اليـسار الجديد

اليـسار الجديد


11-16-2005, 02:35 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=80&msg=1132148127&rn=0


Post: #1
Title: اليـسار الجديد
Author: منصوري
Date: 11-16-2005, 02:35 PM

اليسار الجديد

ولقد شعر أذكياء الماركسية بما يواجه النظرية من فشل في التطبيق ، ومن تحد واضح لأصولها النظرية ، فذهبوا مذاهب في محاولة إنقاذها فيما سمي باليسار الجديد ، والذي حاول تعديل التعاليم الأساسية للفكرة الماركسية ، بما يتناسب مع الواقع الديالكتيكي الجديد الذي طرحته الحياة. وفي الحق أن تعديل الفكرة الماركسية إنما بدأ منذ عهد لينين نفسه ، الذي أدخل تغييرات جوهرية تمس أسس النظرية الماركسية ، فهو قد طبق النظرية في دولة زراعية لم تنضج فيها الظروف الثورية ، التي تضع العمال في قيادة حركة الثورة والتغيير ، كما يظن كارل ماركس. فروسيا لم تدخل الصناعة آنذاك الا في حيز ضيق. ولذلك إضطر لينين الي إدخال الفلاحين والمثقفين الوطنيين في تحالف مع طبقة العمال الصغيرة ، وقام بإنشاء الحزب علي هذا الأساس ، المخالف للنظرية في أصولها. ولمخالفات لينين للنظرية فقد فكر الماركسيون في إضافته كمنظر ثان مع كارل ماركس فيقولون عن أعماله وأقواله “الماركسية اللينينية “.

ولعل من أبرز الإنحرافات التي واجهت التطبيق الماركسي ، هو إضطرار النظام الروسي نتيجة للإنخفاض المتوالي للإنتاج ، وبالرغم من الرقابة البوليسية علي العمل ، الي إعطاء حوافز ربح للعمال ، فيما سمي بحوافز ليبرمان. والتي دار حولها نقاش ضاف في جريدة البرافدا من قبل الإقتصاديين السوفييت ، ووصفها بعضهم في هذا النقاش بأنها زحف رأسمالي علي الإشتراكية ، وأعلنوا معارضتها. و انها لكذلك ، فهي نكسة لحافز العمل الرأسمالي لم تجد الشيوعية منها بدا ، وهي لم تجد منه مفرا لأن نظريتها إنما تقوم علي قطع صلة الإنسان بالله ، واقامة المجتمع بذلك علي قيمة واحدة ، هي القيمة المادية ، مما أفقدها القدرة علي إعطاء أي حافز للإنتاج ، والتضحية ، فأضطرت للحافز المادي.

وها هو اليسار الجديد وبتحليله لظواهر المجتمع الصناعي والمجتمع الإنساني اليوم يخلص الي نتائج مغايرة ، لكثير من نتائج كارل ماركس ، فيقرر مفكروه ومنهم هربرت ماركوس أن الأداة الثورية التي أعتمد عليها كارل ماركس ، اعتمادا أساسيا ، في تحليله لظاهرة الطبقات ، وأعتمد عليها في القيام بالثورة ، هذه الأداة – وهي طبقة العمال – قد مسخت وصارت أداة سلبية ، وذلك لإمتصاص النظام الرأسمالي لثوريتها ، باعترافه بتنظيمات العمال ، وبرفع أجورهم ، وتهيئة فرص المعيشة الحسنة لهم وفرص الإستمتاع بمباهج الحضارة ، سواء بسواء مع الآخرين ثم بملاقاة النظام الرأسمالي للإشتراكية ، في منتصف الطريق ، وتطبيقه لبعض مظاهرها. وبنهاية ثورية العمال ، سددت ضربة قاضية ومميتة للنظرية الماركسية ، أكثر من ذلك فإن نظام "الأوتوميشن" وهو النظام الذي تدار به المصانع في جميع عملياتها ، بدون تدخل من أحد ، وذلك بواسطة العقول الإلكترونية. هذا النظام الذي بدأ ينتشر سيؤدي الي نهاية الطبقة العاملة ، والتي تعاني اليوم ومن جراء تقدم الآلة من إنحسار كبير ، في عددها ، لأن الآلات الحديثة ، كل يوم جديد ، تكون أقل إحتياجا للعامل ، وهي قد تحتاج للفنيين المدربين أكثر. وهؤلاء يشكلون طبقة جديدة ، سماها اليساريون الجدد طبقة التكنوقراطيين والمديرين المسؤلين عن عمليات الإنتاج جميعها. وبهذا التطور العلمي ، فقد واجهت الماركسية تحديا سافرا ، لا يمتص الأداة الثورية فقط ، وإنما يسعي لإعدامها. وفكّر اليساريون الجدد في طبقة أخري للقيام بالثورة ، فأقترحوا الطلاب ، لإيقاظ الطبقة العاملة ، ورأوا إعطاء المزيد من الإعتبار لكينونة ، وحرية الفرد لأن الديكتاتورية والقهر مرفوضة تماما من إنسان اليوم. وفي إتجاه اليسار الجديد إنساق الماركسيون الذين تمردوا علي أسس جوهرية في النظرية الماركسية ، وتبنوا نظام تعدد الأحزاب ، والوصول للسلطة عن الطريق البرلماني ومنهم الحزب الشيوعي الفرنسي ، والحزب الشيوعي الإيطالي وأحزاب شيوعية أخري. وكان علي رأس ذلك في فرنسا جورج مارشيه وقبله بوقت قصير كان غارودي. كل هذا التخبط والتردد يقرر بوضوح نهاية التجربة الماركسية وتصدعها في جميع الجبهات.) ( فقرة من مؤلفات الأستاذ محمود محمدطه)