[RED]سبل جلب العيش للسودان[/RED]

أيام كانت الهجرة لمصر فقط ، سألوا أحد المهاجرين إلى مصر للعمل من أبناء الشمال : أها حتشتغل وين هناك ؟
فقال بثقة و بتأكيد شديدين و هو ينفث دخان سيجارة ( القمشة الزفير ) وارد صرص :
لو ربنا سهَل حأشتغل في فندق شيبرد ، و لو ما سهَل حأشتغل في فندق إنتركونتننتال.
قال هذا لأن الفندقين كانا يعجان بالسودانيين من سفرجية و طباخين و عمال ( يعني الواسطة موجودة ) ،، و فندق شيبرد دائما الرغبة الأولى في ( البوكسينق ) لكل المهاجرين ( لا أدري إن كان يقصد أن تساهيل الله لا تشمل الفندق الآخر ).
في نهاية السبعينات ،، عمل ( واحد بلدياتنا ) في إحدى القصور بالرياض ،، و أوقعه حظه العاثر في القسم الخاص بالأميرة ،، و كانت المسئولة المباشرة عنه إمرأة أردنية كانت تعمل قديما مع الجيش الإنجليزي في الأردن كممرضة ميدانية ،، لذا كانت صارمة و ( دوغري ) كوجهها الذي لا يعرف الإبتسامة. يوما وجدتْ كوبا متسخا بين الأكواب النظيفة المرصوصة في الدولاب الأنيق ،، فمسحتْ بصاحبنا الأرض ،، إستعملتْ كل القاموس الشامي في بشتنته ، إبتداءا من ( ما أغلظك ) مرورا ( بشو هالحكي ) و إنتهاءا ( بفرجيك شغلك ) ،، و بما أن لغته العربية كانت دون مستوى خط الفشل الذريع ،، فقد تمتم بشتيمة بليغة بالرطانة ،، فلما قالت له : ويش قلت ؟
قال و هو ينفث غضبه و إحتقانات إغترابه في وجهها : روهي يا يهودية.
في اليوم الثاني كان في الجمعية ،، تقبع حقيبته بجانبه و هو يواجه الجدار و حردان الأكل ، يغطي وجهه بطاقيته ، و يتمتم بشتائم غير مفهومة.
في الرياض ، هناك أحياء قديمة من الطين ، بعضها تم تلجينها بواسطة البلدية لأنها لا تصلح للسكن الآدمي ،، و رغما عن هذا يسكن بعضها الهاربين من الكفلاء أو الذين ( كبوا الزوغة ) من العمرة و الحج.
إجتمع نفر من السودانيين و هم من قرية واحدة ( و كابين الزوغة ) في إحدى تلك المنازل الملجنة ،، و على ضوء شمعة أقسموا ( بالله و بالملح و الملاح ) بأن يعمل نصفهم لإطعام القابعين في المنزل ،، ثم يعمل النصف الآخر في اليوم الذي يليه ليرتاح الفريق الأول ،، ثم يجمعوا ما كسبوه و يرسلوه لذويهم بالسودان ( تكافل لا نظير له ).
و سارت الأمور بنظام و ترتيب .
و يوما ،، وقع أحدهم في كمين شرطة المتخلفين بشارع البطحاء العام ،، و لكنه فاجأ الشرطة بأن قال لهم : تعالوا معاى ،، في جماعة تانين ساكنين معاى.
و قادهم للوكر العامر بأهل قريته.
فأعتقلتهم الشرطة و هم نيام يحلمون بالزوجة و العرس و البوكس أبو قبينتين. و تم عمل كمين للذين كانوا يعملون يومها ، فإصطادوهم واحدا تلو الآخر بسهولة و يسر بفضل وشاية صاحبنا ( الغتيت ).
و عندما سأله زملاؤه في سجن الترحيل عن وشايته بهم قال و هو يحدر طاقيته المتسخة للأمام :
نان أمشي براى أركب فوق حمارتي العرجا و إنتو تجوني بي بوكسياتكم و شنطكم ؟
فضُرِبَ الذي وشى ضربا مبرحا و لم يبالوا حينئذ بالملح و الملاح.
لم تكن مهنة ( راعي غنم أو راعي إبل ) قد ظهرت أيام إغترابنا الأولى. معظم الذين هجروا أراضيهم الزراعية في السودان ،، أو هجروا أعمالهم الهامشية و أتوا للخليج و للسعودية على وجه التحديد ،، كانت مهنهم الرئيسية عامل ،، أو طباخ ، أو سفرجي و أحيانا سائق. و عندما تشبعتْ السوق السعودية بهذه المهن ،، إنبعجتْ مهن أخرى ،، منها مهنة الراعي. و لكن أغرب مهنة قابلتني عندما أتاني أحدهم و طلب التوسط له لعمل ،، فوجدت أن مهنته ( عامل تربية نحل ). صراحة ذهلت ،، فدار بيني و بينه هذا الحوار ( العسلي ) :
إنت عندك فكرة عن النحل ؟
و الله في حياتي ما شفت لى نحلة طايرة. حتى العسل دة ما بحبو ،، أنا بحب الحاجات المرة و الحادقة .
( قال هذه الجملة و هو يزدرد ريقه و كأنه تذكر أشياؤه التي يحبها ).
فقلت له : من الذي أوحى لك بهذه المهنة ؟
قال : كفيلي إمتلأ سجله في مكتب الإستقدام بكافة أنواع المهن ،، فإبتدع هذه المهنة.
فأخذته و ذهبت به إلى صديق له أيادي و أرجل في أماكن العمل ،، فعرضته عليه ، فقال و عيناه تلمعان :
بالله عامل تربية نحل ؟ أنا بعرف واحد عندو مزرعة تربية نحل و إنتاج عسل ،، و الهنود الكانو شغالين معاه هربوا بعد ما عملوا ليهو مشكلة فنية في المزرعة.
شنو هي المشكلة ؟
النحل ياكل طول النهار في الزهور و يشرب من موية السكر ،، بس مافي إنتاج بالمرة .
ثم وجه سؤاله ( لعامل تربية النحل ) :
ممكن تحل المشكلة دي ؟
فإلتفت زولنا و قال لي هامسا :
خليهو يبل النحل و يقطِرو عرقي.
****
دار هذا الحوار بين عمنا فايد و خالنا حسن :
حسن : تصدق يا فايد ،،، أنا في السعودية إشتغلت أي شغلة ،، حتى كمان إشتغلت مؤذن جامع.
فايد : و الله إنت زول شفتة ،، لكن شغلة مؤذن دي متعبة يا حسن ؟
حسن : متعبة شديد ،، مافي إجازة كلو كلو .
فايد : حتى يوم الجمعة ؟
هذا الحوار دار بينهما في بيتي و هما ( متغطيان ) كل واحد ببطانية و كل واحد في سرير و هما لا يشعران بوجودي. لم أستطع الإنتظار من الضحك. فإنسحبت بهدوء.

