الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 24

الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 24


01-11-2009, 07:05 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=92&msg=1240462444&rn=36


Post: #1
Title: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 24
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-11-2009, 07:05 PM
Parent: #0




Post: #2
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-11-2009, 07:31 PM
Parent: #1

مرحباً بالجميع، بخاصة سكان أوهايو، والوسط الغربي (Midwest) الأمريكي في العموم، ولكل من يرغب من أنحاء الولايات المتحدة!

ملاحظة هامة:
كما هو بائن في البرنامج ستتحدث
1. الأستاذة أسماء محمود محمد طه، القادمة خصيصاً من السودان للمشاركة في هذا الاحتفال الخاص والهام.
2. الدكتور عبد الله أحمد النعيم، العالم، والعلم، الجمهوري الذي لا يحتاج إلى تعريف.
3. الدكتور كورنل وست (Cornel West)، العالم الأمريكي الذي طبقت سمعته ومضائه الفكري أرجاء أمريكا والمعمورة.
4. الدكتور استيف هوارد، الجموري، وأستاذ الأنثربولوجيا وعلم الاتصال التبادلي بجامعة أوهايو.
5. وزمر أخرى مميزة من الجمهوريات والجمهوريين، وغير الجمهوريين، من المفكرين.

كما يشارك في الذكري المنشدون الجمهوريون:
1. الأستاذ عبد الكريم على موسى (أكبر الفنانين الجمهوريين، الملقب بكرومة).
2. الأستاذة محاسن محمد خير( الفنانة الجمهورية المتميزة، التي وزع الأستاذ يوسف الموصلي العديد من القصائد التي تنشدها).
4. شخصي الضعيف (الذي -ربما لا يعرف الكثيرون هنا- أنه من المادحين، المنشدين المعروفين في)

Post: #3
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: مركز الخاتم عدلان
Date: 01-11-2009, 10:57 PM
Parent: #2

لك التحية يا حيدر، و لجامعة أوهايو ولمنظمي الاحتفال. هذا برنامج غني فهنيئا لكم. أسمح لي أن ألفت نظرك إلى أن إسم الأستاذة أسماء قد سقط سهوا، كما أن هذه الذكرى 24، وليست ال 23.

Post: #4
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-12-2009, 03:00 AM
Parent: #3

أحبتي بالمركز،
تحياتي الحارة لكم.

إسم الأستاذة إسماء محمود لم يسقط، فهو مضمن في البرنامج. أرجو التدقيق.

أما الذكري فهي الثالثة والعشرين، لأن الأولى كانت في العام 1986!

ولكم الشكر على كل حال.


(رسالة عاجلة لدكتور الباقر: أسماء مجذوب ستغادر الخرطوم غداً في طريقها إلينا. أرجو مهاتفتها لأمر هام.)

Post: #5
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-12-2009, 03:11 AM
Parent: #4

معذرة!

Post: #6
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: عبدالعزيز حسن على
Date: 01-12-2009, 03:32 AM
Parent: #5

دكتور حيدر
التحيات والمحبة تغشاك

والمجد والخلود لشهيد الفكر والانسانية الاستاذ محمود محمد طه الذى جسد بفكره وحياته واستشهاده قيمة الانسان الحر الذى تتناسق عنده منظومة الفكر والقول والعمل

دائماً ما افكر ان هذا الفكر الاسلامي لا يمكن قبوله وأستيعابه في كثيراً من جوانبه التى تتعارض من منجزات الحداثة وعلي راسها حقوق الانسان الا اذا تم تفسيره -اي الفكر الاسلامي- بالمنطوق والتفسير الجمهوري له

اتمني لكم احتفالية تليق بالاستاذ وفكره النير وحبى وتقديري لكم

عبدالعزيز
VA

Post: #7
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-12-2009, 03:49 AM
Parent: #6

الكريم عبد العزيز،

صدقت. و لتنظر إلى تناسق رأيك هذا مع رأي كتبه الأخ الكريم صديق "أبو فواز،" في خيط عادل أمين عن طرح الأستاذ محمود في ِشأن دستور السودان. (وهو طرح عمره أكثر من ربع قرن.)

وقد رددت عليه في ذلك السياق بمعاني تتناسق مع رأييكما، فكأنما كنا نفكر بعقل واحد!

يبد أن الفكرة الجمهورية قد آن أوانها، يا عزيزي!

وهاك رأي أبي فواز، وتعليقي عليه:

Quote: أنا في إعتقادي إن الشهيد محمود محمد طه سابق لزمانه بنفس المقدار الذي سبق فيه الفنان إبراهيم الكاشف زمانه في مجال النوتة الموسيقية ...!!

وأعتقد بأن ما كتبه في هذا الكتاب كان أكثر تقدماً حتى من دستور نيفاشا الإنتقالي لعام 2005 ..!!

وأتمنى من حملة اللواء الجمهوري بعد الشهيد أن يجتهدوا ليصدروا مشروعاً على ذات نسق الشهيد رحمه الله ولكن من منطلقات عقيدة وطنية جامعة وليس من منطلقات إسلامية ، لأن ذلك سيكون دائماً خصماً على الوحدة الوطنية وعلى دولة المواطنة ومفهوم الإنسانية البحت.

نحن كمسلمين إستفدنا وسنستفيد كثيراً من فكر وتراث الأستاذ الشهيد محمود محمد طه ، ولكننا نريد من الفكرة الجمهورية أن تساهم في تمتين الوحدة الوطنية ، وذلك لن يكون إلا بإجتهاد الجمهوريين للمساهمة في وضع دستور مدني ديمقراطي ، لا ينطلق من اي منطلقات دينية أو عنصرية أو جهوية.

دمت .. ولك ودي وتحياتي .......
"أبوفواز"



الأخ الكريم صديق،
تحياتي وشكري على تعليقك الحصيف. فهو قول ليس عليه مزيد.

أضيف لما قاله صديقي عادل أن عدداً مقدراً، منا، نحن الجمهوريين، يعملون، فرادى أو جماعات صغيرة، على جبهات متعددة، لإنزال مشروع الأستاذ محمود محمد طه إلى أرض الواقع، لتكون الفكرة الجمهورية نبراساً يشع بمعاني المحبة والسلام والوحدة في كل أرجاء السودان، وأرجاء المعمورة. ذلك لأن العالم كله لن يتخلص من مآزق الهوس الديني، بخاصة الإسلاموي، بغير هذه الفكرة. ولا شك عندي، من واقع عملي كعضو ناشط في الحركة الشعبية ومساهمتي كعضو مؤسس في حركة "حق،" بأن المخرج الوحيد للملسمين، والإسلامويين، وغير المسلمين، هو طرح الأستاذ محمود، الذي فكر كما يريد، وقال ما فكر به، وعاش فكرته كما رسمها، في اتساق ليس له نظير في تاريخ السودان، القديم أو الحديث!

وهنا يجب أن أقول، بوضوح، أن الجمهوريين ينظرون للفكرة الجمهورية باعتبارها منهاج حياة. وهي ليست حكراً لهم. وهذا يعني أنهم يعملون على إثراء كل التنظيمات، فكرية كانت أو ثقافية أو سياسية، بما فيها تلك التي تآمرت عليهم!

ويطول الحديث!

فإلى حين عودة!

Post: #8
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-12-2009, 04:05 AM
Parent: #7

عبد العزيز،

التحيات الطيبات، مرة أخرى.

هنا الخيط الذي أشرت إليه:

............هكذا تحدث الاستاذ..........الحلقة الاولى:دستور السودان

Post: #9
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: عبدالغني كرم الله
Date: 01-12-2009, 05:18 AM
Parent: #8



الحبيب، اللبيب، استاذ حيدر بدوي..


أشواق لا تحد، ومحبة لا تحصر.. ويارب اللقاء في دار السلام الكبرى، حيث المحبة الخلاقة...


والحرية لنا..
ولسوانا..

قرن من شروق نفس وروح عظيمة....


أعمق المحبة..

Post: #13
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-12-2009, 11:25 AM
Parent: #8

يا عبد العزيز،

هنا أيضاً قد تجد بعض المشتركات المؤدية إلى توسيع مواعين الجمهوريين كما ترتجيه.

يا قيادات الحركة الشعبية "لتحرير" السودان: لماذا لا نتحرر؟

Post: #14
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: عبد الله الشيخ
Date: 01-12-2009, 05:47 PM
Parent: #2

Haydar Badawi Sadig
لقد نلت الشرف الذى تستحق ..بارك الله فيك .. وفى كل الجمهوريين

Post: #10
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Omer Abdalla
Date: 01-12-2009, 06:02 AM
Parent: #1

كلمة الأستاذ محمود أمام محكمة المهلاوي - 7 يناير 1985

Post: #11
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-12-2009, 10:26 AM
Parent: #10

عزيزي عبد الغني،

تحيتي ومحبتي،

دار السلام هي هذه، في الهنا والآن! وقد التقينا فيها. وسنظل نلتقي!
وفينا، في الهنا والآن، المسرة، وعلى الناس المحبة، وفي الأرض السلام!

عيونك في السرى وطني***وقلبك في الهوى سكني


الوطن القديم، هو دار السلام، وهي دار دائمة، تجدها صاحية، كالنائمة في رؤى الأحلام، في الهنا والآن!

أفلا تذكر قول العارف حين يقول:

أمن قلبي إلى قلبي مساري وأسرى حيث في الكون ساري

إلى أن يقول عن الله سبحانه وتعالي مخاطباًُ الإنسان:

أنا الوطن القديم وأنت داري

والله في قلب كل منا، لا تأخذه سنة ولا نوم. ولذلك فنحن لا ننوم حين نوم!

ويظل عقلنا الباطن، الذي هو انعكاس لروح الله في قلوبنا، يمارس الأحلام بلا توقف، تذكرنا تلك الأحلام عند صحونا أو لم نتذكرها!

دار السلام هي الوطن، والوطن حالة، حيث الرحم، رحم الإنسانية، وحيث المحبة، محبة الأحياء والأشياء، وحيث الطمانينة، وحيث السكن، سكن القلب.

الوطن ليس مكاناًً فحسب!

ولذلك، فإنا دوماً نلتقي وإن لم نلتق. نلتقي في كلماتك الناصعات هذه. وفي نظم القصيد، وحيثما غرد شادي!

أنت خطير، يا عبد الغني، يا عبد الكريم، إبن كرم الله!

ياغني، يا كريم، أينما حللت أنت ينهمر المطر وتنتشر الدرر. وها أنت قد انطقت الصمت!

لك وافر حبي، يا أديبنا العظيم!

Post: #12
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-12-2009, 10:41 AM
Parent: #11

الحبيب عمر،

تحيتي وشوقي،

أشكرك أجزل الشكر على إنزال كلمة الأستاذ محمود محمد طه في المحكمة المهزلة، محكمة المهلاوي، تلك التي تجلى فيها الحق في نصاعة لم تترك للباطل فجاً يسكنه!

سأراك في أثنز، فينجلي حزني، لأن عوينك في السرى وطني وقلبك في الهوى سكني!

نراكم!

Post: #15
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-12-2009, 07:23 PM
Parent: #12

فوق!

Post: #16
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-13-2009, 02:41 AM
Parent: #15

إلى الأعلى!

Post: #17
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-13-2009, 06:10 AM
Parent: #16

ألا سادتي فانظروا للفقير، فليس له غيركم من نصير
أتى بابكم عائذاً مستجير فجودوا عليه بنيل المرام

Post: #18
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-13-2009, 01:02 PM
Parent: #17

إلى الأعالي!

إلى حضرة الأستاذ محمود محمد طه البطل، الهمام، شهيد السلام!

Post: #19
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: adil amin
Date: 01-13-2009, 01:24 PM
Parent: #18

سلام اخى حيدر بدوي

واتمنى ان تحصلو على تغطية اعلامية من فضائية الحرة

وسجلو الاحتفال ورسلو لقناة ابوني ايضا..رغم انها لم تبث رسميا حتى الان

الفكر الجمهوري
هو واجب المرحلة
لانها يحرر المنطقة من هوسها المقيم
ويجعل العرب والمسلمين شركاء في النظام العالمي الجديد

Post: #20
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-13-2009, 01:41 PM
Parent: #19

عزيزي عادل،

كيف يا صديقي العزيز. افتقدتك في خيطك الذي تحتفي فيه بالأستاذ محمود، كما تفعل دائماً في ذكراه السنوية.
أرجو أن تكون قد قرأت مساهماتي هناك في مداخلات متعددة.

سأتصل اليوم الاتصال بثناة الحرة، راجياً إلا يعجزهم عن التغطية كون الحدث في أوهايو وهم في واشنطن.

Post: #21
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Masoud
Date: 01-13-2009, 05:36 PM
Parent: #1

ليس هنالك رجل هو من الكمال بحيث يؤتمن علي حريات الآخرين ، فثمن الحرية الفردية المطلقة هو دوام سهر كل فرد علي حراستها واستعداده لتحمل نتائج تصرفه فيها

Post: #22
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Osman Musa
Date: 01-13-2009, 05:57 PM
Parent: #21


( 17 _ 18 يناير )


الشهيد الأستاذ محمود محمد طه
يظل الشعب يذكره
يظل الشعب يرسمه
ببساطته
وصلابته
وتحديه .
و ستظل ذكرى ذلك اليوم فى ذاكرة الشعب .
...
( تحياتى د / حيدر بدوى )

Post: #23
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-14-2009, 01:27 AM
Parent: #22

أستاذي الكريم مسعود،
تحيتي ومحبتي، وشوقي،

نعم،

Quote: ليس هنالك رجل هو من الكمال بحيث يؤتمن علي حريات الآخرين ، فثمن الحرية الفردية المطلقة هو دوام سهر كل فرد علي حراستها واستعداده لتحمل نتائج تصرفه فيها


هكذا قال سيد الاحرار!

شكراً على الزيارة المباركة!

Post: #24
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-14-2009, 01:29 AM
Parent: #23

Quote: هـــذا .. أو الطوفـــان !!
(واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة .. واعلموا أن الله شديد العقاب)
صــدق الله العظيم
غايتان شريفتان وقفنا ، نحن الجمهوريين ، حياتنا ، حرصا عليهما ، وصونا لهما ، وهما الإسلام والسودان .. فقدمنا الإسلام في المستوى العلمي الذي يظفر بحل مشكلات الحياة المعاصرة ، وسعينا لنرعى ما حفظ الله تعالى على هذا الشعب ، من كرايم الأخلاق ، وأصايل الطباع ، ما يجعله وعاء صالحا يحمل الإسلام إلي كافة البشرية المعاصرة ، التي لا مفازة لها ، ولا عزة ، إلا في هذا الدين العظيم ..

وجاءت قوانين سبتمبر 1983 ، فشوهت الإسلام في نظر الأذكياء من شعبنا ، وفي نظر العالم ، وأساءت إلى سمعة البلاد .. فهذه القوانين مخالفة للشريعة ، ومخالفة للدين ، ومن ذلك أنها أباحت قطع يد السارق من المال العام ، مع أنه في الشريعة ، يعزر ولا يحد لقيام شبهة مشاركته في هذا المال .. بل إن هذه القوانين الجائرة أضافت إلى الحد عقوبة السجن ، وعقوبة الغرامة ، مما يخالف حكمة هذه الشريعة ونصوصها .. هذه القوانين قد أذلت هذا الشعب ، وأهانته ، فلم يجد على يديها سوى السيف ، والسوط ، وهو شعب حقيق بكل صور الإكرام ، والإعزاز .. ثم إن تشاريع الحدود والقصاص لا تقوم إلا على أرضية من التربية الفردية ومن العدالة الاجتماعية ، وهي أرضية غير محققة اليوم ..

إن هذه القوانين قد هددت وحدة البلاد ، وقسمت هذا الشعب في الشمال والجنوب و ذلك بما أثارته من حساسية دينية كانت من العوامل الأساسية التي أدت إلى تفاقم مشكلة الجنوب .. إن من خطل الرأي أن يزعم أحد أن المسيحي لا يضار بتطبيق الشريعة .. ذلك بأن المسلم في هذه الشريعة وصي على غير المسلم ، بموجب آية السيف ، وآية الجزية .. فحقوقهما غير متساوية .. أما المواطن ، اليوم ، فلا يكفي أن تكون له حرية العبادة وحدها ، وإنما من حقه أن يتمتع بسائر حقوق المواطنة ، وعلي قدم المساواة ، مع كافة المواطنين الآخرين .. إن للمواطنين في الجنوب حقا في بلادهم لا تكفله لهم الشريعة ، وإنما يكفله لهم الإسلام في مستوى أصول القرآن ( السنة ) .. لذلك فنحن نطالب بالآتي :-

1- نطالب بإلغاء قوانين سبتمبر 1983 ، لتشويهها الإسلام ، ولإذلالها الشعب ، ولتهديدها الوحدة الوطنية..

2- نطالب بحقن الدماء في الجنوب ، واللجوء إلى الحل السياسي والسلمي ، بدل الحل العسكري. ذلك واجب وطني يتوجب على السلطة ، كما يتوجب على الجنوبيين من حاملي السلاح. فلا بد من الاعتراف الشجاع بأن للجنوب مشكلة ، ثم لا بد من السعي الجاد لحلها ..

3- نطالب بإتاحة كل فرص التوعية ، والتربية ، لهذا الشعب ، حتى ينبعث فيه الإسلام في مستوى السنة (أصول القرآن) فإن الوقت هو وقت السنة ، لا الشريعة (فروع القرآن) .. قال النبي الكريم صلي الله عليه وسلم : (بدأ الإسلام غريبا ، وسيعود غريبا ، كما بدأ ، فطوبى للغرباء ‍‍ قالوا: من الغرباء يا رسول الله ؟؟ قال: الذين يحيون سنتي بعد اندثارها). بهذا المستوى من البعث الإسلامى تتحقق لهذا الشعب عزته ، وكرامته ، ثم إن في هذا البعث يكمن الحل الحضاري لمشكلة الجنوب ، ولمشكلة الشمال ، معا‍ ‍‍… أما الهوس الديني ، والتفكير الديني المتخلف ، فهما لا يورثان هذا الشعب إلا الفتنة الدينية ، والحرب الأهلية .. هذه نصيحتنا خالصة ، مبرأة ، نسديها ، في عيد الميلاد ، وعيد الاستقلال ، ونرجو أن يوطئ لها الله تعالي أكناف القبول ، وأن يجنب البلاد الفتنة ، ويحفظ استقلالها ووحدتها وأمنها .. وعلي الله قصد السبيل.
أم درمان
25 ديسمبر 1984م
2 ربيع الثاني 1405هـ
الأخـــــوان الجمهوريون

ملحوظة: هذا المنشور هو مستند الإتهام الأول والذي بموجبه حكم على الأستاذ محمود والأخوان الجمهوريين الأربعة بالإعدام شنقا حتى الموت

Post: #25
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: محمد علي وديدي
Date: 01-14-2009, 01:33 AM
Parent: #24

سلام يا د. حيدر

كيف حالك وأحوالك

نرجو أن تكون احتفالات هذا العام، موفقة، وناجحة في كل مكان، في تبين إبعاد الفكرة، و إنزالها للواقع .

نعم كما قلت أنت، فالذكرى الأولى في يناير 1986م .. وعلى ذلك أحسب تجد ، هذه هي ال 24 .. كما قال " مركز الخاتم عدلان " ..أظنك حسبت على عجل، وكتبت الذكرى 23، وفي بالك ذلك النقاش، الذي دار حول القرن الرابع عشر، والقرن الخامس عشر الهجري، في حضرة الأستاذ، في تلك الأيام العجيبة !!..

لكن نتيجة ذلك النقاش ، مع الراي أن هذه الذكرى ( يناير 2009م ) ، هي ال24 .. كدي راجع .

تحياتي لجميع من حولكم من الأخوان والأخوات

محمد علي وديدي

Post: #27
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-14-2009, 03:26 AM
Parent: #25

الحبيب وديدي،

تحيتي وشوقي الدافق،
لا لم يكن موضوع رابع القرون في ذهني. حسب حساباتي ما زلت أظن أنها الثالية والعشرين. ولكني أتفهم حساباتك.

ربما أحضر للخرطوم للمشاركة في احتفالات الحركة في بحياة واستشهاد الأستاذ محمود محمد طه.
هل هناك أي إعلان في الصحف أو في أي منافذ إعلامية أخرى؟

اتصل بي الأخ ياسر عرمان، وقال أنهم بصدد الاحتفال ولكني لم ألاحظ أي إعلان!!

أرجو منك، أو من أي مشارك، يعرف شيئاً عن هذا الموضوع أن يفيدنا.

Post: #26
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-14-2009, 03:17 AM
Parent: #22

حياك الله، يا عثمان!
عوداً حميداً بإذن الله!
في انتظار مكالمتك!!

Post: #28
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Abu Eltayeb
Date: 01-14-2009, 04:47 AM
Parent: #26

الاخ حيدر

سلامات

لك تقديري

الذكري ال 24 لان الاولي كانت في سنة 86 بجامعة الخرطوم

شكرا

لطفي

1\ 18 يناير 1986
2\ 87
3\ 88
4\ 89
5\ 90
6\ 91
7\ 92
8\ 93
9\ 94
10\ 95
11\ 96
12\ 97
13\ 98
14\ 99
15\ 00
16\ 01
17\ 02
18\ 03
19\ 04
20\ 05
21\ 06
22\ 07
23\ 08
24\ 18 يناير 2009

Post: #29
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Abu Eltayeb
Date: 01-14-2009, 04:53 AM
Parent: #26

الاخ حيدر

سلامات

لك تقديري

الذكري ال 24 لان الاولي كانت في سنة 86 بجامعة الخرطوم

شكرا

لطفي

1\ 18 يناير 1986
2\ 87
3\ 88
4\ 89
5\ 90
6\ 91
7\ 92
8\ 93
9\ 94
10\ 95
11\ 96
12\ 97
13\ 98
14\ 99
15\ 00
16\ 01
17\ 02
18\ 03
19\ 04
20\ 05
21\ 06
22\ 07
23\ 08
24\ 18 يناير 2009

Post: #31
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-14-2009, 05:56 PM
Parent: #29


Quote: Dear Lutfi,

Greetings to you, your neuclear and extended families, and all those around you in Texas!
Thank you so much for the correction. Some how I missed it. I guess I need to work a littel harder on my arithmatics!!.

Post: #32
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-14-2009, 06:02 PM
Parent: #29


Quote: Dear Lutfi,

Greetings to you, your neuclear and extended families, and all those around you in Texas!
Thank you so much for the correction. Some how I missed it. I guess I need to work a littel harder on my arithmatics!!.

Post: #30
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: إسماعيل التاج
Date: 01-14-2009, 11:19 AM
Parent: #1

كتب دكتور حيدر
Quote: يبد أن الفكرة الجمهورية قد آن أوانها، يا عزيزي!

Quote: أن عدداً مقدراً، منا، نحن الجمهوريين، يعملون، فرادى أو جماعات صغيرة، على جبهات متعددة، لإنزال مشروع الأستاذ محمود محمد طه إلى أرض الواقع،

عزيزي حيدر
في سياق الاقتباسات أعلاه،
كنت أتمنى أنْ أرى ورقة أو حديثاً في البرامج عن الفكر الجمهوري ومآلات المستقبل. أقصد المستقبل التنظيمي بالطبع، أو شيء من هذا القبيل.

ولكن على كل حال حديثك يبعث الإطمئـنان.

كـن بخير وأمنياتي بنجاح الفعالية.

إسمعيل

Post: #33
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Kostawi
Date: 01-14-2009, 09:33 PM
Parent: #30

التحقيق مع مواطن سوداني يواجه اتهامات بالردة

Post: #34
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: مامون أحمد إبراهيم
Date: 01-14-2009, 10:40 PM
Parent: #33

مائة عام أشرقت فيها شمس الفكر
فأضاءت أرجاء الكون !
وانفتحت دروب على مصراعيها ،،
ومسالك لأنوار باهرة ! وأضواء
مذهلة !

عزيزي د. حيدر ،، هذا إحتفال تاريخي !

ملحوظة :

الرقم 1909 عامل ( 9 !ِ )

Post: #44
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-17-2009, 08:55 AM
Parent: #34

Quote: مائة عام أشرقت فيها شمس الفكر
فأضاءت أرجاء الكون !
وانفتحت دروب على مصراعيها ،،
ومسالك لأنوار باهرة ! وأضواء
مذهلة !

عزيزي د. حيدر ،، هذا إحتفال تاريخي !
ملحوظة :

الرقم 1909 عامل ( 9 !ِ )


صح لسانك، أيها المأمون الحبيب!

مائة عام أشرقت فيها شمس الفكر
فأضاءت أرجاء الكون !
وانفتحت دروب على مصراعيها ،،
ومسالك لأنوار باهرة ! وأضواء
مذهلة !

عزيزي د. حيدر ،، هذا إحتفال تاريخي !

ملحوظة :

الرقم 1909 عامل ( 9 !ِ )

نعم، يا عزيزي مأمون:

هو تتويج لتاريخ "شعب عملاق، يتقدمه أقزام،" قول أبيك العظيم، الرحيم، الصميم، الأستاذ محمود محمد طه، سيد الشهداء

Post: #36
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-15-2009, 09:10 AM
Parent: #33

عزيزي نصر الدين،
تحياتي وشوقي، يا رجل.

