السودان دولة تقتات من لحمها ولا تجده

السودان دولة تقتات من لحمها ولا تجده


09-10-2004, 11:28 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=95&msg=1094855281&rn=0


Post: #1
Title: السودان دولة تقتات من لحمها ولا تجده
Author: almulaomar
Date: 09-10-2004, 11:28 PM

السودان بلد متعدد الأعراق والثقافات والقوميات وهو يمثل القطر القارة بكل تلك المساحة الكبيرة. هذا التعدد والتنوع كان ينتظر ان يتعكس إيجاباً على قوة البلد ونهضتها وتطورها وترابط أبنائها ، لكن واقع حالنا يقول غير ذلك فكل ما تقدمنا في ركب العلم والتطور والحضارة تكشف لنا الوجه القبيح للظلم والجهل والمرض والفقر والعنصرية البغيضة بين قبائل السودان كافة ، من الطبيعي أن تقسو الطبيعة ويضرب الجفاف هنا وتفتك الأمراض والأوبئة هناك لكن حيث تقسو الطبيعة مرة يقسو الإنسان على أخيه الإنسان آلاف المرات فيختلط الجفاف بالحروب ويتضارب السياسيون والعسكريون ومن شايعهم برؤوس الناس والمساكين وهكذا يتحول نصف أهل السودان إلى أناس هاربة والنصف الآخر إلى أناس لا تقوي على الهرب بسبب الجوع والفقر والمرض وقلة الحيلة.
القارئ لجغرافية وتاريخ السودان يجد أن هناك تداخل وتعايش بين القبائل الحدودية داخل السودان وتلك الدول المجاورة له بل هناك علاقات تزاوج وترابط قوية ، ولما كنا نقدر ونحترم المواطن التشادي والأثيوبي والمصري والكيني واليوغندي ... إلخ لإعتبارات يأتي في مقدمتها أنهم مواطنون لهم أوطان وسيادة كان الأولى أن يكون إحترامنا لبعضنا البعض أكبر وأعمق لإعتبارات تتجاوز منطق السيادة والوطنية.
للأسف الشديد خلال تاريخنا وحتى يومنا هذا خلت بلادنا من نموذج ولو صغير في النمو والتطور والإنتاج ، وحتى الإستقرار الذي ندعي هو في الواقع إستقرار مصطنع أو قمعي ليس إلا ، لقد إصطلينا بنيران كافة أنواع الحكومات عسكرية وحزبية منذ خروج المستعمر وإلى يومنا هذا ولم ينصلح حالنا بل أخذ يزداد سوء على سوء وأصبحت كل فترة حكم أبغض من سابقتها
لو تصورنا إنفاصل جنوب السودان وتمتعه بإستقلاله وسيادته الكاملة وذهبنا أبعد من ذلك بأن ينال أبناء شمال السودان سيادة مماثلة وكذا الشرق والغرب وأصبح بين تلك الكيانات الجديدة المستقلة علاقات جوار ومصالح هل يمكن أن نتعايش ونعيش في سلام ووئام نحترم حقوق الجوار أم سوف تأخذنا العزة بالإثم كالعهد بنا غير عابئين بالعهود والمواثيق المكتوبة أو المتعارف عليها بين الجيران فيجرد أبناء الجنوب حملة لغزو سلاطين الشرق ويزحف ملوك الشمال صوب دولة الغرب.
لا أحسب أن هناك تفسيراً واحداً أن يصبح نصف سكان البلد عطشي في بلد يمر فيها أطول أنهار العالم بخلاف الأمطار ، ومع وجود كل تلك الرقعة الزراعية الخصبة وتعدد المناخات الجغرافية تضرب المجاعة بعنف هنا وهناك ، بلد حباها الله بثقافات وفنون متنوعة والجهل متفتشي لأبعد الحدود بلاد ولدت عباقرة وأدباء وفلاسفة في مختلف ضروب العلم والفن والأدب وما أنفكت ومع ذلك تظل غارقة في ظلام الأمية والكراهية والحقد وسؤ التخطيط وسؤ الإدارة وسؤ السلوك.
دولة واقعها وقدرها أنها سلة غذاء العالم بما تملك من أمكنيات وموارد طبيعية وغيرها لكنها عاجزة عن أطعام أبنائها الذين أصبحوا يتسولون الهبات والإغاثات من هنا وهناك ، أنه الإنسان لا الجفاف والتصحر ، فحين يبيد الساسة ومن شايعهم عشرات الآلاف من أبناء الوطن ويشرد مئات الآلاف لابد للمجاعة حينئذ أن تطل بوججها البغيض لتضرب بعنف ، وحين تصرف نصف عوائد البلاد في التسليح والنصف الآخر إختلاسات ورشاوى ومحسوبيات وفساد لابد أيضاً للمجاعة أن تقيم في مثل هذه البيئة مع المرض والذباب. إن ما يحدث في السودان عار.
النظام العالمي الجديد قطعاً ليس كثر رأفة على أبناء الغرب والشرق والجنوب والشمال والوسط من أنفسهم ، لكن ما يحمد لهذا النظام العالمي أنه سلط الضوء على مشكلة مزمنة ، جردنا من تهيئواتنا وتناسينا لواقعنا حتى وإن وضع الملح على الجرح لابد أن نؤمن بأن هناك مشكلة متجذرة في مساحة قدرها مليون ميل مربع ليس هناك مشكلة جنوب و متمردي دارفور أو تمرد وخروج على النظام يقوده قطاع طرق في الشرق أو تزمر في الشمال كما تعتقد الطغمة الحاكمة ، هناك ظلم وجور وعدم مساواة ومن ثم كان لابد أن تكون هناك ثورات ، وما بقينا عاجزيزن عن تحقيق العدالة والمساواة بين جميع أبناء الوطن ونبذ العنصرية البغيضة فبشروا بمزيد من الثورات وتفكيك السودان إلى سلطنة في الغرب ومملكة في الشمال إمارة في الشرق ودولة في الجنوب لا محالة قادم ما بقي العلاج والحل برغم مرارته لأنه يظل أقل مرارة وإيلاماً من المرض المزمن.

آخر الكلام
إلى جميع الحالمين بالوحدة
الوحدة قوة
والوحدة سينما
والوحدة حي
والوحدة فريق كرة قدم
والوحدة خير ألف مرة من رفقة السؤ
والوحدة تعايش وتماذج وأنصهار وشركة تفرضها قناعات أساسها العدل والمساواة والمحبة والثقة

Post: #2
Title: Re: السودان دولة تقتات من لحمها ولا تجده
Author: Zoal Wahid
Date: 09-11-2004, 02:44 AM
Parent: #1

الملا عمر

حمدا على السلامة ، نورت البورد

يا اخي ما خليت لي محل اعلق فيهو
انت شخصت الداء ووضعت يدك على الموضع المؤلم والعلاج الشافي في ثنايا مقالك


لك التحية مرة أحرى

Post: #3
Title: Re: السودان دولة تقتات من لحمها ولا تجده
Author: almulaomar
Date: 09-11-2004, 05:55 AM
Parent: #2

Zoal Wahid
أشكرك على حرارة الترحيب والبورد منور بجميع أعضائه.
ماذا لو تم تقسيم السودان إلى دول في الشمال والغرب والشرق والجنوب هل يكون في ذلك حل لمشاكل العنصرية وهل تضع الحرب أوزارها ويعود الوئام والسلام والتسامح؟ هل يمكن أن تكون نظرة الشمالي لأبناء الجنوب والغرب والشرق نظرة إنسان لإنسان متساوي معه تماماً في كافة الحقوق أما تستمر النظرةالعنصرية البغيضة