أحد الأمراء الكبار طلب من مدير أعماله أن يعين غفيرا سودانيا على بوابة قصره الجديد و التي ستسكنها عروسه الجديدة.
مدير الأعمال يحب السودانيين جدا ،، فقام بواسطة أحد السودانيين بتعيين ( واحد بلدياتنا كبير في السن ) معروف بالصرامة و الجدية ،، و قال له مدير الأعمال : لا يدخل القصر أحد حتى أسمح لك بأن تدخله.
زولنا وضع هذا الكلام حلق في أضانو.
الأمير جاء مع السائق لقصر عروسه المحروس من زولنا دون علم مدير الأعمال ،، أطلق السائق البوري فأطل زولنا من شباك صغير و قال و هو عابس الوجه مقطب الجبين : نعم ،، بتضرب بوري مالك ؟
فنزل السائق و قال له بصوت خفيض : دة الأمير فلان صاحب القصر ،، و القاعدة جوة ديك زوجته الجديدة. أفتح الباب قبل ما تخرب بيتنا و بيتك.
فقال الزول : و الله لو أهلو كلهم جوة ما يخش ،، إلا المدير يكلمني شخصيا.
هنا أحس الأمير بالجدل الدائر بين الإثنين ،، فنادى السائق ، و فهم منه ما يحدث ،، فإتصل من هاتف السيارة على المدير الذي أتى مهرولا ببيجامة النوم. و تم إحتواء الأمر.
في الصباح نادى الأمير زولنا و قال له : الحين عرفتني ؟
أيوة يا طويل العمر و أنا متأسف.
لا ما تتأسف ، إنت زول تمام ، و عشان كدة أنا زودت راتبك.
و لا زال زولنا يقف منتصبا عند البوابة رغم سنواته التي تعدتْ الستين خريفا ، يدفع الزكاة و الضرائب و يحسب الأيام بالتاريخ الميلادي مستعجلا الإجازة ليرى رفيقة دربه و أولاده و أحفاده ،، و يحسب الأيام بالهجري ليستلم راتبه و ينطلق للسفارة لإرسال المصاريف الشهرية.

