أول لقاء .. بدون حذاء

أول لقاء .. بدون حذاء


02-07-2004, 02:08 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=8&msg=1076159317&rn=0


Post: #1
Title: أول لقاء .. بدون حذاء
Author: ابو جهينة
Date: 02-07-2004, 02:08 PM

نظر إليها ، فإتسعتْ حدقتاه.
و تلون بؤبؤ العين بألوان قوس قزح ، أما لونها هي فلم يميزه تماما من شدة إنبهاره بها.
و إزداد بياض العين بياضا ، و سواد العين سوادا.
و وقفتْ رموشه كقرون الإستشعار .
شعر بأن صورتها قد إنحشرتْ في زوايا عينيه ،، فودَ لو يحبسها في قمقم و يغلق عليها الغطاء.
تمنى أن تقبع داخل محجريه، فيغمض عينيه فيراها متوهجة داخله و كأنها تترقرق وسط كرة كريستالية لا يراها إلا هو ، و يفتح عينيه لتتجسد أمامه كصورة منعكسة من ( بروجكتور ) يتحكم في ظهورها و إختفاءها ، و في تكبيرها و تصغيرها.
و لأول مرة يحس بالفعل بأن الدنيا تضحك و تغني و تغرد كما العصافير.
و تحول الجو الخانق حوله ، إلى نسمات ربيعية ترطب وجهه.
و تحول الشارع المغبر إلى ممر معشوشب في حديقة غناء.
نظرتْ إليه فزادت سرعة رموشها طلوعا و نزولا ، و كأنها تلتقط صورا متتالية بكاميرا ( ديجيتال ).
و إبتسمتْ إبتسامة عريضة دون أن تعرف إلى أي حد إنفرجتْ شفتاها.
و رمقته بنظرة ،، فإنكسر مسار نظرتها بين عينيه الجريئتين و بين الأرض في حركة دؤوبة متواصلة دونما إنقطاع ، و كأنها تحثه على نزال العشق و الوله في تحدٍ يشبه تحدي ( الديكة ).
ثم إبتسمت له ، فأشرقت أمامه شموسا أخرى. فنسي توبيخ أبيه له اليوم ، عندما عرف أنه جمَد سنته الدراسية ، و نسي ( المطرقة ) التي هوتْ بها فتاته السابقة فأدمتْ رأسه و قلبه ، و نسي أنه دفع آخر ما يملك في فاتورة ( فطور ) دسم لشلة من البنات هذا الصباح ، و أنه ربما رجع لبيته مشيا على الأقدام.
نسى كل شيء و ذاب في الصورة و اللحظة.
كستْ روحه مسحة من الطمأنينة و الراحة ، و حطَتْ على وسادة من الأمان الداخلي ، و تمدَدتْ على تلة من رمال الأمل الذي يدغدغ كل ذرة في كيانه.
فأبتسم لها و تخيل أنها تقول في سرها : ليتني أستطيع أن ألتقط إبتسامتك و أضعها في حقيبتي كى تقبع بجوار أشيائي الصغيرة ، أعبث بها و أنا في مدرج الكلية ، و في البص ، و في الكافيتيريا ، أو أضعها صورة على شاشة جوالي.
قال لها : بصوت مرتجف ، و هو يخاف أن تصده :
صباح الخير . كيف ............. ؟
و لم تعرف عن ( كيفية ) ماذا يسأل.
فقالت له و هي تطلق ضحكة كلها غنج و دلال : صباح النور
فإنبثق نور من دواخله غمر كل إحساسه ،، و شعر أنه ( مخدَر ) تماما ، و أحس بحرارة تلسع نافوخه ،، فتصبب عرقا.
جلسا سويا على المقعد الإسمنتي ، فأحس كأنه مقعد وثير.
تحادثا طويلا ،، يتكلم دون إنقطاع.
تعبث بيد حقيبتها و بالجوال الأنيق .
و يعبث بمفتاح ( درج دولابه ) الذي يشاركه فيه أخوه الأصغر.
