هذا ما قاله الأستاذ طه أبو قرجة عن الموت للجمهوريين

هذا ما قاله الأستاذ طه أبو قرجة عن الموت للجمهوريين


05-06-2003, 03:18 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=9&msg=1077597728&rn=0


Post: #1
Title: هذا ما قاله الأستاذ طه أبو قرجة عن الموت للجمهوريين
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 05-06-2003, 03:18 AM


الأخ الكريم بكري
وجميع أعضاء هذا المنبر من الأخوان والأخوات
والأبناء والبنات

لقد أثلجت صدورنا تعازيكم الحارة في فقدنا الجلل لأخي الحبيب طه أبو قرجة. وينتابني شعور عميق بأن غربتنا، كجمهوريين في وطنناالحبيب السودان، المحمول في أحداقكم ومهجكم، قد بدأت تزول. فقد جاءتنا التعازي من جميع المشارب والمنابت والإتجاهات والأديان فأشعرتنا بأن طه السودان، طه الأمان، طه التحنان، طه الفكر الحر، طه الشعور الحي الخلاق، حي لم يمت وإن غاب عنا جسده. هكذا أنتم بني وطني، وطن الخلد والخالدين، الظافرين بإذن الله

وقد رأيت أن أشكركم بطريقة أعرف أن طه يقرني عليها. فأقرأوا معي وتأملوا كلماته التالية عن الموت. وقد كتبت هذه الكلمات بمناسبة رحيل أخينا الجمهوري الحبيب الأستاذ جلال الدين الطيب الهادي في شهر يونيو من العام الماضي. طه ياإخوتي بضع من السودان، بضع منكم. حمل آمالكم وأحلامكم فذهب مرضياً عنه مع الأولين، وسنظل نحمد له الصنيع في الآن، وسنعزف تغنيه لقيم الحرية والعدل والسلام من قلوب وحناجر الحاضرين والآخرين.

وكان طه، كما كتبت ناعياً لكم ولنفسي ولزوجته الفاضلة الأخت نوال الطاهر النيل ولإخوانه محمد وسيف ومكي ولأهله الأماجد، من أميزً تلاميذ الأستاذ محمود محمد طه وأحبهم إليه. هذه الكلمات الطيبات النيرات تحكي نبلكم يا أهلي، أهل السودان، من نمولى إلى حلفا، فإنكم ملح الأرض. وقد قال عنكم أبيكم الأستاذ محمود:"...لا يغرن أحداً كون السودان جاهلاً خاملاً صغيراً، فإن عناية الله قد حفظت على أهله من أصايل الطبائع ما سيجعلهم نقطة إلتقاء أسباب الأرض بأسباب السماء..." ويومكم الموعود هذا أتٍٍ بلا ريب. فإلى كلمات الغالي طه إسماعيل أبو قرجة الطيبات النيرات أيها الأحباب الأماجد الأحرار .


***************************************************************

بسم الله الرحمن الرحيم

سبحان الحي الذي لا يموت

رحم الله أخانا جلال الدين، الهادي، الطيب، وأسبغ عليه الرضوان، ورحم الله من سبقوه من إخواننا وأخواتنا، وحفظ الله كل البقية الباقية من الإخوان والأخوات .. حفظنا الله جميعاً، كبيرنا وصغيرنا، قديمنا وجديدنا.. وجمعنا، ووحدنا، وجددنا، وبعثنا، وأصلحنا، وأصلح بنا، إنه أكرم مسئول وأسرع مجيب.

