ميرغني حمزة الذي دام بيننا

ميرغني حمزة الذي دام بيننا


09-14-2005, 09:57 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=80&msg=1126688263&rn=0


Post: #1
Title: ميرغني حمزة الذي دام بيننا
Author: Hisham Mansour
Date: 09-14-2005, 09:57 AM


أمبدة نهار الأربعاء 7/7/1999م:

حزم حقيبته وحمل كل الأوراق الخاصة بالرحلة،،
- يلا أرح يا الشيخ.. أرح يا هشام.. أرحكم بي سرعة الطيارة خلاص مواعيدها جات.. أرحكم بي سرعة عشان نحصّل.
- والله يا ميرغني سفرك دة كيف كيف، معقول تسافر الليلة وبدر الدين والشفة أخوانك عرسهم بكرة؟!
قلتها له محاولاً إثنائه عن السفر في آخر محاولاتي المتكررة لعلّه يستجيب، ولكنه تمتم بكلمات لم أسمعها ولكن ما فهمته منها أنه لا يمكنه التأجيل.
ذهبنا ثلاثتنا إلى المطار على عجل ووصلنا إلى صالة المغادرة بمطار الخرطوم لنجد في إنتظارنا بستم، وصابر، ويسرا، وبعضاً من أصدقائه بكلية التربية. وأعلنت المذيعة الداخلية عبر مكبرات الصوت أنه على المسافرين المتوجهين إلى القاهرة في السفرية رقم .... (لا أذكر رقمها) التوجه نحو الطائرة.
وقام (ميرغني) من مقعده وودّع كل الأصدقاء، لحظتها لم أحتمل انفجرت باكياً لم يكن في مقدوري أن أحتمل فراقه، بكيت وبحرقة، كان الأمر مؤلماً، وكان إحساسي بأنني الآن أفقد آخر الأشياء الجميلة في حياتي. كيف أحيا دون وجوده ؟ -وبحنيته- المعهودة جلس بجانبي ووضع يده اليسرى على كتفي وبيده الأخرى أمسك يدي وقال لي بصوت أقرب إلى البكاء:
- بتبكي يا هشام؟؟!! هسع عليك الله أبكي أنا .. ولا تبكي إنت ؟؟؟! إنت قايل أنا عاجبني السفر أنا مجبور عليهو، وبعدين أنا ماشي لي بلد ما بعرف فيها أي زول وإنت هنا معاك أصحابي كلهم الشيخ، وعوض، وهيثم، وصابر، وربيع، و..و... (عدّد لي الكثير من الأسماء) ياخي أركز أنا من قبيل صابر وما عايز أبكي، وأنا حتى لو مشيت حأكون معاك طوالي وبضرب ليك قدر ما ألقى فرصة، بس عايز منك حاجة، عايزكم تبقوا عشرة علي أصحابي، خلّوهم معاكم طوالي وأوعى تسيبوهم يمشوا منكم عشان أنا مشيت، أها يلا خلاص مع السلامة يا هشو( هكذا كان يحلو له أن يناديني). وعانقني طويلاً، كان كما أبي .. وبكيت.. ثم أسرع حتى لا نرى دموعه وغادر، لكنه عاد مرة أخرى ويبدو على ملامحه القلق.
- يا بستم أنا الدولارات الشايلة معاي دي أختها وين؟
- ياخي دولارات شنو البتشيلها إنت ياهن المية ولا المتين دولار ديل، ختهن في شرابك ولا أي حتة.
- يازول أقول ليك حاجة.. خلاص أنا بتصرّف جوة هناك..
وغادر في خطوات متثاقلة عبر ردهات الصالة بين المودعين وكأنه لا ينوي الرحيل، وصار يلوّح لنا بيديه حتى غاب عن أنظارنا.
