من هم الدارفوريين ؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-18-2025, 11:00 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-08-2005, 04:53 PM

isam ali

تاريخ التسجيل: 07-13-2005
مجموع المشاركات: 187

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من هم الدارفوريين ؟ (Re: isam ali)

    الجزء الثانى


    القبائلية الادارية " والصيرورة السودانية :
    اِن الانتصار البريطانى على دارفور فى 1916 ، وضم سلطنة المساليت المستقلة للسودان فى 22-1923 ، مثلا قطعا حاسما مع الماضى التليد . فقد خضعت دارفور لحكم جهة خارجية قوية لم تكن لها مصالح اقتصادية فى الاقليم ولا طموحات ايديولوجية سوى اسمترار الهدوء . وقد تم ضم دارفور بعد انجاز تحديد المرتكزات الاساسية للسياسة البريطانية السودان . مثلا ، تم اعتماد الادارة الاهلية بعد 1920 ، طرد الموظفين المصريين بعد 1924 , قبول طائفتى الختمية والانصار ، السودنة والتحرك نحو الاستقلال ، كلها قرارت تم اتخاذها بدون ذكر ولو خفيف لدارفور .

    لقد مثل الامن فى دارفور - و بعد انقضاء عقد من الزمان على ضمها- موضوعا الاهتمام الرئيسى فى البنية السياسية ، وكان الدافع الرئيسى لذاك هو الخوف من انتفاضات محتملة مرتبطة بالمهدية . وقد مثل الهجوم على نيالا فى 1921 احد اخطر التحديات التى واجهتها السلطة. اما فى السودان النيلى ، فقد واجه البريطانيون اخطارا مباشرة تمثلت فى الحركة الثورية الوطنية التى رفعت شعارات وحدة نادى النيل . شملت الحركة الوطنية مجموعات من الصفوة المتعلمة والمجموعات االلافبلية ( tribalised-de) فى الجيش. وقد لجأ البريطانيون لقهر هذه المجموعات للادارة الاهلية . فقد كانت الادارة الاهلية نموذجا تراتبيا جديدا فى الادارة القبلية ، استحدث فيه البريطانيون منصب " العمدة " ليتوسط زعيم القبيلة ( الناظر فى القبائل العربية ) وشيخ القرية .

    اصدرت الادارة الاستعمارية مجموعة من القرارات والقوانين لتاسيس سلطات القبائل ، كان من اهمها القانون الذى اعطى زعماء القبائل سلطات قضائية الي جانب سلطاتهم التنفيذية . وقد هدف ذلك الي مد زعماء القبائل بصلاحيات بوليسية تمكنهم من مراقبة الدعاه الدينين المتجولين و الخريجين . هذا الى جانب قانون المناطق المقفولة والذى ركز النقد الموجه له ، على نتائجه التى تمثلت فى قفل الجنوب وجبال النوبة فى وجه التاثيرات الخارجية ، وهو القانون الذى استخدم فى دارفور – بلا نقد - فى مراقبة الدعاة الدينين ومهاجرى غرب افريقيا .

