|
|
 الي طرابلس ولكن ليس من اجل ابو جهينة !!!
|
مللت في دروب القاهرة من طول التسكع فهي ليست بلد للاقامة الدائمة ويروادني احساس بأنها تتغير نحو الرتابة التي هربنا منها ... مقاه يدخن فيها المرتادون النرجيلة وماتنتجه مصانع الشرقية من تبغ رخيص هو في متناول الجميع وهي سلعة تبدو من كثرة تعاطيها تبدو كما لو انها سلعة استراتيجية ولا تمسها الحكومة كثيرا بعكس ماتفعله الكثير من الولايات الامريكية عندما تصاب ميزانية الولاية بعجز ما يهرعون هرعا الي (علبة السجارة ) حيث يبلغ سعرها في مدينة كنويورك السبعة دولارات وسعرها في مدينة ريتشموند عاصمة التبغ في العالم لايتجاوز الثلاث دولارات وقد استغل بعض السودانيون فارق السعر بين المدينتين ومارسوا تجارة التهريب وللاسف يقضي معظمهم فترات في السجون الفيدرالية ...التجمعات السودانية رغم كثرتها فهي اما عابرة ام انها في انتظار فرج واهم ياتي من علي اعتاب الامم المتحدة فمعظم الذين تقابلهم وهم من الشباب اليفع يقولون لك نحن في انتظار الاسترالية .. فيبدو بأنهم يفضلون (الاسترالية ) ويقصدون استراليا بالطبع .. لانه وحسب زعمهم بأن الدخول اليها لايتطلب سواء ضامن من المقيمين هناك ثم اجراءات يبسطونها .. غير اني لم اسمع بشخص سافر بهذه البساطة .. وفي قلب عابدين هنالك جمعية مكتوب عليها بالخارج جمعية صاي السودانية الخيرية .. تأسست في العام 1918 .. يبدو بأنها لعبت دورا كبيرا في حقب سابقة في حياة النوبيين .. حيث ان جزيرة صاي تقع في العمق النوبي في قبالة عبري ...غير ان الامر انتهي بها الان الي مجرد (شقة غير مفروشة) يلعب فيها الرواد الضمنة والطاولة ويمنع لعب الورق فيها !!!! رغم المحاولات المضنية التي يقوم بها الصديق الكاتب اسماعيل عثمان داؤد في محاولة لاثراء لياليهم ثقافيا ...اسعار الشقق في القاهرة تشهد ارتفاعا جنونيا صيفا حتي ان سعر الشقة (المتوسطة الحالة ) في وسط البلد تزيد علي السبعمائة دولارا ...ثم قررت ان لااستكين وسط هذه الاحوال المتجمدة والمتكررة بروتين قاهر .. توجهت الي السفارة الاميريكية ثم سألت الموظف في القسم القنصلي أن كان يحق للامريكي زيارة ليبيا .. اجابني بنعم ثم قام الي جهازه الالكيتروني وقام بطباعة اربعة عشر صفحة عن ليبيا وماذا ينبغي للامريكي المسافر الي ليبيا وعن طبيعة الحياة هناك وعن رداءة الطرق البرية وسوء الخدمة الطبية وارتفاع معدل جريمة سرقة العربات وانتشار ظاهرة تهريب المخدرات وعن ضرورة تجنب اي تجمعات وعن خلو الشوارع من رجال المرور وحتي وان وجدوا فانهم نادرا مايقدمون خدمة ما ... قلت ولايمكن لليبيا ان تكون باي حال من الاحوال اسوء من السودان والا لما بقي فيها اصدقائي وافراد من عائلتي طيلة العشرون عاما الماضية دون ان يعرجوا الي السودان ولايعرف احد منا شئيا عنهم سواء مايصلنا بالتواتر عنهم وخاصة بان الخدمة الهاتفية ربما اعتبرت نوعا من الترف هناك .. وقررت ان ازور ليبيا .. ثم مررت علي عدد من وكالات السفر والسياحة فقيمة التذكرة من القاهرة الي ليبيا في حدود الاربعمائة دلاور ونيف .. ولما كان احد الاقرباء في ضيافتي وهو قادم من طرابلس قررنا ان نترافق في الزيارة برا لاواصل بعدها المسيرة حتي تونس .. وفي مكتب (التسفير البري) رحب العاملون فيها (بهذا الامريكي ) ثم طمأنوني بأن (الجواز الامريكي تدخل بيه اي حته) واستغلينا حافلة (نصف عمر) برفقة حوالي اربعون مصريا وبعض الليبيين وسوداني (وامريكي ) .. وقبل ان استغل تلك الحافلة سألتهم ان كانوا قد قاموا بتسفير ايا من حملة الجوزات الغربية .. أجابوا نعم كان احدهم نمساوي والاخر بريطاني ولكنهم بصراحة لايعرفون ان كانوا قد دخلوا ليبيا ام لا !!!! فالرحلة من القاهرة وحتي السلوم (وهي اخر مدينة مصرية علي الحدود ) مملة وطويلة حيث يبلغ طول الرحلة حوالي التسعمائة كلم قطعتها العربة في حوالي الاثني عشر ساعة مع الكثير من مراكز التفتيش وخاصة بعد ان تم القبض علي احد متهمي حادثة تفجير ميدان عبد المنعم رياض في ليبيا .. فقبل الوصول الي مركز التفتيش مثلا يسأل (المساعد ) وهو مصري بالطبع ان كان احدكم محكوم عليه او مطلوب في جناية ما .. ثم رأيت احدهم ينادي عليه ثم يوشوش له شئيا في اذنه ثم يدس له مبلغا مع الجواز ويقوم بعد ذلك الرجل بتجميع كل الجوازات المصرية دون ان يسأل باقي الجنسيات شئيا ... وكنت اجلس علي النافذة لأري ماذا يمكنه ان يحدث فعلي كل جواز ان يدفع مبلغ خمسة جنيهات مصرية يقوم المساعد ( بغمض جزء منها لعسكري ينفرد به لثواني ) ويتكرر المشهد في كل نقطة تفتيش حتي ان احدهم رفض في احدي المرات ان يدفع الخمسة جنيهات ثم حاول الطاقم ان يهدد الجميع بان التعطيل سيحدث ان لم ( يدفعوا ) غير ان المسالة مرت هكذا دون تعطيل كبير ...وفي الصباح الباكر وقبل نقطة الحدود بحوالي المائتين متر توقفت العربة في استراحة كبيرة وكان الجوع قد لعب بنا لعبا ونزلت جاريا وانتظرت في الصف طالبا بعض الطعام بل فولا او عدسا بالتحديد .. اجانبي الرجل (نحن ماعندناش غير اللحمة ) (لحمة ايه يابيه في الصبح دا ) (بس دا الموجود ) وعرفت بان اللحمة هذه مصحوبة بفاصوليا وارز تخيل كل ذلك عند الثامنة صباحا ... وعندما جئ باللحمة كانت قطع في محلول كلوسترولي مركز اقسمت له لو انني تناولت لقمة من هذه المأدبة لوقعت بالسكتة القلبية .. وعلي عجل تناولت شئيا من الارز وفي تلك المحطة قابلت (شحنات كاملة ) من السودانيين العائدين من ليبيا يسخطون ويلعنون ثم يحذروننا الي اين انتم ذاهبون ؟؟ الي الجحيم ؟؟؟ اخيرليكم ترجعوا معانا وماتضيعوا وقتكم هنا ... ديك بلاد كعبة وناس كعبيين ومافيها شغل ولا مشغلة !!! كان معظمهم من ابناء غرب السودان غير ان احدهم كان ومن سياق سؤاله كان من الجزيرة لانه سالنا وانت من وين في الجزيرة .. وضحكنا وسألته انت من وين في الجزيرة ثم سمي بلده وقلت له اتظن بان السودانيين كلهم ينبغي ان يكونوا من الجزيرة وبرفقتك المئات من ابناء الغرب وهم سودانيون بالطبع .. كان ذلك (الجزيري) قد نسي قارورة مياه صحة في (مائدتي ) ثم جاء الرجل ليحاسب وسألني ان كانت تلك القارورة تابعة لي واجبته بلا غير اني طلبت منه ان يناولني قارورة اخري ... كان صبيا بل صبيان دخلا معا الي المطعم ثم جاء بذات القارورة وقد ملأها من الحنفية ... قلت له هذه ليست مياه معدنية ورأيتهم يهزأوؤن وهنا غلي الدم في عروقي وقمت لتوي ثائرا الي داخل المطعم قلت للمالك او المدير المهم رايته مسموع الكلمة هناك بأنني اسود نعم غير انني افهم ثم انه ان كان لابد ان تعرف فانا امريكي الجنسية واعرف المياه المعدنية قبل ان يعرفها كل عمالك وحكيت له ماحدث ثم ضج المطعم بكل مافيه من عابرين والرجل يهرول خلف عامله ( انت عائز تخرب بيتي انت عائز توديني في ستين داهية ) ليس لانه حاول خداعي بماء الحنفية ولكن لانه اكتشف بانني امريكي ... والحق يقال ورغم اني احمل هذا الجواز منذ سنيين وسافرت به عدد من المرات غير اني لم اقدر قيمته الا هذه المرة وفي كل تلك المحطات التي كنا نتوقف فيها كانت هنالك نوعية خاصة من المعاملة ربما الاعتذار بما يشبه الطريقة الهندوسية .. الي ان وصلنا الحدود عند العاشرة صباحا ... والسلوم هذه لاادري لماذا تذكرت وادي حلفا عندها فالمياه تحتضنها وتضمها الي الجبال كما يحتضن بحيرة ناصر فردوسنا المفقود .. وتجارة الحدود كما هي في حلفا ثم ان المباني وطرق المواصلات تشبه تماما مافي حلفا .. غير انك لاترتقي لذلك الارتفاع الجنوني في طريقك الي قسم الجوازات .. وكنت اقول لمرافقي يبدو بأن الانجليز جلعوا من اسفل الجبل حدودا فاصلة بين الدولتين غير ان مصر ربما تكون قد اصرت ان يكون هرم الجبل هو النقطة .. فهي سلسلة من الجبال تنتهي بمسطح مرتفع جدا لا ادري كم يبلغ ارتفاعه من سطح البحر غير ان السيارة أنت انينا ريثما تصل القمة بطرق متعرجة في دوائر كاملة ....