بالأمس تطرقنا، بشير بكار، وشخصي لتجربته مع التجمع وغير ذلك، فورد إسمك الكريم. لك منه ومني السلام.

هذا موضوع خطير:
Quote: نقلا عن موقع سودانيزاونلاين نشرت صحيفة الصحافة السودانية هذا الخبر الهام:
((النيابة تحقق مع مسلم تنصر
الخرطوم : الصحافة
بدأت نيابة الخرطوم شمال، التحقيق مع مواطن يواجه اتهامات بالردة. وقال مصدر مأذون بوزارة العدل لـ(الصحافة) أمس إن المتهم البالغ من العمر 21 عاما كان يعتنق الاسلام قبل اعتناقه النصرانية استجابة لتأثير احد الاشخاص عليه، حيث اقدم على جملة طقوس داخل الديانة الجديدة من بينها تغيير اسمه .واضاف المصدر أن النيابة باشرت التحقيق مع المتهم بناءً على مذكرة قانونية تقدم بها احد المحامين بالواقعة، دفع فيها بالمستندات المعضدة، واشار الى ان السلطات المختصة بالنيابة والشرطة شرعت في تحقيقات واسعة حول الواقعة. ))


وأخطر دلالاته هو أن قوى الهوس الديني ما زالت تتحكم في ضمائر الناس. فهذا الشاب سيحاكم بقوانين جائرة، غير دستورية، هي نفس القوانين التي حوكم بها الأستاذ محمود محمد طه في يناير 1985. فكأننا يا بدر لا رحنا ولا جئنا. ومن الخطورة بمكان أن تترك الحركة الشعبية والقوى الوطنية الأخرى أهل الهوس الديني يعبثون بحريات الناس بهذا الشكل السافر. الإسلام في أصوله لا يقر بحكم الردة. ففيه نصوص قاطعة حول هذا الأمر، منها قوله تعالى"قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر." أي أنه من حق الشخص ان يكفر إن شاء. وهناك نصوص قرآنية كثيرة في هذا الشأن، لا يتسع المجال لها الآن.

سأفرد خيطاً خاصاً بهذا الموضوع الخطير، وسانتقد فيه صمت الحركة الشعبية عن اتخاذ موقف في هذا الأمر الجلل! فإنه من غير المعقول أن نسمي أنفسنا حركة ":تحرير" ويمارس الإرهاب والتعذيب والتشريد والتكفير ونحن حزب حاكم.

هل يعقل هذا؟

أين الحركة الشعبية من التصدي لمشروع الهوس الديني المتمثل في محاكمة هذا الشاب؟

Post: #35
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-15-2009, 02:18 AM
Parent: #30

عزيزي إسماعيل،

تيحاتي وشوقي، يا رجل!
سعيد من يراك هنا. تعلم أن المنبر أصبح مكاناً لا يصلح للفكر والمفكرين. فتغيبت وتغيبنا لهذا السبب. ولا يجب أن نفعل، حتى لا نترك المكان لمن لا يستحقون شرف وقدسية الكلمة: الحرية.

بخصوص تعليقك، فإني أطمئنك بأن هناك الكثير من الأوراق التي ستقدم في جلسة مخصصة لعدد منها، كما تلاحظ في برنامج اليوم الثاني. ثم أن مثل هذا اللقاء، بطبعه، وبطبيعة الفكرة الجمهورية نفسها، لا يمكن أن يخلو من وجود صارخ للمستقبل، مستقبل الإنسان ومستقبل الإنسانية. ولابد أنك تعلم بأن الفكر الجمهورية هي مفازة البشرية والقشة التي ستتعلق بها لكي تخرج من تيه الهوس الديني -بكل أصنافه ومن كل الأديان- وخطل الرأسمالية الغربية.

لقد أظلنا عهد انتصار الفكرة الجمهورية، يا صديقي! فطب نفساً! فالغد حاضر في يوم الجمهوريين كما الماضي، بمخزوننا الثر في سياق تجربة إنسانية لم تدانيها تجربة في كل تاريخ الأديان والأفكار. وتلك هي تجربة حياة الأستاذ محمود محمد طه. هذه الحياة الخصيبة التي جسدت أسمى معنى الإنسانية في أبهي صورة بطولية لم يحققها بشر على ظهر هذه البسيطة بمثل ما حفقها الأستاذ:

إبتسم، هذا الشهيد العملاق، في وجه جلاديه، وقال لهم أحبكم، وهو يصعد إلى حبل الشناق، وتبسم ضاحكاً من قولهم حين ظنوا أنهم يقتلونه.
(وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم!!!)

Post: #37
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: عبدالله الشقليني
Date: 01-15-2009, 04:44 PM
Parent: #1




لم يزل الأستاذ صاحب السبق في إنقاذ العقيدة من عَبَدة النقل ، فقد أعمل فكره في استنطاق النصوص بالتأويل فاكتشف النص المخبوء مُستنداً على أحاديث النبي الكريم ، وقبض على النُذر التي تُبشر بمقدم الرسالة الثانية من الإسلام المُتسامح ليعود الدين لأصله .
شكراً للجميع ، ونأمل من يُكمل منهاجه من الإخوة الجمهوريين ، ويمتد المنهاج ليصل العقوبات كمساحة مُتبقية تنتظر إكمال التأويل .

قول الذكر الحكيم :
وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ{13}

التحية لمن يحتفلون بإنسانيته وإنسانية فكره .



Post: #38
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Abu Eltayeb
Date: 01-17-2009, 04:48 AM
Parent: #37

I noticed that Mr. Bakri took the title from the top of the Board, I am wonduring???????????????? the day is not even pass, Oh my God

would you please put it back again

Lutfi

Post: #39
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-17-2009, 05:02 AM
Parent: #38

اللـــــــــــــــــــه هنــــــــــــــــــــــــــــا اللـــــــــــــــــــه الآن
يــــــــــــــــــــوم ااينــــــــــــــــــــــــونة فينـــــــــــــــــــا آن

Post: #40
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-17-2009, 05:12 AM
Parent: #39

الشكر الوافر للباشمهندس بكـــري لاهتمامـــــه بيوم ميلاد االنــــور!
يوم ميــلاد الأستــــاذ محمـــــود محمـــــــــــه طــــــــــــــه!
يوم استشهــــــــــــــــادة الــــــــمــــــيـمــــــــــــــون!

Post: #41
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-17-2009, 05:28 AM
Parent: #40

تضيق بنا الدنيا إذا غبتم عنا***وتزهق بالأشواق أرواحنا منا!


بشـــــــراكـــــــــــــــم!
[B]فقد تنـــاهى إلـيــنا أن د. أحتمـــد مصـطـفــى دالـي ينســج فـــي هــذه الايـــم خيـــوط حبــله المـتيــن للـــعودة للنشـــاط الـعــــــام!

فأبـــــــــشـــــــــــــــــروا!

Post: #42
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-17-2009, 07:25 AM
Parent: #41

باسمك الشعب انتصر،حائط السجن انكسر
والقيود انسدلت، جدلة عرس في الأيادي

Post: #43
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: رأفت ميلاد
Date: 01-17-2009, 08:46 AM
Parent: #42

صباح الخير د. حيدر بدوى ..

فقط بالأمس حصلت على المجموعة كاملة من اليوتيوب .. لمرافعة محكمة الإستئناف فى نطق الحكم على الأستاذ محمود محمد طه .. رغم الإطالة المحمومة .. ومحاولة إثارة الناس ضده .. كأنها خطبة حرب وليس نطق حكم .. رغم محاولتهم المستميتة لنطق حكم يجد القبول لدى الناس .. كان كل حرف قالوه تاريخ وتمجيد للأستاذ محمودمحمد طه .. وتأكيدآ لفكر مشبع بالإيمان .. معطر بنعمة العقل ..
حتى والعصا فى يدهم إنزلقوا كعادتهم فى مهانة الأديان .. وأثبتوا وثنيتهم الحركية التى تحارب الفكر كمن فعلوها قبلهم فى العصور الوسطى ..
المجموعة كاملة هنا .. والله يعطى ياسر الشريف العافية لهذا المجهود المقدر

% الشهيد محمود محمد طه Vs البليد جعفر نميرى ة؛ة

فى المقدمة بعد "بجاحة" جعفر نميرى وصلفه وهو يؤكد جرمه .. نزع غلى د. منصور خالد برده عليه وعلى جلاديه بهذه الكلمات البسيطة التى لخصهم بها ..





Post: #55
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-20-2009, 08:51 AM
Parent: #43

Quote: فقط بالأمس حصلت على المجموعة كاملة من اليوتيوب .. لمرافعة محكمة الإستئناف فى نطق الحكم على الأستاذ محمود محمد طه .. رغم الإطالة المحمومة .. ومحاولة إثارة الناس ضده .. كأنها خطبة حرب وليس نطق حكم .. رغم محاولتهم المستميتة لنطق حكم يجد القبول لدى الناس .. كان كل حرف قالوه تاريخ وتمجيد للأستاذ محمودمحمد طه .. وتأكيدآ لفكر مشبع بالإيمان .. معطر بنعمة العقل ..
حتى والعصا فى يدهم إنزلقوا كعادتهم فى مهانة الأديان .. وأثبتوا وثنيتهم الحركية التى تحارب الفكر كمن فعلوها قبلهم فى العصور الوسطى ..
المجموعة كاملة هنا .. والله يعطى ياسر الشريف العافية لهذا المجهود المقدر

% الشهيد محمود محمد طه Vs البليد جعفر نميرى ة؛ة


ليس على قولك مزيد، يا عزيزي رأفت ميلاد
شكراً لك، أيها الحبيب على نفحاتك السمواية هذه.

أرجو أن يهتم القراء بالدخول إلى حيث يؤدي الرابط الذي وفرتهم لهم حتى يطلعوا على غثاثات معارضي الجمهوريين، ليحكموا بأنفسهم على نصاعة الفكرة الجمهورية وسمو الجمهوريين، فكرياً وأخلاقياً

Post: #45
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Omer Abdalla
Date: 01-17-2009, 11:45 PM
Parent: #1

سيتم بث احتفال هذا المساء عبر الويبكاست بعد قليل من خلال الوصلة التالية:

http://breeze.cns.ohiou.edu/jan18

عمر

Post: #46
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: عبدالغني كرم الله
Date: 01-18-2009, 07:12 AM
Parent: #45



في هذه اللحيظات، تقدم السوداني البسيط، الفقير، المتوكل على الله، الذكي، العجيب لحبل المشنقة، وضباط صغار، وفقهاء لحى، يعيشون ليوم الناس هذا في تملق الحكام... صرخوا وارعدوا..

ومشى هادئ، لأجمل صديق له، بل عاش للسلام الداخلي، والنقاء الداخلي..

حياته عجيبة..
كنز من الكنوز حياته، ناهيك عن فكره..
رجل لا يخاف..
رجل يعيش في سلام داخلي عجيب، تسطر كتب عنه...


في هذه اللحيظات، وبالتمام في عام 85 سار الرجل ملكا في اديم كوبر، وصعد منصة الاغتيال..
وربط الحبل حول عنقه..

وحين رفع الخمار القسري...

ابتسم، ابتسامة وضاءة، لا تزال تشع في كل محب للسلام والجمال مدى الكون..

طوبى لكل محب للسلام الإنساني العظيم..

Post: #47
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-18-2009, 09:14 PM
Parent: #46



Muslims, too, love America
A familiar evil has reached our beloved sanctuary of freedom
HAYDAR BADAWI SADIG, Ph.D.

From the Charlotte Observer (Sept.15, 2001)

The time was 8:30 a.m., Tuesday, Sept. 11. A few minutes earlier my wife, Asmaa, left for work and my 7-year-old son, Haddif, left for school. After helping my 4-year-old daughter, Samah, board her pre-K bus, I turned the TV on and went to prepare a bottle for my 9-month-old daughter, Amna. We both were extremely happy. She joyfully followed my moves, as she usually does, while I sang for her and headed toward the kitchen.
Then CNN brought home news that changed the whole mood.
My dear friend and neighbor Omer called to share his agonies with me. He told me that all his colleagues in the company he works for are in a state of shock and dismay as a result of the attack on America, so they were practically dismissed. He had hurriedly come home.
As we were talking, the first tower of the World Trade Center collapsed. Shocked, stunned, enraged, terrified, I couldn't control my tears. "Omer, will you come over, please?" I said.
I was wiping my tears as he entered the house.
Twenty years ago Omer and I were roommates at the University of Khartoum in Sudan. We both belong to the Republican Movement, an Islamic reform organization. We both came to this country on Fulbright scholarships. We both received graduate degrees from Ohio University.
We both moved to Charlotte and bought houses in this beautiful city to raise our children in the same neighborhood. My wife and his wife got jobs at First Union, in the same department.
The Republican Movement to which Omer and I belong calls for the abrogation of Islamic Sahr'ia laws and the institution of Sunnah, Prophet Mohammed's example and code of conduct. Furthermore, it calls for equality between men and women, based on the original precepts of Islam on individual responsibility before God and before the law. It calls for the equality of men and women of all races, creeds and religions, in all walks of life. This conception of Islam runs contrary to Islamic fundamentalism.
Omer and I have worked hard but peacefully to combat the fanaticism that breeds in the minds of Muslim fundamentalists in the Sudan and elsewhere in the Middle East.
On Jan. 18, 1985, the Sudanese government executed Ustadh Mahmoud Mohammed Taha, founder of the Republican Movement. All the Republicans, consequently, endured tremendous torture, humiliation and pain. Trade unions and some political organizations rallied the country into a huge rage against Islamic fundamentalism, which resulted in a full-fledged uprising that resulted in the overthrow of the dictatorship on April 6, 1985. A transitional military government took over to arrange for elections. One year later, there was an elected civilian government ruling the country.
I jubilantly left university teaching to join the diplomatic corps of Sudan, and Omer took a prominent position with Save the Children, an American organization that worked in Khartoum. We had a sense that our days with misery were over. But not for long.
In less than four years, fanaticism returned. A military coup again, this time with an extra dose of fanaticism and rage. More than 2 million Sudanese perished as a result of war, torture and inhumane detention. And it was under this government, which still rules the country, that the lord of terror, Osama bin Laden, found refuge and sanctuary before leaving for Afghanistan.
After finishing our graduate degrees, Omer and I decided to seek political asylum in the United States. I could not conceive going back to my post as a diplomat to represent such a terrible government.
Islamic fundamentalists have wreaked havoc on our native land, Sudan, and other areas in the Middle East and North Africa since then. And now they attack us in our new home, our beloved America.
All my children are American-born. They belong to this beautiful sanctuary of freedom. About a month ago my wife and I interviewed for American citizenship, culminating our hard struggle from terror to freedom. Or so we thought. We even thought we might forever be beyond the reach of evil. How little we knew!
As I hugged, kissed, fed and sang with my beautiful 9-month-old American, there were other American fathers and mothers being killed by the same forces of hate that drove me and Omer out of our native land to America. Our quest and struggle for freedom continues, as America, with all its might, comes under siege.
I have always loved this country, long before I came to it. But I never knew the depth of this love until Tuesday morning, until I cried for the pain this country is enduring, until I grieved for our human losses and the loss of freedom. But we won't let go. I, for one, will, as in the past, work to hit fanaticism of every kind, of every creed, head on, but through peaceful and thoughtful means. God bless America, and with America, by America, bless the world.

Post: #48
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Marouf Sanad
Date: 01-19-2009, 01:55 AM
Parent: #47

سلام يا دكتور

والتحية للاستاذ محمود محمد طه في عليائه

Post: #49
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: يحي ابن عوف
Date: 01-19-2009, 08:06 AM
Parent: #48

دكتور حيدر سلام
تحياتي واشواقي لك
والمجد والخلود لشهيد الفكر والانسانية الاستاذ محمود محمد طه

Post: #50
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Badreldin
Date: 01-19-2009, 10:06 AM
Parent: #1

الاخ العزيز دكتور حيدر
طوبا لكم وانتم تحتفلون بميلاد الانسانية ميلاد ابي الاستاذ محمود وطوبا لكم ايضا بوجود الاخ كرومة ارجو ان تبلغه سلامي واشواقي له ولجميع المشاركين في الاحتفال

Post: #51
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Elmosley
Date: 01-19-2009, 11:43 PM
Parent: #50

عظيم التحايا وانتم تحتفلون بالفكر القويم والرآي السديد

Post: #52
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-20-2009, 02:19 AM
Parent: #51

أحبابي الكرام، متداخلين وقراء،

تحياتي وشكري الجزيل، والوافر، على مشاركتنا في الاحتفال بأخصب حياة عاشها سوداني،على أطلاق العبارة. عدت لتوي من أعظم احتفال أقيم للاعتبار بالحياة الفريدة للإستاذ، الشهيد، المعلم محمود محمد طه محكية في مئويته.

ليتكم كنتم معنا.


كان احتفالاً كوكبباً بكل معنى الكلمة. وقد شهد أهم فعالياته ما لايقل عن ألفي شخص، من كل بقاع الأرض، رجالاً ونساء، من كل الأعراق، من كل الأديان، وكافة الاتجهات الفكرية والثقافية والاجتماعية. وكان معظم المتحدثين، -وهم كثر- من غير الجمهوريين@! منهم أوربيين، من جامعات أوربية محترمة. ومنهم أمريكان من أعراق واتجهاهات وأديان وتخصصات أكاديمية مختلفة. ومنهم أكاديميين أفارقة وأسيويين متميزين، وغيرهم.

هكذا مثل الأستاذ محمود عظمة الشعب السوداني، فتهادت له القلوب من كل حدب وصوب. كثيرون قطعوا مسافات طويلة لكي يحضروا هذا الحدث الفريد، للاحتفال بفرد سوداني فريد، تجسدت فيه خصائل وأخلاق شعب عملاق، فريد!

وقد أدهشت سيرة الأستاذ محمود محمد طه كل الحضور، بخاصة حين تحدث عنه المفكر الأمريكي الفذ كورنيل وست، وهو يقول عن تاثره بالأستاذ الشهيد: حينما يذكر الاستاذ فإني أرتعش وأرتعد لأنني لم أر مثل هذا الاتساق الفكري والسلوكي، والأخلاقي متمثلاُ في أي شخص - بمن في ذلك سقراظ وغاندي ومارتن لوثر كنج ومانديلا، وغيرهم من رسل الحقيقة، على عظمة هؤلاء الأبطال الأفزاز. وقال غير ذلك كثير، كثير، كثير.

وقد خلص كورنيل وست -وهو مفكر أمريكي فذ، كما سلفت بذلك الإشارة- لكون الفكر الجمهوري هو الوحيد القادر على إخراج العالم من أزمته الراهنة التي أدخله فيه التسلط الأمريكي والهوس الديني. وقد قال عن الجمهوريبن أنهم يحملون قبس الأستاذ الأستاذ محمود، فلجس في الأرض وقبل قدم الأستاذة أسماء محمود، وطلب من الحضور التصفيق لشخصي الضعيف نتيجة لمساهمة أستحسنها والحضور أيما استحسان، وهو يقول بأن ثمرة الأستاذ بائنة فيما أجراه الله على لساني.

لقد مثلك الأستاذ محمودأفضل تمثيل يا شعب السودان الصابر، البطل، العملاق. وقدأبرز صورة للإسلام وللسودان لا يدانيها أحد!!!

لولا أنني مرهق بعض الشيء بعد سياقة السيارة، ومعي أسرتي، لأكثر من ألف كيلومتر لاسترسلت أكثر، وأكثر.

ولي عودة. فإلي الغد القريب!

Post: #53
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-20-2009, 05:29 AM
Parent: #52

فوق!

Post: #54
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-20-2009, 08:42 AM
Parent: #53


ياشعباً تسامى
ياهذا الهمام
تفج الدنيا ياما
وتطلع من زحاما
زي بدر التمام

تدي النخلة طولا
والغابات طبولا
والبذرة الغمام

قدرك على قدرك
ياسامي المقام

Post: #56
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: رأفت ميلاد
Date: 01-20-2009, 10:58 AM
Parent: #54

كتباالأخ جمالعثمان .. أخ سودانى أرترى
Quote: شكرا لك ... سيظل الشهيد الاستاذ محمود محمد طه رمزا ونموذجا لرجل قاوم البطش والظلم بسبل مدنية وببسالة ... ليتقدم الصفوف من غاندي ومارتن لوثر كينغ وديزمون توتو .
جانب آخر من سيرة هذا المفكر لم ينتبه اليه أحد حتى الآن وارجو ان يكشف عنه قريبا الذين يتتبعون سيرته وأفكاره وذلك أثناء وجوده في بلدة ( علي قدر ) في غرب اريتريا ... وكان المهندس الزراعي لمشروع ( علي قدر ) . في خمسينات القرن الماضي .
اتوجه بنداء خاص للجمهوريين بالكشف عن دوره في تخطيط المشروع لمهندس زراعي وكذلك في علاقته مع السكان
.


ننتظر منك الكثير د. حيدر

Post: #57
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-20-2009, 11:13 AM
Parent: #56

عزيزي رأفت،
تحية ومحبة خالصة، ثم شكراًُ على إيراد نص الاستاذ جمال عثمان.
ولا أدري إن كان جمال عثمان هو نفسه جمال الذي ساكنني في غرفتي حين كنت في الصف الأول بكلية الاقتصاد بجامعة الخرطوم أم لا. في كل الاحوال له تحيتي ومحبتي. ورجائي منك أن تنبهيه لهذا الخيط لعله يساهم فيه بما يعرف عن الأستاذ محمود محمد طه والجمهوريين.

أما بخصوص تخيط وتنفيذ الأستاذ محمود لمشروع "على قدر" الزراعي في اريتريا، فهذا صحيح. وقد أحبه الأريتريون أيما حب. ذلك لأنه عاملهم باعتبارهم أهله، فكان كريما معهم، عطوفاُ عليهم. كما ساهم في ترسيخ التعليم في تلك المدينة الأرترية الحبيبة إلى نفوس السودانيين.

أرجو من الأخ جمال أن يشاركنا هنا. ويسرد لنا هو ما يعلم عن سيرة الأستاذ في "علي قدر." وسيسرني غاية السرور أن أنزلها هنا إذا توفرت لي الكترونياً. فأرجو أن تسعى لي فهذا الأمر يا عزيزي رأفت.

وهنا أنوه بأن عدداً من الأريتريين والأريتريات، المتميزين -منهم أساتذة جامعيين- شاركوا في مئوية الاستاذ محمود محمد طه في أثنز-أوهايو، تأكيداً لصلة عميقة بين الأستاذ محمود والشعب الأريتري. وقد لفتت انتاهي بصفة خاصة شابة اريترية ذكية شاركت في تنظيم الحدث بفاعلية منقطعة النظير. وهي الآن تدرس لنيل الماجستير في الدراسات الأفريقية. ومن يدري فريما يكون الاستاذ محمود قد عايش والدها أو جدها حين كان في على قدر؟



عزيزي رأفت،
تحية ومحبة خالصة، ثم شكراًُ على إيراد نص الاستاذ جمال عثمان.
ولا أدري إن كان جمال عثمان هو نفسه جمال الذي ساكنني في غرفتي حين كنت في الصف الأول بكلية الاقتصاد بجامعة الخرطوم أم لا. في كل الاحوال له تحيتي ومحبتي. ورجائي منك أن تنبهيه لهذا الخيط لعله يساهم فيه بما يعرف عن الأستاذ محمود محمد طه والجمهوريين.

أما بخصوص تخيط وتنفيذ الأستاذ محمود لمشروع "على قدر" الزراعي في اريتريا، فهذا صحيح. وقد أحبه الأريتريون أيما حب. ذلك لأنه عاملهم باعتبارهم أهله، فكان كريما معهم، عطوفاُ عليهم. كما ساهم في ترسيخ التعليم في تلك المدينة الأرترية الحبيبة إلى نفوس السودانيين.

أرجو من الأخ جمال أن يشاركنا هنا. ويسرد لنا هو ما يعلم عن سيرة الأستاذ في "علي قدر." وسيسرني غاية السرور أن أنزلها هنا إذا توفرت لي الكترونياً. فأرجو أن تسعى لي فهذا الأمر يا عزيزي رأفت.

وهنا أنوه بأن عدداً من الأريتريين والأريتريات، المتميزين -منهم أساتذة جامعيين- شاركوا في مئوية الاستاذ محمود محمد طه في أثنز-أوهايو، تأكيداً لصلة عميقة بين الأستاذ محمود والشعب الأريتري. وقد لفتت انتاهي بصفة خاصة شابة اريترية ذكية شاركت في تنظيم الحدث بفاعلية منقطعة النظير. وهي الآن تدرس لنيل الماجستير في الدراسات الأفريقية. ومن يدري فريما يكون الاستاذ محمود قد عايش والدها أو جدها حين كان في على قدر؟

Post: #58
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-20-2009, 04:44 PM
Parent: #57

هذه الأيام أيام الظهور***من يذق فيها يذق للنار نور!

