قراءات-قراءة بطعم الحنظل..صدي-اللقمة الحافة والعلم المتعثر!!

قراءات-قراءة بطعم الحنظل..صدي-اللقمة الحافة والعلم المتعثر!!


10-12-2004, 12:47 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=95&msg=1097581663&rn=0


Post: #1
Title: قراءات-قراءة بطعم الحنظل..صدي-اللقمة الحافة والعلم المتعثر!!
Author: nile1
Date: 10-12-2004, 12:47 PM

صدي
اللقمة الحافة والعلم المتعثر!!
امال عباس
قابلتها بعد غيبة طويلة.. سألتها عن حالها وياليتني ما فعلت.. أتسألين عن حالي؟ كأنك لم تكتبي قبل أيام عن مأساة الطفل الذي انتحر.. تلميذ العاشرة، وكأنك بعيدة عن واقع هذه الأيام العجيبة. دعيني من السؤال فنور حياتي يخبو وشمعتي تذوب بالرغم من أنها تضئ على استحياء وضوءها بات خافتاً ومع ذلك أعزي نفسي بأنني احترق راضية من أجل الآخرين.
ü وما أخالني إلا هائمة في الأسواق والشوارع عما قريب «مجنونة» مثل الآخرين الذين تمتلئ بهم شوارع وطرقات المدن. انني حطام بعت أعصابي وعقلي وقلبي برغيف خبز ناشف جاف مر لا يكاد ينزل من حلقي.
ü قلت لها ما عرفتك بهذه الحالة من قبل ما الذي بدل تلك الشخصية المرحة الشخصية الشحنة من التفاؤل والاصرار على النجاح؟ أين حديثك عن الامل ونور المعرفة والعلم وقهرهما للظلام أين المعلمة النموذج؟
ü قالت ألا تعلمى انني مقاتلة فقدت سلاحها. مهنتي أن اقاتل الجهل بالمعرفة بالحرف والكلمة. وجدت نفسي بلا فصول وبلا طباشيرة وبلا سبورة حتى. أنا معلمة في مرحلة الأساس نهاري نهار المجانين وليلي ليل القتلى فمتى أفكر متى أقرأ ومتى أهدأ ومتى أمرح وأنا ارجع نهاية اليوم مهدودة الحيل مصدوعة الرأس جافة الحلق وهذا ليس بسبب العمل وقلة مدخلات العملية التربوية ولا بسبب شقاوة الاطفال ومتاعبهم. ولكن بعذاب المرارة التي أحسها تجاه ما أسمع والحظ طوال اليوم الدارسي. اتعرفي كيف يبدأ مشوار العذاب هذا؟
ü يبدأ طابور الصباح. لا نستطيع أن نسائل معظم التلميذات عن مستوى نظافة ملابسهن إلا وجاءتك الاجابة مرة بطعم الحنظل «ياست فلانة أبوي قال ماعنده قروش والصابون بقى غالي وأمي قالت لي امشي بهدومك كدي وما تغيبي.. أما حالة الاحذية فلا نملك شجاعة السؤال عنها ففي شبشب «السفنجة» متسع للأغلبية والقلة النادرة جداً تنتعل أحذية متواضعة وهناك من يأتين حافيات أى والله تلميذة صغيرة تأتي إلى المدرسة حافية في زمهرير الشتاء وحر الصيف وتقول لي والمرارة والانكسار يدثران كلماتها «سفنجتي انقطعت وامي وابوي قالوا لي امشى حفيانة لمن نشوف».
ü وليت المشهد المأساوي ينتهى الى هنا لكنه يزداد، هؤلا عندما تحين «ساعة الفطور» وتتجسد معاناة الحرمان والجوع في عيون الطفلات.. أبشع واقبح ما يكون وما يمكن أن يعاني منه المرء هو معايشة نظرة الحرمان والانكسار الناتجة من هذه الحالة اللا مفهومة في عيون الطفلات إنها لحظات تدفع الى الجنون. والباقي تعلمينه مدخلات العملية التربوية نفسها مبنى المدرسة، الكتاب، الكراس، المقاعد والمرتبات.
ü ذات يوم وقفت احدى زميلاتنا تتأمل التلميذات الصغيرات وبعد أن التفتت قالت: نحن مناضلات نحاول ان ننقذ جيلاً ضائعاً ما بين «اللقمة الحافة» و«العلم المتعثر». جيل تتعذَّر عليه «القراصة» وتجفل منه «الكراسة».
ü واستمرت صديقتي المعلمة قائلة لكننا نقف عاجزات أمام هذه الحالة التي لا نعرف لها إسماً واذا تجاوزنا مسلسل تأخير صرف المرتبات وهى حالة تهدد مستقبل أمة وتعني ضياع جيل فكيف نتوقع مستقبل بناته وابنائه واعمدته هم اولئك المنكسرة دواخلهم بفعل البؤس والحرمان من أبسط متطلبات الحياة.
ü نظرت إلى محدثتي وعجزت تماماً عن التعليق فماذا أقول تجاه معاناة من نوع آخر سردتها امامي معلمة معاناة بحجم الفجيعة لجيل يعيش الفقر والحرمان والبؤس المفروضات على الأسرة. الجيل المدفوع الى دور العلم بلا امكانات. هلاَّ أعدنا النظر في أمر هذه العملية التربوية التي تمر بمرحلة الخطر.
هذا مع تحياتي وشكري

عن جريدة الصحافة 12/10/2004م

Post: #2
Title: Re: قراءات-قراءة بطعم الحنظل..صدي-اللقمة الحافة والعلم المتعثر!!
Author: atbarawi
Date: 10-13-2004, 02:31 AM
Parent: #1

الاخ نايل سلامات
شطرا لهذا الموضوع القيم والذي لا يحتاج الى تعليق بقدر ما يفجر احزان بمساحة مليون ميل مربع0

عبد الخالق