في مسألة الإصلاح الديمُقراطي داخل الأحزاب .. الحِزب الشيُّوعي السُوداني (1) بقلم نضال عبدالوهاب

في مسألة الإصلاح الديمُقراطي داخل الأحزاب .. الحِزب الشيُّوعي السُوداني (1) بقلم نضال عبدالوهاب


10-05-2019, 09:00 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1570305659&rn=0


Post: #1
Title: في مسألة الإصلاح الديمُقراطي داخل الأحزاب .. الحِزب الشيُّوعي السُوداني (1) بقلم نضال عبدالوهاب
Author: نضال عبدالوهاب
Date: 10-05-2019, 09:00 PM

09:00 PM October, 05 2019

سودانيز اون لاين
نضال عبدالوهاب-USA
مكتبتى
رابط مختصر




الحزب الشيوعي السوداني يُعتبر أحد أعرق وأقدم الأحزاب السياسية السودانية .. إذ تعود بداياته للعام ١٩٤٦ وقد بدأ بإسم الحركة السودانية للتحرر الوطني ( حستو ) المناهضة للإستعمار قبل أن يتحول لاحقاً في المؤتمر الثالث للحزب في ١٩٥٦ إلى إسم ( الحزب الشيوعي السوداني ) ..
حقيقة التحدث والكتابة عن مسألة الإصلاح الديمُقراطي داخل الحزب الشيوعي السوداني تحديداً أمر مُعقد وبالغ الصعوبة بحسبان أن الحزب ولكي يحدث فيه تغيير وإصلاح حقيقي وجاد لا بدّ أن يمُر ذلك بحدوث هزة عميقة داخل الحزب العجوز أشبه بزلزال يجرُف كثير من المعالم القديمة للحزب ليقوم مكانها بناء جديد وفق أُسس جديدة تماماً تُمهد لحزب ديمُقراطي حقيقي وفاعل يمكن أن يكون له دور مهم جداً في الواقع السياسي السوداني حاضراً ومستقبلاً ..
فعملية الإصلاح الديمُقراطي داخل الحزب الشيوعي ليست مجرد عملية مرتبطة بالشكل والدور القيادي مثلاً أو حتي الهيكلة الداخلية أو الخط السياسي أو الممارسة الديُمقراطية داخل أفرع الحزب وهئياته الداخلية المختلفة وفقاً لما قد تناقشه للوصول لقرارات أو برامج وخطط عمل لها .. وإنما هي مسألة مرتبطة ببرنامج الحزب نفسه ودستوره ثم ببنائه الداخلي التنظيمي والفكري وكل كيان الحزب ..
وطوال تاريخ الحزب ظلت عملية محاولات الإصلاح أو التغيير مستمرة داخله .. إلا أن الحزب كان يجابه كل تلك المحاولات بعدد من الوسائل الدفاعية حسب ظن قيادة الحزب (التاريخية) والتي إحتفظت بالطابع الذي يمكن وصفه بالمتشدد معتقدة أنها بذلك تحمي الحزب من التصفية والإنقسام و الإنحرافات اليمينية إلي آخر كليشيهات الوصف لعدد ممن حاولوا مجرد محاولات للتجديد بل يمكن أن يتم وصفهم بالمخرّبين بدلاً عن الإصلاحيين أو المجددين أو حتي الحادبين علي التغيير الإيجابي لتطوير الحزب وتقدمه ..
لم يتم الإنتباه وبشكل أكثر توقفاً وإلحاحاً لضرورة الإصلاح والتجديد داخل الحزب الشيوعي السوداني إلا بعد التحول الكبير الذي حدث داخل منظومة الاحزاب الشيوعية العالمية وإنهيار الإتحاد السوفيتي والمعسكر الإشتراكي في أوربا وحول العالم .. وكان ذلك إبتداءً من ١٩٨٩ مرورا بسقوط جدار برلين حتي الإنهيار الكبير للإتحاد السوفيتي في ديسمبر ١٩٩١ .. وكان لا بدّ لهذا التغيير المُزلزل للمنظومة الشيوعية والإشتراكية و السقوط الداوي للنظرية الماركسية نفسها وهي المُلهمة والمحفزّة لكل الأحزاب الشيوعية في العالم ومن بينها بالطبع الحزب الشيوعي السوداني ان يكون مؤثراً ، وحينها فتح الحزب مناقشة داخلية عامة إبتدرها الراحل الخاتم عدلان بورقة عميقة متناولاً فيها مظاهر هذا الإنهيار بالتحليل داعياً حزبه للتجديد للبرنامج والدستور والبناء التنظيمي الداخلي والممارسة الديمُقراطية به ، بل وحتي إسم الحزب نفسه والتخلي عن