أخلاق نميري: رئيس دولة من عيار Hit and run

أخلاق نميري: رئيس دولة من عيار Hit and run


03-28-2004, 11:13 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=91&msg=1110312840&rn=0


Post: #1
Title: أخلاق نميري: رئيس دولة من عيار Hit and run
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 03-28-2004, 11:13 PM

جاء في الكتاب الذي أصدره مركز الدراسات السودانية، بالقاهرة، (بلا تاريخ!!)، والذي هو عبارة مذكرات الوزير المايوي، مرتضى أحمد إبراهيم، الكثير من الطرائف. وإسم الكتاب (الوزير المتمرد)، وأحببت أن اشرك أعضاء المنبر في بعض ما ورد فيه. والمهم هنا ليس هو تحقيق المتعة مما تجلبه الطرفة، عادة. وإنما المقصود بالأساس، زيارة تاريخنا القريب، ومعرفة حقيقة القامات الخُلُقية، لمن ظلوا يحكومننا، ويديرون شؤوننا، ممن ألبستهم الآلة الإعلامية هالات، وتيجانا زائفة. ومن أولئك جعفر نميري، الذي تدل الحادثة التي سوف أثبتها هنا، مما رواه عنه وزيره مرتضى أحمد إبراهيم، على مبلغ تدني القامة الخُلُقية، وانعدام حس المسؤولية لدى جعفر نميري.

برهن نميري بهذه الحادثة، أنه لا فرق بينه وبين المجرمين العاديين من عيار، ما يصطلح عليه الغربيون بعبارة، (إضرب واهرب hit and run). وهي غالبا ما تُستخدم في حق من يصدم أحدا بسيارته، ويهرب من موقع الحدث، تجنبا لمواجهة المسؤولية. والكتاب في جملته، ليس سوى مرافعة، من جانب الوزرير مرتضى أحمد إبراهيم، لتبرئة ساحته، وإبراز نزاهته، ووطنيته، في فترة توليه الوزارة، في بدايات مايو. ولقد حالو مرتضي برواية تلك الحادثة إعابة نميري، ولكنه نسي، أو تناسى، كونه قد كان شريكا فيها. ولقد تستر عليها عقودا قبل أن يخرجها للملأ.

ومع ذلك فإنه يُحمد للوزير المايوي، مرتضى أحمد إبراهيم، الصدق في رواية تلك الحادثة. فق اصبحت بفضل كتابه ذاك، جزءا من تاريخنا المكتوب، الذي هو ملك للأجيال. وكتابة مرتضى، في هذا الكتاب، تمثل في عمومها، هي الأخرى، متكأً ممتازأ، للتعرف على ضعف المستوى المعرفي، والثقافي، ومستوى الحصافة العامة، لمن استوزروا في تاريخنا. ولكن لذلك حديث آخر.

أما الآن فإلى هذه الحكاية من حكايات الوزير، مرتضى أحمد إبراهيم:

جاء في الكتاب المذكور عاليه، تحت عنوان: (دعوة النميري لي للمصالحة) صفحات 184-186 ما يلي:

((فجأة في مساء يوم في حوالي شهر أبريل من عام 1971 جاء إلى بيتي حرس النميري ليقول لي أن الرئيس يطلب مجييء إليه في منزل فاروق أبو عيسى. وذهبت معهم إلى هناك حيث وجدت الرئيس وفاروق يجلسان معا. ولم يكن منزل فاروق في امتداد الخرطوم الجديد يبعد كثيرا من منزلي في شارع 25 من نفس الإمتداد. وهناك وجدت النميري وجلسنا نحن الثلاثة. كان النميري شرها في احتساء الخمر. وكان يملآ كأسه نقيا بالوسكي خاليا من أي إضافات. ويحتسيه كأنه ماء عذب. وعلى الرغم من ذلك لم تبد عليه علامات السُّكر وآثاره مما شرب من كميات. وربما كان ذلك بسبب ضخامة جسمه وعمق بطنه. وكان له لسان كبير وعريض يملآ كل فمه بصورة ملفتة للإنتباه.

