هادية حسب الله مرة اخرى*المنظور التقليدى لفهم الدين الاسلامى لقضايا النساء

هادية حسب الله مرة اخرى*المنظور التقليدى لفهم الدين الاسلامى لقضايا النساء


11-10-2003, 04:40 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=81&msg=1129192744&rn=0


Post: #1
Title: هادية حسب الله مرة اخرى*المنظور التقليدى لفهم الدين الاسلامى لقضايا النساء
Author: hala guta
Date: 11-10-2003, 04:40 PM

الاخوات والاخوة الكرام
سلام للجميع
وصلتنى هذه الورقة من الاخت الصديقة هادية حسب الله تتناول بها عددا من الاشكاليات والاسئلة المطروحة حول موقف الاسلام من المرأة
والكاتبة تتمنى من الجميع رفدها بملاحظاتهم واراءهم وحيث انها ليست عضوة معنا بالبورد فساعمل على نقل جميع المداخلات والاراء اليها وانقل لكم ردودها

لكم الود جميعا
هالة

Post: #2
Title: Re: هادية حسب الله مرة اخرى*المنظور التقليدى لفهم الدين الاسلامى لقضايا الن
Author: hala guta
Date: 11-10-2003, 04:42 PM
Parent: #1

من التحديات والمشاكل التي تواجه تمكين ومساواة المرأة:
المنظورالتقليدي لفهم الدين الاسلامي

هادية حسب الله

إلى جداتي..
إليهن وإلى مكاحلهن اللاتي كن يصفنها أمامهن خارج أسوار المولد النبوي لتزور مولد المصطفى بدلاً عنهن فتضئ لهن أعينهن من ضوء ذكرى الحبيب.. متلفحات "بالزراق" مشدوهات الأعين خلف "البلامة"، صابرات تحت حوافر السواري انتظاراً لخروج الرجال من المولد... والذين لم يخرجوا أبداً...



التنوير أجنحة نحو فضاءات التحرير:
ان الصغيرات اليافعات الحالمات بحياة حية, يفقدن يوماً فيوماًً كل حيويتهن وهن يقيدن بثقافة تسعى لاضطهادهن وتهميشهن, اذ تعرف الثقافة الذكورية جيداً كيف تدير معركتها تجاه احلامهن الغضة لتعدمها او تجعلها احلاماً مخجلة لا تجرؤ الصغيرات على البوح بها ... اذ ان الصورة التي تقدمها الثقافة للمرأة تدفع بها للتفكير عن ذاتها بشكل مشوه, فتستصدر قرارات انسحابها عن الحياة العامة بنفسها, اذ تقيد الثقافة الذكورية عموما دور المرأة وتعاملها كعبء على المجتمع, ولا تسثنى من ذلك الثقافة السودانية التي تهمش دور المرأة وتراها (كان فأس ما بتقطع الرأس), ولذا ضمن هذا الإطار الضيق للثقافة الذكورية تضيق الخيارات لدى النساء فاما انصياع لهذه الثقافة واما تمرد فوضوي, وإذا كان خيار الانصياع بادئ الخطأ فإن خيار التمرد يصب في مصلحة السلطة الذكورية نفسها, فكلاهما كما لا يخفى خاطئان.

وفي إطار الثقافة السائدة تحتل أنماط التدين مكان المركز فهي تصوغ لحدود بعيدة وجدان الأفراد، وتصوراتهم عن أنفسهم وأنماط سلوكهم كما تؤثر في نظم وتشريعات المجتمع. ولأن مجتمعنا السوداني لا يزال مجتمعاً تقليدياً تسود فيه البنى والأفكار التقليدية, فإن غالبية المتدينين يقاربون دينهم وفق منظور تقليدي وهو منظور صاغته الثقافة الذكورية وأنتج صورة شائهة للمرأة, وقنن وبرر اضطهادها وبالتالي فليس من سبيل إلى تحرير المرأة وتمكينها ومساواتها دون مواجهة هذا المنظور مواجهة تستأنف دور الدين الطبيعي في صالح الحياة الانسانية وتغيير طرائق الناس. وهكذا فإن معركة التنوير معركة لا غنى عنها ولا محيد لها ولا مهرب منها في أي سعي من النساء لأجل كرامتهن وحريتهن.

المنظور التقليدي للدين – التأويل السلفي :
هو المنظور الذي يتعامل مع النصوص الدينية بظاهرها وحرفيتها بمعزل عن مقاصدها الكلية وسياقاتها التاريخية والظرفية والمكانية, وهو منظور يعبر عن قوى المحافظة والجمود في المجتمع, منظور تحكمي متعسف ذي توجه ماضوي يرهن الحاضر والمستقبل للحظة ماضوية ما. ويمكن تلخيص رؤية هذا المنظور للمرأة بأنها فتنة وشيطان وتبعاً لذلك يتم الآنتقاص من كرامتها واختزال دورها لتقنين اضطهادها. وستتابع الورقة بالتفصيل صورة المرأة ومكانتها ودورها وحقوقها وفق هذا المنظور.

صورة المرأة في التأويل السلفي:
تصوّر المرأة في المنظور السلفي بوصفها كائناً دونياً غير كامل الانسانية وناقص الأهلية وتبعاً لذلك يكون كل ما هو احتقاري ومذل طبيعي ومتماثل مع وضعيتها ويضع المسوغات والتبريرات للتعامل معها باضطهاد وعنف واحتقار.

ويبدأ المنظور السلفي تشويه صورة المرأة بابتداع عيب تكويني في خلق المرأة ذاتها, فيستلف الإسرائيليات القديمة عن أنها خلقت من ضلع أعوج, وأنها بتكوينها الجوهري, كانت وستظل أبداً ـ دون الرجل... وفي هذا الاتجاه يورد السلفيون الحديث "المرأة ناقصة عقل ودين". لتأكيد تصوراتهم المسبقة عن المرأة, والتي تتناقض مع العقل والمنطق, ومع العلم الحديث, إضافة إلى كونها تسيئ فهم السياق الظرفي والحديث النبوي المعني, وهذا ما يجب تبيناه بتفصيل أدق:
ناقصة عقل ودين :
وهذا النقص الذي يدعي السلفيون انه موقف الاسلام تجاه المرأة يتضح مبدأ عدم اتساقه مع روح وجوهر الرسالة الاسلامية والتي جاءت بالمساواة فعن انس بن مالك ان رجلاً كان جالساً مع النبي فجاء ابن له فأخذه فقبله واجلسه في حجرة ثم جاءت ابنة له فاخذها فاجلسها الى جنبه فقال رسول الله: هلا عدلت بينهما. اخرجه ابن عساكر (4/254 من تهذيب عبدالقادر بدران ).

ويستند هؤلاء على حديث رواه البخاري ومسلم عن نقص النساء في العقل والدين, وهو حديث رواه الصحابي الجليل ابوسعد الخدري فقال : خرج رسول الله "ص"في –اضحى أوفطر – الى المصلى فمر على النساء فقال : يامعشر النساء مارأيت ناقصات عقل ودين اذهب للب لرجل الحازم من احداكن ... قلن : وما نقصان ديننا وعقلنا يارسول الله , فقال : أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل ,قلن : بلى فقال : فذلك من نقصان عقلها , أليس اذا حاضت لم تصل ولم تصم قلن بلى : قال فذلك من نقصان دينها.

ذلك الحديث هو الغطاء الشرعي للافكار المتوارثة ثقافيا عبرالعادات والتقاليد عن عدم اهلية المرأة, والتفسير المغلوط لهذا الحديث بيّن فاذا نظرنا في متن الحديث ومضمونه نجد نقاط واضحة .

أولها: ان الذاكرة الضابطة لهذا الحديث بها بعض علامات الاستفهام اذ ان الراوي متشكك حول مناسبة القول في عيد الاضحية ام عيدالفطر وهذا الشك لا يمكن اغفاله عند وزن المرويات والمأثورات.

ثانيها: الحديث يخصص حالة من النساء في واقع محدد بالتالي فهو لا يشرع لشريعة دائمة او عامة على مطلق النساء فالحديث عن الواقع القابل للتغيير أو للتطور شئ، والتشريع للثوابت, عبادات وقيم ومعاملات امر آخر. فعندما يقول "ص": (انا امة امية لا تكتب ولانحسب) رواه البخاري ومسلم والنسائي وابودؤود والامام احمد. فهو يصف واقعا ولا يشرع لأن تعم الامية متجاهلا ان القرآن قد بدأ بفريضة القرأة : أقرأ باسم ربك الذي خلق ..... (العلق 1- 5) وان يتعلم المسلم عدد السنين والحساب (يونس الآية 5) .

ثالثها: مناسبة الحديث, فالقارئ المتمهل لسيرة الرسول يعرف حدود خلقه العظيم "وانك لعلى خلق عظيم " (القلم 4) , كما يعرف ان الرسول"ص" كان يصر ان يكون العيد مثار فرحة للجميع للحد الذي امر فيه بان تحضر للاحتفالات كل النساء حتى الصغيرات والحائض والنفساء , فان كان هذا سلوكه بفرحة العيد –عدا ترفقه عموما في الحديث – فلا يمكننا تصور انه حوّل هذه الفرحة لحزن وغم وذم للنساء , لذا فانني ارشح التفسير الذي يقول ان المقصود كان المدح لا الذم اذ كان "ص" يمازح النساء بغلبة العاطفة لديهن والتي تغلب الرجال وحتى الحازم منهم , ونقص الدين هو الآخر وصف لواقع غير مذموم إذ ان الرخص التي تفوق المراة الرجل فيها تؤجرعليها ولا تذم لعدم ايتائها, لذا فتفسير ان حديث الرسول "ص" قام على الممازحه و التلاطف هو الاقرب للروح, ومما يبعث على الدهشة ان السلفية انفسهم الذين ساقوا هذا الحديث لحدوده القصوى التي تزري بالمرأة قال امامهم ابن القيم ان المرأة العدل كالرجل في الصدق والامانة والديانة (الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ص236).

لذا يتضح جليا ان تهمة نقص العقل والدين تهمة لا مجال لها في طبيعة المرأة والتي يجري تصويرها لنا انها احط من طبيعة الرجل.

Post: #3
Title: Re: هادية حسب الله مرة اخرى*المنظور التقليدى لفهم الدين الاسلامى لقضايا الن
Author: hala guta
Date: 11-10-2003, 04:44 PM
Parent: #1

المرأة الحية سبب الخروج من الجنة:
وهذه المسئولية والتي ظل الضمير الاسلامي يحمل المرأة مسئوليتها , ويتجه لتفسير مجمل سلوكها من خلالها لم ينسبها القرآن – في منطوقة – لها وحدها, و الاستناد في هذا التفسير على الامام الطبري والذي حاول ان يفسر بها بعض الظواهر الطبيعية والتي كانت في مرحلة تاريخية محددة يعجز الانسان عن تفسيرها علمياً كظاهرة الدورة الشهرية للمرأة ومايصاحبها من الالم، ومتاعب الحمل، واوجاع الولادة, وقد استند الطبري على "وهب بن مبنه" احد احبار اليهود الذين اعتنقوا الاسلام , اذ كان المسلمين كثيراً ما يلجأون لاخوانهم المسلمين – والذين كانوا يهوداً مثلهم , وكان التفسير يهتم بذكر التفاصيل والجزئيات التي لم ترد في القرآن الكريم , بالاخص قصص الانبياء والامم الغابرة وبدء الخليقة , وهو ما اصبح يعرف في علم التفسير باسم (الاسرائيليات). وهناك عدة ملاحظات حول القصة منها ان التآمر تجاه آدم يبدو محبوكا بين ابليس والحية المرأة من وراء ظهر الله يتناقض وطبيعة صفات الله وعلاقته مع الانسان. بالاضافة لتصويرادم الرجل كمثال للخير والبراءة والانثى مثال الشر والخطيئة وبذلك يشير التفسير للمجتمع لا لتفسير النص الديني، كما يركز التفسير على ابراز التساوي بين الجرم والعقاب اذ ان البعد التعليلي هو المسيطر بافتراضه الهدف الاساسي للقصة, تبرز القصة علاقة مابين الحية حواء , والتي تحدد تبعا علاقة العداء بين الذكور والاناث والذي لا يمكن ان يهدف له الاسلام اطلاقاً.

وان يأخذ العقل المسلم هذي القصة مأخذ التصديق الحرفي لمجرد ورودها في احد اهم كتب التفسير يبدو معياراً لا يضع لقوانين العقل وزناً, ويتجاهل تراثنا الاسلامي الذي يمجد العقل والحكمة, ويكون قد استسلم للسلطة الذكورية لا لسلطة الدين التي تجنح لاستخدام العقل والاجتهاد "من اجتهد فأخطأ فله اجر" ويكره ديننا الارتكان الى التسليم "وأدعوا الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة "( وتحسر على الذين لا يعقلون أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهدون ِ) البقرة 170.

الشك في انسانيتها :
ان الاصل في هذه الصورة هو النزاع حول نجاسة المرأة في ايام الحيض هل يجعلها اقل ينظر الدين , وذلك يقود للحديث حول مفهوم النجاسة نفسه والذي حاول كثير من الفقهاء جره ليصبح شاملا العمل الجنسي والحيض واللتين حاول الرسول "ص" بكل الوسائل ان يقاوم الاوهام الخرافية التي كانت تسود الجزيرة العربية حولها اذ "امر المؤمنين من الذكور الذين طرحوا اسئلة عن الموضوع بان يأكلوا مع نسائهم, ويشربوا معهن, ويشاطروهن الفراش, وان يفعلوا مايريدون عدا الجماع " وذلك لمقاومة السلوك الرهابي لسكان المدينة من اليهود الذين يرون المرأة محرما فلا يحادثونها وهي في حالة الطمث . كما يروى النسائي ان ام ميمونة احدى زوجات الرسول "ص" قالت : (كان يحصل ان يتلو النبي القرآن ورأسه موضوع على ركبة واحدة منا والتي قد تكون في الحيض . وكان يحصل ايضا لواحدة منا وهي تحمل بساطا للصلاة وتفرشها في الجامع , في حين تكون حائضاً.

وعندما "امر ابن عمر النساء بان يفكن ضفائرهن قبل امرار اياديهن المبللة على شعرهن" ردت السيدة عائشة : "عجبا .. لماذا ؟ عندما كان موجوداً كنت اغتسل معه من سطل واحد .وكنت امرر يدي المبللة على شعري ثلاث مرات , ولم افك ضفائري ابدا " وقد حرصت السيدة عائشة على هذه التأكيدات لانها كانت تعرف اشكاليات اهل الجزيرة قبل الاسلام اذ يرون المرأة كمصدر قذارة وتدنيس. وهذه النظرية حول القذارة كانت يعبر عنها عبر خرافات ومعتقدات هي جوهر الجاهلية وجوهر معتقدات يهود المدينة لذا اصر الرسول "ص" على ادانتها دائما.

