تونس مستقرة ,,, والديمقراطية مستمرة ... بقلم جورج ديوب

تونس مستقرة ,,, والديمقراطية مستمرة ... بقلم جورج ديوب


07-30-2019, 02:28 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1564493334&rn=0


Post: #1
Title: تونس مستقرة ,,, والديمقراطية مستمرة ... بقلم جورج ديوب
Author: جورج ديوب
Date: 07-30-2019, 02:28 PM

02:28 PM July, 30 2019

سودانيز اون لاين
جورج ديوب-استراليا
مكتبتى
رابط مختصر







رجل قمة في عطاءه الفكري ووعيه وقدراته وتصميمه على ترسيخ النهج الديمقراطي في تونس بعد سقوط نظام الإستبداد والإستعباد نظام زين العابدين بن علي , هو الباجي القائد السبسي الذي رحل مؤخرا عن عمر 92 سنة . غاب السبسي الرجل الذي قاد مرحلتين من النضال , مرحلة إستقلال تونس عن الإستعمار الفرنسي إلى جانب الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة , ومرحلة إعادة الوعي لدى التونسيين بالتمسك بالنهج الديمقراطي ونظام المؤسسات , والقطيعة مع نظام الفرد المستبد الذي يمسك بكل مقدرات البلاد .
لقد نجح الباجي السبسي بتحقيق التعايش بين كافة مكونات الشعب على اختلاف معتقداته وتوجهاته الفكرية والعقائدية خاصة بين ثلاثة مكونات رئيسية متناقضة في كل توجهاتها متصدرة للمشهد السياسي التونسي , هي الحركة الإسلامية والحركة العلمانية وحركة الإلحاد , مجتمعة تحت قبة البرلمان ومجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية متعاونين جميعا لبناء تونس الجديدة , فكانت تجربتهم تلك ناجحة إلى أبعد الحدود بعد تولد قناعة لدى الجميع أن تونس لا تبنى بفريق واحد ولا بنظرية واحدة إسلامية كانت أو علمانية , وإنما بتعاون كل أبنائها , لأن تجارب حكم الفرد أو الحزب الواحد يلغي طاقات وإمكانيات كبيرة من المشاركة في بناء الوطن الجديد , ويؤدي إلى الإستبداد وتعطيل طاقات أكثر من ثلاثة أرباع الشعب عن بذل الجهود لتحقيق نهضة شاملة وجذرية , وفاء لدماء الشهداء التي بذلت لتحقيق ذاك الحلم .
لقد كانت إنتفاضة الشعب التونسي ضد نظام بن علي أكثر وعيا وفهما للواقع المحلي والدولي من مثيلاتها في المشرق العربي , فلم تنجر إلى العنف بل تميزت بسلميتها وصمودها وتصميمها على النصر , كما كان لها مثيلا إنتفاضة الشعبين الجزائري والسوداني , وسلميتها تلك أدت إلى انتصارها , وإن لم تبلغ حدها الأقصى الذي تريده , لكنها رغم ذلك قد وضعت العربة على السكة , وبلوغها مداها المرجو لن يطول .
الباجي ( قايد ) حسب اللهجة التونسية السبسي شخصية ليبرالية تؤمن بالعلمانية وبالدولة المدنية , وهو ذو فكر معتدل ومدافع عن أركان دولة القانون . وكان فترة حكم الرئيس بورقيبة قد تقلد مناصب حكومية هامة , أرفعها رئاسة الحكومة , وأهم عمل يعتز به هو توليه محامي الإتحاد التونسي للشغل , أي محامي الطبقة العمالية التونسية , إيمانا منه ضرورة إنصاف العمال مما يلحقهم من غبن وحيف , كما شغل مؤخرا منصب رئاسة الجمهورية كأول رئيس منتخب للجمهورية مسجلا فوزا بنسبة 55% على منافسيه بعد تأسيسه حزب نداء تونس , مسجلا بذلك تكرمة للشهيد محمد البوعزيزي بانتصار الديمقراطية وتحقيق العدالة
وما جرى في تونس ليس له مثيلا إلا في قطرين عربيين هما الجزائر والسودان . فالثورة ليست بنت لحظتها , وإنما هي تراكمات متتالية على مدى زمن طويل , تتخلله معاناة ومتاعب شديدة التفاعل داخل المجتمع , وعمليات تلقين فكرية تهدف غسيل العقول وقبول الواقع لضرورات كاذبة واستخدام براقع تذوب مع أول نقطة غيث . وضمن الظروف المحلية والدولية وتطورات العصر أصبح نظام الفرد الواحد أو التنظيم الواحد غير مقبول ولا يكتب له النجاح والإستمرار , وليس باستطاعته تحقيق العدالة والمساواة لأنه نظام إقصائي يعمل على إبعاد كل المعارضين وتكميم أفواههم ومنعهم من الوصول إلى موقع إتخاذ القرار , وهكذا يتم التعتيم على عورات النظام ولا يبدو منه إلا ما يمليه هو نفسه .
لقد نجحت تونس بتحقيق أول نظام تعددي ديمقراطي في العالم العربي بفضل وعي أبنائها وتكاتفهم , وقطعت أشواطا هامة للوصول إلى أفضل النتائج , حتى وإن غاب مؤسس هذا النظام لأن أفكاره وتعاليمه ستبقى راسخة في أذهان الجماهير التي تأكدت من المكاسب التي حققها النظام الجديد , وهي مستعدة للدفاع عن هذه التجربة ومكتسباتها مهما كلف الأمر . ولن يجد المتربصون بالثورة سندا لهم .
نرجو لتونس اجتياز كل الصعاب والعراقيل بعد رحيل المغفور له الرئيس الباجي القائد السبسي واستمرار مسيرة تطوير التجربة نحو الأفضل لتبلغ مداها الذي تتطلع إليه الجماهير , وما نرجوه لتونس نرجوه أيضا للجزائر والسودان بعد انتهاء المحنة التي يعاني منها الشعبان الشقيقان
ألف رحمة على روح الرئيس الباجي السبسي , ولتطمئن نفسه ان تونس مستقرة والديمقراطية مستمرة