^ نســـاء عظيمــات ^

^ نســـاء عظيمــات ^


03-09-2004, 01:23 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=81&msg=1129192547&rn=4


Post: #1
Title: ^ نســـاء عظيمــات ^
Author: Tabaldina
Date: 03-09-2004, 01:23 PM
Parent: #0

..
.
اتمنى من يتوفر له سيرة ذاتية كاملة لبعض
نساء السودان الذين كان لهن دور فى المجالات المتعددة
اجتماعياً وسياسياً وتعليماً واقصاديا- سامية شبو لا -
ان يوجد لنا بما لديه .. بغض النظر عن الاختلاف الدائر هذه الايام

لكم تحياتى وتقديرى ..

شجرة الــــدر
أول ملكة في الإسلام


نسبها :

شجرة الدر ، جارية من جواري الملك الصالح ، اشتراها الملك نجم الدين. اختلف المؤرخون في تحديد جنسيتها ، فمنهم من قال إنها تركية ومنهم قال إنها جركسية ،أو رومانية. ولكن لم تكن شجرة الدر كباقي الجاريات ، بل تميزت بالذكاء الحاد ، والفطنة ، والجمال كما أنها نالت الإعجاب بفتنتها وفنها ، إذ كانت متعلمة ، تجيد القراءة ، والخط ، والغناء.1

زواجها:

أعجب بها الملك نجم الدين واشتراها ، ولقبها بشجرة الدر. أنفرد بها ، وحظيت عنده بمنزلة رفيعة ، بحيث أصبح لها الحق في أن تكون المالكة الوحيدة لقلبه وعقله ، وصاحبة الرأي ثم أصبحت الشريكة الشرعية ، وأم ولده.2 أرسل الأمير نجم الدين بأمرٍ من والده ، إلى حصن كيفا، لولاية وحكم هذا الحصن(وهو حصن من حصون المشارق يقع على حدود تركستان). ثم وردت إليه أنباء من القاهرة ، تقول بان أباه الملك الكامل قد عين أخاه الصغير أبا بكر(الملك العادل) ولياً للعهد بدلاً منه، وكانت أمه اقرب إلى قلب الملك من أم الأمير نجم الدين. غضب الأمير نجم الدين من تصرف الملك ؛ لأن أخاه كان طائشاً ، ولأن الدولة كانت في خطر من كل الجوانب ، ويتربص بها الأعداء من الصليبين والمغول. أقسم الأمير نجم الدين أن الخلافة لن تكون لغيره بعد أبيه. وبدأ بالمقاومة ، لأنه أرشد من أخيه ، وأحق منه في الخلافة.3

وفي هذه الأثناء كانت شجرة الدر نعم الزوجة ، حيث قامت بتشجيع وتأييد زوجها ، فساعدته في الوصول إلى حقه المغتصب. وفي هذه الفترة أنجبت له ولداً أسماه خليل. توجه الأمير نجم الدين إلى القاهرة ، ومعه زوجته شجرة الدر ، وأبنهما ، وبطانته المؤلفة من عشرات الجنود فقط ، وبعض المماليك ، وعلى رأسهم ( بيبرس ، وأيبك ، وقلاوون ، وآق طاي). وبينما هم في طريقهم انقض عليهم جيش الملك الناصر داوود ، وهم ابن عم نجم الدين والي إمارة الكرك والشوبك ، وما يليهما من أرض الأردن. وأسرهم في قلعة الكرك عام (63)هـــ ، ثم أرسل إلى الملك العادل يخبره بما حدث ويطلب منه ثمن جلوسه على عرش الشام. استمر سجنهم سبعة أشهر ، كان الملك الناصر خلالها يساوم الملك العادل في القاهرة على الأمير نجم الدين ، أما زوجته شجرة الدر فقد وفرت له كل أسباب الراحة ، وبثت التفاؤل في نفسه ، خلال مدة الأسر.

محاربة الصليبيين وولاية الملك :

قامت بوضع خطة مع زوجها ، وذلك باتفاق زوجها مع خصمهِ الملك الناصر ، على أن يطلق سراح نجم الدين ليستولي على عرش مصر ومن ثم ، يقدم له عرش الشام ونصف الخراج. ثم سار الملك الصالح زوجها إلى القاهرة وهزم أخاه العادل نجم الدين ، وأسره في قلعة صلاح الدين. وهكذا بلغت شجرة الدر مرادها ، حيث قاسمت زوجها المجد والسلطة.4