آخر مرة رأيت فيها الأخ جلال كانت حوالي اليوم الثامن عشر من يونيو عام 1995 بمنزله بود مدني، حيث ودعته ثم ودعت الأخ سعيد ومن معهما من إخوان مدني قبيل مغادرتي السودان في الرحلة التي لم أؤوب منها بعد. وتحدثت معه هاتفياً مرتين عقب وفاة الأخ سعيد. اتصلت به لأعزيه، لكني وجدته يعزيني، كما لمست فيه انشغالاً بأحزان آخرين. وفي مكالمتي الثانية والأخيرة معه حدثني أنه سيسافر إلى الخرطوم الأسبوع التالي، وسيقضي بعض الوقت مع إخوان العاصمة.. شكرني على خطاب أرسلته إليه مع الأخ الناجي في يناير الماضي، وقال لي أن الناجي سافر لأهله في ود هاشم، وزاره بعض الإخوان هنالك، وعاد وأخذ شقيقه إلى الخرطوم حيث سيجري (شقيقه) عملية عيون.. حدثني عن الجلسات المتنقلة بمدني.. كما حدثني عن أخبار بعض الإخوان.. أذكر أنه حدثني عن علي أحمد إبراهيم وأنه الآن بالدمازين حيث يدرس مادة التاريخ في جامعة الدمازين، فسألته عن أخينا عباس إبراهيم، فطمأنني عنه.. قلت له أن الأخ بدر الدين السيمت حدثني مرات عن الأخ عباس وعن الأخ المرحوم عبادي.. وذكرت له عبارات الأستاذ التي حكاها لي الأخ بدر الدين عن عباس إبراهيم. حكى الأخ بدر الدين أن الأستاذ قال له مرة:- (نحن الأخوان معانا هنا نلاحظ تغير في حالهم بين الصباح والمساء.. لكن عباس يغيب عننا زمن طويل، وقت نلاقيه، نلقاه في نفس حاله [من الصفاء] لا يتغير). لم يقل لي الأخ جلال أنه سمع تلك العبارة عن الأخ عباس، بل قال عبارة يسيرة تؤكد أن ذلك هو حال الأخ عباس، وأضاف بطريقته المعهودة:- (والله عباس لليوم إذا كلمك عن عبادي تقول خلاه في الروصيرص وجاء).

في مطلع هذا الأسبوع هممت مرتين بمحادثته هاتفياً ، ومددت يدي في المرة الأخيرة نحو الهاتف ثم أرجعتها، لإرجاء المكالمة إلى وقت آخر. وحين قرأت الخبر في الصالون انعقد لساني، وظللت آمل تصحيح الخبر، حتى تأكد. لم أجد ما أقوله حين اتصلت بالأخ عبد اللطيف معزياً. بل أن المكالمة استقبلها أول الأمر الأخ كباشي حميدان، وهو الذي كنت أتساءل عنه سراً في الفترة الأخيرة لطول ما تباعد الزمن بيننا، لكنني لم أزد على تعزيته بعبارات مقتضبة. أرجو أن يزودني الابن محمد هارون أو الأخ عبد الله عثمان بأخبار الأخ كباشي.

انتابني حزن شديد في آخر الليلة قبل الماضية، فوجدت العبارة التي صدرت بها هذه الرسالة في فمي: (سبحان الحي الذي لا يموت)، فغسلت أحزاني.

إن وفاة الأخ جلال تسوق المرء إلى الشعور بأن الموت أقرب من قريب.. كما هي تسوق المرء إلى القول بأننا يجب أن نتعايش وأن نتحاب وأن نتواصل وكأن الموت "أمام الزاوية" وليس وراءها كما يقولون. إنني لا أكتب للتعبير عن حزني على فقد الأخ جلال. فرغم أننا سنظل نفتقد الأخ جلال وكل إخواننا وأخواتنا الذين سبقونا، إلا أن عزاءنا فيهم هو أنهم قضوا حياتهم في الفكرة وفي سبيلها.