    كان من اهم نتائج قانون الادارة الاهلية ، ازالة عدم الوضوح حول الهويات الاثنية والانتماءات القبيلية الموجودة فى السودان . وقد جاء هذا تعبيرا عن ضرورات ادارية اكثر منه كتطبيقات ايديولوجية . ويدل على ذلك امتلأء الارشيف الكلونيالى فى العشرينات والثلاثينات بالعديد من الرسائل المتبادلة بين جهات الاختصاص التى حاولت تنظيم الفوضى الاثنية التى عمت الريف السودانى . ففى دارفور كانت اهم الاسئلة هى تلك المتعلقة بشان ادارة الرزيقات - والتى صيغت لتظهر المساندة لنظارة ماديبو المنحازة للبريطانيين - والاسئلة المتعلقة بالمراعى المشتركة فى بحر العرب والتى يرتادها ايضا الدينكا . والاسئلة تعلقت ايضا بوضع ابالة الزريقات ( بدءا خضعوا لنظارة ابراهيم مادبو ، ثم اصبح منهم نائبا للناظر ثم استقلوا بنظارة كاملة ) . وقد تضمنت النشاطات الاخرى المترتبة على قانون الادارة الاهلية ، لم شمل قسمين من بنى حسين فى قبيلة واحدة ، وتوفير ارض لهم فى شمال غرب دارفور ( وهذة لحظة نادرة فى اعادة توطين قبيلة كاملة رغب نصفها فقط فى اعادة التوطين ). الجمع الادارى لقسمين من بنى هلبة كان نشاطا اخرا . نشاط ثالث شمل التوصل الى طريقة لتعيين زعيم للبرقد . تم ضم مجموعة من الاقسام تعيش فى منطقة تدعى دار اِرنقا لتكوين قبيلة ، الى اخره من النشاطات. لقد تم توجيه قدر عالى من الانتباه الى مجموعات الفرتيت التى تعيش فى حدود دارفور الجنوبية ، نبع هذا الاهتمام عقب محاولة فاشلة هدفت لترحيلهم الى جنوب السودان حتى يكونوا عازلا بين المسلمين وغير المسلمين .
    اصتحبت اجراءات التنظيم الادارى للقبائل , اجراءات اخرى لرسم الحدود بشكل رسمى . التزم البريطانيون بالتقسيم الرباعى لسلطنة دارفور ، واقاموا مديريات على اساسه وحددوا مناطق قبلية للبقارة فى جنوب دارفور ملتزمين بممارسات السلطان السابقة .اما فى مناطق دار فور الاخرى ، فقد تم تحديد الديار القبيلية باشكال عشوائية لحد ما . لقد كان تحديد ديار بنى حسين فى الجزء الغربى لشمال دارفور شاذا : فالقبيلة التى لا تكون مصدر مشاكل تترك لحالها . لقد بنى مصطلح ديار نوعا من القبول القانونى التلقائى له ، ولكن وبالتجربة ، نجد ان كلمة ديار اسخدمت لتعنى اشياء مختلفة تتدرج من مكان محدد او وحدة ادارية ، الى منطقة محددة لمجموعة اثنية ، الى سلطنة كاملة ، الى اقليم مجرد كدار فرتيت . ولكن بكثرة الاستعمال والمرتبط بالادارة الاهلية وسلطاتها القضائية ، اصبح المصطلح يشير بدرجة اساسية الى منطقة اثنية تحوز فيها المجموعة المسيطرة على سلطات قانونية . وفى السبعينات (من القرن العشرين ) خلص احد اكبر المتخصصين فى قانون الاراضى الى ان القبائل " اصبحت تقريبا كالمالك لاراضى مناطقهم " . لم يترتب على ذلك – وخلال سنوات القرن العشرين – اى تبعات سياسية تذكر ، حيث توافقت مع العادات والتقاليد السائدة حيث يتبنى المستقر الجديد قوانين من استضافوه . فقد كانت الارض فى براح ، واخلاق قبول الواردين للاستقرار وتكريمهم، فى صلاح ، حتى انه وفى السبعينات صارت الديار فى جنوب دارفور ، تضم خليطا اثنيا معتبرا ، ضم حتى النازحين من مناطق الجفاف فى الشمال ليستقروا فى هذه الديار .

    دعونا لانضخم اثر الادارة الاهلية فى عملية تكوين الهوية ، فهى قد لعبت - و بلا شك - دورا فى ابطائها ، بل جمدتها احيانا . فسياسات الادارة الاهلية لم تجد التنفيذ الا باشكال خفيفة . بعض من الضباط الاداريين للمناطق ، " احتفلوا " بالتعدد الغنى لاشكال الهوية الاثنية واشكال الزعامة القبلية ، فوتقوا بعضا من الهويات المتداخلة مثل الكايتنقا ( بعض من تنجر /فور ، وبعض من زغاوة ) ، دار للفور الفونجورو وجبل عرب السى واخرين عديدين . ووثقوا ايضا للتعدد الغنى فى الالقاب التقليدية للزعامة من سلطان ، مك ، شرتاى ، ديمنجاوى ، امير وناظر . و لكننا نلاحظ الغياب الملموس لاى اهتمام اقتصادى رئيسى بدارفور - فلم توجد اى مشاريع للتطور الاجتماعى او اى تحديث ملموس و اصلاح للاراضى – مما انتج اثارا محدودة لسياسات الهندسة الاجتماعية الاستعمارية على دارفور ، سلبية كانت ام ايجابية .