كانت شجرة الدر قادرة على تسيير الجيوش للحرب ، وذلك عندما تعرضت مصر لحملة الصليبين. يقال أن الملك لويس التاسع شن الحملة ، ليوفي بنذره ، حيث نذر بأنه إذا شفي من مرضه ، فسوف يشن حملة على مصر. فجهز جيشاً وأبحر من مرسيليا عام 1249. وفي هذه الأثناء كان الملك الصالح مريضاً ، إلا إنه استعد للأمر، واتخذ من المنصورة مركزاً للقيادة العامة ، وولاها للأمير فخر الدين نزولاً عند رغبة شجرة الدر ، التي أثبتت على أنها قادرة على مواجهة الصعاب ، وأقسمت لزوجها على أن الصليبين سيقتلون في حملتهم. وبعد وصول الغزاة إلى مصر عام 1249. ظهرت حكمة وذكاء شجرة الدر، حيث أخفت نبأ وفاة الملك ، لعدة أسباب أهمها الخوف من حدوث البلبلة في الدولة ، وبخاصة صفوف الجيش ، وحتى تتغلب على العدو ، وكذلك حتى لا ينصرف اهتمام أمراء بني أيوب والمماليك إلى تولي العرش ، وساعدها على ذلك الأمير فخر الدين.5 واستمر الحال في القصر الملكي ، كالسابق. ولكن عندما لاحظت شجرة الدر ،أن خبر وفاة زوجها أوشك أن ينكشف وأن العدو أيضاً على وشك الانهزام. قامت باستدعاء ، ابن زوجها تورانشاه وأمرت رجال الدولة والجيش أن يحلفوا له يمين الولاء ، وأن يدعى لها على المنابر في المساجد؛ وذلك لتبقى السلطة في يدها ، وتعرف أمور الدولة كما تشاء. وذلك إن دل فيدل على ذكائها ودهائها.6

وقبل وصول تورانشاه ، قامت شجرة الدر بوضع خطة حربية مع القوات ، وأمراء المماليك وظلت تشرف على تنفيذها ، ومراقبة سير المعركة في المنصورة عن قرب. وبلغ من حماسها أنها كانت تعاون الأهالي مع الجنود ، في صد هجمات الأعداء والرد عليهم. حتى انتصر المسلمون عام 1250. لم يدم حكم تورانشاه أكثر من شهرين ، وذلك لفساده وطغيانه

وقام بأبعاد رجال الدولة الأكفاء ، وأخذ يهدد زوجة أبيه شجرة الدر ، ويطلب ما تبقى من ثروة أبيه ولم يكتف بذلك بل قام باستفزاز مماليك البحرية ، حتى لقي مصرعه على يد بيبرس. وافق الكل في مصر على تولي شجرة الدر العرش ، بعد مصرع تورانشاه.7

كان عهد شجرة الدر زاهياً وزاهراً ، أظهرت خلاله قدرتها وجدارتها في الحكم. وتنعم الفقراء بحسناتها ، إذ كانت ملكة عاقلة لبيبة ، على علم تام بنفسية الشعب ومتطلباتهم. لم تكن حكومتها استبدادية ، لا تشرع في عمل من الأعمال حتى تعقد مجلس المشاورة ، ولا تصدر قراراً إلا بعد أخذ رأي وزرائها ومستشاريها. وقامت بنشر راية السلام أيضاً ، فأمن الناس خلال فترة حكمها. في عصرها نبغ العديد من الأدباء والشعراء المصريين مثل ، بهاء الدين زهير ، وجمال

الدين بن مطروح ،وفخر الدين بن الشيخ. وفي عهدها أيضاً قامت بعمل جيد ، وهو تسيير المحمل كل عام من مصر إلى الحجاز في موسم الحج ، ولم تزل عادة تسيير المحمل المصري متبعة إلى اليوم ، فهو يذهب كل عام إلى بيت الله الحرام حاملاً كسوة الكعبة ، والمؤن والأموال لأهل البيت ، مصحوباً بفرقة كبيرة من الجيش لحماية الحجاج.

عرفت شجرة الدر بعدة ألقاب خلال حكمها مثل الملكة عصمة الدين ، والملكة أم خليل ، وأخيراً الملكة شجرة الدر أم خليل المستعصمية، نسبة إلى الخليفة المستعصم ، وذلك خوفاً من أن لا يعترف بها الخليفة العباسي ، الذي كان يجلس على عرش العباسيين في بغداد آنذاك. ودعي لها على المنابر ، كدعاء الخطباء كل جمعة في المساجد. كما أصبحت الأحكام تصدر باسمها ، ونقش أسمها على الدراهم والدنانير.

ولم يرق للعباسيين أن تتولى امرأة عرش مصر. مما أدى إلى نشوب الكثير من الخلافات بين الأمراء والزعماء في مصر والشام ولذلك اتخذت من الأمير عز الدين أيبك مقدماً للعساكر ، ثم تزوجته ، وبفعلتها هذه أمنت كلام الناس واعتراض العباسيين لها. وقبل أن يعقد عليها اشترطت على أن يطلق زوجته ويتخلى عن ولده المنصور علي ، حتى لا ينتقل العرش إلى أبنه، وأطلق عليه اسم الملك المعز.8

نهايتها ووفاتها:

مرت الأيام إلى أن أصبح زمام الأمور داخل مصر وخارجها ، في يد زوجها الملك المعز. وبلغها أن زوجها يريد خطبة ابنة الملك بدر الدين لؤلؤ ، صاحب الموصل. فساءت العلاقات بين شجرة الدر وبين الرجل الذي وثقت به ، وجعلته ملكاً. وكادت تفقد عقلها من شدة الحقد والغيرة. وعلمت أيضاً انه ينوي ، إنزالها من قصر القلعة إلى دار الوزارة في القاهرة ، وذلك ليتفادى الجدل والخصام معها ، وحتى يتم تهيئة القلعة ، لاستقبال العروس الضرة. غضبت شجرة الدر غضباً شديداً ، لما فيه من جرح لمشاعرها وكبريائها. وخاصة بعد تأكدها من عزيمته في التخلص منها. فكان لابد من التخلص منه. فدعته ذات يوم واستقبلته بصدرٍ رحب وبشاشة ، وكأن شيئاً لم يحدث بينهما ، حتى شعر بالطمأنينة ودخل الحمام ، وأنقض عليه خمسة من غلمانها الأقوياء ، وضربوه إلى أن مات. ثم أذيع بأن الملك المعز توفي فجأة ، ولكن لم يصدق الناس هذا النبأ.

حاولت شجرة الدر أن يجلس أحد الأمراء المماليك على العرش لكي تحتمي بهِ ، إلا أن محاولاتها بائت بالفشل ، والتجأت إلى البرج الأحمر في القلعة عام 1257. ولكنها لم تنجُ بفعلتها ، حيث تم القبض عليها من قبل الأمراء المناصرين لزوجها القتيل ، وفرض عليها السجن المنفرد ، ولاقت فيه ألواناً مختلفة من العذاب والهوان. ومن ثم تدخلت ضرتها أم علي وهي زوجة الملك المعز الأولى، وحرضت ابنها علي على قتلها انتقاماً لأبيه. وهناك مراجع أخرى تقول بأنه ، تم قتلها على يد الجواري اللاتي واصلن ضربها بالقباقيب إلى أن فارقت الحياة.9

وهكذا عاشت شجرة الدر ، مكرمه وجليلة ، ذات نفوذٍ وقوة ، ولكنها ماتت ميتةٍ ذليلة ومهينه. إن سيرة شجرة الدر ، مازالت تروى ، وهناك العديد من النساء من تتمنى أن تقوم بشخصية شجرة الدر ، وذلك لقوة نفوذها ، وذكائها ودهائها ، وقدرتها العجيبة في الحكم. وقد خلد التاريخ ذكراها ، وذكر الخدمات التي قدمتها للمسلمين ومصر. إلا أن غيرتها على كبريائها وكرامتها ، كانت السبب الذي دفعها لارتكاب تلك الجريمة ، التي أسقطتها من قمة الشهرة وقضت عليها.

..
.

Post: #2
Title: Re: ^ نســـاء عظيمــات ^
Author: Tabaldina
Date: 03-09-2004, 01:27 PM
Parent: #1

..
.


نازك الملائكة…
الشاعرة والناقدة المبدعة


نازك الملائكة شاعرة عراقية تمثل أحد أبرز الأوجه المعاصرة للشعر العربي الحديث، الذي يكشف عن ثقافة عميقة الجذور بالتراث والوطن والإنسان.

تكاد تكون نازك الملائكة رائدة للشعر الحديث، بالرغم من إن مسألة السبق في "الريادة" لم تحسم بعد بينها وبين بدر شاكر السياب، ولكن نازك نفسها تؤكد على تقدمها في هذا المجال عندما تذكر في كتابها "قضايا الشعر المعاصر" بأنها أول من قال قصيدة الشعر الحر، وهي قصيدة "الكوليرا" عام 1947. أما الثاني -في رأيها- فهو بدر شاكر السياب في ديوانه "أزهار ذابلة" الذي نشر في كانون الأول من السنة نفسها.

لنازك الملائكة العديد من المجاميع الشعرية والدراسات النقدية منها ما ضمها كتاب ومنها ما نشر في المجلات والصحف الأدبية، أما مجاميعها الشعرية فهي على التوالي:

عاشقة الليل 1947، شظايا ورماد‍ 1949، قرار الموجة 1957، شجرة القمر1968، مأساة الحياة وأغنية الإنسان "ملحمة شعرية" 1970، يغير ألوانه البحر1977، وللصلاة والثورة 1978.

ونازك الملائكة ليست شاعرة مبدعة حسب، بل ناقدة مبدعة أيضاً، فآثارها النقدية: (قضايا الشعر المعاصر1962)، (الصومعة والشرفة الحمراء1965) و(سيكولوجية الشعر 1993) تدل على إنها جمعت بين نوعين من النقد، نقد النقاد ونقد الشعراء أو النقد الذي يكتبه الشعراء، فهي تمارس النقد بصفتها ناقدة متخصصة. فهي الأستاذة الجامعية التي يعرفها الدرس الأكاديمي حق معرفة، وتمارسه بصفتها مبدعة منطلقة من موقع إبداعي لأنها شاعرة ترى الشعر بعداً فنياً حراً لا يعرف الحدود أو القيود. لذلك فنازك الناقدة، ومن خلال آثارها النقدية تستبطن النص الشعري وتستنطقه وتعيش في أجوائه ناقدة وشاعرة على حد سواء بحثاً عن أصول فنية أو تجسيداً لمقولة نقدية أو تحديداً لخصائص شعرية مشتركة.

