العكليت بقلم علي بلدو

العكليت بقلم علي بلدو


09-11-2019, 04:28 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1568215737&rn=0


Post: #1
Title: العكليت بقلم علي بلدو
Author: علي بلدو
Date: 09-11-2019, 04:28 PM

04:28 PM September, 11 2019

سودانيز اون لاين
علي بلدو-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



خواطر طبيب


منذ ان كان صغيرا ’ كان معتدا برايه واثقا من نفسه, قوي الارادة و مطمئن البال’ حتى و لو ضربوه ووصفوه بانه( ما بيسمع الكلام).
كما كان زملاءه في الصف يصفونه بانه( عوير) لالتزامه التام بتعليمات الاساتذة و المعلمات ’ في مظهره و سلوكه و انضباطه.و حضوره باكرا و نظافته الشديدة.
تحدث البعض عن ان انه ايام دراسته الجامعية كان يلتزم بتعليمات اللافتات من عدم مشي على الحشائش و عدم اطعام الحيوانات في الحدائق و غيرها ’ و كان جزاءه او وصفوه بانه( زول ما طبيعي).
عمل موظفا بعد التخرج ’ ليحضر في السابعة و ينصرف عند الثالثة و لم يتغيب و لم ياخذ اذنا او اجازة’ و كالعادة وصله ان زملاءه ينعتونه بانه( زول ما نصيح).لانه لم يختلس و لم يقبل الرشوة و لم يتحرش باحد.
عندما تغيرت االاوضاع , و بدل الله قوما مكان اخرين’ نصحه الجميع و بدون استثناء ان يركب الموجة بدل ركوب راسه و ان يقوم ببعض التغييرات المورفولوجيةة على شكله’ ليترك ما يشاء ينقص و ما ئشاء ينمو و يلحق بركب القوم الجدد و لكنه كان عكليتا من الطراز الاول اذ ظل على حاله و مبادئه لم يغيرها و لم يبدلها كطود شامخ و بناء راسخ’ مصرا على مقولته’ و التي قالوا له عنها انها بلهاء:
صلابة المداومة
مع جسارة المقاومة
بلا مساومة
نتج عن ذلك ان احالوه للمعاش و هو لم يبلغ الاربعين بعد.و اضاعوا الفايل الخاص به و لم يعطوه حقوقه حتى’ لكونه لم يقدم القرابين لنسيبة السلطان و التى ولوها المناصب ظلما و جورا.
رغم ذلك اصر على عدم احضار معلم خصوصي لابنه او اشراكه في درس المساء’ مصرا على ان ابنه ما محتاج’ و حاول البعض افهامه انه ان كان ابنه غير محتاج ’ فالاخرون محتاجين و لم يستمع لهم’ قبل ان يرسب ابنه رغم اجتهاده و يصاب بانهيار عصبي تطور لمرض نفسي مزمن.
بعدها و في طريقه لاجراءاءت حكوميه نصحه اهل الحي ان يجامل من يجده من مقدمي الخدمات و لو بالقليل, و كعادته رفض رفضا باتا ذلك الامر و خسر بذلك فرصة الارض و المنزل و العلاج و السفر و حتى الحج كذلك.
في اواخر ايامه و السماء تنهمر مطرا مدرارا و كانها دموع بلادنا و هي تبكي على المستقبل في هذه الايام النحسات, ظل واقفا منتظرا حافلة تقله لبيت الايجار الذي انذره صاحبه باخلائه’ و حضرت حافلة اخيرا ينادي كمساريها بان الراكب بضعف القيمة ’ و ركب الناس ما عدا صاحبنا ذو الراس القوي و الذي اصر على ان التعريفة هي جنيهان فقط ( المعتمد ذاتوا قال كده) و هنا قهقهه القوم و هم يقولون له( معتمد شنو! هو ذاتوا عمروا ما ركب ليهو مواصلات ’ اركب مشي حالك) و لكن و هم يتحركون ظل صاحبنا واقفا و الماء يقطر من فوقه’ و ظل عل تلك الحال حتى الصباح حيث دفع جنيهان كما اراد و عاد للمنزل بالتهاب رئوي حاد’ ادت مضاعفاته اللاحقة و ضيق ذات اليد الي وفاته حسرة و الما.و لم يحضر جنازته الكمساري و لا المعتمد الذي تعلو كتفه النياشين و قالوا انهم توجوه بنجمة سموها الانجاز و لربما قصدوا انها الاجهاز على مواطني محليته سئية الحظ.
لاحظ من يقرؤن الصحف وجود نعي اليم به كلمات النعي المعروفة و لكن بها جملة( كان رحمه الله عكليتا) و نحن نسال الله له الرحمة و ان يبعثه في زمرة العكاليت.