صالون نايفاشا

صالون نايفاشا


12-19-2004, 11:11 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=95&msg=1103451069&rn=0


Post: #1
Title: صالون نايفاشا
Author: خالد الاعيسر
Date: 12-19-2004, 11:11 AM

صالون نايفاشا

لندن – خالد الاعيسر
صحفي سوداني مقيم في لندن
[email protected]

حدثنا الدكتور (بول فولر) خلال احدى محاضراته في جامعة ميديلسكس أن الخوف من الفشل Fear of Failure كثيراً ما يقود الى الفشل، وانعكاسات الخوف منه يمكن ان تفوق كل التوقعات، واسترشد بصالوناً للحلاقة فتح حديثاً في منطقة بشمال العاصمة البريطانية لندن يقدم "الجعة" لزبائنه قبل القيام بتزيين شعرهم!، وقال (فولر) مداعبا "انهم يريدون لزبائنهم مغادرة المكان بعد الحلاقة دون أن يعلموا بمدى حسنها أو قبحها"!.. وضحك الحضور وتواصلت المحاضرة كالمعتاد.
***
غير انني توقفت عند هذه الفكرة الغريبة التي ابتدعها الحلاق صاحب الصالون لتحقيق مصالحه على حساب أمزجة ورغبات زبائنه الذين هم أحق بتحديد الشكل الذي ارادوا لأنفسهم الظهور به، بل و أنفقوا مالهم لآجل ذلك الغرض.
لا أدري لماذا؟.. ولكن تداعت الى ذهني قضية مفاوضات السلام السودانية الجارية حاليا في ضاحية نايفاشا الكينية بين الحكومة والحركة الشعبية، والتي من المتوقع ان تثمر اتفاقاً دونما أدنى علم لقطاعات واسعة من التنظيمات السياسية وعامة الشعب بحيثيات بنوده ناهيك عن امكانية صموده والثغرات التي يمكن أن تؤثر عليه، خاصة و أن التفاوض قد تم بصورة ثنائية وغُيّبت خلاله كل القوى السياسية الأخرى.
ومعلوم أيضا أنه لا توجد ترجمة رسمية للاتفاقات بخلاف النص (الانجليزي) الموجود على الموقع الاليكتروني للحركة الشعبية.
والذي جاءت بعده سلسلة مقالات كتبها المستشار السياسي للحركة الشعبية الدكتور منصور خالد عنوانها (اتفاقات السلام.. البدايات والمآلات) في محاولة منه لازالة الغموض من أمام كل المتسائلين، غير ان ذلك يمكن ان يصنف عملاً سياسياً بحكم مهنية الدكتور "بل ان البعض صنفه كذلك".
كل هذا يرسخ الاعتقاد السائد بمنهجية الاقصاء التي يمكن أن تؤثر سلباً على مستقبل السلام وصمود الاتفاق.
***
.. ولم تمض سوى أيام معدودة حتى قابلت الدكتور (فولر) في ردهة أحد الأقسام بالجامعة وسألته بلهفة وشغف عن مصير صالون الحلاقة.. ضحك مجيبا: "لقد أقُفل المكان بعد ان تكررت البلاغات للشرطة بحدوث احتجاجات وشجار (وعنف!) سببها عدم قبول العملاء للشكل الذي خرجوا به من صالون الحلاقة بعد ان تعللوا بذهاب حالة السُكر تلك".
وقتها شعرت بالخوف على بلد بحجم السودان يقرر مصير أهله دون علمهم "داخل صالونات نايفاشا"، (فهل هي حلاقة لرؤس 33 مليون نسمة).
وهل ستبقى سكرة الشعب حيال المدلول السحري لكلمة السلام في نفوس سئمت الحروب وتتعطش للسلم الى أبد الآبدين! أم أننا أمام سيناريو يشابه حالة زبائن الحلاق الذين انتفضوا من سكرهم بعد حين؟ أسئلة الايام وحدها كفيلة بالاجابة عنها!
نقلا عن الزمان اللندنية