استقفر الله (ما بين حي تسنيم- الخرطوم ...و عُضام جلود- دارفور)

استقفر الله (ما بين حي تسنيم- الخرطوم ...و عُضام جلود- دارفور)


11-25-2004, 05:15 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=95&msg=1101356149&rn=5


Post: #1
Title: استقفر الله (ما بين حي تسنيم- الخرطوم ...و عُضام جلود- دارفور)
Author: aymen
Date: 11-25-2004, 05:15 AM
Parent: #0

الخرطوم- حي تسنيم

(استقفر الله.. استقفر الله )
قالها مشددا علي القاف، وهو خارج من الحمام، بعد قضاء زهاء الساعة مسترخيا في البانيو المعطرة ماؤه بروح اللافندر.. بعدها، اغتسل لصلاة الجمعة.. وجوّد الغسل الثاني، لانه (سرح) في بعض الحسابات و الصفقات، عند غسله الاول، فشك فيما اذا كان قد اتم الوضوء قبل مواصلة الغسل ام لا.. ولكنه جوّد الغسل الثاني علي اية حال..
(ترللا..تان تان ترم... ترللا..تان تان ترم).. ضرب التلفون الحديث، ذو النغمات العديدة التي يطيب ل( سهى) بنته الصغري تغييرها بين الحين و الاخر، و ربما كل يوم، كهواية.. كان يسير في الهول الي غرفة النوم، فقطع عليه التلفون بقية الكلمات الكثيرة التي كان يقولها بعد الاستغفار و الحمد..
- (........)
- (يا ولدي الوداك جنيف شنو الوكت دا، انت مش قلت انه عندك كورس في ادنبرة الشهر الجايي؟؟ و الا الدكتوراة دي اصلها ساهلة كدا، هي هي هي هيهههههه؟)
- (..........)
- (يا ابني وين قروش الاجار بتاعة الشقق الاشتريها ليك في لندن؟؟، دا كلام عجيب!)
- )..........)
- ( خلاص خلاص..انا ح ارسل فاكس بعد الصلاة لعمك علي.. مع السلامة، انا لاحق الجمعة)..
دخل غرفة النوم وفمه يهزج ببديع الادعية، و الاوردة التي حفظها عندما كان يواظب مع الشيخ (اب جبة)..ولامر ما، ربما يعلمه هو وحده، كان يشدد علي الحروف التي تقع في اواسط الكلمات..ربما لان خير الامور الوسط
وهو يلبس عباءته متهيئا للخروج لصلاة الجمعة..سألته (ام الوليدات)، كما يحلو له تسميتها
- (اها حتجي الليلة لسماية ناس محاسن اختي)
- ( لا، عندي زي غدا عمل كدا بعد صلاة الجمعة)
- ( لكن ما ممكن كل يوم جمعة تطلع للصلاة ما ترجع الا بعد الساعة عشرة بالليل.. انت ما.....)
- ( بعدين بعديييييين، انا محصل الصلاة هسة)
وقف امام المرآة وتعطـّّر، وشذب لحيته الانيقة التي يذيدها الشيب وقارا..، ثم خرج.. ركب في المقعد الخلفي في سيارة الوزارة، التي سرعان ما بدأت تتهادي في شوارع حي ( تسنيم) الفاخر، رغم سوء طرقاته..
طلب من السائق الانصراف بدونه بعد الصلاة، ولم ينس ان ينبهه الي الذهاب الي منزل ست (امنة) معلمة (سهي) الخاصة، واخبارها بالغاء الحصص الخاصة الاسبوع المقبل.
* * *
كان من اوائل الواصلين الي المسجد، كعادته من كل جمعة..بعد ان امتلأ المسجد، و حان وقت الصلاة و لم يأت الامام، بحثوا عن اكثرهم تقوى و ايمانا- وربما وساما وهنداما- فما وجدوا غيره
وبعد ان ارتجل خطبة عصماء، في الشهادة و الفداء..وعن تكالب الكافرين علي ارض دارفور الغالية..ختم بهذا الدعاء:
- (اللهم اخز الكافرين.. الهم صدّهم عن هذا البلد الامين.. الهم اقصف بالمتمردين، و انصرنا نحن المؤمنين، ...)..
وبينما كان في طريقه بالتاكسي الي الشقة التي اشتراها لعروسه ذات ال 22 ربيعا، كان هنالك ملاكا يحمل دعاءه بسرعة البرق الي السماء

دارفور- معسكر عُضام جلود

بعد ان ختم القرآن في تلك الظهيرة، من ذاكرته، فقد فقد ما تبقي له من بصر عندما حرق الجنجويد (قطيته)، وفشلت محاولته لانقاذ حفيدته اليتيمة من النيران..
رقد علي (فروته) لاخذ قسط من الراحة..واشعة الشمس الحارقة تتسلل من خلال الفتحات الكثيرة بين قطع (الخيش) التي عرش بها ما يشبه الكوخ.. او لعلها راكوبة!!..
تذكر الجمعة الماضية، و قد جلس في قطيته الكبيرة، يتلذذ بشواء (تيس) من قطيعة الكبير..و يضحك ملء شدقيه عندما قزفت حفيدته بجسمها النحيل في حجرة، و جعلت تتلمس لحيته.. و عندما اقتربت من حنجرته الضخمة صاحت
- جدي!! جدي!! ات عندك ركبة في رقبتك..
خنقته العبره، فحفيدته قد ماتت احتراقا، او لعلها ماتت اختناقا.. و حتي لو لم تمت، لما راي ووجهها الوضئ ثانية..عجبا لتقلب الاقدار..
* * *
عندما ارتفع صوت المؤذن للجمعةـ تلمس حجرا بجواره، وبدأ التيمم، فقد عز الماء حتي للشراب..ترقب ابنته التي ذهبت تحتطب، و لعلها تجد رزقا مما تجود به منظمات الاغاثة....
و لما طال الانتظار و سمع الصلاة ، صدى يتردد في المدى..وقف علي (فروته) و صلى..ثمانه دعى(استقفر الله العظيم.. الهم رهمتك يا ربي).