    فى الستينات والسبعينات ( من القرن العشرين ) قدمت دارفور نموذجا كلاسيكيا لتغير الهوية ، يصلح نموذجا للدراسات الاكاديمية . فى مرحلة اعداد دراسات مشروع التنمية الريفية لجبل مرة ، تمت الاستعانة بعدد من متخصصى الانثربولوجيا الاجتماعية البارزين لدراسة التغير الاجتماعى فى دارفور . وقد تضمنت ابحاثهم عدد من الدراسات فى تجربة بعض مزراعى الفور المستقرين ، والذين عندما تزداد اعداد ابقارهم ، يتحولون تدريجيا الى بقارة للدرجة التى يبدأون فيها تعليم اطفالهم اللغة العربية ، ويبدأون فى اكتساب بعض الصفات التقافية –الاجتماعية لمجموعات الرحل التى ينضمون لها . وهذا عكس مدهش للانماط السابقة ، عندما كانت المجموعات " تصبح فورا" لاسباب سياسية ، فالافراد الان يصبحون بقارة لاسباب اقتصادية . والى جانب هذا ، اجريت بعض الدراسات حول مسألة استقرار الرحل ، وقد توصلت بعض هذه الدراسات – ضمن ما توصلت اليه - الى ان تمييز الحدود بين المستقرين والرحل امر يكتنفه غموض كثيف . انه لمن المحزن ان نجد ان مثل هذه الراسات لم تجر بصدد سكان شمال دارفور .

    تتضمن معظم اقتراحات الحلول للصراع فى دارفور اشكالا من احياء الادارة الاهلية لتعلب دورها فى حل الصراعات القبلية او لتعلب دورها التقليدى كشكل للحكم الاهلى . ولكن المحتوى الذى تنطرح فيه هذه المواضيع فى بداية القرن الواحد وعشرين يختلف عنه فى القرن السابق . يتضح هذا من اى فحص سريع للدور الذى لعبه قادة القبائل فى القرارات الصادرة بصدد الصراع فى 87-1989 وفى احياء مجلس الادارة الاهلية فى 1994 .

    انفجر اول صراع اساسى فى دارفور فى الفترة 87-1989 ، واحتوى على عدد من العناصر تكون الملامح الاساسية للصراع فى تفجره الحالى ، مثل ان المتصارعين الاساسين هم الفور والابالة الذين يطلق عليهم اسم الجنجويد . تداعى الناس لعقد مؤتمر صلح ، اصطحب قادة القبائل من الجانبين بعض امل فى استعادة سيطرتهم على بعض القيادات الشابة ، وبعضهم سعى لتدعيم اوضاعهم فى ظل حراك الظروف الحالية. وقوع انقلاب الجبهة الاسلامية اثناء عقد المؤتمر ، دفع المؤتمرين الى تقديم التنازلات - بدون ضياع الكرامة – للوصول الى اتفاق . ولم يذهب الاتفاق الى حيز التنفيذ ، فقد اندلع القتال مجددا ، وتداعى الناس لمؤتمر جديد ، تم انعقاده فى 1990 ، ليأتى بنفس القرارات والتوصيات لتضل طريقها مرة اخرى الى تنفيذ مشوه . أن الدرس الحقبقى من هذا ، هو ان الادارة الاهلية لا يمكن ان تكون حلا فى حد ذاتها ، بل عنصرا واحدا فى طريق البحث عن الحلول ، و الوصول الي تطبيقها . ان السيطرة على المجموعات المسلحة ، ودفع التعويضات وخلق الوسائل للتعامل مع اسباب الاختلاف والصراع ، هى من العناصر الاخرى الضرورية لخلق الحلول .

