رؤيــة نقدية-نظرة خلف جدار جـــدار بـــلانـك

رؤيــة نقدية-نظرة خلف جدار جـــدار بـــلانـك


06-27-2005, 02:21 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=80&msg=1119835317&rn=0


Post: #1
Title: رؤيــة نقدية-نظرة خلف جدار جـــدار بـــلانـك
Author: wad gindeel
Date: 06-27-2005, 02:21 AM

ثمة توظيف لا علمي للعلم من قبل بقايا الموقف الفلسفي المادي ، إذ يزعم هذا الموقف إنه يرتكز علي معطيات العلم في إسناد موقفه الإلحادى ، مع أنه في زعمه هذا يخطئ في حق العلم وفي حق الدين علي حد سواء. لأنه في الحقيقة لا يرتكز علي معطي علمي ، إنما يسعى للاختفاء خلف توظيفاته الأيدولوجية اللاعلمية لبعض معطيات العلم. فالتحولات والمستجدات التي شهدها العلم في القرن العشرين تخالف تمام المخالفة المنظور العلمي الميكانيكي ((مثلا فيزياء لابلاس)) الذي إرتكزت عليه مقولات الفلسفة الإلحادية في نهاية القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. والموقف المنهجي الذي يحترم قواعد التفكير العلمي كان لابد له أن يصرح بأنه ليس بإمكان العلم نفي وجود خالق للكون ، لأنه من حيث هو علم ملاحظة وإستقراء يقف عند حدود وصف تقريبي لكيفية تكوين الكون دون إمكانية لنفي علة خالقه له.

لقد إستطاع العلم في لحظته المعاصرة أن يصل الي تحديد بداية هذا الكون ، حيث يرجعه في لحظة غارقة في القدم تصل الي ما يزيد عن خمسة عشر مليار سنة ، حيث كان الكون وقتئذ مكثفاً في نقطة أصغر من رأس الدبوس ، أو بلغة القياس العلمي ، كان مكثفا في نقطة يصعب تخيل صغرها ، لأنها أصغر من نواة الذرة بأكثر من مليار مليارات- مليارات- المرات، شئ مذهل في صغر حجمه ، منه تشكل كل هذا الكون مادة وحياة ووعياً – أي منها انبثق كل ما نشاهده من عوالم وكائنات. ويضيف العلم أن هذه النقطة الصغيرة في حجمها كانت ذات حرارة مذهلة (حرارة مجنونة) بتعبير الفيزيائي المعاصر ((إيغور بوغدانوف))، حيث تصل درجتها الي رقم 1 يليه 32 صفراً. حرارة جهنمية مرعبة لا يمكن تقدير قوة إلتهابها بمعاييرنا ولا حتي بخيالنا.
ثم حدث في هذه النقطة الدبوسية العجيبة الغريبة إنفجار هائل تشكل بسببه كل هذا الكون . لكن هل يعقل أن ينشأ من مجرد حدث إنفجار كون تنتظم فيه ظواهر وتتخلق فيه كائنات؟ هل يعقل أن يكون هذا الإنفجار ذاته قد حصل بالمصادفة مع إنه كان محسوباً بعناية فائقة؟.

إن العلم يتحدث عن الثانية الأولي للإنفجار بوصفها كانت لحظة حرجة تحتاج إلي تنظيم دقيق ، حيث لابد من تقدير مسبق لسرعة التمدد ، فلو كانت هذه السرعة أقل من جزء من مليون مضروب في مليار جزء لانهار الكون حول نفسه ، ولو كان التسارع أعلي مما كان عليه لتناثرت المادة الأولية للكون ولما انتظمت منها كواكب ومجرات ، فهل من المصادفة أن يكون الإنفجار ذاته محسوباً بهذه الدقة المتناهية في الإنضباط الي درجة أن سرعة التفجير كانت أقل من جزء واحد من مليون مضروب في مليار جزء لانهار الكون.

ثم بعد هذا يبقي السؤال المستفز للعقل الإلحادي : ماذا كان قبل وجود نقطة الدبوس هذه؟