ورغم ان الاسلام جاء بثورة شاملة لتقاليد اليهود – المسيحية , وبالنسبة للعلاقة النسوية الا ان الاتجاه المعادي للنساء بدأ يفرض نفسه بين الفقهاء وياخذ الافضلية فنجد ان حديث "انما الطيرة في المرأة والدار والراية "...(صحيح البخاري، طبعة مقدمة مع شرح السندي, الجزء الثالث, دار المعرفة, بيروت, 1987, ص 243).

يردنا دون ان تورد معه روايات معاكسة رغماً عن القاعدة الفقهية التي تعطي صيغ متضادة ان وجدت. اذ لا يوجد اي اثر للتنفيذ الذي اتت به عائشة كما ورد في كتب الامام الزركشي اذ قال : شرع ابو هريرة في التأكيد ان رسول الله قال : انما الطيرة في الدأبة والدار والمرأة ... فردت عائشة : ان ابو هريرة تلقى دروسه بشكل سيئ . لقد دخل علينا في حين كان الرسول في وسط الجملة فلم يسمع سوى النهاية , كان الرسول "ص" قد قال : كان اهل الجاهلية يقولون : ان الطيرة في الدابة والمرأة في الدار.

كما ان البخاري يورد حديث يقول فيه الرسول: "ما يقطع الصلاة الا الكلب والحمار والمرأة. "ويبدو جارحاً لكرامة المسلمة لحدود عظيمة ان يأتي مثل هذا الحديث من رسول الله .ونجد انه قد جاء في صحيح البخاري نفسه (.... عن مسروق عن عائشة انه ذكر عندها ما يقطع الصلاة فقالوا الكلب والحماروالمرأة , قالت : لقد جعلتمونا كلابا لقد رأيت النبي عليه السلام واني بينه وبين القبلة وانا مضجعة علي السرير فتكون لي الحاجة فاكره ان استقبله فانسل انسلالاً من عند رجليه " (صحيح البخاري، المرجع السابق، ج1, ص 136). ويبقى واضحاً للمسلمة التي تنظر للرسالة المحمدية بتعمق مدى ابتعاد هذا الحديث عن الرسول الذي ظل طوال حياته داعما لتحرر النساء محبا لهم وعاشقا لعائشة : سأل الصحابي عمرو بن العاص الرسول "ص" عن احب الناس اليه فقال انها عائشة. واكد قوله رغم دهشة عمرو بن العاص المحارب الذي ظهر له ان الذي يحتل قلب الرسول لم يكن رجلا. ولقد ظلت هذه الحمية الذكورية تكافح لتدفع بكل ما يعيق تطور وتحرر النساء. ولتجعل النساء نجسات في مصاف الحيوانات .ليصبح العزل والعنف تجاههن مبرراً.

كما تجعل سوء الظن ايضا تجاه افعالهن مبررا اذ هن صاحبات مكائد لا يؤمن لهن جانب فقد قال "ص" عنهن "انكن صواحبات يوسف" اذ يظهر هذا الحديث بمعزل عن ظرفه وسياقه ويقدم كدليل ادانة لسلوك المرأه دون ان يقدم معه سياقه العام الذي يبرره , ففي ايام مرض الرسول "ص" امر بان يدعي ابوبكر ليؤم الناس في الصلاة. ولم تطعه السيدة عائشة لتقديرها ان هذه الامامة ستبدو كنوع من تعينه كخليفة للمسلمين وكانت تعلم حجم التنازع الذي سينشأ ان فعلت ذلك فامرت عمر بان يؤم الناس فلما سمع الرسول "ص" صوت عمر سألها : ولكن اين هو ابوبكر. فاعلمته السيدة عائشة بانها عملت على استدعاء عمر لان صوت ابيها ضعيف وانه يبكي عند قراءة القرآن . فاجابها "ص" مغتاظا وهو قد فهم مارمت اليه مما كتمت , انكن صواحب يوسف "واشار تجاه السيدة عائشة.

كما ترد واقعة اخرى تفسر الحديث اذ تقول ان نساء الرسول قد اتفقن غيرة على افشال زواج الرسول"ص" من اسماء بنت النعمان .. فنصحنها ان تستعيذ بالله عندما يدخل عليها الرسول, وقد كان ان الرسول "ص" غادرها وامر ان تلحق باهلها بعد ان قال لها "عذت بمعاذ " فبعث ابوها من يشفع لها عند المصطفى ويحدثه مما كان من نصيحة لنسائه لها فضحك "ص" وهو يقول : انهن صواحبات يوسف, وان كيدهن لعظيم (المحب الطبري: السمط الثمين، ط حلب بالشام, ص 85) وفي كلا التفسيرين يبدو واضحاً ان الرسول "ص" قال ماقاله في مناخ اقرب للود منه للتحذير من كيد النساء ولكن رد الفعل غيرالمؤذي هذا والذي يشوبه التودد والرقة, سيتحول بعض قرون من التراكمات المعادية للنساء للعنة تلازم الجنس النسائي.


الدعوة لتقييدها بالبيت:
المنع من المشاركة في الحياة العامة:
تضج الساحة الاسلامية بنداءات السلفيين لارجاع المرأة الى البيت بادعاء ان هذا ما قدره الدين تجاهها, للحد الذي ذهب به احد السلفيين لاصدار فتوى من هيئة البحوث والافتاء في السعودية , عرضها رئيس هذه الهيئة الشيخ عبدالعزيز بن باز والفتوى عن عمل المرأة وعنوانها "عمل المرأة من اعظم وسائل الزنا"يقول فيها : "ان اخراج المرأة من بيتها الذي هو مملكتها ومنطلقها الحيوي في هذه الحياة اخراج لها عما تقضيه فطرتها وطبيعتها. فالدعوة الى نزول المرأة الى الميادين التي تخص الرجال امر خطير على المجتمع الاسلامي , ومن اعظم اثاره الاختلاط الذي يعتبر من اعظم وسائل الزنا الذي يفتك بالمجتمع ويهدم قيمه".

ويرتكز دعاة تقييد النساء بالبيت على الآية "وقرن في بيوتكن " (الاحزاب 33...) والآية محل نزاع تأويلي. اذ هي جزء من مجموعة من الايات متعلقة بتنظيم العلاقة بين النبي "ص" ونسائه , تبدأ بتخييرهن بين التسريح باحسان "الطلاق" ان كن يردن الحياة الدنيا وزينتها – وبين البقاء في عصمة النبي والوعد بالاجر العظيم في الآخرة, وتنتهي بامرهن بالقرار في بيوتهن. واذ يتجاهل السلفيون خصوص سبب الاية ويعممونها على كل المسلمات, يتجاهلون خصوصية حياة الرسول في وقت نزول الآيات, اذ كانت المدينة محاصرة واعداء الرسول والمعارضة المحلية متزايدة, فانعدم الامن وصارت النساء عرضة للتحرش في حركتهن واولهن نساء النبي واللاتي كن يزعجن حتى في بيوتهن وعلى مرأي من الرسول "ص" اذ يسرد الطبري ان " آيات تحريم زوجات النبي من بعده :....... "ومالكم ان تؤذوا رسول الله ولا ان تنكحوا ازواجه من بعده ابداً ان ذلكم كان عند الله عظيما .." قد اوحي بها بعد مجئ رجل الى النبي "ص" وترديده القول بانه ينوي بعد وفاة الرسول الزواج بواحدة من نسائه , وانه اسماها. اما في تفسير النيسابوري ترد القصة كما يلي: ( يروى ان عيينة بن حصن جاء لرؤية الرسول وانه دفع باب منزله ودخل عليه , دون ان يطلب الأذن في الدخول .فقال له "ص":
- يا عيينة الا يجب عليك التقيد بالادب الذي يقتضى طلب الاذن قبل الدخول لعند اي مكان ؟
- فرد عيينة : انني على ما اذكر لم اطلب في حياتي اذناً من انسان , ثم قال للنبي :
- من هذه الجميلة الجالسة الى جانبك؟)
وعندما اعلمه النبي "ص" بأن هذه كانت عائشة وبين له انها تلقب بأم المؤمنين وهو لقب يحرمها على رجال آخرين , اقترح عليه عيينة المبادلة : بان يأخذ عائشة ويعطيه بدلا عنها امرأة اجمل منها . هي امرأته الخاصة . ورد عليه النبي "ًص" ببرودة " ان الله منع مثل هذه الممارسات " بالنسبة للمسلمين. (شرح القرآن للنيسابوري ـ تفسير غرائب القرآن ـ مقدماً على هامش تفسير الطبري، الجزء 22, الطبعة الثانية, دار المعرفة, بيروت, 1972, ص 27).

من هذا الحدث يتضح جليا مدى التحرش الذي كانت نساء الرسول ونساء المسلمين يتعرضن له وهو ظرف مرتبط بمناخ محدد لا يجوز تعميمه في اوقات السلم , اذ ان "ص" ظل يساعد نسائه بالتدخل مباشرة في الشؤون العامة اذ كان يمضي لغزواته مصحوبا بواحدة او اكثر من نسائه, وكن يستخبرن ويستعملن بحرية ويشاركن في كل ما يخص السياسة رغم مقاومة المسلمين انفسهم لهذي الثورة في اوضاع النساء اذ يروى لنا الطبري مشهدا يظهر فيه سيدنا عمرغاضبا لرؤيةالسيدة عائشة تتجول في الجبهة ,على جوانب الخنادق وصرخ فيها: ما الذي جاء بك الى هنا ؟ لعمري ان جرأتك تقترب من الوقاحة! واذا وقعنا في كارثة ؟ واذا حدث فشل وأسر؟" (تاريخ الطبري, الجزء الثالث, ص 49) كما ان السيدة ام سلمة تدخلت اثناء الحملة ضد عشيرة بني قريظة اليهودية في تحرير سجين سياسي كان قد ربط في بهو الجامع, وقد قيل انها سعت لتوفير معلومات تساعد من يملكون سلطة الافراج عنه اتخاذ القرار واولهم "ص" وعندما اتخذ القرار كانت هي من بلغ ابي لبابة الاسير خبر تحريره. مما يؤكد ان النساء كن جزء من المجال العام والعمل السياسي وظللن كذلك فيما بعد اذ قادت السيدة عائشة من جملها معركة ضد سيدنا "علي" لتكون جزء من نشاط سياسي بشكل ملموس, لنصل بذلك الى ان السيدة عائشة – والتي ماكانت لترتكب مخالفة الامر الالهي – قد تعاملت مع الامر بالقرار في البيوت على انه امر مؤقت ارتبط بظروف قد انتهت لذا شرعت بلعب الدور الذي عرفت ان الرسالة المحمدية وجهت المرأة له, ان تكون جزء من المجال العام.

وهذا الابعاد عن المجال العام يصل لابعاد المرأة حتى عن المسجد فيورد محمد صادق الكنوجي ( توفي عام 130هـ ) وهو عالم هندي معاصر في فصل من كتابه "حسن الاسوة بما بث من الله ورسوله في النسوة" في فصله الذي الذي يحمل عنوان "ماقيل في عدم وجوب صلاة الجمعة على المرأة" يورد دليله بحديث ينسبه الى الرسول "ص" وهو: "صلاة الجمعة واجبة على كل المسلمين ماعدا اربعة العبد والمرأة والطفل والمريض".

ولكم تبدو النساء اجنبيات عن مكان العبادة, لتتحول الصحابية التي دخلت المسجد الى كائن ملوث وشرير كما كانت قبل الاسلام, ليبعث عداء تغوص جذوره في التوجس البدائي تجاه الانثوي ويتجاهل كل محاولات الرسول "ص" في القضاء عليه, وتمحى من سيرته اشراكه النساء في اهم عملين للاسلام في بداياته الصلاة و القتال اذ قال "ص" صراحة في صحيح مسلم : لا تمنعوا النساء حظوظهن من المساجد كما قال: " اذا استأذنكم نساؤكم بالليل الى المسجد فاذنوا لهن " , رواه مسلم والبخاري – كما قالت السيدة عائشة كما ورد في الصحيحين : كن نساء المؤمنات يشهدن مع الرسول "ص" صلاة الفجر متلفحات بمروطهن (اي بالثياب غير المخيطة) ثم ينقلبن الى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفهن احد من الغلس ( ظلمة آخر الليل ) وكن يشهدن في المسجد الاحتفالات, ومجالس القضاء, وكن يخدمن في المسجد, بل وكان يرى راغب الزواج في المسجد من يخطبها, كان المسجد مكان لكثير من الانشطة التي يشارك فيها الجميع, وقد مارست النساء الاعتكاف بالمسجد حيث روت السيدة عائشة فيما رواه البخاري ومسلم " ان النبي "ص" كان يعتكف العشر الاواخر من رمضان حتى توفاه الله ثم اعتكف ازواجه من بعده ".

ويتجاهل السلفيون ان الاسلام اول من دخله كانت امرأة " السيدة خديجة " التي ظلت تشارك الرسول (ص) تباشير الرسالة المحمدية وكانت رعايتها الحانية وراء ثباته واطمئنانه, وشاركت النساء النبي في الهجرة الى الحبشة سنة 5 ق.هـ ناذرات انفسهن للدين الجديد واضعات ثقتهن فيه وفي رسوله وكن احيانا وحدهن دون زوج او ولد تاركات الماضي خلفهن مؤملات في حياة اكثر انصافا وعدلا, فكن مشاركات في بيعة العقبة التي كانت عقد تأسيس دولة الاسلام, وعندما كانت قلوب اسماء وعائشة تحلق خلف الرسول وابوبكر لم يكن مشاهدات بل ائتمنهن "ص" في تخطيط وتنفيذ اهم حدث محوري للاسلام, ولقد منح الله المسلمات الاذن بالقتال ومن ثم كتبه عليهن اذ كان الخطاب موجهاً للرجال والنساء سواء بسواء.

وتروي ام عطية الانصارية في الصحيحين –لقدغزوت مع رسول الله "ص" سبع غزوات ولقد كانت ام عمارة نسيبة بنت كعب الانصارية المبايعة على الهجرة وبيعة العقبة وبيعة الرضوان, تقاتل قتال الابطال في غزوة احد, عندما انهزم المسلمون, وكان ان افتدت الرسول "ص" فتلقت طعنة في كتفها من ابن قميئة كانت موجهة للرسول وكانت تنزف من جروح بكل جسدها ورغم ذلك ظلت تذود عن الرسول حتى انه كان يطلب من الفارين ان يتركوا لها دروعهم واسلحتهم وقد قال لها "ص": من يطيق ما تطيقين يا ام عمارة: ما التفت يمينا ولا شمالا يوم احد الا وانا اراها تقاتل دوني .. لمقام نسيبة بنت كعب يوم احد خير من مقام فلان وفلان "- من الرجال.

