أخضر سودانيّ ببرلمان شتوغارت الألمانيّ بقلم د. محمد بدوي مصطفى

01:01 PM February, 07 2020

سودانيز اون لاين
محمد بدوي مصطفى -Germany
مكتبتى
رابط مختصر

في ساعة مبكرة من فجر هادئ، يستكين رانيا لهمسات صبح مشرق، يحفّه حبّ العمل وحلاوة التدبير لنيل المستحيل في حقّ مواطن يتطلع إلى الأفضل، لملمتُ قصاصاتي ودفاتري بالدار تاركا أسرتي في سِنة ونوم عميقين، ثلاثتهم وقط باسط ذراعيه بالوسيط. قصدت محطة رايشناو وقطيرات الندى تدندن على عود الزهر المتعطش للطلّ. رايشناو، يا إلاهي، جزيرة لا تبعد إلا بضع خطوات عجاف عن كونستانس، فاتنة الجنوب، والتي ترقد على بحيرتها كالهمزة على سطرها. تتسلطن بأنغام موج الراين وتتبدّى للناظرين في ألق سحرها أو قل بسحر ألقها الخلاب بعلو وشموخ، تتزمل دون حياء خضرتها السندسيّة حالمة غارقة في الأزرق وبين هذا وذاك تشرئب عيناها الزرقاوان صوب جبال الألب المزدانة بتاج جليدها السرمديّ، فأدركت فجرئذ أن المواطن قد عرض عليّ أمانة أبتها السماوات والأرض والجبال وأشفقن منها وحملتها أنا وكنت لنفسي ظلوما جهولا. أيقنت يا سادتي عبء الحمل وعظمته. أوزعني الله أن أشكر نعمته عليّ، فلقد حاز شخصي الضعيف، ولا فخر، بالمركز الأوّل بانتخابات البلدية إذ حصلت على أكبر نسبة أصوات (فوق ٢٥ ألف صوت) من بين ٢٨٠ مرشح ألماني. وذكرت الصحف: أنه شأن دون سابق لرجل مثلي بخلفيات ثقافية وإثنية مخالفة للعرف. فتمكنّا بهذه النتيجة التاريخية أن نرفع عدد مقاعد الحزب من ثمانية إلى ثلاثة عشر مقعدا، بزيادة خمسة مقاعد لنوّاب جدد، وكانت صغيرتنا طالبة تبلغ من العمر ٢٢ ربيعا.

على أيّة حال امتطيت قطار الجنوب ساريا خلل الظلام وقد كان شفق الشروق يتهادى رانيا خجلا خلف أستار الليل، وكنت في طريقي إلى ضالتي المنشودة شتوتغارت والتي يشهد لها بالحضارة والرقيّ. ارتجلت الدّابة سبيلها بخطوات وئيدة معلنة اقتحام المدينة حيث انتصبت نجمة المرسيدس العالقة في الأفق في شموخ وكبرياء، تضئ الدروب مرحبّة قائلة: أهلا وسهلا!

لمن لا يُلِمُّ بحيثيات السياسية الألمانية في الآونة الأخيرة، أقول، لقد أكتسح حزب الخضر انتخابات البلدية التي أجريت في مايو من عام ٢٠١٩، فحقق نتائجا باهرة، لم تشهد لها ألمانيا مثيل، إذ استطاع ٦٦٠ نائبا جديدا أن يدخلوا العمل السياسي من أوسع أبوابه سيما من طرف الناخبين ذوي الفئات العمرية بين الثامنة عشر إلى الخامسة والعشرين، مما جعل عدد النوّاب الخضر ٢٣٢١ عضوا في برلمانات مجالس المحليّات والمقاطعات في جميع أنحاء البلاد. فمن المؤكد أن الزحف الأخضر اليافع يسير بخطى ثابتة لا يلوي على شيء إلا ويكتسح الأحزاب الشائخة، ليمحو رويدا رويدا أحمرها وأسودها وحتى أصفرها فاقع اللون، ليسرّ أخضرها الناظرين. بيد أن من التحديات الهامة في الفترة المقبلة هو وقف الزحف الأزرق المضطرد لليمين المتطرف (Afd) والذي يعتنق أغلبيته الفكر النيونازي.

يتنبأ المستقبل الواعد باكتساح أوسع وتمدد أعمق في سماء السياسة الألمانيّة وقضية أن يتربع مستشار أخضر مفاتح الحكم في الانتخابات الاتحادية القادمة، في تقديري صار من المسلمات وقد قاب قوسين أو أدنى من القمة بالبندستاق . قصدت مدينة شتوتغارت وقد خُصص ذاك اليوم للعمل السياسي للبلديات، حيث أتى إليه نواب البلديات من كل فج عميق من أجل التبادل المشترك لترقية حرفيتهم على متابعة المهام الملحة للمواطن في كل المحليات بشكل أكثر إثارة من ذي قبل؛ وقبل هذا وذاك، لجعل التزامنا نحن النوّاب بحماية البيئة على أرض الواقع ممكنًا، لذلك فقد جاءت المضامين تعالج قضايا ملحّة من بينها تطوير العمل السياسي فضلا عن تلكم التي تنطوي على التطبيق الجيد والمستدام على جميع المستويات في تناغم وتناسق مع المواطن ومنه.

كان يوما هاما لمست فيه موسم هجرتي إلى الشمال، أشارك الزملاء مشاكل المواطن الملحة، همومه، تطلعاته وطموحاته. رأيت بأمّ عينيّ حرفية العمل السياسيّ أثناء الورش المتباينة كما ووقفت على قمّة تواضع القادة الخضر. ففي يوم البلديات هذا تعلمت الكثير وينتظرني الكثير لكن تلك قصة أخرى!

(أخبار اليوم - الجمعة 7 فبراير 2020)

يا لفخرنا و سعادتنا الغامرة بنجاحك الباهر
في الفوز بمقعد في بلدية اشتوتقارت,
بألمانيا عن حزب الخضر الألماني!
تقبل تقبل التهنئة الحارة, مني: أنا المواطن
السوداني/ الأمريكي, الذي يدعم, ماديا
و يصوت بشكل راتب لحزب الخضر الأمريكي
في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
في الدائرة الإنتخابية, حيث أقيم,
لم ينزل بعد, في الانتخابات البلدية
بها, مرشح عن حزب الخضر الأمريكي.

طارق الفزاري
ود زينب