أجل، أبوغريب كان مؤامرة حقيقية ! .................. سعد محيو

أجل، أبوغريب كان مؤامرة حقيقية ! .................. سعد محيو


06-11-2004, 06:53 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=95&msg=1086933192&rn=1


Post: #1
Title: أجل، أبوغريب كان مؤامرة حقيقية ! .................. سعد محيو
Author: Omar
Date: 06-11-2004, 06:53 AM
Parent: #0

(I)

قبل نحو الشهر تساءلنا في هذه الزاوية عما إذا كان التعذيب الجنسي في سجن أبوغريب، عملية امريكية مقصودة هدفها إخضاع الشعب العراقي عبر الرعب والاذلال.

آنذاك، أثارت هذه الفكرة حفيظة الكثيرين. فالبعض أعرب عبر البريد الالكتروني عن امتعاضه الشديد من إحياء “نظرية المؤامرة” العربية الشهيرة في كل /وأي تطور سياسي او أمني. فيما اختار البعض الآخر نقدا اكثر موضوعية : لو كان التعذيب مقصودا، لما بادرت الادارة الامريكية الى إجراء التحقيقات، ولما تبرّع رئيس أعتى إمبراطورية في التاريخ لتقديم اعتذاراته العميقة وأسفه الشديد.

لكن، ولأسف شديد مماثل،، لم تجر الرياح الامريكية كما تشتهي سفن هؤلاء النقاد العرب العقلانية.

لماذا؟



(II)

هناك ثلاثة أسباب :

* الاول، اعتراف وكالة الاستخبارات المركزية (“السي. آي. إي”) ووزارتا الدفاع والعدل الامريكيتان قبل أيام بأنهما “أفتيتا” عامي 2002 و2003 ب “قانونية وشرعية” تعذيب المعتقلين والاسرى العرب والمسلمين. والحجة التي استخدمت لتبرير ذلك هي ان “القوانين الدولية التي تحظر التعذيب قد لا تكون دستورية، حين تطبق على الحرب التي يشنّها الرئيس بوش على الارهاب”.

* والثاني، المقال الخطير (4 حزيران/يونيو الحالي) الذي نشره كريستوفر كالدويل، كبير محرري دورية “ويكلي ستاندرد” الناطقة باسم المحافظين الجدد الامريكيين، والذي ركّز فيه على النقاط الاخطر الاتية:

“رفض المقارنة بين الحرب العالمية الثانية وبين الحرب الحالية ضد الارهاب، أمر سخيف. فالامريكيون يخوضون حاليا حربا اكثر حضارية بكثير من حرب ،1940 وهم لم يهزموا ألمانيا النازية ويفرضوا الديمقراطية على نصفها من خلال تقديم أنفسهم كنموذج أخلاقي، بل عبر مسح الجيش الالماني عن بكرة أبيه وإرهاب السكان الالمان بهدف إخضاعهم. لا بل فكّر روزفلت مرة بحل المشكلة الالمانية من خلال وضع حد للألمان أنفسهم.

سلاح الجو الملكي البريطاني قتل 80 ألف طفل ألماني، برغم ان نتيجة الحرب كانت قد حسمت. وصحيفة “لايف” كانت تنشر صورا لجنديات يرسلن رسائل غرام الى أصدقائهن على جماجم يابانية، ولجنود امريكيين يهدين أحباءهن أصابع ألمانية مبتورة.

الرئيس بوش أخطأ خطأ فادحاً. فهو يخوض حرباً ايديولوجية تعود الى القرن العشرين، بايديولوجية حقوق الانسان التابعة للقرن الحادي والعشرين. وهكذا فهو تجنّب الحرب في رمضان، وسلّم النجف الى رجل دين شيعي عنيف خوفا من إلحاق الاذى بالعتبات المقدسة الاسلامية، وتجنّب تطبيق نظرية “الصدمة والرعب” على السكان المدنيين العراقيين. وكل هذا لم يحفز العراقيين على أن يكونوا إيجابيين مع الغزو. لقد حاولت الولايات المتحدة تحرير بلد عبر حرمان نفسها من أهم وسيلة حربية وأعظمها تأثيراً: الخوف.

نأتي الآن الى السبب الثالث (والأهم). وهو يكمن في ما كشفته كل من “نيويوركر ماجازين” و”الجارديان”، عن أن عمليات التعذيب الجنسي في العراق، تمت في ضوء تبنّي “السي. آي. إي.” والمؤسسة العسكرية الامريكية ل “توصيات” الكاتب الامريكي رافائيل باتاي في مؤلفه “العقل العربي”.

في هذا الكتاب، الذي صدر العام 1976 ونفض المحافظون الجدد الغبار عنه العام ،1994 يعلن باتاي أن “العرب يستسلمون تحت ضغط الاذلال الجنسي، لانهم يعتبرون الجنس (تابو) مغمّسا بالعار والقمع”. ورسم باتاي صورة قاتمة عن العرب، ذكّرت الكثيرين بكل كتب الاستشراق العنصرية التي لطالما أدانها إدوارد سعيد.

وبرغم ان الجامعات ومراكز الابحاث الامريكية المحترمة اعتبرت الكتاب تافها من الناحيتين الاكاديمية والعلمية، إلا أن المحافظين الجدد تبنوه، وجعلته المؤسسة العسكرية الامريكية جزءا من برامجها التثقيفية حول العرب.



(III)

ماذا تعني كل هذه المعطيات؟.

انها تعني (بل وتؤكد) ان الصور التي خرجت من أبوغريب لرجال عراقيين عراة، أو لأسرى يجبرون على ممارسة الجنس، أو لفتاة تجر أسيراً عارياً من رأسه كالكلب، أو لتكديس المعتقلين فوق بعضهم البعض بشكل جنسي، كل هذا كان تنفيذا أمينا لوصايا رفائيل باتاي حول إخضاع العراقيين بالاذلال الجنسي، ولقرارات “السي. آي. إي” والبنتاجون حول “شرعية وقانونية” هذا الاذلال، ولرغبة المحافظين الجدد بزعامة كادلويل باستخدام الخوف والتخويف كأبرز سلاح عسكري.

بكلمات أوضح: كانت ثمة توجهات سايكولوجية - استراتيجية مدروسة وراء ما جرى في أبوغريب وباقي سجون ومعتقلات العراق وأفغانستان وجوانتانامو. وهي توجهات تستند بدورها الى معطيات فكرية تبدأ وتنتهي بكلمتين اثنتين: الاستشراق العنصري.

محصلة في غاية الخطورة؟

أجل. بالتأكيد!



سعد محيو