وقد كان ولوجهن للعمل العام محل احترام للمصطفى فتروي لنا سيرته ان ام هاني بنت ابي طالب. قد اجارت وامنت مؤمنا من بني هبيرة كان دمه مهدراً وتتصدى لاخيها علي بني ابي طالب عندما طارده وتروي فتقول فيما اخرجه البخاري ومسلم ذهبت الى رسول الله "ص" عام الفتح, فسلمت عليه فقال: "مرحبا بام هاني" فقلت يا رسول الله, زعم ابن امي (علي بن ابي طالب ) انه قاتل رجلا اجرته – فلان بن هبيرة –فقال رسول الله "ص" قد اجرنا من اجرت يا ام هاني – وتستمر هذه المشاركة المحمودة في ما بعد عهد الرسول "ص" اذ واجهت اسماء بنت ابي بكر الحجاج بن يوسف بعد ان قتل ابنها عبد الله بن الزبير للحد الذي جعله يرسل رسولا لها لتأتيه فابت, فاعاد اليها الرسول مهددا: لتأتين او لابعثن اليك من يسحبك بقرونك (ضفائرك). فأبت وقالت: والله لا أتيك حتى تبعث إلىّ من يسحبنى بقروني فأضطر الحجاج للذهاب إليها بنفسه وهو يتبختر فقال لها: "كيف رأيتني صنعت بعدو الله؟ فقالت لقد رأيتك أفسدت عليه دنياه وأفسد عليك آخرتك أما أن رسول الله (ص) قد حدثنا إن في ثقيف كذاباً ومبيرا (أي ملك كثير القتل) أما الكذاب فرأيناه (المختار بن أبي عبيد الثقفي) وأما المبير فلا أخالك إلاّ أياه. فقام عنها الحجاج ولم يراجعها. رواه مسلم.

وظلت النساء مشاركات في القضايا العامة فيقال أنه قد مات عكرمة وكثير عزة في يوم واحد, فأخرجت جنازاتهما وغلبت النساء على الجنازة فقال أبو جعفر محمد بن علي: أفرجوا لي عن جنازة كثير لأرفعها فجعلنا ندفع النساء وجعل محمد بن علي يضربهن بكمه وهو يقول: تنحينا يا صواحبات يوسف, فانتدبت له امرأة منهن فقالت يابن رسول الله لقد صدقت إنا لصواحبات يوسف وقد كنا خيراً منكم له. فلما انصرف الناس أتي بتلك المرأة وكأنها الشرارة فقال لها محمود بن علي أنت القائلة إنكن ليوسف خيراً منا قالت نعم تؤمني غضبك يا بن رسول الله قال أنت آمنة من غضبي فأريني. قالت نحن يا بن رسول الله دعوناه إلى اللذات من المطعم والمشرب والتمتع وتنعم وأنتم معشر الرجال ألقيتموه في الجب وبعتموه بأبخس الأثمان وحبستموه في السجن. فأينا كان عليه أحن وأرأف. فقال محمد: لله درك ولن تغالب امرأة إلاّ غلبت ولمّا انصرفت قال رجل من القوم هذه زينب بنت معيقب. هذه القصة تكشف لنا أن الوجود الكثيف للمرأة في الحياة العامة ومشاركتها في المناسبات, كما تطرح لنا العلاقة بين الرجل والمرأة كعلاقة تشوبها الندية والمساواة.

إن الإفراط في الحديث عن حرية مشاركة المرأة في المجال العام يأتي أصراراً علي تأكيد هذا الحق الذي يرتبط بقضايا حيوية تمس تحرر المرأة كقضايا التعليم والإمامة والشهادة والإستقلال الاقتصادي و....... والكثير من القضايا التي ستحاول الورقة التعرض لها, وأول قضية ترتبط بحرية المشاركة في المجال العام هي قضية الحجاب.

Post: #4
Title: Re: هادية حسب الله مرة اخرى*المنظور التقليدى لفهم الدين الاسلامى لقضايا الن
Author: hala guta
Date: 11-10-2003, 04:45 PM
Parent: #1

الحجاب كوسيلة لحبس المرأة لدى السلفيين:
نزلت آيات الحجاب المكاني ـ لا الزي ـ في السنة الخامسة الهجرية وكانت قد نزلت لنساء النبي يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي ....... آية53 من سورة..... تمنع عنهن جهل المسلمين بآداب الزيارة, إذ حاولت الآيات أن تضع حجاباً بين الحياة العامة للرسول (ص) وبين حياته الخاصة ويوضح سبب النزول ذلك, فحسب الطبري: قال أنس بن مالك: كان النبي قد تزوج زينب بنت جحش وكان قد كلفني بدعوة الناس إلى وليمة العرس, ونفذت الأمر, وكان الناس قد جاءوا بأعداد كبيرة يدخلون جماعات, جماعة بعد أخرى, كانوا يأكلون ثم ينصرفون, قلت للنبي: يارسول الله, دعوت الكثير من الناس ولم أعد أجد أشخاصاً أدعوهم. وفي لحظة معينة قال النبي (ص): أوقف الدعوة. كانت زينب جالسة في زاوية من الغرفة. وكان المدعوين قد ذهبوا عدا ثلاثة نسوا أنفسهم, يتناقشون فيما بينهم بلا انقطاع. وترك النبي (ص) الغرفة مغتاظاً وتوجه صوب مسكن عائشة. فحياها قائلاً السلام عليك يا ساكنة البيت. وردت عائشة: وعليك السلام يا نبي الله, كيف وجدت رفيقتك الجديدة؟ وأجرى دورة على غرف زوجاته الأخريات اللواتي استقبلنه بالطريقة ذاتها التي استقبلته بها عائشة ورجع أخيراً إلى غرفة زينب فوجد إن المدعوين الثلاثة لم يذهبوا بعد, وإنهم ما زالوا يتحدثون. كان النبي (ص) مهذباً متحفظاً إلى أقصى حد فعاود الخروج إلى غرفة عائشة. ولم أعد أذكر ما إذا كنت أنا أم شخصاً آخر قد أعلمه بأن الأشخاص الثلاثة قد قرروا أخيراً الذهاب, على كل حال, عاد نحو غرفة العروس فقدم رجلاً داخل الغرفة وأبقى الأخرى خارجها, وفي هذا الموضع أسدل ستراً بيني وبينه, ونزلت آية الحجاب في تلك اللحظة.

بالنظر إلى طبيعة علاقة الرسول بالمسلمين نجد أن بها كثير من التغول على حياته الخاصة فقد كان بيته مفتوحاً لاستقبال وفود القبائل البعيدة وأصحاب الأسئلة, وحتى الذين يرغبون فقط في القرب من الرسول (ص) مكانياً, وظل الصحابة ينظرون إلى حياته الخاصة من زاوية أنها حياة نبي فقط, فكانوا لا يتورعون للتدخل فيها إذا أحسوا إن ما بين تفاصيلها اليومية ما يشوب ويعكر حرمة نبيهم, يحكى أن سيدنا عمر كان يتجادل مع زوجته وكان يتوقع حسب العادة أن لا ترد عليه "صحت على امرأتي فراجعتني فانكرت أن تراجعني فقالت ولما تنكر أن أراجعك فوالله إن أزواج النبي ليراجعنه, وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل فافزعني ذلك فقلت: خابت من فعلت منهن بعظيم) , واسرع لابنته حفصة ليسألها: "أي حفصة أتغاضب إحداكن رسول الله اليوم حتى الليل؟ فقالت: نعم. فقلت: خابت وخسرت, أفتأمن ألاّ يغضب الله لغضب رسوله فتهلكن. لا تستكثري على رسول الله ولا تراجعيه في شئ ولا تهجريه وأسأليني ما بدا لك ولا يغرنك إن كانت جارتك أوضأ منك وأحب إلى رسول الله ـ يريد عائشة. ومنها مضى إلى أم سلمة فصرخت هذه به: " ولكن لماذا تتدخل في الحياة الخاصة لنبي الله (ص) لو أراد هو أن يقدم لنا نصائح من هذا النوع لكان فعل وهو جدير بذلك فلأي إنسان آخر يمكن أن نوجه طلباتنا؟ هل نتدخل بما يجري بينك وبين زوجاتك".

هذا التدخل الفظ الذي يلغي خصوصية حياة الرسول (ص), إضافة إلى جهل المسلمين حديثي العهد بتهذيب النفس بآداب الاستئذان (حضر زائر إلى باب النبي (ص) وقال: أيمكنني الدخول؟ فقال (ص) لعبده رودة: أخرجه وعلمه الطرق الصحيحة إنه لا يعرف حتى طلب الأذن؟ قل له إنه يجب أن يقول السلام عليكم هل يمكن أن أدخل". "وكانوا يتبعونه عندما يدخل منزله ويلتمون حول مائدته لدرجة أنه لا يتوصل حتى لمد يده ليتناول لقمة.

هذه الأسباب مجتمعة استدعت نزول آيات الحجاب التي اختطت الخطوط الأولية لحياة متحضرة متمدنة تراعي خصوصيات المسلمين, رغماً عن هذا اتخذها السلفيون مدعاة لحبس المرأة. "عن أبى هريرة رضي الله عنه: أيما امرأة خرجت من بيت زوجها بغير إذنه إلاّ لعنتها الملائكة حتى ترجع منزلها فإن رضي عنها زوجها رضي الله عنها وزالت اللعنة, وإن غضب عليها وماتت دخلت النار."

الحجاب في الزي كوسيلة لقمع المرأة:
في ذات المناخ المضطرب, نزلت الآيات التي تحدد زياً محدداً للنساء تحت ضغط التحرشات بهن (كانت نساء النبي (ص) يخرجن ليلاً لقضاء حاجتهن, وكان بعض الناس من المنافقين يتعرض لهن ويعتدي عليهن,) وعندما سئل هؤلاء عن سبب سلوكهم ( افصح هؤلاء أنهم لا يمارسون التعرض إلا مع النساء المعتقد أنهن عبدات) لذلك نصحت الآيات نساء النبي والمؤمنين أن يدنين عليهن من جلاليبهن حتى يعرفن فلا يؤذين). وواضحا أن المقصود ليس عنصراً ثيابياً جديداً بل طريقة جديدة للباس القديم وقد أختتمت الآيات لهذا التشريع بأن الله غفور رحيم. وقد فسر المفسرون واللغويون الجيوب بأنها الزيق الذي ينكشف عند الصدر . ويفرض فيما بعد تفسير إن الإدناء من الجلاليب مقصود به ستر الوجه, رغم عدم وجود أي دلالة على أن تغطية الوجه حدثت بعد آيات الحجاب بل الوارد انها قد ظهرت في العصر العباسي نتاجاً لانتقالها من عادات الدول التي تم فتحها, بل تبرز السيدة سكينة إحدى حفيدات النبي من ابنته فاطمة لهذا الاتجاه وقد كانت جميلة وفصيحة, وكانت برزة (البرزة في اللغة هي التي لا تخفي وجهها ولا تخفض رأسها نحو الأرض وهي المرأة التي تظهر للرجال وتستقبلهم في منزلها ويجلسون إليها, وهي المرأة التي لها عقل راجح) . وكانت عائشة بنت طلحة كذلك أيضاً لا تستر وجهها أبداً . ونرى إن السلفيين لرغبتهم في حبس المرأة ذهبوا لأبعد من تغطية الوجه إذ اعتبروا حتى صوتها عورة. ليصبح الحجاب بذلك شاملاً جسد المرأة كله بدعوى إنه عورة ليصير من البديهي أن تحجب هذه العورة عن الأنظار, وعندما نبحث عن مفهوم العورة نجده مفهوماً غير ثابت, فمثلاً العورة تعني جثة الشخص الميت والأعضاء الجنسية فقط فهكذا ورد ذكر السوأة في الخطاب القرآني أولا في قصة آدم وحواء وكيف بدت لهما سوآتهما بعد الأكل من الشجرة المحرمة, (سورة الأعراف من 20, 22, 26, 27, وسورة طه 121). السياق الثاني هو قصة ابنيّ آدم وقتل أحدهما للآخر وعجز القاتل أن يواري سوأة أخيه حتى أرسل الله إليه الغراب ليعلمه (آل عمران 31), ولكن بقراءة النص في سياقه نجد أن أسباب الحجاب كانت مؤقتة. وإذا كانت القاعدة في علم أصول الفقه إن الحكم يدور مع العلة وجوداً وعدماً, فإن وجدت العلة وجد الحكم وإذا انتفت العلة انتفى "أي رفع" الحكم, وعلة الحكم في الحجاب هو تمييز الإماء من الحرائر وقد انتفت لعدم وجود إماء وحرائر وانتفاء ضرورة قيام تمييز بينهما. ونتيجة لانتفاء علة الحكم فإن الحكم نفسه ينتفي (أي يرتفع) فلا يكون واجب التطبيق شرعاً.

ويستند دعاة تحجيب المرأة إلى حديثين فقد روي عن عائشة إن النبي (ص) قال: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر إذا عركت (بلغت) أن تظهر إلاّ وجهها ويديها إلى ها هنا, وقبض على نصف الذراع), وروي عن أبي داؤود عن عائشة إن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله (ص) فقال لها: يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن نرى فيها إلاّ هذا, وأشار إلى وجهه وكفيه). ويلاحظ على هذين الحديثين أنهما من أحاديث الآحاد لا الأحاديث المجمع عليها, أي المتواتر أو الأحاديث المشهورة، وفي التقدير الصحيح إن أحاديث الآحاد أحاديث استرشاد واستئناس لا تلغي ولا تنشئ حكماً شرعياً، من هذا نخرج إلى أن حديث النبي (ص) عن الحجاب كحكم دائم قصد به الاحتشام وعدم التبرج لا تغطية المرأة بما يعطي الشعور بأنها مجرد جسد لاهي إذا أعطي الفرصة أفسد الأرض لذا يجب تغطيته وتكميمه. ويرى فيه قاسم أمين دليلاً على سيطرة الأخلاق المتوحشة التي عاشت بها الانسانية أجيالاً قبل أن تهتدي عبر الإسلام إلى إدراك وإحترام الذات البشرية, وبرأيه أن أول عمل يعد خطوة لتحرير المرأة هي تمزيق الحجاب ومحو آثاره.

Post: #5
Title: Re: هادية حسب الله مرة اخرى*المنظور التقليدى لفهم الدين الاسلامى لقضايا الن
Author: hala guta
Date: 11-10-2003, 04:48 PM
Parent: #1

الرؤية السلفية حول التشريعات:
الإمامة (الكبرى ـ الصغرى):
"لم يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة" حديث من صحيح البخاري في الجزء الثالث عشر، كما هو مثبت أيضاً لدى أحمد بن حنبل. ويعتبر هذا الحديث الحجة القارعة لدى السلفيين فيتخذونه ذريعة لإبعاد المرأة عن العمل السياسي, فنطالع لدى الكاتب محمد عرفة في كتابه: حقوق المرأة في الإسلام, على إنه ليس للمرأة أي حق وإنه لا وجود لها في السياسة: (لم تلعب المرأة المسلمة أي دور في الشؤون السياسية في صدر الإسلام، رغم كل ما منحها من حقوق كانت مماثلة لما منح الرجل ... والإسلام في تاريخه الطويل لا يعرف مشاركة النساء للرجال في توجيه شؤون الدولة سواء على مستوى القرار السياسي أو التخطيط الاستراتيجي). ولا أدري أين ذهبت موقعة الجمل في حماسة الكاتب لتهميش دور النساء, ولا دور السيدة عائشة في حياة الخليفة الأول والثاني ولا مساهمتها في زعزعة كيان الخليفة الثالث وكيف انها رفضت نجدته أثناء حصاره, وعشية الحرب الأهلية غادرت المدينة إلى مكة لأداء الحج غير عابئة لاحتجاجات الوجهاء المقربين إليها, وقادت معركة مسلحة ضد الخليفة الرابع رافضة شرعيته, وخاضت معركة حرص المجتمع الذكوري على تسميتها معركة الجمل في إشارة للجمل الذي كانت تركبه عائشة حرصاً على عدم تسمية معركة من أهم معارك التاريخ الإسلامي باسم امرأة. ويطالعنا كاتب آخر سعيد الأفغاني والذى رغم جمعه مسيرة عائشة وبعض الأحاديث التي فندتها تجاهل كثافة ما جمعه ووصل لذات نتيجة محمد عرفة والتي تنكر أيضاً إذ وصل لأن سيرة عائشة إنما هي دليل على "أن النساء لم تخلق لتدس أنفها في السياسة" ويرى أن تدخل عائشة كان سبباً لانقسام العالم الإسلامي سنة وشيعة وإنها بمعركة الجمل قادت المسلمين لمعارك النهروان وصفين وجميع المعارك التي وجه المسلمون السلاح فيها ضد أنفسهم, ويرى أن الله أراد أن يلقن المسلمين درساً بألاّ يسمحوا للنساء بالتدخل في السياسة: (لقد خلق الله النساء للإنجاب وتربية الأجيال وأراد الله أن يلقن المسلمين درساً عملياً لا ينسى).

إن البخاري الذي ورد الحديث في صحيحه, كان يعامل كتابته الأحاديث بدقة متناهية, وكان قد آل على نفسه ألاّ يخون النبي (ص), أي يتحاشى تقويله ما لم يقله, وكان لا يدخل في كتابة أي حديث قبل أن يتوضأ ويصلي ركعتين وكان قد جمع في بداية عمله ستمائة ألف حديث من مقابلته لألف وثمانين شخصاً وبعد أن انتهى من عمله وتنقيحه لم يتبق له سوى سبعة ألف ومائتين خمسة وسبعين حديثاً صحيحاً, وبحذف المكررات من بينها تصبح أربعة ألف حديثاً صحيحاً.

حسب رواية البخاري كان أبوبكرة هو الذي سمع الرسول (ص) يقول (لن يفلح قوماً ولّوا أمرهم امرأة) واعتبر الحديث صحيحاً ولم يسبق أن تشكك فيه أحد, إلى أن ابتدرت الباحثة فاطمة المرنيسي البحث بشكل تاريخي ومنهجي حول سيرة راوي الحديث والسياق الذي تمت فيه روايته. وخلصت المرنيسي إلى أن أبا بكرة الصحابي عاشر الرسول بما يكفي لرواية الحديث, وإنه يحدد توقيت رواية الحديث بتولي ابنة كسرى العرش بعد وفاة والدها في الدولة الفارسية. ووجدت الباحثة في كتاب فتح الباري في شرح البخاري لابن حجر تحديد المناسبة التي ذكر فيها الحديث, إذ تذكر أبو بكرة الحديث مباشرة بعد أن استرد علي البصرة بعد أن هزم عائشة بموقعة الجمل وترى الباحثة أنها ذاكرة أسطورية التي تتذكر حديث بعد قرن من الزمان، وتجد الباحثة إن أبوبكرة الصحابي تذكر الحديث في وقت كان على الذين لم يلتزموا جانب علي تبرئة أنفسهم وقد كان أبوبكرة منهم, إذ امتنع عن عدم المشاركة في الحرب وأعلن ذلك رسمياً، وقد خلع علي أبو موسى الأشعري من ولاية الكوفة عقاباً له عن عدم طاعته في تجنيد السكان وتحريض السكان على عدم الاشتراك في هذه الفتنة. ولنا أن نتخيل وضع أبو بكرة الأقل شهرة، لذا فإن تذكر الحديث كان بمثابة حكمة كبيرة.

وتورد الباحثة تذكر أبوبكرة لحديث آخر في فترة تاريخية حرجة أيضاً, إذ بعد اغتيال سيدنا علي, كان لا يمكن لمعاوية إدعاء شرعية الخلافة إلاّ إذا أعلن الحسن بن علي الوريث الوحيد لوالده تنازله عن حقوقه, في تلك الفترة تذكر أبوبكرة أنه سمع رسول الله (ص) يقول: (إن الحسن بن علي سوف يكون رجل المصالحات) وبالتأكيد كان الحسن طفلاً عندما كان النبي جده قد قال هذا القول وبعد أن أوضحت الباحثة السياق التاريخي للحديث انتقلت لتقييمه نقدياً وذلك بتطبيق أحد القواعد المنهجية التي استخلصها الفقهاء كمبدأ لعملية التحقق أول هذه القواعد صدق الراوي إذ تعتمد منهج مالك بن أنس (استبعد أشخاصاً كرواة للحديث ليس لأنهم كذبوا بصفتهم رجال علم في روايتهم لأحاديث كاذبه لم يقلها النبي (ص), وإنما بكل بساطة لأنني رأيتهم يكذبون في علاقاتهم وتعاملهم مع الناس في العلاقات اليومية, مبتذلين لا يوجد عندهم شئ من العلم) . وبتطبيق هذه القاعدة على أبى بكرة تجد الباحثة أنه ينبغي استبعاده على الفور لأن إحدى سيره الذاتية كما رواها ابن الأثير تنبئنا أنه قد أدين بالجلد على شهادة كاذبة أدلى بها في عهد عمر بن الخطاب, وترى الباحثة أنه إذا أخذنا بمبادئ مالك الفقهية فيجب علينا رفض أبا بكر كمصدر للحديث من قبل كل المسلمين المالكين العالمين, كما إن الطبري اتخذ موقفاً مضاداً لهذا الحديث ولم يجد فيه ما يشكل قاعدة فكرية كافية لمنع النساء من السلطة السياسية.

وفي القضاء أجاز الطبري أن تكون المرأة قاضية وقد كانت الصحابيتان سمراء بنت نهيك والشفة بنت عبد الله من جملة مستشارين عمر بن الخطاب وكانتا تتوليان أمور السوق وتجلدان المخالفين, ورغم ذلك فالمقطوع به هو عدم توليها الخلافة, حيث يشترط فيها الذكورية بما في ذلك إمامتها للصلاة, والتي فسرها ابن خلدون بالعصبية الكبرى لتتماشى مت اتساع الدولة الاسلامية والتي إن وجد قرشيين بها لن يغطوا كخلفاء أصقاع الأراضي الاسلامية. بجانب شروط أخرى تم إيجاد تفاسير ومعالجات لها لتساير التغيرات.

الشهادة:
تثار قضية المرأة في الشهادة وكون شهادتها تعادل نصف شهادة الرجل, تثار كدليل على إن المرأة نصف انسان لدى السلفيين ويستندون في ذلك على آية سورة البقرة 282 (فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحدهما فتذكر إحدهما الأخرى) ليصلوا بذلك على عدم أهلية المرأة.

وجلياً أن ما ورد بالقرآن حول شهادة المرأة كان وصفاً لحالها وليس تشريعاً أزلياً لوضعيتها. في سياق المعاملات المالية بصفة خاصة وقت النزول. ويرى الكثيرون إنه قد تم خلط بين الشهادة والإشهاد والذي تتحدث عنه الآية فالشهادة التي يعتمد عليها القضاء فى اكتشاف العدل المؤسس على البينة, والتي بالتأكيد لا تشترط الذكورة ولا الأنوثة فالبينة والتى يحكم القضاء بناء عليها قال (ص) (والبينة على المدعى واليمين على المدعى عليه) رواه البخارى والترمزى وابن ماجه.(والبينة فى الشرع أسم لما يبين الحق ويظهره، وهى تارة تكون اربعة شهود، وتارة ثلاثة، بالنص فى بينة المفلس، وتارة شاهدين، وشاهد واحد، وامراة واحدة، وتكون البينة نكولا، ويمينا، او خمسين يمينا، او اربعة ايمان، وتكون شاهد الحال) فقوله(ص) " البينة على المدعى" اى عليه ان يظهر ما يبين صحة دعواه، فاذا ظهر صدقه بطريق من الطرق حكم له. وبهذا نتأكد ان الشهادة لاتتقيد بجنس الشاهد. اما الاشهاد الوارد فى الاية فهو يعنى الاشهاد الذى يقوم به صاحب الدين "القرض" للأستيثاق من حفظ ماله، فالآية توجه لصاحب الدين لا القاضى الحاكم فى نزاع. بل ان هذه الاية خصصت للنصح والارشاد لنوع محدد من الدين: الدين لاجل مسمى، مكتوب، كاتبه عادل، ويحرم امتناع الكاتب عن الكتابة بل لابد من املاء الذى عليه الحق..... والاشهاد لابد ان يكون برجلين من المؤمنين او رجل وامراتين من المؤمنين....ألخ. وفى ذلك الوقت كانت علاقة المرأة بالتعاملات المالية ضعيفة للحد الذى يتشكك فى قدرتها على حفظ مال المدين. لذا فالحكم كان وقتى مرتبط بقلة معارف النساء وخبرتهن فى الامور المالية ولاعلاقة له بالحكم على قدرة المرأة على الاشهاد والدليل ان الامر لم يرتبط بقدرات المرأة الذهنية انه كان يؤخذ بشهادتها فى الامور التى كانت قد خبرتها، فذكر ابن تيمية نقلا عن ابن القيم "وقد قبل النبى (ص) شهادة المرأة الواحدة فى الرضاع، وقد شهدت على فعل نفسها، ففى الصحيحين عن عقبة بن الحارث" انه تزوج أم يحى بنت ابى اهاب، فجاءت امة سوداء وقالت: لقد أرضعتكما. فذكرت الامر للنبى(ص) فأعرض عنى، قال: فتنحيت فذكرت ذلك له، فقال وكيف وقد قالت انها قد ارضعتكما." وذلك لان المرأة كانت قد طورت معارفها وخبراتها فى المجال الخاص البيت ورعاية الاطفال وكان المجال العام بعيدا عنها ويكتنفه الغموض، اما الان وقد تعددت معارف المراة وتنوعت خبراتها بل صارت فى مجالات كانت حكرا للرجال اكثر خبرة وابداعية، وصر المجال الخاص مفتوحا للرجال فبرز الطهاة وفنييى التجميل على مستوى العالم وصار بهذا الحديث عن خبرة المرأة فقط فى مجال بيتها صعب التداول، وسقط بذلك امر التذكر امام العقول العلمية لنساء عاملات وسط اطنان من المعادلات الفيزيائية والكيميائية ولغات مختلفة، ولايمكننا ان نتخيل حتى لربة المنزل ان تسهو عن دين صاحب البقالة او الجزار، فعقول نساء اليوم لاينطبق عليها امر السهو الساذج فى امور صارت تعقيداتها اكثف من دين هذا او ذاك، ليؤكد هذا ما ذهبنا اليه منذ بداية حديتنا ان الحكم كان وقتى لاتشريع أزلى.

الميراث:
(للرجال نصيب مماترك الوالدان والاقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والاقربون مما قل منه او كثر نصيبا مفروضا. واذا حضر القسمة اولى القربى والمساكين فأرزقوهم منه وقولوا لهم معروفا. وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا. ان الذين يأكلون اموال اليتامى ظلما انما يأكلون فى بطونهم نارا وسيصلون سعيرا.يوصيكم الله فى اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين.....اباؤكم وابناؤكم لاتدرون أيهم اقرب لكم نفعا فريضة من الله ان الله كان عليما حكيما) سورة النساء الايات 7_11

تؤخذ هذه الايات كذريعة لدى السلفيين تؤكد على ان المرأة نصف الرجل وأقل أهلية منه، وقد ركزت الايات على تقسيم المال حتى لايكون بين الاغنياء فقط، فأشراك أولى القربى واليتامى والمساكين ممن لا ميراث لهم بأعطاءهم صدقات والتنبيه على ان العلاقات الانسانية اكثر اهمية من علاقات العصبية والقرابة وليبرز الاسلام العدالة كهدف اساسى له. وهذه النقطة هى جوهر الايات فالاسلام جاء فى مناخ ظلم واجحاف للمرأة وصل لاخر حدوده بحرمانها من حق الحياة "وأد البنات" وكانت النساء تورث كالمتاع، وجاء الاسلام رسالة رحمة وعدل فمنع الظلم الواقع عليها بل وليؤسس لحق المرأة فى ان ترث فى ميراث ابيها وزوجها بعد ان كان اهل الجزيرة يقولون (لانورث من من لايركب فرسا ولايحمل كلا ولاينكأعدوا) وكان ذلك ردا على ام قجة الانصارية والتى شكت للرسول بأن اهل زوجها منعوها من ميراثه. وقد كان لجابر بن عبد الله ابنة عم عمياء قبيحة الشكل ورثت عن ابيها ثروة هامة، وظل جابر يعارض زواجها خوفا من ان يأخذ رجل ثروتها عنه، وعند نزول ايات التوربث للنساء ذهب يسأل (ص) فى أمرها وكان ان رفع صوته امام رسول الله قائلا "أفتاة عمياء وقبيحة يكون لها الحق فى الارث" فرد (ص) نعم وبشكل مطلق وأخذ يتلو (ويستفتونك فى النساء قل الله يفتكم فيهن وما يتلى عليكم فى الكتاب فى يتامى النساء اللاتى لاتؤتوهن ماكتب لهن).

ويحلل الامام محمد عبده آية (وللذكر مثل حظ الانثيين) من حيث علاقتها بآية (ويوصيكم الله فى أولادكم) ويرى انها اشعار بأبطال ما كانت عليه الجاهلية من منع تورث النساء، بحيث جعل ارث الانثى مقررا معروفا، فجعله هو الاصل وجعل أرث الذكرمحمولا عليه، يعرف بالاضافة إليه، ولو لا ذلك لقال للأنثى نصف حظ الذكر، ولكن الآيات جاءت لتحديد حد اقصى يمكن للذكر الحصول عليه وهو ضعف نصيب المرأة وذلك لوضع حدا للفوضى والاستئثار الذي كان سائداً. في سبيل تحقيق المساواة التي هي المقصد الأصلي للحياة الدينية.

إذا كانت حدود الله ألاّ نعطي للذكر أكثر من ضعف نصيب الأنثى, وألاّ نعطي الأنثى أقل من نصف حظ الذكر, فإن هذه الحدود تسمح للمجتهد أن يقرر أن المساواة بينهما لا تخالف حدود الله.