    فى 1994 تم تكوين شكل ما من اشكال مجلس الادارة الاهلية ، ليتوافق مع تقسيم دارفور الى ثلاثة ولايات ليتجدد الصراع فى غرب دارفور . وهناك طريقتان للنظر فى تورط مجاس الادارة الاهلية . الطريقة الاولى: ان السلطة منحت منسوبيها مناصب قيادات القبائل ( الامراء ) كشكل من اشكال المكافأة ، ولتقويض نفوذ حزب الامة والذى تاسس على ولاءات الاجيال المتقدمة من الشيوخ . الطريقة الثانية: تم توزيع مكافأت المناصب برؤية جديدة للاثنية ، تتميز بالبساطة والفعالية الادارية . وقد استهدفت عملية اختراع الاثنيات الجديدة اساسا تدعيم السلطة المركزية ( سلطة الحزب وسلطة الدولة) . فى بيئة معسكرة ، ومع غياب الخدمات التى يمكن ان يقدمها حزب او دولة ، تشمل مكافأة القوة ، قدرة الحاكم الجديد على توزيع السلاح داخل منطقه حكمه . وقد كان ذلك بمثابة الوصفة للتطهير العرقى المحلى , والذى حدث فعلا فى العديد من المناطق .

    خضعت دارفور للسلطة المركزية فى الخرطوم ، فى الاربعة عقود الاخيرة من عمر الاستعمار ، اما دار المالسيت ففى الثلاثة عقود الاخيرة . وبعد الاسقلال ، خضعت دارفور لسلطة مركزية تجهل الكثير عنها وتهتم قليلا. لم يتغير الحال بالاستقلال . فقد تم الحصول عليه فى شروط المركزية النيلية ، والتى قامت على سؤالين : هل تتم الوحدة مع مصر ؟ وماهو وضع الجنوب ؟ اما وضع دارفور فكاد ان يغيب تماما من هذا الخطاب ، وتحول الى جملة هامشية فى ما استمر من حوار حول هوية السودانين الوطنية .

    اِن ماتم نيله من دولة ، لهو بنية كانت ولاتزال حفيدة للاستعمار المصرى-التركى . فهى دولة التاجر-الجندى التى تبنت العروبة ، واستخدمت الغة العربية كلغة رسمية فى المدارس و اجهزة الاعلام ، ودفعت بالاسلام الى مقام الايديولوجيا الرسمية . خطابها السياسى يكاد يكون مركزيا-نيليا كاملا : فقد ركز الحوار الاساسى قبل الاستقلال على الفكرة النازعة للالتحاق بمصر فى " وحدة لوادى النيل " . كما ان الحوار اللاحق حول الهوية الوطنية تركز حول محور جنوب-شمال بصدد الاجابة على السؤال : هل السودان جزء من العالم العربى ام العالم الافريقى ؟ وقد وجدت محاولات جريئة من قبل بعض الاكادميين والناشطين السياسين ، تعبر عن انتماء السودان العربى والافريقى المتواقت والمتكامل . جاءت هذه المحاولات من كل اطياف البنية السياسية . انه من المثير للاهتمام حقا معرفة رأى ومناقشات الاسلاميين بهذا الخصوص . بعض المؤرخين الاكادميين الذين ساهموا فى هذا الحوار ، بحثوا فى ارتباطات السودان المتجهة غربا ، ولكن كانوا اقلية اكاديمية ولم تجد كتاباتهم مكانا فى الخطاب السياسى ، والذى ركز اساسا على المحور الجنوبى الشمالى .