Post: #59
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-21-2009, 04:58 AM
Parent: #58

كل شئ عقد جوهر حلية الحسن المهيب
دع جمال الوجه يظهر لا تغطي يا حبيب
طول ليلي فيك أسهر زاد شوقي والنحيب

Post: #60
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-27-2009, 05:59 PM
Parent: #59

<div dir=ltr>
January 18th, 2009 will go up into history as one of the brightest days, because Dr. Cornel West drew the attention of a huge audience -possibly- more than 2000 Americans- of all stripes to Al-Ustadh Mahmoud Mohamed Taha and his phenomenal example in life and martyrdom!
I hope those who attended the event would help me bring more light to it; since so many personal issues are crippling me from doing what I would have done (had I not I been tied down with those pressing issues).

Post: #61
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-28-2009, 05:16 AM
Parent: #60

أعزائي القراء،
كونوا معنا احتفاءً بحياة سيد شهداء السودان: الأستاذ محمود محمد طه!

Post: #62
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-30-2009, 06:44 AM
Parent: #61

فوقّ!

Post: #63
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Sabri Elshareef
Date: 01-30-2009, 10:37 AM
Parent: #62

تحياتي يا دكتور وسوف انزل صور كثيرة اخذتها في هذه الذكري العظيمة

التحية من هذا المقام للشهيد العظيم الاستاذ محمود الذي قدم نفسه فداء للانسان ولحرية الفكر

Post: #64
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Abdulgadir Dongos
Date: 01-30-2009, 09:10 PM
Parent: #63

+



مئوية الأستاذ محمود محمد طه

محمود الذي عرفت



د. منصور خالد

مئوية الأسـتاذ محمـود محمـد طـه

1909م – 2009م

(الذكرى الرابعة والعشرين لإستشهاده)

(1985م)

محمود الذي عرفت

د. منصور خالد

مركز الخاتم عدلان للإستنارة والتنمية البشرية

الخرطوم 22/1/ 2009م

عندما جوبهت بسؤال عن الموضوع الذي أتمنى إختياَره للحديث عن شهيد الفكر محمود في مئويته، بل في الذكرى الرابعةِ والعشرين لإستشهاده، توقفت مرة بعد مرةً، فمحمودٌ رجلٌ لكل الفصول (A man for All Seasons)، ذلك وصف أطلقه الفيلسوف الهولندي إيراسموس الملقب بأمير الإنسانويين على شهيد فكر آخر، هو السير توماس مور، رئيس مجلس اللوردات البريطاني في عام 1529م على عهد الملك هنري الثامن. ليس بين الرجلين عُلقةٌ في الفكر، بل تشابهٌ في الصدق مع النفس حتى الموت. وعندما تمنى علىَّ منظمو الحفل أن أتحدثَ عن الفكر السياسي عند محمود إزدَدتُ إحترازاً لأن إقبالَ الأستاذ الشهيد على الفكر السياسي كان مختلفاً جداً عما يُطلِق عليه البعضُ أسم الفكر السياسي في السودان، وهو ليس منه في شئ.

العنوان الذي إخترت للحديث: "محمود محمد طه الذي عرفت" فيه مجالٌ للتوسعة بدلاً عن الحصار والتضييق. و الهدف من الحديث ليس هو شرح او تشريح أفكار الاستاذ، وانما هو القاء اضاءة كاشفة عن تنوع معارفه، وجديته في االإقبال علي القضايا العامة، ثم صدقه مع نفسه في القول و العمل. ولئن سأل سائل: كيف عَرفَتُ الأستاذ، ولماذا حَرَصتُ على معرفته، أجيبُ انني عرفت ذلك المفكر الفهامه أولاً كما ينبغي أن يُعرف المفكرون. المفكر يعرفه الناس من قراءة ما كتب والتملي فيما كتب. والمفكر تشدُ الناسَ اليه نجاعةُ الفكر، وفصاحةُ الأسلوب، وبدائعُ التفسير، ثم البلاغة في تصريف المعاني. كثيرٌ من الذين تصدوا لأفكار الراحل إبتنوا معرفتهم لأفكاره على السماع لم يروموا من ذلك غير غرض واحد هو التشهير. ومن بين أولئك طائفةٌ من المتربصين سارعت إلى قراءةِ ما بين السطور، قبل قراءة السطور، ناهيك عن التمعن فيها، ومن ثَم ذهبت تلك الطائفة إلى إختراص المعاني التي يريدون عبر تلك القراءة الزائفة حتى يُقَدروا عليها الأحكام بالظن، وبعضُ الظن إثم.

سعيتُ من بعد القراءة والتملي فيما قرأتُ إلى لقاء الرجل، ليس فقط رغبة في الحوار معه حول بعضِ أفكاره، وإنما أيضاً لأكتنِه أمرَه: ما الذي كان الأستاذ يبتغي مما يدعو له؟ وعلي أي أساس كان يخاصم ويصطلح؟ وما هو معيارُه في الحكم على البشر، وبخاصة الحواريين من حوله؟ الغاية من ذلك الحوار كانت هي الإدراكُ السليمُ لكيف يستبطنُ المفكرُ الداعيةُ القيمَ التي يدعو لها، أي التعرفَ إلى مخبره قبل مظهره. تعرفت على محمود أيضاً من خلال تجارب اخوة لي لم يكونوا أبداً من بين صحبه وناصريه ولكن شاءت الظروف ان يرافقوا الإستاذ في مرحلة من مراحل حياته فأحبوه، ورأوا فيه من الخصائص والخلال ما لم يروه في غيره من الرجال. هذه هي المداخل التي قادتني للتعرف على رجل هو بكل المعايير رجلُ وَحْدَه.

فمحمودٌ مفكرٌ دينيٌ مجدد ساءه أن يتظنى الأغيار، بل بعضُ المسلمين، ان الإسلام في ازمة، وانه عقبةٌ في سبيل التطور والتحديث. محمود رأي غيرَ ذلك. العقبة في رأيه هي الفهمُ القاصرُ للدين، وليس الدينُ نفسَه. والمأزوم هو المسلمُ المتقاصرُ عن فهم الدين فهما صحيحاً، وليس الإسلام.

محمود أيضاً مثقف موسوعي لم ينبذْ الأفكارَ المعاصرة او يناهضها دون علم و دراية بها، بل ذهب لتقصي إصولها ودارسة تجاربها شأن الباحث المدقق والامين في آن واحد. ذهب لدراسة الماركسية لينفذ الي حسناتها ويبين سيئاتها. من حسناتها في رأيه تحليلها للإقتصاد وإبرازها لدور الإقتصاد في مراحل التطور التاريخي للإنسانية، ومن سيآتها، حسب رأيه، إتخاذ العنف وسيلة للتغيير. كما درس الحضارة الغربية ورأي وجهيها، فحسب قولهَ لتلك الحضارة "وجه حسن مشرق الحسن ووجه دميم". حسنُها في الكشوف العلمية التي اخصبت الحياة البشرية، ودمامتها في القصور عن التوفيق بين حاجة الفرد وحاجة الجماعة. وهكذا دواليك كان إقترابه من تحليل اللبرالية والفكر القومي، ومناهج الحكم.

هو أيضاً متصوف زاهد إخشوشنت حياتُه بإختياره حتى خَمُص بطنه ورب مخمصةٍ خيرٌ من التُخَم. ورغم مهنيته التي اثرى منها رفاقُه في المهنة إلا انه لم يوظف مهنَته تلك ليوثِنَ (يكثر) في المال، بل ظل يُبقى منه ما يقيم الأود ثم يعفو ما فاض عن حاجته.

هو سياسي حمله جَدْب البيئة السياسية إلى أن يُرَوي بفكره عَزازَ ارضها. وكان له في ذلك قول يعود الي عهد مؤتمر الخريجين عندما قال في السفر الأول : "أول ما يؤخذ علي الحركة الوطنية انصرافها التام عن المذهبية التي تحدد الغاية وترسم الطريقة التي تحقيقها". ذلك رأي عاد إليه بعد إنتفاضة إكتوبر 1964م فوصفها بأنها فترة إكتملت فيها مرحلة العاطفة السامية التي جمعت الشعب على إرادة التغيير لكن لم تملك بعد فكرة التغيير. من ذلك نستجلي أن الأستاذ كان لا يرى مستقبلاً لأي تطور سياسي إلا أن إهتدى العمل السياسي بفكرة ورؤية. وفي هذا المجال أقبل الاستاذُ على الكتابة في كل ضروب السياسةُ: السياسةُ الحكمية، والسياسة الإجتماعية، والسياسة الثقافية، اي ذهب الي معالجة كل قضايا الناس الحيوية و الحياتية وذلك هو لب السياسة. كان ذلك في وقت لم يتجاوز فيه أهل السياسة التفاصح والتداهي بما ليس فيهم، بحيث أصبحت الفصاحة – والتي هي ليست مرادفاً للبلاغة – هدفاً في حد ذاتها.

لمحمودٍ المجدد، إن ابتغينا التفصيل، رأي في الإسلام، هو ان "الإسلام محاصر في سياج دوغماطي مغلق" ، وذلك تعبير نقتبسه من المفكر الاسلامي الجزائري محمد اركون. ولا سبيل في رأي محمود لفك مغاليق ذلك السياج الا بقراءة جديدة للإسلام وفق فكرة إبتدعها تقوم على التمييز بين فقه الإصول وفقه الفروع، بين آيات الإصول التي تعبر عن القيم الرفيعة والمبادئ الأساسة التي ما جاء الأسلام إلا لتحقيقها، وبين تلك التي لا تكون فيها التكاليف إلا بوسع الناس على تحملها. وعبر كل ما قرأت للأستاذ المجدد لم أقرأ ما يشي بإنكاره لصلاحية الفقه الموروث في زمانه ومكانه، وإنما إرتأى أن ذلك الفقه والقيم المعيارية الملحقة به لا يصلحان لزمان الناس هذا، لما بين الزمنين من فجوة معرفية وقيمية ومعيارية. فهذا زمان تحكمه عهود دولية حول حقوق الإنسان، وتضبط الحكم فيه والعلاقات بين الأمم على إمتداد العالم مواثيق إرتضتها الدول ولم تنكرها واحدة منها وعلى رأسها ميثاق الأمم المتحدة. تلك المواثيق والعهود فرضت واجبات لا تملك دولة التخلي عنها بدعوى خصوصياتها الثقافية.

أزاء ذلك التناقض الظاهري بين الدين والقيم المعيارية الجديدة إنقسم المسلمون إلى فرق. فريق يقول أن لا مكان للدين في الحياة، ولهذا فالدين غيرُ ذي موضوع بالنسبة للحياة، أو لمنظومة السلوك الدولي الجديدة. وفريق ثانٍ يرى في كل ما إبتدعته الإنسانية بِدعاً ضِليله، وكل ضلالة للنار. بعض من هؤلا تصاعد في زماننا هذا بتلك الفكرة المدمرة الى تفريق العالم إلى فسطاطين: فسطاط الكفر وفسطاط الإيمان. وفريق ثالث لا يريد أن يستقيل عن دينه، كما لا يقدر على الإنعزال عن العالم فيلجأ إلى تخريجات مستنبطة من المفاهيم والأحكام الدينية الموروثة وهي تخريجات تؤكد ولا تنفي دعاوي الذين يقولون بعدم صلاحية الدين للعصر لما في مطاوي تلك التخريجات من تناقض داخلي. و في هذا، هم اما مفكرون قاصرون، أو أدعياء منافقون.

محمود كان من أسبق المفكرين للدعوة لحلول مستمدة من إصول الإسلام، ليس فحسب، ليناهض بها الفكر الموروث الذي لم يعد صالحاً لهذا الزمان، بل ايضاً ليدحض بها الفكر الملتبس أو المتيبس للإسلام حماية للإسلام نفسه، خاصة وهو كله آراء رجال وبالتالي لا قدسية له. بدون قراءة جديدة للمفاهيم والأحكام الدينية السائدة ، يستعصي التكامل بين الدين والحياة. في دعوته تلك، إنطلق الأستاذ من قاعدة إصولية هي ان الإسلام غير معاش على الأرض الآن، لا على مستوى تشريعات الدولة الإسلامية ولا في مستوى أخلاقيات المسلمين.

جاء في الحديث "أن للدين صوى(benchmarks) ومنارات كمنار الطريق"، وعن تلك الصوى كان محمود يبحث. بسبب من ذلك انكر تقديس الاحكام التي لم تعد صالحة لزماننا، وأن صلحت كشريعة لمن قبلنا. انكر أيضاً على المعاصرين من حماة ذلك الفكر المتيبس الدور الوسائطي الذي إفترضوه لأنفسهم بين الأنسان وربه. ذلك كهنوت لا يعرفه الإسلام، بل نعيذ الإسلام منه بذاته وبأسمائه. فكل مسلم في رأي الأستاذ رجل دين. كما ليس في الإسلام وظيفة يطلق عليها وظيفة رجل الدين. ودوننا العراقي أبو حنيفة، وهو من أبرع الأئمة في إستخراج الأحكام الفقهية، كان تاجر خز لم يلهه الإجتهاد عن مهنته.

في عودته للإصول لم ينحُ طه للتجريد وإنما تقفى كل القضايا الحياتية التي شغلت، أو ينبغي أن تشغل، الناس، وعلى رأسهم قياداتهم السياسية. ففي السياسة الحكمية كتب محمود في عام 1955م عن الفيدرالية كأصلح المناهج لنظام الحكم في السودان، في الوقت الذي كان غيرُه يصفُ الفيدراليةَ بأنها ذريعةٌ إستعمارية لتفتيت وحدة السودان وكأنا بهؤلاء لم يكونوا يعرفون كيف وحدتْ الفيدراليةُ دولاً مثل الولايات المتحدة الأمريكية، والهند، وكندا، والبرازيل، والمانيا. وفي السياسةِ الإجتماعية تناول قضيةَ المرأة في وقت لم يكن فيه للمرأةِ مكانٌ إلا أن تكون مستردفةً وراء الرجل حتى بالمعنى الحسي للكلمة، إذ كان بعضُ الرجال يومذاك يستنكف أن تجلس زوجته إلى جواره في السيارة. ما فتئ بعض من هؤلاء ينادي بقوامةِ الرجل على المرأة مهما كان مستوى علمِها ودينِها وخلقها، ولا ضير عندهم إن كانت المرأة هي العالمة مدام كوري الحائزة على جائزة نوبل مرتين، أو الكاتبة البريعة إيملي برونتي، أو شهيدة الحرية بنازير بوتو. كما لا ضيرعندهم ان كان الرجل هو أي فحل جلف ليس له من علم او خلق يتحفل به أمام المرأة التي يطمع في الولاية عليها. هذه النظرة التي تجعل من المرأة ضديداً للرجل نسبها الأستاذ، بحق، إلى الجهل ولهذا كتب: "المرأة ليست عدوة الرجل، الجهل عدوهما، معاً". لذلك فإن موقف الإستاذ الشهيد من قضية المرأة كان من أعظم فتوحاته الفكرية في الحقل الإجتماعي. وكان الأستاذ ينظر للمرأة كإنسان ينبغي الإنتصاف لحقه، أين كان. ويروي لي الراحل الحبيب الدكتور خليل عثمان، وكان قد صَحبَ الأستاذَ في محبسه، كيف أن الأستاذ ظل يُتابعُ إنتخابات الرئاسة الأمريكية: رونالد ريقان وجورج بوش ضد والتر مونديل وجيرالدين فيرارو، ويجاهر بتمنياته لفيرارو بالإنتصار. سأله خليل: ما الذي تَعرفُ عن هذه السيدة حتى تؤيدَها؟ قال الاستاذ: "أنا لا اعرفُها البتة لكني اتمنى لها الإنتصار لأن إنتصارَ المرأةِ أمريكا لإحتلال موقعٍ كهذا هو إنتصار للمرأة في كل مكان". ولعل محموداً قد فطن إلى أن في تحرير المراة تحريراً للمجتمع، وأن في صلاحها صلاحاً للأسرة، فالمرأةُ هي الإنسان كما قال الـروائي الألمــاني المعـروف تومـاس مــــان: "الرجـال هـم الرجـال ولكــــن المـرأةَ هي الإنسـان" (Men are men but woman is man).

كان للأستاذ أيضاً رأي في الحرب والسلام ذهب به إلى جَذر المشكل بعقود من الزمان قبل ان نعترف بذلك في إتفاقية السلام الشامل في يناير 2005م . في تلك الإتفاقية إعترف طرفاها بجذور المشكلة التي ظلت كل القوى السياسية الشمالية تعوص على نفسها الإمور برفضها. بدلاً عن الإعتراف بجذر مشكلة الجنوب إستمرأت تلك القوى البحث عن مشاجب خارجية تُعلق عليها أسباب الخيبة. قال الطرفان في ديباجة بروتوكول ماشكوس: ", وإذ يدركان أن النزاع في السودان هو أطول نزاع في افريقيا، وأنه قد سبب خسائر مريعة في الأرواح، ودمر البنى التحتية للبلاد، وأهدر الموارد الإقتصادية، وتسبب في معاناة لم يسبق لها مثيل، ولا سيما فيما يتعلق بشعب جنوب السودان، وشعوراً منهما بأوجه الظلم والتباين التاريخية في التنمية بين مختلف المناطق في السودان". في ذلك إعتراف منا بأن لمشكل الجنوب إسباباً متجذرة في الداخل. وحقاً، حين كان السودانُ كلهُ يتلظى بنيرانِ الحرب، كان بعضٌ من أهله لا يُخفي فرحتَه بما حقق من إنتصار وهمي. في ذات الوقت ما انفك الأستاذُ ينظر إلى الصورة المتكاملة ولا يتوه في تفاصيلها، أو يهرب إلى الإمام من واقعها الكالح. كان كلما تباهى المنتصرون بقولهم: "لقد قضينا على مائة من الخوارج وأستشهد منا خمسة"، يعقب بالقول: "أما نحن فنقول أن السودان فقد مائة وخمسة من رجاله".

بصورة عامة كان محمودٌ في سَرَعَان الناس (أي أسبقهم) إلى إدراك البعد الوطني لما ظللنا نسميه مشكلة الجنوب. كتب في واحدة من رسالاته ازاء الإسراف في الحديث عن مشكلة الجنوب، وكأن هذا الجنوب هو جنوب المريح: "وللشمال مشكلة أيضاً". بذلك سبق قول الراحل جون قرنق:"مشكلة الجنوب هي فرع (Subset) من مشكلة السودان". هذا طرف من قضايا السياسة التي أهَمَت الأستاذ في حين صمت عنها السياسيون اما عجزأً أولا مبالاة. أدهي من ذلك أن اللهاثَ وراءَ السلطة يومذاك كان هو الشغلُ الشاغل لسادة الحكم، دون أي إجتراء من جانبهم على مواجهة النفس ونقد الذات، بل دون أن يقولوا مرة واحدة لمن ولوهم السلطة أو حملوهم الى سدتها، ما الذي يريدون أن يفعلوا بتلك السلطة من أجل قضايا الناس.

وإن كانت نظرةُ الاستاذ الشهيد للمدينة الفاضلة التي قَدرَها وأحب أن يصير إليها السودانُ نظرةً شمولية تكاملية، إلا أنه قَدَر أيضاً ان السودانَ جزءٌ من عالم لا يستطيع السودانُ الإنفكاكَ عنه، كما هو جزء من حضارة إنسانية لا سبيل له للإنخلاع عنها. في ذلك لم يذهبْ مذهبَ الذين يدعون للإنخلاع عن الحضارة المعاصرة بدعوى تناقضها أو تباينها مع خصوصية ثقافية مدعاة، أو نقاء عرقي مزعوم. فهؤلاء مع كل مزاعمهم بفساد تلك الحضارة وجَحدهم لكسبها ومنجزاتها الإنسانية ظلوا يلتهمون نتاجها في المسكن والملبس والمشرب والتواصل والترحال، أي يعيشون كمستهلكي حضارة لا منتجين لها.

شهيد الفكر كان يرمي ببصره بعيدأ ويقول أن الحضارة المعاصرة، حضارة القرن العشرين بلغت نهايات النضج. وان البشرية المعاصرة مجتمع كوكبي إن أصيب جزء منه تداعت لمرضه بقية الأجزاء. هذه النظرة التي جاء بها الأستاذ الشهيد في السبعينات سبقت ما تواصينا عليه بعد عَقد من الزمان في لجنة دولية كان لي شرف المشاركة في رئاستها: اللجنة الدولية للبيئة والتنمية. خرجت تلك اللجنة على الناس بتقرير اصبح هو الميثاق الدولي للبيئة في قمة الارض بريو دي جانيرو. جوهر ذلك الميثاق هو وحدة كوكبِ الأرض بحيثُ ينبغي على كلِ فردٍ في المعمورة ان يفكر عولميا ويعمل محلياً. ثم جاء من بعد فيضان العولمة بخيره وشره، وإنداحت معه الحدود بين البلاد. ولعلني لا اريد أن أتقفى أثر المفكرين المسطحين الذين يحاولون إيجاد نسب لكل فكرة حضارية جديدة، أو ظاهرة علمية مستحدثة بتجارب الدولة الإسلامية وبالقرآن الكريم، ناهيك عن ربطها بأفكار مجتهد معاصر، لا سيما وقد جاء زمان أطل علينا فيه نفر من المتفيقهين الذين لم يستح واحدٌ منهم من أن يفتعل لتخليق النعجة دوللي بالإستنساخ ذِكراً في الكتاب الكريم. كل ما أريد قولَه هو ان الشهيدَ المفكر كان يعالجُ إمور بلاده في محيط كوكبي أرحب لا نملك إلا ان نعيش فيه، ونتفاعل معه، ونؤثر عليه، ونتأثر به، في حين كان غيره لا يبصرون حتى ما تحت أقدامهم بدليل عجزهم عن معالجة أدنى مشاكل الحكم والحياة.

هذه النظرة الكلية لقضايا الإنسان في السودان كانت بارزة أيضاً في ما كتب الأستاذ عن الإقتصاد. من ذلك رسالته حول الضائقة الإقتصادية (1981م). وأمثال تلك الضائقة يتخذها دوماً معارضو الحكم تكأة لتخذيله، أو ذريعة لحمله على الفشل. يفعلون ذلك دون أدنى إهتمام لما لتلك الضائقة من أثر على الوطن والمواطن. في تناوله لتلك الضائقة (والتي نستعرضها كنموذج) تناول الأستاذ البعد الأخلاقي للأزمة: مسئولية الدولة ومسئولية الأفراد؛ الريف والمدينة وأثر إنهيار الإقتصاد الريفي على إنهيار المجتمع الحضر؛ البعد الخارجي: التجارة الدولية، الديون؛ البيئة الطبيعية، الكوارث مثل الجفاف والتصحر. هذه النظرة الموضوعية العلمية لقضايا الناس هي التي يترجاها المواطن من قادته ومفكريه إن كانوا حقاً جادين في تدارس أي أمر ذي بال حتى يصلح حاله وأمره. والا حق قول أبي العلاء بأن الحكم ومذاهبه عند أولئك ليس هو الا وسيلة لجلب الدنيا لسادة الحكم.

إنما هذه المذاهب أسباب لجلب الدنيا إلى الرؤساء

تساءلت ذات مرة عن ما الذي يحول دون هذا المفكر، طالما أهّمَته السياسة، أن ينشئ حزباً سياسياً يتصارع عبره مع الآخرين على الحكم حتى يترجم أفكاره تلك إلى واقع. قال: "غايتنا ليست الحكم هي وإنما خلق المسلم الصالح المتكامل، وبصلاح الناس يصلح المجتمع". وحقاً لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم، وحقاً ايضاً أن لاسراة إذا تسيد الجهل على الناس.

قلت أن الاستاذ المجدد كان يسعى لبناء مدينة فاضلة بخلق النساء والرجال الفاضلين. والرجل الفاضل عنده، فيما تبينت من قوله، هو الإنسان مجدول الخلق الذي يحسن عمله، ويقوم برعاية اهله وذويه، ويؤدي فروض ربه ووطنه. سالته ذات مرة كيف تنتقي ابناءك وبناتك من الجمهوريين، وما الذي تتوخاهُ فيهِم؟ قال: في البدء ان كان ذا مهنةٍ فلابد له من ان يُجود مهنتَه، فالرجلُ الذي لايستجيدُ مهنتَه يفتقدُ القوام الرئيس لقيادة الناس، وقوامُ كلِ شئ هو عِماده. الأمر الثاني هو القدرة على التبليغ، أي نشرالفكرة بين الناس بالتي هي احسن بحيث لايستفزه، عند الحوار، مستفز أو يزعجه مزعج. ثالثاً – وذلك هو بيت القصيد - أن لا يفعل في سره ما يستحي من فعله في علانيته. وكأني بالأستاذ الشهيد أراد ان يجعل من صحبه بشراً يقاربون الأنبياء في سلوكهم. هذا أمر لا أدعي أنني قادر عليه، ولمن قَدِر عليه من صحاب المفكر الشهيد تحية إعجاب.

بُغية الأستاذ المعلم، إذن، كانت هي إعداد بنيه وبناته ليكونوا قدوة صالحة تُكلف نفسها في سبيل الدعوة غاية ما تقدر عليه هذا امر ليس منه بُد إن كانت الدعوة لدين أساسَه الإستقامةَ والإستواء "وذلك هو دين القيَّمة". ولعله في هذا ذهب مذهب إبن رشد القرطبي في نظرته للكمال الإنساني. فعند إبن رشد يتميز الإنسان العاقل بما يحصل عليه من عتاد روحي وثقافي ومعارفي وتتكامل عنده الحكمة والشريعة لما بينهما من إتصال.

