♧ مِنْ أَرضِ الْمَحَنَّة مِنْ قَلْبِ الْجَزِيْرَةِ.. برْسِل للمسافر أشْواقي الكَتيرَة £

(14)
كدي هاك أسمع دي يا ود عولي ، قصة واقعية وليست من صنع بنات أفكاري..
ولو إنها معادة. بس مأساوية شديد..و أوعة تضحك، حتى الابتسام ممنوع. لدرجة ياخ
بقينا الواحد لمن يشكم بالغلت يتفل عن شماله ثلاثاُ و يقول : بسم الله، اللهم أجعلو خير!!
ذات يوم تنامى لدي أنهم يوزعون أراضي للفئويين في (وادٍ أخضرَ) و لكن يبدو أنه غيرذي
زرع .حزمت أوراقي و ذهبت مع الذاهبين إلى شرق النيل، و لميت لي في كطعة درجة ثانية
قلنا كتيرة على المحنة. كان أول شبرٍ أناله عبر خطة أسكانية. الشاهد أنه مع تسلمي العقد المبرم
مع الدولة تملكني شعور نشوة بأنني (مواطن) كامل السودنة و لي نصيبٌ في هذا البلد الحبوب المنهوب
على عينك يا تاجر ، تماماً مثل ما لجدود جدي بعانخي و تهراقا و الماظ و أزهري و المحجوب و ود حبوبة
ولا حد يقدر يسأنلي عن تلت التلاتة كم( ببساطة لأني ماني كم ظاطو) .كنت مشخبت لي خرطة بنيان كاطعا من راسي من سنين ، لكن عاجباني و أصلي ماني قايل يجي اليوم الممكن يتحول فيه حلم على ورق إلى هيكل حقيقة.مرقتها أعايت فيها و أتغزل شافني واحد فلسطيني واقف جنبي و دخل معاي ونسة على عواهنها . لما بدا و كأنه مهندس معماري تبرع بإبدائه لي ملاحظات قيمة حولعيوب خرطتي التي لم تكن لها ناقة و لا جمل في هندسة المعمار (تنفع لجالوس )و بالفعل وجدته محقاً، فطأطأت رأسي الفاضي ثم هز لي رأسه و مضى سريعاً لحال سبيله و هو يغالب دموعه فهُرعتُ إليه أنوي الأخذ بتلابيبه و كأنه جاسوس قد شم في ثيابي
رائحة
رجال مخابرات مركزي لحقت به لأُفاجأ بالرجل يمسك فروة رأسه بكفيه بعنف و يهم بسحق
جمجمته بعرض الحائط و يحدجني بنظرات مغرورقة بدموع حزن دفين
لا يقرؤه إلا من عاش مثل مأساته. !فسألته بنبرة عتاب لاذعة: ايمع اللهو
- يعني ماك سامعني يا خي بنادي عليك؟!فجاءني رده هادئاً و شافياً:
- أسف و أبداً و الله يا صديقي لم أسمعك مطلقاً!...
- فسألته عن : لماذا تركني هكذا ثم عبس و بسر:
- قال: دعني يا أخ العرب أرد على سؤالك بسؤال؟
- قول يا زول،ما في أي مانع بس تفهمنا الحاصل شنو!
- أولأً ،هلا خررت يا أخي ساجداً لله شاكراً لأنعمه على أن حباك بوطن
حدادي مدادي و يكون فيه رقعة أرض لتشيَّدها و لو بقصور من الرمال!؟
بصراحة نزل سؤاله عليَّ كالسهم قد فاجأني و أربكني لمان ظاتو حشرني
في فتيل أضيق من ربع هدومي من الإحراج و الخجل ثم ... جاوبته قائلاً :
- لا و الله لم أفعلها قط من ذي قبل ، و لكن لو مصر شديد ، نسجد هسي دي، و مالو!!...
- اذن عليك أن تخر الآن ساجداً أمام كل خلق الله،معلناً على رؤوس أشهادهم أنك مدين لربك
بنعم لا تحصى.فوالله إن قيمة أن يكون لك مأوىً و لو كان بيت نمل، لهي أعظم نعمة، ناهيك أنك
آمنٌ في سربك بوطن مترامي الأطراف، و لو كان مصاباً بغرقرينة. هنا تحاملت على منكبَي الرجل
وأخذته في أحضاني و إحساس لا يقاوم بالعقوق يغمرني، إذ تذكرت كم مرة شاهدت جرافات بني
صهيون و هي تهدم بدمبارد بيوتاً و صوامع و بيع و صلوات ومآذن يذكر فيها اسم الله كثيراً بين
يدي عويل النساء و ذهول الرجال! و كم تداعت إلى مخيلتي صور لحال من بعضه في عديد
من بقاع الدنيا عربيها و أعجميها كلهم في القهر و الهم سواء فبنيان لا تهدمه جرافة الصهاينة
تجده لا محالة خاوٍعلى عروشه بأيدي أبنائه، لا بيد عمرو ، جراء فوصى عبثية، هرجٌ و مرجٌ
لا يبقي و لا يذر. فاللهم نعوذ بك من علمٍ لا ينفع، و من قلبٍ لا يخشع و من بطنٍ لا
تشبع ، و من عين لا تدمع، ومن وطن يُطرح ثم يُطرح ..
فلا يُجمع و من دعاء لا يستجاب له.
اللهمآآآآآآآآآآآآآميييين!!