القوامة:
جاءت امرأة أنصارية باكية جريحة إلى الرسول (ص) تشكو ضرب زوجها لها ومطالبة لنفسها بالقصاص فوافق الرسول (ص) وأعد العدة لتنفيذ قراره. فكان أن نزل الوحي: (الرجال قوّامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن وأهجروهن في المضاجع وأضربوهن فإن أطعنكم فلا تبتغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً) النساء 34

يفسر الطبري آية "الرجال قوّامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض... بأنها تعني أن الرجال يستطيعون تأديب النساء بأمتياز صداقهم الذين يدفعونه في عقد الزواج والنفقة والقيام بأعباء معيشة الزوجة طيلة الزواج, وبما أنهم يدفعون مالهم فلهم سلطة على النساء (قوّامون).

كان سلوكه (ص) تجاه النساء يتسم بالرقة البالغة فقد قال (ص) (لا تضربوا النساء). وفعلاً امتنع الناس عن ذلك. ثم أتى عمر إلى النبي وقال له: (يا رسول الله لقد تمردت النساء ضد أزواجهن) فأجاز له (ص): ضربهن, ولكنه قيل (إن جمعاً من النساء ـ سبعون امرأة ـ طاف حول عائلة النبي في تلك الليلة) والمقصود إنهن جئن للشكوى. وظل رسول الله (ص) محافظاً على تجنيب نفسه العنف مع نسائه "لم يضرب النبي أبداً بيده واحدة من نسائه ولا عبداً ولا شخصاً آخر" وليس هذا بسبب خنوع وطاعة زوجاته بل لتمسكه بمبدأ الرحمة والانسانية في التعامل مع الجميع تطابقاً واتساقاً مع المقاصد الكلية لدينه، الرحمة والمسالمة ونبذ العنف, وعندما واجه تمرد وعصيان منزلي لم يلجأ لضرب زوجاته بل أقام وحده شهراً في غرفة تابعة للجامع "فاعتزل النبي (ص) من أجل ذلك الحديث حين أفشته لعائشة وكان قد قال ما أنا بداخل عليهن شهراً من شدة موجدته عليهن حين عاتبه الله...) وكان النبي على الدوام ضد ضرب النساء وحتى عندما أجاز للصحابة ذلك قال: (حسناً أضربوهن ولكن أسوأكم من يلجأ إلى مثل هذه الطرائق). وقد قال ابن سعد إن النبي (ص) ( أصر على معارضته لضرب النساء. وجاء إليه رجال يشكون منهن عندئذ سمح لهم قائلاً: "لا أستطيع أن أحتمل رؤية رجل غاضب تحت تأثير الغيظ وهو يهم بضرب زوجته").

القوامة إذن ليست تشريعاً بقدر ما هي وصفاً للحال, وليس تفضيل الرجال قدراً مطلقاً بقدر ما هو تقرير لواقع مطلوب تغييره تحقيقاً للمساواة الأصلية, وهي ما كان (ص) يسعى لتطبيقها على مستوى سلوكه اليومي فالآيات تختتم بـ(ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) البقرة 228, أي بحسب التقاليد والأعراف المستقرة في المجتمع, وبالتأكيد لا يمكننا مطلقاً أن نقول إن التقاليد والأعراف أحكاماً إلهية أبدية مطلقة إذ هل يمكننا اليوم أن نعطي رجل عاطل عن العمل كل حقوق القوامة بما فيها الضرب والهجر تجاه امرأة تعمل هي وتعول الأسرة؟ إن أمور الأسرة تتخذ قراراتها بالشورى بين أفراد الأسرة (والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون. والذين أصابهم البغي هم ينتصرون) الشورى 38, 39 فالشورى واحدة من الصفات المميزة في كل ميادين تدبير وصناعة القرار. والأسرة هي الميدان التأسيسي الأولي في هذه الميادين. إذا افترضنا ضرورة تنظيم الأسرة يحتاج حتى تحت مظلة الشورى لقيادة فالمحدد لها يجب أن يكون المؤهلات والعطاء وليس الجنس, إذ أنه ليس كل رجل قوام على كل امرأة ولأن امكانات القوامة كانت معهودة على الرجل "الإنفاق" جاءت الآية محدداً للرجال ولكن إن تخلفت هذه الامكانات لدى الرجل هل يغلق هذا الباب في وجه المرأة لإدارة دفة الأسرة.

الحقوق والواجبات في العلاقة الزوجية:
انطلاقاً من الفهم المغلوط لآية القوامة رتب السلفيون العلاقة بالمرأة داخل الأسرة كعلاقة العبد بسيده فيقول ابن القيم: "إن السيد قاهر لمملوكه، حاكم عليه, مالك له, والزوج قاهر لزوجته, حاكم عليها, وهي تحت سلطانه وحكمه شبه الأسير"!!!

ولكم كان هذا انقلاب جذري على انجاز الإسلام في علاقات الأزواج بالزوجات: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" الروم 21. "هن لباس لكم وأنتم لباس لهن" البقرة 187 "بعضكم من بعض" آل عمران 195. هذه العلاقة التي يسودها الحب وتآلف النفوس وتوأمة الأرواح والرحمة والمودة والسكينة تتحول لعلاقة قهر يسودها العنف والتحقير ويحاول هؤلاء أن يحملوا درن نفوسهم وبغضائهم للنساء لله ورسوله, إذ تتحول وصية الرسول (ص) المترفقة بالنساء في حجة الوداع إلى استرقاق وامتهان للنساء, إذ يجري تعريف كلمة عوان التي وردت في خطبته على إنها الأسيرة (ألا استوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوان عندكم, ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك, إلاّ أن يأتين بفاحشة مبينة. إلاّ أن لكم على نسائكم حقاً ولنسائكم عليكم حقاً, فاتقوا الله في النساء, واستوصوا بهن خيراً, ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد.) وعوان التي تعني في لسان العرب النصف أو الوسط أي الخيار, تصير الأسيرة ليمهر عقد زواجها بالرجل على إنه "عقد تمليك بضع زوجة" ويقول الإمام محمد عبده في ذلك: رأيت فى كتب الفقهاء أنهم يعرفون الزواج بأنه عقد يملك به الرجل بضع المرأة وما وجدت فيه كلمة واحدة إلى أن بين الزوج والزوجة شيئاً آخر غير التمتع بقضاء الشهوة الجسدانية, كلها خالية من الاشارة إلى الواجبات الدينية التي هي أعظم ما يطلبه شخصان مهذبان كل منهما من الآخر. وقد رأيت في القرآن الشريف كلاماً ينطبق على الزواج ويصح أن يكون تعريفاً له, ولا أعلم أن شريعة من شرائع الأمم التي وصلت إلى أقصى درجات التمدن جاءت بأحسن منها (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) والذي يقارن بين التعريف الأول الذي فاض عن علماء الفقه علينا وبين التعريف الثاني الذي من عند الله, يرى بنفسه إلى أي درجة وصل انحطاط المرأة في رأي فقهائنا وسرى منهم إلى عامة المسلمين, ولا يستغرب بعد ذلك أن يرى المنزلة الوضيعة التي سقط إليها الزواج حيث صار عقداً غايته أن يتمتع الرجل بجسم المرأة ليتلذذ به, وتبع ذلك ما تبعه من الأحكام الفرعية التي رتبوها على هذا الأصل الشنيع. كما كتب الشيخ محمود شلتوت (لقد أفرغت سورة النساء على عقد الزواج صبغة كريمة أخرجته على أن يكون عقد تمليك كعقد البيع والإجارة أو نوعاً من الاسترقاق والأسر... أفرغت عليه صبغة الميثاق الغليظ ولهذا التعبير قيمة في الاحياء بموجبات الحفظ والرحمة والمودة. وبذلك كان الزواج عهداً شريفاً وميثاقاً غليظاً ترتبط به القلوب, وتختلط به المصالح, ويندمج كل من الطرفين في صاحبه, فيتحد شعورهما, وتلتقي رغباتهما وآمالهما.... وإذا تنبهنا إلى كلمة ميثاق نجدها لم ترد في القرآن الكريم إلاّ تعبيراً عما بين الله وعباده من موجبات التوحيد, والتزام الحكام, وعما بين الدولة والدولة من الشئون العامة والخطيرة, علما بمقدار المكانة التي سما القرآن بعقد الزواج إليها.

(فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع. أو ما ملكت أيمانكم. فإن خفتم ألاّ تعدلوا فواحدة ..... ولن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم) سورة النساء.

ورغبة في امتلاك المرأة واسترقاقها اتجه السلفيون إلى إباحة تعدد الزوجات بالرغم ما بها من امتهان للمرأة, وصوروها كأنها واجباً أو فرضاً واتجهوا لعدم التمييز بين المفهوم المنطوق في بنية النصوص القرآنية, وبين العام والخاص في بنيتها, وتجاهلوا سياق التنزيل وملابسته التاريخية وسياق التأويل ومتغييرات الواقع الاجتماعي. وحول تعدد الزوجات يقول الإمام محمد عبده (تعدد الزوجات هو من العوائد القديمة التي كانت مألوفة عند ظهور الإسلام, ومنتشرة في جميع الإنحاء, يوم كانت المرأة نوعاً خاصاً معتبراً بين الانسان والحيوان, وهو من ضمن العوائد التي دل الاختبار التاريخي إنها تتبع حال المرأة في الهيئة الاجتماعية... وبديهي إن في تعدد الزوجات احتقاراً شديداً للمرأة ... جاء أمر تعدد الزوجات بعبارة تدل على وجود الإباحة بشرط العدل, فإن ظن الجور منعت الزيادة على الواحدة, وليس في ذلك ترغيب في التعدد بل في التبغيض له... فالإسلام قد خفف الإكثار من الزوجات ووقف عند الأربعة ثم إنه شدد الأمر على المكثرين إلى حد لو عقلوه لما زاد أحدهم على الواحدة, أما جواز إبطال هذه العادة, أي عادة تعدد الزوجات فلا ريب فيه: أولاً: إن شرط التعدد هو التحقق من العدل, وهذا الشرط مفقود حتماً فإن وجد في واحد من المليون فلا يصح أن يتخذ قاعدة, ومتى غلب الفساد على النفوس وصار من المرجح ألاّ يعدل الأزواج في زوجاتهم جاز للحاكم أن يمنع التعدد أو للعالم أن يمنع التعدد مطلقاً مراعاةً للأغلب. ثانياً: لقد غلب سوء معاملة الرجال لزوجاتهم عند التعدد وحرمانهن من حقوقهن في النفقة والراحة, ولهذا يجوز للحاكم وللقائم على الشرع أن يمنع التعدد دفعاً للفساد الغالب. ثالثاً: قد ظهر إن منشأ الفساد والعداوة بين الأولاد هو اختلاف أمهاتهم, فإن كل واحد منهم يتربى على بغض الآخر وكراهيته, فلا يبلغ الأولاد أشدهم إلاّ وقد صار كل منهم من أشد الأعداء للآخر, ويستمر النزاع بينهم إلى أن يخربوا بيوتهم بأيديهم وأيدي الظالمين, ولهذا يجوز للحاكم أو لصاحب الدين أن يمنع تعدد الزوجات والجواري لصيانة البيوت عن الفساد.

نعم ليس من العدل أن يمنع رجل لم تأت زوجته منه بأولاد أن يتزوج أخرى ليأت منها بذرية, فإن الغرض من الزواج التناسل, فيجوز الحجر على الأزواج عموماً أن يتزوجوا غير واحدة إلاً لضرورة تثبت لدى القاضي, ولا مانع من ذلك في الدين البتة، وإنما الذي يمنع ذلك هو العادة فقط. وقد سمح عقد الزواج ـ قبل تدخل السلفيين به ـ بأن تشترط المرأة فيه النص على حقها في تطليق نفسها متى شاءت, وقد ورد اجماعاً على جواز الإشتراط هذا.

وينقلنا هذا للطلاق والذي تحول حقاً عشوائياً لدى الرجل، وللإمام محمد عبده محاولة لتقنين هذا الحق العشوائي باشتراط ألاّ يقع الطلاق إلاّ بحكم قاضٍ. "لا طلاق إلاّ أمام القاضي أو المأذون وبحضور شاهدين على الأقل, وذلك بعد الاستمهال أسبوعاً للتفكير، وبعد أن يقدم الحكمان ـ واحد من أهل الزوج وآخر من أهل الزوجة ـ تقريراً للقاضي بإستحالة العشرة وفشلهما في التوفيق بين الزوجين". وقد قامت محاولة اعطاء المرأة حق الطلاق لدى الإمام محمد عبده في مواجهة فقه المذهب الحنفي الذي يرى "إن الطلاق منع من النساء لاختصاصهن بنقص العقل ونقصان الدين وغلبة الهوى" والذي يجد الإمام نفسه بينه وبين المذهب المالكي الذي قد وفى "للمرأة بحقها في ذلك وقرر لها أن ترفع أمرها إلى القاضي في كل حالة يصل لها من الرجل ضرر" ولأن الإمام يعلم تكاتف المجتمع الذكوري ضد المرأة غشاه خوف بإعتماد المذهب المالكي, لاحتمال ألاّ يجيب القاضي طلب الطلاق من الزوجة التي يتزوج زوجها من امرأة أخرى, استناداً إلى قاعدة أن هذا مباح للزوج، لذلك اقترح الإمام بأن يستمر العمل بمذهب أبي حنيفة على أن تشترط المرأة حقها في تطليق نفسها متى شاءت أو تحت شرط من الشروط, وهو شرط معقول في جميع المذاهب.

إن فوضى العلاقات الجنسية في الغرب يجب أن لا يرفع حماسة من يرون إن تعدد الزوجات يتمتع بأفضلية أخلاقية، لأن الظلم الواقع على النساء في الحالتين متشابه والخراب النفسي والاجتماعي كذلك، ولنتمتع بنهضة انسانية حقة يجب أن نفتح قلوبنا وأذهاننا لخلق أوضاع أكثر رحمة وحرية للنساء.

ريشات على الأجنحة:
شكلت رسالة الإسلام ثورة أخلاقية واجتماعية في الجزيرة العربية فانتقلت بها من حمية وتعصب الجاهلية إلى أفق الدولة الموحدة وسيادة (الشريعة) بما يعني سيادة حكم القانون, انتقلت بمجتمع الجزيرة القائم على الاسترقاق في الاقتصاد, وعلى الاستعباد للنساء في البيت انتقلت به إلى تحول اصلاحي ذي أفق أنساني واضح.

ولأن رسالة الإسلام رسالة موضوعية ذات حس تاريخي فإنها لم تعتمد القفزات الاجتماعية الخرقاء, فتدرجت في الاصلاح, وبمقياس ذلك العهد وطاقة مجتمع الجزيرة العربية فإنه لا يمكن لأي عاقل التهوين من مقدار النقلة الحضارية التي أحدثتها رسالة الإسلام.

