فــي الــسودان: كــلهم ســيزيف!

فــي الــسودان: كــلهم ســيزيف!


06-19-2005, 05:57 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=80&msg=1119157070&rn=0


Post: #1
Title: فــي الــسودان: كــلهم ســيزيف!
Author: هشام مدنى
Date: 06-19-2005, 05:57 AM

في لبنان: كلهم سيزيف!
في العام الماضي ذهبت ابحث في لبنان عن لبنان.. لا الناس هم الناس ولا الشوارع ولا المقاهي ولا المطاعم ولا الجميلات ولا الأدباء..أين ذهبوا؟
قالوا: عندك السوليدير. شارع مفتوح ومغلق على المقاهي والمطاعم والشيشة. والناس كأنهم في بطن سفينة او على ظهرها.. ولكن السفينة لا تبرح الشاطئ.. جلس الناس متراصين ونسوا انهم في سفينة وان مشوارهم طويل.. ولكنهم يضحكون سعداء.. ولم كذلك.. فالبلد الذي كان فيه اصدقاء لم يعد بلدي.. ذهب الاصدقاء وبقي البلد الذي لم يعد صديقا.. حبيبا.. رفيقا.. وانا لست على راحتي. فأنا التفت طول الوقت لعلي أجد أحدا من زمان يوسف السباعي واحسان عبد القدوس وسعيد فريحة واميل البستاني، حتي فيروز وحتى الرحبانية لم اجدهم هناك.. ربما كانوا هناك ولكن لا ارى ولا اسمع انهم هناك..
ذهبت مع الصديق عماد الدين اديب الى احد مطاعم السمك.. لا المطعم ولا صاحبه ولا ذوقه ولطفه.. تذكرني بأي شيء كان. رغم اعجابي بالشعب اللبناني الذي ارى انه (سيزيف) العرب او الشرق الاوسط. ففي اساطير الاغريق ان (سيزيف حكمت عليه الآلهة ان يدفع امامه حجرا الى قمة الجبل، ثم يسقط الحجر الى السفح والى الأبد.. واصرار سيزيف على ان يفعل ذلك بهمة ونشاط فيه استخفاف بالآلهة.. كأنه يقول: اجد العقاب عذابا، فانا جعلته متعة ومتحديا مشيئة الآلهة!
وكذلك يفعل اللبنانيون تنهدم بيوتهم ليلا ومحلاتهم التجارية فيبنونها من جديد.. لأنهم قرروا ان يعيشوا وان يعلنوا الحياة في وجه الموت.. وان يجعلوا الأرض ترتفع عمارات.. ولكن الاعجاب بالشعب اللبناني كالاعجاب بالأسد في السيرك.. ان الأسد في السيرك لا يأكل الناس.. وانما يتحول الى حمل وديع، وفي ذلك براعة لمروض الأسود.. ودهشة لما صار اليه الأسد..
انه غلبان هذا الأسد.. انها لقمة العيش التي جعلته هادئا وديعا مطيعا..
امتد السيرك.. واللبناني في سيرك السياسة والتجارة والحروب الاهلية بين الأديان والقبائل.. شيء مدهش، ولكنه لا يعجبك.. ولا تملك الا ان تتساءل: كيف عاشوا.. كيف يعيشون تحت القنابل في تحدياتهم للدمار والموت.. ولا ينسون الكلمة الحلوة والمجاملات التي اكثر من اطباق الفستق والسلطات: ويا تقبرني عيونك..
الي آخر الكلمات الحلوة التي ذكرتني بلبنان زمان، الذي ذهبت ابحث عنه في العام الماضي. ولما كان لا بد من ان اذهب الي بيروت طوال الشهرين الماضيين لأتسلم عملي سفيرا للامم المتحدة لغرب آسيا ـ 13 دولة عربية ـ من بينها مصر ـ لشؤون التنمية الاجتماعية.
خفت.. وحدث ما نراه ويحزننا على البلد الجميل والشعب اللطيف الذي لا يزال يحاول.. وفي كل ليلة يسرع من مكتبه ومن بيته الى شارع السوليدير، وهو سفينة قد جنحت الى الشاطئ وسط بيروت، فلا هي تحركت ولا الشاطئ ابتعد.. ولا الناس يصدقون انها سفينة.. إلا انها يوما سوف تبحر بنفسها ومن عليها..
واذا كان سيزيف اللبناني سعيدا بما يفعله فلست والله كذلك!
أنيس منصور
جريدة الشرق الأوسط

Post: #2
Title: Re: فــي الــسودان: كــلهم ســيزيف!
Author: هشام مدنى
Date: 06-19-2005, 06:05 AM
Parent: #1

ربــما يقول الكاتب أنيس منصور ان سجل زيارة للــسودان
انه ســيزيف افريقيا والعرب