تقرير لجنة د. علوب للتحقيق في 19 يوليو: الأصل و المنسوخ و الملخص

Quote: ثانياً: المصادرة والتأميم:- ورد عنها في منشور صادر من اللجنة المركزية للحزب في 12/2/1972 بعنوان "حول أحداث وبيان 12 فبراير" ما يلي: "يرفض مجلس الثورة رأينا في أن عملية المصادرة و التأميم يجب أن يحكمها قانون ودوائر قضائية خاصة كي لا يحدث انهيار اقتصادي و يحجم رأس المال الوطني عن المساهمة في التنمية و يعْتـَبِر ذلك هجوماً ومعارضة للتأميم" [مستند أمن قومي دفعة ثالثة رقم 17 ملف 9 أ] هذا والجدير بالذكر أن أحد الذين ساهموا في اللجنة التي أعدت مشروع التأميم والمصادرة كان في نفس الوقت ### إلى اللجنة الاقتصادية التابعة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي السوداني والذي كان يعمل أيضاً مستشاراً إقتصادياً لمجلس قيادة الثورة [الشاهد 33 ص 3، 9] وبذلك يتضح للجنة أن الحزب الشيوعي كان يعترض على سياسة التأميم و المصادرة في الوقت الذي ساهم فيه أحد أعضاء لجنته الاقتصادية في وضعها. وأن لفي استعراض التبرير الذي أورده عضو اللجنة الاقتصادية للحزب المشار إليه في شهادته، ما يكفي لإلقاء الضوء على الموقف المتعنت الذي اتخذه الحزب الشيوعي السوداني في جعل المصادرة والتأميم مجالاً للنقد والهجوم الذي كان يغذي هجمات الثورة المضادة التي أضيرت بتلك الاجراءات. فيقول ذلك الشاهد في شهادته مايلي: "لم يكن مفهوم المصادرة وارداً- في أدب الحزب الشيوعي السوداني ولم تتوفر ظروف تفهمه بالنسبة للحركة الوطنية- وكان المصدر الرئيسي لوسائل المصادرة مقتبس من الثورة المصرية التي اتخذت الوسائل التالية: 1- الإستيلاء بدون تفويض على ممتلكات الأجانب. 2- التصفية القانونية استناداً إلى الجرائم الاقتصادية. 3- الوضع تحت الحراسة لتصفية مؤسسات الوطنيين التي تلقى عبئاً على الدولة وقد كانت دوافع المصادرة بعد ثورة 25 مايو بالذات بعد التأميم هي: أ‌- تصفية الجيوب ### في مجالي التجارة والصناعة. ب‌- إزالة بعض العناصر الوطنية المخربة للاقتصاد كعقوبة جـ - تفويت الفرصة على النفوذ الأجنبي بهذه التصفية حتى لا يجد بديلاً لمواصلة نشاطه. و بناءً على هذا الفهم صدرت قرارات بتأميم ومصادرة أكثر من أربع وستين مؤسسة تجارية وإنتاجية. وكان من بينها مؤسسات يمتلكها سودانيون والجدير بالذكر أن غالبية هذه المؤسسات كانت قـ## استنزاف لاقتصاد البلاد – مثلاً شركات التامين وشركات الأقطان، التوكيلات التجارية التي كان يمتلكها ويسيطر عليها الأجانب، وللحقيقة والتاريخ أثبتت الدراسات أن بعض العناصر الوطنية كانت تعمل في التجارة والصناعة تمارس نشاطات تخريبية أكثر استنزافاً إذا ما قورنت بنشاطات الأجانب. وكان من رأي قيادة الحزب الشيوعي أن عمليات المصادرة قد أضرت برأس المال المحلي وأدت -ص 26- إلى إنكماش نشاطاته. وفي هذا إغفال للمصالح المرحلية لفصيلة الرأسمالية الوطنية الشيء الذي يضر بموقف الثورة وبالتطور الاقتصادي بشكل عام. ### هذا المنطلق وجد هذا الرأي مجالاً للإتفاق مع العناصر اليمينية التي تضررت من إجراءات المصادرة والتي كانت تهدف إلى استعادة مراكزها السابقة، وطرح بعض قادة الحزب الشيوعي السوداني فيما بعد رأياً يدعو لتقنين التأميم والمصادرة وإصدار تشريع يكفل الـ### القانونية خاصة بالنسبة لرأس المال الوطني وقد إستفادت بعض الدوائر الأجنبية والأفراد الأجانب المقيمين في السودان من هذا الرأي وأخذت تطالب بإعادة النظر في التأميم والمصادرة، والتشكيك في الإجراءات التي اتخذت ولم يكن هذا الرأي إنطلاقاً من نظرية أو تجارب سابقة في البلدان التي مارست التاميم والمصادرة ولكنه كان انعكاساً للتجربة المصرية التي قننت تبعات التأميم والمصادرة بعد أن وصلت لدرجة متفوقة في بناء القطاع العام وإقتضت الظروف تغيير علاقات الدولة بالقطاع الخاص –المحلي والاجنبي- والجدير بالذكر أن تقنين عمليات التأميم والمصادرة في النظامين الرأسمالي والاشتراكي لم يتم إلا مواصلة للإجراءات السياسية التي يتخذها النظام وفقاً للأهداف المرحلية، فقد تمت إجراءات تأميم في بلدان الرأسمالية –بريطانيا وأخيراً فرنسا- اما لدعم ايرادات الدولة أو تخفيفاً لأعباء التكلفة على المؤسسات الرأسمالية. أما في البلدان الاشتراكية فقد تمت عمليات التأميم والمصادرة بحركة إستيلاء إستناداً إلى مبدأ سيطرة الدولة على المصادر الأساسية للإقتصاد الوطني ووسائل الإنتاج الرئيسية –المؤسسات الصناعية والعقارات الزراعية- وإستناداً إلى مبدأ سياسي وهو ضرب مصالح الطبقات القديمة وتصفية نفوذها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، ولم يتم هذا بتشريع وإنما يقرارات من السلطة تتخذ فعالية القانون. وقد تم تقنين الإجراءات الخاصة بالتأميم والمصادرة بصدور تشريعات لم تهدف إلى العمليات نفسها وانما لإعطاء ضمانات لإستمرار الـ### الاقتصادية التي يستقر عليها النظام. وتجدر الإشارة إلى أن تنفيذ التأميم والمصادرة إستناداً إلى القانون أمام المحاكم لم يكن عملياً في السودان لأن جهاز الدولة كان خاضعاً للنفوذ الأجنبي و لايمتلك المعلومات والأدلة المادية لإثبات الجرائم الاقتصادية التي أرتكبها النفوذ الأجنبي في تاريخ السودان".