ولدت نازك الملائكة في بغداد عام 1923 وتخرجت في دار المعلمين عام 1944، وفي عام 1949 تخرجت في معهد الفنون الجميلة "فرع العود"، لم تتوقف في دراستها الأدبية والفنية إلى هذا الحد إذ درست اللغة اللاتينية في جامعة برستن في الولايات المتحدة الأمريكية، كذلك درست اللغة الفرنسية والإنكليزية وأتقنت الأخيرة وترجمت بعض الأعمال الأدبية عنها، وفي عام 1959 عادت إلى بغداد بعد أن قضت عدة سنوات في أمريكا لتتجه إلى انشغالاتها الأدبية في مجالي الشعر والنقد، والتحقت عام 1954 بالبعثة العراقية إلى جامعة وسكونسن لدراسة الأدب المقارن، وقد ساعدتها دراستها هذه المرة للاطلاع على اخصب الآداب العالمية، فإضافة لتمرسها بالآداب الإنكليزية والفرنسية فقد اطلعت على الأدب الألماني والإيطالي والروسي والصيني والهندي.

اشتغلت بالتدريس في كلية التربية ببغداد عام 1957، وخلال عامي 59 و1960 تركت العراق لتقيم في بيروت وهناك أخذت بنشر نتاجاتها الشعرية والنقدية، ثم عادت إلى العراق لتدرس اللغة العربية وآدابها في جامعة البصرة. وهذه بعض مقتطفات من أشعارها:

أي معنى لطموحي ورجائي شهد الموت بضعفي البشري

مثلي العليا وحلمي وسمائي كلها أوهام قلــب شاعـري

هكذا قالوا فما معنى بقـائي رحمة الأقدار بالقلب الشقـي

لا أريد العيش في وادي العبيد بين أموات وان لم يــدفنوا

جثث ترسف في اسر القيـود وتماثيل احتوتها الأعيــن

أبدا اسمعهم عذب نشيــدي وهم نوم عميـــق محزن

لا يظنوا انهم قد سحقـــوه فهو ما زال جمالاً ونقــاء

سوف تمضي في التسابيح سنوه وهم في الشر فجراً ومسـاء

ظلت نازك الملائكة عاشقة لفورة الحياة حتى وهي ترقد عليلة مستسلمة لأوجاع مرضها الأليم:

جسدي في الألم خاطري في القيود

بين همس العدم وصراخ الوجـود

وسكوني حيـاة وظلامي بريــق

النجـاة النجـاة من شعوري العميق

في دمي إعصار عاصف بالجمـود

وشضايـا نـار تتحـدى الركـود

حظيت شاعرتنا المبدعة الحائزة على درع الإبداع العراقي عام 1992 ...

..
.

Post: #3
Title: Re: ^ نســـاء عظيمــات ^
Author: Tabaldina
Date: 03-09-2004, 05:18 PM
Parent: #1

..
.

آسية امرأة فرعون
رضي الله عنها


نسبها:

هي آسية بنت مزاحم بن عبيد الديان بن الوليد الذي كان فرعون مصر في زمن يوسف- عليه الصلاة السلام- وقيل إنها كانت من بني إسرائيل من سبط موسى- عليه الصلاة السلام- وقيل بل كانت عمته [1] .

حياتها:
كانت تعيش في أعظم القصور وأفخمها إذ كان قصرها مليئاً بالجواري والعبيد والخدم أي أنها كانت تعيش حياة مترفة منعمة، فقد كانت آسية زوجة للفرعون الذي طغى واستكبر في زمانه وادعى الألوهية وأمر عبيده بأن يعبدوه ويقدسوه هو لا أحد سواه، وأن ينادوه بفرعون الإله -معاذ الله- .

وما أن يذكر اسم آسية امرأة فرعون حتى يتراود لنا قصة سيدنا موسى- عليه السلام- وموقفها عندما رأته في التابوت، فقد كان لوجهه المنير الذي تشع منه البراءة أثر كبير في نفسها، فهي من أقنع الفرعون بالاحتفاظ به، وتربيته كابن لهما ، في البداية لم يقتنع بكلامها ولكن إصرار آسيه جعله يوافقها الرأي وعاش نبينا موسى -عليه السلام- معهما وأحبته حب الأم لولدها.

وعندما دعا موسى- عليه السلام- إلى توحيد الله تعالى آمنت به وصدقته، ولكنها في البداية أخفت ذلك خشية فرعون و ما لبثت حتى أشهرت إسلامها واتباعها لدين موسى- عليه السلام-، وجن جنون الفرعون لسماعه هذا الأمر المروع بالنسبة له، وحاول عبثاً ردها عن إسلامها وأن تعود كما كانت في السابق ، فتارة يحاول إقناعها بعدم مصداقية ما يدعو له موسى- عليه السلام- وتارة يرهبها بما قد يحل بها من جراء اتباعها لموسى- عليه السلام- ولكنها كانت ثابتة على الحق ولم يزحزحها فرعون في دينها وإيمانها مقدار ذرة.

سأل فرعون الناس عن رأيهم في مولاتهم آسية بنت مزاحم فأثنوا عليها كثيراً وقالوا أن لا مثيل لها في هذا العالم الواسع، وما أن أخبرهم بأنها اتبعت دين موسى- عليه السلام- حتى طلبوا منه بأن يقتلها فما كان عقابها من الفرعون إلا أن ربط يديها ورجليها بأربعة أوتاد وألقاها في الشمس، حيث الحر وأشعة الشمس الحارقة [2] ووضعوا صخرة كبيرة على ظهرها . فمن كان يصدق بأن الملكة التي كانت تعيش في أجمل القصور بين الخدم والحشم هي الآن مربوطة بالأوتاد تحت أشعة الشمس الكاوية ، ومع ذلك فقد صبرت وتحملت الشقاء طمعاً بلقاء الله -عز وجل- والحصول على الجنة، وذلك لاعتقادها القوي بأن الله لا يضيع أ جر الصابرين. وقبل أن تزهق روحها الطاهرة وإحساسها بدنو أجلها دعت المولى عز وجل بأن يتقبلها في فسيح جناته وأن يبني لها بيتاً في الجنة.[3] قال تعالى:" وضرب الله مثلا للذين ءامنوا امرأت فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين" التحريم آية رقم (11).

فمن ملاحظتنا لآية السابقة فقد قدمت (عندك) على (في الجنة) ولهذا سر عظيم ألا وهو( أنها طلبت القرب من رحمة الله والبعد من عذاب أعدائه ثم بينت مكان القرب بقولهم: "في الجنة" أو أرادت ارتفاع الدرجة في الجنة وأن تكون جنتها من الجنان التي هي أقرب إلى العرش وهي جنات المأوى فعبرت عن القرب إلى العرش بقولها: "عندك".)[4]

فما أعظمها من امرأة وكم يفتقر مجتمعنا لمثل هذه الشخصيات العظيمة الآن وما أحوجنا إليها.

أجرها وثوابها وفضلها :

كان لآسية ما تمنت فقد بني لها عنده بيتاً في الجنة،( واستحقت أن يضعها الرسول- صلى الله عليه وسلم- مع النساء اللاتي كملن، وذلك عندما قال: "كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام").[5] (وروي عن ابن عباس قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطوط أربع في الأرض وقال أتدرون ما هذا؟ قلنا الله ورسوله أعلم فقال- صلى الله عليه وسلم- أفضل نساء الجنة أربع- خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون)[6] كما روي أنها ومريم بنت عمران ستكونان من أزواج الرسول- صلى الله عليه وسلم- في الجنة.[7] فنسأل الله عز وجل بأن يتقبلنا جميعا في فسيح جناته وأن يمنحنا فرصة الشهادة مثل هذه الشخصية العظيمة وغيرها الكثير ممن قرأنا عنهم أو حتى سمعنا عنهم.



المراجع :

[1] أبي الفداء الحافظ: البداية والنهاية ومعه نهاية البداية والنهاية في الفتن والملاحم، ج1، ص 329

[2] الشيخ محمد الأعلمي: تراجم أعلام النساء، ج 1، ص193

[3] موقع القصص الواقعية

[4] http://www.alghazali.homestead.com/files/st54.htm

[5] المصدر السابق.

[6] الشيخ محمد الأعلمي: تراجم أعلام النساء، ج 1، ص193

[7] أبي الفداء الحافظ: البداية والنهاية ومعه نهاية البداية والنهاية في الفتن والملاحم، ج1، ص 329


Post: #4
Title: Re: ^ نســـاء عظيمــات ^
Author: Tabaldina
Date: 03-09-2004, 06:34 PM
Parent: #1

..
.
ولادة بنت المستكفي
الأميرة الشاعرة الأندلسية



نسب ولادة واسمها :

هي ولادة بنت المستكفي بالله محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن الناصر لدين الله الأموي، شاعرة أندلسية ، من بيت الخلافة. وكانت واحدة في زمانها،المشار إليها في ذلك الوقت بسبب شعرها. وكانت تخالط الشعراء في زمانها وتساجلهم بل وتنافسهم.

أشعار ولادة بنت المستكفي:

كان ولادة تحب الشعر وشعرها، وأيضا كانت تكتب بالذهب على الطراز الأيمن:


أنا والله أصلح للمعالي *** وامشي مشيتي وأتيه تيها

وكتب على الطراز الأيسر:

وأمكن عاشقي من صحن خدي *** وأعطي قبلتي من يشتهيها.([1] )

وكانت مع مشهودة بالصيانة والعفاف، حيث كانت شاعرة وأديبة من شواعر الأندلس وكان في قولها حسنة وجزلة الألفاظ، أنها كانت تناضل الشعراء، وتساجل الأدباء وتفوق البرعاة ، فكان مجلسها في قرطبة ملعبا بجياد النظم والنثر يعشو أهل الأدب إلى ضوء غرتها ويتهالك أفراد الشعراء والكتاب على حلاوة عشرتها وعلى سهولة حجابها وكثرة منتا بها ،كانت تخلط ذلك بعلو نصاب وكرم انساب وطهارة أثواب على أنها وجدت للقول فيها السبيل بقلة مبالاتها ومجاهدتها.([2])

وقالت ولادة مداعبة للوزير ابن زيدون وكان له غلام اسمه علي:

إن ابن زيدون على فضله *** يفتا بني ظلما ولا ذنب لي

يلحظني شزرا إذا جئته *** كأني جئت لأحضي علي

وكانت لولادة جارية سوداء بديعة المعنى فظهر لولادة أن ابن زيدون مال إليها فكتب إليه:

لو كنت تنصف في الهوى ما بيننا *** لم تهو جاريتي ولم تتخير

وتركت غصنا مثمر بجماله *** وجنحت للغصن الذي لم يثمر

ولقد علمت بأنني بدر السما*** لكن ولعت لشوقي بالمشتري. ([3] ).

