«البيان» داخل ابيي شجرة سلام السودان المسحورة

«البيان» داخل ابيي شجرة سلام السودان المسحورة


04-06-2004, 07:27 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=8&msg=1081232822&rn=0


Post: #1
Title: «البيان» داخل ابيي شجرة سلام السودان المسحورة
Author: elsharief
Date: 04-06-2004, 07:27 AM



4 تصورات شعبية ورسمية للمنطقة
«البيان» داخل ابيي شجرة سلام السودان المسحورة



كل المعنيين بشأن السلام في السودان سمعوا بابيي التي كادت تنسف العملية السلمية لاختلاف طرفي التفاوض (الحكومة والحركة) حول تبعيتها الادارية.اذ تطالب الحركة باستصدار قرار اداري من رئاسة الجهورية لنقل تبعية المنطقة من غرب كردفان الى شمال بحر الغزال. وقد يظن من يسمع باسم ابيي انها مدينة كبيرة مكتظة بالسكان وافرة النشاط الاقتصادي ولكن الواقع مختلف تماماً.


عندما اتيحت الفرصة ل«البيان» لزيارة المنطقة في صحبة مبارك الفاضل المهدي مساعد رئيس الجمهورية الاسبوع الماضي كانت تأمل في نقل صورة نابضة بالحياة لقرائها عن هذه «ابيي» التي تستمد اسمها من شجرة تنبت في المنطقة وبحر الغزال المجاورة.


وعندما حلقت الطائرة العمودية فوق قرية كالحة اللون ذات ارض جرداء فاجأنا محافظها الذي كان يرافق الوفد بانها ابيي. ولم يكن يميز هذه القرية عن غيرها من قرى المسيرية المتناثرة على طول المسافة من المجلد الواقعة شمالاً سوى مبنى ابيض جديد يقع في الطرف الشمالي للمنطقة التي يطلق عليها مجازاً اسم مدينة وهي لا تتجاوز قرية وعلمنا فيما بعد ان هذا المبنى مستشفى بيطري.


أما ما عدا ذلك فمبانيها بائسة وتسمى بالدارجية السودانية قُطية وجمعها قطاطي وهو المبنى أو المباني المشيدة بالطين والقش و اقرب الي الشكل الهرمي. ولم يكن هناك ما يشير الي طبيعة النشاط الاقتصادي للسكان ولكن اهلها يقولون ان زراعتهم موسمية مطرية.


وتقوم مساكن أهل ابيي على مساحة لا تزيد على كيلو متردام مربع وعلى بعد عشر كيلومترات الي الشمال من شاطئ بحر العرب. ويشق هذه المنطقة من شمالها الى جنوبها شارعان أحدهما من قلبها ويتفرغ نحو السوق ومنازل السكان. والثاني من شرقها ويتفرع الى فرعين أحدهما جنوباً الي الشاطئ والثاني وهو حديث يمتد بطول 145 كلم شمالاً الى مدينة المجلد العاصمة التجارية لغرب كردفان ورئاسة قبيلة المسيرية العربية.


هذه المدينة يسكنها 17 الف نسمة وفقاً لتقديرات الاحصاء عام 93 ولكن العالمون بأمرها يقولون أن عدد سكانها لا يتجاوز 5 آلاف نسمة من قبلية دينكا نقوك ويعيش بينهم بضع مئات من المسيرية الذين يمارسون حرفة التجارة. وتفادياً للالتباس فان المسيرية يقولون ان ابناء دينكا نقوك عبروا بحر (نهير) العرب .


وجاءوا الى هذه الارض التي تعد امتداداً طبيعياً لقراهم الواقعة الى الشمال قبل اكثر من 200 عام هرباً من حروب قبلية وسمحنا لهم بالسكن الى جوارنا امنين مطمئنين وان سكان المنطقة من الدينكا يعرفون هذا ولا ينكرونه ونحن جئنا الى هنا عام 1740 وهم جاءوا بعدنا وكل ما يثار حولها الآن هو الاعيب سياسية اما الواقع الجغرافي فهو واضح.


كل له ابييه


ماسبق هو الواقع الجغرافي واقوال المسيرية ولكن هناك واقع اداري وسياسي واقتصادي مختلف ففي عام 2003م اصدرت حكومة الانقاذ قراراً اعادت فيه رسم خريطة المدن السودانية وانشأت بموجبه محافظات جديدة في اطار ما اسمته تقصير الظل الاداري وطبقاً لهذه الخطة انشأت محافظة ابيي التي تضم وحدات ادارية ثلاث هي المجلد ذات الكثافة السكانية العالية تليها الميرم ثم ابيي.


