دوزنـة فى شقـوق الطـين

دوزنـة فى شقـوق الطـين


10-25-2005, 03:28 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=80&msg=1130250530&rn=0


Post: #1
Title: دوزنـة فى شقـوق الطـين
Author: نهال كرار
Date: 10-25-2005, 03:28 PM

قصة قصيرة للكاتب عبدالقادر حكيم قرأتها في موقع سوداني , و اعجبتني كثيرا


قصة قصيرة
دوزنة فى شقوق الطين
(إلى فاطمة في احتشادها فيَّ)
بقلم: عبد القادر حكيم


البنت التى هطلت بغتة على مفازة وجوده/ العدم، كانت قادمة لتوّها من كسلا، وكانت لا تزال تحمل من قيظ تلك المدينة الجميلة حرارة الإنتماء.
البنت الحلوة إذ تتماهى على شوارع قريته، اليباب كانت تربك تفاصيله الواهنة وتشتّت تماسكه الخلّبى، المخاتل.. فيزدرد صمته فى غباء، ويجثو على فوح طيفها فى الظل يبكى.
بدت له دافئة، وناعمة.. الدفء يحتاجه كمضاد للرطوبة والبلل، يتصاعدان إليه فى صباحات قريته الباردة. النعومة يحتاجها كى تمحو عنه الصدأ يهاجم شبكية عينيه منطلقاً من سقوف المنازل، وأبواب الحوانيت المكدّسة بالكساد، وسيارات النقل التى يستوى على متنها الإنسان، وقمح الإغاثة، والماعز، والدجاج الأسود، وحاويات الكيروسين!!.
البنت الحلوة عرفته دونما عناء، إذ كانت طريقته في المشى تشبه طريقتها فى ارتداء ثوبها!..
- «فاطمة»
- «عمّار»
لطّخت قامته المديدة بنظرة عتاب، إذ بدا لها متعجّلاً..
«الشقوق التى فى طين ذاكرته هى التى تدعوكِ، كى تلتئم بروحك الحلوة، وتصدح بالياسمين، والأطفال، والخضرة المطلقة.»
- «شاعر؟»
- «كنتُ..»
- «الشاعر لا يموت فيه الإحساس»
الشخص الذى ككيس سماد في حديقة مهملة، صار الآن -بُعيد انبثاقها فيه ، فاطمة- يؤول إلى شئ باهت. يتقاطع دبيب تيهه الغامق مع مسارب الفرح فى حضورها المزركش بالصفاء.. يهجر الظل، ولا يدخّن بشراهة. يحلق ذقنه الكثّة. يشذب شاربه. يتأنق ويكتب شعراً.
فاطمة
يا أنتِ،
يا صنوبرة من نورْ
تبسمينْ..
يخبو وميضُ الهلامِ
ينفضُّ عنِّى الشتاءُ
يخرج للعالم / لها.. مزهواً كطفل يلهو بلعبة من صنعه. يتحاشى المرور فى الشوارع المضاءة بالنيون كى لا تصيب دهشة الناس إيقاع خطواته الراقصة بالنشاز. يصفّر. يرتّل لحناً حميماً:
أنا وإنتِ
يوولاليي
سالِس ربّى
يوولالينا
جاءه أوّلاً عطرها.. فاح فيه.. ثم كأنّما خرجت من الهواء، أو انقشعت عنها سحابة، رآها على شفا خطوته، التى زادها الفوح اتساقاً..
- «خشيتُ أن تملّ انتظارى»
- «ما أحلى انتظارك!»
عبرا دائرة الضوء التى تتحاوف فى حميمية مع الظلام الخفيف خارج القرية. كان هو يعبث بمفاتيح غرفته، وهى تطقطق أصابعها.. وعلى دفء صخرة مستوية كسرير جلسا، واتحدت عناصرهما، تماماً.
لمّا رأته ذات طنين فى سوق القرية حاملاً على ظهره حقيبة كبيرة، إندلق توجّسها فاقعاً:
- «هل تنوى سفراً بعيداً؟»
- «بعيداً.. بعيداً» قال..
قفز على وجهها إمتعاض كثيف، ولوّنه بلوعة داكنة.. قال ولم تترنّح كلماته تلقاء عينيها إذ رأى فيهما يقيناً راسخاً:
- «إنّما.. مطيتى عيناكِ، وصوتك الفيروزِى زادى، وغايتي دواخلكِ ، ألجها، فتمدّنى بالأمانى الحاشدة.. وفضائى الأماكن كلها، حتى تلك التى تشتكي زنابيرها قلة الطين.»
ابتسمتْ، وعاد يقينها أكثر رسوخاً. برشاقة أنكرها الشخص السمادى تناول حقيبته من على ظهره، واخرج دفتراً.. احتضنت شعره. مضتْ، ولم تقل وداعاً.

