...................................... نقـــرأ معـــــــــا

...................................... نقـــرأ معـــــــــا


06-14-2004, 04:31 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=95&msg=1087183861&rn=0


Post: #1
Title: ...................................... نقـــرأ معـــــــــا
Author: Omar
Date: 06-14-2004, 04:31 AM

امرأة تصلح ما أفسدوا! .................... خيري منصور

لو كان للعرب إعلام غير هذا.. لأجمعت الفضائيات والأرضيات والبرمائيات كلها على مشهد لم يدم سوى نصف دقيقة، طرفاه فلسطينية عزلاء إلا من ذاكرتها وإرادتها، ومستوطن أعزل من كل شيء إلا من سلاحه.. فقد أمسكت المرأة يد المستوطن المرتعشة على رشاشه العوزي وقالت له بالحرف الواحد: “ان ما يمنعني من ضربك بيدي هو خشيتي من ان أصاب بالنجاسة”، وقد تكون تلك المرأة على وضوء، أو انها توضأت ذات يوم من دم أخيها، لقد دام هذا الحوار القصير جداً بمقياس من يحصون الزمن بالساعة، لكنه طويل ومديد بمقياس آخر، هو نبض القلب ودقاته لحظة الرّعاف الوطني.

ولو كان الاعلام العربي عربياً بحق، لأعاد هذا المشهد ألف مرة في النهار من دون ان يخشى الملل والرتابة، لأن ملايين العرب متعطشون لمثل هذه العبارة التي لا تخرج إلا من فمٍ هو توأم الجرح.. إن لم يكن الجرح ذاته!

قبل أربعة أو خمسة عقود، كان مشهد وطني عادي، يتحول الى حفلة شعرية ويغرف منه الرسام والكاتب والعازف، لأن الروح كانت معافاة، والإرادة القومية لم تكن قد شلت، ونذكر ان مئات القصائد كتبت عن جميلة بوحيرد الجزائرية، لأنها حررت الأنوثة العربية من الصدأ الذي علق بها، ومن البطالة القومية والانسانية التي حذفتها من المجتمع، لترمى على هامشه كالنواة!

وكانت فتاة عربية تعلق علماً أو تمزق علماً غير مرغوب فيه تتحول الى مناسبة تستدعي كل الاحتياطي الوطني في الذاكرة، بدءاً من النشيد حتى المظاهرة.

فما الذي جرى لنا ونحن نشهد ما لم نشهد من قبل، نساء باسلات يقاتلن الدبابات بلحم أجسادهن وأطفال يحولون صدورهم العارية الى دروع لصد الرصاص، ونماذج بشرية فذة تسبح ضد تيار الرعب، لكن ما من يد تصفق، وما من كلمة تثقب الصمت لتشهد على ما يحدث!

اسهل ألف مرة علينا جميعاً ان ننعى أمة، ونهجو تاريخاً، ونشمل بما فاض من احباطنا حتى هؤلاء الذين من أجلهم وحدهم ستشرق شمس الغد.

أليست الشجاعة، والمواجهة والافتداء هي من الاستثناءات الذهبية على مر التاريخ؟ فلماذا نشيح عنها بوجوهنا وأقلامنا؟ ربما لأن هذه الاستثناءات النضرة في زمن ذابل تحرجنا، وتذكرنا بعارنا الشخصي والقومي، لهذا نتناساها.

ان وصف العرب الآن بأنهم مذعورون وفارون من مواجهة قدرهم يجب ان لا يشمل خلايا المناعة الحية التي تقاوم في أقسى وأفظع شروط عرفها البشر، والعرب الذين يقاومون في العراق وفلسطين ولبنان هم من صميم هذه الشعوب، ورضعت الحليب ذاته من نصوص ومرجعيات ومنابع، وما من حق أحد حتى لو عصب عينيه ان لا يعترف لهؤلاء بالفضل، لأنهم يموتون دفاعاً عن حق من يتبقى بعدهم في الحياة، فأي نكران هذا وأي عقوق؟

لم نعد نغني لمن استحقوا الثناء والغناء كله، ليس لأنهم انقرضوا من هذه السلالة الخالدة، بل لأننا لم نعد نجيد الغناء، وصرنا نخاف حتى من ذكر أسمائهم لأنها مدرجة في قوائم العصاة والمطاردين من الماء الى الماء ومن اليابسة الى الفضاء!

والمرأة العربية التي ينتهك لحمها وكرامتها الإعلان الهمجي رغم ما يغلفه من الحداثة الزائفة، لها نموذجان اليوم، أحدهما يتجسد في باسلة تحرم عدوها من ضربة بيدها العزلاء لأنه نجس، والآخر تعرضه في المزاد الرخيص الأبيض أو الحنطي شركات تنتظر بفارغ الصبر تنكيس الاعلام كلها، والهزيمة الشاملة كي تفتح الأبواب لزبائن هم من قتلة الأخوة والأبناء!

