ضيفة الجحيم! بقلم رقية وراق

ضيفة الجحيم! بقلم رقية وراق


11-30-2019, 04:25 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1575127513&rn=0


Post: #1
Title: ضيفة الجحيم! بقلم رقية وراق
Author: رقية وراق
Date: 11-30-2019, 04:25 PM

03:25 PM November, 30 2019

سودانيز اون لاين
رقية وراق -canada
مكتبتى
رابط مختصر



أعيد نشر هذه المادة في مناسبة الغاء قانون النظام العام الذي أذاق النساء، على وجه الخصوص، من علقم مختبرات كهوفه كل صنوف الانتهاكات. كتبت ونشرت الكلمة أدناه بعد ظهور مقطع الفيديو الشهير لفتاة سودانية تتلقى فظاعة جلد تقشعر لها الأبدان وسط جمهرة وبحضور(قاض) يصيح بها "انجلدي جلدك" كلما حاولت اتقاء السياط.
الى الكلمة ادناه:



أي وحشة ، وأي يأس من نصرة أي انسان في الوجود، حملتها تلك الصرخات المستغيثة التي سمعها العالم مذهولا ، في مقطع فيديو الفتاة السودانية المجلودة،الذي وصلنا، كأنه آت من الجحيم لا غيره، فعصف بأفئدة النساء والرجال، وغرس خناجره في الأحشاء وأطار النوم عن العيون بعد ان جرحها بحارق الدمع لهول ما رأت.
" واي يا أنا " أنا فقط من يهمها أمري في هذه اللحظات القاتلة المظلمة في رابعة النهار. أنا ، المرأة الوحيدة ، في مواجهة قاض ورجال شرطة متوحشين ، عابثين، مجردين من كل ذرة لمهنية ، اما الانسانية فالمجال لا يسمح بايراد كلمة ( غريبة!) على شاكلتها، ونحن نشهد حفلا للبربرية والهمجية تعف الشياطين نفسها عن احيائه.
خلاص .. خلاص ياخ.. تتوسل الضحية جلادها.
ياخ .. أصلها : يا أخي ، في سودنة الدارجة للفصحى ، ولكن أين هو الأخ يا أختاه ، في أي علبة معدنية صدئة خبئت ذاكرته عنه وغيبت في أعماق بحر ظلمات عظمت لجته وتلاطمت أمواجه في ليل البلاد.
ما الذي حدث لك يا أخ ؟ ما الذي حدث لك ياخي؟
أعلم انك لست سوى سوط في يد الجلاد الأكبر، ومع ذلك أصر أن أذكرك،
اولست أنت نفسك الشرطي الذي انحاز لانتفاضة النساء والرجال ضد الطاغية بالأمس القريب؟ الم ترك كاتبة هذه الأسطر ، التي كانت طالبة في عمر من تتهوس بازيائهن الآن من طالبات الحامعات ، ألم ترك قرب جسر النيل الأزرق ببحري، صبيحة السادس من أبريل ، وأنت تتحدث ، بأدب جم ، الى جموع المتظاهرات والمتظاهرين:
يا اخوانا .. سيذيع القائد العام بيانا بعد قليل ، لوأردتم يمكنكم المواصلة ، ولو رأيتم أن تعودوا الى بيوتكم لتستمعوا اليه فلكم ذلك.
كنت تضمن واجبك المهني في ذاك اليوم، البشارة ، ياخي ، و تنحاز، دون أن تعلن ، لخيار النساء والرجال ،للحرية والديمقراطية . يا أخي.. في أي كهف مخيف أدخلك من أتوا بليل ، فأتيت يتقطر الدم ، ممتزجا بضحكاتك، بين شدقيك ؟
أللاذلال خلق الرحم الذي أنجبك والصدر الذي أرضعك؟
والوجه الذي الهبت جانبه بسوطك ذي الأزيز ، ألم ينحن عليك ، وليدا لا حول لك ولا قوة ؟
واليد التي البستها أسورة الجراح ، ألم تحملك ، الم تعدل وضع فمك الصغير على الحلمة ، لتكبر ويشتد ساعدك ، فتجلدها ، ذات الحلمة ، ويشقها سوطك دقيق الطرف ويمزقها؟
أودم على اسفلت الشارع، بحليب نشأتك الأولى ؟
أحي يا أمييييييييييههه ..
نسمع النداء المرتعب في وحشته ويأسه ، تختلط ياء النسب فيه بالآهات التي لا تفصلها ثانية لبلع ريق فارق الحلق الذي جف وتشقق. تأتي أمهات الدنيا مجتمعات في خواطر كل من تسمع الصرخة وكل من يسمعها، فنستغيث معها بهن وأنت تمزق بسياطك أجسادنا جميعا .الاستغاثة بالأم التي ترحم ، الأم التي تحن ولو قسي الجميع، كانت وحدها ماتبقى لضيفة الجحيم ، من ذرات السيطرة والتحكم في أرض الذات والجسد المستباحين. لم تنشد الرحمة الا من الأم الغائبة ،ولم تحتم الابعربة قريبة ، فالجماد لا يحمل كرباجا ، ولا يملك عينين ليكون ضمن الطائفة التي شهدت العذاب.
فكي العربية دي ..
يتدخل القاضي حتى لا تخدش ضيفة الجحيم، مشاعر السيارة ، أو طلاءها!
لم تتمسك بيد الجلاد ، ولكنها تمسكت بالسوط في ثانية خاطفة للاستراحة من الألم المنصب .كأنما ألغت الوحشية كل ما عرفه وجود الفتاة من تواصل مع البشر فلم يعد من طوقوها في تلك الدائرة الفظيعة الا أعواد حطب عملاقة يزيد اشتعالها كلما ارتفعت الصرخات والآهات. يهب جلاد ثان لمساعدة زميله ، يثأر الجلاد الأول لاهانة الاستراحة ، قيلهب حتى فم ضحيته بالجلد بين حروف التوسلات.
رأيت في فيديو ضيفة الجحيم ، فظاعة ان يفقدك انسان عن طريق القوة والسلطة حقك في جسدك حتى ليفصله عنك ويأمرك أن تقدمه له ليعتدي عليه بالشكل المطلوب . رأيت نفسي و كل نساء بلدي في المشهد . كلما كنت امرأة ، كلما ازدادت مخاطر وقوعك في يد الجلاد ، كأنما النوع الاجتماعي تدخين ، وكأنما الجلاد مرض السرطان!
رأيت الفتاة وجلاديها في كوابيس نوم متقطع طيلة الليالي الأولى لظهور مقطع الفيديو ( ها نحن نؤرخ بالفجيعة!). كنت أبحث عن العزاء وما يخفف الألم مع من صدمن وصدموا ممن أعرف ولا أعرف عبر الممكن من وسائل الاتصال.تلمست أحزان النساء والرجال ومعهن ومعهم رأيت ضيفة الجحيم ، تنزل بجراحها في القلوب ، لتصير رمزا ، يصرخ بفمها المجروح، سائر الوطن، في طلب النجدة والخلاص والانصاف.

رقية وراق