Post: #1
Title: الحزين!! بقلم صلاح الدين عووضة
Author: صلاح الدين عووضة
Date: 07-24-2019, 02:44 PM
02:44 PM July, 24 2019 سودانيز اون لاين صلاح الدين عووضة-الخرطوم-السودان مكتبتى رابط مختصر
* والعنوان لأنني أبدو حزيناً.. * أنا... وأنت... وهو... وهي؛ وكثيرون ممن فرحوا بانقشاع الدجى وتباشير السحر.. * وأقول (أبدو) لأننا قد لا نكون كذلك... رغم المنغصات..
* منغصات الثورة... والتي آخرها (جرجرتها) إلى أن تكون محض محاصصة حزبية.. * ومعها محاصصة (حركية)... لتستوعب الحركات المتمردة.. *وبذا نكون قد بدأنا رحلة التنكر للثورة... وشعاراتها... وأهدافها... ودماء شهدائها.. *وذلك إن صدقت مخاوفنا... وصدق حزننا البادي على وجوهنا.. * فربما يكون مجرد (باقي) حزن... لحين زوال (باقي) آثار مسبباته؛ سنين عددا.. * ومن قبل أشرت إلى أن من الطيور مالك الحزين.. * وتساءلت : لماذا سميناه كذلك؟... ولماذا لا يستوقفنا الاسم هذا رغم غرابته؟.. * فربما هو طائر سعيد ؛ والحزين هو من سماه كذلك.. * أو ربما قاس علامات حزنه على مقاييس البشر التي ألفها.. * والبشر هؤلاء أنفسهم كيف نميز بين السعيد منهم والحزين من إمارات وجوههم؟.. * فالحزن والسعادة محض (حالة) داخلية.. * وليس بالضرورة أن يراها الآخرون... أو يحسونها.. * والضحك قد لا يعبر عن السعادة... ولا التجهم عن الحزن.. *ومعمرة بريطانية نُشرت لها صور مختلفة... تعبر عن مراحل حياتها الطويلة.. *هي طفلة... وهي طالبة... وهي عروس... وهي عجوز.. * وفي كل الصور هذه تظهر عابسة الوجه... وكأن أحزان الدنيا كافة بداخلها.. * ولكن حين سُئلت عن السر في طول عمرها قالت (السعادة)..
* وربما لو وُجه لها سؤال آخر عما إن كانت سعيدة الآن لخرجنا منها بإجابة محيرة.. * وسبب الحيرة أن سعادتها هذه تنظر إليها من بين حجب الذاكرة.. * أو تحاول استحضار لحظاتها من غياهب التاريخ... لتهب إجابتها روح الحاضر.. * فالسعادة دائماً لحظات ماضوية... بينما الحزن آني.. * أو نحن نعجز عن القبض عليها بأيدي مشاعرنا في لحظتها... ونجترها لاحقاً.. * والسبب أن القلق من زوالها يحيط بها ــ وبنا ــ من كل جانب.. * القلق من زوالها بفعل المرض... أو المنغصات... أو الخوف من المجهول.. * فإن اطمأنت نفوسنا ألا شيء حصل... تكون هي قد ولت.. * وتعقبها لحظات سعادة أخرى فنجهضها أيضاً بالقلق ... والخوف... والتوتر..
* ومن ثم فلا أدري كيف يتم تصنيف الشعوب السعيدة من... التعيسة... من الحزينة.. * أي بالافتراض الجمعي لأحاسيس السعادة... لحظة التصنيف.. * فربما هو مثل تسميتنا لذلك الطائر بالحزين... من محض الملاحظة الظاهرية.. * بينما قد يكون هو ــ في حقيقة الأمر ــ من أكثر الطيور سعادةً.. * فلا المال يصلح مقياساً للسعادة... ولا الشباب... ولا الصحة... ولا الحب حتى..
* فكل تلكم العوامل يتربص بها القلق... ويتهدد وجودها.. * فالغني يخشى زوال نعمته.... والقوي ضياع قوته.... والمحب تنكّر محبوبه.. *وقد يسأل سائل هنا: طيب وما الحل؟.. *الحل ــ وأقوله متفلسفاً لا عالماً ــ أن نجتهد في (القبض) على لحظات السعادة.. * أن نشعر بها وقتياً...لا بأثر رجعي بعد افلاتها منا.. * أن نعيشها لحظةً بلحظة... لا أن نجترها ذكرى من بعد ذكرى.. * وهنا قد يسأل آخر أيضاً: وهل ينسحب هذا علينا ــ كسودانيين ــ بحالنا الراهن؟.. * والإجابة لا؛ فنحن (حالة) فريدة...لا تخضع لأية مقاييس.. * ورغم ذلك تم تصنيفنا العام الفائت ــ أيضاً ــ كشعب حزين... ولا أدري كيف.. * ولا أدري ــ أيضاً ــ كيف سيجيء تصنيفنا في عامنا هذا.. * بعد أن تخلصنا من أحد أقسى مراحل ألمنا... وغمنا... وهمنا... وحزننا.. * فحالنا بات عصياً على التصنيف... وخارج الحسابات.. * وربما انطبعت فينا ملامح من مالك الحزين... بعد أن وجد الحزن أنه (يليق به).. * أو أننا نحن الذين (نليق به).. *وحديث المحاصصة ــ الآن ــ أبلغ دليل على ذلك... وعلى أن (الحلو ما بكملش).. *و (الحلو) أحد أصحاب (الحركات).. ممن لم تكن لهم (حركة).. *حتى وإن كانت حركة صغيرة تستوجب من الإنقاذ انزعاجاً... والتفاتاً... وهلعاً.. * ولكنهم (تحركوا) بشدة الآن بعد نجاح (الحراك) الشعبي.. * وجارتهم قوى التغيير طمعاً في محاصصة مضمونة ؛ على الكف (اليوم).. * ولا عشر على كف قدر (الغد).... ربما.. * وطارت من الكثيرين منا لحظة السعادة الثورية... وعجزنا عن (القبض) عليها.. * مثلما يطير الطائر الذي اخترناه شعاراً لنا... صقر الجديان.. * ومثلما طارت مني فلسفةٌ كنت أباهي بها عن السعادة... وعن القبض على لحظاتها.. * فلماذا لا نستبدله بطائر آخر يشبهنا... ونشبهه؟.. *و (فيه ملامحنا) ؟!
alintibaha
|
|