وفيما يتعلق بموضوعنا يمكن تقدير أهمية هذه النقلة إذا وضعنا في الاعتبار إن ثقافة المجتمع الجاهلي كانت تتعامل مع النساء كشئ أو متاع أدنى درجة من العبيد, وكانت تشرعن لدفن البنات الحيات خوف المعرة واللائي لا يدفن دفناً حسياً واضحاً فإنهن يدفن في الحريم المنزلي, و في الهودج, وفي النقاب.

في مثل تلك الظروف الاجتماعية جاءت رسالة الاسلام لتجعل من المرأة كائناً انسانياً مساوياً للرجل أمام الله تعالى, يخاطب بذات الخطاب الروحي, وبذات التكاليف ولها شخصية اعتبارية تجعلها تمارس التجارة عن استقلال, وتدخل الحرب بل وتفتي في الدين.

ولكن تحرير المرأة الحق لا يمكن أن يتحقق نتيجة الثقافة وحدها, ولا بنتيجة التبشير والوعظ, تحرير المرأة مرتبط إضافة لذلك بشروط البنية الاجتماعية والظرف التاريخي, وغني عن القول إن شروط القرن السابع في الجزيرة العربية لم تكن لتحتمل أكثر من الاصلاحات العظيمة التي حققتها ممارسة الاسلام التاريخية وقتها.

وإذا انجزت رسالة الاسلام تحولاً حضارياً بارزاً في وضعية النساء, فإنها كذلك لم تتغاضى عن حقيقة محدودية هذا التحول إذا وضعنا في الاعتبار الغاية النهائية لتحرير النساء, وهكذا وضع الحبيب المصطفى (ص) إضافة إلى تلك الاصلاحات الأفق الانساني العام فقال: "النساء شقائق الرجال" و "ما أكرمهن إلاّ كريم وما أهانهن إلاّ لئيم".

ومع تطور المجتمعات الاسلامية, واتساع طاقة المجتمعات واستعدادها وتهيؤها لتحقيق المساواة للمرأة في الواقع العملي, فقد كان من المؤمل من مفكري وفقهاء الاسلام أن يجتهدوا اجتهاداً دينياً, ينزل الأفق الانساني العام النساء شقائق الرجال إلى جملة مبادئ وموجهلات وتشريعات وقوانين في الظروف الجديدة. ولكن لسيادة التفكير التقليدي والسلفي فإن هذه المهمة التاريخية لم تنجز في تمامها بعد.

وإذ نقرر بأن هذه المهمة لم تنجز في تمامها فإننا نقر ضمنياً وعلى التأكيد بأنه قد قطعت فيها أشواطاً بعيدة, فعلى مر التاريخ الاسلامي تعددت وتراطمت إشراقات ومحاولات التجديد الفقهي لتحرير النساء ومساواتهن.

ولأن هذه الورقة لا تود المناقشة التفصيلية للإرث التنويري في التاريخ الاسلامي سابقاً, فإنني أكتفي بالإشارة المقتضبة لقول سلطان العارفين الشيخ محي الدين بن عربي: "كل ما هو ليس بأنثى فأنه لا يعتد به" وإلى قول الفيلسوف المسلم ابن رشد حيث تحدث عن المرأة بأنها لا تقل عن الرجل في الطبيعة. فهي قادرة على ممارسة أعمال الرجل وقد تفوقه في بعض الفنون مثل الموسيقى "و لا بأس إذا حكمن فهن صالحات للحرب.. وحالتنا لا تؤهلنا للإحاطة بكل ما يعود علينا من منافع المرأة, فهي في الظاهر صالحة للحمل والحضانة فحسب, وما ذلك إلا لأن حالة العبودية التي أنشأنا عليها نساءنا أتلفت مواهبهن وقضت على قدراتهن العقلية..." وهاتان الاشارتان كافيتان في ذاتهما لتأكيد إن تراثنا كان زاخراً بإشراقات التنوير, والتأكيد إن تحرير النساء ليس كما يرى السلفيون إنما هو محض "بضاعة غربية" على العكس إنما هو "بضاعة انسانية".
وفي الأزمنة الحديثة عرفت بلادنا عدة محاولات للتنوير, بدأت بمشروع بابكر بدري الإصلاحي لتعليم المرأة, وكان هذا من أهم المحاولات لأنه أرسى الأساس الموضوعي لتحرير النساء لاحقاً, رغم أن هذا المشروع لم يعن كثيراً بإرساء الأساس الفقهي الفكري لهذه المبادرة التاريخية.

وقد وجدت تلك المبادرة دعماً وتفهماً واضحين من الإمام عبد الرحمن المهدي بمكانته الدينية المرجعية.

وإذ تعلمت وخرجت المرأة الحديثة إلى مجالات الحياة العامة فقد برزت بصورة ملحة الحاجة إلى تأسيس هذا الواقع فقهياً وفكرياً. ومن ثم تعددت محاولات الاجتهاد والتجديد. ومن أبرز هذه المحاولات مشاريع السيد الصادق المهدي والأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم ود. حسن الترابي والأستاذ محمود محمد طه.

وإذا اسثنينا مشروع الأستاذ محمود محمد طه, فإن السمة العامة المشتركة بين هذه المشاريع, ورغم طابعها الاستناري ـ إنها مشاريع انتقائية ـ فهي تحاول إلتقاط الشواهد والوقائع التي تحض على تكريم النساء وعلى مساواتهن، وفي ذات الوقت تتفادى وتتهرب من الوقائع والشواهد المناقضة, مما يعطي الانطباع بأنها مشاريع تعتقد إن الاستنارة يمكن أن تتحقق ـ مجاناً ـ دون مواجهة الوقائع والشواهد التي تتناقض والنتائج المرغوبة والمطلوبة!

وبالنتيجة فإن هذه المشاريع ورغم اسهامها الهام الذي رفدت به حركة تحرير المرأة إلاّ أنها في المقابل لم تفلح ـ لأنها لم تسع أصلاً ـ في تخطي التفكير السلفي تخطياً حاسماً وجذرياً.

أما مشروع الأستاذ محمود محمد طه فقد شكل قطيعة حقيقية مع الفكر السلفي التقليدي، ولكنه لم يخلف أثراً فكرياً ضخماً بطبيعة منهجه الإشكالي والصفوي إلى حدود معينة. وهذه قضية تحتاج إلى تفاصيل ومناقشة معمقة لا يمكن ايفاءها في هذه الورقة, ولذا نكتفي بهذه الاشارة المقتضبة.

وهكذا فقد تعددت وتراكمت محاولات التجديد والتنوير وكما يقال بأن التراكمات الكمية تؤدي إلى تحول كيفي, فإن المهمة الملحة الآن أمام الفكر التنويري أن يستند على كل هذا الإرث التنويري ليتجاوزه إلى أعلى في مشروع تنويري أكثر جذرية وأكثر اتساقاً نظرياً. ودون انجاز هذا الواجب الملح فإما أن تقبل النساء في طواعية واستسلام تصورات السلفية التي تبرر وتسوغ قهرهن واضطهادهن, وهذا مستحيل, وإما أن يبحثن عن الكرامة والمساواة خارج نسق الاسلام الحضاري, وهذه مأساة, لأنها تورث تضارب العقل مع الوجدان!

وللخروج من هذا المأزق, ولأجل هذا المشروع التنويري الجديد فإنني أقترح منهج النص والحكمة بوصفه المنهج الملائم لمعالجة إشكالية وضعية المرأة في الظروف الجديدة, وأرجو أن تتاح لي الفرصة في مرة قادمة للتفصيل في هذا المنهج وإبراز تطبيقاته المختلفة.

Post: #6
Title: Re: هادية حسب الله مرة اخرى*المنظور التقليدى لفهم الدين الاسلامى لقضايا الن
Author: hala guta
Date: 11-10-2003, 04:49 PM
Parent: #1

المراجع:

هادي العلوي، فصول عن المرأة، الطبعة الأولى، دار الكنوز الأدبية، بيروت, 1996, ص 46.
د. محمد عمارة, التحرير الإسلامي للمرأة ـ الرد على شبهات الغلاة, الطبعة الأولى، دار الشروق, القاهرة, 2002, ص 88-87.
المرجع السابق, ص 90.
المرجع السابق, ص 94.
قاسم أمين, المرأة الجديدة, سلسلة التنوير، الهيئة المصرية العامة للكتاب, القاهرة، 1993, ص 36.
نصر حامد أبو زيد, دوائر الخوف ـ قراءة في خطاب المرأة، الطبعة الأولى, المركز الثقافي العربي, بيروت ـ الدار البضاء, 1999, ص23-22 .
فاطمة المرنيسي، الحريم السياسي ـ النبي والنساء, ترجمة عبد الهادي عباس, الطبعة الثانية, دار الحصاد, دمشق, 1993, ص 98.
المرجع السابق, نفس الصفحة.
المرجع السابق، ص 99.
المرجع السابق, ص 86.
المرجع السابق, ص 142.
عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ), نساء النبي, دار المعارف, القاهرة, 1981, ص 98.
نصر حامد أبو زيد, مرجع سابق, ص 196.
فاطمة المرنيسي, مرجع سابق, ص 216.
المرجع السابق, ص 217.
المرجع السابق, ص 206.
فاطمة المرنيسي, سلطانات منسيات, ترجمة فاطمة الزهراء أزرويل، الطبعة الأولى، المركز الثقافي العربي ونشر الفنك، بيروت والدار البيضاء, 2000, ص 125.
د. محمد عمارة, مرجع سابق, ص 44.
المرجع السابق, ص 40.
المرجع السابق, ص 43.
فاطمة المرنيسي, الحريم السياسي, مرجع سابق, ص 111-110.
المرجع السابق, ص 181.
المرجع السابق, ص 182.
المرجع السابق, ص 219-218.
رفاعة رافع الطهطاوي, تحرير المرأة المسلمة، دار البراق, بيروت, 2000, ص 62.
فاطمة المرنيسي, الحريم السياسي، مرجع سابق, ص 219.
المرجع السابق، 229.
د. محمد عمارة, مرجع سابق, ص 60.
المرجع السابق, ص 58.
فاطمة المرنيسي, الحريم السياسي, مرجع سابق, ص 244.
د. محمود سلام زناتي, قصة السفور والنقاب ـ واختلاط وانفصال الجنسين عند العرب, الطبعة الأولى، دار البستاني, القاهرة, 2002, ص 43.
المستشار محمد سعيد العشماوي, حقيقة الحجاب وحجية الحديث، الكتاب الذهبي مؤسسة روز اليوسف, القاهرة, 2002, ص 26.
قاسم أمين، مرجع سابق، ص 35.
فاطمة المرنيسي, الحريم السياسي، مرجع سابق, ص 16.
المرجع السابق، ص 77.
المرجع السابق, ص 79.
هادي العلوي, مرجع سابق, ص 37.
د. محمد عمارة, مرجع سابق, ص 71.
نصر حامد أبو زيد، مرجع سابق, ص 235.
هادي العلوي, مرجع سايق, ص 72.
فاطمة المرنيسي, الحريم السياسي, مرجع سابق, ص 154.
المرجع السابق, ص 174.
نصر حامد أبو زيد, مرجع سابق, ص 232-231.
فاطمة المرنيسي, الحريم السياسي, مرجع سابق, ص 198.
المرجع السابق, ص 200.
نصر حامد أبو زيد, مرجع سابق, ص 214.
د. محمد عمارة, مرجع سابق, ص 114.
المرجع السابق, ص 115.
نصر حامد أبو زيد, مرجع سابق, ص 218.
د. محمد عمارة, مرجع سابق, ص 120.
51 نصر حامد أبو زيد, مرجع سابق, ص 222.

Post: #7
Title: Re: هادية حسب الله مرة اخرى*المنظور التقليدى لفهم الدين الاسلامى لقضايا الن
Author: الجندرية
Date: 11-10-2003, 11:32 PM
Parent: #1

مش الليلة يوم الورد
وردة ليك ووردة لهادية
حارجع اكيد

Post: #8
Title: Re: هادية حسب الله مرة اخرى*المنظور التقليدى لفهم الدين الاسلامى لقضايا الن
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 11-11-2003, 03:33 AM
Parent: #7

شكراً للأخت هالة قوتة على تمرير هذا المقال من الأخت هادية حسب الله. وهو قطعاً مقال جاد، ويستحق المناقشة الحية والجادة.

قبل أن أدلف إلى مناقشة نقاط محددة فيه يجب أن أقول بأنه تناول كل الموضوعات ذات الأهمية في الفهم السلفي للدين لحقوق المرأة. فإن موضوعات القوامة والحجاب والولاية الصغرى والكبرى والشهادة والميراث تستحق الوقفات التي وقفتها الأخت هادية عندها. وقد أبانت فيها قصور الفهم السلفي بشكل جيد.

ولكن نقطة الضعف الأساسية في الورقة هي أنها نحت ناحية إدانة الفهم السلفي وكأنها تريد تبرئة الإسلام منه. وواقع الأمر هو أن الفهم السلفي والذي تدعمه نصوص قرآنية وأحاديث ثابتة هو فهم فروع القرآن التي كانت تناسب إنسان القرن السابع والقرون التي تليه. وليس هناك طائل في محاولة أسباغ قلة الفهم وسء القصد لدى حاملي هذا الفهم. المطلوب هو مواجهة هذا الفهم بجرأة وفهم مؤسس من الدين الإسلامي نفسه. وههنا أنقل مساهمة من خيط آخر كنت قد ناقشت فيه هذا الأمر باستفاضة. وذلك لأنني قد لاحظت بأن الأخت هادية لم تطلع على طرح الجمهوريين في موضوع المرأة بالقدر الكافي. ليس هذا فحسب فهي تقول:
أما مشروع الأستاذ محمود محمد طه فقد شكل قطيعة حقيقية مع الفكر السلفي التقليدي، ولكنه لم يخلف أثراً فكرياً ضخماً بطبيعة منهجه الإشكالي والصفوي إلى حدود معينة.
************************
أخي كمال، والمداخلين الكرام،

أسئلتك تجيب على نفسها، ولكني سأحاول هنا أن أضيف ما تيسر حتى نجلي بعض النقاط للقراء. فنحن اليوم أمام ثلاثة خيارت، لا رابع لها:

1.أن نكابر، كما فعل أهل الجبهة، فنصر عل تطبيق آيات الشريعة، في زمان غير زمانها، فلا نظفر لا بالشريعة، ولا بالعيش في زماننا. وهذا يضطرنا إلى التخبط الأرعن، كما جربنا بصورة تغني عن التوضيح. وسيسوقنا كما تفضلت يا كمال:
اذا تم التسليم بعمل الناسخ دون الرجوع لما سبقه
سيبقي السيف بيننا وبين غير المسلم رافض دفع الجزية
ورافض الدخول في الاسلام.... ويبقي لنا جواز سبيهم
واسترقاقهم والتمتع بما ملكت ايماننا من نساؤهم


وغير ذلك كثير، مما تجاوزه زماننا، وما يتطلبه منا إنفاذ آيات الفروع من القرآن، والتي قامت عليها الشريعة، فخدمت الإنسانية خير خدمة في زمانها. وقد دلت تجربة حكم الجبهة بأن الشريعة غير ممكنة التطبيق في زماننا هذا، بصورة بليغة يعجز عنها تعبير كل معبر.