لمحمود أيضاً رأي في الإنسان أبدع فيه. قال في واحدة من رسائله "الرجالُ عَندنا ثلاثة: الرجلُ الذي يقولُ ولايعمل لأنه يخافُ من مسئوليةِ قوله، وهذا هو العبد. والرجلُ الذي يَحِبُ ان يقولَ وان يعملَ ولكنه يحاولُ أن يهربَ تحت الظلام فلا يواجهُ مسئوليةَ قوله ولاعمله وهذا هو الفوضوي. والرجل الذي يحب أن يفكرَ وأن يقولَ وأن يعملَ وهو مستعد دائماً لتحمل مسئولية قوله وعمله، وهذا هو الرجلُ الحرّ (الثورة الثقافية)". هذا حديث حكيم شفيف الباطن. إستذكرت الشاعر الراحل محمود درويش (الجدارية) وانا أعاود قراءة كلمات محمود هذه

انا لستُ مني لو أتيتُ ولم أصل

انا لستُ مني لو نطقتُ ولم أقل

أنا من تقول له الحروفُ الغامضات

أكتُب تكن

إقرأ تَجِد

وإذا أردتَ القولَ فأفعل ، يتحد

ضداك في المعنى

وباطنُك الشفيف هو القصيد

فللأستاذ، إذن، رؤية سوية للإنسان المثال لا إفراط فيها ولاتفريط، وإن كان هو في خاصة نفسه قد غالى، بمعاييرنا، في قمع نفسه حتى عن اللَمَم وتوافه الملذات. روى لي الدكتور الراحل خليل عثمان إبان محاياته للأستاذ وهما في الحبس إلحَافه على الشهيد أن يتناولَ معه كوباً من الشاي فتأبى الأستاذ، ثم رضخ لإلحاف خليل. وفي اليوم التالي كرر خليلٌ الدعوةَ له وهو يذكره بأنه تناول الشايَ البارحة دون أن يلحقَ به ضُر. قال الأستاذ: "لقد فعلتُها بالأمس إكراماً لك ولكني أعرف أن الشاي منبه وإن تناولتَه المرة بعد الاخرى صار شربُه لي عادة وانا لا اريد أن أكون عبداً لأي عادة".

قلت ان في مسلك الأستاذ نسكاً وتصوفاً، يستعيد للذاكرة قول الإمام الغزالي في الأحياء حول الذهد: "هو أن تأتي الدنيا للإنسان راغمة صفوا عفوا وهو قادر على التنعيم بها من غير نقصان جاه، وقبح إسم فيتركها خوفاً من أن يأنس بها فيكون آنسا بغير الله، مخبأ لما سواء، ويكون شركاً لما فيحب الله غيره" لهذا سألته عن رأيه في متصوفة السودان، ولماذا يصب جام غضبه عى الإسلاميين المحدثين لا على المتصوفة. ذلك سؤال قصدت به الإستفزاز الفكري، لا سيما ورأيي في علماء السودان ومتصوفته رأي إيجابي إذ عشت في رحابهم، وتعلمت إصول ديني من أشياخهم، قال الأستاذ: "المتصوفة والعلماء هم الذين قربوا الإسلام إلى نفوس اهل السودان بالحسنى وحببوه إليها بتقوى الله ولهفة المظلوم، ولم يتخذ غالبهم الدين طريقاً للدنيا". أما الطائفيون الذين إتخذوا الدين معبراً للسياسية والمحدثون ممن ينصب أنفسهم دعاة للإسلام فقد أساءوا إلى الإسلام من جانبين: أولاً إحتكار الحقيقة حول الدين بالرغم من سوء فهمهم له؛ وثانياً تبغيض الناس فيه بسبب من الغلواء في الاحكام، لهذا فان مسعاه، كما قال، هو إستنقاذ الاسلام من هؤلاء. هذا الموقف هو ما ظل الأستاذ ثابتاً عليه في كل ما كتب عن الطائفية السياسية ، وكان متسامحاً فيما كتب، بمعنى أن الإصرار على الحوار الفكري، لا إغتيال الشخصية وإلغاء الآخر، هو قمة التسامح. ورغم إختلافه مع الطائفيين والإخوان المسلمين والشيوعيين دعا عند المصالحة الوطنية في عهد نميري (أغسطس 1977م) إلى خلق منابر فكربة تتصارع فيها كل هذه القوى السياسية واسماها بأسمائها: لم يستثن منها واحداً. وكان يومها يتمنى أن يُملأ الفراغ السياسي بالفكر. أما الآخرون الذين تداعوا إلى تلك المصالحة فلم يروا لها إلا وجهاً واحداً هو المشاركة في الحكم عبر إئتلاف حزبي أو حكومة وحدة وطنية أو حكومة قومية.

وعوداً على بدء في موضوع مَنسِك الأستاذِ نقول أن نسكه ان ذا طبيعة خاصة به، كان رجلاً من غمار الناس يمارس كل عوائدهم: ياكل الطعام، ويمشي في الاسواق، ويعود المريض، ويواسي الجريح ، ويعزي في الميت، كما لم يك يحسب نفسه منذوراً للبتولة كالمسيح أو أحبار الكنيسة إذ تزوج وانجب كبقية الخلق. لم يذهب أيضاً مذهب المتصوفة في إقصاء المعارف الدنيوية من حياتهم لأنها تلهيهم عن القربى، أي غقتراب السالك من ربه. فجُل المتصوفة لم يبتغوا من قراءة القرآن وتفسيره إستنباط أحكام فقهية أو عقائد كلامية، بل كانوا يريدون بها خلاصاً شخصياً بتعميق تجربتهم الروحية. بخلاف ذلك، إنغمس الأستاذ حتى أخمص قدميه في المعارف الدنيوية يحاور وينتقد، ويقبل ويرفض. ولم يكن إقترابه من التوحيد من وجهة حلولية شأن كل المتصوفة، بل محاولة فلسفية منه للحصول على معارف واقعية تهدي الإنسان في الحياة الدنيا؛ أي أنه "رأي سبيل الرشد فأتخذه سبيلاً". كما كان سبيله للآخرة هو الإقدام على الفروض والواجبات إقبال رجل يغشى قلبه الوجل من مخافة الله :"إذا ذكر الله وجِلت قلوبهم وإذا تُليت عليهم آياته زادتهم إيماناً" (الأنفال،2). كما كان يدرك أن وراء أداء الشعائر مغزى روحي عميق غير المعنى الظاهري، فتماماً كما أن ليس للصائم من صيامه غير الجوع والعطش، ليس، في حال البعض، للمصلي من صلاته غير القيام والقعود. الدين عند هؤلاء هو حوار أبدي بين الإنسان وخالقه في الليل والنهار حتى يتحقق لهم المقام المحمود: "ومن الليل تتهجد به نافلةً لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً" (الإسراء 79).

ثم جاءت نهاية شهيد الفكر كنهايات إضراب له واشباه من المفكرين الذين قدموا ارواحهم قرابين في محاريب الفكر، كانت نهايتهم على يد طغاة كحال الأستاذ الشهيد وتوماس مور، أو غوغاء كحال سقراط وغاندي. هؤلاء جميعاً لا ذنب لهم غير المجاهدة حتى يصبح الإنسان إنساناً. فمن قبل محمود ذهب سقراط ضحية إتهامه بتلويث عقول الإثينيين ولكنه، رغم إلحاح إفلاطون وزينوفون عليه كي يهرب - وكانوا يعدون للأمر عدته - رفض ذل الهرب من الموت. ذلك مشهد وصفه شوقي فابدع في الوصف

سقراط أعطى الكأس وهي مليئة شفتي محب يشتهي التقبيلا

عرضوا الحـياة علـيه وهي ذليلة فابى وآثر أن يمـوت نبيلا

أما غاندي الذي لم يعرف للعنف سبيلا فقد مات مغدوراً على يد متطرف هندوكي. بُغضُ غاندي للعنف وحبُه للناس حملاه على أن يقول:"هناك أهداف كثر أنا على إستعداد للموت في سبيل تحقيقها، غير أني لا ارى هدفاً واحداً يمكن أن يدفعني إلى قتل إنسان".نقل نبأ رحيل غاندي لأهل الهند جواهر لال نهرو وهو يقول:"لقد إنطفأ النور من حولنا، فالظلام يعم كل مكان." ثم إستدرك قائلاً:"ما كان لي أن أقول هذا. أنتم لن ترونه بعد اليوم إلا أنه سيبقى بين ظهرانيكم".

توماس مور، رجل كل الفصـــول، آثر الصـمت عندما قضــي هنري الثامن بإعدامه لرفضه التوقيع على القانون الذي يجعل من هنري رئيساً للكنيسة (Act of supremacy). وعندمىا أقتيد إلى المشــــنقة رفض أن ينبس ببنت شـــــــفه لقاضيه وجــلاده عــدا كلماته الاخـيرة التي صـمت بعــدها: "لا يحق لبشــــر زائل أن يكون رئيســــاً للروحــانية" "No temporal man may be head of spirituality". ذلك كان موقف الأستاذ الشهيد، إذ ما أبلغ صمته وأجمل سمته أمام المشنقة، فالجلاد وقضاة النار لم يبتغوا من الدعوة لإستتابته إلا كسر نخوته. ومن الحمق ان يظن ظان رجلاً تمرس بالشدائد، وصهرته المحن، وعرف الحق، أن سيفعل آخر الليالي ما لم يفعله في صباه. الشهيد ذو مِرة، وذو الِمرة لا ينكسر أمام الخطوب.

في تلك الايام الحوالك عشت في لندن مع إخوة لي اغلبهم ممن عرف الاستاذ الشهيد من خلال ما كتب: الراحل حسن محمد علي بليل الإقتصادي المعروف، والراحل ابوبكر البشير الوقيع الإداري النابه، والأستاذ التجاني الكارب، ثم الراحل رفيق محمود، الدكتور خليل عثمان. بليل والكارب لم يكونا يبكيان على رجل ، بل كان بكاؤهما على موت ضمير. قالا سوياً:"هذا هو اليوم الوحيد الذي تمنينا فيه ان لا نكون سودانيين". ما تركنا يومذاك باباً في عواصم العالم الا وطرقناه حتى يُرَد الطاغية عن غيه. ثم ادلهم الظلام وذهب محمود كما يتوقع المرء أن يذهب، مرفوع الرأس كالرواسي الشامخات.

أمثال محمود لا ينتهون بنهاية الوظائف البيولوجية لأجسامهم، وإنما هم باقون بما خلفوا في الرأس وفي الكراس. باقون بما سطروا على الورق، وما تركوا في أدمغة الرجال والنساء. وبهذا يصبح، أو ينبغي أن يصبح، السكون الأبدي لأجسادهم حركة دائبة. لا تهنوا، إذن، أيها الصحاب فأنتم اقوى من أي جلاد جلف، ومن أي قاض ظلوم، ومن أي عالم من أولئك الذين تراكم الصدأ على خلايا عقولهم.



http://sudanile.com/






الصور وين يا دكتور حيدر










دنقس.

Post: #65
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-30-2009, 11:52 PM
Parent: #64

Quote: فمحمودٌ مفكرٌ دينيٌ مجدد ساءه أن يتظنى الأغيار، بل بعضُ المسلمين، ان الإسلام في ازمة، وانه عقبةٌ في سبيل التطور والتحديث. محمود رأي غيرَ ذلك. العقبة في رأيه هي الفهمُ القاصرُ للدين، وليس الدينُ نفسَه. والمأزوم هو المسلمُ المتقاصرُ عن فهم الدين فهما صحيحاً، وليس الإسلام.

محمود أيضاً مثقف موسوعي لم ينبذْ الأفكارَ المعاصرة او يناهضها دون علم و دراية بها، بل ذهب لتقصي إصولها ودارسة تجاربها شأن الباحث المدقق والامين في آن واحد. ذهب لدراسة الماركسية لينفذ الي حسناتها ويبين سيئاتها. من حسناتها في رأيه تحليلها للإقتصاد وإبرازها لدور الإقتصاد في مراحل التطور التاريخي للإنسانية، ومن سيآتها، حسب رأيه، إتخاذ العنف وسيلة للتغيير. كما درس الحضارة الغربية ورأي وجهيها، فحسب قولهَ لتلك الحضارة "وجه حسن مشرق الحسن ووجه دميم". حسنُها في الكشوف العلمية التي اخصبت الحياة البشرية، ودمامتها في القصور عن التوفيق بين حاجة الفرد وحاجة الجماعة. وهكذا دواليك كان إقترابه من تحليل اللبرالية والفكر القومي، ومناهج الحكم.



عزيزي دنقس،
تحيتي ومحبتي، ووافر شكري على نقل محاضرة د.منصور خالد بمناسبة الاحتفال بمئوية الأستا محمود محمد طه في مركز الخاتم عدلان. تأمل كلام د.منصور أعلاه، وستجد أن الرجال الأحرار يعرفون نظائرهم، إن صح أن للأستاذ محمود نظير! تأمل المقتطف ملياً، وقد يغريك ذلك على إعادة قراءة بقية المحاضرة التي استمعت إليها كاملة، حيث نقلها مركز الخاتم عدلان، مسجلة على الفيديو، إلى هذا المنبر في الخيط المعنى بمحاضرة د.منصور خالد عن الأستاذ!

أما بخصوص الصور، فقد كانت ضحية للقرصنة التي حدثت للمنبر. وسننزل، أخي الكريم صبري الشريف وشخصي، بعض ما أخذناه من صور هنا قريباًً.

Post: #66
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-31-2009, 03:10 AM
Parent: #65

Quote: جامعة أوهايو تحتفل بمئوية الأستاذ محمود محمد طه

د. أسامه عثمان، نيويورك
[email protected]

احتفلت جامعة أوهايو بالذكرى المئوية لميلاد الاستاذ محمود محمد طه (1909-2009) والذكرى الرابعة والعشرين لاستشهاده من أجل الفكرة التي كرس لها حياته في 18 يناير1985 في سجن كوبر في الخرطوم. ولم يكن اختيار جامعة أوهايو للاحتفال بهذه الذكرى حدثا معزولا جاء مصادفة لأن بعض تلاميذ الأستاذ محمود يعملون بتلك الجامعة أو أنهم قد درسوا فيها. فجامعة أوهايو التي أنشئت عام 1805 واحدة من عشر جامعات أمريكية عريقة تلقت منحة من مجلس البحوث في العلوم الاجتماعية خصصت لمركز الدراسات الأفريقية ومركز دراسات جنوب شرقي آسيا لتسليط الضوء على البرامج والمبادرات الإصلاحية والتقدمية في العالم الإسلامي المعاصر. ولقد انعقد لواء الاحتفالات في إطار مؤتمر "الإسلام التقدمي" في الفترة 17-18 يناير 2009 ليتصادف مع الذكرى الرابعة والعشرين لاستشهاد الأستاذ محمود وكان محوره حياة وأفكار الأستاذ كمنوذج معاصر لتفسير وفهم متقدم للإسلام يختلف عن الصورة السائدة المرسومة في أذهان الناس عن الإسلام المرتبط بالإرهاب والعنف والتخلف ومعاداة المرأة. ولقد ركز المؤتمر على الإسهام الفكري للأستاذ محمود وأنشطة الإخوان الجمهوريين في مختلف الحقب.

أشتمل البرنامج أيضا على معرض ملصقات تصور بعض أبعاد حياة الأستاذ محمود ونشاطات الإخوان والأخوات الجمهوريات في مختلف الحقب ذكرنا بالمعارض المتحركة التي كان يقيمها الأخوان الجمهوريون في السبعينات في المدن السودانية كوسيلة من وسائل الدعوى لفكرهم لم تكن مألوفة للناس كثيرا في ذلك الوقت وكانت أحيانا تتعرض للاعتداء من بعض المهووسين. كما أصدر فيلم تسجيلي قصير يمثل لمحات من حياة الأستاذ في مختلف مراحلها من إعداد البروفيسير أستيف هاوارد مدير مركز الدراسات الأفريقية مع تعليق بصوته. وكان من أكثر اللحظات إدهاشا للجمهور في اللمحات المصورة هي آخر كلمات قالها الأستاذ بلسان عربي مبين وردت ترجمة لها في الفيلم الوثائقي عندما أملى على كتاب محكمة المهلاوي والصحفيين مسببات رفضه في التعامل مع المحكمة في شموخ وإباء عكس الأدوار حتى تسآل الجمهور من يحاكم من؟ قال في عبارات قوية رددها ببطء حتى يكتب من يكتب دون الوقوع في الخطاء كلمات صارت محفورة في ذاكرة تاريخ الإنسانية تحدث فيها عن القوانين التي أصدرها نميري في عام 1983 والتي رفضها أن يسميها قوانين الشريعة الإسلامية ولكنه نسبها للشهر الذي صدرت فيه فسارت عليها التسمية قال "أنا أعلنت رأي مرارا ، في قوانين سبتمبر 1983م ، من أنها مخالفة للشريعة وللإسلام .. أكثر من ذلك، فإنها شوهت الشريعة، وشوهت الإسلام، ونفرت عنه.. يضاف إلي ذلك أنها وضعت، واستغلت، لإرهاب الشعب، وسوقه إلي الاستكانة، عن طريق إذلاله.. ثم إنها هددت وحدة البلاد .. هذا من حيث التنظير..وأما من حيث التطبيق ، فإن القضاة الذين يتولون المحاكمة تحتها ، غير مؤهلين فنيا ، وضعفوا أخلاقيا ، عن أن يمتنعوا عن أن يضعوا أنفسهم تحت سيطرة السلطة التنفيذية ، تستعملهم لإضاعة الحقوق وإذلال الشعب، وتشويه الإسلام، وإهانة الفكر والمفكرين، وإذلال المعارضين السياسيين .. ومن أجل ذلك، فإني غير مستعد للتعاون، مع أي محكمة تنكرت لحرمة القضاء المستقل، ورضيت أن تكون أداة من أدوات إذلال الشعب وإهانة الفكر الحر، والتنكيل بالمعارضين السياسيين"

ومضى فداء لشعبه كما كان قد قال لتلاميذه في يناير من ذلك العام عن ضرورة أن يفدي الجمهوريون الشعب السوداني ويذكر الناس هدوءه وثباته وابتسامته الأسطورية وهو يعلو منصة الإعدام في ذلك اليوم من صبيحة يوم الجمعة 18 يناير 1985.

أشتمل برنامج الاحتفال أيضا على "عشاء ثقافي" حيث تناول المشاركون عشاء شهيا أشتمل على أطباق من مختلف أنحاء العالم أعدها متطوعون من اتحاد الطلاب الأفارقة وطلاب جنوب شرقي آسيا وقاموا على الخدمة بمساعدة مجموعة من الشباب السودانيين والسودانيات ممن ولدوا في أمريكا.

افتتح الاحتفال البروفيسير أستيف هاوارد أمام حشد عالمي كبير فقد جاء الناس من كل حدب وصوب من مختلف الأعمار والسحنات ضاقت بهم القاعة الكبرى في جامعة أوهايو في مدينة أثينا وهي مدينة جامعية معظم سكانها من الطلاب والأساتذة وأسرهم، قدم الأستاذ هوارد مناسبة الحدث وموقع الأستاذ محمود في الفكر الإنساني وإسهامه كرجل من أفريقيا والعالم الإنساني في القضايا الكبرى للبشرية وضرورة أن يعرفه الناس والشرف العظيم لجامعة أوهايو بالمساهمة في ذلك. ثم عرض الفيلم التسجيلي الذي أعده باسم "لمحات من حياة الأستاذ محمود محمد طه". كان اليوم الأول للمؤتمر أشبه بالشهادات ممن كانوا لصيقين بالأستاذ حيث كانت المتحدثة الرئيسية في الحفل هي الأستاذة أسماء محمود ابنة الأستاذ محمود الكبرى، والتي قدمت من الدوحة، مكان إقامتها الحالي، لهذا الحدث وكانت شهادتها مؤثرة جاءت فيها أشياء لا تسمعها من أي شخص آخر حيث تحدثت عن كيفية تعامل الأستاذ معهن في البيت كأطفال وكنساء والانسجام التام بين ما كان يقول به وما يفعله في أمر النساء وذكرت ما سمعته نقلا عن عماتها من الكبار عن طفولة الأستاذ وحرصه على الحق والصدق منذ أن نشأ بشكل ميزه على إخوانه وأترابه. ولم يفت الأستاذة أسماء أن تحي الرئيس المنتخب أوباما عشية تنصيبه رئيسا وأن تحي ذكرى داعية الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ التي تصادف الاحتفال بها هذا العام الاحتفال مع ذكرى استشهاد الأستاذ ولقد كان هذا الربط بين رسالة مارتن لوثر ورسالة الأستاذ محمود في بعدهما الإنساني ثابتا في معظم الكلمات كما سنرى. ثم جاءت شهادة الدكتور عبد الله أحمد النعيم الأستاذ بجامعة أموري في أطلانطا ولاية جورجيا عن دور الأستاذ في تطوير منهج التحول الذاتي للأفراد مستشهدا بتجربته الشخصية عن ما كان عليه وما صارت إليه حياته بعد أن التقى الأستاذ وهو طالب في السنة الأولي في جامعة الخرطوم، واستمع لمحاضراته وأثر حديث الأستاذ الذي يجعلك تتأمل في نفسك وفي الأحياء والأشياء بشكل واع ودون غفلة.

تحدث بعد الدكتور النعيم السيد فلاتشر زوويا وهو رئيس اتحاد الطلاب الأفارقة وذكر عن فخره باسمه الطلاب والباحثين الأفارقة بالمشاركة في الاحتفال بذكرى رجل من أفريقيا ترك بصمات على الفكر الإنساني وساهم في تقديم دين من أكبر أديان القارة في شكل معاصر. وذكر بأن الأستاذ محمود كان موضع الاحتفاء في عام 2002 حيث انتخب "بطلا من أفريقيا" من قبل الاتحاد لذلك العام.

ثم جاءت شهادة تلميذ آخر للأستاذ محمود هو الدكتور إرينست جونسون، المعروف بعبد الله إيرنست والذي كان يدرس اللغة الإنكليزية لطلاب العلوم في جامعة الخرطوم والذي يدرّس " التنوع الثقافي" في إحدى كليات مدينة سياتل في ولاية وشنطن في الساحل الغربي. وعبد الله أيرنست أمريكي- أفريقي يشبه السودانيين في سحنته ويتحدث العربية السودانية بطلاقة. ذكر لنا في شهادته أنه قد قدم للسودان في عام 1977، وهو ابن الرابعة والعشرين ليبقى ثلاثة أشهر يشاهد فيها بعض الطرق الصوفية وأثرها على الشخصية السودانية لأنه كان قد لاحظ شيئا مميزا في شخصية بعض الأصدقاء السودانيين الذين التقاهم في هاواي وكان وقتها يبحث عن التجارب الروحية في الديانات الأخرى. وأسر لأحد السودانيين بذلك بعد قدومه الخرطوم بثلاثة أسابيع فاقترح عليه أن يأخذه إلى شخص هو خير من يحدثه عن الإسلام والتصوف وعن السودان أيضا وكل ذلك بلسان إنكليزي مبين فكان لقاءه الأول في منزل الأستاذ وامتدت رحلته إلى السودان من ثلاثة أشهر إلى تسع سنوات وذكر عن تحوله لداعية للفكرة وتغيرت حياته تغيرا كاملا بفضل التلمذة والتلقي من الأستاذ كفاحا. ولقد وجدته أكثر ما يشغله الآن هو كيفية إيصال الإسهام الأصيل لفكر الأستاذ محمود إلى الجمهور العريض من الأمريكيين بوصفه فهما للإسلام غير الذي يعرفه معظم الناس.

ومما ذكر عن ما تعلمه من أستاذه أن عليك أن تفكر فيما تري، وأن تقول ما ترى وأنت تفعل ما تقول وكان ذلك منهاج السلوك الذي طبقه الأستاذ على نفسه ورسعى لتربية تلاميذه عليه. واختتم الأمسية الأولى الدكتور إسماعيل المهدي، المدير المشارك لقسم الدراسات الأفريقية في جامعة أوهايو والذي كان هو وزميله البروفيسير هوارد في قلب تنظيم الحدث على مستوى الجامعة وتولى هو شخصية أمر تنظيم وصول السودانيين وإسكانهم والسهر على راحتهم بهمة لا تفتر ذكرتنا بتجرد الإخوان والأخوات الجمهوريات عندما كانوا ينهضون لتنظيم نشاط أو أداء عمل يبذلون فيه غاية جهدهم. تخلل الحفل وأعقبه جلسات من الإنشاد العرفاني بقيادة "عميد المنشدين" عبد الكريم على موسى المعروف بكرومة والذي لم تأثر السنين في صوته العذب فتسجيلاته في السبعينات لا تختلف عن صوته اليوم.