    ما نراه هو عمليه تعددت اوصافها واساميها ، والتى اختار من بينها " السودنة"
    “Sudanisation”
    ، متفقا مع بول دورنبوس ( والذى كتب سلسلة رائعة من الدراسات عن هذه الظاهرة فى دار مساليت فى بداية الثمانينات . وهى دراسات على روعتها نالت حظا فليلا فى اعتمادها كمصادر من قبل الباحثين ). فوصف هذه العملية " بالاستعراب" لايبدو مناسبا ، لان سكان دارفور الاصليين من عرب البدو ، تعرضوا لهذه العملية ،فكيف يستعرب من هم عرب؟ ولانها لم تنتج اناسا عربا بالثقافة . فالافراد – بالاحرى - بوجدون داخل مجموعة من السودانين يتحدثون اللغة العربية ، يلبسون الجلابية والتوب ، يصلون ، يتعاملون يالنقود ، تركوا الرقص القبلى وشراب مريسة الدخن . هؤلاء " المتسودنين" يوجدون - بلا شك - فى مواقع تخلوا من الحظوة الاجتماعية والاقتصادية بمقارنتهم مع الصفوة الناجزة ، ولكنهم لم يحرموا من ارض ولا هوية ، ومعظمهم مشى الهوينا بهوية السودنة والهوية المحلية مستفيدا من كلاهما .

    واحد من الابعاد البازرة فى " السودنة " هو التغيير الملحوظ فى وضع المرأة . فالمرأة الدارفوراوية المتسودنة تكون - نموذجيا- مختونة ، يتم عزلها فى المنزل ، تعتمد اقتصاديا على زوجها ، تعبر فى سلوكها عن الرضوخ وتلبس التوب . اِن اِنتشار الختان فى السبعينات والثمانينات ، فى نفس الوقت الذى تراجعت فيه العادة عند الصفوة الحضرية ، لهو من اظهر الدلائل والتجليات المادية لعملية السودنة ، وهى تعطى توضيحا اخرا لكيف ان تغيير الهوية يرسم اثاره الواضحة على اجساد النساء. وهو ايضا يوضح " حداثة " ما يسمي بالممارسات " التقليدية " .

    المدهش فى عمليات تحول الهوية هذه ، ليس حدوثها ، ولا انها حدثت عن طريق فرضها عشوائيا بواسطة جهاز الدولة ، بل انها حدثت كلها تقريبا بدون عنف ( باستثناء ختان المرأة ) . ولهذا اهميته بالمقارنة مع الجنوب وجبال النوبة .

    ان اِستيعاب دارفور فى بنية السياسة السودانية ، استحضر معه بعض من عنصرية واضحة ، قامت على اللون وملامح الوجه . بالرغم من ان السودانوية والاسلامية كعمليتين فى تكوين الهوية لم يخليا من ملامح عنصرية ، الا ان سيادة هذة العنصرية جاءت على اثر الهيمنة المصرية وبمساهمة لاحقة من جهاز الدولة الموروث . ويمكن ارجاع تاريخ الجغرافيا الاخلاقية للمصريين بصدد دارفور الى بدايات 1800م عندما عاش التاجر العربى محمد التونسى فى دارفور ، فقد قام السيد محمد بتقسيم الارض وسكانها وفقا للون البشرة ، وجمال النساء والاخلاق الجنسية . وقد ساد تقسيم عنصرى مشابه فى زمن الاحتلال المصرى ، واستمر فى محتواه الاساسى الى اليوم .