البيت

وانا ارقد للململة اطراف الروح عند الظهيرة من تلك الجمعة، رأيت فيما يرى الرائي بين اليقظة و الاحلام..ملاكين يطيران بسرعة البرق نحو ابواب السماء..تسارعا وتسارعا، فغفوت..
صحوت علي صوت التلفزيون وقد فتحته يدا ابنتي العابثتان..وانا امد يدي لاغلاقه، رايت شيخا مهيب الطلعة يقول بصوت يخلخل الروح
(و مطعمه حرام، وملبسه حرام، فأنى يُستجاب له)

Post: #2
Title: Re: استقفر الله (ما بين حي تسنيم- الخرطوم ...و عُضام جلود- دارفور)
Author: ود الشيخ
Date: 11-25-2004, 05:22 AM
Parent: #1



كان فهمت حاجة برجع واقول ليك
لكن يخربني

Post: #3
Title: Re: استقفر الله (ما بين حي تسنيم- الخرطوم ...و عُضام جلود- دارفور)
Author: aymen
Date: 11-25-2004, 07:08 AM
Parent: #2

يا ود الشيخ

ربما هي حكمة تائهة بين السطور

والله ما جاب خراب

ايمن بشري

Post: #4
Title: Re: استقفر الله (ما بين حي تسنيم- الخرطوم ...و عُضام جلود- دارفور)
Author: Mahathir
Date: 11-25-2004, 05:49 PM
Parent: #1

Quote: و مطعمه حرام، وملبسه حرام، فأنى يُستجاب له

Tale of two communities

Post: #5
Title: Re: استقفر الله (ما بين حي تسنيم- الخرطوم ...و عُضام جلود- دارفور)
Author: إيمان أحمد
Date: 11-25-2004, 06:35 PM
Parent: #1

أيمن
سرد ذكي ولماح

بديع
ومؤلم في آن.

وشتّان!

Post: #6
Title: Re: استقفر الله (ما بين حي تسنيم- الخرطوم ...و عُضام جلود- دارفور)
Author: aymen
Date: 12-08-2004, 07:25 AM

I will be back

Post: #7
Title: Re: استقفر الله (ما بين حي تسنيم- الخرطوم ...و عُضام جلود- دارفور)
Author: waleed500
Date: 12-08-2004, 07:37 AM
Parent: #1

الحبيب ايمن تحياتى
شايفك متابع الرجل من ما خرج من الحمام ومرورا بالهول ثم غرفة النوم
حتى وصلت لقناعه انك نفس الطالب السافر جنيف مع انو عندك كورس فى ادنبرة

Post: #8
Title: Re: استقفر الله (ما بين حي تسنيم- الخرطوم ...و عُضام جلود- دارفور)
Author: Nasr
Date: 12-08-2004, 07:51 AM
Parent: #1

ترا أني يا أيمن يا خي بعد ما فقدت الأمل في أولاد البحر وقت عدمانين إحساس جيت إت وحييت الأمل شوية. بس كتر شوية من التصريح وقلل شويتين من التلميح. ما زي ما بقول المثل الإيده في النار ما زي الإيده في الموية.
لعلك توقظ ميتي الإحساس....لعلك

Post: #9
Title: Re: استقفر الله (ما بين حي تسنيم- الخرطوم ...و عُضام جلود- دارفور)
Author: خال فاطمة
Date: 12-08-2004, 08:17 AM
Parent: #8

Quote: ما فقدت الأمل في أولاد البحر وقت عدمانين إحساس

Post: #10
Title: Re: استقفر الله (ما بين حي تسنيم- الخرطوم ...و عُضام جلود- دارفور)
Author: Nasr
Date: 12-08-2004, 08:45 AM
Parent: #1

إذ أنني كثيرا ما أندهش لتلك السعة في العيش والدعة والحرير لدي بعض قليل من الناس في بلادي أولئك الذين لا يعيشون في السودان إلا إعتذار ولا يعطف قلبهم إلا لماما. في مقابل ملايين تطحنها الحرب الملاريا البؤس الفاقة الحرمان وكل في ماقاموس المصائب من كلمات. المحيرني أكتر: أهل بيزنطة هؤلاء الذين ما فتئوا يحتقبون ود دكين والمك نمر وبضع أبطال أسطوريين اخرين لليوم الأسود

Post: #11
Title: Re: استقفر الله (ما بين حي تسنيم- الخرطوم ...و عُضام جلود- دارفور)
Author: aymen
Date: 12-23-2004, 03:20 PM
Parent: #10

قبل ان تجف الاقلام لهذا العام (الارشفة)

الاعزاء الافاضل
مهاثر
ايمان احمد
وليد500
نصر
خال فاطمة

لكم جمبعا العتبي للتاخير في الرد، و لكم الشكر علي المرور ههنا..
هذا هو حال البلد. و ايا كانت اسباب التناقضات، فالنتيجة مما نراه من حروب هي مما مرت به امم كثيرة قبلنا، ولكننا قوم لا نلتفت كثيرا لتاريخنا القريب، فاني لنا بتجارب الشعوب الاخري

ايمن بشري