بدأ اليوم الثاني للملتقى بقاعة الاحتفالات الكبرى بمركز بيكر وهي أكبر قاعات الجامعة على الإطلاق لا تفتح إلا للمناسبات الكبرى. وقد امتلأت جميع مقاعدها منذ فترة مبكرة لأن المتحدث الرئيس لذلك اليوم كان متحدثا مشهورا. وهذا تقليد في الملتقيات الأمريكية، أيا كانت سياسية أو ثقافية أو غيرها لا بد من وجود اسم لامع يكون متحدثا رئيسيا. ولم يكن الاختيار عشوائيا وإنما اختيارا مدروسا. كان المتحدث الرئيسي في اليوم الثاني هو المفكر والفيلسوف والمناضل كورنيل ويست، وهو بروفيسير كرسي الدراسات الأمريكية والأديان المقارنة في جامعة بريستون في ولاية نيو جرسي وكان قد تخرج في جامعة هارفارد وعمل فيها أستاذا وعمل في جامعة يال العريقة وفي جامعات أخرى. والبروفيسير ويست معروف بأعماله الأكاديمية في فلسفة الأديان والأخلاق وبنشاطه السياسي كداعية لقضايا الحقوق المدنية والحريات وقد بدأ حياته النضالية وهو طالب في المدرسة الثانوية عندما كانت حركة القس مارتن لوثر كينغ من أجل الحقوق المدنية في أشدها ثم واصل نضاله في محاربة نظام الأبارتايد في جنوب أفريقيا. وتنحصر معظم أعماله في مناقشة قضايا العرق والنوع والديمقراطية في المجتمع الأمريكي. ذكر البروفيسير استيف هوارد أن الإسهام الكبير للأستاذ محمود بوصفه واحدا من أكبر المفكرين في أفريقيا في القرن في قضايا الحرية وحقوق المرأة وحقوق الإنسان والعلاقات بين البشر ليس معروفا في دوائر الجمهور الكبير والدوائر السياسية ويأمل أن تكون تساهم مشاركة المفكر كورنيل ويست في التعريف بقيمة الأستاذ محمود في هذه المجالات. ولقد نجح استيف هوارد في توقعه غاية النجاح يحث أن مدينة أثينا بكاملها تكاد تكون قد جاءت لمشاهدة البروفيسير كورينل ويست يتحدث. وكان ويست قد ذكر الاستاذ محمود في كتابه الصادر في عام 2004 بعنوان "أهمية الديمقراطية" قائلا " إن كتابات محمود محمد طه عن الديمقراطية ثورية وعميقة" وعبر عن إعجابه بطرح الأستاذ للإسلام بوصفه "نظاما شاملا يدعو للسلام ولحرية الإنسان وللتحرر من الخوف من أجل حياة تسودها المحبة والرشاد". ينبغي أن نذكر بأن كورنيل ويست خطيب مصقع من شاكلة مارتن لوثر كينغ وغيره من الإنجيليين من خطباء كنائيس السود ولقد انتبه الناس لقدرات السود في الخطابة بعد حملة أوباما وقدرته المدهشة في الخطابة التي أسهمت في فوزه. ولقد كانت كلمة البروفيسير ويست آثرة ربط فيها بطريقته التركيبية الشاملة للأحداث بين الأستاذ محمود وتعاليم غاندي ومارتن لوثر كينغ ومانديلا. كما اعتبر تجربته الشخصية في حياته وتعليمه لتلاميذه وموته الدرامي امتدادا لمدرسة سقراط في التضحية من أجل المبدأ.

ولقد توزع الحضور من بعد كلمة ويست على جلسات علمية وقعت بالتزامن في قاعات مختلفة قدمها أساتذة وباحثون من جامعات أمريكية وأخرى أجنبية تناولت إحداها نماذج لمفكرين إسلاميين إصلاحيين من مختلف أرجاء العالم الإسلامي. وتناولت حلقة أخرى نماذج لتجارب متميزة في العمل الإسلامي الإصلاحي قدمت فيها الأستاذة أسماء عبد الحليم عرضا لتجربة الأخوات الجمهوريات في العمل الدعوي للفكرة ومدى تأثرهن وتأثيرهن في مجتمع محافظ في سبعينات القرن الماضي في السودان. وتحدث دكتور عبد الله أيرنست عن تجربة انتقاله لدين جديد والحوار الذي دار من بعد مع أسرته وأصدقائه كمنوذج لإدارة التعدد الثقافي وتكامل التجربة الإنسانية. كما قدم باحث شاب من جامعة بروكسيل الحرة مداخلة بعنوان "محمود محمد طه بين التصوف والعلم" أثار الكثير من الجدل وق تعرض فيها إلى محاولة الأستاذ إعطاء تفسير يزاوج بين العلم والدين في نظرية التطور وخلق الإنسان كنموذج لمنهجين لا يلتقيان وفقا للفهم المعرفي الديكارتي الذي تبناه الباحث. وتناولت حلقة أخرى نماذج لحركات إصلاحية وحركات لتحرير المرأة من منظور ديني في تركيا وإندونيسيا ونيجيريا

إلى جانب حلقة أخرى عن التنظيم والعمل الاجتماعي لنماذج لحركات من اريتريا تحت الاحتلال وحركة المريدين في السنغال والتشريعات المحلية المستمدة من الشريعة في تجربة إندونيسيا.

واختتم البروفيسير المؤتمر بكلمة شكر للجميع وعبر عن سعادته لأن عدد من صاروا يعرفون شيئا عن الأستاذ محمود وإسهاماته في الفكر الإنساني قد ازداد وفي ذلك مفخرة لجامعة أوهايو. ولقد كان الملتقى مناسبة اجتماعية أيضا ألتقى فيها الإخوان الجمهوريون بعضهم كما التقوا بغيرهم من السودانيين وشاهدنا وجوها كانت مألوفة لدى من كانوا في جامعة الخرطوم في السبعينات ممن أسسوا لأدب الحوار بالحسنى وابتدعوا سنة أركان النقاش من أمثال الأخ أحمد المصطفي دالي الذي وخطه بعض الشيب ولكنه لم يفقد سرعة البديهة وتوقد الذهن التي كان يعتمد عليهما في تسجيل النقاط على من يحاورونه من الاخوان المسلمين وبعض السلفيين أحيانا.

سنعرض في مقال لاحق بإذن الله لبعض مآلات الفكر الجمهوري وللعمل القاصد الذي يقوم به الدكتور عبد الله النعيم في تنزيل الأفكار التي أوردها الأستاذ إجمالا في كتبه الأساسية إلى تطبيقات عملية في مجالات الديمقراطية وحقوق الإنسان والعلاقات الدولية

لقد انتظر أهل السودان أكثر من قرن ليعرفوا أن الزبير باشا لم يكن نخاسا فحسب كما صورته كتب تاريخ الغزاة وإنما كان أشهر شخصية في أفريقيا في القرن التاسع عشر و أكبرها أثرا وجاءت كتابات لإنصافه بعد أن كتب عنه باحثون من اليابان وغير اليابان. وأخشى في إطار التجاهل المتعمد وغير المتعمد لتجربة الأستاذ محمود الذي يقع حاليا في السودان أن ينتظر السودانيون قرنا حتى يأتيهم من يحدثهم من أوهايو وغير أوهايو بأن بلادهم قد أنتجت رجلا فزا ربط الفعل بالعمل وقدم للبشرية محاولة غير مسبوقة في البعث الإسلامي يمكن أن يباهوا بها الأمم.

د.أسامه عثمان، نيويورك

نقلا عن جريدة الصحافة ليومي 27-28 يناير 2009

Post: #67
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: abdelhadi ibrahim
Date: 01-31-2009, 12:09 PM
Parent: #66

الاستاذ حيدر لك الود
شكراً على هذا البوست الذي بعث في دواخلي
روح الاستاذ الرسول محمود محمد طه ..
حتما سنعود












عبد الهادي

Post: #68
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-31-2009, 08:01 PM
Parent: #67

Quote: الاستاذ حيدر لك الود
شكراً على هذا البوست الذي بعث في دواخلي
روح الاستاذ الرسول محمود محمد طه ..
حتما سنعود



العزيز عبد الهادي،
تحيتي وفائق تقديري،
سأترقب عودك بمحبة وشوق.

Post: #69
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-31-2009, 08:37 PM
Parent: #68

Quote:
الذكرى المئوية لميلاد الأستاذ محمود محمد طه

كي تعرف الأجيال أقدار الرجال (1)

د. عمر القراي

يصادف هذا العام، بالإضافة إلى الذكرى السنوية لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه، والتي يتم بها الاحتفال السنوي، في شهر يناير من كل عام، مرور مائة عام على ميلاده.

ويحتفل معهد الدراسات الأفريقية بجامعة أوهايو، والذي سبق أن كرّم الأستاذ محمود في مناسبة اختياره كبطل أفريقي، بهذه الذكرى هذا العام.. وقد دعا إليها عدد من الكتاب والأكاديميين العالميين، الذين درسوا أفكار الاستاذ محمود، وكتبوا عنه.

ونحن، هنا، في السودان نرى أن نسهم بالمشاركة في هذا العمل الدولي العظيم، بتعريف أبنائنا، وبناتنا بسيرة هذه القامة الإنسانية الفريدة، التي جعلها الله بمحض فضله من هذا الشعب الكريم.

ولد الأستاذ محمود محمد طه، في مدينة رفاعة بوسط السودان، في العام 1909م تقريباً.. وقد نزح أهله من الشمالية، وهم من قبيلة الركابية البليلاب، الذين يرجع نسبهم إلى الشيخ حسن ود بليل الصوفي المعروف. توفيت والدته -فاطمة بنت محمود- وهو لماّ يزل في بواكير طفولته، وذلك في العام 1915م تقريباً، فعاش الاستاذ محمود وأخوانه واخواته تحت رعاية والدهم، وعملوا معه بالزراعة، في قرية الهجيليج بالقرب من رفاعة، غير أن والده توفي في العام 1920م تقريباً، فانتقل الاستاذ محمود وأخوانه للعيش بمنزل عمتهم برفاعة. بدأ الأستاذ محمود تعليمه بالدراسة بالخلوة، كما كان يفعل سائر السودانيين في ذلك الزمان، حيث يدرس الأطفال شيئاً من القرآن، ويتعلّمون بعضاً من قواعد اللغة العربية، غير أن عمته كانت حريصة على الحاقه وأخوانه بالمدارس النظامية، فتلقى الأستاذ محمود تعليمه الأوّلي والمتوسط برفاعة. بعد اتمامه لدراسته الوسطى برفاعة انتقل الأستاذ محمود في عام 1932 إلى كلية غُردون التذكارية، وقد كانت تقبل الصفوة من الطلاب السودانيين الذين أتّموا تعليمهم المتوسط، حيث درس هندسة المساحة. كان تأثيره في الكلية على محيطه من زملائه الطلبة قوياً، وقد عبّر أحد كبار الأدباء السودانيين عن ذلك التأثير بقوله: «كان الأستاذ محمود كثير التأمل لدرجة تجعلك تثق في كل كلمة يقولها»!

تخرَّج الأستاذ محمود في العام 1936م، وعمل بعد تخرجه مهندساً بمصلحة السكك الحديدية، والتي كانت رئاستها بمدينة عطبرة.. وفي مدينة عطبرة أظهر انحيازاً إلى الطبقة الكادحة من العمال، وصغار الموظفين، رغم كونه من كبار الموظفين، كما أثرى الحركة الثقافية والسياسية بالمدينة من خلال نشاط نادي الخريجين، فضاقت السلطات الاستعمارية بنشاطه ذرعاً، وأوعزت إلى مصلحة السكة الحديد بنقله، فتم نقله إلى مدينة كسلا في العام 1937م، غير أنّ الاستاذ محمود تقدّم باستقالته من العمل في عام 1941، واختار أن يعمل في قطاع العمل الحر كمهندس ومقاول، بعيداً عن العمل تحت امرة السلطة الاستعمارية. كان الاستاذ محمود في تلك الفترة المحتشدة من تاريخ السودان، وفي شحوب غروب شمس الاستعمار عن أفريقيا، علماً بارزاً في النضال السياسي والثقافي ضد الاستعمار، من خلال كتاباته في الصحف، ومن خلال جهره بالرأي في منابر الرأي، غير أنّه كان مناضلاً من طراز مختلف عن مألوف السياسيين، حيث كان يمتاز بشجاعة لافتة، لا تقيّدها تحسبات السياسة وتقلباتها، وقد أدرك الانجليز منذ وقت مبكر ما يمثله هذا النموذج الجديد من خطورة على سلطتهم الاستعمارية، فظلت عيونهم مفتوحة على مراقبة نشاطه.

تزوّج الأستاذ محمود من آمنة لطفي عبد الله، وهي من اسرة الشيخ لطفي عبد الله المعروفة، والتي تنتمي لفرع الركابية الصادقاب، وقد كان زواجهما في أوائل الأربعينيات من القرن الماضي. كان أول أبنائه (محمد) وقد نشأ في كنف أبويه متفرداً بين أترابه، غير أنه توفي صغيراً، حيث غرق في النيل عند رفاعة في حوالى عام 1954، وهو لمّا يتعد العاشرة من عمره، وقد صبرت أمه آمنة على فقده صبراً عظيماً. كان الأستاذ محمود وقتها خارج رفاعة، فعاد إليها عندما بلغه الخبر، وتلقى العزاء في ابنه راضياً، وقد قال: «لقد ذهب ابني لكنف أبٍ أرحم مني»! وللأستاذ محمود بنتان هما (أسماء) ، و(سمية).

الحزب الجمهوري:
في يوم الجمعة 26 أكتوبر 1945م، أنشأ الأستاذ محمود، وثلة من رفاقه هم: عبد القادر المرضي، محمد المهدي المجذوب، يوسف مصطفى التّني، منصور عبد الحميد، محمد فضل الصدّيق، محمود المغربي، واسماعيل محمد بخيت حبّة، حزباً سياسياً اسموه (الحزب الجمهوري)، حيث اقترح التسمية يوسف مصطفى التّني، اشارة لمطالبتهم بقيام جمهورية سودانية مستقلة عن دولتي الحكم الثنائي، وقد أُختير الأستاذ محمود رئيساً للحزب، وعبد القادر المرضي سكرتيراً له، وقد كان هذا الحزب هو الحزب السياسي الوحيد وقتها الذي يطالب بالحكم الجمهوري، والاستقلال التام، في الوقت الذي كانت فيه الحركة الوطنية السودانية، بقسميها الذين يقودهما حزبا الاتحادي والامة، لا يناديان إلا بالاتحاد مع مصر (الاتحاديون) أو بالاستقلال في تحالف مع التاج البريطاني (الأمة). وقد عبر هذا الموقف التأريخي من مصير السودان، أصدق تعبير، عن الرؤية الثاقبة، والبصيرة المسددة التي ستكون لاحقاً سمة الحركة الجمهورية التي أنشأها ورعاها الاستاذ محمود محمد طه.

نشأ الحزب الجمهوري أول ما نشأ على المصادمة المباشرة للاستعمار، دون أن تقعده الرهبة، أو يصرفه اليأس، فحفظ تأريخ السودان للأستاذ محمود صوراً ناصعة من الاخلاص المتجرّد من الخوف والطمع، في مواجهات مكشوفة مع الاستعمار، ومع الطائفية السياسية التي كانت تحرك الشعب لمصلحة قادتها. ورغم أن الحزب الوليد اتخذ من الاسلام مذهبيةً له، غير أنه في تلك الفترة لم يكن يملك من تفاصيل تلك المذهبية ما يمكن أن يقدمه للشعب، فانصرف أفراده إلى ما أسماه الاستاذ محمود (ملء فراغ الحماس)، متخذين من قضايا مثل سياسة الاستعمار تجاه الجنوب، وقضايا مزارعي مشروع الجزيرة مواضيع للنضال ولتحريك الشعب، فضرب رجال الحزب الجمهوري وعلى رأسهم الاستاذ محمود الأمثال في شجاعة المواجهة، حيث كان الحزب يطبع المنشورات المناهضة للاستعمار والتي يقوم أفراده بتوقيع اسمائهم عليها، ثم توزيعها، في عمل فريد من أعمال المواجهة العلنية، اضافة الى قيامهم بالخطابة في الاماكن العامة، حتى استشعرت السلطات الاستعمارية الخطر، فتم اعتقال الاستاذ محمود في يونيو من عام 1946م وتم تقديمه الى المحاكمة، حيث خُيّر بين السجن لمدة عام، أو امضاء تعهد بعدم ممارسة العمل السياسي فاختار السجن دون تردد. كان الاستاذ محمود بذلك أول سجين سياسي في تأريخ الحركة الوطنية السودانية. وحتى في السجن فقد واصل مقاومته للمستعمر بعدم تنفيذ أوامر السجن، في حين واصل رفقاؤه في الحزب مقاومتهم خارج السجن، فأضطُرت سلطات الاستعمار إلى اطلاق سراحه بعد خمسين يوماً من سجنه. وقد أدى نبأ اطلاق سراحه، تماماً كنبأ سجنه، الى تجاوب واسع من قطاعات الشعب، أظهرته برقيات التأييد التي انهمرت على الحزب من محافظات السودان كافة.

ثورة رفاعة:
بعد إطلاق سراح الأستاذ محمود واصل الحزب الجمهوري نضاله ضد الإنجليز، حتى حانت في سبتمبر 1946م فرصة أخرى لتصعيد المقاومة، إذ قامت سلطات الاستعمار بتفعيل قانون منع الخفاض الفرعوني والذي كان قد صدر في ديسمبر من عام 1945م، حين قامت السلطات في رفاعة بسجن ام سودانية خفّضت بنتها خفاضاً فرعونياً، فنهض الأستاذ محمود إلى التصدي لحادثة الاعتقال هذه، معتبراً أنّ الاستعمار بتفعيله القانون في مواجهة عادة متأصلة لا يمكن محاربتها بالقوانين، انما يرمي الى اضفاء الشرعية على حكمه عن طريق إظهار نفسه محارباً لعادات الشعب السيئة من ناحية، وإظهار السودانيين كشعب غير متحضِّر مستحق للوصاية من ناحية ثانية.

خطب الأستاذ محمود خطبة قوية في مسجد رفاعة مستنهضاً الشعب للدفاع عن المرأة التي نزعت من بيتها إلى ظلمات السجن. فتوحّدت المدينة بأكملها خلفه في ثورةٍ عارمة تصاعدت إلى اقتحام السجن، واطلاق سراح المرأة، رغم المواجهة العنيفة التي ووجهت بها من قبل السلطات والتي وصلت لحد اطلاق النار على الشعب. وقد تجلت في ثورة رفاعة جسارة الاستاذ محمود في مواجهة المستعمر والتزامه جانب المستضعفين من شعبه، مما خلب ألباب الأحرار، حيث عبّر أحد شعراء السودان عن ذلك في مقدمة قصيدة له في تمجيد ثورة رفاعة بقوله: «من المنبر في مسجد رفاعة انبعثت الصيحة، وخرج المسلمون -كالمسلمين الأوائل- في لحظة إلهية يندفعون إلى الكافر، ولقيهم هذا خلف صف من العساكر، وانطلق الرصاص، وتقدّم الرجال يمشون على خطى محمود»!

تمخضت ثورة رفاعة عن سجن الأستاذ محمود لمدة سنتين، حيث ُسجن في سجن ودمدني لبعض الوقت، ثم أتم باقي مدة السجن في سجن كوبر الشهير، بمدينة الخرطوم بحري.

في السجن الثاني للاستاذ محمود، بدأت تتضح له تفاصيل المذهبية الإسلامية، التي وقف حياته للدعوة اليها، حيث أخذ نفسه بالعبادة. وبخاصة الصيام الصمدي، والصلاة، والتفكر حتى ساقه ذلك إلى جلاء أمور غابت عن غيره من الناس.

بعد اتمامه لمدة سجنه في العام 1948م، خرج الاستاذ محمود الى مدينة رفاعة، حيث اعتكف لمدة ثلاث سنوات، في خلوة عن الناس. حيث أتم ما كان قد بدأه في سجنه، من تهيؤ لدعوته الإسلامية.. كانت أيام خلوته، واعتكافه، عامرة بالاشراقات الروحية، والسمو النفسي، وقد بدا واضحاً أن الاستاذ محمود، أنه قد أقبل على موضوع كبير وخطير، وكان الحزب الجمهوري طوال فترة اعتكافه، قد توقف نشاطه، في حين كان أفراده ينتظرون خروج قائدهم من اعتكافه.
خرج الأستاذ محمود من اعتكافه في اكتوبر 1951م، ودعا الحزب الجمهوري إلى اجتماع عام، عقد في 30 أكتوبر 1951م . في هذا الاجتماع طرح الاستاذ محمود المذهبية الإسلامية الجديدة، والتي تقوم على الحرية الفردية المطلقة، والعدالة الاجتماعية الشاملة، ليتجه الحزب الجمهوري من ملء فراغ الحماس إلى ملء فراغ الفكر. ودعا كل من يوافق على الفكرة الجديدة، لتسجيل اسمه كعضو بالحزب، ولو كان من قدامى أفراده. ولقد استمر معه بعض زملائه، وخرج عليه بعضهم، كما التحق بالحزب ذي المذهبية الجديدة شباب جدد.

المصدر: http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=59611

الأحد 21 ديسمبر 2008م، 23 ذو الحجة 1429هـ العدد 5560


Post: #70
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 02-01-2009, 07:13 AM
Parent: #69

Quote: الذكرى المئوية لميلاد الأستاذ محمود محمد طه

كي تعرف الأجيال أقدار الرجال (2)

د.عمر القراي


مقاومة الاستعمار :
في مستهل الحركة الوطنية اتجهت الأحزاب الكبيرة التي تكونت من مؤتمر الخريجين الى مهادنة الإستعمار ، وطرح بدائل مقبولة لديه ، مثل الوثيقة التي تدعو للاتحاد مع مصر والتحالف مع بريطانيا ، وتكون على أساسها ، الوفد الذي أعد ليسافر إلى مصر ، فقد جاء (أن الوفد السوداني عقد مؤتمرا صحفيا أعلن فيه : أن مطالب السودانيين تتلخص في :
(1) إقامة حكومة سودانية ديمقراطية حرة في اتحاد مع مصر وقد ترك تحديد نوع هذا الاتحاد معلقا لم يبت فيه.
(2) مصر والسودان سيقرران معا طبيعة هذا الاتحاد .
(3) عقد محالفه مع بريطانيا العظمى على ضوء هذا الإتحاد المصري السوداني (جريدة الرأي العام بتاريخ الأربعاء 28/3/1946) . ولقد رفض الحزب الجمهوري هذا الإتجاه وعن هذا الرفض جاء (ورفض الحزب الجمهوري الوثيقة التي إئتلفت عليها الاحزاب الأخرى في 25 أغسطس 1945م وتبناها المؤتمر في اكتوبر 1945م لأنها تختلف في جوهرها عن دستور الحزب . وقد سبقت الاشارة الى ان احد بنود الوثيقة ينص على قيام حكومة سودانية ديمقراطية حرة في اتحاد مع مصر وتحالف مع بريطانيا. وفي معرض تعليقه على هذا البند قال الحزب الجمهوري « اننا لا نفهم لماذا نتقيد باتحاد وتحالف فنضع بذلك حق البلاد الطبيعي في الحرية موضع المساومة بان ندفع ثمن الحرية اتحاداً مع هذه او تحالفاً مع تلك « ( فيصل عبد الرحمن على طه : الحركة السياسية السودانية والصراع المصري البريطاني بشأن السودان . ص 231).

وبين ما كان هذا اتجاه الأحزاب الكبرى، اتجه الحزب الجمهوري بقيادة الأستاذ محمود ورفاقه إلى الشعب مباشرة يثيرونه ضد الاستعمار ، بالمواقف الصادقة ، وبالرأي السديد .. ومن ذلك مثلاً نقرأ ( مثل الأستاذ محمود محمد طه المهندس أمس أمام قاضي الجنايات المستر مكدوال متهما من بوليس الخرطوم تحت قانون التحقيق الجنائي لتوزيعه منشورات سياسية من شأنها الإخلال بالأمن العام، وقد أمره القاضي أن يوقع على صك بكفالة شخصية بمبلغ خمسين جنيها لمدة عام لا يشتغل خلالها بالسياسة ولا يوزع منشورات. ويودع السجن لمدة سنة إذا رفض ذلك .. ولكن الأستاذ محمود رفض التوقيع، مفضلا السجن، وقد اقتيد لتوه إلى سجن كوبر( الرأي العام - 3/6/1946م). بهذا الاعتقال أصبح الأستاذ محمود محمد طه ، أول معتقل سياسي ، في مستهل الحركة الوطنية. ومع ذلك فقد استبعد اسمه من كل كتب التاريخ فلم يعرف ابناء هذا الشعب من أول من دافع عن كرامة شعبهم واستقلاله .