كان مشهداً قاسياً، أصبت بعده بالوجوم، أحسست لحظتها بضيق هذه الدنيا رغم اتساعها، تراءت أمام أعيني كل اللحظات التي قضيناها سوياً، كان (ميرغني) صديقي منذ أيام طفولتنا بحكم العلاقة الأسرية التي تربطني به (ابن خال أمي)، وأبيت إلا أن أقاسمه نفس العام الذي ولد فيه (1974) وإن كان قد سبقني بعدة أشهر، ترعرعنا سوياً، كم كانت طفولته جميلة، كان شقياً وذكياً، أحبه الجميع وسط عائلته وأصدقائه، كان يعطر كل الأمكنة التي يتواجد فيها بحضوره الجميل، ضحكاته -آآه من ضحكاته- كم كانت صافية، يضحك من كل قلبه حتي لا ترى عينيه الصغيرتين، يشاطرني كل أحزاني وهمومي أحكيها له دون إخفاء أي تفاصيل حتى يقف على كل جوانبها ليشاركني الحلول... وفي كل الأوقات.. وحتى في أيام سفره لـ (كوستي) كنا نتبادل الرسائل .. وذهبنا إلى أكثر من ذلك حتى صارت لنا لغتنا المشفّرة التي وضعناها سوياً (لضمان سرية رسائلنا).
لا زلت أذكر ذلك اليوم الذي فكرنا فيه - ونحن لا نزال في المرحلة الثانوية- أن نسافر إلى القاهرة للترفيه واكتشاف عوالم جديدة...
- رأيك شنو يا (ميرغني).. ما تعال نمشي القاهرة سوا نغير جو ناخد لينا شهر شهرين هناك ونجي راجعين؟
- يا زول؟!!! والله فكرة جميلة بس رأيك شنو نحن نقوم نطبقا طوالي ونلم قروشنا من هسع عشان لما ننتهي من الامتحانات نكون لمينا قروش السفر ونسافر طوالي.
- خلاص نحنا نوفر من قروش المدرسة، وأقول ليك حاجة دي باقي مصاريفي الليلة نطلّع منها حق المواصلات لي أمبدة والباقي نوفرو.
وواصلنا في هذا الأمر لمدة يومين فقط وفي مساء اليوم الثالث ونحن مستلقين على سرائرنا – نتونس- كعادتنا قبل النوم.
- أسمع والله أنا عندي مزاج في باسطة، رأيك شنو؟ قالها وهو يبتسم ..
- والله اقتراح جميل أصلوا لينا زمن ما أكلنا باسطة.
نظر إلى بابتسامته ورددت عليه بمثلها وإنفجرنا معاً في نوبة ضحك جميلة... وهكذا ضاعت رحلة الترفيه إلى القاهرة مقابل نصف كيلو باسطة وزجاجتين من الحليب البارد.
تذكرت ذلك اليوم ولم يخطر في بالي أنه سيعيد فكرة السفر إلى القاهرة من جديد ولكن هذه المرة وحده وليس للترفيه وإنما للهروب من الواقع المر الذي عاش في ويلاته.
تفاصيل كثيرة مرّت بي وأنا أحاول استبعاد فكرة الفراغ الكبير الذي سيخلّفه (ميرغني) .......



نواصل



Post: #2
Title: Re: ميرغني حمزة الذي دام بيننا
Author: محسن عبدالقادر
Date: 09-15-2005, 04:47 AM
Parent: #1

بسم الله الرحمن الرحيم

الودود هشام ( هشو )

واصل

Post: #3
Title: Re: ميرغني حمزة الذي دام بيننا
Author: ابنوس
Date: 09-16-2005, 03:13 PM
Parent: #2

up

Post: #4
Title: Re: ميرغني حمزة الذي دام بيننا
Author: Muna Khugali
Date: 09-16-2005, 03:23 PM
Parent: #3

ترك لك ولهـم ذكـريات حيـة وجميلة تعين الجميع علي تقبـل فـراقـه..
رحمـه الله ...آمـين

مـني عـوض خـوجـلي