بدأت بها عهدها الى مربع تهب فيه بعض رياح الحرية بصورة لم يسبق إليها حكم عسكرى، إلا أنها مازالت تراوح بين الشمولية والحرية من باب الخوف أن تفلت الأمور من يدها كما حدث ابان الديمقراطية الثالثة ولأن الطبيعة العسكرية للحكم ما زالت غالبة. لذلك تمارس الحكومة قدرا من الحجر على الحرية السياسية تزيد حينا وتنقص أخرى،
وأكثر ما يطال الحجر الأحزاب السياسية المعارضة لأنها مظنة شبهة دائمة بالتآمر على السلطة القائمة والمستفيدة الأولى في حال ذهابها. فقد توترت أعصاب الحكومة في الآونة الأخيرة حين أرادت التنظيمات الطلابية المعارضة في جامعة الخرطوم الاحتفال بثورة أكتوبر المجيدة فحالت دون قيام الاحتفال مما أدى الى أحداث الجامعة المؤسفة التي خسرت فيها الحكومة أدبيا وسياسيا أضعاف خسارتها من قيام الاحتفال، ورفضت بذات العناد للأحزاب أن تقوم بذلك الاحتفال في دار حزب الأمة. والأمثلة عديدة في ملاحقة الأحزاب رغم الاعتراف القانونى بها، خاصة الأحزاب الثلاثة العتيقة: الأمة والاتحادى الديمقراطي والشيوعى مع هامش أكبر يعطى لحزب الأمة لعله يدخل في تحالف مع الإنقاذ.
ولكن الحجر السياسي على الأحزاب لا يخلو من مخاطر جمّة، لا لمنافاته للديمقراطية وحقوق الإنسان وهدى الإسلام وهو كذلك، وإنما لأنه يفتح الباب على مصراعيه للاقليمية والقبلية لأن تحل في مكانة الأحزاب السياسية. وقد بدأ هذا الإحلال بالفعل في سنوات الإنقاذ الى درجة لجأ فيها جناحا الحزب الحاكم نفسه إلى الانتصار بالمكوّن القبلى والإقليمى ضد بعضهما البعض، فان حدث هذا لحزب رسالى عقائدى فمن باب أولى أن تعم البلوى على الآخرين! والشواهد واضحة للعيان فأكبر مهددات الأمن القومي اليوم ليست هي الأحزاب السياسية التي ضعفت كثيرا في الفترة الماضية إنما هي: حركة المعارضة المسلحة في الجنوب، وحركة النهب المسلح والصراع القبلى في دارفور، وحركة المعارضة المسلحة في جبال النوبة، وحركة المعارضة المسلحة في جنوب النيل الأزرق، وحركة المعارضة المسلحة في شرق السودان.
وفرضت هذه الحركات على الحكومة أن تتفاوض معها وأن تتنازل لها من بعض «ثوابتها»، وستكون هذه الحركات الإقليمية هي اللاعبة الأساسية في الساحة السياسية في سودان ما بعد الانقاذ! وأخشى أن يكون ذلك هو أوضح وأخطر «انجازات» الإنقاذ التي ستتركها من ورائها. ولا تستطيع الإنقاذ أو أى حكومة أخرى أن تقف ضد حركة إقليمية أو قبلية دون أن يكون لها بديل سياسي يمثل ذلك الاقليم أو تلك القبيلة.
وبما أن الأحزاب التقليدية الكبيرة، الأمة والاتحادي الديمقراطي، لها امتدادات تاريخية عميقة في مناطق تلك الحركات الاقليمية فمن الخير لمستقبل السودان أن تنطلق تلك الأحزاب لتستعيد مواقعها في تلك المناطق حتى تكون ترياقا ضد نمو القبلية والعنصرية في البلاد. فالسودان يعانى من هشاشة التكوين القومي، فاذا ما نمت فيه الاقليمية والعنصرية بسبب الحجر على الكيانات القومية ـ ولو كانت طائفية ـ فان ذلك مؤذن بتشقق السودان الى كيانات اقليمية وعنصرية.
وسيزداد الأمر خطورة عندما ترى الأقاليم «المهمّشة» أن الحركة الجنوبية المسلحة استطاعت أن تسترد حقوقها كاملة بقوة السلاح، فسيغريها ذلك بالتكتل الاقليمى ضد حكومة الخرطوم ـ أيا كانت ـ وان لم تجد ذات الدعم الخارجي الذي وجدته حركة التمرد. وقد استطاعت الأحزاب أن تسترد مواقعها بعد ثورة أكتوبر التي شهدت نشوء التكتلات الإقليمية في دارفور وجبال النوبة وشرق السودان.
فمن الخير لحكومة الانقاذ وهي تستقبل اتفاق سلام مع الحركة الشعبية سيرخى بالضرورة من قبضتها العاتية على السلطة، أن لا تستجيب لوساوسها الشمولية من خطورة الأحزاب فتحجر على حركتها ونشاطها السياسي لأن ذلك سيكون على حساب وحدة الكيان القومي ومستقبله. أخشى أن يأتى يوم نبكى فيه على غياب تلك الأحزاب التي نرميها اليوم بكل منقصة.
وبما أن هذه الأحزاب تعانى من أدواء عضال فان الخوف حقيقة ليس من شدة حركتها وقوة نشاطها بل من ضعف حركتها حتى بعد أن ترفع الحكومة عنها يدها الخانقة! ولو أحسنت الظن بخيال الحكومة وصدّقت دعواها أنها تخطط لربع قرن قادم وليس للانتخابات الانتقالية فحسب لقلت لها إنها ينبغى أن تمول هذه الأحزاب، مثل ما تفعل بمؤتمرها الوطنى المدلل،
فتعالج على الأقل واحدة من أدوائها التي قعدت بها عن الحركة وأعجزتها حتى عن عقد مؤتمرها العام داخل السودان أو خارجه، وتبطل بذلك حجة لا يسأم رؤساء تلك الأحزاب من ترديدها! فما زالت تلك الأحزاب تسير بقوة الدفع الأولى التي خلفها قادتها الكبار عند مطلع الاستقلال. وقد تفعل تلك الحسنة من الحكومة ما فعلته بشارب الأسد فتغفر لها الأحزاب كل ما تقدم من ذنبها طيلة الأربعة عشر عاما الماضية وقد تدخل معها في تحالف قومى أثناء الفترة الإنتقالية وهو ما تحتاجه البلاد في فترة السلام المقبلة.
| |
|
|
|
|
|
|
|