لا توجد اماكن شاغرة - الراي العام

لا توجد اماكن شاغرة
الرأي العام- 10/9/2005
عثمان ميرغني

أخواننا المغتربون توكلوا على الله وقرروا أن يرفعوا دعوى ضد دستورية الضرائب والرسوم التي ضربت عليهم .. وقبل أيام قليلة انعقد مؤتمرهم العام الخامس في قاعة الصداقة وناقش بجدية مشكلة العولمة وتأثيرها على البشرية ..

وتابعت قبل أيام مشكلة أحد المغتربين الذي أراد أن يبر والدته بالاستجابة لطلبها بالحضور الى السودان بعد أن ظل عشر سنوات كاملة محجوبا عن وطنه خوف المصيدة .. أن يدخل فيعجزه الخروج .. وفعلا تكدرت به السبل و الرجل لم يقصر .. أقسم على اليمين المغلظة أمام موظف جهاز المغتربين بأنه فقد وظيفته منذ عشرسنوات .. ومن يومها ظل يعمل باليومية .. يوما .. وعشرة غيرها بلا عمل.. لكن قسمه على اليمين لم ينفعه .. طرق أبواب جميع المسئولين في الجهاز حتى وصل الى السيد تاج الدين المهدي الأمين العام للجهاز.. لكن بلا جدوى .. وتآكلت أيام عطلته حتى ظن أنه لن يستطيع الخروج..

وكنت قد تحدثت عبر الهاتف في اذاعة أمدرمان في حوار مع الأستاذ تاج الدين المهدي الأمين العام للجهاز وبحضور زميلنا وصديقنا الصحفي عبد الإله أبو سن مدير الإعلام بالجهاز .. وعلى الهواء مباشرة أكد الأمين العام أن المغترب لا يمنع من العودة الى مهجره اطلاقا بسبب عدم قدرته على سداد متأخراته .. لكني كنت شاهد عيان على هذه الحالة ..الرجل المغلوب على أمره اصطدم بحائط صلد.. وتوقف الأمل عنده تماما .. لأنه لا يملك ما يسدد به المتأخرات ..

وأؤكد لكم أنني مازلت على يقين من أننا في حاجة ماسة لجهاز المغتربين .. المبنى والكوادر .. المبني لنقيم عليه جهاز تشغيل السودانيين (غير) العاملين بالداخل.. والكوادر لكي يسهموا في استحداث مناهج وأساليب جديدة تساعد على توفير فرص عمل للسودانيين في مختلف تخصصاتهم و فئاتهم .. ولن يخسر المغتربون شيئا.. فكل ما يريدونه سيحصلون عليه كأى مواطن سوداني آخر بلا تمييز ..!!

من المناسب أن نفكر بروح العصر الذي نعيشه .. وقد انتفت الحاجة تماما لهذا الجهاز والأوجب أن نستثمره في عمل آخر يفيد البلاد ويرحم العباد المنكوبين بقيوده ..

ونصيحة مني لكل مغترب .. أياكم ان تقعوا في فخ العبارة الحريرية (عودة الطيور المهاجرة) .. نحن في الداخل نعاني من أزمة عطالة كبيرة .. وفرص العمل مجدبة ما لم تكن في سوق العمل الحر .. وهو محاط بمحاذير كثيرة وجيوش جباة ما أن يرون عملا جديداً حتي تشتعل حماستهم ويهتفون (لا نجوت إن نجا) .. ولا تنتهى الجباية الا باستسلام صاحب العمل أو وقوعه في الأسر .. أسر الشيكات وسجونها ..!

وجودكم في الخارج أقل مافيه أنه يوفر فرصة عمل بالداخل لغيركم .. وهو أقل ما تستحقون عليه وساما وليس مجرد اعفاء من الضرائب والرسوم ومتواليات الصفع المستديم ..

أرفعوا دعوى دستورية .. وليس مضمونا أن تكسبوها .. لكن على الأقل ستكسبون لفت الأنظار الى قضيتكم المنسية ..!