بدأ النميري يعاتبني قائلا بأننا كنا أصدقاء وكانت صلتنا وعلاقتنا قوية وحيمية. وكنت من أقرب الناس إليه أيام الثورة الأولى. "ولكنك يا مرتضى تغيرت الآن واصبحت لي خصما. تهاجمني وتنتقدني كلما وجدت فرصة لذلك. وابتعدت عني وناصبتني العداء. ولهذا جئت اليوم هنا لفاروق. فهو صديقك وصديقي وارسلت لك تحضر لنتصالح". قلت له: "يا ريس لست أنا الذي تغير. ومن أكون انا لكي أخاصم وأعارك رئيس دولة وقائد ثورة. فما أنا يا ريس إلا حتة باشمهندس. وكما قلت لك فيما مضى لو تذكر. إنها مهنتي وشرفي الذي حصلت عليه بكدي وعقلي وعرق جبيني. أما الوزارة والاستوزار فإنها منح توزعها أنت من مخزنك لمن تشاء. ولكل من هب ودب إن أردت أنت ذلك، لهذا فالمنحة التي تفضلتم بها علي لا يمكن أن تدفعني للتكبر والتغير واللهم إلا إن كنت من اصحاب المصالح وصغار العقول والتافهين. وأحمد الله فأنا لست واحدا من هؤلاء. إما إن كان فينا من تغير، فهو انت يا ريس". فسال مستغربا: "أنا". قلت: "نعم وسأبرهن لك كيف تغيرت. في الأيام الأولى لما كنت على سجيتك وكنت تقول عن نفسك أنك حتة عسكري ويوم كنا في جامعة الخرطوم في صباح يوم جمعة في قاعة الإمتحانات حيث عقد مؤتمر للإقتصاديين وحين وقف أحدهم يطبل لكى قائلا النميري الكساء. نميرى الدواء نميري الغذاء. أردت أن تقوم لتطلع دينه كما قلت فأوقفتك وقمت نيابة عنك وطلعت دينه. أتذكر تلك الحادثة؟؟ أيامها كنت بسيطا تلمح الإفك والتطبيل ولا تحبه. أما الآن فدعني أقص عليك ما حدث قبل بضعة أسابيع عندما كنا في حفل عيد العلم أمام مبنى وزارة التربية والتعليم. وهناك كنت أجلس خلفك مباشرة. وهناك قال لك الأفاق محمد التوم التجاني مساعد الوكيل في نهاية كلمته التي ألقاها في الحفل. "النميري المُلْهِم. نميرى المُلْهَم". نظرت إليك من الخلف وقلت في نفسي هل ستلتفت إليَّ لتقول لي قوم طلع دينه. ولكن هيهات والله يعلم رأيت بعيني رأسك يتضخم ويكبر. ورايت بعينيَّ أذنيك تتحركان إلى أعلى واسفل. وانتفخت تتلفت يمنة ويسرة. وأنت مبتسم فرح لأنك قد صدقت ما قاله عنك العالم المنافق. وبدأت تصفق مع المصفقين. ولم يقف الأمر عند هذا الحد. بل بقيت الفرحة في نفسك إلى اليوم التالي حين وقعت على ترقية محمد التوم التجاني إلى درجة وكيل الوزارة باثر رجعي لأكثر من سنة، مخالفا بذلك قرار مجلس الوزراء الذي ألغي أي ترقية في الخدمة بأثر رجعي حتى لو ظل الموظف يباشر أعمال الوظيفة خالية الإنشغال. فهل بعد ذلك تظن أني انا الذي تغيرت. أم انت يا ريس؟". لم يرد النميري بل ظل صامتا يحتسي كأسه، وانا وفاروق ننظر إليه. وفجأة قال لي "يا دنقلاوي إنت إبن كلب". فرديت مبتسما: "وإنت يا دنقلاوي إبن ستين كلب" وضحكنا نحن الثلاثة. ثم قال لي. طيب آيه رايك نفتح صفحة جديدة، قلت موافق وكيف لا أفتح صفحة جديدة معك يا ريس. أتمنى أن تكون فاتحة خير لي ولك وللبلد. ثم شربنا الأنخاب. وساد الود والأنس الرفاقي جلستنا وبانتهاء جلستنا عرض النميري علي أن يأخذني في سيارته إلى بيتي. وأشار إلى حرسه ان يعودوا إلى سكناتهم وانطلق بي في سيارته إلى بيتي. ولكنه ضل الطريق ودخل في شارع، سار فيه وفجأة إعترضتنا خيمة مأتم منصوبة على عرض الطريق بأكمله فحاول النميري تفادي الدخول في الخيمة حيث يرقد أعداد من الرجال النائمين. وانحرف نحو الحائط حيث الأوتاد والحبال فانهارت الخيمة واستيقظ النائمون يصيحون. وتأكد لهم أن المعتدي لابد وأن يكون غائب العقل وزائغ البصر. من تأثير ما احتسى من خمر. فما كان امام النميري سوى أن يهرب مسرعا تفاديا لما سيفعله فينا أولئك الناس وواصل ضغطه على أبنص البنزين إل ان عاد إلى بر الأمان حين طارت السكرة وجاءت الفكرة فأوصلني إلى داري وودعني وذهب.) .. انتهى نص الوزير، المهندس، مرتضى أحمد إبراهيم.

تعليق قصير:

هذه هو المستوى الأخلاقي لنميري رئيس دولتنا لستة عشر عاما!! رئيس دولة بحالها، يتسبب في حادث، ثم لا يجد حرجا من الهرب، من مكان الحادث. يدوس على دواسة الوقود ويسرع مبتعدا، ما وسعته السرعة، من مكان الحادث، مثلما يفعل أي جبان، ومستهتر، لا تعني المسؤولية الأخلاقية، عنده شيئا!! ومع ذلك، فهو الإمام الذي بايعه لإمامة المسلمين، كل من الدكتور، حسن الترابي، والأستاذ، يس عمر الإمام في أبو قرون بعد سنوات، من تلك الحادثة. وقال يس عمر الإمام، إن دموع المبايعين قد انهمرت في تلك الأمسية، التي ذكرتهم بالسلف، بأمجاد الأمة الغاربة، وببيعة الرضوان!!

ثم هذا هو نفسه الإمام الذي أعمل بإسم الله، الرحمن الرحيم، سكاكينه بترا في أيدي وأرجل المساكين من الجوعى والمحرومين. وهو نفسه الإمام الذي قال إنه أمضى يومين ساهرا، يقلب في كتب الفقه، الإسلامي لكي يجد مخرجا واحدا يبعد الأستاذ محمود محمد طه عن حبل المشنقة، ولكنه لم يجده، ومن ثم، لم يجد مناصا من الأمر بقتله، لأنه ـ بزعمه ـ لا يتلاعب في حد من حدود الله!!!