رائعتان بحجاب ... وبلا حجاب ...

شيرين عبادي الإيرانية المسلمة نالت نوبل للسلام ونوال نور السودانية العربية جائزة ب500 ألف دولار للمستشفى الذي أسسته لمعالجة المختونات في أفريقيا. في الأسبوع نفسه امرأتان مسلمتان حازتا تقديراً عالمياً. كانت نوال نور في مستشفاها تجري عملية لإحدى مريضاتها عندما نادت عليها الصحافة لتسألها عن الجائزة. وستعود على الأغلب الى غرفة العمليات مرات كثيرة حتى المرة التي ننسى فيها اسمها. لكننا على الأرجح لن ننسى أن سودانية استحقت أن تذكر ويذكر عملها في العالم كله. تحدّثت شيرين عبادي وهي سافرة الأمر الذي دعا صافيناز كاظم للومها فحسب، إذ ليس في الأمر كله سوى ان امرأة مسلمة أهملت فرض الحجاب. أما جائزة نوبل فليست شيئاً يذكر وهي إذا عدّت فستكون دليل اتهام، أما دفاع شيرين عبادي عن حقوق الإنسان في إيران دفاعها عن القانون كمحامية مسلمة، فلا يعتد به ما دامت شيرين أسقطت فرض الحجاب. ثم أن دعوة عبادي لفصل الدين عن الدولة هي كجائزة نوبل من إيحاء الأميركيين وعلينا اليوم أن نتخذ مواقفنا بالنكاية فلا ننجر لما يريده الأميركيون
إن تكلم وزير أميركي عن تجديد الإسلام أو تجديد الفكر الإسلامي كان علينا أن نحذف هذا من برامجنا ولو انحدرت الينا من أوائل القرن الماضي وقبل أن يعرف هذا الوزير أو ذاك شيئاً عن المسألة. أما فصل الدين عن الدولة فهو أيضاً إيحاء أميركي وعلى اليساريين والماركسيين السابقين ومناضلي حركات التحرر الوطني القدامى أن يلغوا هذه المسألة من مشاريع التنوير العربي ولو أنها في هذه المشاريع منذ أوائل القرن الماضي. اليوم ثمة مطالبة ببيع المشروع النهضوي ما دام هذا المشروع تقاطع صورياً أو فعلياً مع الكلام الأميركي.
لن يعيش اسم شيرين عبادي طويلاً في ذاكرتنا أما الذي سيبقى فهو اسم الشعب الإيراني والمثقفين الإيرانيين، الذين هتفوا لهذا الشعب وهو يدك قلعة الطغيان الشاهنشاهي بأكبر حركة سلمية في التاريخ. سيهتفون اليوم لهذا الشعب وهو يطالب بدولة للقانون، دولة لا مكان فيها للإعدامات الفورية ولا خنق المثقفين ولا قتل الصحافيين الأجانب ولا إغلاق الصحف واعتقال الخصوم الإيديولوجيين والسياسيين، ما سيبقى هو اسم الثقافة الإيرانية الشجاعة وهي تقاوم مجدداً في سبيل شرفها وحريتها.
إنها نوبل رائعة وصحيحة مهداة لشعب صلب، مهداة بالدرجة نفسها للمرأة الإيرانية وللمرأة المسلمة، ولمثقفي البلاد الإسلامية المناضلين من أجل دولة للقانون وسلطة لا تقوم على التفتيش ولا يقع همها في الدخول إلى أحلام الناس ورغباتهم وغرف نومهم وأجسادهم ومآكلهم ومشاربهم، هدية للمسلمين الذين يفكرون بإسلام لا يزر وازرة وزر أخرى، ولا يجعل من السلطة معيار الحق.
سننسى اسم نوال نور لكن سيبقى نضالها الرائع لصيانة جمال النساء وأجسادهن وتحريرهن من الاعتداء على نفوسهن ورغباتهن وحقهن في الهواء والمتعة.
اسمان رائعان لكن الأهم هو ذلك الاعتراف بأننا بنينا نساءً ورجالاً يناضلون بمشقّة أكبر وبتضحيات أجسم وبصلابة لا مثيل لها في سبيل حصة أكبر من الهواء وحق أكثر وكرامة واحترام، ولا يهمنا بالطبع إذا ارتدين الحجاب أو لا. سننظر بالعين نفسها الى أعمالهن وسنحترمهن بحجاب أو بلا حجاب، سنتابع مشروع مئة عام إذا قبل الأميركيون أو لم يقبلوا وسيزيدنا اعتراف العالم به اقتناعاً به وسعياً إليه.