ما بعد العزاء..!!

ما بعد العزاء..!!

بقلم/توفيق الحاج
شاعر فلسطيني

أيدينا على قلوبنا..وسؤال يطل من العيون..
ترى هل نكون مثالا يحتذى في ملء الفراغ الذي تركه الرجل بعد رحيله..؟!!
أم نكون سابقة لا ترتضى في التصارع والتناحر على من يدير سجن غزة الكبير..؟!!
عرفات..أصبح في ذمة الله ومن هذه اللحظة تقتضي حرمة الموت أن نتفق على رمزيته وأبوته وان اختلفنا في الرأي حول اجتهاداته .

* * *

لقد كان عرفات قادرا على ضبط المتناقضات والتعامل مع المستجدات بطريقة قد لا ترضي الجميع ولكنها تحقق الحد الأدنى المطلوب من سلطة محاصرة وشبه عاجزة..!!
و كان قادرا بأبوته وخبرته على لجم طموحات قادة الأجهزة والسيطرة على شهواتهم رغم ما بدا في الفترة الأخيرة من حياته من ضعف أدى إلى بعض الانفلاتات الأمنية
لكن غيابه سيكون أكثر وجعا من مجرد اللحظات الجنائزية وبكائيات الشعراء عندما لا نستطيع لملمة شعثنا –لا سمح الله – وتبدو صغائرنا على شاشات الفضائيات كما حدث في خيمة العزاء بغزة .

* * *

وللحق فان حركة فتح كونها الفصيل الرئيس والأخ الوطني الأكبر مطالبة الآن وقبل كل شيء بالالتفاف والانضباط والتوحد خلف رمز له صلابة عرفات وحنكته ويستمد من شعبية الختيار شعبيته ،ولتكن فتح الشرفاء كما عهدناها قدوة في العمل الوطني الملتزم .

* * *
كل فلسطيني مخلص يتمنى أن يتم انتقال السلطة بشكل سلس وهادئ وحسب التشريعات والإرادة الانتخابية الفلسطينية ،ولكن الأحداث القادمة لا تنسجم بالضرورة مع الأمنيات والدعوات ،فما قد يحدثه تصريح فلسطيني رسمي غير مدروس أو تدخل خارجي مشبوه يجعل الفلسطيني العادي في حالة قلق مستمر على مستقبل وطنه و أبنائه .
لذا يجب علينا كفلسطينيين ونحن محط أنظار العدو قبل الصديق أن نكون على مستوى المسئولية في التعامل مع التحديات ومواجهة الأزمات كما لو كان عرفات موجودا ,اكثر ،فأي أمة تحترم نفسها وتريد مواصلة الحياة بشرف لا تقف عاجزة باكية أمام رحيل أحد رموزها بل يعطيها ذلك عزما وقوة جديدين لمواصلة الزحف نحو الهدف .

* * *

لقد كان رحيل عرفات متوقعا في ظل الحصار وشهوة القتل المتعاظمة لدى الإسرائيليين وكان يجب أن نعد أنفسنا جميعا لهذه اللحظة بحيث نوفر على أنفسنا بعض الانذهال والجدل في إشكالية التسميم . فإسرائيل باتت منذ زمن قادرة على ارتكاب الجريمة الكاملة ،ومن يشك في ذلك فهو لا يزال نزيلا بإرادته في برزخ السذاجة..!!

* * *

إن المنطق وأمانة الضمير الفلسطيني يتطلبان منا جميعا رص الصف وراء الرئيس القادم المنتخب وتوسيع قاعدة السلطة بما يتفق ومصلحة الشعب الصامد وطموحاته التي لاتقبل الهيمنة والتفرد ،وهذا الشعب لديه القدرة الأسطورية على تجاوز المحن والنهوض من جديد مبتدعا أساليب فاعلة كفيلة بتحقيق حقوقه في الحرية وتقرير المصير.

* * *

لربما يكون رحيل عرفات الرمز بداية النهاية لمعاناة طائرالفينيق الفلسطيني
ولربما يكون رحيل عرفات الكوفية نهاية البداية لمعاناة أشد وأقسى
وأيا كان فنحن لها .