2. الخيار الثاني أن نقول بأن الدين الإسلامي قد فشل في حل مشكلة الإنسان المعاصر، فنبحث عن حلول مشاكلنا في غيره من الأديان أو الفلسفات المعاصرة. وهذا ما لا يقول به مسلم يعرف ما ينطوي عليه ديننا من عظمة وحكمة وعلمية متناهية تتقاصر بإزاءها كل الأديان والفلسفات.

3. الخيار الثالث أن ننظر إلى محكم التنزيل، ومنسوخه، ونعرف الحكمة وراء إرسال الرسل، وتنزيل الآيات وإحكامها ونسخها فنحكم في زماننا ما يناسب مشكلاتنا. وبفضل الله علينا فإن الأستاذ محمود محمد طه كفانا عناء البحث والتنقيب في هذا الباب. فقد شرح بصورة مفصلة بأن النسخ لم يكن نهائياً، لأن الله لا تفاجئه الأحداث فيغير رأيه، فعن ذلك تعالى الله علواً كبيراً. فقد كانت هناك حكمة حكيمة في أن تنزل آيات الأصول في أول الأمر ثم تنسخ. وذلك حتى يلزم الله الناس بالحجة. فإنه، جل وعلا، أبان لهم عملياً بأنهم مطالبون بالقيم العليا في الإسلام ليشدهم إليها، حتى إذا عجزوا نسخها بما يناسبهم، فيكونوا قد ألزموا الحجة.
وهكذا فإن آيات الإسماح أتت أولا ثم نسخت بأيات السيف. وأيات المسوؤلية نسخت بأيات الوصاية. كل ذلك على غرار الآية "ماننسخ من أيةٍ أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها.."
و"ننسها" لغةً معناها "نرجئها." وهكذا يستقيم معنى الآية بأن النسخ ما هو إلا إرجاء لحكم الآية المنسوخة إلى حين يحين حينها.
فإن القارئ لأيات الجهاد، ومنها آية السيف "فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم، وخذوهم، وأحصروهم، وأقعدوا لهم كل مرصد، فإن تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فخلوا سبيلهم" إن لم يكن متفحصاً لمعاني القرأن ولحكمة النسخ، فسيربكه أن يقرأ أيات الإسماح، وهي كثيرة، ومنها "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.."

وقد خلص بعض المستشرقين، لعدم استقامة الفهم في أذهانهم،للقول بأن القرآن بعضه يناقض بعضاً. والحق غير ذلك. فإن هناك أيات نسخت أيات أخرى، وإن بقى كل القرآن، وسيبقى، متلواً لأغراض العبادة. ولكن ما نستنبطه لأغراض التشريع من قواعد لا بد من أن يساهم في حل المشكلات المعاصرة بنجاعة. وهذا ما تقصر عنه الشريعة، لا لقصور فيها لذاتها، فإنها قد خدمت البشرية خير خدمة حين طبقت في زمانها، ولكن لقصور في أذهان من يريدون أن يرجعوننا عنوة إلى عصور غير عصورنا. فكأنما هم يريدون أن يلبسوا شاباً فتياًً بلغ الواحدة والعشرين من العمر ملابس طفل في السابعة من العمر، كما نضرب بذلك المثل دائماً.

وهذا ما حدث في السودان. فإن نظام الجبهة حاول أن يضغطنا ضغطاً حتى يلبسنا لباس -تشريعات- القرن السابع، بدلاً من أن يقبل بما قاله الأستاذ محمود فيفصل لنا من ديننا ما يناسب عمرنا -عصرنا- الراهن. وذلك بتحكيم ما أرجئ من المنسوخ، والذي يشير لسان وقتنا الحاضر، بلسان بليغ أنه بحاجة إليه. فنحن بحاجة إلى آيات الحرية مثل الأية التي سبق ذكرها، والأية "فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر" والتي نسخت بأية السيف.
وقد أدرك أهل الجبهة عملياً بأن آيات الشريعة غير قابلة للتطبيق حين أقروا بأن المواطنة هي أساس الحقوق في الدولة، بعد أن ظلوا لعقود طويلة "مظلمة" يحدثوننا عن عدم جواز ولاية غير المسلم والمرأة في الحكم وفي القضاء. وهناك الكثير مما يمكن أن يقال عن هذا التخبط المريع، مما أصبح معلوماً لذوي الأبصار والبصار. فقد كاد ضغط الجيهة أن يهلك أمتنا هلاكاً ما بعده نجاة لنا كوطن واحد. كادوا أن يقسموا جسد بلدنا الفتي إلى قطعتين حتى يناسبنا اللباس القديم. ولو فعلوا لما ما بقى الملبس ولا ما بقيت حياة. وهذا دليل واضح على أنهم أضاعوا الشريعة وأضاعوا وكادوا أن يضيعوا الوطن، ثم ولم يظفروا بأن يقروا بما كان يقول به أبو الشهداء في سوداننا الحبيب.

لم يبق لهؤلاء إلا أن يقروا بعجزهم وبأن يقبلوا ما طرحه الأستاذ محمود محمد طه من فكر، بعد أن يعتذروا للشعب السوداني عن جريمة التآمر على حياته وعلى الجمهوريين.

هذا هو المخرج الوحيد للمسلمين قاطبة في عالم اليوم. وهو لا يحتاج إلى تخريج فقهي، أو حذلقة، أو حتى إلى كبير ذكاء، إذا خلصت النوايا. وإني لأرجو من كل المثقفين، مؤيدين للجمهوريين ومعارضين لهم، أن يعيدوا قراءة الفكر الجمهوري. فإن المؤيدين يحتاجونه، ليحل مشاكلهم الفردية والجماعية، ثم ليحاجوا بلسان حالهم ولسان مقالهم السفليين الذين لا هم لهم غير الترهيب والتكفير باسم الدين كما تفعل الأخت الدكتورة نجاة والأخ سبيل هنا. والمعارضون يحتاجونه إن كانوا يرجون لأنفسهم وقاراً، وإن كان مبتغاهم، فعلاً، أن يكون لديننا الحنيف في نفوسهم وفي عالمنا شأنا يعيننا على الخروج من أزماتنا الفردية والمجتمعية، والقطرية، والكوكبية الراهنة.
***************************

وفقاً للمنظور أعلاه فإن الفهم السلفي منسجم مع فروع القرأن، ولكنه ليس منسجماًُ مع أصول القرآن حيث حقوق النساء مساوية لحقوق الرجال. ولهذا فِإنه ليس من الحكمة مناقشة الفهم السلفي وكأنه فهم مفبرك لتكريس السلطة الذكورية. نعم فإن الفهم السلفي يستغل لتكريس السلطة الذكورية ولكنه ليس مفبركاً فقد نصت عليه الشريعة. والشريعة تتطلب التطوير.

هذا ما قال به الأستاذ محمود محمد طه. وهو الذي كتب في موضوع المرأة بتفصيل في معظم كتبه التي تناهز الثلاثين. وقد خص بعض هذه الكتب بموضوع حقوق المرأة حصراً. هذا فضلاً عن الكتب والمنشورات التي كتبها تلاميذه وتلاميذاته في هذا الموضوع الهام. كتاب "تطوير شريعة الأحوال الشخصية" مثلاً مخصص لمسألة حقوق المرأة. وكتاب " الرسالةالثانية من الإسلام" يناقش بعناوين بارزة بأن "قوامة الرجال على النساء ليست أصلاً في الإسلام" وبأن "الحجاب ليس أصلاً في الإسلام" وبأن "المجتمع المنفصل رجاله عن نساءه ليس أصلاً في الإسلام" وهكذا.
ليس هذا فحسب فإن مشروع الأستاذ محمود الأساسي قد كان في تأسيسه لمجتمع يعيش المعاني التي يدعو لها. ولهذا فقد كانت المرأة الجمهورية مشاركة فعلية للرجل في حمل الفكرة الجمهورية في كافة أوجه النشاط. وقد كأن هذا أميز ما يميز الجمهوريين كتنظيم ديني يستند على فكرة إجتماعية-سياسية متكاملة. وقد كأن الأستاذ محمود كثيراً ما يقول عن الأخوات الجمهوريات "بناتي هن كتبي." هكذا كان الأستاذ، مع عظمة فكرته، يضعها في المقام الثاني بالنسبة لانجازه التاريخي الأهم، وهو تمكينه للمرأة الجمهورية من فهم حقوقها والتعاطي مع الحياة وفقاً لفهمها لهذه الحقوق.
وليس لدي شك على الإطلاق بأن قراءة كتب الأستاذ محمود بتروً كانت ستمد الأخت هادية بمنهج وبنطرية تساعدها على إعادة تركيب مفاهيمها الجيدة عن السلطة الذكورية ودورها في استغلال الفهم السلفي للإسلام. أقول هذا بعد ملاحظتي بأن قائمة المراجع قد خلت من أي مرجع للأستاذ محمود.

كان الأجدر بالأخت هادية بعد أن قالت بأن فكر الأستاذ محمود يشكل قطيعة واضحة مع الفكر السلفي، وهذا هو لب مشروعها البحثي، أن تعطي صاحب هذه القطيعة الفكرية نصيباً وافراً في بحثها. وعلى كل حال لم يفت فائت، فإنها تستطيع أن تعيد كتابة بحثها بعد قراءة كتب الأستاذ المتوفرة في www.alfikra.org ، وأشير لها بصورة خاصة بقراءة كتاب "تطوير شريعة الأحوال الشخصية" وكتاب "الرسالة الثانية من الإسلام."
وأرجو أن يطلع من يرغب على أوجه النشاظ المختلفة، الموثقة بالصور الفوتوغرافية في الموقع المشار إليه بعاليه، والتي كانت تشارك فيها المرأة الجمهورية جنباً على حنب مع أخيها الجمهوري.
وقبل أن أختم تعليقي هذا، أرجو أن أنوه إلى إن استخدام كلمة تأويل للإشارة إلى الفهم السلفي ليس صحيحاً. فإن التأويل ينظر إلى ما خلف النص، في حين أن التفسير، وهو الكلمة المناسبة في هذه الحالة ينظر إلى ما يعطيه ظاهر النص. أرجو أن تراجع الأخت هادية هذا الخلط بأن تستخدم عبارة الفهم أو التفسير السلفي للإشارة إلى التفكير السلفي.

Post: #13
Title: Re: هادية حسب الله مرة اخرى*المنظور التقليدى لفهم الدين الاسلامى لقضايا الن
Author: hala guta
Date: 11-11-2003, 08:26 PM
Parent: #7

الجندرية
مرحب بطلتك
سارسل لك الورقة بالايميل لانها فى الورد تنسيقها احسن
وهادية بانتظار ملاحظاتك

Post: #14
Title: Re: هادية حسب الله مرة اخرى*المنظور التقليدى لفهم الدين الاسلامى لقضايا الن
Author: hala guta
Date: 11-11-2003, 08:28 PM
Parent: #7

الاخ حيدر بدوى
لى عودة لما كتبته هنا
سانقل لهادية ملاحظاتك
انا ايضا اتفق معك بان ما كتبه الاخوة الجمهوريون حول قضايا المرأة والدين من المراجع المهمة للباحث فى هذا المجال
شكرا لمرورك هنا

Post: #15
Title: Re: هادية حسب الله مرة اخرى*المنظور التقليدى لفهم الدين الاسلامى لقضايا الن
Author: hala guta
Date: 11-11-2003, 08:32 PM
Parent: #14

وليد يوسف
مرحب بيك بيناتنا رغم انها متاخرة جدا
هادية ذات الاربعة عشرة ربيعا مين يا وليد الزمن بيجرى بسرعة رهيبة
لكنها حتى الان عندما تراها تتحدث فى الندوات لا تصدق انها لم تكمل الثلاثين بعد
حتما سانقل تحاياك للجميع
وتحياتى لهناء والعيال

هالة

Post: #9
Title: Re: هادية حسب الله مرة اخرى*المنظور التقليدى لفهم الدين الاسلامى لقضايا الن
Author: Elwaid Osman
Date: 11-11-2003, 11:28 AM
Parent: #1

حبابك الف هاله قوته. وسلام جميلا وشوقا لهاديه محمد حسب الله ووثيقتها البحثيه الناضجه.لااستطيع الآن ان اداخل او اناقش هذا البحث الذي هو من حيث المبداء يصب فقط في الاتجاه الايجابي الذي يحاول ان يؤسس لمعرفه ويضئ ظلاما.لااريد ان افعل هذا.اذ اجدني معني برسالة اخري في هذا البوست ازعم انها خاصه.حيث اجد انفاسا وشوقا متوهجا وحنينا وذكري وذاكره.اسقطت دمعه حين شرعت في قرأت المقال.انها هاديه الفتاة ذات الاربعة عشر ربيعاحين القيتها اول مره وهي ترتدي الزي المدرسي ذو اللون البني المائل للبرتقالي وتتحدث بلسان فصيح او كما يقول السودانيين قليص.تناقش في السياسه والادب عن غسان كنفاني ودرويش وماركيز.وسقوط المعسكر الاشتراكي وشكل العالم الجديد. وفي نفس الوقت تمارس طفولتها او صباها حين تحمل بقايا الطبشور او الفحم المنطفي وتشخبط علي الجدران مقاطع من اغاني الفنان محمد الامين.او بعض العبارات الثوريه.لاحقتها عناصر الامن وهي في الثانويه فتاة يافعه صغيرة كبيرة بعقلها وفهما المتوقد الذكي الذي تعبر عنه ببساطه وجرأه حتي كدنا ان نظن انها نديدتنا في السن والجيل حقا كنا ننسي هذا.سلامي لك هاديه ولي بقية العقد بتوسعاته الاسريه.لي عوده
وليد يوسف

Post: #10
Title: Re: هادية حسب الله مرة اخرى*المنظور التقليدى لفهم الدين الاسلامى لقضايا الن
Author: ABU QUSAI
Date: 11-11-2003, 01:40 PM
Parent: #9

التحية لهذا الجهد الرائع من قبل الأخت / هالة محمد حسب الله والشكر موصول لكي هالة قوته لاتاحتك الفرصة لنا للاطلاع على السفر العظيم والذي أتمنى أن يجد حقه من المناقشة ولي عودة إن شاء الله .

