احداث باريس، هل يمكن ان يتكرر سيناريو مشابه في الخرطوم

احداث باريس، هل يمكن ان يتكرر سيناريو مشابه في الخرطوم


11-15-2005, 03:57 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=80&msg=1132023448&rn=0


Post: #1
Title: احداث باريس، هل يمكن ان يتكرر سيناريو مشابه في الخرطوم
Author: Amjad ibrahim
Date: 11-15-2005, 03:57 AM


سلام جميعا
قرأت اليوم هذا الموضوع جريدة سودانايل الالكترونية، و ما لفت نظري تشابه الاوضاع بشكل كبير بين شريحة حاكمة و اطراف مهمشة في السودان، وضع العاصمة الخرطوم يشبه لحد بعيد وضع مدينة باريس الاجتماعي، مع الفارق الكبير في المستوى المعيشي للسكان، الظلم الاجتماعي ادى لان تفرض فرنسا حظر التجول لاول مرة منذ 50 عاما، في بلد كالسودان، لا ترى الطبقة الحاكمة هذا الشرر المتطاير من تحت الرماد. قد لا يتوفر لفقراء السودان الوعي اللازم لتنظيم مظاهرات سلمية او المطالبة بالحقوق، لكن استمرار هذه الحيوف و المظالم الاجتماعية لمؤد لتحرك مشابه، شاهدنا بوادره ابان تصفية بعض اماكن السكن العشوائي في ضواحي الخرطوم حيث قتل حوالي 13 شخصا في احداث مواجهة بين الشرطة و المواطنين، مما ادى بوالي الخرطوم لتوجيه 6000 شرطي لعملية اجلاء المواطنين في استعراض للعضلات و الذي و ان كان ناجعا حاليا فانه مدمر على المدى البعيد، فردود الفعل تتزايد طرديا مع ازدياد العنف الممارس من قبل السلطات.
اوضاع الخرطوم حاليا اخطر بكثير من اوضاع باريس، لكن الحكومة السودانية متكأة على مفهوم سلمية السودانيين، لكن لك شخص حدودا معينة للتحمل، ولا يمكن حشر اكثر من 10 مليون شخص في رقعة جغرافية ضيقة دون توفير ادنى الخدمات الصحية و الاكل و الشرب باي طريقة.
ان الاوضاع في الخرطوم قنبلة تنتظر الانفجار، وقد شاهدنا الارهاصات فهلا اتعظنا.
أمجد
ادناه المقال الجيد للاستاذ الخميسي
====================================================================

أحداث باريس
وكلمات ألبير كامي
أحمد الخميسي

كاتب مصري
[email protected]