دنيا!!!!!!!!!!!!!

العزيز ابو جهينة

سنة 92 الوالدة اصرّت انها تسوقني معاها العمرة واثناء انتظارنا اليومي لخروج الجواز مؤشر تكونت علاقات بيني وبين بعض الإخوة المنتظرين ..
وفي اثناء نده الأسامي ندهو إسم عبدالله محمد الحسن فإنتبهت للإسم وقلت لجاري ده ماإسمك ؟ قال لي لا أنا إسمي عبدالله ( بكسر الهاء بلغتنا الدارجية ) محمد الحسن . فقلت له اذهب وتأكد اذا ماطلع اسمك ماحتخسر حاجة وفعلا لقاهو جوازه ( والوقت داك لوكان الجواز رجع واترمى في الكرتونة لنهاية العمرة ماكان حيلم فيهو ) .

وفي المنطقة الصناعية ببحري هنالك اثنان من المحس بلغوا من العمر عتيا إذا اردت ان ترى شجارهما اذكر لهما الإغتراب وحصيلته فساعتها ستجد كل منهما يسب الآخر ويقول انه هو السبب في ضياع حصيلة العمر
والسبب في ذلك انهما بعد ان كدا وجمعا ذخيرة طيبة من المال قررا الذهاب لألمانيا لشراء سيارتين مرسيدس وبهرتهما المانيا بما فيها من جمال ومسالك أخرى فإنجرفا وراء لذاتهما وضيعا ماعندهما من مال وآل بهما الحال كصناعيين في ورش نجارة المنطقة الصناعية

والله يا ابوجهينة ناسك بتاعين الشغلة المؤذن صدقو.. فعلا متعبة..وخصوصا قومة الدغش

ابو جهينة ...

تسلم يدك السحرية التي تحيل العادي الي ذهب غالي

تنقو

الأخ العزيز..ابوجهينة
كالعادة..ادخل هنا لأستمتع بالسهل الممتنع

كل الزهور والورد لك

عزيزي عثمان حمد
تحية صادقة

دنيا غريبة و عجيبة يا أبو حمد. ربنا يديك خيرها و يكفيك شرها
تسلم

عزيزي علي عثمان
تحية و محبة و تقدير

قصدت من هذا البوست أن يقص علينا المغتربون حكاويهم التي تصب في أدب ( الإغتراب ) ،، و ها أنت تبادر بالفعل في تزويدنا بقصتين تصبان في نفس السياق ،، فلك الشكر ،، و ننتظر المزيد و المزيد من القصص.
تسلم على و دمت لنا.