تلك المرأة الفلسطينية التي احتشدت أمة في لسانها وعلى رؤوس أصابعها ليست من كوكب آخر، انها ابنة هذا الجبل وهذا النهر وهذه الصحراء، وهي ابنة الأبجدية ذاتها التي تهان وتسحق في بورصات التاريخ المعروض للبيع والجغرافيا المعروضة للإيجار!

فلماذا يمر الاعلام سريعاً بهذه المشاهد وهي ما تبقى فينا على قيد الوطن والتاريخ وحتى الأخلاق؟ أراهن، ان امرأة كهذه تصلح ما أفسدوا وما أفسد الدهر معهم!



خيري منصور

Post: #2
Title: Re: ...................................... نقـــرأ معـــــــــا
Author: Omar
Date: 06-15-2004, 04:25 AM
Parent: #1

"فالوذج" و"مُسَخّنة بين نارين" ............. جمعة اللامي

فما حَملتْ كف امرىء مُتَطعماً

ألذ وأشْهى مِنْ أصابعِ زينب



(أبو طالب المأموني)



قبل “أصابع زينب” و”المُسَخنةِ بين نارين” اسمحوا لي أن أروي، بين أيديكم، يا سادة يا كرام، ما جرى للفنان ديمس روسوس في القاهرة، يوم الجمعة الماضي، حين كان يتهيأ لإطلاق صوته ببعض أغانيه، لكنه وجد الناس في شغل شاغل عنه. وهل شغل عربي أشهى من لذيذ طعام على مائدة قوم كرام؟

كان ديمس روسوس، باعتباره مصري الأرومة، قد وَفَد مع “الشعلة” الأولمبية إلى مصر، والتي كانت في طريقها الى أثينا، حيث يشكل وصولها الى هناك، بداية دورة الألعاب الأولمبية في أغسطس المقبل.

اعتلى روسوس المسرح، فرأى الناس مشغولين بالديكة المحمرة والحمام المشوي، ولم يقبلوا على “الفالوذج” بعد. فاصطنع ابتسامة، وعزف على البيانو، لكن الناس انكبّوا على أسمطة الألوان المصرية. وابتسم الفنان الرقيق، وأخذ يعزف لمدة خمس دقائق أخرى في محاولة لجذب اهتمام الناس الى سحر البيانو، لكن الجمهور لم يعبأ بكل هذا. واستمر الرجال والنساء، من علية القوم الى رجال الحراسات، بتناول ما لذّ وطاب من صنوف الأرز الى “أم علي”!

وهنا، ضرب روسوس بكفه على طاولة قريبة منه، ونزل من على خشبة المسرح، تتبعه فرقته الموسيقية غضبان ناقماً، ولم تنفع في تهدئة ثورته الفنانة ليلى علوي ذات النسب اليوناني من جهة أمها، ولا رفيقتها هالة صدقي، ولا المطربة التونسية لطيفة.

وقال أحد الظرفاء الخبثاء: وما الضرر في أن يأكل الناس، بينما روسوس يغني ب “المصري” و”اليوناني”؟ ألا يعرف هذا المغني الراقي أننا نستطعم “الفالوذج” ونستذوق “اللّوزينج” ونحن نتابع طائرات أمريكا تقصف بغداد، ودبابات شارون تحاصر جنين، أمس واليوم.. وربما غداً؟!

أليس الاختلاف على مآكلنا جزءاً من تراثنا العريق؟!

يروى أن “الرشيد” اختلف مع زوجه “أم جعفر” حول أيّهما أطيب: الفالوذج أم اللّوزينج، فسأل الرشيد رأي “أبي يوسف” القاضي، فقال الأخير: يا أمير المؤمنين، لا يُقضى على غائب. فأحضرهما فأكل حتى اكتفى. فقال له الرشيد: احكمْ؟ قال أبويوسف: قد اصطلح الخصمان، يا أمير المؤمنين!

وقيل إن الرشيد انبسط فضحك، وأمر لأبي يوسف بألف دينار. فلما سمعت السيدة زبيدة بذلك، أمرت له بألف دينار إلا ديناراً، تأدّباً أمام زوجها، ولكي لا تتغلب الأنثى على الذكر.

وقال الحسن البصري: الفالوذج هو: لُباب البرّ، بلُعابِ النَحْل، بخالصِ السمْن!، وما أظن عاقلاً يعيبه!

وحسب الأصمعي، فإن أوّل من صنع الفالوذج، رجل أعرابي يقال له “عبدالله بن جدعان”، بعدما عرفت العرب الألوان في المطعم، فلقد كانوا قبل معاوية بن أبي سفيان، لا يعرفون إلا اللحم المطبوخ بالماء والملح!

ومن عجائب أقوال العرب، قولهم: الأرز الأبيض بالسمن والسكر ليس من طعام أهل الدنيا، وإن الأرز يزيد في العمر، ويُري الإنسانَ منامات حسنة!

أما “أصابع زينب” فضرب من الحلوى، على شاكلة أصابع بدوية محنّاة. وأما “المسخنة بين نارين” فهي المَرَق، أو “الصالونة”.



جمعة اللامي
[email protected]