Post: #2
Title: Re: دوزنـة فى شقـوق الطـين
Author: فيصل نوبي
Date: 10-25-2005, 03:36 PM
Parent: #1

Quote: «الشاعر لا يموت فيه الإحساس»


و انت كذلك
رائعة
اهنئك علي عودتك لثوبك القديم الباهي

Post: #6
Title: Re: دوزنـة فى شقـوق الطـين
Author: نهال كرار
Date: 10-26-2005, 02:59 PM
Parent: #2

أخي فيصل
تحياتي


Quote: و انت كذلك
رائعة
اهنئك علي عودتك لثوبك القديم الباهي


شكرا على هذه الكلمات الجميلة

ولك التحية والإحترام

Post: #3
Title: Re: دوزنـة فى شقـوق الطـين
Author: محمد الامين احمد
Date: 10-25-2005, 04:28 PM
Parent: #1


تحية طيبة للجميع

شكرا الاخت نهال على مشاركتنا القصة،

و التحايا موصوله لعبد القادر حكيم



العمل اعلاه نتيجة تمازج مجموعة من الصور، الخلفية منظر عام لمدينة كسلا، و العود ماخوذ
من صورة للفنان مارسيل خليفة، بالاضافة الى رسم لصورة فتاة، و الفكرة تكونت بعد قراءه
قصة (دوزنة فى شقوق الطين)



ملاحظة : تم التعديل لاعادة رفع الصورة

Post: #4
Title: Re: دوزنـة فى شقـوق الطـين
Author: ناصر محمد خليل
Date: 10-26-2005, 05:29 AM
Parent: #3

شكرا لك نهال كرار على هذا العمل الرائع ..

Post: #8
Title: Re: دوزنـة فى شقـوق الطـين
Author: نهال كرار
Date: 10-26-2005, 03:17 PM
Parent: #4

الأخ ناصر
تحياتي

أولا مرحب بيك
وتمنياتي لك بإقامة سعيدة في البورد


أسعدني حضورك هنا

لك الشكر والتقدير

Post: #7
Title: Re: دوزنـة فى شقـوق الطـين
Author: نهال كرار
Date: 10-26-2005, 03:11 PM
Parent: #3

اخي محمد الأمين ( الفنان )

أولا : رمضـــان كريم ( متأخرة )

وثانيا: عــــــــاش من شـــافك



Quote: العمل اعلاه نتيجة تمازج مجموعة من الصور، الخلفية منظر عام لمدينة كسلا، و العود ماخوذ
من صورة للفنان مارسيل خليفة، بالاضافة الى رسم لصورة فتاة، و الفكرة تكونت بعد قراءه
قصة (دوزنة فى شقوق الطين)


منظر طبيعي من كسلا الجميلة , عود مارسيل وصورة لفتاة جميلة ياسلااام , بالجد لوحة جميلة جدا



ولك مني كل الشكر والتقدير

Post: #5
Title: Re: دوزنـة فى شقـوق الطـين
Author: nashaat elemam
Date: 10-26-2005, 05:39 AM
Parent: #1

يا الله يا نهارل... حقيقي قصة جميلة محتشدة بالمعاني والأخيلة.. وحتى اللغة رفيعة.. اختيار موفق للغاية

Post: #9
Title: Re: دوزنـة فى شقـوق الطـين
Author: نهال كرار
Date: 10-26-2005, 03:30 PM
Parent: #5

أخي nashaat elemam
تحياتي


Quote: حقيقي قصة جميلة محتشدة بالمعاني والأخيلة.. وحتى اللغة رفيعة


وهذا أكثر ماأعجبني في هذه القصة


لك الشكر والتقدير