أزوم يا أزوم يا شاطئا رسا عليه زورق الغيوم-- عالم عباس

لهذه القصيدة مكانة خاصة عند شاعرها منذ كتبها، وعند من قرأوها منذ نشرها اول مرة في " ايقاعات الزمن الجامح" ولمحبتها في نفسه اعاد عالم عباس نشرها في مجموعته المسماة " أوراق شوق للخرطوم"
وربما حفظها البعض.
ازوم ذلك الوادي الجميل الذي تغني به عالم عباس قبل اكثر من ثلاثين عاما ، يعيش هذه الأيام اجواء لا تعرف الهدوء المهيب الذي وصفه الشاعر
فقد تمازجت الدماء بمائه الصافي واشتعلت اشجاره الخضر نارا
وقاسى اهله اقسى ما يمكن ان يقاسي بشر
فمتى يعود لأزوم واهله الهدوء والأمن والعيش الكريم؟

غنى الفنان عمر احساس هذه القصيدة ذات مرة
ارجو ممن يملك الاغنية ان يسمعنا اياها
- وسأبحث عنها في ارشيفي ايضا
التحية لعالم عباس ولأهلنا في تلك الديار الحبيبة

==========

ازوم
عالم عباس محمد نور

أزوم يا أزوم
يا شاطئا رسا عليه زورق الغيوم
تسح ما تسح من دموعها الثقال
على الحراز والهشاب والخروب والسيال
كأنما الندى عليه باقة من النجوم
على امتداد ما رأت عيناي من رؤى
والغابة العذراء مثل موكب نأى
كأن زرقة السماء ثوب عرس
طرزت أطرافه باقة من الغيوم

وحومت فراشة تعانق المساء
عند حافة المغيب
شفافة الجناح مثلما الرمال
كل ذرة تكسرت من النجوم
وصافيا كأنه حداء عندليب
ومثل رغوة الحليب
تدافع السحاب عاليا يدف جانحيه
للسماء ، للمدى الرحيب
هناك حيث كان يرتمي أزوم
وقبل ألف عام وعام
حين لم يكن أزوم الا فكرة في خاطر الحياة
وحين كانت السماء غير هذه السماء
والحياة شيئا آخر يضيق عن تصوره الكلام
وحين كان كل شيء مبهما على الدوام
شاء ربنا بسر حرف " كن"
وسر لفظ " كان "
أن يوجد الانسان في قرارة الانسان
فشال من جنان الخلد قطرة
ومن دموع الحور
فهزها ورج رجتين
وصبها من حيث كان يحتمي
أحب ما يريد من خلق وبشر
فكان في بلادنا أزوم

وحين قلت همستين للرياح
انفلتت تفر من عقالها
وركضت تضرج التخوم
وسمرة الشط تغط في مهادها الخصيب
كمثل راهب يكدس الغموض
حول سره الرهيب
ويستفيض في مخاضه القديم
فيجزل العطاء والعطاء مثل رحم الزمان
لا يني منذ كان في بلادنا ازوم
وتصرخ الرياح مثلما الدوي
وتعبر الوادي،
فيصعق الضعيف والقوي
وترسل الأنين خافتا
فيستجيش في سباته الهموم

جموعهم أتت
وأجزلت عطاءها الدفاق
قبل يقظة القرون
وأشعلوا الشموس مثلما الشموع
اثر ليلة الرحيل
وخضبوا الرؤى ملاحما
وروضوا الأمجاد طيبة وسطوة
وبهرجا أضاء العيون
أجدادنا همو .. جذورنا
ونحن بعدهم تأصلا نقاوة البذور
وسطروا المدى روائعا
وضمخوا جبين هذا الكون هيبة
ورهبة على مدى الدهور
أجدادنا همو، وعندما مضوا
لم يمض عن ديارنا ازوم

أزوم يا أزوم
اللفظ ظل مثل جثة
تنام في قرارة الأبد
وهبته أنا الحياة من دماي
من عصارة الشعور
من مشارق السعد
لكنه يعقني يعقني
لكم ودت لو يطيع لحظة
وبعدها أفارق الجسد

أزوم أيها المهاب العظيم
بكل ما حوى امتدادك الشموخ
في طريقك الطويل
بكل ما عنى انسيابك البديع رائعا مروعا
بكل هيبة اندفاعك الدفاق
نحو الشمس في متاهة الغروب
بكل ما يحف شخصك المهيب
من جلال روعة الطيوب
وكل ما تهزه حرارة التكوين والمخاض
بكل روعة العطاء والنماء
في كل ضمة عميقة
يمنحها الحبيب للحبيب

أزوم يا أزوم
اليك أيها العظيم في سباتك اليقظان
في هدوئك العجيب
وأنت للبعيد سائرا
عليك من ستائر الغموض
ارتمى وشاح
وفيك عند منحناك
ذلك المحفوف بالأسرار
عند هبة الريح
كأنما الصباح
شروقه أزوم
نهاره أزوم
غروبه أزوم

أواه ها أنا أعود مثلما بدأت
مكبلا بالصمت والعجز والوجوم
ما ذا ترى أقول في أزوم؟

الفاشر / ام درمان


كلمة أزوم تعني جد الأودية في دارفور

تسح ما تسح من دموعها الثقال
على الحراز والخروب والسيال
كانما الندى عليه باقة من النجوم
على امتداد ما رات عيناى من رؤى
والغابة العزراء مثل كوكب نأى


سمبتيكو
هذه هى القصيدة التى فاز بها عالم عباس فى مهرجان الشعر السبعينى وهى أول قصيدة قراتها له وأنا بعد فى المتوسطة وبعدها بدأ عشقى لكتاباته.. بدء من أشجار الاسئلة الكبرى ومرورا بمارى وامبوى وحتى كان لقائى به فى جدة فى العام الفين.

من أين أخرجت هذه الدرة?

الأخ سنتيمنتال

تحياتي

هذه القصيدة موجودة ضمن قصائد مجموعة " اوراق شوق للخرطوم" الصادرة عن دار عزة وساوافيك باتفاصيل لاحقا- اعني تاريخ الطبع واي معلومات اخرى-

اوراق شوق للخرطوم
صادرة عن دار عزة للنشر
الخرطوم صب 12909
هاتف
787200
787201
فاكس
790819

الأخ سيمباتيكو

التحية لك

ولشاعرنا الجميل عالم عباس

والتقدير والشكر لك على القصيدة

أبوذر