ولما كان الاستاذ محمود محمد طه قد فضل الاعتقال على الرضوخ للمستعمر حتى تتصاعد المقاومة الشعبية ، فانه قد رفض الانصياع لقوانين السجن ، حتى عوقب عقوبات مضاعفة داخل السجن .. وكانت السلطة البريطانية ، في حيرة من أمره ، لأنها لم تكن لها سابق تجربة مع معتقلين سياسيين قبله ، ولأنه كان يفاجئهم بعصيان اوامرهم غير عابئ بعقوباتهم .. فقد رفض أن يعمل كما يعمل المساجين ، ليطوع قوانين السجن حتى تميز بين المعتقل السياسي والمجرم العادي. وفي هذا المضمار رفض الاستاذ محمود أن يقف لضابط السجن ، واخبره انه ليس لديه مشكله معه ، ولكن مشكلته مع الحكومة الإستعمارية ولهذا لن يطيعها لا خارج السجن لا داخله .. وعن ذلك نقرأ ( بيان رسمي من مكتب السكرتير الإداري عن رئيس الحزب الجمهوري: «ظهرت بيانات في الصحف المحلية حديثا بخصوص محمود محمد طه الذي هو الآن تحت الحراسة بالخرطوم بحري نتيجة لرفضه أن يمضي كفالة المحافظة على الأمن.. وهذه البيانات قد احتوت على معلومات غير دقيقة، والحقائق كالآتي: لمدة يومين رفض محمود محمد طه أن يشتغل، وهذا يخالف قوانين السجن فلم يعمل له أي شئ في اليوم الأول، أما في المرة الثانية فقد حكم عليه بالبقاء ثلاثة أيام «بالزنزانة» و «الأكل الناشف» ولو أنه رفض أيضا أن يقف عند الكلام مع ضابط السجن فان العقوبة التي نالها الآن لم تعط له نتيجة المخالفة لنظام السجن، وبهذه المناسبة يجب أن يعلم أن كل المساجين مهما كانت جنسياتهم ، يجب أن يقفوا الى ضابط السجن انجليزيا، كان أو سودانياً . ( الرأي العام - 26/6/1946م).

وحين كان الأستاذ محمود يقاوم الاستعمار، من داخل السجن ، كان رفاقه في الحزب الجمهوري ، يصعدون المقاومة في الخارج ، فقد نشرت جريدة الرأي العام ، في نفس الأسبوع الذي سجن فيه الأستاذ ، الخبر التالي:
( ألقى الأستاذ أمين محمد صديق سكرتير الحزب الجمهوري خطابا عاما أمس الأول عن الجنوب في الخرطوم بحري في جمهور كبير أمام السينما الوطنية، وأعاد إلقاءه مرة أخرى في نفس الليلة في مكان آخر في الخرطوم بحري، وقد استدعاه البوليس هذا الصباح وحقق معه فاعترف بكل ما حصل وزاد بأن هذا جزء من خطط كبيرة ينفذها الحزب الجمهوري ).

وفي تصوير ذلك السجن الأول وما يحوي من مشاعر الوطنية الصادقة سطر الشاعر الفذ محمد المهدي المجذوب في مارس 1947م قصيدة طويلة جاء فيها :

محمود يا ابن محمد لك أسوة أوعيت محنة يوسف تأويلا
وطن وهبت له الشباب منضراً * ورأيت أجمل ما وهبت قليلاً
بات الرجال على الخيانة والخنى * وجعلت قيدك للوفاء مقيلا
الفجر منتظر حداءك صافياً * بهدى السماء ونورها مشمولا
تلقي البلاد الى يديك زمامها * بطلاً يعود بفخرها موصولا
فرداً على آي النبي وشرعه * عدلاً يقيم على البلاد عدولاً
وهو الأمين وسوف يسأل معجب * أتراه يبعثه الرسول رسولا
قلبت يا وطني السيوف كثيرة * حتى وجدت حسامك المأمولا
أنظر حسامك ذو المضاء محجب * في السجن يبرق حده مصقولا
محمود يلمع في عماية كوبر * مثل الهلال وضاءة ونحولا
الله طهر اصغريه ومده ظلا * على أهل الحقوق ظليلا
الصايم القوام بين قيوده * يتلو الكتاب منزلاً تنزيلا
خشعت له من كوبر انحاؤها * وتسمعت في ليلها ترتيلا
مسحت تلاوته على آثامها * فبكت هناك متابها مجهولا
محمود برأك العليم من الهوى * وأحق فيك على الحياة دليلا
الفجر أنت على النفوس ولم * يكن بسواك نور هداية مكفولا
أنت الغياث لموطن ابناؤه * تركوه بين عيونهم مخذولا

ولما تصاعدت المقاومة من الجمهوريين ، على قلة عددهم في ذلك الوقت ، خشيت الحكومة البريطانية من تعاطف الشعب معهم ، فأطلقت سراح الأستاذ محمود . وبالرغم من ان الحزب الجمهوري قد كان الأصغر ، من بين الأحزاب ، ألا أن مئات التهاني ، وعبارات التضامن والتقدير ، للدور الوطني ، الذي لعبه رئيسه ، قد وردتهم من جميع أنحاء السودان ، مما يدل على استعداد الشعب للثورة ، لو أن قادته قد كانوا في المستوى المطلوب ..
ويكفي أن نذكر بعض تلك البرقيات، التي وردت للحزب الجمهوري آنذاك ، عرفاناً لأصحابها الأحياء منهم ، والأموات ، فقد دخلوا بها التاريخ :
( سكرتير الحزب الجمهوري - أم درمان
كان سجن الرئيس درسا وطنيا قيما لشباب الجيل في الإيمان والروح وقد سررنا لخروجه لا شفقة عليه ولكن ليواصل الجهاد الوطني . حسن بابكر - القضارف 24/7/1946).
( محمود محمد طه - الحزب الجمهوري أم درمان :
تأكل النار الصدأ واللمما وبها يسمو كريم الذهب
ويرى الحر العذاب المؤلما لذة في الحق يا للعجب
ياسجينا قدره قد عظما وسما حتى جثا في السحب
أحمد محمد عثمان - عطبرة 29/7/1946)
( الأستاذ محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهوري - أم درمان
أعضاء جبهة المؤتمر الوطنية بالابيض يرون في خروجك من السجن آية واضحة للإيمان بالوطنية الصادقة ويعدّون جهادكم رمزا للكرامة السودانية، فبقلوب مفعمة بالغبطة يشاركون إخوانهم الجمهوريين السرور بعودتكم لميدان الجهاد .
السكرتارية 24/7/1946)
( أمين صديق ، البوستة الخرطوم للرئيس
دخلته رجلا وغادرته بطلا وضربته مثلا
علي عبد الرحمن - الأبيض 32/7/1946م)
( سكرتير الحزب الجمهوري - الخرطوم
إن جميع أعضاء الجبهة الوطنية بسنجة مستبشرون بالإفراج عن رئيس حزبكم العظيم وهم جميعا يبتهلون الى الله أن يسدد خطاكم ويتمنون للرئيس العافية وحسن الجهاد.
سكرتير عام الجبهة الوطنية - سنجة 2/8/1946م)
( محمود محمد طه - أم درمان
عرفنا فيك المثل الأعلى منذ عهد الطلب، فسرّنا أن يعرف القاصي والداني هذا القلب الكبير
صديق الشيخ - كوستى 30/7/1946 )
( محمود محمد طه - أم درمان
أوفيت كرامة السودان وابائه حقهما - فلتعش رمزا صادقا للوطنية الخالصة ، لك تقديرنا وإعجابنا .
اتحاد طلبة كردفان - الأبيض 23/7/1946م)
( محمود محمد طه - أم درمان
لقد سجلت بعزمك القوي وإيمانك الصادق فخرا للأجيال فلتعش مرفوع الرأس - لك منى التهاني-
الطيب حسن/عطبرة 24/7/1946م).

وهكذا تجاوب الشعب مع الاستاذ محمود، واتخذه رمزاً لنضال الأمة ، وحامياً لعزتها وكرامتها، ومع كل ذلك لم يرد اسمه في تاريخ السودان . ولقد افلح خصومه السياسيين، والدينيين، ان يشوهوا افكاره ، وان يخفوا مواقفه ، حتى نشأت اجيال، لا تعرف عنه، الا ما ينفرها منه ومن فكره . ولم يكتف الحزب الجمهوري، تحت قيادة الاستاذ محمود، بمواجهة الاستعمار، وانما امتد نضاله لمواجهة الأحزاب الكبيرة، التي سارت مع الاستعمار في مشروعه، وتبادلت معه المذكرات، ولم تلتفت لشعبها تثيره ضد المستعمر .. ومن مما جاء في ذلك منشور شهير جاء فيه ( هذا نذير من النذر الأولى ياجماعة الأشقاء وياجماعة الأمة - أيها القاسمون البلاد باسم الخدمة الوطنية - أيها القادحون قادحات الاحن بين أبناء الأمة - أيها المذكون ثائرات الشر والتفرقة والقطيعة ، أيها المرددون النغمة المشئومة - نغمة الطائفية البغيضة - انكم لتوقرون أمتكم وقرا يؤودها ..
ياهؤلاء ، وهؤلاء ، أنتم تلتمسون الحرية بالانتماء الى المصريين فتتمسكون بأسباب رمام ، وأنتم تلتمسون الملك بالبقاء تحت الانجليز فتتهيأون لدور الهر الذي يحكي بانتفاخه صولة الضرغام .. أنتم تريدون ابقاء المصريين ، وأنتم تريدون ابقاء الانجليز ، فاذا اجتمعت كلمتكم فانما تجتمع على ابقاء المصريين والانجليز معا ..
ياهؤلاء ، وهؤلاء ، أنتم تتمسحون بأعتاب المصريين لأنكم لاتقوون على مواقف الرجال الأشداء ، وأنتم تتمسحون بأعتاب الانجليز لأنكم صورتم المجد في أخلادكم صورا شوهاء .. أنتم تريدون السلامة ، وأنتم تريدون الملك .. أنتم تضيعون البلاد لمّا تجبنون وأنتم تضيعون البلاد لمّا تطمعون .. أنتم تستغلون سيدا لايعرف ماتريدون ، وأنتم يستغلكم سيد يعرف مايريد ، والبلاد بينكم أنتم ، وأنتم ، على شفا مهواة ومهانة .. فليلطف الله ببلاد لايخدم نهضتها الا صغار الموظفين ، أو كبار الموظفين ، وليتدارك الله دينا باسمه يحيا أناس في برد العيش ، وقرار النعمة ، ورخاء الدعة ، وباسمه هم لأبنائه يكيدون ..
ياهؤلاء ، وهؤلاء : ان الله لواحد ، وان الدين لواحد ، وان الوطن لواحد ، ففيم تنقسمون على هذا النحو المزري . ياهؤلاء ، وهؤلاء : كونوا ليوثا غضابا ، أو فكونوا قردة خاسئين ، وارحموا شباب هذا الوادي المسكين ، فقد أوسعتموه غثاثة وحقارة وهوانا ..
ياهؤلاء ، وهؤلاء - لأنتم أشأم على هذه البلاد من كل شؤم وشؤم .. أيها السادرون من هؤلاء وهؤلاء ، لاتحسبن الكيد لهذه الأمة مأمون العواقب ، كلا !! فلتشهدن يوما تجف لبهتة سؤاله أسلات الألسن ، يوما يرجف كل قلب ، ويرعد كل فريصة ....) ( ارشيف الجمهوريين: منشور 1945م)


المصدر: http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=59970

الأحد 28 ديسمبر 2008م، 1 محرم 1430هـ العدد 5574

Post: #71
Title: Re: الاحتفال بمئوية الأستاذ محمود محمد طه(بأثنز، أوهايو-17-18 يناير) في ذكرى استشهاده 23
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 02-02-2009, 04:35 AM
Parent: #70

Quote:
الذكرى المئوية لميلاد الأستاذ محمود محمد طه

كي تعرف الأجيال أقدار الرجال (3)



ثورة رفاعة:
في اواخر عام 1945م كانت أصوات السودانيين ترتفع مطالبة بحق تقرير المصير، وكانت دولتا الحكم الثنائي بريطانيا ومصر، تدرسان هذا الطلب نزولاً عند مبادئ ويلسون بعد الحرب العالمية.. في هذه الأثناء أصدرت الإدارة البريطانية قانون منع الخفاض الفرعوني. ولقد كان الانجليز يتوقعون رفض القانون، ومقاومته، لعلمهم بأن هذه العادة متأصلة، وبأنها ترتبط في الوعي الشعبي بالعفة والشرف، وتعد من أخص خصوصيات الاسر.. ولكنهم حين أعلنوا القانون، كانوا يخططون لاستثمار الرفض المتوقع كدليل على ان الشعب السوداني لا يزال متخلفاً، وهو من ثم، لا يستحق الحكم الذاتي أو الاستفتاء لتقرير المصير.. هذا هو الغرض من إصدار القانون في ذلك الوقت بالذات .. فالقضية إذن في جوهرها قضية سياسية، وهي لا يمكن أن تواجه الا على المستوى السياسي. ولهذا عارض الجمهوريون قانون الخفاض الفرعوني علناً، وكشفوا نوايا المستعمر، خاصة في منشورهم الذي صدر في ديسمبر عام 1945م، والذي جاء فيه «إننا بمعارضتنا لهذا القانون لا نود ان ندافع عن عادة الخفاض الفرعوني، أو نحلل الأسباب التي أوحت بها لأبناء السودان وجعلتها تستمر بين ظهرانيهم حتى يومنا هذا، ولكننا نود ان نناقش ترتيبات خاصة وسياسات خاصة ابتدعتها حكومة السودان ابتداعاً، وتريد أن تجبرنا على اتباعها...» ويمضي المنشور ليقول «إن الخفاض عادة سيئة ولها مضارها المتعددة، ولكنَّ السودانيين مثل بقية الشعوب لهم عاداتهم الحسنة، وعاداتهم السيئة، والعادات السيئة لا تحارب بالقوانين وانما بالتربية والتعليم الواعي ... ولا شك أن مجرد التفكير في الالتجاء الى القانون للقضاء على عادة متأصلة في النفوس تأصل الخفاض الفرعوني، دليل قاطع على أن حكومة السودان إما أن يكون رسخ في ذهنها أننا شعب تستطيع القوة وحدها أن تثنيه عن كل مبدأ، أو عقيدة، أو أن تكون قد أرادت أن تقول للعالم الخارجي إن السودانيين قوم متعنتون، وأن تعنتهم الذي ألجأنا للقانون لاستئصال عادة الخفاض الفرعوني الهمجية، هو نفس التعنت الذي وقف في سبيلنا، وشل أيدينا عن استعمال الأراضي الواسعة الخصبة في الجنوب، والاستفادة من مياه الدندر والرهد والأتبراوي، والتوسع في التعليم.. هذا من ناحية الالتجاء للقانون، وأما القانون في حد ذاته فهو قانون أريد به اذلال النفوس، واهدار الكرامة، والترويض على النقائص والمهانة.. قل لي بربك أي رجل يرضى بأن يشتهر بالتجسس على عرض جاره؟ وأي كريم يرضى أن يكون سبباً في إرسال بنات جاره أو صديقه أو عشيرته للطبيب للكشف عليهن؟ عجباً لكم يا واضعي القانون ان تستذلونا باسم القانون؟ أو من الرأفة بالفتاة أن تلقوا بكاسبها في أعماق السجون ؟! » « ارشيف الجمهوريين 1946م». هذا هو رأي الجمهوريين الواضح في قانون الخفاض، قبل مواجهتهم الحكومة وقيادة الأستاذ محمود لثورة رفاعة.

في سبتمبر 1946 قبضت السلطات على امرأة، في مدينة رفاعة، بتهمة خفاض ابنتها وأودعتها السجن .. فاتصل أهلها بالأستاذ محمود محمد طه، الذي قام في نفس المساء، بالطواف على مقاهي سوق رفاعة، وحدث الناس وذكرهم بمنشور الجمهوريين ودعاهم للتجمع في صلاة الجمعة.. وبعد الصلاة قام فيهم خطيباً، فهاجم القانون، ووضح القصد منه، وذكر ان الناس لو سكتوا يكونوا قد نكصوا عن نصرة المظلوم ورد الظالم .. ومما جاء في تلك الخطبة الشهيرة التي تحرك المصلون على إثرها لاطلاق سراح المرأة «ليس هذا وقت العبادة في الخلاوي، والزوايا، أيها الناس، وانما هو وقت الجهاد .. فمن قصّر عن الجهاد، وهو قادر عليه، ألبسه الله ثوب الذل، وغضب عليه، ولعنه. أيها الناس: من رأى منكم المظلوم فلم ينصفه، فلن ينصفه الله من عدو. ومن رأى منكم الذليل فلم ينصره، فلن ينصره الله على عدو. ألا أن منظر الظلم شنيع، ألا أن منظر الظلم فظيع.. فمن رأى مظلوما لا ينتصف من ظالمه، ومن رأى ذليلا لا ينتصر على مذلّه، فلم تتحرك فيه نخوة الاسلام، وشهامة الإسلام الى النصرة، والمدافعة، فليس له من الايمان ولا قلامة ظفر ...».

ولقد تابعت صحيفة «الرأي العام» آنذاك، تطور احداث رفاعة يوماً بيوم، وكانت بذلك رمز للصحافة الحرة، التي تشكل وعي الشعب، وتعينه على المتابعة، والتجاوب، وحشد الروح الوطنية المتصاعدة وكان مما جاء فيها:

الرأي العام 21/9/46 - نشرنا قبل أيام، أن السلطات في رفاعة حكمت على امرأة بالسجن تحت قانون منع الخفاض، لأنها خفضت بنتا، وأن الجمهور قابل هذا العمل بروح الاستياء العميق، واضطرت السلطات الى اطلاق سراح المرأة بضمانة.. وجاءنا اليوم تلغرافيا، بتوقيع أهالي رفاعة، أن السلطات عادت فسجنت المرأة، وعندما علم الجمهور بالأمر خرج من الجامع، واقتحم السجن، وأطلقوا سراح المرأة، ومكث أفراده الذين ملأوا السجن بدلا عنها .. فأمر المفتش بسجن الضامنين، ولكن الجمهور رفض ذلك أيضاً، وفي منتصف ليلة البارحة اقتحم البوليس منزل المرأة، وأخذها الى جهة غير معلومة.. فقامت رفاعة بأسرها قاصدة الحصاحيصا، ومنعت السلطات المعدية من العبور، وأضربت المدارس، وأغلق السوق، وقامت مظاهرة عمومية، ويحتشد الجمهور الآن بالشاطيء، وفي كل مكان- تعليق: رغم منع السلطات عبور المعدية فإن الجمهور عبر بقوارب الصيد..

الرأي العام الاثنين 23/9/46 - وقفنا بالقارئ أمس الأول عند تجمع سكان رفاعة على شاطئ النهر، ومنع المعدية من العبور .. وقد عبر بعد ذلك فريق من المتظاهرين الى الحصاحيصا، ومن هناك انضم اليهم خلق كثير من الناس.. فتوجه الجمع الى المركز في مظاهرات واسعة، وبدأوا في قذف المركز بالطوب وغير ذلك، فتحطم كثير من الأبواب، والنوافذ، واصطدم المتظاهرون بالبوليس الذي عمل جاهدا لتفريق المتظاهرين.. وعلى إثر ذلك، أمر سعادة مدير الجزيرة بالنيابة باطلاق سراح المرأة السجينة، فأخذها جمع من الناس وتوجه بها الى منزلها برفاعة.

الرأي العام 25/9/46 - تمّ اعتقال بعض الناس من رفاعة والحصاحيصا، منهم الأستاذ محمود محمد طه، وشقيقه مختار محمد طه، فوضعوا في سجون رفاعة، والحصاحيصا، ومدني.

الرأي العام 25/9/46 - اجتمع أعضاء الحزب الجمهوري مساء أمس، وساروا في موكب اخترق شارع الملك بالخرطوم .. وقد خطب منصور عبد الحميد في احدى المقاهي التي صادفتهم في الطريق، فاعتقله البوليس للتحقيق - وكان الغرض من الموكب، والخطبة، الاحتجاج على اعتقال رئيسه، والتنديد بقانون الخفاض.
الرأي العام 27/9/1946 - اعتقل بوليس الخرطوم بحري مساء أمس ذو النون جبارة، وعبد المنعم عبد الماجد عندما ألقيا خطابين أمام السينما الوطنية بالخرطوم بحري .. نددا فيهما بالمجلس الاستشاري، وقانون الخفاض، وكبت حرية الرأي والخطابة.

الرأي العام 1/10/1946م
بيان رسمي عن الحزب الجمهوري
تريد الحكومة أن تؤكد أن الأشخاص الذين قبض عليهم، في رفاعة، ثم في الخرطوم، والخرطوم بحري، لم يقبض عليهم لآرائهم عن القانون الذي يمنع الخفاض الفرعوني.. فكل شخص له الحق في أن يكون له رأي خاص، وأن يعرب عنه، بالطريقة المشروعة .. فالاشخاص الذين قبض عليهم في رفاعة لاثارة الشغب، والذين في الخرطوم والخرطوم بحري، قبض عليهم لالقاء خطب مثيرة، علانية، يحتمل أن تعكر صفاء الهدوء العام، وأن تثير إخلالا بالأمن.

الرأي العام 7/10/1946: جاءت قوة كبيرة من البوليس من مدني، برئاسة مفتش المركز، وفي نفس الوقت عسكر خارج رفاعة البلوك الرابع من فرقة الهجانة بقيادة الصاغ أحمد عبد الله حامد الذي دخل الى رفاعة برفقة ضابط سياسي، وقابل المفتش، وقمندان البوليس، ورجع الى مقر فرقته.. واعتقل الأستاذ محمود محمد طه، وأحضر الى المركز .. وإثر ذلك تحرك جمهور كبير نحو المركز، وفي الحال نقل الأستاذ محمود الى معسكر البلوك الرابع، خارج المدينة.. وتحركت فصيلة من البلوك الرابع لتعزيز قوة بوليس مركز رفاعة .. وكان اطلاق الرصاص بأمر مفتش المركز، عندما رفض الجمهور اطاعة أوامر البوليس المتكررة بأن يتوقفوا عن تقدمهم صوب المركز، وقد أطلق البوليس دفعة فوق رؤوس الجمهور وهم على بعد 40 ياردة تقريبا من المركز، ولما لم يقفوا، أطلقت دفعة أخرى على الأرض أمام أقدامهم، في وقت كانت فيه مقدمة الجمهور على بعد 25 ياردة من المركز، ولم يصب غير أربعة أشخاص، اثنان منهم باصابات بسيطة جدا، وأما الرابع، فقد كسرت ساقة كسرا سيئا.

الرأي العام 21/10/1946م - صدرت أحكام بالسجن بمدد تتراوح بين شهر وسنة على كل من: عباس المكي، عوض القريض، أحمد الأمين، محمد الياس، الزبير جاد الرب، عبد العال حسن، أحمد عثمان، حمد النيل هاشم، علي مالك، محمد الحاج علي، بابكر وقيع الله، عبد الله حامد الشيخ، حسن أحمودي، منصور رجب، عبدون عجيب - وحكم على «صبي» بالجلد.

الرأي العام 17/10/1946 - حكمت محكمة كبرى بود مدني برئاسة القاضي أبو رنات، بسنتين سجنا على الأستاذ محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهوري، بتهمة إثارة الشغب في رفاعة .. كما حكم عليه بوضعه تحت المراقبة لمدة سنة أخرى بعد اتمام مدة سجنه.

الرأي العام 19/10/1946 - أصدرت محكمة الجنايات حكمها على بعض أعضاء الحزب الجمهوري المتهمين تحت المادة «105» وكانت الأحكام كالآتي: عثمان عمر العتباني 3 شهور سجنا، سعد صالح عبد القادر، شهر سجنا، ذو النون جبارة شهر سجنا. وكانت المحكمة برئاسة استانلي بيكر، وعضوية محمد أفندي محمود الشايقي مفتش الخرطوم بحري، والعمدة عمر كويس.

الرأي العام 24/10/1946 - بهذا اليوم، أتم الأستاذ محمود محمد طه، رئيس الحزب الجمهوري السجين، ستة أيام من صيامه.. وقد أغلقت أمس أندية الخريجين في مدني، والأندية الرياضية، احتجاجا على سوء معاملته.. وتتوالى برقيات الحزب الجمهوري، والمواطنين على السلطات بالاحتجاج.

ولد سجل الشاعر محمد المهدي المجذوب هذه الثورة الخالدة في قصيدة عصماء قال فيها واصفاً رفاعة:

هل أدت عن شعبها الدين *** يا رب وللحق في الشعوب ديون
رفعت طرفها إلى الله *** والأدمع في خدها رجاء حزين
ليس تشكو إلى سواه لقد *** أعرض سودانها وقل المعين
أين محمودها الذي دفع *** الضيم أ للقيد في يديه رنين
عربي يثور للعرض *** والدين ولكنه الغداة سجين
يا خديني الذي يغيبه السجن *** وللشوق إن حجبت عيون
أنا ألقاك في ضميري وفي *** البيعة يلقى بها الإله الضمين
أنا ألقاك في الجهاد الذي *** يعذب فيه الردى ويسلو الحزين

المصدر: http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=60318

الأحد 4 يناير 2009م، 8 محرم 1430هـ العدد 5574

Post: #72
Title: TTTTTT
Author: Sabri Elshareef
Date: 02-02-2009, 07:33 PM
Parent: #1




Post: #73
Title: Re: TTTTTT
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 02-03-2009, 01:13 AM
Parent: #72

شكراً، يا صبري!