" أحداث العنف " هو التعبير الذي يخفي بذكاء جوهر أي تمرد اجتماعي أو وطني أو سياسي ، وبعبارة أخرى فإنه التعبير الذي يستبعد من كل حادثة طرفي الصراع ، وقضيته ، بحيث تبدو أحداث العنف تلك كالأمطار التي تنهمر بلا تاريخ ولا مغزى . هكذا توصف أحداث فرنسا التي شمل غضب الفقراء فيها كل أنحاء العاصمة وثلاثمائة بلدة أخرى لمدة أسبوعين حتى الآن ، وشاركت فيها أكثر من عشرين جالية . وقد بدأ الأمر بمقتل شابين يوم 27 أكتوبر في ضاحية " كليشي سوبوا " على يد الشرطة الفرنسية ، أو بسبب مطاردة الشرطة لهما . أحدهما من أصل تونسي ، والآخر من مالي ، وينتميان لجيل ثالث من المهاجرين . وأججت تلك الحادثة الصغيرة غضب وثورة الآلاف في الضواحي البائسة التي حرم سكانها من الخدمات وفرص العمل والتأمينات الاجتماعية والتعليم ، وانتشرت بينهم المخدرات والجرائم والبطالة ، علاوة على شعورهم المتصل بالتمييز العنصري . ولهذا صرح " جون لوي بورلو " وزير التضامن الاجتماعي بأن على فرنسا أن تعترف بأنها : " أخفقت منذ عقود في التعامل مع الغضب المتزايد في الضواحي الفقيرة " . وتقول باربرا شولتز الصحفية الفرنسية إن : " البطالة الدائمة هي التي خلقت بين المهاجرين : " التطرف الديني والعنف وتشكيل العصابات والتشرد والإدمان على المخدرات ". ويشكل المهاجرون الذين فجروا الأحداث ثمانية بالمئة من تعداد السكان في فرنسا ، لكنهم لا يتمتعون لا بالمواطنة ، ولا بالحق في التصويت ، كما يعانون من أعلى معدلات للبطالة . ولا يمكن لفرنسا أن تدعي أن أولئك المهاجرين عبء عليها ، لأن فرنسا تعيش في واقع الأمر بفضل قيام أولئك المهاجرين بكل الأعمال القذرة مقابل أجور بخسة . وتأتي هذه الهبة لتعري حقيقة الأوضاع الاقتصادية في فرنسا – ثالث أكبر اقتصاديات أوروبا - حيث يعاني من البطالة نحو ثلاثة مليون شخص ، وحيث سحبت الدولة كل الموارد المخصصة لبرامج التأمينات الاجتماعية ، إلي أن زادت معدلات الفقر والتضخم ، وأصبح العجز المالي يعادل نحو 4 % من الناتج المحلي الإجمالي متجاوزا السقف الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي للعجز ، وتراجعت الصادرات ، دون نمو حقيقي في الإنتاج . ومن الطبيعي في ظل هذه الظروف أن تشير الإحصائيات الفرنسية إلي وجود 751 منطقة فقيرة يسكنها خمسة ملايين شخص في فرنسا . والمسألة إذن ليست " أحداث عنف " ، لكنها أقرب إلي انتفاضة ، يهدد وزير الداخلية الفرنسية خلالها بفرض حالة الطوارئ ، والاستعانة بقوات من الجيش ، وهي انتفاضة سقط فيها الضحايا والقتلى من الجانبين ، ولم تعرف فرنسا مثيلا لها منذ نصف قرن ، كما أن آثارها وعواقبها مستقبلا مازالت غير محسوبة . إلا أن ما تطرحه هذه الانتفاضة،
أو حسب التعبير المفضل " أحداث العنف " هو العلاقة بين الديمقراطية الغربية ، والقضية الاجتماعية . فقد عرفت فرنسا البرلمان عام 1789 ، أي منذ أكثر من مائتي عام ، وكان في البداية يسمى " مجلس الطبقات " ثم " الجمعية الوطنية " ، ولا يستطيع أحد أن يدعي أن فرنسا بجلال قدرها تعاني من أزمة ديمقراطية ، ومع ذلك فإن أحداث العنف تبين أن عزل الديمقراطية عن القضية الاجتماعية لا ينتهي إلا بذلك الفشل الذريع الذي أوشك أن يحول باريس من عاصمة للنور إلي عاصمة للنار . لا البرلمان العريق ، ولا الأعداد الضخمة من الصحف ، ولا جمعيات حقوق الإنسان والحيوان ، ولا الأحزاب المتعددة ، ولا حرية التعبير ، استطاعت أن تنفي أن الأزمة هي أزمة العدالة ، وأن الديمقراطية إذا لم تكن سبيلا ووسيلة إلي العدالة تصبح مجرد ديكور تتزين به الجماعات السياسية ، ويتزين بها المجتمع لكي يخفي طرفي الصراع ، وقضيته .
ذات يوم كتب الأديب الفرنسي المعروف ألبير كامي يقول : " إذا فشل الإنسان في التوفيق بين العدالة والحرية فسوف يفشل في كل شيء ". وقد فشلت باريس مدينة النور ، والثقافة ، والموسيقى ، والديمقراطية ، والبرلمان ، والصحف ، في الجمع بين العدالة والحرية ، فلم تحصد سوى ذلك التمرد .

***