ولادة بنت المستكفي وابن زيــــدون:
كانت ولادة في المغرب تعد كعلية بالمشرق إلا أن ولادة تزيد بمزية الحسن الفائق، وأما الأدب والشعر والنادر، وخفة الروح فلم تكن تقصر عنها، وكان لها صفة في الغناء ، وكان لها مجلس يغشاه أدباء قرطبة وظرفاؤها، فيمر فيه من النادر وإنشاد الشعر كثير لما اقتضاه عصرها.

وقيل : إن ابن زيدون لم يزل يروم دنو ولادة والاقتراب منها ولعا وحبا بها، فيهدر دمه دونها، ويهدد لسوء أثره ملك قرطبة وواليها، وعندما يئس من لقياها وحجب عنه، وكتب إليها يستديم عهدها، ويؤكد ودها، ويعتذر من فراقها بالخطب الذي خشيه، والامتحان الذي غشيه، ويعلمها أنه ما سلاها بخمر ولا خبا ما في ضلوعه من ملتهب الجمر، وهي قصيده ضربت في الإبداع بسهم، وطلعت في كل خاطر وهم، ونزعت منزعا قصر عنه حبيب بن أوس الطائي ( البحتري) وعلي بن الجهم ، وتعد القصيدة النونية لابن زيدون من غرر الشعر العربي، والتي نوردها في هذا المقام لأهميتها :

وَنَابَ عَنْ طِيْبِ لُقْيَانَا تَجَافِيْنَا
أَضْحَى التَّنَائِي بَدِيْلاً مِنْ تَدانِيْنا

