دمعة لله.. يا محسنين

حديث المدينة
عثمان ميرغني
نقلا عن الرأي العام

في الحوار الصحفي الذي اجراه زميلنا حافظ الخير في «الرأي العام» امس مع السيد محمد الغزالي الذي عاد من معتقل «غوانتنامو» سأله عن المعاملة في السجن فنفى ان يكون تعرض لتعذيب بدني أو نفسي وقال إنه سمح لهم بأداء كل الشعائر الدينية وبصورة جماعية بما في ذلك صلاة التراويح في رمضان... وليزيد الصورة وضوحا قال إن المعتقلين كانوا يتمازحون مع بعضهم من الدول الفقيرة لانهم لا يجدون في بلادهم التفاح والدجاج الذي كانوا ينعمون بأكله في معتقل «غوانتنامو». وقال الغزالي ان السلطات الامريكية اعتذرت له عن فترة الاعتقال وبررت لهم الامر بأن ضربة 11 سبتمبر كانت من الثقل بحيث املت عليهم مثل هذه الاجراءات.

لا اريد هنا ان انقل هذه الصورة «الاخرى» المشرقة للتعامل الامريكي. لان الاشارة الى ذلك تمنح شهادة «عمالة» مستعجلة.. على عادة الضمير العربي الذي يستسهل الالقاب والخيانة.

لكني استدرجت هذه الصورة بمناسبة حديث دار مع احد الاصدقاء صباح امس.. فقد بادرني منذ الصباح الباكر منفعلا وهو يقول «هل رأيت في نشرات الاخبار كيف يموت العراقيون؟؟».. فرددت على سؤاله بسؤال.. «رأيتهم.. لكن هل رأيت انت أو اي احد في العالم كيف يموت السودانيون في دارفور؟؟»

صحيح رأيت في فضائية الجزيرة منظرا مؤلما لاطفال في المستشفى يعالجون من الجروح بسبب القصف لكني- ايضا- تذكرت ان اطفال دارفور لا يجدون حتى المستشفى لان جميع ولايات دارفور ليس بها مستشفى واحد يشبه أسوأ مستشفى في العراق.

صدقوني لا اريد ان اقلل من الصور المؤلمة التي يراها الضمير العربي لما يحدث في العراق لكني فقط اطالب بأولوية واسبقية الاحزان.. شعب العراق محظوظ لان كل فضائيات الدنيا بمختلف لغاتها هناك تنقل كل شئ للعالم.. ومحظوظ لان له مستشفيات يدخلها الجرحى.. لكن قرى كاملة في دارفور ازيلت من الوجود ولم ترها كاميرا واحدة ولم تزرف عليها عين واحدة قطرة من دمع..!!.. الرجل يصاب ويظل ينزف امام اسرته كلها وليس في خيالها حتى مجرد صورة مستشفى يمكن ان ينقل لها..

بالله كم قتل الامريكيون من العراقيين في الفالوجة؟ وكم قتل من السودانيين في منطقة «برام» وحدها قبل ايام قليلة.. هل سمع احدكم بـ «برام»؟؟.. هل تعرفون كم ماتوا وكيف؟ هل تعرفون كيف يموت الذي يظل ينزف لساعات بل ايام دون ان يجد حتى مجرد «ممرض» ليقدم له العلاج..؟؟

قبل ان يتلو علينا احد درجات القسوة التي يمكن ان يواجهها العرب والمسلمون المعتقلون في «غوانتنامو» هل بالامكان ان يتلو علينا درجة الـ «لا» انسانية التي يواجهها المواطن العربي والمسلم في بلده في اصغر معتقل فيه.. ليس بسبب الجرائم السياسية وحدها حتى «حراسات» التحفظ المبدئية التي يساق اليها المتهمون في مراحل التحري الاولوية «جدا» هي ضرب من السحق البشري الذي يجعل الانساني العربي محطم النفس والوجدان.

اريد ان ابكي معكم على العراق.. لكن اولوية المصائب تلزمني ان ابكي اولا على دارفور.. ابكوا انتم على العراق بعشر دمعات.. لكن على الاقل امنحونا دمعة واحدة لدارفور.. أم ان انسان السودان- دائما- لا بواكي له..!!

نبكي اهلنا في دارفور وليس احسانا بل واجابا ودين في عنقنا

شعبنا ليه الله
اخ

ما قلت الا الحق

ده ذمن الماعندو خيمة بكا كبيره ما فى حد بيعزيه

لهم رب العالمين ناس دارفور