امراة من فولاذ بقلم علي بلدو

امراة من فولاذ بقلم علي بلدو


01-22-2020, 02:48 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1579657711&rn=0


Post: #1
Title: امراة من فولاذ بقلم علي بلدو
Author: علي بلدو
Date: 01-22-2020, 02:48 AM

01:48 AM January, 21 2020

سودانيز اون لاين
علي بلدو-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



خواطر طبيب


احضرت لي ابنها و هو يشتكي من بعض الاعراض و اوعزت لي انها لم تشاء ان تذهب به لمستشفى حكومي عشان (ما يجيبو خبرو) زي ما جابوا خبر ابيها و اختها من قبل سنوات خلون.و ذلك بعد اوهام نقل العلاج للاطراف كما يزعمون و التي جعلت المواطن المسكين و الاغبش يدفع ما تبقى من دم في المركز و في الاطراف معا و لا يحصل على علاج ناجع في ظل وزراء النظريات و مدراء الواسطة و المحسوبية, و التي جعلت مستشفيات المركز مناظر و مستشفيات الاطراف مقابر.
كان يبدو عليها رقة الحال و تعلو وجهها ابتسامة ناصعة لامعة الاسنان و تسر الناظرين., و بدت بثوبها الابيض انها من ذلك النوع الذي تعلم العمل و الكد و الاجتهاد و عرق الجبين , تدلت من يديها مسبحة ظلت تواظب على تحريك حباتها حتى اثناء المقابلة و هي تقول برباطة جاش:
(يا ولدي الذكر ده ياهو النافعنا و جايب لينا البركة)
كان ابنها يعاني اشد المعاناة و هي تخفف عنه و تقول في ردها على سؤالي جول ابيه ان والده قد( طفش) منذ سنوات و ترك لها ابنها المريض و ثلاث بنات و لم يبن له اثر بعدها و الي اليوم. ’ و انها في سبيل تربية ابناءها الصغار بدات في العمل و بكل المهن حتى انها حملت قصعة المونة على ظهرها ذات مرة ضاق فيها الامر و كما عملت ببيع الشاي و الكسرة الى ان افتتحت مطعما خاصا بها تسترزق منه هي و اسرتها و كيف انها علمت بناتها حتى المرحلة الثانوية ثم تزوجن جميعهن (احسن عرس) كما قالت.
و هنا استحضرني ذكر بعض نسوة المدينة و الذين ملاوا الدنيا ضجيجا و صخبا من تصريحاتهم الضاربة و ووقفاتهم الاحتجاجية المضحكة و معارضتهم الناعمة, حيث يشارك الابن و تعارض البنت و يمسك الاب العصا من النصف و يحاولن اقناعنا بانهن قد اتوا من السماء بينما باقي شعبنا المسكين قد جاء من الارض و بالتالي كما يقال البتجي من السماء تحملها الواطة ,الا ساء ما يحكمون و باطل ما يظنون.
و تذكرت نساء الغفلة و اللاتي اختزلن الحرية في شرب السجائر و لبس البناطلين و التعري و الحقن بالنضال و الكفاح اشد الضرر بالشوفونية و النرجسية و حتى اكل اموال الناس بالباطل و العمالة و الارتزاق, ثم يدعين وصلا بالكفاح و هو منهن براء.
لم تجعلني (حاجة حواء) استرسل بعيدا قبل ان تشكرني و تؤكد لي انها ستحضر للمقابلة بعد شهر و هو كما قالت ثلاثين صباحا, و فسرت لي ذلك بانها امية لا تقراء و لا تكتب و لكنها تعد الايام بالصباحات و تعلمت ذلك منذ طفشان زوجها و الى الان.
و هنا ايضا و برغم ارادتي سرح خاطري بعيدا عن موعد اشراق صبحنا و ميقات انبلاج صباحنا و ميعاد قدوم غلسنا و غسقنا و الذي طالت في المسير اليه التناكر و التذاكر و العساكر و حتى السكاكر و هلم جرا!وكما تذكرت الذين طفشوا و هجوا من الساسة و القادة بسبب السخانة في الاجواء’ و ادمنوا حياة الغرب و فنادقه و فلله و بعد ذلك يتحدثون عن النضال و الكفاح و هم في ثرائهم يتقلبون بينما , امثال حواء المناضلة الحقيقية تعيش من عرق جبينها ’ كدرس لاولئك الارزقية و الموهومين.
خرجت حاجة حواء بصحبة ابنها بعد نهاية المقابلة مثل النخلة هامة قامة و استقامة’ تمشي و كانها طود شامخ و بناء راسخ’ ضاحكة مستبشرة من نساء عينة( بابا قال ليكم) و ( بابا جاي) لتذكرهم بانهن من ورق و خشب اسن ’ اما هي فانها و بحق امراة و لكن من فولاذ.