حِينٌ فقام بنا للحِين ناعِينا
ألا وقد حانَ صُبح البَيْنِ صَبَّحنا

حُزنًا مع الدهر لا يَبلى ويُبلينا
مَن مُبلغ المُبْلِسينا بانتزاحِهم

أنسًا بقربهم قد عاد يُبكينا
أن الزمان الذي ما زال يُضحكنا

بأن نَغُصَّ فقال الدهر آمينا
غِيظَ العِدى من تساقينا الهوى فدعوا

وانبتَّ ما كان موصولاً بأيدينا
فانحلَّ ما كان معقودًا بأنفسنا

رأيًا ولم نتقلد غيرَه دينا
لم نعتقد بعدكم إلا الوفاءَ لكم

بنا، ولا أن تسروا كاشحًا فينا
ما حقنا أن تُقروا عينَ ذي حسد

وقد يئسنا فما لليأس يُغرينا
كنا نرى اليأس تُسلينا عوارضُه

شوقًا إليكم ولا جفت مآقينا
بِنتم وبنا فما ابتلت جوانحُنا

يَقضي علينا الأسى لولا تأسِّينا
نكاد حين تُناجيكم ضمائرُنا

سُودًا وكانت بكم بيضًا ليالينا
حالت لفقدكم أيامنا فَغَدَتْ

وموردُ اللهو صافٍ من تصافينا
إذ جانب العيش طَلْقٌ من تألُّفنا

قطوفُها فجنينا منه ما شِينا
وإذ هَصَرْنا غُصون الوصل دانية

كنتم لأرواحنا إلا رياحينا
ليسقِ عهدكم عهد السرور فما

أن طالما غيَّر النأي المحبينا
لا تحسبوا نَأْيكم عنا يُغيِّرنا

منكم ولا انصرفت عنكم أمانينا
والله ما طلبت أهواؤنا بدلاً

من كان صِرفَ الهوى والود يَسقينا
يا ساريَ البرقِ غادِ القصرَ فاسق به

إلفًا، تذكره أمسى يُعنِّينا
واسأل هناك هل عنَّي تذكرنا

من لو على البعد حيًّا كان يُحيينا
ويا نسيمَ الصِّبا بلغ تحيتنا

منه ولم يكن غِبًّا تقاضينا
فهل أرى الدهر يَقصينا مُساعَفةً

مسكًا وقدَّر إنشاء الورى طينا
ربيب ملك كأن الله أنشأه

مِن ناصع التبر إبداعًا وتحسينا
أو صاغه ورِقًا محضًا وتَوَّجَه

تُومُ العُقُود وأَدْمَته البُرى لِينا
إذا تَأَوَّد آدته رفاهيَة

بل ما تَجَلَّى لها إلا أحايينا
كانت له الشمسُ ظِئْرًا في أَكِلَّتِه

زُهْرُ الكواكب تعويذًا وتزيينا
كأنما أثبتت في صحن وجنته

وفي المودة كافٍ من تَكَافينا
ما ضَرَّ أن لم نكن أكفاءَه شرفًا

وردًا أجلاه الصبا غَضًّا ونَسْرينا
يا روضةً طالما أجْنَتْ لَوَاحِظَنا

مُنًى ضُرُوبًا ولذَّاتٍ أفانِينا
ويا حياةً تَمَلَّيْنا بزهرتها

في وَشْي نُعمى سَحَبْنا ذَيْلَه حِينا
ويا نعيمًا خَطَرْنا من غَضَارته

وقدرك المعتلى عن ذاك يُغنينا
لسنا نُسَمِّيك إجلالاً وتَكْرِمَة

فحسبنا الوصف إيضاحًا وتَبيينا
إذا انفردتِ وما شُورِكْتِ في صفةٍ

والكوثر العذب زَقُّومًا وغِسلينا
يا جنةَ الخلد أُبدلنا بسَلْسِلها

والسعد قد غَضَّ من أجفان واشينا
كأننا لم نَبِت والوصل ثالثنا

حتى يكاد لسان الصبح يُفشينا
سِرَّانِ في خاطرِ الظَّلْماء يَكتُمُنا

عنه النُّهَى وتَركْنا الصبر ناسِينا
لا غَرْو فِي أن ذكرنا الحزن حِينَ نَهَتْ

مكتوبة وأخذنا الصبر تَلْقِينا
إذا قرأنا الأسى يومَ النَّوى سُوَرًا

شِرْبًا وإن كان يروينا فيُظمينا
أمَّا هواكِ فلم نعدل بمنهله

سالين عنه ولم نهجره قالينا
لم نَجْفُ أفق جمال أنت كوكبه

لكن عدتنا على كره عوادينا
ولا اختيارًا تجنبناه عن كَثَبٍ

فينا الشَّمُول وغنَّانا مُغَنِّينا
نأسى عليك إذا حُثَّت مُشَعْشَعةً

سِيمَا ارتياحٍ ولا الأوتارُ تُلهينا
لا أَكْؤُسُ الراحِ تُبدى من شمائلنا

فالحُرُّ مَنْ دان إنصافًا كما دِينَا
دُومِي على العهد، ما دُمْنا، مُحَافِظةً

ولا استفدنا حبيبًا عنك يُثْنينا
فما اسْتَعَضْنا خليلاً مِنك يَحْبسنا

بدرُ الدُّجَى لم يكن حاشاكِ يُصْبِينا
ولو صَبَا نَحْوَنا من عُلْوِ مَطْلَعِه

فالطيفُ يُقْنِعُنا والذِّكْرُ يَكْفِينا
أَوْلِي وفاءً وإن لم تَبْذُلِي صِلَةً

بِيْضَ الأيادي التي ما زلْتِ تُولِينا
وفي الجوابِ متاعٌ لو شفعتِ به

صَبَابةٌ منكِ نُخْفِيها فَتُخفينا عليكِ مِني سلامُ اللهِ ما بَقِيَتْ

وقال ابن زيدون يخاطب ابن عبدوس لاشتراكه معه في هواها:

أثرت هزبر الشرى إذ ربض *** ونبهته إذ هدا فأغتمض
ومازلت تبسط مسترسلا *** إليه يد البض لما اتفبص
حذار حذار، فأن الكريم *** إذا سيم خسفاً أبي فامتعض
وإن سكون الشجاع النهوس *** ليس بمانعه أن يعض
عمدت لشعري ولم تتئد *** تعارض جوهره بالعرض
أضاقت أساليب هذا القريض *** أم قد عفا رسمه فانقرض
لعمري فوقت سهم النضال *** وأرسله لو أصبت الغرض
وغرك من عهد ولادة *** سراب تراءى وبرق ومض
هي الما يعز على قابض *** ويمنع زبدته من مخض

ومن شعر ابن زيدون وولعه بولادة بنت المستكفي قوله :
إني ذكرتك بالزهرة مشتاقا
والأفق طلق ووجه الأرض قد راها
وللنسيم اعتلال في أصائله
كأنما رق لي فاعتل إشفاقا
والروض عن مائه الغضي مبتسم
كما حللت عن اللبات أطواقاً
يوم كأيام لذات لنا انصرمت
بتنا لها حين نام الدهر سراقا
كان يهبج لنا ذكرى تشوقنا
اليك لم يعد عنها العدو أن طاقا
لو كان وفي المنى في حمغا بكم
لكان من أكرم الأيام أخلاقا
لا سكن الله قلباً عن ذكركم
فلم يطر بجناح الشوق خفاقاً
لو شاء حملي نسيم الريح حين
هفا وافاكم بفتى أضناه مالا قي

وقالت ولادة تهجوا الأصبحي:

يا أصبحي اهنأ فكم نعمة *** جاءتك من ذي القرش رب المنن
لقد نلت ياست ابنك مال ينل ** بفرج بوران أبوها الحسن