وتقرر ان يكون عاصمة المحافظة الجديدة ابيي وبررت الحكومة اختيارها لمنطقة فقيرة مثل ابيي كعاصمة للمحافظات الجديدة ورئاسة للوحدات الادارية بقولها أن مثل هذا القرار يشجع السكان والمسئولين على تطوير المنطقة ولكن المسيرية الذين رحبوا بهذا الامر باعتبار انها كلها اراضيهم يتجاوزون في سيرهم بأبقارهم وراء الماء والكلأ هذه القرية ويعبرون (النهير).


بحر العرب في موسم الجفاف ويبقون الي الجنوب من النهير لمسافة تمتد 65 كلم مدة 9 اشهر وفقاً لاقوالهم ولكن الدينكا يقولون أن المسيرية يعبرون النهر شهر 11 ويبقون جنوباً حتى شهر ابريل ليعودوا الي الشمال في موسم الامطار. ويتوقف المسير جنوباً عند قرية اسمها ابو نفيسة نسبة الى احد زعمائهم الذي دفن هناك قبل 400 سنة.


ويسميها الدينكا اكور ويقولون ان ابو نفيسة هذا قضى نحبه تحت ارجل الافيال التي كان يكمن لاصطيادها وعندما يتحدث المسيرية عن ابيي فانهم يقصدون المدى الذي تصل اليه ابقارهم.


اما ابيي السياسية فهي جد مختلفة ومختلف عليها فبينما ترنو الحركة ببصرها الى ماوراء النهير شمالاً الى منطقة ابيي التي نشأ فيها 80 من قياداتها العليا وتمتد شمالاً الى قرية تبلدية القريبة من المجلد وتقسم المقترحات الاميركية وفقاً لتحليل الحكومة المنطقة مستفيدة من حقائق الجغرافيا والتاريخ فالجغرافيا وقفت عند النهر كفاصل بين حدود الشمال والجنوب .


وتاريخياً قررت ان يتم الاستفتاء بعد ست سنوات على مستقبل المنطقة التي ضمت بقرار اداري الى كردفان عام 1905م لكن الدينكا يقولون أنه كان من الطبيعي ان يصدر القرار بالحاق الفرع جنوب النهر بالاصل شمالاً أو المركز بشمال النهر.. الان تميل الحكومة الى قبول المقترح الاميركي لانه اولاً يجنبها الحرج مع المسيرية الذين ساندوها في صد التمرد وهي الآن تحافظ لهم على ارضهم.


ثانياً: ستحاول المحاججة بان القرار الاداري لعام 1905م ينطبق فقط على جنوب النهر.


وقال مبارك المهدي مطمئنا الجماهير في دار مسيرية وهي جماهير تنتمي كلها الى الانصار ان قضية ابيي سيتم تجاوزها بالمنطق والواقع والحقائق وستبقى معتمدية تابعة لرئاسة الجمهورية بها مجلس حاكم قياداته من المنطقة ومجلس تشريعي. وأن التبعية لرئاسة الجمهورية لن تغير من طبيعة ايلولتها لغرب كردفان ومن حق السكان التمسك بها وهي ستظل ضمن حدود الشمال وهي ستكون هنا فلا تنزعجوا ويقول المواطنون رغم انهم مع التعايش فلا تفريط في حقوقنا ولن نسمح باستصدار القرار الاداري ولن نسمح ايضا لاي جهة بان تحقق مكاسب سياسية على حسابنا.


هذا القول لا يختلف حوله ابناء المسيرية مهما اختلفت مشاربهم السياسية ويتقدمهم منتسبو المؤتمر الوطني (التنظيم الحاكم) الذين يضيفون بقولهم اذا ضمت ابيي الي الجنوب فالمشاكل ستكون باقية ولن يكون هناك استقرار.


إذاً هناك أربع تصورات لابيي الأولى هي القرية أو المركز أو المدينة كما يسميها البعض وهي ترقد شمال النهر ولا تتجاوز المساحة التي تقوم عليها مساكن الأهالي الكيلو متر المربع. الثانية ابيي الحكومية والتي تضم الوحدات الإدارية الثلاث الواقعة الي شمالها في غرب كردفان. الثالثة هي تلك التي يتصورها المسيرية وهي تتجاوز النهر بحوالي 65 كلم. والرابعة هي التي تتصورها الحركة وهي تمتد من ابو نفيسة الى شمال المركز بطول يبلغ 85 كلم. أما كلمة ابيي فهي اسم لشجرة تنبت في المنطقة وفي بحر الغزال.


الخرطوم ـ محمد عبد السيد: