الشيطان يحكم الخرطوم

الشيطان يحكم الخرطوم


07-16-2005, 01:20 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=80&msg=1121516407&rn=1


Post: #1
Title: الشيطان يحكم الخرطوم
Author: منصور شاشاتي
Date: 07-16-2005, 01:20 PM
Parent: #0

(1)
سأل الشاب شيخه الداعية: . . ولكن يا شيخ لماذا تكثر الحكاية عن الكرامات في أرض الأفغان والشيشان ولا نسمع مثلها في فلسطين وجنوب لبنان والجولان ؟؟ والعدو أفجر، والمجاهدون أحوج والأعلام والصحافة أكثر، فتلعثم الشيخ ثم زجره قائلا: وما يعلم جنود ربك إلا هو . . !!

(2)
هل نستطيع أن نحصي عدد الزغاريد التي انطلقت عبر كل الشمال السوداني ، لتزف شهيدا تلو الشهيد إلى الحور العين الجالسة تنتظره على أحر من الجمر؟؟
وهل نستطيع أن نعلم عدد الخطب التي صدحت في أرجاء الخرطوم وغيرها تستنزل اللعنات على شياطين النصارى والوثنيين الذين يريدون أن يطفئوا نور الله في جنوب السودان؟؟
وهل نستطيع أن نأتي على ذكر الكم الهائل من المقالات والكتب التي سالت أحبارها، وذاعت أخبارها، عن المؤامرة الصهيونية والماسونية والصليبية ، التي يقودها أخل الجنوب وعقيدهم قرنق (الماركسي) ضد بوابة الإسلام الجنوبية؟؟
وهل يجوز لنا اليوم أن نطالب كل أولئك الذين أقنعونا بأن الحرب الأهلية السودانية، هي حرب مقدسة، بأن يقنعونا بالطريقة الأسطورية التي استطاعوا بها (لحس) كل ما سبق، لتخرج نفس الزغاريد ، وتعلو ذات الخطب، وتصدر نفس الصحف وأكثر منها، بعكس الماضي وأقاويله ودعاويه؟ ؟
أين ذهبت الكرامات التي سيق بنسجها الآلاف من الشباب السوداني إلى حتفه، وجلس اليوم ليحتفل من شرب دمهم منصبا ونفوذا وسلطة؟
لم يكن قرنق إذا ماسونيا ولا صهيونيا ، بل قائدا عظيما ووطنيا، إنه اليوم فخامة النائب الأول للرئيس/ مجرد تحليل سياسي لضغط أمريكي ، ومحكمة جنايات دولية، جعلتنا نتخلى عن الحور العين، ونزعنا من الملائكة سيوفها، وتركناها (لا شغل ولا مشغلة) بل سيكون من يجرؤ على محاربة الماسوني والصهيوني والوثني / شيطانا ، وسيذهب من يقتل الشيطان إلى جهنم، بعد أن كان من يقتله وأتباعه يذهب لجنات عدن، طالما أن مبررات الجهاد المقدس قد اختفت، بدون أي سبب مقنع، إلا حجة الله الأميركية، وملفات المحاكم على الأراضي الهولندية، مجرد تغيير بسيط في وجهة الرحلة من ضيافة رضوان إلى ضيافة مالك (وليقض علينا ربك) . فلا حول ولا قوة إلا بالله ، كيف يستخف هؤلاء الساسة بالدين والشعب والقيم بلا وازع ولا ضمير.
إنه مشهد آخر، على تجيير الدين في السياسة، على القمع، والطائفية والظلم في رداء النقاوة ، والبياض، والطهر الفردوسي المخادع، الحقيقة الوحيدة الممكن معرفتها: أن لا أحد ممن فعل المشار إليه أعلاه من دعاية وتحريض وتبشير، كان مؤمنا بما يقول ويفعل، الجنة والجهاد والحور والملائكة كلها/ كانت مجرد لعبة ووسيلة، وانشوطة سياسية جعلت في أعناق الشعب الغلبان ، فأهدرت ثروته، واغتصبت نساؤه ، وقتلت أطفاله وشيبه وشبابه، لأكثر من عشرين عاما، لكي يدرك السودان إنه ككان يقاتل لمجرد الأهواء السياسية، بل وحتى هذه لم يشار إليها، فصار القتلة أنفسهم السبب في السلام، وصار التخلي عن مطامعهم إنجازا يحسب لهم,
مليوني سوداني (مسلم ونصراني ووصني) قتلوا في حرب مقدسة دنست كل القيم التي أنزل الله على رسله حمايتها، والذود عنها، أليس هذا كافيا لأن نراجع ما جرى وما يجري، أليس هذا مبررا كافيا ليسمح لنا أن نعيد التفكير لا في الدين والتدين ، بل في المتدينين عندما يرفعون المصحف والسيف ليقودوا حربا دنيوية باسم الإسلام والإسلام من ذلك براء. صرنا خير أمه فجرّت الناس وذبحت الناس وأبكت الناس وضيقت على الناس وأضحكت عليها الناس ، وبات من الصعب أن نكون خير أمة أخرجت للناس على هذه الشاكلة.

طارق القزيري