وعندالحدود المصرية انتهت اجراءات الخروج بمنتهي اليسر واللطف وكنت قد افدت احد موظفيهم بأنه ربما كان علي ان اعود قافلا لاننا بصراحة لانعرف كيف يفكر جيرانكم الليبيون واستبعد الرجل مسالة العودة ... مباني الجوازات والهجرة المصرية هنالك مجمعات كاملة وضخمة بل انها مدينة كاملة كلها خاصة بالجوازات والالاف من رجال الشرطة النظاميين والمباحث والاستخبارات يحتلون تلك المباني المجهزة تجهيزا حديثا ومنها يشرفون علي حركة الداخلين والخارجين ومئات الشاحنات ورأيت بعضها يحمل لوحات اردنية وقطرية وتونسية ... وفي الجانب الاخر تشعر بأن الليبون يديرون عملا مؤقتا من مكاتب هي مجرد اكشاك وكأني بهم سيغلوقونها غدا وثمة شباب بالزي المدني في طاولات خالية الا من بعض الملفات وفي ايديهم اقلام جافة صدقني لايعرفون حتي استخدامها .. نادي طاقم الحافلة علي الليبين ان ينزلوا اولا ثم اشار الي باعتباري امريكي ان اكون التالي ... وانا ادخل الي ذلك الكشك وجواز سفري في يدي لمحني احدهم حتي من قبل ان ادخل المكتب ..وايش وايش هذا الجواز .. لانه كان مختلفا في لونه من جوازات السفر المصرية والليبية والسودانية فكلها خضراء.. قلت له امريكي ... امريكي من اصل مصري ؟؟ لا من اصل سوداني .. لم يزد الرجل كلمة بل لم يسألني ان كنت حاصلا علي تأشيرة أم لا عليك ان تعود وترجع بتأشيرة ... ثم اخذوا جوازي وجاؤوا بورقة سألني اعور الذئاب اسئلة مكتوبة اسمك .. مهنتك ... مكان اقامتك قلت له فيرجينا قال لي اكتبها هنا وكل ذلك بالعربية اسم امك نفيسة قال لي اكتبها والله شهيد علي ما اقول .. وكل ذلك وانا ظان بهم حسن الظنون بانهم تجاوزوا عن ارجاعي ثم قال لي ابصم هنا وبصمت وبعد كل ذلك اجابني بانه ينبغي علي ان اعود للاسكندرية وانال تأشيرة الدخول من هناك ...ملعون ابوك بلد ... ملعون ابوك نظرية .. ملعون ابوك ثورة ... ونواصل
|
|
 
|
|
|
|
|
| العنوان |
الكاتب |
Date |
| الي طرابلس ولكن ليس من اجل ابو جهينة !!! | mo | 05-29-05, 12:41 PM |
| Re: الي طرابلس ولكن ليس من اجل ابو جهينة !!! | ابو يسرا | 05-30-05, 03:54 AM |
| Re: الي طرابلس ولكن ليس من اجل ابو جهينة !!! | ابو جهينة | 05-30-05, 03:58 AM |
| Re: الي طرابلس ولكن ليس من اجل ابو جهينة !!! | sharnobi | 05-30-05, 06:41 AM |
| Re: الي طرابلس ولكن ليس من اجل ابو جهينة !!! | mo | 05-30-05, 09:31 AM |
| Re: الي طرابلس ولكن ليس من اجل ابو جهينة !!! | محمد عثمان الحاج | 05-30-05, 10:41 AM |
| الي طرابلس ولكن ليس من اجل ابو جهينة !!! | jafar hashim | 05-30-05, 10:55 AM |
| Re: الي طرابلس ولكن ليس من اجل ابو جهينة !!! | mo | 05-30-05, 11:49 AM |
| Re: الي طرابلس ولكن ليس من اجل ابو جهينة !!! | نزار باشري ابراهيم | 05-30-05, 03:22 PM |
| Re: الي طرابلس ولكن ليس من اجل ابو جهينة !!! | mo | 05-31-05, 09:40 AM |
| Re: الي طرابلس ولكن ليس من اجل ابو جهينة !!! | mo | 05-31-05, 09:41 AM |
 Re: الي طرابلس ولكن ليس من اجل ابو جهينة !!! | ترهاقا | 05-31-05, 03:16 PM |
| Re: الي طرابلس ولكن ليس من اجل ابو جهينة !!! | mo | 06-03-05, 05:57 AM |
| Re: الي طرابلس ولكن ليس من اجل ابو جهينة !!! | نزار باشري ابراهيم | 06-03-05, 11:38 AM |
| Re: الي طرابلس ولكن ليس من اجل ابو جهينة !!! | mo | 06-04-05, 11:57 AM |
|
| |
mo
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست