مروان التسونامي............................سعد محيو

مروان التسونامي............................سعد محيو


12-04-2005, 10:48 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=80&msg=1133732919&rn=0


Post: #1
Title: مروان التسونامي............................سعد محيو
Author: Omar
Date: 12-04-2005, 10:48 PM

اليوم ، غداً

يحق لحركة “حماس” ان تقلق من الصعود الشعبي الهائل لمروان البرغوثي وجيله الفتحاوي الجديد، فتقرر زج كبار قادتها في المعركة التشريعية المقبلة. ويحق لحركة “فتح” أن تفخر بقدرتها على تجديد دمها الذي اعتقد الكثيرون، وعن حق، أنه فسد وتخثر وبات يهدد بموت صاحبه. لكن الفخر الحقيقي في هذا “التسونامي المرواني” يجب ان يعود إلى الشعب الفلسطيني، الذي ما زال يسطر منذ أكثر من 100 عام تجربة غير مسبوقة في التاريخ البشري.

إنه الشعب الوحيد تقريباً الذي استطاع (ولا يزال، كما تدل تجربة البرغوثي) على تجديد نخبه السياسية والفكرية وقذفها إلى ساحة الفعل التاريخي، وسط ظروف تكاد تكون مستحيلة. ونحن هنا لا نتحدث فقط عن ثورة ياسر عرفات المفاجئة من قلب مخيمات الشتات، أو عن ثورة 1936 وعبد القادر الحسيني، أو حتى عن رواد انتفاضتي 1987 و،2000 بل أيضاً عن تلك المروحة العجيبة من القادة الوطنيين من كل الأصناف والانواع الذين اخترعهم الشعب الفلسطيني من العدم تقريباً.

وهكذا، كنا نجد الماركسي جورج حبش جنباً إلى جنب مع الاسلامي عبدالعزيز الرنتيسي، والليبرالي الفذ فيصل الحسيني مع أبو نضال، والمفكر العالمي إدوارد سعيد مع المخطط الاستخباري محمد دحلان. لا بل تكفي نظرة سريعة إلى تاريخ “فتح” ليتبين لنا العدد غير الطبيعي من القادة غير الطبيعيين الذين ظهروا برغم شخصية عرفات الفردية الطاغية: أبو جهاد،أبو إياد، أبو خالد العملة.. الخ.

ليس ثمة تفسير بسيط لهذه الظاهرة. ولا يكفي القول هنا ان المأساة هي القابلة القانونية الرئيسية للبطولة. فثمة الكثير من الشعوب التي تعرضت إلى نكبات مماثلة من دون أن تستطيع إنجاب ظواهر مماثلة.

بيد أن صعوبة التفسير لا تعني استحالة الاجتهاد، خاصة من ذلك النوع الذي يطغى عليه التفلسف. وهنا يطل علينا هيغل بمقاربة جميلة: “في بعض الحقبات، تتحطم بنية الروح لدى بعض الشعوب لانها تكون قد تآكلت وفرغت من جوهرها. لكن وحدها الشعوب الحية لا تتعرض إلى هذه التجربة، لأنها ترتفع دوماً إلى وعي الحقيقة بأن الانسان، من حيث هو إنسان، حر، وبأن حرية الروح تكوّن طبيعته الأخص”.

الشعب الفلسطيني تجسيد حقيقي لهذا النوع من الشعوب الحية. ومروان البرغوثي، وباقي القادة الفلسطينيين السابقين والحاليين واللاحقين، هم ادوات للروح الجماعية الفلسطينية التي تعيد إنتاج نفسها دوماً بوتائر مذهلة.

قد لا يعجب هذا التحليل الفلسفي البعض. لكن هذا البعض قد يدهش إذا ما عرف أن العديد من المفكرين والأكاديميين “الإسرائيليين” يدرسون الآن بالتحديد هذا النوع من “النبض اللامادي” لدى الفلسطينيين، ويصلون سريعاً إلى الاستنتاج بانه يجب لعن الساعة التي رفع فيها الصهيونيون الأوائل شعار “أرض بلا شعب”.

وهم بالطبع مصيبون تماماً في لعناتهم، تماماً كما أن هيغل كان سيكون مصيباً لو رأى تسونامي مروان البرغوثي الآن وقال فيه ما قاله عن نابليون وهو يراه من خلال نافذته: “إنها روح التاريخ تركب حصاناً”.