إن وفاة الأخ جلال قد ساقتني أيضاً للشعور بأن الحزن على من نفقد من إخواننا وأخواتنا ينبغي أن لا يشغلنا عن نعمة الله علينا. فالحمد لله والشكر لله أنه إذ قبض إليه كراماً، أبقى لنا كراماً. كل أخ وكل أخت، آمن أو آمنت بالأستاذ، واقتنع أو اقتنعت بالفكرة، وعمل أو عملت لها ولو بأقل القليل، هو أو هي نعمة لبقية إخوانه وأخواته. نعمة تستحق الشكر. ومعلوم أن "الشكر قيد النعمة".. وأن "النعمة كالإبل الأوابد، وعقالها الشكر".. إن علينا أن نشكر الله على النعمة التي أبقاها لنا، وأن يكون شكرنا عملاً. أما كيف يكون هذا الشكر العملي، فهذا ما يمكن أن يكون مجال حديث من الإخوان والأخوات. وأقل ما يقال أن الشكر يتمثل في حبنا لبعضنا، ورعايتنا لبعضنا، ورأفتنا ببعضنا. بيد أن هذا الأمر يجب أن يتنزل للحياة اليومية. يجب أن نريح الإخوان الكبار من المشقة اليومية المتصلة، ونتولى طرفاً منها.. يجب أن نهيئ لهم فرص الفحص الطبي الشامل. وأن نصر نحن على ذلك وإن أبوا.. يجب، ويجب.

لقد اعتدنا أن نفقد بعضنا بالموت، خلال أيام الحركة وبعدها. لكنا خلال أيام الحركة على وجه الخصوص اعتدنا على تحويل مناسبات الوفيات إلى مجالات للحركة، وإلى مناسبات للتدبر واستخلاص العِبَر، وليس للتباكي على من توفي ولا للرثاء ولا للتأبين. جعل الله في يومنا وفي غدنا شيء من ذلك الماضي.

لقد سألت قبل أيام عن بعض الكتب، منها كتاب "تعلموا كيف تجهزون موتاكم". ورغم أن الكتب الأخرى كنت ابتغيها لبحوث متصلة بموضوعاتها، إلا أن كتاب تعلموا كيف تجزون موتاكم أردت به أن أقف عن قرب على كيفية التجهيز لأعرفها ويعرفها من هم بقربي. ورغم أن الأخ عبد الله عثمان تفضل مشكوراً بإرسال أحد الكتب التي طلبتها، لكن بدا أن لا أحد منا يحوز نسخة من كتاب "تعلموا كيف تجهزون موتاكم". لا أحد. إنني لا أعبر عن دهشة هنا، فكلنا قد خرجنا في ظروف غير مواتية لا يتيسر فيها أخذ أي كتاب، والإخوان بالسودان مطحونون. بيد أني أريد أن أجعل من وفاة الأخ جلال مناسبة للالتصاق أكثر بالموت.. فهو أقرب من قريب، وهو الحق في بحر الباطل المتلاطمة أمواجه هذا. فهل لي أن أطمع بأن يخرج لنا أحدنا هذا الكتاب حتى نشيعه بيننا ونتـقن المعرفة النظرية بمحتواه؟؟ إننا إن التصقنا بالموت، التصقنا بمن غيبهم الموت، والتصقنا بدار الحق، وبالحق.. فالموت هو الحق: (وإنه لحق اليقين) (فسبح باسم ربك العظيم). سبحان الحي الذي لا يموت.

رحم الله موتانا جميعاً وجزاهم مقعد الصدق، عند مليك مقتدر.
والسلام عليكم جميعاً،،
طه إسماعيل
المنامة 15 يونيو 2002



Post: #2
Title: Re: هذا ما قاله الأستاذ طه أبو قرجة عن الموت للجمهوريين
Author: adil amin
Date: 05-06-2003, 10:28 AM
Parent: #1

الاخ حيدر بدوى
تحية طيبة
ما اطيب الاخوان الجمهوريين واحاديثهم الطيبة..اذكر انى فى بداية التسعينات كنت مريض بالملاريا الخبيثة وكنت فى مستشفى المناطق الحارة وقد زارنى وفد من الاخوان الجمهويين الاخ عبد الطيف عمر والراحل طييب الله ثراه سعيد شايب وكان حديثهم عن الموت ولازلت اذكر كم كان شعورى بالارتياح والتصالح معه ومن احاديثهم التى كانت تنزل على بردا وسلاما وانا فى مقام قاب قوسين و ادنى بسبب هذا المرض العضال
ان الموت زيادة علم كما كان يقول الاستاذ وان الروح عندما تنعتق من الجسد تصبح ميلاد جديد فى حيز جديد
اللهم ارحم طه ابو قرجة رحمة واسعة واجعله فى مقام مقعد صدق عند مليك مقتدر وانا لله وانا اليه راجعون