تصلح من هندامها و من خصلاتها الشاردة على جبينها.
ينظر إلى حذائه المليء بالغبار ، يرجع رجليه للوراء في محاولة لإخفاء جواربه المقطوعة من الجوانب.
تبلل شفتيها بلسانها بين الفينة و الأخرى و كأنها غير واثقة من نداوتهما.
يقضم أظافره حتى وصل ( اللحم الحى ).
قالت أن أخاها سيحضر ليأخذها للبيت ( بالكامري ) ، و تريد أن تخبره بأن لا يأتي حتى يستطيع هو أن يقوم بتوصيلها.
تحسس جيوبه التي ينعق فيهما البوم ،، و تأبى حتى العناكب من السكنى فيهما.
قال أن ( عربيته ) في الورشة.
جف حلقه ،، و لم يجد ريقا ليزدرده.
قالت إنها عطشى .
تجاهل طلبها ،، فهو يعلم أن صاحب البوفيه لن يعطيه ( قطرة ماء ) حتى يسدد ما عليه من ديون.
إستعمل كل مهاراته الكلامية ،، و حديثه العذب في أن يجعلها تصرف النظر عن العطش و عن دعوتها إلى مطعم فاخر.
قامت مستأذنة.
قال : متى أراك ؟
قالت : أنا كل يوم هنا
في الغد ،، أتى و هو ينتعل حذاء صديقه بعد أن وعده بأنه سيمشي به على مهل ، و أنه سيتحاشى الإرتطام بالحجارة ، و سيتجنب كل المياة المدلوقة على قارعة الطريق.
في جيبه تقبع بضع جنيهات تكفي لكوبين من العصير و ساندويتشين و جولة قصيرة ( بالركشة ).
رآها تجلس في عربة فارهة بالقرب من شاب أنيق ، و رأسيهما قاب قوسين أو أدنى من الإلتحام.
إقترب منها ،، ثم إنحنى كما جرسونات فندق خمسة نجوم و قال لها :
صباح الخير ،، ممكن تنزلي نقعد هناك.
نظرت إليه نظرة ملأته شكا و ريبة.
قالت له : شنو قلة الذوق دي ،، مش شايفني قاعدة مع واحد و بتكلم معاه.
ثم نظرتْ إليه نظرة ذات مغزى .
فبهت الذي كذب.
و عرف أنها غاصت في دواخله بعد كل تلك ( الإرهاصات ).
فتحت باب السيارة و قالت له بصوت أحس فيه كل لؤم الدنيا :
إنت عارف منو القاعد في العربية دة ؟ أنا و هو شبه مخطوبين.
و لم يطرف لها جفن و هي تنتزع أحشاء أمله الوليد .
فضحك ضحكة هستيرية لفتتْ إنتباه الجالسين و الجالسات .
لم يأبه للذين يحملقون فيه.
كرر ضحكاته بوتيرة تصاعدية ، و هو يتلفت وراءه كالمأخوذ .
و مضى بعيدا و هو غير عابيء بحذاء صاحبه ،، ( فشات ) كل حجر صادفه ،، و ركل أرجل المقاعد الأسمنتية ،، و تعمد المشي على كل المياة المتناثرة هنا و هناك.
و لعن أشياءا كثيرة في سره ،، لم يكن إبليس ضمن من لعنهم.

Post: #2
Title: Re: أول لقاء .. بدون حذاء
Author: hamid hajer
Date: 02-07-2004, 02:25 PM
Parent: #1

مش من الاول ...
لازم الزول ده يتمدد قدر لحافه .. يا اخويه يا جمال ..
و لا شكله غلس ما عارف قيمة الاشياء ..
لعن الله الفقر ..
تبا للشيخ فرح ود تكتوك .. ا كان يمدحه ..
.. مع الود ..

Post: #3
Title: Re: أول لقاء .. بدون حذاء
Author: ابو جهينة
Date: 02-07-2004, 02:32 PM
Parent: #2

الأخ حامد
كل سنة و إنت طيب

( لعن الله الفقر )
و لو كان الفقر رجلا ... لسلخت جلده
تسلم