في انتظار غودوك! بقلم اد / علي بلدو

في انتظار غودوك! بقلم اد / علي بلدو


08-22-2019, 03:15 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1566483334&rn=0


Post: #1
Title: في انتظار غودوك! بقلم اد / علي بلدو
Author: علي بلدو
Date: 08-22-2019, 03:15 PM

03:15 PM August, 22 2019

سودانيز اون لاين
علي بلدو-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



خواطر طبيب


من الاشياء الملفتة للنظر و المثيرة للرغبة في البحث و التقصي و الدراسة و التمحيص فيها, ظاهرة الانتظار و الترقب و التي ضربت باطنابها في انحاء التاريخ السوداني و ارجاء الواقع المعاصر كذلك.
فقديما كان الملك النوبي الاخير (تالوت امون) في انتظار المدد الي ان قضى على المملكة الاثيوبي عيزانا و الذي 0( ااذانا ) بتدمير اجمل ما في تاريخنا’ كما بقي حاكم عام السودان الاخير في عهد الاتراك و المصريين(شارلس غوردون) في انتظار الفرج و الخلاص علي يد الحملة المشتركة لانقاذه من حراب و سيوف الانصار و التي نالته و انتاشته و جزت راسه ’ حاملةً اياه الي الامام المهدي رحمه الله و الذي غضب لكونه ايضاً في انتظار غوردون حياً لمقايضته ب (عُرابيٌ) في مصر!
كما تمدد شبح الانتظار ليطال الحكومة الوطنية الاولي في الخمسينيات و التي وعدت ابناء الجنوب بالعدل و الانصاف و عدالة توزيع الفرص و الوظائف ’ و لكن ثبت تماما ان تلك الوعود مثل وعود عرقوب اخاه بيثرب’ و مثل مواعيد المتنبئ و اموالهُ المواعيدُ.
فمن جملة ثمانمائة و خمس من الوظائف تم منح ابناء الجنوب الغالي ثلاث وظائف فقط’ نعم ثلاث وظائف و على مضض و تذمر من الانجليز الجدد و الخواجات السود الذين تولوا الحكم حينها و ليقود هذا الامر الي حدوث انفراط في عقد الثقة بين الجنوب و الشمال و يؤدي بعد طول انتظار الي انفصال الجنوب و ضياع ثلث ارض بلادنا سدىً’ و ليسجل التاريخ بمداد من دم ان مليون ميل مربع لم تكفي اربعين مليون سوداني فقط ليعيشوا فيها معاً!
اما في احداث الثورة التصحيحية يوليو 1971م’ فقد ظل الجميع في انتظار وصول الطائرة التي تحمل قادة الحراك الثوري ليقودو ا الامر و لكنها لم تات و ليتم سحق الثورة و اعدام و محق من قاموا بها’ و الذين قادهم الانتظار الي فقدان ارواحهم الطاهرة.
و في الحركة الوطنية يوليو 1976م ظل المناضلون في الاذاعة بعد ان سيطروا عليها ’ ظلوا في انتظار من ياتي لتشغليها و اعلان الامر للشعب و كالعادة لم يات اي احدْ’ كما ظل باقي المقاتلين في الصحراء في انتظار من ياتي ليدلهم على الطريق و يصلح لهم مركباتهم المعطوبة و لكن خاب ظنهم و باء انتظارهم بالفشل’ و ادى ذلك الى فشل الحركة و اعتقال و اعدام قائدها بعد ان تعرض لابشع الاعتداءات و التعذيب و هوو مقيد بالسلاسل و تم اسماعه سيلاً ووابلاً من الالفاظ العنصرية و المنافية للكرامة و الانسانية و الاهانة القاسية على ايدي سُكارى و مسطولي النظام وقتها!
كما ان الاحزاب الطائفية و العائلة و الاصدقاء ظلت دوما في انتظار اصحابها و مالكيها من ال البيت’ في انتظار ان يسافروا و انتظار ان يعودو’ في انتظار ان يعينوا و ان يقيلوا’ في انتظار ان ينضموا و يصالحوا و يعارضوا’ و ظلوا يحملون راياتهم في انتظار عودة مولاهم’ و ليردوا المطار بالشوق و يعودوا بالغبار.
و ظل الباقون في انتظار اشارة امام القوم لعقد المؤتمر و تتوالى السنون و الايام و هم في الانتظار و الوعود’ كما ظلوا في انتظار التنظيرات و التهويمات و التي لا تسمن و لا تغني من مسغبة او جوع’ سوى الهتاف و الصراخ و ادعاء البطولات من البنات و نيل البطولات الرياضية من البنين’ بينما يواصل الناس اللانتظار و الصبر و ان الله لمع الصابرين و المنتظرين!
اما الان فالشعب كله في انتظار و ترقب المفاوضات المزعومة و الاتفاقات الملغومة’ و في انتظار هرجلة المؤتمرات الصحفية هنا و هناك و انتظار البيانات الهزيلة و الضعيفة في كل شئ’, و في انتظار لجان التحقيق و لجان المتابعة .
هذا بخلاف الانتظار في الصفوف و الطوابير لنيل كل شئ و العودة بلا شئ’ كما اطلت علينا بعض القوى انها في انتظار فلان و علان لانقاذ البلاد و العبور بها و اخراجها من عنق الزجاجة ووهدتها الاقتصادية في لمح البصر’ و اصلاح الحال في ايام معدودة’ و تتواتر الانباء ان فلانا ً قد وافق في مهجره و بلده الثاني و جهز عصاه السحرية و يده البيضاء لفعل الاعاجيب.
و هم الان في الانتظار و نحن كذلك’ و حتى لا يظن البعض انهم في انتظار الخواجة غودو’ لا سمح الله’ فقد قالوا قالوا انه ( غودوك ود امك و ابوك)و عليه فلينتظروا ’ انا معهم من المنتظرين!