أرجو تعديل حجم الصورة، كما أرجو إنزال المزيد من الصور.

Post: #74
Title: Re: TTTTTT
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 02-03-2009, 10:21 PM
Parent: #73




Post: #75
Title: Re: TTTTTT
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 02-04-2009, 03:53 AM
Parent: #74

Quote: الذكرى المئوية لميلاد الأستاذ محمود محمد طه

كي تعرف الأجيال أقدار الرجال (4)


وبالاضافة للقصيدة العصماء، التي اشرنا اليها في الحلقة الماضية، كتب الشاعر محمد المهدي مجذوب قصيدة اخرى في مناسبة ثورة رفاعة جاء فيها:

أقالُوا دفعـْنا عـن أمــورٍ قديمــةٍ؟
وأمسُـوا، لهـمْ في كـلِّ كارثةٍ عذرُ؟
نحطّــم أظفــارَ الأعــادي وهمُّهمْ حمايتُها، والغــدِرُ يمــنعُــه الغـدُرُ
لحانــا أشقــاءُ نَعــَمٍ، كـلُّ مُطمِعٍ شقيــقٌ لهـم في مصـرَ ترزقُهُ مِصرُ
وكمْ سرقَ الأصواتَ لصٌ مغامرٌ ويربَحُ بالأصــواتِ ما يربَــحُ التـُّجـرُ
إذا جاهدُوا عادوا بشـايٍ وسّكــرٍ وخيْشٍ، وشيخُ الحزبِ منْ حِزبِه التّمرُ
أُبايعُ محموداً على الحقِّ بيعــة هـي الصبرُ والرضوانُ في عقدِها بدْرُ
أبى اللهُ أنْ تلقى هواناً مصونةٌ وما ذنبُهــا، إلا العَـفافــةُ والطُّهـرُ
حماهــا أبــيُّ الدينِ والعقلِ ثائرُ له مِنبــرٌ ما فيـــه خوفٌ ولا ستـرُ
تخطَّى إليها السِّجنَ والنّارُ دونَه ولمْ يُجــدِ إنـــذارُ المفّتشِ والـزأْرُ
لك النصرُ يا محمودُ والنورُ باقيا وأُعطيــتَ، ما أعْطى بصائرَنا الفجرُ
عَرفْنا رجـالاً قدرُهمْ ليسَ قــادِراً وغيرُكَ في الســودانِ ليــسَ لهُ قدرُ

لقد أثر موقف الاستاذ محمود، وشعر المجذوب، واصرار الجمهوريين، وشعب رفاعة، على المقاومة على الرأي العام السوداني، فظهرت اقلام شجاعة في الصحف السودانية، تحلل القضية وتساند الموقف الوطني، وتوعي الشعب بضرورة المقاومة، ومن ذلك نقرأ «أصبح واجبا لزاما علينا أن ننبه الحكومة، على ضوء ما حدث أخيرا، في أول تجربة لتطبيق هذا القانون، الى الخطر الذي ينجم من التسرع في تطبيقه، والى النكبة الاجتماعية الخطيرة التي ستتعرض لها المرأة السودانية عند تطبيق هذا القانون عليها.. ففي الحادث الأخير بدا واضحا أن الطريقة التي اتبعت في اعتقال هذه المرأة كانت مثيرة، ولا تتفق مطلقا مع كرامة الحكم وهيبة القضاء، فانتزاع المرأة من بيتها، في غسق الليل، وبازار النوم، وتهريبها الى الحصاحيصا، لا معنى له غير اثارة الخواطر أكثر، ولا يجدر بالحكومة أن تلجأ الى أساليب هي أشبه بأساليب الاختطاف التي يلجأ اليها رجال العصابات.. وليست هذه الطريقة التي اتبعت هي موضع الخطر في هذا القانون، ولكن هناك خطرا جسيما، ولا بد من التنبيه عليه، ذلك أن المرأة السودانية الشريفة، الحرة، لم تتعرض، حتى الآن، الى محنة السجن، بحكم حياتها الاجتماعية، التي تنأى بها عن مواطن الجريمة . وقانون الخفاض، بوضعه الحالي، سيخلق عقابا لجريمة سوف تتعرض لها بالتأكيد كرائم النساء السودانيات اللواتي لا يرين أن الخفاض جريمة، بحكم ما يسيطر على عقولهن من سلطان العادات الموروثة، والتقاليد المتبعة، ومعني هذا أنه من المحتمل جدا أن يتعرض لسطوة القانون هذا النوع من النساء السودانيات المحصنات.. ويقينا أن القاء هؤلاء في السجن، بغض النظر عما يثيره في نفوس رجالهن وذويهن، فإنه من ناحية النظرة الاجتماعية المحضة، يقضي على سمعتهن، وكرامتهن قضاء مبرما.. وما أحسب أن امرأة محصنة توضع في سجن من هذه السجون السيئة الوضع، والرقابة، تخرج منه وهي محتفظة بسمعتها، ولن يتقبلها المجتمع السوداني بعدها تقبلا حسنا، اذن فالعقاب بالسجن، لمثل هذا النوع من النساء، لا يعد اصلاحا وتهذيبا لنفوسهن، ولا يردع غيرهن، وهذا هو الغرض من سجن المجرم، انما يعد إفسادا لخلقهن، وقضاء مبرما على سعادتهن في المجتمع» «الرأي العام أكتوبر 1946م»

دفاع الأستاذ أمام المحكمة:
جاء في الأخبار «علمنا أن الاستاذ محمود محمد طه رفض أن يقبل محامياً للدفاع عنه، وانه أعلن بأنه لن يدلي بأية اقوال للتحقيق إلا على أساس مناقشة قانون منع الخفاض الفرعوني. وكان الاستاذان المحاميان الاستاذ أحمد خير والأستاذ زيادة قد تقدما للدفاع عن الأستاذ، فشكرهما الاستاذ واعتذر لهما بأنه سيباشر القضية بنفسه» «الرأي العام 12/10/1946م».

حين وقف الأستاذ محمود، أمام القاضي ابو رنات، في محكمة مدني، مدافعاً عن نفسه، كان مما قاله:

«1- أهالي رفاعة جميعهم أبرياء، وزملائي الذين سجنوا أبرياء، وأنا برئ، والمسألة في الحقيقة، سلسلة أخطاء من الإدارة، من أولها إلى آخرها.. كلما أخطأت الإدارة مرة، وتمسك الناس بحقهم، اعتبرته مساساً بهيبتها، فاستعلت، وأخذتها العزة بالإثم، فقفزت في خطأ آخر، هو في زعمها، يعيد لها هيبتها في نفوس الناس.. وما علمت أن اجتماع الأخطاء، لا ينتج منه ولا صواب واحد».
«2- الوضع الصحيح المجمل لهذه المسألة، هو أن الإدارة قد ضربت أهالي رفاعة فصاحوا من ألم الضرب بصوت خفيض، ثم ضربتهم فصاحوا، ثم ضربتهم فصاحوا، فاستاءت من أن يصيح المضروب المتألم، فقدمتنا للمحاكمة، فكانت هذه المحكمة.. ولو كنا نملك ما تملك، لقدمناها نحن لهذه المحكمة، ولكنا لا نملك جيشاً، ولا بوليساً، ولا سجوناً وقيوداً، ولو ترك القطا ليلاً لنام».
«3- قلت بالأمس، إني وبالمثل أي عضو من أعضاء الحزب الجمهوري، لا أنكر تهمة الإثارة، لمجرد أنها تهمة إثارة، إنما أنكر تهمة الإثارة، بالنقد الذي لا يحترم الحقائق وبالتشويش المغرض .. ولقد كان من دواعي الشرف لي، ولحزبي، لو صح أني أنا الذي أثرت أهالي رفاعة حول هذه القضية، لأنها من القضايا التي نقدنا فيها الحكومة، وسننقدها الى أن تقلع عنها .. ولكن للأسف، فإن الإدارة قد سبقتني إلى هذا الشرف، فأثارت أهالي رفاعة، وأثارتني معهم .. فلننظر».
«7- قالت جريدة الرأي العام في يوم 24 سبتمبر، تحت عنوان رئيسي «القضاء ينظر في قضية الخفاض برفاعة»، بعد حديث لها «وقد علمنا من مكتب «الصحافة» هذا الصباح، أن قضية الخفاض التي سببت كل هذا الشغب، هي الآن، تحت نظر رئيس القضاء بالمصلحة القضائية، وأن التهم الموجهة الى الذين اعتقلوا في هذه الحوادث، لا دخل لها بآرائهم في موضوع الخفاض.. ولكنها تتعلق اولاً وأخيراً باستخدام القوة، لتحقيق غاية، في الوقت الذي كان فيه الاستئناف مفتوحاً أمام المتظاهرين».
«8- هل باب الاستئناف مفتوح أمام المتظاهرين ؟ .. لننظر».
«9- قالت الحكومة في بيان رسمي، في الصحف، ما يأتي «حصلت أخيراً في رفاعة حادثة أدينت فيها امرأة لخفضها ابنتها خفاضا غير مشروع، وحكم عليها بأربعة أشهر سجناً، وقد قدم استئناف لمدير المديرية، فرفضه، وحبست المرأة في السجن» .. ومع ذلك فالحكومة تقول إن باب الاستئناف مفتوح !! وهذا الاستئناف رفض، مع ان المرأة مسجونة بغير أدلة كافية للإدانة، وفيما أعلم لم يخبر المستأنفون، ولا نحن مندوبي الهيئات، الذين قابلنا المفتش، بهذا الاستئناف، وانما أعيدت المرأة للسجن والسلام.. فإن لم يكن هذا سوء النيّة والاستخفاف بالناس فماذا عساه يكون؟».
«12- مفتش رفاعة، سجن أمرأة مصونة شابة، في سجن عمومي مع خادمة عاهرة .. فحدثناه في ذلك، فاعترف بعدم صلاحية السجن للنساء، في رفاعة، فأطلقها بضمانة، وظل ما ظل في رفاعة لا يذكرها، فلماذا عندما ذهب الى الحصاحيصا، أمر باعادتها الى نفس السجن ؟! فهل تسمي هذا استخفافاً بدين الناس، واخلاقهم، أم تسميه جهلاً بالناس أم هما معاً؟! سمه ما سئت فهو برهان ثالث».
«13- إن تصرف المفتش هذا، يجعل ما قمت به أنا، في الجامع، وما قام به الناس بالمركز، شيئاً مفروضاً علينا، في واجب الدين، وواجب الاخلاق، وواجب الحياة نفسها، بل إن الناس قد سلكوا سلوكاً يستحق الثناء، وقد شرحنا تفصيله للمحكمة».
«15- وضعت المرأة بسجن مدني، وما أدراك ما سجن مدني؟! بهذا السجن اليوم 23 امراة، منهن أربع مجنونات، يفحشن بالفاظ يندى لها وجه الرجل، وسائرهن عهر، أحضرن من بيوت عامة، وحوكمن في جرائم خمرة .. بين عنبرهن وعنبر الرجال، نحو 15 متر يفصل بينهم السلك الشائك .... مع هؤلاء، في هذا السجن، يراد سجن امرأة شابة حرة، مسلمة، مصونة، تشرف على تربية بنات وأولاد، تركهم لها زوجها، الذي توفى قبل شهر.. فاذا قال أهلها لا، وناصرهم إخوانهم في الدين، وفي الجنس، وفي الوطن، قالت الحكومة هذا شغب، وهذه فتنة، وهذا تهديد !!».
«16- تتهمني الإدارة بأني أثرت أهالي رفاعة، وهي تتهمني هذه التهمة، لأنها تجهل الناس جهلاً شنيعاً، وتستخف بأحلامهم وأخلاقهم، والا فهل أحد يحتاج الى من يثيره مع كل هذا ؟! وهل استطيع أنا، أو يستطيع أبلغ خطيب، أن يثير الناس أكثر من إثارة الإدارة هذه إياهم ؟! وأهالي رفاعة خارج رفاعة من الذي أثارهم ؟ أسمع تلغراف أهالي رفاعة، من مدني وتندلتي ... هؤلاء الناس، لو كانوا شهوداً، لتولوا كبر الثورة .. هل أثارت هؤلاء واخوانهم الإدارة، أم أثارهم محمود في جامع رفاعة ؟!».

سوء الفهم والتزييف:

بالاضافة الى التزييف المتعمد للتاريخ، من قبل الحكومات المتعاقبة على السودان، والتآمر على ابعاد دور الاستاذ محمود في الحركة الوطنية، وحجبه عن الاجيال، فإن هنالك تزييفاً تم بواسطة بعض المثقفين، بسبب جهلهم بالوقائع، وسوء فهمهم لها. ولقد اهتم الجمهوريون بالتصحيح، في كل وقت، ومن ذلك نقرأ «لقد انخدع بعض المثقفين بقانون الخفاض الفرعوني، ولم يطالعهم وجهه الآخر.. ولما تزل هذه الخدعة تجوز على كثير من الناس، بل انها قد جازت على بعضهم بأثر رجعي !! ومن هؤلاء الدكتور سعيد محمد أحمد المهدي، عميد كلية القانون بجامعة الخرطوم، سابقا فقد عبر عن تقويمه لهذا الأمر في مقال له بجريدة «الصحافة» بتاريخ 30/11/1968م، وهو يعلق على مهزلة محكمة الردَّة .. حيث قال: «وأذكر أنه قبل عشرين عاما، بالتمام والكمال، وأنا طالب في مدرسة رفاعة الأميرية الوسطى بالسنة الأولى، أن الناس كانوا يتحدثون عن ثورة محمود محمد طه التي سجن من جرائها، ذلك أنه قاد الجماهير الغاضبة من رفاعة الى مركز الحصاحيصا».. ويمضي الدكتور سعيد فيقول «وهذه الثورة رغم أنها رجعية، لأنها تؤيد الخفاض الفرعوني، الا انها كانت ثورة عارمة ضد الاستعمار». هذا ماقاله الدكتور سعيد بعد عشرين عاما من أحداث رفاعة.. ولئن عذرنا عامة المثقفين لالتباس الأمر عليهم، ولنقص المعلومات التي لديهم عن هذه الواقعة، فلن نعذر الخاصة من هؤلاء، بل من يكون منهم على رأس مؤسسة من أكبر المؤسسات القانونية.. ذلك بأنه لا يقوم نقص المعلومات، التي يمكن الحصول عليها، وتمحيصها، عذراً أمام هؤلاء في أن يتناولوا واقعة تاريخية، مثل واقعة قانون الخفاض الفرعوني، تناولا مجردا من الملابسات المحيطة بها، فيأتي من ثم حكمهم عليها ساذجا وسطحيا.. أليس من المؤسف أن يأتي رجل مثقف ثقافة قانونية، بعد عشرين عاما، من مناهضة قانون الخفاض الفرعوني، فيقول «إنها تؤيد الخفاض الفرعوني» ولذلك «فهي ثورة رجعية».. ان الثورة كانت ضد القانون وليست دفاعا عن الخفاض.. ليست ضد القانون في ذاته، ولكن للملابسات التي تكتنفه.. أرجو أن لا يكون أبناؤنا من طلبة الحقوق بجامعة الخرطوم، يدرسون، عن هذه السابقة القانونية، على طريقة الدكتور سعيد..!!» «الأخوان الجمهوريون: معالم في طريق تطور الفكرة 1980م».

المصدر: http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=60758

الأحد 11 يناير 2009م، 15 محرم 1430هـ العدد 5581

Post: #76
Title: Re: TTTTTT
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 02-04-2009, 08:05 PM
Parent: #75

Quote: الذكرى المئوية لميلاد الأستاذ محمود محمد طه

كي تعرف الأجيال أقدار الرجال (5)


ومن الذين حاولوا تشويه هذا التاريخ المجيد بسوء فهم وسوء نيّة ، د. خالد المبارك ، ولعل الرجل كان في هجومه على الاستاذ محمود ، يتسقط رضا حكومة الانقاذ ، ويطمح في نيل عطفها ووصلها ، فهل يحس ، الآن ، انه كسب نفسه ، لأنه نال منصباً دون منصب السفير، في أحدى سفاراتنا بالخارج ؟!

قال د. خالد المبارك ( لكن الاستاذ محمود محمد طه ارتكب أيضاً عدة اخطاء تقديرية جسيمة . حدثت انتفاضة رفاعة – التي اشاد بها المتحدث- احتجاجاً على قرار الادارة الاستعمارية بمنع الخفاض الفرعوني . قيل للعامة "يريد الانجليز ان يتدخلوا في كل شئ حتى ........ بناتكم" وفعلاً ثار الناس حماية للشرف الرفيع وكان على رأسهم الاستاذ محمود . كان موقفه متخلفاً ورجعياً في مواجهة قرار تحديثي جرئ وسليم . انتفاضة رفاعة المزعومة ليست من مآثرنا في النضال الوطني ضد الاستعمار بل هي من مخازينا ويقع وزرها على كاهل الاستاذ محمود محمد طه) (خالد المبارك : محمود محمد طه وانصاف الحقائق. الرأي العام 19/11/2002)
(وقبل ان نوضح حقيقة ما جرى في حادث رفاعة المشهور ، نود ان نركز في البداية ، على مسألة شديدة الدلالة ، على مبلغ تدني خطاب د. خالد المبارك . فقد أورد في النص أعلاه عبارة "قيل للعامة يريد الانجليز ان يتدخلوا في كل شئ حتى......... بناتكم" أوردها هكذا بين قوسين ، ليوهم القارئ بأن هذه العبارة قد قالها الاستاذ محمود أو الجمهوريون !! ولقد تعمد ان يضع نقاطاً ، بدلاً عن الكلمة البذيئة ، التي حذفها ، وترك إستنتاجها للقارئ !! ولو كان للكاتب معياراً أخلاقياً يحاكم اليه ، لأمكن لومه على هذا التلميح المسف ، والذي ينطوي على عدم احترام للمرأة السودانية ، وعلى التعريض بعرضها بلا حياء .. وحسبنا من تقييم د. خالد المبارك إنعدام الامانة الفكرية ، ومحاولة تضليل القراء ، بان هذه العبارة التي تحتوي على الكلمة النابية ، يمكن ان يكون قد قالها رجل عف الخلق واللسان ، طاهر السيرة والسريرة ، مثل الاستاذ محمود محمد طه.. ) (عمر القراي : أنصاف الحقائق أم انصاف المثقفين؟! سودانايل يناير 2003م).
ولقد ظل الاستاذ محمود مجهول القدر في وطنه ، فرغم نضاله ضد الاستعمار، وضد الطائفية ، ورغم وقوفه في وجه التضليل الديني، وفضحه لقصور الفهم السلفي، لم يسجل اسمه في تاريخ بلاده، كرائد من رواد نهضتها، وعزتها ، وكرامتها .. فمن من ابناء السودان ، من زعمائه او كتابه ، او مثقفيه، يؤمن به كما آمن به الاستاذ محمود محمد طه؟! يقول الاستاذ محمود عن السودان: (أنا زعيم بان الإسلام هو قبلة العالم منذ اليوم !! وان القرآن هو دستوره .. وان السودان اذ يقدم ذلك الدستور في صورته العملية ، المحققة للتوفيق بين حاجة الفرد للحرية الفردية المطلقة ، وحاجة الجماعة للعدالة الإجتماعية الشاملة ، انما هو مركز دائرة الوجود على هذا الكوكب!! ولا يهولن أحداً هذا القول لكون السودان جاهلاً خاملاً صغيراً ، فان عناية الله قد حفظت على أهله، من اصائل الطباع، ما سيجعلهم نقطة التقاء الأرض باسباب السماء) ..
لقد انشغل المثقفون عن فكرته التي كتب في شرحها مايزيد على الثلاثين كتاباً ، بقشور من الثقافة الغربية، وقشور من الإسلام .. وتركوه وحده، في ميدان المعركة ضد الجهل والتخلف . ولقد حدث ما حدث تحقيقاً لمقولته الخالدة (ان ما جئت به هو من الجدّة ، بحيث اصبحت به بين أهلي كالغريب .. وبحسبك ان تعلم ان ما ادعو اليه هو نقطة التقاء الاديان جميعاً، حيث تنتهي العقيدة ويبدأ العلم .. وتلك نقطة، يدخل منها الإنسان عهد انسانيته، ولأول مرة، في تاريخه الطويل) .. ولم يكتف المرتزقة باسم الدين، بمعارضة الاستاذ محمود، وتشويه فكرته، وانما تآمروا عليه، ووجدوا في معارضته السافرة، لقوانين سبتمبر الشوهاء، وقضاتها الجهلاء، ما يغري به الإمام المخلوع، فساقوا إمامهم الى حتفه، بجعله يقبض على الاستاذ محمود، ويحاكمه جوراً، ويعدمه ظلماً وعدواناً ، فلم يمكث بعده الا قليلا.
في ضحى الجمعة 18 يناير 1985، إقتيد الاستاذ محمود ، وهو مصفد اليدين والقدمين ، ومغطى الوجه الى ساحة سجن كوبر العمومي . وكانت الساحة ، على سعتها ، تضيق بمئات المواطنين ، الذين يرتفع صوت هتافهم "الله اكبر الاسلام هو الحل"!! ثم يخبو ، بجانب هتاف السجناء ، الذين يضربون باقدامهم الارض ، ويدقون على ابواب حراساتهم ، وهم يرددون "لن ترتاح يا سفاح" "العار العار يانميري" .. ولقد كانت الجماعات الاسلامية، تترقب هذه اللحظة ، والفقهاء الذي انتقدهم الاستاذ محمود ، ينتظرون ان يروا ، منه ، اي بادرة خوف ، او تراجع ، تطمئنهم على انه ربما لم يكن ، على حق في دعوته .. اذ لا يتوقع من شخص مدع ، أو منحرف ، ان يثبت في لقاء الموت .. لقد عجزوا ان يهزموه طوال حياته ، فهاهم يطمعون ان يهزموه في مماته!! ومعلوم ان الموت لا يمثل هزيمة ، لانه مصير كل الاحياء ، ولكن الهزيمة في التراجع ، او الخوف والاضطراب .. ولكن ما حدث ، كان مفاجأة لهم ، ولغيرهم ، بكل المقاييس . اذ ان الاستاذ محمود ، سار الى الموت ثابت الخطى والجنان ، ولم ينس ان يخلع نعليه عند المنصة ، وحين كشف الغطاء عن راسه ابتسم!!
ولقد صور عدد من الشعراء ، والمفكرين ، والادباء ، هذا الموقف، ومن هؤلاء د. عبد الله بولا ، فقد أورد حديث الاستاذ في المحكمة ، ثم قال: (كان هذا حديث الرجل الى المحكمة التي كان يعلم انها أضمرت قتله أو اذلاله بالتراجع عن آرائه ، حديث رجل سلط على عنقه سيف ارهاب مشرع مديد طوله الف وثلاثمائة عام ونيف ، فما زاغ بصره وما طغى ، ولا أقول لم يرمش له طرف ، بل لم يهتز منه ظل خاطرة في أعمق أعماق طبقات وعيه الباطن:
وقد كان فوت الموت سهلاً فساقه اليه الحفاظ المر والخلق الوعر
وامام المشنقة ثانياً: فعندما أحكموا حبل الموت حول عنقه وأزاحوا غطاء الرعب عن وجهه الوضئ ، وجدوا رجلاً يبتسم لا ساخراً ولا مستهزءاً بالموت ، بل موقناً بالفداء الكبير ، مطمئناً الى اختيار ربه ، منسجماً حتى النهاية مع منطقه التوحيدي وهذا أقصى ما يصل اليه الصدق . وهكذا فقد مضى "الى الخلود بطلاً ورائداً وقائداً رعيل الشهداء ورمز إيمان جديد بالفداء ..... وبالوطن". أقول هذا وانا جد قلق مستوحش من ان اكون قد أسات الوقوف في حضرة هذا الشيخ الجليل) (عبد الله بولا : تجديد الفكر الديني . مقال نشر برواق عربي وهي من اصدارات مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان)

وفي قصيدة المرحوم بروفسير عبد الله الطيب :
قد شجاني مصابه محمود مارق قيل ، وهو عندي شهيد
وطني مجاهد واديب منشئ في بيانه تجويد
وخطيب مؤثر ولديه سرعة الرد والذكاء الفريد
الى ان يقول :
علناً علقوه يشنق للجمهور ذاك المفكر الصنديد
أخرجوه لحتفه ويداه خلفه وهو موثق مشدود
جعلوه يرقى به الدرج الصاعد نحو الهلاك خطو وئيد
كشفوا وجهه ليعرف ان هذا هو الشخص عينه محمود
فاراهم من ثغره بسمة الساخر والحبل فوقه ممدود
وعلى وجهه صفاء واشراق أمام الردى وديع جليد؟!