    تعتبر الاهمية العالية للارض والعمل ، من الصفات المهمة فى اقامة الاختلافات بين دارفور وباقى جهات السودان . بنت السلطة الاستعمارية ومن بعدها الحكومات الوطنية ، مجموعة مقدرة من المشاريع الزراعية بالقرب من مجرى النيل والشرق ، ولاحقا فى جنوب كردفان . ترتب على ذلك تغيير كبير لطبيعة العلاقة بالارض وتحويل المزارعين الريفيين الى عمال ماجوريين ، يمارسون الهجرة الموسمية . ولم يحدث مثل هذا التغيير لطبيعة الارض فى دارفور ، فقد بقت حركة العمالة الموسمية محصورة داخل الاقليم . اِن الاقتلاع ونزع ملكية الارض العنيفين الذان مارستهما الدولة فى الثمانينات والتسعينات (من القرن العشرين ) فى جبال النوبة والنيل الازرق والمناطق المجاورة من اعالى النيل ، بهدف خلق مشاريع الزراعة الالية وتمليكها للصفوة الخرطومية ، وبهدف خلق العمالة الزراعية لهذه المشاريع ، لم يشهد له مثيلا فى دارفور . لقد مثلت دارفور مستودعا للعمالة الزراعية لمشروع الجزيرة و لمشاريع الزراعة الالية فى القضارف ، ولكن ولبعد المسافة صارت هجراتهم طويلة المدى وليست موسمية . ولم يكن مستودع العمالة الموسمية الدارفورية حائزا على اهمية اقتصادية استراتيجية ، بالدرجة التى تتجه معه سياسات الدولة الاقتصادية للاهتمام به وتطويره . ولقد تاثرت المناطق الاكثر فقرا فى دارفور لتعانى – بسبب هجرات الذكور - نوعا من عدم التوازن الجندرى ، ولتزداد اهمية النساء كرأس للاسرة .

    لقد لعبت الهجرات دورا فى الطريقة التى تعاملت بها الصفوة النيلية مع الدارفوريين . ففى العشرينات ذكرت بعض التقارير ان ملاك الارض اعتقدوا أنه وكما ان الله (او الانجليز ) اخذ عبيدهم ، هاهو الان يرسل لهم الفلاتة . لقد ارتيط الوضع المتدنى لهذه المجموعة من المسلمين المتمسكين بدينهم ، ارتباطا وثيقا بالوضع المتدنى لمهنتهم كعمال زراعيين . وهى نفس الفكرة التى واجهت الدارفوريين عموما بغض النظر عن اثنياتهم . لقد اطلق عليهم مصطلح " عبيد" وبدون فرز ، ليعكس ذلك عنصرية مكينة ، وفى نفس الوقت احتقارا لمهنة العمالة الزراعية .
    ان الاستيعاب فى الدولة الوطنية السودانية ، هو فى نفس الوقت استيعاب فى بنية هوية اقليمية ، يلعب فيها لون الجلد والوضع الاقتصادى والذاتية العروبية ادوارا فى تصنيفات السكان . انها نفس الجغرافيا الاخلاقية للسودان التى عاشها محمد التونسى قبل اكثر من قرنين .

    ونواصل

    (عدل بواسطة isam ali on 12-08-2005, 05:13 PM)
    (عدل بواسطة isam ali on 12-08-2005, 06:41 PM)
    (عدل بواسطة isam ali on 12-08-2005, 07:31 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
من هم الدارفوريين ؟ isam ali12-07-05, 06:29 PM
  Re: من هم الدارفوريين ؟ isam ali12-07-05, 06:37 PM
    Re: من هم الدارفوريين ؟ isam ali12-08-05, 04:53 PM
      Re: من هم الدارفوريين ؟ معتز تروتسكى12-08-05, 11:45 PM
      Re: من هم الدارفوريين ؟ isam ali12-10-05, 02:52 PM
  Re: من هم الدارفوريين ؟ عمر ادريس محمد12-10-05, 08:43 PM
    Re: من هم الدارفوريين ؟ isam ali12-14-05, 02:05 AM
  Re: من هم الدارفوريين ؟ عمر ادريس محمد12-14-05, 06:00 PM
    Re: من هم الدارفوريين ؟ isam ali12-15-05, 05:03 PM
      Re: من هم الدارفوريين ؟ bakri abdalla12-15-05, 05:48 PM
        Re: من هم الدارفوريين ؟ أنور أدم12-16-05, 01:47 AM
          Re: من هم الدارفوريين ؟ isam ali12-17-05, 01:40 PM
  Re: من هم الدارفوريين ؟ عمر ادريس محمد01-23-06, 01:47 PM
    Re: من هم الدارفوريين ؟ ابنوس01-23-06, 02:47 PM
      Re: من هم الدارفوريين ؟ isam ali01-25-06, 02:06 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de