الحبيب ابو جهينة تسلم ياخي فكيت زهجتنا بكلامك الجميل،لكن السيناريو بتاع بلدياتنا المؤذن موتني من الضحك، هو الخلاهو يمشي يشتغل الشغلانية المتعبة دي شنو
تسلم

ابوجهينة..قطعت مصارينى بالضحك
قلت الكفيل سجله اتملى فى النهاية اكتشفو له مهنة عامل تربية
نحل....ذكرتنى عندنا زول فى ابقوتة جنو تصاديق اكشاك ومرة دكاكين
وكل يوم بفتكر حاجة ...يوم جاء مارى على مشتل الشجرة راودته فكرة مشتل ابقوتة وراح على طول مقدم طلب عشان مشتل وبعدها باع التصديق
وصار كشك...عندنا ضابط مجلس مفتح جانا فى المنطقة وكانت فى فسحة فى نص السوق وزعوها اكثر من 100 كشك...بس الناس بقت تسك الضابط
وتمسح ليه شنبه عشان يطلع موقوعه ناصية ..لكن كل الناس عاوزة ناصة
عشان الضابط يحافظ على وعده ويضمن تكملة مسحة الشنب وزع الارض
اربعة اربعة وكل زول وقع ناصية....بس الان فكرة السودانين خرجت من ارض المهجر الى السودان مرة تانى ...اعرف فى سودنة الان مشاكين كفلائهم فى شراء عقارات فى الكلاكلات..والدخينات وجبل اولياء...ديل مشو السودان بمهنة تاجر عقار....
واحد من السودنة جديد لنج لقى ليه خيمة فيها سعودين جالسين
قام نزل فيهم على طوووووووول الفاتحححححححححة
افتكرها عزاء لاحد الميتين
ولك ودى

سي جي الغالي
تحية صادقة
إنت في قومة الدغش ولا في الموية في الشتا خاصة عندنا في الشمالية ، لا في سخان و لا وكت تسخن موية.
تسلم

عمك تنقو الغالي
القومة ليك يا الحبيب

و الله دائما عند ( عبوس الأيام ) تجدني أشد الرحال إلى ( الأيام الحلوة ) فأسترجعها حتى لا تنفجر الضلوع من كتمة الغربة
سعدت بطلتك أيها الأخ العزيز

قريبي و عزيزي مانوبيا
تحية خاصة
أين أنت يا رجل ؟
سعدت بطلتك الفرايحية ،، يلا هات كم قصة ، أنا عارف إنك عندك منها عشرات
تسلم

أنا بنت النيل الأخت الفاضلة
لك مني التحايا الأخوية الصادقة
تسعدني طلاتك و كلماتك المشجعة.
نحتاج هذه الأيام إلى أن نبتسم.
تسلمي أختي العزيزة و تشكري على المداخلة الراقية.

أبو قوتة الغالي
تحية أخوية صادقة

واحد من السودنة جديد لنج لقى ليه خيمة فيها سعودين جالسين
قام نزل فيهم على طوووووووول الفاتحححححححححة
افتكرها عزاء لاحد الميتين


يديك العافية و دمت لنا

أبوجهينة
لك التحية
قالوا واحد من ( إنديكم بردو )كان شغال مع الملك من زمان ، والملك كان يعزه ، فالراجل شعر بالكبر ومرور العمر ، فقابل الملك واستسمحه في العودة النهائية غلى السودان ، والملك وافق على ذلك وقال له خلاص مر علي بكرة ،، ولما كان صباح الغد ومرّ الرجل على الملك أعطاه شيك بمليون ريال ،، فأخذخ الرجل وذهب للجمعية ، وحكى لأقاربه ،، فقالوا له : إنت مجنون ، مليون ريال تمشي بيها السودان ، والله تضيع منك ساكت ، خليك هنا وعيش أحسن عيشة ،، فرجع الرجل للملك وقال له : عندي طلب أخير يا طويل العمر .
فقال الملك : وما هو طلبك ؟
قال : تديني تنازل عشان أنقل كفالة ..

ود قاسم
و من يومها بدأ التنازل العكسي للمليون إلى أن فقد حق التمباك