نص للقراءة : صهيل لمنصور الصويم

نص للقراءة : صهيل لمنصور الصويم


08-23-2005, 10:18 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=80&msg=1124788694&rn=0


Post: #1
Title: نص للقراءة : صهيل لمنصور الصويم
Author: عصام ابو القاسم
Date: 08-23-2005, 10:18 AM

قصة قصيرة

صهيل

منصور الصويم

(1)

* طيلة الأسابيع الأخيرة ظلت تطاردها الأحلام المزعجة وتفزعها الخيالات المريعة وهي تبصر رجلها الأصلع بصديريه البني الغامق وجلبابه القصير يصرخ بوجهها دافعاً بسيفه الغريب ليغرسه في جسدها مرات متتالية ثم تبصره يطيح بالسيف في الفراغ ويمزق عشرات الأجساد لرجال نحاف، شاحبين ومتأنقين. كانت تصحو مذعورة، يبللها العرق وجفاف مرير يلتصق بحلقها، تقبض حواف فراشها تطويه ببطء وأنفاسها تتلاحق تمد يدها تسحب السيف الغريب بنقوشه الوثنية ورسوماته البدائية تضمه إليها، تذكر أول مرة رأته في ليلة زفافها ووجهه أمامها يتلألأ وعينياه تبرقان بوميض سحره الأخّاذ قال لها وهو يمده: ما خرجت به من هناك ثم وضعه وبعناية تحت الفراش. حينها لم يشغلها السيف لكنها عرفت منه من قريباتها بأنه ذات السيف الذي جز به رؤوس أولئك الجنود قبل هروبه وقدومه الى هنا مطارداً ومنفياً.

... تعيد السيف الى مكانه وبعنف تهز رأسها لتبعد صوره من أمامها بوجهه الوضيء وأكتافه العالية. سحرها ما زال يسحرها.. وعدته يوم طلبها قالت: «كما تشاء أبداً لن أجيء الى هنا» كانت عيناه تبرقان ووميض الجمر ينعكس منهما قال «عشه أبداً لن أعود الى هناك» تهز رأسها تبعد صوره تصارع أنفاسه ورائحته تمضي منقادة لندائها القديم.

(2)

بذات المكان أتاها رجل فارع جلبابه أزرق، عيناه تحوطهما هالات من السواد رجل متعب ومكدود الجسد جلس أمامها صامتاً وحزيناً، أغمض عينيه ثم اتكأ بجسده على الجدار الزنك زفر بعمق بينما أخذت هي تتأمله صامتة ومشدوهة. ارتعشت حين تلاقت نظراتهما، ابتسم لها فأضاء وجهه وعرفت هي أن شيئاً مجلجلاً آتياً سيقوض حياتها يحمله هذا الرجل الغريب. بذات المكان جلست، أمسكت ضفيرتها بيدها وأخذت تعيد نسج تفاصيل لقائهما الأول. استندت بظهرها على الجدار الزنك فسمعت طقطقته حين أستند بظهره عليه، أتاها صوته هامساً بدفء «أريدها قهوة ساخنة قهوة لإفاقة رجل لم ينم منذ سبع ليال» يباغتها صوت رملة ويخرجها من عبير ذكراها المرة «قلت حسين سيصل نهاية الاسبوع تشير برأسها وتغرز نظراتها في التراب تقول رمله، المهم الليلة كوني مستعدة» تنشغل رملة بتقليب حبات البن، بتنظيف الأكواب الفارغة. بتوزيع الابتسامات على البنابر المتفرقة. تظل ساهمة تنتزع نظرتها من التراب تحاور ذاتها «يمكنك أن تذهبي الآن وتنسين كل شيء ترشين الرمل بالماء وتعدين القهوة الساخنة وتبقين بانتظاره حتى يأتي» تقول هذا وتظل ساكنة هامدة تراه بعين ذكراها آتياً من بعيد فارع وجميل جلبابه أبيض يكسوه صديري بني غامض مزركش بالذهبي تراه آتياً من بعيد وترى نفسها مرتبكة وضربات قلبها تتلاحق تكاد تسمعها الآن قال لها تركت كل شيء أهلي وعشيرتي وما أملك، جرياً قطعت الوديان الرطبة والغابات الصغيرة، سبع ليالي لم أنم كان يجب أن أصل الى هنا حتى التقى بك وأنسى كل شيء» رجل من شاد مطارد ومنفي برقبته دماء سبع رقاب مقطوع النسب قالوا لها. قالت هي «قاومت لكن ذلك المجهول بعينيك ذلك الغامض، هزني هزمني وجرفني كانت تعرف والآن تعرف بأنه سيحدث»،.

تمد يدها تقول لرمله «مع السلامة سأنتظركم الليلة»، وتمضي مدفوعة بندائها القديم.

(3)

ترش الرمل بالماء تتشاغل بتحريك الأشياء تسمع صهيل فرس بعيد تتمنى لو انه عاد الآن وأوقف هذا لكنها تعرف بأنه لن يعود بعيداً وهو يصارع وفرسه أرضاً ابتها الأمطار. ترش الرمل بالماء، تقول «لابد رمله بدأت بإطفاء النار وبتجميع عدة الشاي ولابد هشام وعثمان يجلسان أمامها يضحكان ويدخنان». ترش الرمل بالماء خوف ثقيل يتسلل الى قلبها تحس نفسها مختنقة ومعتصرة تفكر بالذهاب إليهم وإيقافهم تمضي الى غرفتها ترتب فراشها تسمع همساته «لايهمني ما مضى عشة عديني» تسمع طرقات على الباب تهمس «لكنهم...» مترنحة تمضي لفتح الباب.

(4)

في ليلتها تلك كانت عشة تحس والرجل النحيل ملتصق بها يهمس «عشة عشة» يبكي ويناديها كانت تحس بالموت المريع يطل عليها بعينيه الواسعتين وقامته المديدة كانت تحس بأنفاسه تصطدم بجسدها وتفصلها عن الرجل الملتصق بها باكياً.

نامت قرب الفجر والعيون المستديرة الغامضة تراقبها. كانت تراه رجلها الغائب يطيح بجسدها في الفراغ ويصرح بلغته الغريبة ثم كانت تسمعه يناديها «عشة عشة» نامت قرب الفجر وجسدها مبتل بالعرق غارق في الحمى والرجل النحيل قربها يبكي ويناديها «عشة عشة».

حين استيقظت كانت تراه أمامها الرجل النحيل يربط رباط حذائه ثم كانت ترى بقعة من الضوء تنداح مع انفراج الباب ثم تطل رأس صلعاء ثم جسد مديد فارع لرجل له صديري بني غامق مزركش بالذهبي. كان رجلها يقف بالباب وبوجهه تعبير هامد شهقت، الرجل النحيل قفز مستغلاً خبراته المتراكمة تخطى الرجل الضخم وخرج.

كانت ترتجف وتبكي وتمد يدها أماماً وهو يتقدم منها بعينيه قساوة أهله المنسيين وبوجهه ذلك التصلب المريع اقترب منها دفعها برفق لتقع برفق وتزحف باتجاه الباب. انحنى طوى الفراش ببطء وأخرج السيف الغريب ذا النقوش الوثنية والرسومات البدائىة كانت تبكي وتنجر وهو يقترب منها ويتخطاها. ظلت تبكي حتي و هي تسمعه يخرج فرسه السوداء تبكي حتي وهي تسمع حوافر الفرس تركض وتنطلق بعيداً.

Post: #2
Title: Re: نص للقراءة : صهيل لمنصور الصويم
Author: عصام ابو القاسم
Date: 08-27-2005, 04:54 AM
Parent: #1

















فوق