Post: #16
Title: Re: هادية حسب الله مرة اخرى*المنظور التقليدى لفهم الدين الاسلامى لقضايا الن
Author: hala guta
Date: 11-11-2003, 08:33 PM
Parent: #10

بانتظارك يا ابوقصى
وشكرا لمرورك هنا

هالة

Post: #11
Title: Re: هادية حسب الله مرة اخرى*المنظور التقليدى لفهم الدين الاسلامى لقضايا الن
Author: Elwaid Osman
Date: 11-11-2003, 02:53 PM
Parent: #1

UP

Post: #12
Title: Re: هادية حسب الله مرة اخرى*المنظور التقليدى لفهم الدين الاسلامى لقضايا الن
Author: Nada Amin
Date: 11-11-2003, 08:11 PM
Parent: #1

هالة قوتة

صديقتك هادية دي باحثة متمكنة و ذات نظرة تحليلية ثاقبة في مجال قضايا المرأة، يا ريت لو تشترك معانا في البورد لأنها حتكون اضافة حقيقية، ممكن تكلميها؟ و شكرا يا هالة على الجهد في ايصال هذا البحث القيم لنا . و لي عودة ، بس انشاء الله ماتسمعني حليمة 2 و تقوم تفتح بوست تاني عن لي عودة و أخواتها.
مع خالص مودتي

Post: #18
Title: Re: هادية حسب الله مرة اخرى*المنظور التقليدى لفهم الدين الاسلامى لقضايا الن
Author: hala guta
Date: 11-11-2003, 08:39 PM
Parent: #12

ندى امين
مرحب بطلتك وحقيقى هادية مهتمة بسماع اراء المهتمين/ات بالعمل النسوى وقضايا المرأة خاصة فيما يتعلق بهذا الموضوع الشاائك والمحفوف بالكثير من الالغام اذا رغبتى يمكن ان ارسل لك الورقة بالايميل لانها فى الورد بتنسيق احسن كما انها منشورة بموقع الحوار المتمدن بتسيق اسهل للقراءة ودة الرابط
http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=11584
لهادية كذلك ورقة منشورة بهذا البورد عن الكتابة النسويةبعنوان الكتابة النسائية حرية ام رقصا بالقيد اتمنى ان يمكنك الزمن من الاطلاع عليها ودة الرابط لها فى الحوار المتمدن
http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=6575
وبانتظار عودتك

Post: #17
Title: Re: هادية حسب الله مرة اخرى*المنظور التقليدى لفهم الدين الاسلامى لقضايا الن
Author: kamalabas
Date: 11-11-2003, 08:34 PM
Parent: #1

شكرا هاديه وهالة علي هذا الجهد الكبير والذي سيثري
قضايا المرأة وموقف الاسلام منها في البورد
كمال

Post: #20
Title: Re: هادية حسب الله مرة اخرى*المنظور التقليدى لفهم الدين الاسلامى لقضايا الن
Author: Bakry Eljack
Date: 11-12-2003, 11:20 AM
Parent: #17

الاخت هالة قوته

خالص تحاياي و شنو يعنى سحبت الصورة اول معرفنا انها فى استديو الجامعة, لرجو ان تنقلى تحاياي للاخت هادية على هذا المجهود الكبير فى البحث والتمحيص فى اصول التشريع من اجل ايقاد شمعة تضىء الطريق للنساء اللائى كبلن لا لشى الا لجهل اصحاب المصالح قصار النظر عديمى الانسانية, قرات الورقة قراءة اولية وهى كعادتى -التى ربما تكون غير جيدة- الا اننى اسجل هذه الملا حظات الاولية التى ارجو ان تتمكن الاخت هالة من الاطلاع عليها فى هذا المنبر او من خلالك.
* وضعت الدراسة نفسها فى موقع الدفاع عن قيم انسانية تتمثل فى التحرير الكامل للمراءة كانسان والذى يعنى ضمنيا تحقق متدا المساواة بين افراد المجتع على اسس انسانية باعتبار ان هنالك قوى الفكر السلفى التقليدى التى تمثل منهج وطرائق التفكير التى تعمل عمليا على سلب حق المراءة فى الحياة, قد يرجع ذلك للفضاء النفسى الذى تخلقت فيه افكار الكاتبة المجتهدة هادية ولكن حتما هذا الفضاء النفسى اوقع الكاتبة فى اشكالات منهجية فى منهج الدراسة و مداخل التناول ويمكن ان الخصها فى الاتى

ان الدراسة نفذت الى لب النصوص الدينية( قران, سنة واقوال ماثورة) و عملت على تفنيدها و مخاطبتها بالاسترسال فى فى الطعن فى اسانيد بعضها و فى تفاسير بعضهاعلى امل ان تشيد صرحا مفهوميا جديدا توقف به زحف الفهم التقليدى الذى ايضا تم تشيده من خلال تاويل نفس النصوص التى اوردتها الباحثة- الجدير بالذكر هنا ان اورد ان اي عملية تفسير تمت للنصوص الدينية هى بشكل او باخر شكل من اشكال التاويل وان حاول البعض دحض هذا المبدا حتى يتثنى لهم اعطاء صفة القدسية على تاويلهم_ وهذا المبدا يمكن ان يدخل الكاتبة فى جدل لا نهائى مع اصحاب المناهج السلفية من النوع الذى يجعل ان كل جماعة دينية تعتفد مطلقا صحة فهمها وفى ذلك مرجعها الكتاب و السنة, و كمثال من قلب الدراسة طعن فاطمة المنيسى الكاتبة الحصيفة فى نزاهة ابابكرة الذى هو احد متن الحديث المستخدم لامتهان كرامة المراءة يمكن ان يبطل برواية اخرى من مصدر اخر وهكذا, وعليه تكون الدراسة قد قذفت بنفسها الى اتون ووحل الصراع حول مدى صحة و كيف يفسر والتى حتما ستقود الى سجال جديد و يمكن ان تنتهى بان تصنف الكاتبة على راس مجموعة دينية جديدة يمكن ان نسمها احياء فكر بن رشد, ومحى الدين بن عربى الذى احتفت به الكاتبة- يعتبر فى نظر كثير من الجماعات التى هى تعمل على تكبيل المراءة طبعا_ من الفجرة ويمكن الرجوع الى بوست الفرق الضالة _ لسناء صابر التى تمثل افكارها نموذجا حيا للفكر التقليدى.
* الاشراق المنهجى فى الدراسة تمثل فى الدعوة الى الانتقال من الوعى الاسطوري الى التاريخي فى قراءة النصوص الدينية وكان يكفى الكاتبة ان تجعل هذا المدخل بمثابة التاسيس المنهجى او المقدمات النظرية لما تود طرحه و كان حينها تكون قد عفت نفسها شر الخوض فى منهج السلفيين انفسهم بالاستناد الى العقل البيانى فى ان واحد لتبرير ماتصبو الوصول اليه من خلال الدراسة وهذا قاد ايضا الى الاتى:-
الخلط المنهجى الذى اصبح اشبه بالكوكتيل ويمكن لاخر ان يصفه بالتلفيق اذا اراد القسوة و الصرامة المنهجية, و النتائج المنطقية لهذا الخلط تتمثل فى انها استخدمت نفس الادوات التى تعيبها على الاخر اي قوى الاتهام او السلفيين و التقليدين, فالكاتبة تستخدم نفس معاولهم و ادواتهم الحفرية التى قادتهم الى نفس السجن الكبير الذى ارادوا ان يدخلوا فيه المراءة والمجتمع و الدولة
* المنهج الرشدى اذا تم التسليم لنا بتسميته بهذا الاسم ينطلق من قاعدة اساسية وهى تقديم العقل على النص اذا تعارض النص مع العقل _ الكارثة انه فى حالة الحقل الذى تخاطبه الدراسة اي مشكل المراءة و المجتمع_ هو كيف يتاتى اثبات ان وضع المراءة الحالى فى الراهن الذى تحاول الدراسة تغييره بانه يتعارض مع العقل مع العلم ان المبررات جاهزة بمنطوق الخطاب التقليدى بان هنالك حكمة الهية غير قابلة للتبرير فى ان يضع المراءة فى هذا الدرك الاجتماعى ودونك اراء الاخ سبيل والاخت مهيرة و السواد الاعظم من السلفيين,
* الجمهوريين كفرضية علمية استفادو من كل التراكمات الكمية التى سبقت عهدهم بما فيها بن رشد ودعو الى رؤية اكثر نضجا وهى ايضا دعوة فى سبيل بناء الوعى التاريخى على حساب الوعى الاسطورى و فى قولهم ان هنالك فروع واصول فى القران وان تقديم الفروع فى عهد تمكين الدعوة و تعطيل الفروع كان ضرورة تاريخية و انه ان الاوان لتسود الاصول الت هى الحرية المطلقة للفكر ووصلوا الى نتيجة مفادها ان الشريعة هى تصلح لانسان القرن السابع الميلادى و لا يمكن ما صلح به حال انسان القرن السابع ان ينصلح به انسان الالفية الثالثة ومعينهم فى ذلك تطويرهم لمبدا الناسخ و المنسوخ الذى قادهم الى تطوير الشريعة الاسلامية ويمكن الاطلاع على كتاب للاستاذالشهيد محمود وهذه نقلة نوعية فى تاريخ الفكر الدينى والانسانى الا ان اكبر معوقات هذه الدعوة انها تستخدم نفس المعاول الحفرية للفكر السلفى فى اثبات مبدا الاصول و الفروع /الناسخ والمنسوخ, اي التفسير البيانى المدعوم بالاستدلال العقلانى مما يجنبهم النقل والعنعنة بمبا فيها من ملابسات التى هى اساس فكر السلفيين والتقليديين او اهل الظاهر او الاشاعرة او حركات الاسلام السياسى على مر العصور, مشكل الفكر الجمهورى برغم نصاعة حججه وبراهينه انه لابد له ان يخوض فى وحل صراع طويل لاقناع السلفيين والتقليديين بمبدا الاصول و الفروع/ الناسخ والمنسوخ,
* اعتقد ان الفكر الجمهورى و منهج الباحثة هادية امامهما الفرصة التاريخية الكاملة للتطوير فى تاسياستهما المنهجية المتمثلة فى اتجاه التاريخية المطلقة دون الخوض فى وحل النقل وتقوية و اضعاف و ترجيح و تاويل تم ويتم من كافة الفرق عبر التاريخ بانتقائية تحددها رغبة صاحب الدعوة, وهنالك كوم كبير يسمى بالفكر الشيعى الذى هو ايضا اسلامى وهو ايضا له سلفييه و تقليدييه و فى حوجة الى خلخلة.
* التاريخية التى تعنى قراءة كل النصوص الدينية و فى اطارها التاريخى ثقافة ومكانا تمكن من الفهم الصحيح للوقائع التاريخية و تقود الى فهم المقاصد الكلية للدين الاسلامى و العمل على تطويرها و روح العصر و الواقع مما يجعل الاسلام دينا عمليا وعلميا ودينا متحضرا و حضاريا يحترم خيارات الاخر و يحاوره لا يعمل على نفيه, يفك القيود المضروبة حول المراءة والتاريخية تجعلنا نتجاوز الكثير من الاشكالات المتعلقة بواقع الدولة الحديثة من ضرائب وزكاة و جزية و الرق الذى مازال الاسلام يعترف نصا بوجوده بل و يشجع عليه باستخدام طرائق تفكير السلفيين بل بالتاريخية يمكننا ان نفصل بين السلطة الزمنية و السلطة الروحية دون ان ندخل فى مغالطات ان العلمانية دعوة ضد الدين ام لصالحه.
* الجانب الاخر من العملة المتمثل فى مناهج السلفيين و التقليديين التجديديين تبدو واضحة فى التناقض و التلفيق الذى تلجا اليه فى كثير من الاحيان لتعطى نصف حقوق للمراءة و تذبذبها تجاه قضايا الديمغراطية و حقوق الانسان و ذلك لا نها تجتهد باصدار تاويلات جديدة لتتماشى مع روح العصر الا انها تحاول ان تفعل ذلك باستخدام نفس الادوات التى يستحدمها السلفيين لابطال كل الدعاوى الاخرى و العمل على ارجاع المجتمع للقرن السابع الميلادى حتى تزيل التناقض بين فكرها والواقع وهذا ما حاولت ان تفعله الدراسة اذ انها تبدو رؤية اكثر اشراقا من رؤية اكثر الحركات الدينية تطورا.

وقد اعود بالتفصيل و الاستشهادات من داخل نصوص الدراسة ان اسعفنى الوقت .

ارجو ان اكون قد اضفت بعد الزوايا وانرت بعض الشموع بهذا الجهد المتواضع الذى ارتايت ان اقدمه كتحليل اولى للدراسة الجريئة و القيمة بلا شك , عسى ان اكون قد افدت الكاتبة باظهار بعض النقاط, كما اعتقد انه يمكن ان نطالب الاخ بكرى باعطاء الاخت هادية عضوية و ارجو ان نجعل من هذه الورقة مدخلا لدراسات مقارنة اخرى عن الفكر الجمهورى و لا مانع من وجود افكار سلفية فالتاريخية التى حتما ستصطدم باشكالات واقعية وعملية كثيرة تحتاج الى فهم عميق وجهد كبير الى اضائتها بعيدا عن الاحكام القيمية التى تعودنا سماعها فى مثل هذه الاحوال.
اختى هالة وهادية ارجو ان تجدا لى العذر ان جانبنى الصواب فقصدى هو تطريز هذه الرؤية لان تصبح اكثر نضجا ولكما حبى

بكرى الجاك

Post: #19
Title: Re: هادية حسب الله مرة اخرى*المنظور التقليدى لفهم الدين الاسلامى لقضايا الن
Author: Elwaid Osman
Date: 11-12-2003, 10:59 AM
Parent: #1

Up

Post: #21
Title: Re: هادية حسب الله مرة اخرى*المنظور التقليدى لفهم الدين الاسلامى لقضايا الن
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 11-12-2003, 09:46 PM
Parent: #19

عميق الشكر للأخ بكري، الذي أراه قد أبدع "التطريز" على حد تعبيره البديع. إقرأوا معي ما كتبه بعاليه مرة أخرى، وليقرأه معي بصورة خاصة، من يتهمونه ظلماً وبهتاناً بالتجني على الدين الإسلامي الحنيف. تفحصوا معي هذا القول السديد:
التاريخية تعنى قراءة كل النصوص الدينية و فى اطارها التاريخى ثقافة ومكانا لتمكن من الفهم الصحيح للوقائع التاريخية و تقود الى فهم المقاصد الكلية للدين الاسلامى و العمل على تطويرها و روح العصر و الواقع مما يجعل الاسلام دينا عمليا وعلميا ودينا متحضرا و حضاريا يحترم خيارات الاخر و يحاوره لا يعمل على نفيه, يفك القيود المضروبة حول المرأة. والتاريخية تجعلنا نتجاوز الكثير من الاشكالات المتعلقة بواقع الدولة الحديثة من ضرائب وزكاة و جزية و الرق التى مازال الاسلام يعترف نصا بوجودها بل و يشجع عليها باستخدام طرائق تفكير السلفيين. بالتاريخية يمكننا ان نفصل بين السلطة الزمنية و السلطة الروحية دون ان ندخل فى مغالطات ان العلمانية دعوة ضد الدين ام لصالحه.

Post: #22
Title: Re: هادية حسب الله مرة اخرى*المنظور التقليدى لفهم الدين الاسلامى لقضايا الن
Author: hala guta
Date: 11-13-2003, 08:26 PM
Parent: #1

Salam all
Thanks Kamal &Bakry
Ican't write in Arabic,but sure Iwill be back