حذاء الوزير _ قصة قصيرة

حذاء الوزير _ قصة قصيرة


12-12-2005, 01:26 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=80&msg=1134390366&rn=0


Post: #1
Title: حذاء الوزير _ قصة قصيرة
Author: kh_abboud
Date: 12-12-2005, 01:26 PM

تحياتى لعشاق القصة القصيرة بالبورد
هذه القصة القصيرة كتبتهاعام 1968 وقد نشرها المرحوم الفاتح التجانى فى الرأى العام الأسبوعى فى ذلك الوقت ، وكان رئيس تحريرها... وكنت أنا طالبا فى كلية الفنون الجميلة ، وجدتها بين أوراقى فراق لى أن أعيد نشرها :

حذاء الوزير

كانت أمسية جميلة من أمسيات الربيع الذى لم يتجاوز اليومين . قام الاستاذ وهمى ، وهو مأخوذ بروعة الجو وروعة ما ينتظره فى النادى فى ذلك اليوم البهيج .
دخل الحمام ولبث فيه نصف ساعة بالتمام والكمال... وأنفق نصف ساعة أخرى فى التزين والتعطر ، ولم ينس أن يختار( بدلته) الوحيدة وكرافتته الزرقاء وربطها بعناية ونظر إلى صورته فى المرآة مدة طويلة فأعجبه شكل وجهه مع (اللياقة) والكرافتة ... فهز كتفيه فى عظمة وجلال ... وغمز يعينه لصورته فى المرآة فرحا.
خفت خطوته وهو فى طريقه للنادى ... فاليوم أمر... وأى أمر .. سيحتفل النادى هذا المساء وسيقدم ( باقة من ألمع نجوم الطرب والفكاهة والمرح) .. وسوف يزور النادى ويحضر الحفل ، السيد الوزير بنفسه ...
جعل الأستاذ وهمى يسرع الخطو .. ولكنه وقع فى تناقض مريع إربد له وجهه ... كيف يوفق بين مشيه السريع ونظافة الحذاء ؟ .. كيف يمشى مسرعا دون ان يتلوث الحذاء بتراب الأرض .. ولعن الأستاذ وهمى بلاد السودان ( لسنسفيل جدودها) وقرر أن يسرع الخطو ، ثم ينظف الحذاء مرة أخرى قرب باب النادى ... ورغم هذا القرار الخطير فقد أصبحت مشيته أشبه بمحاولة يائسة للسير فوق بيض الدجاج .

كان النادى مكتظا بالناس وجلست النساء فى ناحية والرجال فى ناحية ، وبينهما سد منيع من الأطفال ... وفى المقدمة خصصت مقاعد مريحة لإستقبال ( الوزير وصحبه) ... جال الأستاذ ببصره يمنة ويسرة ثم صعد إلى المنصة .. وجعل يعالج الميكرفون .. موهما الناس أنه ( يجرّب ) الصوت .. وخبط على الميكرفون عدة مرات .. وتنحنح عدة مرات ... وأمسك بالميكرفون : ( واحد .. إثنين .. ثلاثة..).... ثم نزل من المنصة .. بعد ـن تأكد أن الجميع قد شاهدوه .. وود لو بقى فوق المسرح أكثر .. ولكن .. لابد أن الصف الأخير قد شاهده أيضا ...
خلال الحفل كان الأستاذ وهمى يتجول كل خمس دقائق أمام الناس ... ولم ينس أن يسلّم على السيد الوزير عدة مرات وهو ينحنى تسعون درجة ... ويقدم له ( الأعيان).

استمتع الأستاذ وهمى بتقديم الحفل ... وكان بين( الوصلة) والأخرى يقف قرب المسرح ويرفع يده عاليا وينظر إلى الساعة ...
قام الوزير بعد مدة ، ليذهب ، رافعا يده محييا الناس .. وسار بخطوات أنيقة ، أو هكذا رآها الأستاذ وهمى .. وكان حذاء الوزير يلمع بصورة غير عادية تحت الأضواء ... وقام الاعيان وراء الوزير والتفوا حوله يسيرون معه إلى الخارج .. وتبعهم الأستاذ وهمى وكان يسير وراء الوزير مباشرة دون أن يشعر .. كان يسير تماما فوق آثار حذاء الوزير ... حتى اعتلى الوزير عربته ... وكان الأستاذ مازال يقف فوق آخر آثار حذاء الوزير ... ... وكان فى قمة السعادة .

خلف الله عبود الشريف 1968