لماذا؟ ... مختصر العلاقة الإنسانية بقلم د.أمل الكردفاني

لماذا؟ ... مختصر العلاقة الإنسانية بقلم د.أمل الكردفاني


12-03-2019, 05:55 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1575392102&rn=0


Post: #1
Title: لماذا؟ ... مختصر العلاقة الإنسانية بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 12-03-2019, 05:55 PM

04:55 PM December, 03 2019

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر





متى تنتهي العلاقات الإنسانية؟
إنها تنتهي من ذات نقطة البدء ؛ ونقطة البدء ليس بداية اللقاء ؛ إنما هي لحظة تنبثق فيها العلاقة -كعلاقة- من زخم ماضي من التفاعلات. هذه اللحظة التي يسبقها مرور الطرفين ؛ زوج وزوجة ؛ أنثى وذكر ، صديق وصديق ؛ بحالات من الشد والجذب وحذر وترقب وقراءة وفهم مستمر بينهما ؛ وفي لحظة ما يبلغ الطرفان حالة العفوية.
العفوية في العلاقات الإنسانية هي نقطة الإنطلاق ، ولكنها في نفس الوقت نقطة النهاية..وبنهاية العفوية - سواء لخيانة الثقة ، أو لسلوكيات شاذة أو ردود أفعال غير معهودة- تنهار العفوية وتبدأ العلاقة في التزحزح إلى خانة الصفر في اتجاه عكسي.
في المحاكم يسأل القاضي الزوجة عن الضرر الذي أصابها لدرجة جعلتها تحسم أمرها وتطلب الطلاق فتحار المرأة جوابا وتصمت. المسألة ليست بالبساطة الحاسمة التي يطرحها القانون ؛ ضرب ، سب ، تجويع ، إهانة ، ضعف جنسي...الخ ، لا.. القانون هنا يلعب في منطقة ليست منطقته أبدا ، القانون هنا يلعب في منطقة شديدة الميوعة ، وشديدة التخالط ، والقاضي نفسه ليس خبيرا كفاية لفهم أسرار أو مخاطر المشي فوق هذه الرمال المتحركة.
متى انتهت العلاقة؟
ربما انتهت قبل سنوات نهاية فعلية حينما انتهت العفوية ، وحينما أصبح كل طرف يحسب أقواله بالمسطرة ، ويقيس بدوره ردود أفعال الطرف الآخر ليبني عليها بدوره ردود أفعاله أو في الواقع توقعاته ... يعود الشد والجذب من جديد ، لكن كما أسلفت في اتجاه عكسي..اتجاه دافعه المقت وانعدام الثقة والانتقام أو التشفي أو الخوف والهروب وتجنب الضرر.
هنا تعلن العلاقة الزوجية أو أي علاقة أخرى نهايتها.
هناك مسألة مهمة جدا ؛ وهي التقييم الإحساسي ، وهو تقييم عقلاني متخف تحت العفوية ، تمارسه الحيوانات المدجنة، فالقطة لا ترتمي في أحضانك بسهولة ، إنها تملك تقييما احساسيا عبر تجاربها معك في الماضي. وعندما تبلغ تقييماتها لعلاقتها بك الدرجة الكاملة تترك لك جسدها بأمان. هي الآن تتعامل معك بعفوية وستظل كذلك حتى تلك اللحظة التي تفقد فيها أنت عفويتك عبر سلوك غير معهود. القطة حيوان ولكنها حيوان يملك إحساسا تقييميا عاليا ، تبني الحيوانات المدجنة روابطها مع البشر بناء على ذلك الإحساس ، فحتى الدجاج وهو أغبى الحيوان -بحسب تجربتي معه- يملك ذلك المقياس الدقيقة عندما يعرف كيف يختبئ في ركن القفص من الغريب أو يغتجمع أمام الباب عندما يرى مالكه يحمل له الماء والعلف.
بمجرد أن يفقد أي طرف عفويته ينتقل الإحساس بذلك إلى الطرف الآخر وأول شيء ينهار هو الثقة ومن ثم الأمان ومن ثم سيعود الطرف الآخر إلى دائرة الاهتمام به كشيء غريب ومن ثم ستقفز القطة من حجرك ثم تقف في مواجهتك وهي تتأملك وكأنما تتساءل: لماذا؟