الماموث! بقلم علي بلدو

الماموث! بقلم علي بلدو


11-21-2019, 04:25 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1574349920&rn=0


Post: #1
Title: الماموث! بقلم علي بلدو
Author: علي بلدو
Date: 11-21-2019, 04:25 PM

03:25 PM November, 21 2019

سودانيز اون لاين
علي بلدو-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



اقوال اخرى


كثيرا ما يطول العمر بالبعض و لكن دونما ان يشعر بهم احد او يحس لهم ركزا, بينما تمضي سنوات البعض كلمح البصر ليلاقوا ربهم بعد ايام قلائل في هذه الفانية و لكن بعد ان يتركوا اثرا لا يزول و بصمة لا تخطئها العين حتى و ان اصابها الرمد !
فها هو الشاعر الفذ ابوالقاسم الشابي يفارق الحياة في السابعة و العشرين متاثرا بمرضه اللعين لتمشي بذكره الركبان الي هذه اللحظة:
ساعيش رغم الداء و الاعداء كالنسر فوق القمة الشماء
ارنوا الى الشمس المضئية هازئا بالسحب و الامطار و الانواء
و ليس ببعيد عنه شاب راحل اخر هو التيجاني يوسف بشير و الذي التحق بدار البقاء في الخامسة و العشرين متاثرا ايضاء بداء الصدر و شظف العيش و الابخرة السامة و فوق كل ذلك المه النفسي من اعداء النجاح و الحاقدين و الذين اوقفوه بخطاب للمعهد العلمي بتهمة الاساءة و لعل مثل هذه التهم لا تزال تساق نحو كل مبدع الى اليوم و ان تعددت الادوار و تكاثرت الصور, ليمضي و هو يغني:
قم يا طرير الشباب غني لنا غن
يا حلو يا مستطاب انشودة الجن
و اعصر لي الاعناب و املاء بها دني!
و على الجانب الاخر نجد العديد من شيوخ الشعراء و من شعراء السلطان و الصولجان تتطاول بهم الاجال و لا احد يعرف لهم بيتا واحدا و لم يردد احد ما يقولون الا لماما و في المناسبات الرسمية و لدى صفوة من استوعبوا المرحلة و هم ليسوا بكثير !
و كم من مغني تغنى ما يقارب من الخمسين عاما غناء فقط و لا احد يدندنى باغنياته بينما فنان مبدع مثل كرومة يقضي نحبه في ريعان الصبا و لا يكاد يشعر احد انه توفى بسبب كثرة ترديدننا لما قدم’ و اخر مثل خليل فرح يرتحل على اعتاب الاربعين و تظل عزة في وجدان الشعب كله !
و ها هو مصطفى بطران يتجرع كاس الموت في اواخر العشرينيات هاتفا:

اطرد الاحلام يا جميل و اصحى!
و غيرها من الروائع و الدرر.
و من العجيب ان نرى الكثير من القادة فكافة المجالات و نجد ان ما قدموه من خير لا يتناسب مع ما قضوه في العمل و انهم لم يتركوا فيننا ما نذكرهم به , بل على العكس ولدوا فينا مرارات و غصة و غبن لا يزوول و اضاعونا كما اضاعوا اعمارهم و لا يزالون في ضلالهم القديم هم و حاشياتهم و ابناءهم و بناتهم و يسيرون بنا في ظلمات التيه الذي لا نار به و لا نور و لا هدى و لا دليل.
و بين هذا و ذاك ياتينا الماموث في صورة الفيل و الديناصور في صورة التمساح و تحيطنا الفئران من كل جانب لنعلم انها ما تمخضت عنها جبال ابداعنا و التي ازدادت اخفاقا و افشالا و زادتنا وبالا و لا تزال!