"ومرت ولادة بالوزير أبي عامر بن عبدوس وأمام داره بركة تتولد عن كثير الأمطار وربما استمدت بشيء مما هنالك من الأقذار،وقد نشر أبو عامر كمية ونظر في عطفيه وحشر أعوانه إليه". فقالت له:

أنت الخصيب وهذه مصر ** فتدفقا فكلا كما بحر([4])

وفاة ولادة بنت المستكفي:
أن ولادة بنت المستكفي كانت من أروع الشعراء والأدباء في شعرها حيث كانت لها مكانة مميزة في الشعر، وقد تركة وفاة فراغا كبيرا في نفوس محبيه وقد عمرت عمرا طويلا، ولم تتزوج وماتت لليلتين خلتا من صفر سنة ثمانين، وقيل أربع وثمانين وأربعمائة، وكان أبوها المستكفي بايعه أهل قرطبة لما خلفوا المستظهر.( [5])

..
.

المراجع والمصادر :
1.أحمد بن المقري، نفخ الطيب من غصن الأندلس الرطيب، تحقيق: يوسف محمد، الطبعة الأول، 1998 ، دار الفكر، بيروت- لبنان.

2. خير الدين الزركلي، الأعلام قاموس تراجم، دار العلم للملايين، بيروت- لبنان.

3. عمر رضا كحالة، أعلام النساء في عالمي العرب والإسلام ، بيروت .

4. موسوعة الشعر العربي- ابن زيدون : http://arabicpoems.com/test/andalus/ibn_zidon.html

5. http://www.islamonline.net/iol-arabic/dowalia/fan-46/morooj1.asp

Post: #5
Title: Re: ^ نســـاء عظيمــات ^
Author: Tabaldina
Date: 03-13-2004, 01:24 PM
Parent: #1

..
.
الخيزران بنت عطاء

اسمها ونسبها :

الخيزران امرأة عاشت عظيمة، وقدمت الكثير للناس أولا ولابنها ثانيا، كان ولدها موسى الهادي خليفة، وكان يبدي لها في بادئ الأمر الطاعة حتى إنها كانت تتدخل في أمور خلافته ، وكان لها سلطة عليه، ونظرا لهذه السلطة في أمور الخلافة فقد طمع الناس فيها، فقد كانوا ينهالون عليها بشكل كبير، لتلبي طلباتهم عند ولدها الهادي حتى قال فيها أبو المعافي :

يا خيزرانُ هناك ثم هناك إن العباد يسوسهم ابناكِ

الخيزران وسياسة الحكم :

وذات يوم طلبت الخيزران من ولدها الهادي أن يولي خاله اليمن لكن الهادي خيرهما ما بين طلاقه من ابنه خاله إذ إنه كان متزوجا بها، وما بين ولاية خاله اليمن، فطلب من رسوله الذي لم يفهم عليه أن يبلغهما هذا الكلام، فأبلغها الرسول ونظرا لسوء فهمه للرسالة من أن الخيزران وخاله اختارا ولاية اليمن، فقام الهادي بدورة وطلق وزوجته التي هي ابنه خاله.

وفي أحد الأيام كلمت الخيزران ولدها الهادي، وطلبت منه أمرا ، ولكن الهادي سكت عنها، ولم يجبها وأصرت الخيزران على أن تسمع الرد من الهادي، إلا انه غضب ولم يجبها، وبعد هذا الموقف أقسم الهادي ألا يقبل لها طلبا ولا يسمع لها رأيا، وهي بدورها أقسمت ألا تطلب منه شيئا، والجدير بالذكر أن الموضوع في ذلك اليوم كان يخص عبد الله بن مالك والخيزران، إذ كانت قد وعدته أن تقضي له حاجته عند ولدها الهادي .

وبعد هذا الموقف افترق كل من الأم والابن، واستقر الحقد في قلب الهادي اتجاه أمه لدرجة انه أرسل لها بلحم مسموم إلا أن الخادمة أشعرت الطباخة بذلك ونجت الخيزران من الموت في ذلك اليوم،

ولكن الخيزران لم تسكت عن عدوها ، ولدها فلذة كبدها وقررت ن تنتقم منه فطلبت من أحدهم أن يدس السم له ونجحت بذلك فأتى الهادي الموت، وبذلك انتهت المعركة بين الأم والابن.

وعندما سمعت الخيزران بخبر وفاه الهادي قالت في بادئ الأمر: ما افعل، فطلبت منها خادمتها أن تذهب إليه، وتنسى كل الحقد والغضب، فقامت الخيزران وهمت للوضوء وصلت عليه. وبعد هذه الحادثة ذهبت الخيزران للحج ، وعندما انتهت منه رأت أبا دلامة يصيح عندها، وتبين لها بعد ذلك أنه يريد جارية من جواريها؛ لتقوم بخدمته نظرا لأنه رجل كبير في السن، فلبت طلبه.

وفاتها :
توفيت الخيزران ليله الجمعة سنة 173هـ. وقد صلى عليها الرشيد، وعندما خرج ُوضع له كرسي ليجلس عليه، فدعا الفضل بن الربيع ودفع إليه الخاتم قائلا: كنت أهم أن أوليك فتمنعي أمي فأطيعيه.

..
.