Post: #3
Title: Re: هذا ما قاله الأستاذ طه أبو قرجة عن الموت للجمهوريين
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 05-06-2003, 03:06 PM
Parent: #2


سلامي وشكري الجزيل لك ياعادل. تعليقك اللطيف غسل عني بعض الحزن، وقربني من الرضا بالله. فإن الحزن مهما كان نبيلاً فإن فيه قدرا خفياً من السخط أرجو أن اتخلص منه. فقد علمنا الأستاذ محمود أن نفرح بالله مهما كان إختياره لنا.


وهذا يفسر يا عادل إبتسامة أبينا، الأستاذ محمود محمد طه، أمام الموت، في يوم 18 يناير 1985. هل تعرف رجلاً عاش فكرته كما فعل أبينا طه، أبو طه؟


Post: #4
Title: Re: هذا ما قاله الأستاذ طه أبو قرجة عن الموت للجمهوريين
Author: Agab Alfaya
Date: 05-06-2003, 07:28 PM
Parent: #1

الاخ الدكتور حيدر بدوى
وقفت كثيرا عند الحاح طه فى الجصول على نسخة من كتاب :تعلموا كيف تجهزون موتاكم،وحديثه عن ان الموت يقف امام الزواية وليس خلفها، ودعوته الناس الى تذكر الموت والالتصاق به .فهل كان ذلك مجرد استراق سمع ام مكاشفة؟؟
لقد كان انسانا شفافا رقيقا كالنسمة حاضر البديهة لماحا بعيد النظر
فسبحان الى الذى لا يموت

Post: #5
Title: Re: هذا ما قاله الأستاذ طه أبو قرجة عن الموت للجمهوريين
Author: degna
Date: 05-07-2003, 07:04 AM
Parent: #4

الاستاذ الدكتور حيدر

نعزيك ونعزي انفسنا في فقيد الوطن والحرية والفكر
الاستاذ طه ابو قرجة
دوما يرحل الاعزاء لقلوبنا ولكن تبقي روحهم الزكية بيننا واعمالهم الخالدة
وحقيقة يجب علي ذكرها,,انتم الاخوة الجمهورين ولا اريد ان ابالغ فيكم ارواح ملائكية وطيبة خرافية لا تحدها حدود ,,,,,
الله يرحم موتانا جميعا
الاسبوع الفائت فقدة والدي العزيز فلهم الرحمة والمغفرة من عند الله

دقنه السودانوي

Post: #6
Title: Re: هذا ما قاله الأستاذ طه أبو قرجة عن الموت للجمهوريين
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 05-07-2003, 05:23 PM
Parent: #5


،الإبن العزيز دقنا

أعزيك مرة أخرى في وفاة والدك الكريم. وأسأل الله أن ينزل عليه من ِشآبيب رحمته مالا تسعه أرض ولا سماء، إذ أنجب إبناً صالحاً مثلك يدعو له بلسان الحال وبلسان المقال.

لم أر تعزية لك ولأسرتكم هنا في المنبر، فأكتفيت بالرسالة الخاصة التي أرسلتها لك معزياً. ربما فاتتني المشاركة في التعزية العامة في الأسبوع الماضي حين حدوث الوفاة. فلك العتبى حتى ترضى يا دقنا.


أخي الحبيب عجب الفيا،
كم سررت لكونك هاتفت الفقيد الحبيب قبل إرتحاله بأسبوع أو نحوه، فهو رجل وفي يعرف الأوفياء. نسأل الله أن ينفعنا بأخوته وبتجاربه الغنية وكتاباته الثرة في الصالون، وهنا، وفي المنابر الأخرى. كما أسأله تعالى أن يجعلنا أوفياء له بأن نكون أوفياء لبعضنا البعض، فقد كان يريد لنا أن نكون هكذا، مثله، أوفياء لبعضنا وللإسلام وللسودان. فلنكن كذلك. وسنكون كذلك بإذن الله وفضله العميم.