هنا يصطدم العقل بما يسمي ((حائط بلانك)) ومعناه أنه بإمكاننا اليوم أن نصف علمياً وعلي نحو من الدقة ما حدث في أول لحظات تشكل الكون ، بل في الثواني والدقائق الأولي ، وثمة كتب فيزيائية عديدة تشرح لنا هذه اللحظة البدئية في تخلق الكون أشهرها كتاب (ستيفن فاينبرج) ((الدقائق الثلاث الأولي)) . وهو كتاب مثير بعنوانه ومحتواه ، حيث يذهب الي شرح ما حدث في الدقائق الثلاث الأولي لبدء تشكل الكون ، لكن كل هذا الوصف بدأ زمنياً من 10 الي 43 ثانية ، ولا يمكن له أن يتحدث عما قبلها ، إنه الجدار البلانكي الذي لم يستطع احد من الفيزيائيين ان يطل علي ما خلفه بأدوات العلم الفيزيائي.
لكن علي الرغم من هذا العجز الذي يعتور أدوات العلم ، كان لابد للسؤال الديني من أن يستفز حتي العلماء ، إنها جاذبية السؤال الميتافيزيقي التي تؤكد لنا أنه ليس سؤال ترف ذهني ، بل هو تعبير عن إحتياج نفسي يسكن كينونة الإنسان الذي لا يمكن أن يطمئن إلا بتحصيل إجابة تقنعه ، وهذا يطابق ما يؤكده القرآن الكريم في غير ما آية بأن التدين فطرة وليس إحساساً نفسياً مكتسباً يرتهن بشروط يوجد بوجودها وينتفي بغيابها. لذا رغم ان هذا الجدار البلانكي كان عصيا علي التجاوز ، فإنه استفز الفكر الفيزيائي ، ولذا حاول الفيزيائيون التحدث عما قبله وإن إنتابت لغتهم أحياناً كثيرة اصطلاحات ميتافيزيقية.
لكن كل فيزيائي اقترب من هذا الجدار أصابه الذهول ، واعتور لغته إنقلاب غريب من لغة العلم والحساب الي لغة المطلق والميتافيزيقيا ، يتحدث الفيزيائي (إيغور بوغدانوف) عن تجربته مع احد شيوخ علم الفيزياء الذي تجرأ وتحدث عما وراء الجدار البلانكي ، فلننصت إليه:


لكن علي الأقل ثمة فرضية تبدو مقبولة تبدو مقبولة عند العلم الفيزيائي المعاصر ، وهي أنه قبل بداية الكون أي قبل الجدار البلانكي كان هناك فراغ ، يصطلح عليه في حقل الدراسات الفيزيائية بـ(الفراغ الكوانتي).
فما موصفات هذا الفراغ؟
أولا لابد من القول إننا لا نملك في كوننا هذا فراغا ، ومن ثم فهو تجريد ذهني ، فحتى الآن لم يتم حتي في المختبرات العلمية الفيزيائية الفائقة من حيث تطور أجهزتها التقنية عزل مجال كهروطيسي رسوبي يمكن ان يعطينا صميم الفراغ. ولن يتم تحديد ذلك حسب تقدير العلماء ، لكن قبل لحظة بداية الكون يقول العلم المعاصر بوجود فراغ كوانتي ، وهنا نستفهم : هل بالإمكان أن يوجد من هذا الفراغ، وينبثق من هذا اللاشئ شئ ما يكون المادة الأولية لكوننا الحالي ؟ هل يمكن أن يوجد الوجود من العدم؟

هنا يصمت العلم لأنه إقترب من سدرة المنتهي ، حيث تنتهي إمكاناته في القياس، إذ لا مجال لتشغيل الإستقراء فالأمر كله مستور خلف جدار بلانكي عصي لا سبيل الي استكناه ما وراءه إلا بتوسل منهج آخر، هو منهج الإستنتاج العقلي فنقول ونعترف بوجود خالق للكون ، والإنتقال منه إلي الإستمداد من الوحي الرباني الذي هو وحده القادر علي أن يعرفنا بهذا الخالق وما يقصد من خلقه لنا
إنتهي

للدكتور: الطيب بوعـــزة

Post: #2
Title: Re: رؤيــة نقدية-نظرة خلف جدار جـــدار بـــلانـك
Author: قرشـــو
Date: 06-27-2005, 03:45 AM
Parent: #1

Quote:
وهنا نستفهم : هل بالإمكان أن يوجد من هذا الفراغ، وينبثق من هذا اللاشئ شئ ما يكون المادة الأولية لكوننا الحالي ؟ هل يمكن أن يوجد الوجود من العدم؟



العزيز ود قنديل

شكرا سيدى للنقل الرائع للموضع الهام جدا والذى أخذ ردحا طويلا من الزمن فى محتواه للهجوم على الأديان عامة وعلى الاسلام خاصة وعلى الخالق فى نسب الخلق الى تلك الترهات ويبقى السؤال أعلاه هل من اجابة حتى نقتنع بكل ذلك الدفق الفلسفى من الحديث الذى لا يقنع الا من كان مهيأاصلا ويبحث عن وسيلة لركوب الموجة ....