الإسترشاد بالنظرية الماركسية للحزب في دراسة الواقع والإتجاه للمدارس الفلسفية الحديثة كي يواكب العصر وكي يتم فك الجمود داخل الحزب ويكون أكثر إنفتاحاً وحيوية .. وعلي الرُغم من موضوعية وصحة ما قدمه الخاتم في ورقته تلك والتي كانت بعنوان ( آن أوان التغيير ) والتي تم نشرها في مجلة الحزب الشيوعي الداخلية ( العدد ١٥٧ مجلة الشيوعي ) إلا أن الإستجابة لتلك الدعوة للتجديد صاحبتها مُقاومة شرسة من ذات القيادة التاريخية للحزب المتشددة والمنكفئية والجامدة ، ذهب الكثيرون في تلك المناقشة العامة وفي تلك الحقبة من بين عضوية الحزب للإتجاه الداعي للتجديد والتغيير ، ولكن مع الإحتفاط في ذات التوقيت بمبادئ الحزب الداخلية ولوائحه التنظيمية حتي ذلك الحين في أن يكون الأمر فقط داخلياً وداخل قنوات الحزب التنظيمية وفقاً للمناقشة العامة تلك ، والتي حددت اللجنة المركزية للحزب لاحقاً تحديداً في العام ١٩٩٧ محاورها إستناداً للصراع الفكري داخل الحزب ، علماً أنها قد بدأت قبلها بسنوات منذ ١٩٩١ ، وإستمرت لمدة ١٤ عاماً كاطول مناقشة عامة يجريها الحزب طوال تاريخه ، ولم ينتظر الخاتم عدلان نهاية المناقشة وخرج من الحزب وأسس مع آخرين حركة ( حق ) في ١٩٩٥ كما هو معلوم ..
ركزّت علي مثال الخاتم عدلان في الإصلاح والتغيير لأنه كان الأعمق أثراً ولأن الحزب نفسه وقيادته كانت قد أقرّت بالمتغيرات العالمية والتي تستوجب التوقف عندها وفتحت مناقشة عامة داخلية مطولة لأجل ذلك .. ولكن عند النظر للنتائج لكل الذي حدث نجد أنه فعلياً لم يُحدِث أي تغيير ، وقد ظلّ الحزب ماركسياً مُحتفظاً ببرنامجه القائم عليها في التعامل مع الواقع السوداني وفي تحليله ، ومحتفظاً كذلك بالمركزية الديمقراطية كفلسفة للحزب في ممارسته للديمقراطية وسنأتي في تفصيلها لاحقاً في تشريحنا بشكل مباشر لعملية الإصلاح الديمُقراطي داخل الحزب .. كما إحتفظ بإسمه رافضاً الدعوة لتغييره وكان كل ذلك قد أُجيز في مؤتمر الحزب الخامس في ٢٠٠٩ وحافظ عليه في مؤتمره السادس ٢٠١٦ ، فقط الذي تغير بعض من قيادة الحزب بفعل موت البعض أو المرض وكبر السن ، أدي ذلك لدخول عناصر أخري مع إستمرار ذات العقلية المتشددة والمتسلطة في تحديد خط الحزب التنظيمي والسياسي ! ..
طرح الحزب في مؤتمره الرابع ١٩٦٧ شعار تحول الحزب لقوي إجتماعية كبري .. وكان هذا الشعار قد أُجيز منذ المؤتمر الثالث في ١٩٥٦ ، ولكن واقع الحزب يقول أنه ومنذ ذلك التوقيت قد فشل الحزب الشيوعي السوداني فشل حقيقي وكبير في تحويل هذا الشعار لواقع .. ولم تكن الظروف الصعبة التي عمل فيها الحزب ودواعي الملاحقة و المطاردة والتنكيل بعناصر وقيادة وعضوية الحزب خاصة في كل سنوات الحُكم الشمولي الباطش والديكتاتوري في مايو والإنقاذ وظروف العمل السري ، لم تكن كل هذه الأسباب هي وحدها ما أعاقت الحزب في تحوله لقوي إجتماعية كبري ، فمن أهم ما أدي لذلك الفشل هو برنامج الحزب نفسه وخطه التنظيمي وديمُقراطيته الداخلية وحتي خطه السياسي في كثير من الأحيّان وعلاقته بالتنظيمات الديُمقراطيةالأخري ، وكل ذلك سنواصل الكتابة فيه وتوضيحه في مُقبل أجزاء هذه المحاولة للإصلاح الديُمقراطي داخل أحزابنا السياسية وصولاً لممارسة ديمُقراطية صحيحة ومعافاة ومُتقدمة تُسهم في تطوير الديُمقراطية داخل هذه الأحزاب نفسها وتنعكس إيجاباً علي كل الوطن و الحيّاة السياسية فيه ..
ونواصل ..
نضال عبدالوهاب ..
5 أكتوبر 2019 ..