وفي قصيدة الاستاذ عوض الكريم موسى:
ويخلع النعلين عند سفح المشنقة
كأنها المصلى وهو يصعد الخطى الموثقة الواثقة
كأنه المحب في لقاء محبوب مهاجر يرنو لان يعانقه
ويكشف الغطاء عن بوادر ابتسامة
عن انضر ابتسامة
عن أجسر ابتسامة
كالشمس لم تخامرها غمامة
برهانه على اليقين والصمامة
رسالة الى الاحرار بالخلاص المرتجى
حرب على الدجال فهي في حلوقهم شجى
وفي عيونهم قذى وفي صدورهم لظى
فقد أبى أن يعطي الدنية
في دينه من نفسه الابية
لله وحده أعطى زمامه
أقام دينه أوفى تمامه
تبت يداهم يقتلون في الضحى السلام
والغصن والحمامة
وحوله هتافهم كجوفهم مباءة المساءة
قاماتهم قماءة ، وجوههم دمامة
أليسوا الساقطين في شر الفتن ؟
البائعين الدين ، والمبائعين التالف المتلاف
بيعة الامامة؟!

وفي قصيدة الأخ العوض مصطفى:
ان ما اشتاق لهذا الصابر في البأساء فلا اشتاق
المؤمن بالشعب العملاق
الباذل للروح الغالي والمطلق من قيد الاشفاق
يكفيني أني عشت زماناً كان له طعم ومذاق
يكفيني اني كنت جليسك رغم شعور الابن العاق
فيا من كان بحضرته والفكر به قيد ووثاق
حدثني عن أخبار الشيخ الباسم في وجه الشناق

وفي قصيدة الاستاذ عالم عباس :
كان الدرج الصاعد نحو المشنقة المنصوبة في ساحة
كوبر يدرك ان الخطوات المتزنات اللائي سرت بهن
وئيداً تفضي نحو الموت الرائع والمتسق تماماً مع ما كنت تقول
كان الحبل الملتف على رقبتك الشامخة الرأس هو
الطرف الآخر من ذات الحبل الملتف على عنق الوطن المقتول
ليس بعيداً كل قضاتك والجلادون ملامحهم ذابت
ووجوههم متفحمة خجلاً وصغاراً
وثباتك مثل الخنجر بين اضالعهم
فكأنك تقتلهم بمخازيهم شنقاً وتحرر
ربقة هذا الوطن الرائع من نير الذل
انت الأغلى ، والأعلى ، والانبل
كنا ندرك انك تفدي الوطن الأجمل
فلتكن القربان اذن حتى يتطهر وجه الارض
وينخسئ البهتان

ومن شعر الشاعر سيد احمد الحاردلو شفاه الله ، باللهجة السودانية الدارجة :
بس يا سلام سلم
زول يستحق القول
والحمد والتبجيل
محمود جنا طه
ملك وملكو علم
وفقير وفقرو علم
ويمين يمين الله
لو عندي أيد لاحقه
أديهو تاج الرجال
وابنيلو في الخرتوم
فوق البحر تمثال
لكن خسارتي انا
الماعندي أيها حال

د. عمر القراي

* منعت رقابة جهاز الأمن نشر المقال في جريدة الصحافة عدد الأحد 18 يناير 2009

[

Post: #77
Title: Re: TTTTTT
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 02-05-2009, 08:06 PM
Parent: #76

فوق!

Post: #78
Title: Re: TTTTTT
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 02-05-2009, 08:23 PM
Parent: #77

Quote: أهم إنجاز للأستاذ محمود هو أنه قدم منهجاً لاصلاح الانسان لنفسه ونفذه بصورة فريدة
: د.عبد الله النعيم لـ(أجراس الحرية) (1-3)


Quote:
صحيفة أجراس الحرية
http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=1427
--------------------------------------------------------------------------------
الأحد 18-01-2009

أهم إنجاز للأستاذ محمود هو أنه قدم منهجاً لاصلاح الانسان لنفسه ونفذه بصورة فريدة
: د.عبد الله النعيم لـ(أجراس الحرية) (1-3)

أهم إنجاز للأستاذ محمود هو أنه قدم منهجاً لاصلاح الانسان لنفسه ونفذه بصورة فريدة
لم أقابل أحداً لديه المقدرة على أن يعيش ما يقول كالأستاذ محمود
هناك من يجادلون في الجانب العرفاني للفكرة الجمهورية تهرباً من مواجهة جانبها العقلاني!
لست مشغولاً بمن هو المسيح ومتى سيأتي (لست وقتجياً)!
علاقتي بالاستاذ محمود ليست علاقة تابع بقائده بل علاقة تلميذ بأستاذه
في اعتقادي الاستاذ محمود ليس معصوماً
حياد الدولة تجاه الدين شرط لازم لتمكين حرية الاعتقاد
الفكرة الجمهورية لم تدع لترك العبادات

حوار: رشا عوض

البروفسيور عبد الله احمد النعيم استاذ كرسي القانون بجامعة اموري بالولايات المتحدة الامريكية والخبير الدولي في مجال حقوق الإنسان، من تلاميذ الاستاذ محمود محمد طه وصاحب مشروع فكري يهدف الى تأسيس مشروعية ثقافية للدولة العلمانية ولحقوق الانسان في المجتمعات المسلمة منطلقاً في ذلك من مرجعية الفكرة الجمهورية في هذا الحوار طرحنا عليه تساؤلاتنا حول الفكرة الجمهورية وتساؤلاتنا حول أبعاد وأهداف مشروعه الفكري فكان هذا الحوار:

بعد مضي أربعة وعشرين عاما على استشهاد الأستاذ محمود ما زال الجانب العقدي في الفكرة الجمهورية يمثل حاجزاً بين الفكرة والجماهير بما حواه من افكار باطنية كمقام الأصيل والمسيح المحمدي ما رأيك في ذلك؟

انا تلميذ للاستاذ محمود محمد طه منذ عام 1968م اذ استمعت اليه في محاضرة في ذلك التاريخ ولم اجد نفسي مختلفاً معه بل كانت قناعتي به تترسخ باستمرار لم تضعف ولم تتغير ولكنني اتهيب الحديث باسم الاستاذ محمود واحجم عن ذلك لأن فكره موجود ومشاع فلا يوجد من هو اقدر او ابلغ منه في الدفاع عن فكره، ولذلك فان كل ما اقوله اتحمل مسؤوليته شخصياً فلا اتحدث لا باسم الاستاذ محمود او غيره من الجمهوريين في اعتقادي ان الانجاز الحقيقي للاستاذ محمود لم يكن في المسائل العرفانية الجدلية وانما هو في مسألة اصولية بسيطة لو ألممنا بها لاغنتنا عن كل هذا الجدل والكلام عن الاصيل الواحد والوقت والمسيح فهذه كلها قضايا انصرافية عن القضية الاساسية اي قضية تغيير الانسان لنفسه، على المستوى الشخصي انا لست مشغولاً بمن هو المسيح ومتى سيأتي (لست وقتجياً) قضيتي ببساطة هي ان الاستاذ محمود قدم منهجاً لاصلاح الانسان لنفسه ونفذه بصورة اصلح بها نفسه وقد عشت معه ثمانية عشرة عاماً ولم اجد من هو اكمل منه في اية قيمة انسانية، فاهتمامي في المقام الاول هو ان اتعلم من هذا الرجل واستفيد من تجربته ومنهجه لأغير نفسي فاذا نجحت في ذلك في خاصة نفسي فكل المشاكل الاخرى محلولة واذا لم انجح فلن تحل اية مشكلة، فاذا كان الاستاذ محمود هو المسيح وجاء الان لن يحل مشكلتي اذا لم احلها بنفسي وعندما اقول ذلك فانا لا اعني ان المسائل الجدلية لن تظل تثير الجدل لكنني اتساءل بعيداً عن المسائل الجدلية ماذا عن بقية ما طرح الاستاذ محمود، في اعتقادي ان التركيز على المسائل الجدلية والانصراف عن القضايا الاخرى وهي اكثر اصولية واصالة وهي قضايا واضحة ومباشرة فيه اختلال، فيجب ان نتيح الفرصة لمناقشة ما طرحه الاستاذ محمود في السلوك و العبادة والمعاملة.

*الاستاذ محمود قدم منهجه للتغيير على اساس انه يتلقى العلم من مصدر عرفاني متعالي على المعرفة البشرية لا على اساس عقلاني فهل تحتاج مجتمعاتنا الغارقة اصلاً في الغيبيات الى تكريس العقلانية ام العرفانية؟

في اعتقادي ليس هناك تناقض بين المعرفة العقلانية والمعرفة العرفانية فهما غير متضادتين ولذلك ليس صحيحاً ان الاستاذ محمود بتقديمه للعرفانية فرط في العقلانية بل على العكس الاستاذ محمود اكد العقلانية وهو لا يذكر الامور العرفانية الا عندما يسأل عنها، طرح الاستاذ محمود طرح عقلاني فمسائل تطوير التشريع واتباع منهج محمد وكل ما قاله ومارسه عملياً يدل على ان العرفانية كانت نتاجاً للعقلانية وليست نقيضاً لها والذين يتجهون للعرفانية دون العقلانية يرتبكون لأنهم يعزلون العرفانية عن منهجها فما طرحه الاستاذ محمود في منهج التربية مثلاً هو منهج عقلاني ففيه توجيهات بعدم الكذب والصلاة في اوقاتها وقيام الليل وحسن معاملة الاخرين ومتابعة النفس (طردا وعطفاً) من الخارج للداخل وفن الداخل للخارج، في اعتقادي ان الذين يركزون على المسائل الجدلية يفعلون ذلك تهرباً من مواجهة المسائل العقلانية فالجانب العرفاني هو نتاج للجانب العقلاني والجانب السلوكي، حجة الاستاذ محمود الدامغة هي مقدرته على ان يعيش ما يقول ففي عمري الذي امتد لاثنين وستين عاماً لم اقابل احداً لديه المقدرة على ان يعيش ما يقول كالاستاذ محمود ففي قياداتنا هنا في السودان وبكل احترام لا توجد قيادة تعيش ما تقول باي قدر ومقدرة الانسان على ان يعيش ما يقول هي اقوى حجة على صحة طرحه واقوى من الجدل حول العرفانية والعقلانية .

*الجمهوريون اليوم عندما يطرحون فكر الاستاذ محمود يطرحونه بافتراض انه الفكر الوحيد القادر على تقديم الرؤية الدينية الصحيحة بشأن القضايا المعاصرة أليس هذا النهج شبيهاً بنهج الجماعات السلفية التي تتمسك برؤية وحيدة وتنكر تعددية الاجتهادات؟

كل من يطرح طريقاً في التجديد لابد ان يطرح طريقاً واحداً فلا يمكن ان يطرح طريقين في نفس الوقت، كل ما يقدمه تلاميذ الاستاذ محمود يعبر عن اجتهاداتهم الفردية وكل واحد منهم يمكن ان يخطئ ويصيب، فيجب الرجوع الى الاستاذ محمود في مصادر ومراجع فكره المتاحة ونموذج حياته ولكن عندما يقدم كل منا رؤاه في القضايا المطروحة يقدم قناعته هو في مقابل قناعات اخرى وبالتالي يكون السؤال المشروع هل نقبل النقاش والاخذ والرد حول ما نطرح ام لا ام ان لدينا تصلب وعدم احتمال للاخر، من معايشيتنا للاستاذ محمود نستطيع ان نقول كلما قدم تلاميذه افكارهم ووجهات نظرهم بصورة مفتوحة وقابلة للاخذ والرد كلما كانوا اصدق في تقديمهم لرؤية الاستاذ محمود وبقدر ما قدموا افكارهم بصورة متعنتة ومتصلبة وعنيفة وضائقة بالرأي الاخر بقدر ما يكون هؤلاء التلاميذ رجالاً او نساء مقصرين في ايصال رؤية الاستاذ محمود فسعة الصدر واحتمال الرأي الاخر ورد الحجة بالحجة هي سمة عمل الاستاذ محمود.

*هناك سلفيون لديهم سعة صدر ويستمعون للرأي الاخر ويجادلوه ولكنهم يستبطنون فكرة امتلاك الحقيقة الكاملة وبالتالي هم يجادلون الاخر لهدايته واقناعه فليس هناك افتراض بامكانية ان يمتلك الاخر جزءاً من الحقيقة الدينية وبالتالي له دوره في الاصلاح من موقعه هو، وهناك جمهوريون يستبطنون ذات الفكرة ألا يشكل ذلك بذرة للإقصاء والأحادية؟

هذا صحيح في حق كثير من الجمهوريين بمن فيهم شخصي لاننا لم ننتفع من معيتنا للاستاذ محمود بالقدر الكافي بحيث نتجاوز هذه النزعة الانسانية، فالانسان بطبعه لديه هذا الميل لادعاء امتلاك الحقيقة، تلاميذ الاستاذ محمود لا يتجاوزوا قصورهم الانساني بمجرد معيتهم للاستاذ محمود ولا يتجاوزوها بقدر متساوي فمنهم من هو اقرب للاستاذ محمود والقرب الى هذا النموذج لا يكون بمجرد القدرة على الجدل والنقاش وتقديم الحجج او (الفهلوة) بل بالسلوك وتمثل القيم، والتواضع قيمة مهمة جداً فمن يعتقد ان الحقيقة عنده هو تكون في الواقع حقيقة غيره هي التي عنده، الاستاذ محمود هو الذي حقق حقيقته بالمجاهدة الطويلة وبالثمرة الواضحة نحن _ تلاميذه_ اتينا لنقدم حقيقته هو وكأنها حقيقيتنا نحن! وفي هذا عدم تواضع يجب ان ننقل رؤية الاستاذ محمود كما حققها هو ونعترف اننا نسعى قدر طاقتنا في تحقيقها وقطعاً انا ناقص ومقصر في هذا ولكن نقصي وقصوري لا يحسب على الاستاذ محمود.

*من معوقات التطور في مجتمعنا غياب العقلية النقدية ومن الملاحظ انعدام الحس النقدي تجاه الفكرة الجمهورية فالاستاذ محمود فوق النقد تماماً لاعتبارات عرفانية، وعادة ما يورد الجمهوريون ان الفكرة لا تحتاج الى تطوير بل الواقع هو الذي يجب ان يرقى لمستوى الفكرة وبالتالي يسود المنطق التبريري عند مناقشة اخطاء الجمهوريين مثل تأييد نظام نميري وقبل ذلك التظاهر ضد القانون الذي سنه المستعمر لمنع ختان الاناث ما تعليقك على ذلك؟

انا علاقتي بالاستاذ محمود هي علاقة تلميذ باستاذه لا علاقة تابع بقائده، فاذا تشكلت لدي قناعة تخالف الاستاذ محمود في مسألة اساسية لديه اكف عن ان اكون تلميذاً له وعندما يدافع الجمهوريون عن افكار ومواقف الاستاذ محمود يفعلون ذلك عن قناعة وليس بمنطق تبريري، مثلاً في الموقف من مايو هناك تلاميذ للاستاذ محمود انصرفوا عنه وكفوا عن كونهم جمهوريين فانا لو كنت اعتقد ان الاستاذ محمود مخطئ في حادثة رفاعة (التظاهر ضد قانون خفاض البنات) فانا سوف اكف عن كوني تلميذه وكذلك في مسألة مايو لو اقتنعت بخطأ موقفه اكف عن كوني جمهورياً، فطريقة طرحك للسؤال توحي بانني ادافع عن امور لست مقتنعاً بها بهدف التبرير وهذا احتمال، وهناك احتمال اخر هو انني ادافع عنها عن قناعة اين الحقيقة؟ لا اعتقد اننا نستطيع معرفتها بصورة قاطعة قد يكون موقفي تبريرياً ولكني ألبسه ثوب القناعة وقد أكون مقتنعاً بما ادافع عنه ولكنك لا تقبلين بان هذه قناعتي لانك تريدين سماع نقدي للفكرة الجمهورية.

من ناحية اخرى الفكرة الجمهورية لا تختلف عن غيرها من الافكار، فالاسلام نفسه الذي جاء به النبي عليه الصلاة والسلام فيه ناحية عقدية وناحية عقلانية والبشر في تكوينهم النفسي هناك من يميل للعقائدية ومن يميل للعقلانية ففي صدر الاسلام كان هناك اصحاب العقيدة ولا شئ غيرها وهناك من اتجهوا للتفكير العقلاني والفلسفي والجدلي كالمعتزلة، وفي تاريخ الفكرة الجمهورية سيكون هناك اتجاه مشابه فنحن قريبي عهد بما حدث للاستاذ محمود ولذلك رؤيتنا قد تغلب عليها الناحية الدفاعية او العقائدية على الناحية العقلانية فالنفس البشرية بطبيعتها عندما يكون هناك هجوم عليها تتقوقع .

الفكرة الجمهورية لو فشلت تماماً وانهارت واندثرت لكان ذلك دليلاً على عدم صحتها ولكن يجب اعطاء هذه الفكرة الفرصة الكافية ونفسح لها المجال باوسع مما استطاع تلاميذ الاستاذ محمود ايصاله للناس فالفكرة الجمهورية لم يمضي عليها زمن طويل بحساب عمر الافكار وحركات الاصلاح فالمسيحية مثلاً هي اليوم الدين الاول في العالم لم تنتصر الا بعد ثلاثة قرون من صلب السيد المسيح وحركات الاصلاح الديني التي قادها مارتن لوثر اخذت وقتها كذلك.

*هل كل من اختلف مع طرح الاستاذ محمود في قضية ما يصبح خارج اطار الفكرة الجمهورية بمعنى اخر ألا توجد مشروعية للتعددية داخل اطار الفكرة نفسها؟

توجد مشروعية لذلك هناك اعتقاد انك لكي تكون جمهورياً يجب ان تعتقد بان الاستاذ محمود معصوماً ولا تقبل فكرة انه يمكن ان يخطئ، في اعتقادي ان الاستاذ محمود ليس معصوماً وقد اتبعته بقناعة ولو اتضح لي انني اختلف معه في امور اساسية سأنصرف عنه اما مسألة هل انا جمهوري ام غير جمهوري فمن الذي يحدد ذلك وما قيمته؟ انا من اصنف نفسي بانني جمهوري ام لا، ولذلك انا ادعو للدولة العلمانية وتفادياً لاشكالية المصطلح اسميها الدولة المدنية والغرض من هذه الدعوة هو ان تكون الدولة محايدة تجاه الدين حتى يتمكن الناس من ان يعيشوا قناعاتهم بحرية كاملة فاشكالية العقائدية تظهر عندما ترتبط بالسلطة لانك اذا خالفت رأياً في اطار السلطة الدينية فانك تعاني من تبعات ذلك بالاعتقال والتعذيب حياد الدولة تجاه الدين هو دعامة اساسية في تمكين حرية الاعتقاد وافساح المجال للتعددية والاختلاف في الرأي ولكن في حياد الدولة تجاه الدين وابتعادها عن اي شبهة ترجح وجهة نظر دينية عن الاخرى هو شرط لازم ولكنه غير كاف فلابد من ان يكون مصحوباً بالتربية.

نحن باستمرار نعيش في عقول الاخرين! الكل مشغول بما يقوله الاخر عنه وهذا ما كان يحاول الاستاذ محمود باستمرار اضعافه حيث كان يدعو الى ان لا ننشغل بتقييم الاخرين لنا بل علينا ان ننشغل بمدى التزامنا بما نؤمن به من قيم، فمثلاً في عبادة الصلاة نجد المسلمين عموماً مشغولين جداً بان يظهروا امام بعضهم البعض بمظهر الورع، فنلاحظ ذلك عند دخول وقت الصلاة يحرص كل شخص على ان يلفت انتباه الاخرين لاهتمامه بالصلاة.

الصلاة! هل توضأتم ؟ انا ذاهب لاتوضأ؟ وهكذا... الجمهوريون يحرصون على البعد من هذا السلوك فهم يصلون ولا يشعرون احداً بانهم يصلون فهناك عقدة عميقة الجذور في تربيتنا وفي مجتمعنا سواء المجتمع الشرقي او الغربي هي اننا نعيش في عقول الاخرين اكثر مما نعيش قناعاتنا، اخراج الدولة عن مجال الدين شرط لازم لبداية المجهود لاعادة تربيتنا بحيث اننا نعيش في عقولنا نحن لا في عقول الاخرين .

*الا تعتقد ان الفكرة الجمهورية عندما تجدد في مجال العبادات تخلق حاجزاً بينها وبين جماهير المسلمين إذ أن هناك صعوبة في اقناع الناس بالتجديد في المعاملات فكيف يمكن اقناعهم بالتجديد في العبادات؟

الفكرة الجمهورية لم تأت برأي جديد في العبادات بمعني انها قالت بترك الصلاة او الصيام او الحج، وانما جاءت برؤية جديدة في تجديد معنى العبادات ومنهجها بحيث يكون منهجاً مؤثراً في السلوك وهذا تحقيق لقيمة العبادة، الاستاذ محمود كان يقول اننا نصلى وسلوكنا ليس سلوك مسلمين ونصوم ولكننا نكذب ونغش فهناك خلل في عبادتنا لانها صحيحة شكلاً ولكنها ناقصة المحتوى فدعوته كانت لتغيير المحتوى وهو لم يدع احداً لترك الصلاة او ترك الحج وقد سمعته شخصياً يقول الذي لم يحج سوف يسأل عن عدم حجه.

هل يؤدي الجمهوريون الحج وفق المناسك المقررة في الشريعة؟

نعم وهناك جمهوريون حجوا وفق الشعائر المتعارف عليها منهم احمد عبد الرحمن العجب، وانا شخصياً انوي الحج فمن لم يحج وفقاً للشعائر يجب ان يكون له من العلم والحجج التي يجيب بها عندما يسأل عن ذلك ولا يكفي ان يقول الاستاذ محمود قال، يجب ان يكون له رؤية يستطيع الدفاع عنها.

الاستاذ محمود لم يدع لترك اي من العبادات بل دعا لاحياء القيمة في العبادات ودعا للتفكر فيها.

_ولكن هو في خاصة نفسه أليست له طريقة في العبادة تختلف عن الشريعة؟

هذا يعيدنا الى الحديث عن العيش في عقول الاخرين فالاستاذ محمود بالتأكيد يعلم انه عندما لا يصلى الصلاة المتعارف عليها في الشريعة فان ذلك سيسبب له مشكلة في دعوته وهو في فترة من حياته كان يصلى صلاة الشريعة ويراه الناس يصلي ويذهب الى الجامع ولكنه في وقت معين قال ان له صلاه اصيلة, وقال عندما علمت ان الصلاة الواجبة على غير هذه الصلاة المعروفة للناس اصبحت امام خيارين: ان اصلى امام الناس الصلاة التي يعرفونها حتى يرونني اصلى وفي هذه الحالة اكون اصلى لهم هم وليس لله، او أن اصلى الصلاة التي أعرف ان الله أمرني بها وانا مسؤول عنها امام الله الذي يعلم خائنه الاعين وما تخفي الصدور، فليس هناك قيمة ارفع من قيمة ان يعيش الانسان كما يقول فهذه المطابقة ليس هناك اصعب منها وليس هناك ماهو اقوى منها في الحجة فالاستاذ محمود عاش قناعته هو، اذا قناعته هذه اقنعت الاخرين فالحمد لله واذا لم تقنع الاخرين فهو لا يمكن ان يترك قناعته ليرضي الاخرين.

وماذا عن موضوع الاضحية وصلاة التراويح وهي من الشعائر التي يتبنى فيها الاستاذ محمود رؤية مغايرة؟

فيما يتعلق بالاضحية الاستاذ محمود عبر عن رأي واقتنع به كثيرون انا شخصياً مقتنع به وفي كل حياتي لم اضحي لدي قناعة بانها مسألة عنيفة وليست جوهرية في الدين.

اما صلاة التراويح فهي ليست واجبة والجمهوريون يصلون صلاة القيام وهي اوجب من التراويح، نحن نتساءل عن قيمة ومضمون العبادة لا يوجد شئ يفعله الانسان سلباً او ايجاباً إلا ويسأل عنه هذه الامور يسأل عنها من عنده العلم المحيط بحقيقة دوافع ونوايا كل شخص.

ولكن في موضوع العبادة هل كل فعل يقوم به الانسان يجب ان تكون له تبريرات عقلية الا يقتضي الخضوع لله القيام بكثير من الاعمال دون تساؤل عن الحكمة لان عقل الانسان لا يحيط علماً باي شئ؟

صحيح ولكن يجب ان تكون هناك قناعة ذاتية بذلك فمثلاً انا لا اكل لحم الخنزير لانني على قناعة بان الله حرمه لا لاي سبب اخر، وبالتالي ان كانت قناعتي ان الله لم يكلفني بذبح الاضحية فيجب ان لا اضحي واذا كانت قناعتي ان الله لم يأمرني بالتراويح فلا يجب على ان اصليها فيجب ان يعيش كل منا قناعته التي يستطيع الدفاع عنها امام الله، اما ان التزم بقناعات غيري فهذا يهدم الموضوع، فالعبادة لا تكون عبادة إلا إذا أداها الإنسان وهو مقتنع أن الله كلفه بها، وبما أنني غير مقتنع بأن الله كلفني بالأضحية فلا يمكن أن أضحي إرضاء للآخرين.


Post: #79
Title: Re: TTTTTT
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 02-19-2009, 03:18 AM
Parent: #78

فوق، لصالح من فاته شرف الاحتفال بحياة الأستاذ محمود في الشهر الماضي.

Post: #80
Title: Re: TTTTTT
Author: tmbis
Date: 03-02-2009, 08:27 AM
Parent: #79

.