سلوكيات شعبية (عميقة) ..!! - - بقلم هيثم الفضل

سلوكيات شعبية (عميقة) ..!! - - بقلم هيثم الفضل


08-19-2019, 05:23 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1566188583&rn=0


Post: #1
Title: سلوكيات شعبية (عميقة) ..!! - - بقلم هيثم الفضل
Author: هيثم الفضل
Date: 08-19-2019, 05:23 AM

05:23 AM August, 18 2019

سودانيز اون لاين
هيثم الفضل-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر



سفينة بَوْح – صحيفة الجريدة



ما تعرَّض له عامة الشعب السوداني جراء هدم البنية الوطنية القويمة ، في مجالاتٍ عُدة أكثرها تأثيراً التدهور الإقتصادي العام والذي أدى إلى المساس بالحد الأدنى لمستوى معيشي يفي بالإحتياجات الأساسية وفي مقدمتها الصحة والتعليم وحق الحصول على عمل ، رسم غشاوةَ أعتقد ومن باب التفاؤلً أنها (مؤقتة) طمست وغيَّبت الكثير من الأخلاقيات والسلوكيات القويمة التي إشتهر بها الشعب السوداني ، يبدو ذلك واضحاً للذين عايشوا سلوكيات الشارع السوداني قبل الإنقاذ وأثناء وجودها على سُدة الحكم بكل وما ميَّز تلك الحقبة من مآسي وجراحات وسياسات ، وبعد ما وصل أغلب السودانيون إلى الحضيض في مجال الحصول على ما يحتاجونه من ضروريات معيشية وخدمية تغلَّبت على السلوكيات المجتمعية العامة ثلاثة آفات أساسية مثلّت سِماتاً للسلوكيات الشعبية (العميقة) التي وجب علينا جميعاً أن نحاربها في أنفسنا ، وهي بدون ترتيب تتمثَّل في الأنانية وعدم الإكتراث بالتغوُّل على حقوق الغير ، والجشع التجاري الذي يحوِّل أمر التجارة والتربُّح الحلال من عمل شريف إلى جريمة إستغلال وغبن وإتكّاَل على أكتاف الضِعاف ، أما الثالثة فهي الإستعداد شبه الفِطري للتعامل والمشاركة ولو (بالصمت) في إستمرار منظومة الفساد الإداري والمالي التي باتت بعد الإنقاذ سِمة من السمات الأساسية لمعظم المعاملات الرسمية .

أما الأنانية فمبعثها على ما يبدو حالة الهلع العام التي ألمت بالشعب السوداني جراء مشاهداته اليومية في العهد البائد لعدم إكتراث حكومته بتوفير متطلباته الأساسية وإيجاد حلول لمعاناته اليومية ، يتجلى ذلك على سبيل المثال في تجاوز قواد المركبات لحقوق غيرهم في المرور بالأولوية ، وعدم الإنتظار وإلتزام الأولوية في إجراءات المعاملات الرسمية بدواوين الدولة والطوابير التي يفرضها شُح بعد المستهلاكات كالوقود والخبز ، لا أحد إلا من رحم ربي يلتفت إلى فضيلة إحترام حقوق الآخرين أو إيثار الآخر على الذات .

ويظل الجشع التجاري وإستغلال حالة الفوضى وعدم رقابة الجهات الرسمية على الأسواق والأسعار ، واحدة من السَمات الدخيلة التي أنتجتها حالة الفساد العام لدولة الإنقاذ البائدة والتي ساد فيها شعار المصلحة الشخصية على حساب المصلحة العامة وإستشرى فيها مبدأ الفساد التجاري بإسم (حرية السوق) التي أفتى في عدم مناسبتها للحالة المذرية لدخل المواطن السوداني أعتى الأقتصاديون ، غير أن تماسيح الإنقاذ كان حال المواطن السوداني آخر إهتمامتهم ، لقد أصبحت زيادة الأسعار في السلع الإستهلاكية الضرورية غير مرتبطة بمنطق ولا أسباب موضوعية ، فلا الثبات النسبي في سعر الدولار وكلفة الإنتاج والترحيل وقيمة الجبايات الضريبية والجمركية أصبح كافياً لحدوث إستقرار في الأسعار ولو لمدة 48 ساعة ، مما يشير إلى أن الأمر أصبح مجرِّد أزمة ضمير وإستشراء للجشع والإنتهازية في نفوس التجار.

أما الثالثة المتمثلة في الصمت عن كشف وفضح أوجُه الفساد في سوق المعاملات الرسمية ، إما خوفاً أو تواطئاً أو إفراطاً في السلبية تجاه ما لا يلحقُ ضرراً شخصياً ، فهو بعضٌ من ثقافة عهدٍ نتمنى أن يكون قد مضى ، فإيجابية المواطن تجاه محاربة الفساد وكشفه والإعلان عن مرتكبيه هي واحدة من أهم الأدوات التي تقدمها دولة المؤسسات والقانون عبر إباحة وإتاحة حرية التعبير عن الرأي والإحتجاج على ما يمس الحقوق الشخصية والمصلحة العامة من أضرار بسبب الفساد بدءاً بتبديد المال العام ونهايةً بممارسة المحسوبية وتجاوز القوانين واللوائح في ساحات الخدمة المدنية والمؤسسات الخدمية العامة وحتى في القطاع الخاص ، إتاحة ومساندة الدولة ممارسة الجمهور لفضيلة المجاهرة بالحق هي خير ترياق لمعالجة داء الفساد ، علينا أن نبدأ بأنفسنا في (تفكيك) وهزيمة سلوكياتنا السلبية التي فرضها علينا عهد الخزلان والجور والظلم.