سلامات يا أحن الناس (الشاعر - حميد)

سلامات يا أحن الناس (الشاعر - حميد)


12-10-2005, 06:56 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=80&msg=1134194211&rn=0


Post: #1
Title: سلامات يا أحن الناس (الشاعر - حميد)
Author: الطيب الشيخ
Date: 12-10-2005, 06:56 AM

سلامات يا أحنَّ الناس

في هذه القصيدة بل الأغنية الرائعة غنى الشاعر المبدع (حميد) للسلام،سلام بمعنى التحية بل والسلام في معناه الأوسع ،سلام يعم أرجاء البلاد ويغشى كل العباد،وأفتتح هذه القصيدة بسلام استصحب فيه تجربة و طريقة شعراء المدائح النبوية مثل ود أبو شريعة، أبو كساوي، الشيخ أحمد ود سعد، ود تميم( باشا المُدَّاح)، حاج الماحي، الصابونابي والشيخ عبد الرحيم البرعي وغيرهم من رواة المدائح السودانية، في عدِّهم للصلوات والسلام على النبي الكريم،عليه وعلى آل بيته وأصحابه أفضل الصلاة وأتم التسليم،حيث يتفنون ويتبارون في أعدادها بمتواليات عددية وهندسية وأعداد لا متناهيه،مثل قولهم صلواتي ماشرقت شمس ،وعدّ الخلايق كافر ومسلم، وعدّ النبات لي حبّ السمسم) وتلكم المعاني العرفانية الآسرة التي يتوسلون بها بين يدي مدائحهم، بل أمكنته بصيرته الشعرية النافذة من إدخال خيوط النور في ثم خياط النهار، كما استعاض عن عدّ الليالي بصورة مبهرة حقاً يقف حيالها القمر مشدوهاً،سلام بعدد الأجناس يختزل داخله التنوع الآثني:

سلامات يا أحنَّ الناس....
سلام ما سلموا العباد أواخر الليل قليبن حاس
سلام و الفيها شن بيوفيها وإنتِ حجابي والوسواس
سلام ما خشَّ خيط النور على إبر النهار ومقاس..
مشاعر قلبي عند زرزور يلاوي الريح بلا أنفاس..
يلم الصور يسِّوي قصور وما من خرطة ما من ساس
سلامات يا أحنَّ الناس
ما قهى القمر مبهور مع الوز النزل رقاص
وبين الصفقة والطنبور جزيرة غزيرة بالإحساس

ثم ينتقل ليضع أنامل الشعر على موضع الداء وليصف روعة هذه الأرض لولا هذه العلل:

بلدنا مِتُور ومو عتمور ارضنا قريرة مو حصحاص
إذا انسقت القلوب البور يشب شدر الوِلف مياس
يا الجرف البعد عشرو ودبش وكرو وشدير الفأس
نزل بحرو الطلق ضهرو وفتق ظهرو الحلو الأنفاس
سلامات يا أحنَّ الناس
يادرة ...قونقليس ...أناناس

ثم يدعو الذين أغوتهم الغربة ببهرجها وفتنهم سحرها والذين ساقتهم إليها الأقدار طوعاً أو كرهاً، واخلصوا لها أيما إخلاص بالالتفات إلى ما آل إليه حال بلداتهم بكسر الباء ومزارعهم المهجورة

سلام والغربة لأفي مدر فكر تحراها لاب تنقاس..
قدر والفيهو ما كسناهو وبن بُعد الوطن بنكاس
يا حاحاي مسور الغير مسورنا الطير عليها كباس
سمانا شتا وهجير مطِّير بحرنا يحيِّر الغتاس

ويذهب بنا بمحاذاة النيل باللوري إلى نوري الرمز وليس المنطقة وكان من الممكن أن تكون هذه الرحلة في ربوع كردفان مثلاً (اللوري حلّ بي دلاني في الوِدي) وهي صحبة لمشاركته متعة سحر الطبيعة.

إن قلت النخل في نوري جنة يقوقي فوقها دباس
وإن جيت لي السهل باللوري تسري ليالي لا آخر كاس
خيرنا كتير وكان بيطير دي عين والله ما هو يباس

ويستصحب معه من الموروث الشعبي بعض الامثال،ويقدم رقاع الدعوة للتفاؤل وعدم الاستسلام لليأس والتفكير ملياً في حل المشاكل ليعيش الكل أعزاء في ربوع هذه الأرض المعطاءة.

إحنا أسياده وإحنا بخير... ولا تقولي الزمن عاكاس
تمرنا ولا حلاوة الغير فقرنا ولا غنا الإفلاس
دلقاً بالعرق ينبلِّي يلبك في الضهر والرأس
ضارب في الشمش ينقلِّي أرفع هامة وأحلى لباس
ولابد الشبك تنحلّلي يوم الناس تقوم هي الناس
والينعلِّي ماب يندلِّي لا ننذلة لا ننداس

ثم يرسم صورة لأحد أبطاله الذي كان من أعمدة البلد يشارك الناس أفراحهم واتراحهم وهاهو يفكر في الغربة ويذكره بأن صحبته لهم لا يعادلها أغلى وأنفس ما يمكن أن يجلبه من متاع الحياة.


يارسن الأمل عنْتِلِّي ساب الحلة راكب الباص
وين يلقى الأهل والخلِّي لو لمَّ الدهب والماس
يا عنتلي كان ودناس.. كان سواي ومو حداث
لي ضهر الحبيب حرّاس ولي اتر البغيب قصّاص
(تقلتو تخفف البكيات ...تتقل خفتو الأعراس)
نفير للقلي وحدو نفير لمينة بيت مرق رصَّاص
كان عنتلي علِّي أناس..
وكت ضحكة سترتو بكت...سكتْ.. منو وليه كان ونَّاس
حطب حتى الكلام دا حطب والحاطبو داسْ الفأس
تعب حتى السُكات دا تعب ..تعب والتاعبو حاس الساس
ياعنتلي صد للحلي بير الحلي يابسي يباس
ويتلفت تميره تملِّي ماك واعد الصبر بي راس
روقي عيوني لا تنبلي بالدمع الدمع منقاص
لي صبراً حبيبة فضلِّي..درابة وبحر تنماص

ثم يختمها بدعوة لشعار (الدين لله و الوطن للجميع) و للتعدد الثقافي والديني كحلّ لازم للسلام المستدام.كما يضع الوطن في مقام المقدسات الدينية حين يصلي عليه كما نصلي علي الرسول (ص) وهذا معنى جديد أزعم أنه غير مسبوق فيه.

صلي على البلد بعد الله ...صلوا على الحبيب آناس
سلام لامن نلم ياخلة في الحلي الحنيني خلاص

عليها سلام سلام وسلام ...سلام عدَ فيها من أجناس
بلد ما فيها أيِّ كلام بلد بالصح بلد بت ناس
إذا ما أذَّن الآذان..إذا ما رنت الأجراس
سلامات يا أحن الناس
سلام لامن عشم في الشوق يلمنا نحنا ياك وخلاس

وبعد هذه مجرد إضاءة لنص مضيء بذاته، ولا أزعم إني أضفت اليه أي جديد،وهو واضح ومباشر رغم الرمزية الكثيفة التي يتدثر بها،وهي مجرد دعوة للمشاركة في تذوق هذه النكهة الغنية بطعم الوطن.

الطيب الشيخ